شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [11]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله: [ ويحرم على المحدث مس المصحف والصلاة والطواف.

باب الغسل:

وموجبه خروج المني دفقاً بلذة لا بدونهما من غير نائم، وإن انتقل ولم يخرج اغتسل له، فإن خرج بعده لم يعده، وتغييب حشفة أصلية في فرج أصلي قبلاً كان أو دبراً ولو من بهيمة أو ميت، وإسلام كافر وموت وحيض ونفاس لا ولادة عارية عن دم، ومن لزمه الغسل حرم عليه قراءة القرآن، ويعبر المسجد لحاجة، ولا يلبث فيه بغير وضوء، ومن غسل ميتاً أو أفاق من جنون أو إغماء بلا حلم سن له الغسل، والغسل الكامل أن ينوي ثم يسمي ويغسل يديه ثلاثاً، وما لوثه، ويتوضأ، ويحثي على رأسه ثلاثاً ترويه، ويعم بدنه غسلاً ثلاثاً ويدلكه ويتيامن، ويغسل قدميه مكاناً آخر.

والمجزئ: أن ينوي ويسمي ويعم بدنه بالغسل مرة، ويتوضأ بمد ويغتسل بصاع، فإن أسبغ بأقل أو نوى بغسله الحدثين أجزأ].

تقدم ما يتعلق بنواقض الوضوء، وذكرنا من هذه النواقض ما يتعلق بالخارج من السبيل، وذكرنا المراد بالخارج من السبيل، وهل كل ما خرج ناقض أو أن هذا خاص بالمعتاد، وأيضاً الخارج من بقية البدن، وذكرنا أن المؤلف رحمه الله ذكر أنه على قسمين، وذكرنا ما يتعلق بالنوم ومتى يكون ناقضاً ومتى لا ينقض، وذكرنا خلاصة ذلك في أمرين، وكذلك ما يتعلق بأكل لحم الجزور، وما يتعلق بتغسيل الميت، ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى ما يحرم على المحدث.

مس المصحف

قال رحمه الله تعالى: (يحرم على المحدث مس المصحف).

وهذا باتفاق الأئمة الأربعة، ويدل لذلك حديث عمرو بن حزم في الكتاب الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم إليه وفيه: ( وألا يمس القرآن إلا طاهر )، والإمام أحمد رحمه الله تعالى يقول: لا أشك أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبه له، وهذا الكتاب الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لـعمرو بن حزم تضمن كثيراً من أحكام الديات، وتلقته الأمة بالقبول، فشهرته تغني عن إسناده، مع أنه جاء متصلاً عند النسائي رحمه الله تعالى، وكذلك هو قول سلمان الفارسي وعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، فلا يجوز مس المصحف إلا بطهارة، حتى قال العلماء رحمهم الله: حتى الجلد والحواشي، يعني: حتى جلده لا يجوز لك أن تمسه إلا من وراء حائل، والحواشي يعني: البياض التي ليس عليه كتابة لا يجوز لك أن تمسه إلا بطهارة.

أما ما يتعلق بكتب العلم، والحديث والفقه والعقيدة فهذه يجوز للمسلم أن يمسها بلا طهارة.

أما التفسير ففيه تفصيل: فإن كان الموجود في الصفحات من القرآن أكثر فإنه لا يجوز، وهذا مثل ما يوجد في بعض التفاسير، يكون القرآن قد نزل في هذا الكتاب والتفسير على الحواشي، فهذا لا يجوز لك أن تمسه إلا بطهارة، أما إن كان التفسير أكثر من الآيات الموجودة فإنه لا بأس أن تمسه بلا طهارة، حتى قال العلماء رحمهم الله تعالى: لو أن الإنسان كتب آيات على ورقة فإنه لا يمس هذه الورقة إلا بطهارة.

أما بالنسبة للهاتف النقال، فهذا سبق أن تكلمنا عليه، وقلنا: الحروف الموجودة على الهاتف النقال ليست حروفاً ثابتة، وإنما هي توجد وتذهب بطريقة ضوئية إلكترونية؛ وعلى هذا لا يأخذ حكم القرآن، فلو أن الإنسان جعل القرآن على لوحة هذا الهاتف وبدأ يقرأ فيه ومسه، فإن هذا جائز ولو كان محدثاً.

الصلاة

قال رحمه الله: (والصلاة).

