شرح الأصول الثلاثة [8]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

النوع الرابع عشر: النذر

يقول المؤلف رحمه الله: [ودليل النذر قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [الإنسان:7] ].

النذر في اللغة: الإيجاب.

وأما في الاصطلاح: فهو إيجاب مكلف على نفسه عبادةً غير واجبة.

والدليل على أن النذر عبادة أن الله عز وجل قال: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [الإنسان:7]، فالله عز وجل امتدحهم وأثنى عليهم بإيفاء النذر، وهذا يدل على أن هذا النذر محبوب لله عز وجل، وإذا كان كذلك فهو عبادة.

وعلى هذا من صرف هذا النذر لغير الله عز وجل فهو شرك، فمثلاً لو قال: للولي الفلاني أو لصاحب القبر الفلاني علي نذر... إلى آخره فنقول بأن هذا شرك.

يقول المؤلف رحمه الله: [ودليل النذر قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [الإنسان:7] ].

النذر في اللغة: الإيجاب.

وأما في الاصطلاح: فهو إيجاب مكلف على نفسه عبادةً غير واجبة.

والدليل على أن النذر عبادة أن الله عز وجل قال: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [الإنسان:7]، فالله عز وجل امتدحهم وأثنى عليهم بإيفاء النذر، وهذا يدل على أن هذا النذر محبوب لله عز وجل، وإذا كان كذلك فهو عبادة.

وعلى هذا من صرف هذا النذر لغير الله عز وجل فهو شرك، فمثلاً لو قال: للولي الفلاني أو لصاحب القبر الفلاني علي نذر... إلى آخره فنقول بأن هذا شرك.

قال: [الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام بالأدلة].

هذا هو الأصل الثاني من الأصول الثلاثة.

تقدم أن الأصول ثلاثة: معرفة الإنسان ربه ودينه ونبيه، وتكلم المؤلف رحمه الله على الأصل الأول، ثم شرع رحمه الله في الأصل الثاني، وهو معرفة دين الإسلام بالأدلة.

قال: (معرفة دين الإسلام بالأدلة).

الأدلة يقسمها العلماء رحمهم الله إلى قسمين: أدلة متفق عليها، وأدلة مختلف فيها.

الأدلة المتفق عليها أربعة: القرآن, والسنة, والإجماع, والقياس، هذه أدلة متفق عليها.

والأدلة المختلف فيها: قول الصحابي، الاستحسان، المصلحة المرسلة، شرع من قبلنا، الإجماع السكوتي، إجماع أهل المدينة، وهذه الأدلة مختلف فيها، وسبق أن بحثنا الكلام فيها في أصول الفقه.

قال: [وهو: الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله].

يعني: أن الإسلام يشتمل على هذه الأمور الثلاثة:

الأمر الأول: (الاستسلام لله بالتوحيد)، والمراد بذلك: إفراد الله عز وجل بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.

قال: (والانقياد له بالطاعة) وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه؛ لأن الطاعة في الأمر بفعله، والطاعة في النهي بتركه.

قال: (والبراءة من الشرك وأهله)، لا بد أن يتبرأ من كل دين عدا الإسلام، لا بد أن يتبرأ من كل الأديان لكي يكون مسلماً؛ لأن الله عز وجل قال: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:19] .

وقال: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران:85]، فلا بد أن يتبرأ من اليهودية، ومن النصرانية، ومن المجوسية وسائر الأديان وإلا لم يكن مسلماً.

وبهذا نعرف أن من شك في كفر النصارى أو اليهود، مجرد أن يشك في كفرهم، أو أن يصحح مذهبهم أن هذا ردة، كيف الذي يدعي بأنهم مسلمون، أو أنهم إخوان لنا... إلى آخره؛ لأن الله عز وجل حكم عليهم بالكفر فقال: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ [البينة:1]، وقال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا [البينة:6]، فلا بد من اعتقاد كفر كل من سوى الإسلام، واعتقاد أنه في النار، هذا من حيث الجملة، أما المعين فلا تحكم عليه بالكفر، وإنما تقول: هذا مات على النصرانية, وكل نصراني في النار، هذا هو الأحوط والأبرأ.

أيضاً قال: [والبراءة من الشرك وأهله]، لا بد أن يبرأ الإنسان من كل الأديان سوى الإسلام، وأيضاً يبرأ من النصارى ومن اليهود ومن سائر المشركين.

