شرح سنن أبي داود [584]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في بر الوالدين.

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه) ].

أورد أبو داود [ باب بر الوالدين ].

البر: هو الإحسان وبذل المعروف وإيصال الخير ودفع الشر، وأحق الناس بالبر الوالدان، بل إن البر كثيراً ما يكون مضافاً إلى الوالدين، والأرحام تضاف إليهم الصلة، فيقال: بر الوالدين وصلة الأرحام، وذلك أن الوالدين هما سبب وجود الإنسان، ولهما فضل عظيم على الإنسان، أما من ناحية الأم فكونها تحملت من المشاق والمتاعب في حمله وفي ولادته وفي رضاعه وفي رعايته وفي متابعته والسهر عليه الشيء الكثير، والوالد كذلك من كونه يكدح ويسعى لجلب الرزق وجلب الخير إليه ودفع الشر عنه.

فإذاً: كل من الوالدين حصل منهما الإحسان إلى الولد، فهما أولى من غيرهما ببره وإحسانه.

أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه) ومن المعلوم أن الإنسان إذا ملك أباه، فإنه يعتق عليه بمجرد ملكه إياه، بحيث إذا وجد الملك وجد العتق.

ذكر في هذا الحديث: أنه لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً أو رقيقاً فيشتريه فيعتقه، يعني: أن الولد يسعى في الوصول إليه عن طريق الشراء، ومعلوم أنه إنما يشتريه ليخلصه من الرق، لا ليكون عبداً له وأن يكون سيداً لوالده.

بعض أهل العلم كـالخطابي حكى الإجماع على أنه بمجرد الشراء فإنه يعتق عليه، لكن بعض أهل العلم حكى عن بعض أهل الظاهر أن الشراء شيء والعتق شيء آخر، وأنه يمكن أن يوجد الشراء ولا يوجد العتق، ولكن الذي عليه جمهور العلماء أو هو كالإجماع من العلماء أنه بمجرد الشراء يحصل العتق؛ وذلك لأنه ليس من المناسب ولا من اللائق أن يكون الوالد عبداً لولده، وأن يكون خادماً لولده، بل العكس هو المطلوب، أعني أن يسعى الولد في خدمة الوالد.

والجد مثل الأب، وذكر الوالد يدخل فيه الوالدة.

تراجم رجال إسناد حديث (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه)

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

هو محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا سفيان ].

هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني سهيل بن أبي صالح ].

سهيل بن أبي صالحصدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وحديثه عند البخاري مقرون.

[ عن أبيه ].

هو أبو صالح السمان ، اسمه ذكوان وكنيته أبو صالح ولقبه السمان ، ويقال: الزيات ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق.

شرح حديث ابن عمر (كانت تحتي امرأة وكنت أحبها وكان عمر يكرهها فقال لي طلقها...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن أبي ذئب قال: حدثني خالي الحارث عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنهما قال: (كانت تحتي امرأة وكنت أحبها، وكان عمر رضي الله عنه يكرهها، فقال لي: طلقها، فأبيت، فأتى عمر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: طلقها) ].

أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه كانت تحته امرأة وكان يحبها، وكان أبوه يكرهها، فقال له: طلقها، فأبي، فأتى عمر الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبره وقال النبي صلى الله عليه وسلم: طلقها.

وهذا أورده أبو داود في البر؛ وذلك أن فيه تحقيق رغبة الوالد في هذا الطلب، لكن كما هو معلوم أن الذي طلب الطلاق من ولده هو خير هذه الأمة بعد أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وليس كل الآباء وكل الأمهات عدول وأتقياء، بل يمكن أن يكون هناك شيء من الشحناء أو العداوة لأمور دنيويه غير دينية، فينظر في ذلك إلى العدل ومعرفة الحق مع من يكون، فقد تكون الزوجة مظلومة والأم ظالمة، وقد يكون الوالد ظالماً والزوجة مظلومة، فينظر في ذلك إلى العدل وإلى الدين.

وقد تكون كراهية الوالد أو الوالدة للزوجة لأمور ليست دينية، وإنما لكلمة من الكلمات أو حالة من الحالات أو موقف من المواقف، فيترتب على ذلك التنافر والتباعد، والذي ينبغي على الولد أن يكون في مثل هذه الحالة عادلاً، وأن يبين للوالد أو الوالدة إذا كانا ليسا على حق، وأنه يرى أن الحق ليس معهما، فيسعى إلى إرضائهما وإلى إقناعهما بالتي هي أحسن مع الإبقاء على زوجته، وأما إذا كانت الكراهية لأمر ديني، أو أن الأمر بلغ إلى حد لا يمكن معه التوفيق، فلا شك أن طاعة الوالد مطلوبة ورضاه مطلوب.