يعني: يحرم على المسلم أن يصلي وهو محدث، وهذا بالإجماع، ويدل لذلك ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ )، وقد تقدم حديث عبد الله بن زيد في الصحيحين قال: ( لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً )، فهذا يدل على أنه إذا أحدث فإنه ليس له أن يستمر في صلاته، وأن عليه أن ينصرف.

ولكن ما ضابط الصلاة التي تشترط لها الطهارة؟ نقول: ضابط الصلاة التي تشترط لها الطهارة قد بينه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث علي في السنن فقال: ( كل صلاة تفتتح بالتكبير، وتختتم بالتسليم ) فهذه الصلاة التي لا تفعل إلا بطهارة، ويدخل في ذلك الفرائض والسنن والتطوعات، وصلاة الجنازة؛ لأن بعض السلف يرى أن صلاة الجنازة لا تجب لها الطهارة؛ لأن صلاة الجنازة صلاة شفاعة ودعاء ليس فيها ركوع ولا سجود.

لكن الصواب هو: العمل بالضابط الذي دل له حديث علي رضي الله تعالى عنه، وهو أن كل صلاة تفتتح بالتكبير، وتختتم بالتسليم كما ذكر ابن القيم رحمه الله فتجب لها الطهارة.

وأما سجود التلاوة، وسجود الشكر، فليستا من الصلاة؛ وعلى هذا لو أنه سجد سجود تلاوة وهو محدث، أو سجد سجدة شكر وهو محدث فإن هذا لا بأس به؛ لأنه لا يدخل تحت الضابط؛ لأن الصحيح أن سجود التلاوة لا يشرع له تكبير في أوله ولا تسليم في آخره.

الطواف

قال رحمه الله: (والطواف).

يعني: يحرم على المحدث أن يطوف، وهذا هو المشهور من المذهب، وقال به كثير من العلماء رحمهم الله تعالى.

والرأي الثاني: رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن الطواف لا تجب له الطهارة؛ لأن كثيراً من الصحابة رضي الله تعالى عنهم خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم لحجة الوداع ومع ذلك ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء عند الطواف كما أمر بالوضوء عند الصلاة، لكن الذي ثبت في الصحيحين من حديث عائشة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يطوف توضأ )؛ وعلى هذا نقول: يستحب أو يشرع، ويحتاط المسلم لدينه فيتوضأ عند الطواف، لكن لو نسي الطهارة أو سبقه الحدث وخصوصاً في أوقات الزحام ونحو ذلك فلا نقول بأن طوافه باطل.

والحنفية رحمهم الله لا يشترطون للطواف الطهارة، ولهم تفصيل في ذلك، بين من طاف وهو محدث حدثاً أكبر، أو طاف وهو محدث حدثاً أصغر، وسيأتينا إن شاء الله في أحكام المناسك.

والخلاصة في ذلك أن كثيراً من العلماء يقول بأن الطواف لا بد له من الطهارة؛ لما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الطواف بالبيت صلاة )، لكن هذا الحديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً، لكنه جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

والرأي الثاني: أن الطواف لا تجب له الطهارة وإنما تستحب، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى؛ لأنه ليس هناك دليل ظاهر في إيجاب الطهارة للطواف، وسيأتي إن شاء الله تتمة الكلام على هذه المسألة في شروط صحة الطواف في المناسك.

قال رحمه الله تعالى: (يحرم على المحدث مس المصحف).

وهذا باتفاق الأئمة الأربعة، ويدل لذلك حديث عمرو بن حزم في الكتاب الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم إليه وفيه: ( وألا يمس القرآن إلا طاهر )، والإمام أحمد رحمه الله تعالى يقول: لا أشك أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبه له، وهذا الكتاب الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لـعمرو بن حزم تضمن كثيراً من أحكام الديات، وتلقته الأمة بالقبول، فشهرته تغني عن إسناده، مع أنه جاء متصلاً عند النسائي رحمه الله تعالى، وكذلك هو قول سلمان الفارسي وعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، فلا يجوز مس المصحف إلا بطهارة، حتى قال العلماء رحمهم الله: حتى الجلد والحواشي، يعني: حتى جلده لا يجوز لك أن تمسه إلا من وراء حائل، والحواشي يعني: البياض التي ليس عليه كتابة لا يجوز لك أن تمسه إلا بطهارة.

أما ما يتعلق بكتب العلم، والحديث والفقه والعقيدة فهذه يجوز للمسلم أن يمسها بلا طهارة.