والله عز وجل قال عن إبراهيم: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة:4].

قال: [وهو ثلاث مراتب]. يعني: الإسلام ثلاث مراتب. [الإسلام، والإيمان، والإحسان].

وقوله: [وهو ثلاث مراتب] هذا إذا اجتمعت، وأما إذا انفردت فإنه إذا قيل: الإسلام يشمل الدين كله، ويدخل فيه الإيمان، ويدخل فيه الإحسان.

وإذا قيل: الإيمان يشمل الدين كله، فيدخل فيه الإسلام.

المهم إن قوله: [وهو ثلاث مراتب] هذا إذا اجتمعت، أما إذا افترقت فيشمل الدين كله، فإذا قيل: إسلام دخل في ذلك الأعمال الظاهرة والباطنة، إذا قيل: إيمان دخل في ذلك الأعمال الظاهرة والباطنة، وإذا قيل: إحسان دخل في ذلك الأعمال الظاهرة والباطنة.

لكن المراد هنا إذا اجتمعت، فالإسلام هو أن تشهد أن لا إله إلا الله كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل، والإيمان فسره: ( أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه ... ) إلى آخره، والإحسان: ( أن تعبد الله كأنك تراه ... ) إلى آخره، هذا إذا اجتمعت.

قال: [وكل مرتبة لها أركان، فأركان الإسلام خمسة] وهذا كما قلنا: إذا اجتمعت.

قال: [شهادة أن لا اله إلا الله, وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام].

ودليل ذلك حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً ).

قال: [فدليل الشهادة: قوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:18] . ومعناها: لا معبود بحق إلا الله].

هذه الآية: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [آل عمران:18] فيه شهادة الله سبحانه وتعالى لنفسه بأنه لا إله إلا هو، وشهادة الملائكة، وشهادة أولي العلم، فالله شهد لنفسه بأنه لا معبود بحق إلا هو، والملائكة يشهدون، وأولو العلم أيضاً يشهدون، في هذه الشهادة أعظم شاهد على أعظم مشهود به، وأعظم شاهد هو الله عز وجل, على أعظم مشهود به وهو التوحيد.

قال: [ومعناها: لا معبود حق إلا الله]. لا إله إلا الله معناها: (لا) هذه نافية للجنس، وإله: اسمها، إلا الله: أداء استثناء، والاستثناء هنا مفرغ لا عامل له، وخبرها محذوف تقديره: لا إله بحق إلا الله: بدل من الخبر المحذوف.

ومعنى (لا إله إلا الله) لا معبود بحق إلا الله عز وجل. وهذه الكلمة لها أركان ولها شروط ولها لوازم.

أركانها ركنان: الإثبات، والنفي، فلو أثبت ولم تنف ما وحدت، ولو نفيت ولم تثبت ما وحدت، لا بد من هذين الركنين: إثبات العبودية لله سبحانه وتعالى، ونفي عبودية من سواه.

لو قلت: (لا إله). ما وحدت، نفيت هنا كل الآلهة، ولو قلت: (إلا الله). ولم تنف الآلهة الأخرى ما وحدت، كما لو قلت: زيد قائم أنت أثبت له القيام، لكن ما نفيت عن غيره القيام، هنا ما وحدته بالقيام، فلا بد من هذين الركنين: الإثبات والنفي.

وأيضاً لا بد لها من شروط:

الشرط الأول: العلم.

والشرط الثاني: الإخلاص.

والشرط الثالث: الصدق.

الرابع: اليقين.

الخامس: المحبة.

السادس: الانقياد والقبول.

وأما بالنسبة للوازم هذه الكلمة فهذه الكلمة لها أربعة لوازم: الحب في الله، والبغض في الله، والموالاة في الله، والمعاداة في الله.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح الأصول الثلاثة [7] 2813 استماع
شرح الأصول الثلاثة [6] 2303 استماع
شرح الأصول الثلاثة [13] 2171 استماع
شرح الأصول الثلاثة [14] 2059 استماع
شرح الأصول الثلاثة [4] 2009 استماع
شرح الأصول الثلاثة [12] 1941 استماع
شرح الأصول الثلاثة [2] 1878 استماع
شرح الأصول الثلاثة [10] 1854 استماع
شرح الأصول الثلاثة [5] 1847 استماع
شرح الأصول الثلاثة [3] 1703 استماع