شرح زاد المستقنع - كتاب الظهار [4]


الحلقة مفرغة

جمع المساكين على غداء أو عشاء

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وإن غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه، وتجب النية في التكفير من صوم وغيره، وإن أصاب المظاهر منها ليلاً أو نهاراً انقطع التتابع، وإن أصاب غيرها ليلاً لم ينقطع].

قد تقدم لنا الكلام حول الكفارة وذكرنا ما يتعلق بالإعتاق وشروط وجوب الإعتاق، وكذلك ما يتعلق بشروط صحة الإعتاق، ثم بعد ذلك انتقلنا إلى الخصلة الثانية من خصال الكفارة وهي: الصيام وأنه يجب أن يصوم شهرين متتابعين، وما الذي يقطع التتابع؟ وما الذي لا يقطع التتابع؟ وذكرنا الرابط في ذلك، وأن كل عذر شرعي فإنه لا يقطع التتابع كرمضان، وبعد ذلك تكلمنا عن الخصلة الثانية من خصال الكفارة وهي الإطعام، وسبق لنا من مباحث الإطعام هل الإطعام مقدر جنساً؟ وهل هو مقدر كمية؟ وذكرنا أن الصواب في هاتين المسألتين أنه ليس مقدراً بالشرع وإنما مقدر بالعرف، وكذلك أيضاً تطرقنا إلى شروط من يُطْعمَ -من يأخذ الكفارة- وذكرنا جملة من شروط المطعم... إلخ.

ثم قال رحمه الله: (وإن غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه).

وهذا هو المشهور من المذهب: أنه يشترط أن يملك المساكين الطعام، وعلى هذا لا يصح أن يدعوهم إلى عشاء أو غداء وأنه لا يكتفى بذلك، وهذا أيضاً مذهب الشافعية.

والرأي الثاني؛ رأي الحنفية والمالكية أن تمليك الطعام ليس شرطاً، يعني عند الحنابلة والشافعية أنه يشترط تمليك المساكين الطعام فلا يكفي أن يدعوهم إلى غداء أو عشاء؛ لأنه إذا دعاهم إلى غداء أو عشاء فليس فيه تمليك، لكن إذا أعطاهم الحب فهذا فيه التمليك.. حينئذٍ يملكون التصرف فيه، فلا بد أن يعطيهم حباً على المذهب ولا يصح أن يغديهم أو أن يعشيهم لأنه لا بد من التمليك.

والرأي الثاني -كما ذكرنا رأي المالكية والحنفية- أن التمليك ليس شرطاً، وهذا القول هو الصواب، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ لأنه كما سلف لنا أن الطعام ليس مقدراً في الشرع، وإنما هو مقدر في العرف، والله سبحانه وتعالى أوجب إطعام ستين مسكيناً، وفي كفارة اليمين أوجب إطعام عشرة مساكين، وعلى هذا يصح الإطعام بتغدية المساكين وتعشيتهم، وكما سلف أن الإطعام له صورتان:

الصورة الأولى: التمليك وذلك بأن يعطيهم حباً، والصورة الثانية: أن يصنع طعاماً ويعشيهم أو يغديهم.

إخراج قيمة الطعام

كذلك أيضاً هل يجزئ إخراج القيمة من الطعام أو لا بد من الطعام؟ المشهور من المذهب وهو قول جمهور أهل العلم أنه لا يجزئ إخراج القيمة بل لا بد من إطعام المساكين؛ لأن الله سبحانه وتعالى نص على الإطعام قال: فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مسكيناً [المجادلة:4] ، إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ [المائدة:89].

والرأي الثاني: رأي الحنفية أنه يجزئ إخراج القيمة، وهذا الأصل عند الحنفية، يعني الحنفية يتوسعون في إخراج القيمة، وكما تقدم لنا في كتاب الزكاة أنهم يتوسعون في إخراج القيمة سواء كان في زكاة المال، أو كان ذلك في زكاة الفطر، أو كان ذلك في الكفارات، والصواب في ذلك ما عليه جمهور أهل العلم على أنه لا يجزئ إخراج القيمة.

إطعام المساكين إداماً مع الحب

إذا أعطى المساكين حباً فهل يجب أن يعطيهم مع الحب إداماً؟ مثلاً أعطاهم أرزاً أو أعطاهم براً هل يجب أن يعطيهم مع هذا الحب إداماً.. أن يجعل فيه شيئاً من اللحم أو أن هذا ليس واجباً؟

أكثر أهل العلم أن هذا ليس واجباً، وهذا هو ظاهر ما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم، لأنه كما تقدم لنا الوارد عن الصحابة رضوان الله تعالى عنهم إخراج مد من حنطة في كفارة اليمين لكل مسكين كما ورد ذلك عن ابن عمر وابن عباس وزيد بن ثابت.

وكذلك أيضاً ورد عن عمر رضي الله عنه في كفارة اليمين صاع من شعير أو صاع من تمر أو نصف صاع من حنطة، فمثل هذه الآثار تدل على أن ظاهر ذلك أنه لا يجب الإدام وأنه يكتفى بالحب.