أما التفسير ففيه تفصيل: فإن كان الموجود في الصفحات من القرآن أكثر فإنه لا يجوز، وهذا مثل ما يوجد في بعض التفاسير، يكون القرآن قد نزل في هذا الكتاب والتفسير على الحواشي، فهذا لا يجوز لك أن تمسه إلا بطهارة، أما إن كان التفسير أكثر من الآيات الموجودة فإنه لا بأس أن تمسه بلا طهارة، حتى قال العلماء رحمهم الله تعالى: لو أن الإنسان كتب آيات على ورقة فإنه لا يمس هذه الورقة إلا بطهارة.

أما بالنسبة للهاتف النقال، فهذا سبق أن تكلمنا عليه، وقلنا: الحروف الموجودة على الهاتف النقال ليست حروفاً ثابتة، وإنما هي توجد وتذهب بطريقة ضوئية إلكترونية؛ وعلى هذا لا يأخذ حكم القرآن، فلو أن الإنسان جعل القرآن على لوحة هذا الهاتف وبدأ يقرأ فيه ومسه، فإن هذا جائز ولو كان محدثاً.

قال رحمه الله: (والصلاة).

يعني: يحرم على المسلم أن يصلي وهو محدث، وهذا بالإجماع، ويدل لذلك ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ )، وقد تقدم حديث عبد الله بن زيد في الصحيحين قال: ( لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً )، فهذا يدل على أنه إذا أحدث فإنه ليس له أن يستمر في صلاته، وأن عليه أن ينصرف.

ولكن ما ضابط الصلاة التي تشترط لها الطهارة؟ نقول: ضابط الصلاة التي تشترط لها الطهارة قد بينه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث علي في السنن فقال: ( كل صلاة تفتتح بالتكبير، وتختتم بالتسليم ) فهذه الصلاة التي لا تفعل إلا بطهارة، ويدخل في ذلك الفرائض والسنن والتطوعات، وصلاة الجنازة؛ لأن بعض السلف يرى أن صلاة الجنازة لا تجب لها الطهارة؛ لأن صلاة الجنازة صلاة شفاعة ودعاء ليس فيها ركوع ولا سجود.

لكن الصواب هو: العمل بالضابط الذي دل له حديث علي رضي الله تعالى عنه، وهو أن كل صلاة تفتتح بالتكبير، وتختتم بالتسليم كما ذكر ابن القيم رحمه الله فتجب لها الطهارة.

وأما سجود التلاوة، وسجود الشكر، فليستا من الصلاة؛ وعلى هذا لو أنه سجد سجود تلاوة وهو محدث، أو سجد سجدة شكر وهو محدث فإن هذا لا بأس به؛ لأنه لا يدخل تحت الضابط؛ لأن الصحيح أن سجود التلاوة لا يشرع له تكبير في أوله ولا تسليم في آخره.

قال رحمه الله: (والطواف).

يعني: يحرم على المحدث أن يطوف، وهذا هو المشهور من المذهب، وقال به كثير من العلماء رحمهم الله تعالى.

والرأي الثاني: رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن الطواف لا تجب له الطهارة؛ لأن كثيراً من الصحابة رضي الله تعالى عنهم خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم لحجة الوداع ومع ذلك ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء عند الطواف كما أمر بالوضوء عند الصلاة، لكن الذي ثبت في الصحيحين من حديث عائشة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يطوف توضأ )؛ وعلى هذا نقول: يستحب أو يشرع، ويحتاط المسلم لدينه فيتوضأ عند الطواف، لكن لو نسي الطهارة أو سبقه الحدث وخصوصاً في أوقات الزحام ونحو ذلك فلا نقول بأن طوافه باطل.

والحنفية رحمهم الله لا يشترطون للطواف الطهارة، ولهم تفصيل في ذلك، بين من طاف وهو محدث حدثاً أكبر، أو طاف وهو محدث حدثاً أصغر، وسيأتينا إن شاء الله في أحكام المناسك.

والخلاصة في ذلك أن كثيراً من العلماء يقول بأن الطواف لا بد له من الطهارة؛ لما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الطواف بالبيت صلاة )، لكن هذا الحديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً، لكنه جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

والرأي الثاني: أن الطواف لا تجب له الطهارة وإنما تستحب، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى؛ لأنه ليس هناك دليل ظاهر في إيجاب الطهارة للطواف، وسيأتي إن شاء الله تتمة الكلام على هذه المسألة في شروط صحة الطواف في المناسك.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2814 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2725 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2674 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2639 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2636 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2554 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2549 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2524 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2518 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2493 استماع