فإذاً: الذي ينبغي على الولد في مثل هذه الأمور أن يحرص على العدل، وأن يكون عوناً للمظلوم بأن يمنع وصول الظلم إليه، ويكون أيضاً عوناً للظالم بأن يكون حريصاً على منعه من الظلم، كما جاء في الحديث: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً).

ولا يقال: إنه بناء على ما جاء في الحديث فكل رغبة تكون من أب أو أم لا يتردد فيها ولا يتوقف فيها، وإنما ينبغي أن يكون هناك نظر لحال الزوجة واستقامتها ودينها وصلاحها، وكذلك أيضاً فيما يتعلق بالأب أو الأم فقد يكون عند الأب والأم فسق أو نقص أو خلل.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر (كانت تحتي امرأة وكنت أحبها وكان عمر يكرهها فقال لي طلقها...)

قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى ].

مسدد مر ذكره.

و يحيى هو ابن سعيد القطان ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن أبي ذئب ].

هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني خالي الحارث ].

الحارث وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن.

[ عن حمزة بن عبد الله بن عمر ].

حمزة بن عبد الله بن عمر وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

هو عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (قلت يا رسول الله من أبر؟ قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله من أبر؟ قال:أمك ثم أمك ثم أمك،ثم أباك،ثم الأقرب فالأقرب، وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا يسأل رجل مولاه من فضل هو عنده فيمنعه إياه إلا دعي له يوم القيامة فضله الذي منعه شجاع أقرع).

قال أبو داود : الأقرع: الذي ذهب شعر رأسه من السم ].

أورد أبو داود حديث معاوية بن حيدة رضي الله تعالى عنه قال: (قلت: يا رسول الله من أبر؟) يعني: من أولى الناس ببري؟ أو من الذي أقدمه في البر؟ فقال: (أمك، ثم أمك، ثم أمك) يعني: ثلاث مرات، ثم قال: (ثم أباك).

وهذا يدل على عظم حق الوالدة وأنه أعظم من حق الأب؛ وذلك لأن الوالدة عانت من التعب ومن النصب ومن المشقة مالم يعانه الأب؛ لأنها هي التي حملت به، وهي التي تضررت وحصل لها الآلام عند حمله، وكذلك عند ولادته، وكذلك في السهر عليه وفي إرضاعه وفي تنظيفه وفي رعايته، وما يتعلق بذلك؛ لأنه دائماً معها بين يديها، والأب له إحسان إليه من جهة أنه يرعاه ويجلب الرزق له ولأمه، وكل منهما محسن للولد، ولكن الأم أشد وأعظم إحساناً؛ ولهذا كان حقها أعظم من حق الأب؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أمك ثم أمك ثم أمك، ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب) ومعنى ذلك: أنه يبدأ بالوالدين، والأم مقدمة على الوالد، وبعد ذلك الأقرب فالأقرب.

قوله: [ (لا يسأل رجل مولاه من فضل هو عنده فيمنعه إياه، إلا دعي له يوم القيامة فضله الذي منعه شجاع أقرع) ].

أي: فضل ماله، والشجاع الأقرع: هو الحية التي ذهب شعر رأسها؛ لكثرة ما فيها من السم.

قوله: [ (مولاه) ] يدخل تحته المولى المعتق، وكذلك المولى الذي هو القريب؛ لأن هذا اللفظ يطلق على هذا وعلى هذا، كما قال الله عز وجل: (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى [الدخان:41].

تراجم رجال إسناد حديث (قلت يا رسول الله من أبر؟ قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك...)

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

محمد بن كثير مر ذكره.

[ أخبرنا سفيان ].

هو سفيان الثوري مر ذكره.

[ عن بهز بن حكيم ].

بهز بن حكيم وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

وهو صدوق أيضاً، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن.

[ عن جده ].

هو معاوية بن حيدة وهو صحابي، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن.

شرح حديث (يا رسول الله من أبر؟ قال أمك وأباك وأختك وأخاك...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى حدثنا الحارث بن مرة حدثنا كليب بن منفعة عن جده: (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! من أبر؟ قال: أمك وأباك، وأختك وأخاك، ومولاك الذي يلي ذاك، حق واجب ورحم موصولة) ].

أورد أبو داود حديث جد كليب بن منفعة : (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك وأباك، وأختك وأخاك، ومولاك الذي يلي ذاك) أي: قريبك؛ لأن المولى هو القريب.

