نواقض الإيمان


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، أمر عباده المؤمنين بالإيمان وغيرهم من باب أولى، فقال جل من قائل عليماً: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا [النساء:136]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، حذر من النكوث على الأعقاب، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله استعاذ بالله من الحور بعد الكور، وأرشد أمته إلى ذلك، كما في دعاء السفر، والحور بعد الكور تغير حال الإنسان من الإيمان إلى الكفر، أو من التقوى والصلاح إلى الفجور والسوء، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وعلى سائر صحابة رسول الله أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله، والاستمساك بالعروة الوثقى، والعزة بالإسلام ظاهراً وباطناً: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

أيها المسلمون! الإيمان هو رأس مال العبد في هذه الحياة، وهو التجارة التي يفد بها إلى الله بعد الممات، وخسارة الإيمان لا تعدلها خسارة، ولا تقبل فيها الفدية ولو كانت ملء الأرض ذهباً: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ [آل عمران:91]، وقال سبحانه: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة:5].

وما أتعسها من حالة حين يهيم الإنسان على وجهه في هذه الحياة، حيران قلقاً، بعيداً عن نور الإيمان، تتردى حالته بعد، فلا ينقضي النكد، ولا يخفف العذاب، قال سبحانه: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ [فاطر:36]، إذا علمتم قدر الإيمان وحقيقته، وكان الاعتقاد سليماً، والعمل صائباً، فأنتم محتاجون إلى تكميل ذلك بمعرفة نواقض الإيمان، وهادمات الإسلام، وقد اعتنى العلماء قديماً وحديثاً بنواقض الإيمان وأوسعوها بحثاً وتفصيلاً، ودعوة للحق ونصحاً للخلق، وما أحرى المسلم أن يتنبه لهذه النواقض فيعلمها ويحذرها: فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا [يونس:108].

أحصى الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى أصولاً عشرة اعتبرها نواقض للإسلام، حذر الأمة منها ودعا إلى العلم بها، وقد كان الناس إلى عهد قريب يتدارسونها في المساجد، وتقرأ عليهم من قبل أئمة المساجد، قال رحمه الله: اعلم أن نواقض الإسلام عشرة:

الشرك في عبادة الله ناقض للإسلام

الأول: الشرك في عبادة الله، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، وقال سبحانه: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72]، ومنه الذبح لغير الله، كمن ذبح للجن أو للقبر، انتهى كلامه.

فالشرك الأكبر: هو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله، سواء كان ذلك في الألوهية، كأن يصرف المخلوق نوعاً من أنواع العبادة لغير الله عز وجل، أو كان ذلك في الربوبية، كأن يصرف خصيصة من خصائص الربوبية لغير الله عز وجل، كالعلم بكل شيء، أو القدرة على كل شيء، أو كان ذلك من خصائص الأسماء والصفات، كأن يصرف شيئاً مما اختص الله عز وجل به من الأسماء والصفات إلى غير الله.

وأما الشرك الأصغر: فهو كل ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر من الأقوال والأفعال والعقائد، وجاء في النص تسميته شركاً.

اتخاذ الوسائط بين الله وعبده ناقض للإسلام

ثم قال رحمه الله: الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم كفر إجماعاً، وهذا الناقض من أكثر النواقض وقوعاً وأعظمها خطراً، وذلك لأن كثيراً من المنتسبين للإسلام جعلوا بينهم وبين الرب وسائط، يدعونهم لكشف الملمات وإغاثة اللهفات وتفريج الكربات، بحيث يصرفون لهم أنواعاً من العبادات، كالدعاء والاستغاثة، فيصرفون هذه العبادات لهؤلاء الموتى والمقبورين والأولياء، وهذا كفر مخرج من الملة، قال الله عز وجل: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117]، وقال سبحانه: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلًا [الإسراء:56].

يا عبد الله! أخلص العبادة لله وحده، وادعه وحده، واعلم أن غيره كائناً من كان لا يملك جلب النفع ولا دفع الضر، واستمسك موقناً بقوله تعالى: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ * وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [يونس:106-107].

