عنوان الفتوى : لماذا قال أبو بكر عن غناء الجاريتين: "مزمار الشيطان"؟
لماذا قال سيدنا أبو بكر-رضي الله عنه- عن غناء الجاريتين: "مزمار الشيطان"، وقد كان خاليًا من كل محرم، فحكمه الجواز، ولكن ذلك اللفظ يدلّ في أقلّ الأحوال على الكراهة؟ وشكرًا جزيلًا لكم على هذا الموقع، الذي أفادني كثيرًا في أحكام الإسلام، جعلكم الله سببًا في هداية الناس أجمعين.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد وَصَفَ أبو بكر -رضي الله عنه- غناء الجاريتين بمزمار الشيطان؛ لأنه يصدّ ويلهي عن ذكر الله تعالى، كما قال الإثيوبي في شرح صحيح مسلم: وإضافتها إلى الشيطان من جهة أنها تُلْهي، وتَشْغَل القلب عن الذكر. اهــ.
ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم هذا الوصف، وإنما بين له أن هذا الغناء مأذون فيه في العيد، قال في عون المعبود: لَمْ يُنْكِرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْمِيَةَ الْغِنَاءِ مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ، وَأَقَرَّهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا جَارِيَتَانِ غَيْرُ مُكَلَّفَتَيْنِ، تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ الْأَعْرَابِ الَّذِي قِيلَ فِي يَوْمِ حَرْبِ بُعَاثٍ مِنَ الشَّجَاعَةِ وَالْحَرْبِ، وَكَانَ الْيَوْمُ يَوْمَ عِيدٍ، فَتَوَسَّعَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ فِي ذَلِكَ إِلَى صَوْتِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ صَبِيٍّ أَمْرَدَ صَوْتُهُ وَصُورَتُهُ فِتْنَةٌ، يُغَنِّي بما يدعو إلى الزنى، وَالْفُجُورِ، وَشُرْبِ الْخُمُورِ، مِنْ آلَاتِ اللَّهْوِ الَّتِي حَرَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ، مَعَ التَّصْفِيقِ، وَالرَّقْصِ، وَتِلْكَ الْهَيْئَةِ الْمُنْكَرَةِ الَّتِي لَا يَسْتَحِلُّهَا أَحَدٌ. وَيَحْتَجُّونَ بِغِنَاءِ جُوَيْرِيَّتَيْنِ غَيْرِ مُكَلَّفَتَيْنِ بِغَيْرِ شَبَّابَةٍ، وَلَا دُفٍّ، وَلَا رَقْصٍ، وَلَا تَصْفِيقٍ، وَيَدَعُونَ الْمُحْكَمَ الصَّرِيحَ لِهَذَا الْمُتَشَابِهِ، وَهَذَا شَأْنُ كُلِّ مُبْطِلٍ. اهــ.
والله أعلم.