ومعلوم أن الأولاد أقرب من الإخوة، ولكن ذكر الأب والأم ثم ذكر الأخ والأخت؛ لأنه ليس كل أحد يكون له ولد، قد يكون الإنسان له إخوة وليس له أولاد؛ لأن الأولاد يأتون في زمن متأخر، والإخوة قد يكونون موجودين قبله وقد يكونون معه وقد يكونون بعده بقليل أو بكثير.

فذكر الأخ والأخت لا يدل على تقديمهم على الابن والبنت؛ لأن الابن والبنت والأب والأم هم أصول الإنسان الذين تحدر منهم وفروعه الذين تحدروا منه، فهؤلاء هم أقرب الناس إليه؛ ولهذا يقدمون في الميراث على الإخوة، والإخوة لا يرثون إلا إذا لم يكن للميت والد ولا ولد، أي أنه كلالة، فإذا كان له ولد أو أب فهو ليس بكلالة، وإنما الكلالة من لا يكون له ولد ولا والد، والإخوة ميراثهم كلالة؛ لأنهم محيطون به، وأما أولئك فهم فروعه الذين تحدروا منه، وأصوله الذين تحدر منهم.

قوله: [ (حق واجب، ورحم موصولة) ].

يعني: أن الإنسان يؤدي الحق الذي عليه، ويصل الرحم التي بينه وبين ذوي رحمه.

تراجم رجال إسناد حديث (يا رسول الله من أبر؟ قال أمك وأباك وأختك وأخاك...)

قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ].

هو محمد بن عيسى الطباع وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأبو داود والترمذي في الشمائل، والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا الحارث بن مرة ].

الحارث بن مرة وهو صدوق، أخرج له أبو داود .

[ حدثنا كليب بن منفعة ].

كليب بن منفعة وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود .

[ عن جده ].

ذكر اسمه في الإصابة وهو بكر بن الحارث الأنماري .

وهذا الحديث ضعفه الألباني ولعل السبب هو وجود ذلك المقبول فيه، لكن معناه صحيح.

شرح حديث (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن جعفر بن زياد أخبرنا ح وحدثنا عباد بن موسى حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل: يا رسول الله! كيف يلعن الرجل والديه؟! قال: يلعن أبا الرجل فيلعن أباه، ويلعن أمه فيلعن أمه) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل: يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه؟!) يعني: أن يكون الإنسان سبباً في لعن والديه مع أنهما كانا سبباً في وجوده، هذا شيء مستعظم، فالرسول صلى الله عليه وسلم بين أن اللعن يمكن أن يكون عن طريق التسبب لا عن طريق المباشرة، بأن يسب الرجل أبا رجل من الناس فيقوم ذلك الرجل فيسب أباه.

وهذا الحديث من أدلة سد الذرائع، وأن الشريعة جاءت بسد الذرائع، وتحريم الأمور التي توصل إلى المحرم، وأن الوسائل لها حكم الغايات، فالوسائل إلى المطلوب مطلوبة، والوسائل إلى المحرم محرمة.

فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يسب الرجل أبا الرجل؛ لأنه سيتسبب في لعن والده وإن لم يباشر سبه؛ ولهذا كان الواجب على الإنسان أن يحفظ لسانه من الكلام في الناس حتى لا يتكلموا فيه وفي والديه، وإنما عليه أن يكون سليم اللسان.

وهذا الحديث من أدلة سد الذرائع، وقد أورد ابن القيم رحمه الله في كتابه (إعلام الموقعين) تسعة وتسعين دليلاً من أدلة سد الذرائع، وهذا واحد منها.

تراجم رجال إسناد حديث (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه...)

قوله: [ حدثنا محمد بن جعفر بن زياد ].

محمد بن جعفر بن زياد ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ قال: أخبرنا ح وحدثنا عباد بن موسى ].

أتى أبو داود رحمه الله بالتحويل قبل أن يذكر الشيخ؛ لأن المقصود هو بيان الاختلاف في صيغة الأداء أو التحمل؛ لأن الشيخ الأول قال: أخبرنا، والثاني قال: حدثنا. وهذا يدل على دقة المحدثين وعنايتهم وتفريقهم بين التحديث والإخبار، وإن كان يمكن أن يعبر بهذا عن هذا والعكس، وكثير من أهل العلم لا يفرقون بين حدثنا وأخبرنا، لكن بعضهم يعمل بهذا التفريق.

والأصل أن الإخبار يكون فيما إذا قرئ على الشيخ وهو يسمع، أو قرأ هو على الشيخ، فإنه يعبر بـأخبرنا، وأما إذا كان الشيخ يقرأ والتلاميذ يسمعون، فإن التعبير يكون بحدثنا، هذا هو أصل التفريق؛ فالذي ما سمع من لفظ الشيخ لا يقال فيه: حدثنا.