أجل: لقد قال المشركون قديماً: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3]، وما زال المشركون حديثاً يستغيثون بالأولياء، ويستصرخون بالموتى، ويطوفون حول الأضرحة، ويذبحون لها، ويطلبون المدد والشفاعة ممن لا يملكها، أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:3].

عدم تكفير الكافر ناقض للإسلام

الناقض الثالث: من لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم كفر إجماعاً، إن الإله الحق واحد لا إله إلا هو، ولا رب سواه، وإن الدين الحق واحد، وهو ناسخ لجميع الأديان قبله: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:19]، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85]، فمن عبد مع الله غيره أو ابتغى غير الإسلام ديناً فهو كافر إجماعاً، لابد من تكفيره والبراءة منه ومعاداته، كما قال سبحانه: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة:4]، تلك الحنيفية التي أمرنا الله بالاقتداء بها، ومن رغب عنها فقد سفه نفسه، أما الاستمساك بالعروة الوثقى فشرطها الكفر بالطاغوت، والإيمان بالله: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى [البقرة:256].

عباد الله! يوجد بعض الناس اليوم ممن يخرجون في بعض القنوات الفضائية يزعمون أن اليهود أو النصارى ليسوا كفاراً، وأنهم إخوان لنا، وأنهم مسلمون، وهذا تكذيب للقرآن، فقد حكم الله عز وجل بكفرهم، وأخبر أنهم من أهل النار، قال الله عز وجل: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ [المائدة:73]، وقال سبحانه: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة:17]، وقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6].

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: وصفة الكفر بالطاغوت أن تعتقد بطلان عبادة غير الله، كاليهودية والنصرانية وتتركها وتبغضها وتكفر أهلها وتعاديهم.

الأول: الشرك في عبادة الله، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، وقال سبحانه: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72]، ومنه الذبح لغير الله، كمن ذبح للجن أو للقبر، انتهى كلامه.

فالشرك الأكبر: هو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله، سواء كان ذلك في الألوهية، كأن يصرف المخلوق نوعاً من أنواع العبادة لغير الله عز وجل، أو كان ذلك في الربوبية، كأن يصرف خصيصة من خصائص الربوبية لغير الله عز وجل، كالعلم بكل شيء، أو القدرة على كل شيء، أو كان ذلك من خصائص الأسماء والصفات، كأن يصرف شيئاً مما اختص الله عز وجل به من الأسماء والصفات إلى غير الله.

وأما الشرك الأصغر: فهو كل ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر من الأقوال والأفعال والعقائد، وجاء في النص تسميته شركاً.

ثم قال رحمه الله: الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم كفر إجماعاً، وهذا الناقض من أكثر النواقض وقوعاً وأعظمها خطراً، وذلك لأن كثيراً من المنتسبين للإسلام جعلوا بينهم وبين الرب وسائط، يدعونهم لكشف الملمات وإغاثة اللهفات وتفريج الكربات، بحيث يصرفون لهم أنواعاً من العبادات، كالدعاء والاستغاثة، فيصرفون هذه العبادات لهؤلاء الموتى والمقبورين والأولياء، وهذا كفر مخرج من الملة، قال الله عز وجل: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117]، وقال سبحانه: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلًا [الإسراء:56].

يا عبد الله! أخلص العبادة لله وحده، وادعه وحده، واعلم أن غيره كائناً من كان لا يملك جلب النفع ولا دفع الضر، واستمسك موقناً بقوله تعالى: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ * وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [يونس:106-107].

أجل: لقد قال المشركون قديماً: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3]، وما زال المشركون حديثاً يستغيثون بالأولياء، ويستصرخون بالموتى، ويطوفون حول الأضرحة، ويذبحون لها، ويطلبون المدد والشفاعة ممن لا يملكها، أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:3].


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحكام الصيام 2891 استماع
حقيقة الإيمان - تحريم التنجيم 2513 استماع
مداخل الشيطان على الإنسان 2493 استماع
الأمن مطلب الجميع [2] 2437 استماع
غزوة الأحزاب 2375 استماع
نصائح وتوجيهات لطلاب العلم 2364 استماع
دروس من قصة موسى مع فرعون 2352 استماع
دروس من الهجرة النبوية 2350 استماع
شهر الله المحرم وصوم عاشوراء 2209 استماع
حقوق الصحبة والرفقة 2180 استماع