والرأي الثاني: ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: أنه يجب الإدام إذا كان يطعم أهله الإدام؛ فإذا كان يطعم أهله البر معه الإدام، أو الأرز معه الإدام... إلخ فإنه يجب الإدام لقول الله عز وجل: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ [المائدة:89].

فيطعم المسكين مما يطعم أهله، فإذا كان يطعم أهله بإدام فإنه يطعمهم بإدام، وهذا الرأي هو الأقرب إلى ظاهر القرآن وهو الأحوط، فنقول الأحوط للمسلم إذا أخرج حباً أن يخرج معه شيئاً من الإدام، هذا هو الأحوط لأن هذا هو ظاهر القرآن، وإن كان كما سلف لنا أن ظاهر ما ورد عن الصحابة رضوان الله عليهم أنه يكتفي بمد أو نصف صاع وإن لم يكن معه إدام، لكن إذا احتاط المسلم وأخرج مع الحب إداماً فهذا أحسن.

وهل يجزئ إخراج الخبز أو نقول أنه لا يجزئ إخراج الخبز؟ قد يكون الخبز من البر أو من الشعير، فالمذهب أنه لا يجزئ إخراج الخبز؛ لأنه لا بد من التمليك.

والصواب -كما تقدم لنا- أنه إذا كان يطعم أهله خبزاً فلا بأس، وهذا ما عليه كثير من الناس قد لا يكون ذلك مثل هذه البلاد ،كثير من الناس يأكلون الخبز مع الإدام فإذا أخرج خبزاً ومعه إدام... إلخ فإن هذا مجزئ، والضابط في ذلك أن يشبع هؤلاء المساكين خبزاً وإداماً ونقول: إن هذا مجزئ.

قال رحمه الله: (وتجب النية في التكفير من صوم وغيره) لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات)؛ ولأن الإنسان عندما يعتق الرقبة قد يعتقها تتطوعاً وقد يعتقها كفارة فلابد من النية التي تعين الجهة المخرج إليها هذه الكفارة، قد يصوم يقصد بهذا الصيام التطوع، وقد يقصد به القضاء أو النذر أو الكفارة فلا بد من النية التي تعين جهة هذا الصيام، ومثله أيضاً الإطعام.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وإن غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه، وتجب النية في التكفير من صوم وغيره، وإن أصاب المظاهر منها ليلاً أو نهاراً انقطع التتابع، وإن أصاب غيرها ليلاً لم ينقطع].

قد تقدم لنا الكلام حول الكفارة وذكرنا ما يتعلق بالإعتاق وشروط وجوب الإعتاق، وكذلك ما يتعلق بشروط صحة الإعتاق، ثم بعد ذلك انتقلنا إلى الخصلة الثانية من خصال الكفارة وهي: الصيام وأنه يجب أن يصوم شهرين متتابعين، وما الذي يقطع التتابع؟ وما الذي لا يقطع التتابع؟ وذكرنا الرابط في ذلك، وأن كل عذر شرعي فإنه لا يقطع التتابع كرمضان، وبعد ذلك تكلمنا عن الخصلة الثانية من خصال الكفارة وهي الإطعام، وسبق لنا من مباحث الإطعام هل الإطعام مقدر جنساً؟ وهل هو مقدر كمية؟ وذكرنا أن الصواب في هاتين المسألتين أنه ليس مقدراً بالشرع وإنما مقدر بالعرف، وكذلك أيضاً تطرقنا إلى شروط من يُطْعمَ -من يأخذ الكفارة- وذكرنا جملة من شروط المطعم... إلخ.

ثم قال رحمه الله: (وإن غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه).

وهذا هو المشهور من المذهب: أنه يشترط أن يملك المساكين الطعام، وعلى هذا لا يصح أن يدعوهم إلى عشاء أو غداء وأنه لا يكتفى بذلك، وهذا أيضاً مذهب الشافعية.

والرأي الثاني؛ رأي الحنفية والمالكية أن تمليك الطعام ليس شرطاً، يعني عند الحنابلة والشافعية أنه يشترط تمليك المساكين الطعام فلا يكفي أن يدعوهم إلى غداء أو عشاء؛ لأنه إذا دعاهم إلى غداء أو عشاء فليس فيه تمليك، لكن إذا أعطاهم الحب فهذا فيه التمليك.. حينئذٍ يملكون التصرف فيه، فلا بد أن يعطيهم حباً على المذهب ولا يصح أن يغديهم أو أن يعشيهم لأنه لا بد من التمليك.

والرأي الثاني -كما ذكرنا رأي المالكية والحنفية- أن التمليك ليس شرطاً، وهذا القول هو الصواب، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ لأنه كما سلف لنا أن الطعام ليس مقدراً في الشرع، وإنما هو مقدر في العرف، والله سبحانه وتعالى أوجب إطعام ستين مسكيناً، وفي كفارة اليمين أوجب إطعام عشرة مساكين، وعلى هذا يصح الإطعام بتغدية المساكين وتعشيتهم، وكما سلف أن الإطعام له صورتان:

الصورة الأولى: التمليك وذلك بأن يعطيهم حباً، والصورة الثانية: أن يصنع طعاماً ويعشيهم أو يغديهم.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2814 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2724 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2674 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2638 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2636 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2553 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2549 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2524 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2518 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2492 استماع