و عباد بن موسى الختلي ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا إبراهيم بن سعد ].

وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن حميد بن عبد الرحمن ].

حميد بن عبد الرحمن وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن عمرو ].

عبد الله بن عمرو وهو صحابي جليل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (...هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال نعم الصلاة عليهما...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن مهدي وعثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء المعنى قالوا: حدثنا عبد الله بن إدريس عن عبد الرحمن بن سليمان عن أسيد بن علي بن عبيد مولى بني ساعدة عن أبيه عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: (بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله! هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما) ].

أورد أبو داود حديث أبي أسيد مالك بن ربيعة رضي الله تعالى عنه قال: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل بقي علي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟).

هذا رجل يسأل عن البر للوالدين والإحسان إليهما بعد الموت، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبره وقال: (الصلاة عليهما والاستغفار لهما) يعني: يدعو لهما الإنسان ويستغفر.

قوله: [ (وإنفاذ عهدهما) ] يعني: إذا عهدا إليه بشيء أو أوصيا بوصية، ينفذ تلك الوصية إذا كانت مشروعة وسائغة وليست مخالفة للشرع، أما إذا كانت مخالفة للشرع فلا ينفذ ما كان مخالفاً للشرع.

قوله: [ (وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما) ] يعني: رحم أمه ورحم أبيه، فرحم أبيه رحم له، فيصل رحم أبيه وأمه.

قوله: [ (وإكرام صديقهما) ].

يعني: أن يحسن إلى صديقهما؛ من أجل صداقته لأبيه، أو صداقة المرأة لأمه.

هذا جواب الرسول صلى الله عليه وسلم لمن سأل عن البر بعد الموت، وأنه يمكن أن يكون بهذه الأمور التي منها ما هو دعاء، ومنها ما هو عمل وإحسان إلى من كان قريباً أو صديقاً لوالده أو لوالدته.

والحديث ضعفه الألباني ؛ لأن من رجاله علي بن عبيد وهو مقبول، ولكن الحديث له شواهد فيما يتعلق بالدعاء والاستغفار لهما، وكذلك فيما يتعلق بإنفاذ العهد والوصية ما لم يكن محرماً، وكذلك من ناحية البر وإكرام الصديق، وسيأتي الحديث الذي بعد هذا وفيه إكرام الرجل أهل ود أبيه.

إذاً: فالحديث وإن كان في إسناده رجل مقبول، إلا أن له شواهد تدل عليه.

تراجم رجال إسناد حديث (...هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال نعم الصلاة عليهما...)

قوله: [ حدثنا إبراهيم بن مهدي ].

إبراهيم بن مهدي وهو مقبول، أخرج له أبو داود .

[ وعثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فأخرج له في عمل اليوم والليلة.

[ ومحمد بن العلاء ].

هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهؤلاء الثلاثة مشايخ لـأبي داود والمقبول فيهم لا يؤثر؛ لأن معه اثنين وهما ثقتان.

[ حدثنا عبد الله بن إدريس ].

هو عبد الله بن إدريس الأودي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن سليمان ].

وهو صدوق فيه لين، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل وابن ماجة .

[ عن أسيد بن علي بن عبيد ].

وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود وابن ماجة .

[ عن أبيه ].

هو علي بن عبيد وهو مقبول، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود وابن ماجة .

[ عن أبي أسيد مالك بن ربيعة ].

أبو أسيد الساعدي صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (إن أبر البر صلة المرء أهل ود أبيه بعد أن يولي)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو النضر حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن أبر البر صلة المرء أهل ود أبيه بعد أن يولي) ].

أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أن أبر البر صلة المرء أهل ود أبيه بعد أن يولي) يعني: بعدما يموت، وهذا شاهد للحديث الذي قبله؛ لأن فيه إكرام صديق الوالدين، وأن ذلك من أبر البر.

تراجم رجال إسناد حديث (إن أبر البر صلة المرء أهل ود أبيه بعد أن يولي)

قوله: [ حدثنا أحمد بن منيع ].

أحمد بن منيع ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا أبو النضر ].

هو هاشم بن القاسم ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن الليث بن سعد ].

هو الليث بن سعد المصري ثقة فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ].

وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن دينار ].

عبد الله بن دينار ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عمر ].

ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره.

شرح الأحاديث الواردة في بر الوالدين من الرضاعة


استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2890 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2842 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2731 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2702 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2693 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2686 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2654 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2649 استماع