شرح سنن أبي داود [564]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (أن رسول الله غير اسم عاصية وقال: أنت جميلة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في تغيير الاسم القبيح.

حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا: حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية وقال: أنت جميلة) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب في تغيير الاسم القبيح ] يعني: أنه يغير الاسم إذا كان قبيحاً إلى حسن، وأورد أبو داود في الباب عدة أحاديث أولها حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي غير اسم عاصية وقال: أنت جميلة) يعني سماها جميلة بدل عاصية ؛ وذلك أن عاصية يشعر بالعصيان والمعصية، وهذا شيء غير حسن، ولم يقل: مطيعة؛ لأنه قد يكون فيه تزكية، ولكن قال: جميلة .

تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله غير اسم عاصية وقال: أنت جميلة)

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ ومسدد عن يحيى ].

مسدد مر ذكره.

و يحيى هو ابن سعيد القطان البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ].

وقد مر ذكر الثلاثة.

شرح حديث (... لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عيسى بن حماد أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء : (أن زينب بنت أبي سلمة رضي الله عنهما سألته: ما سميت ابنتك؟ قال: سميتها برة، فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن هذا الاسم، سميت برة ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم، فقالوا: ما نسميها؟ قال: سموها زينب) ].

أورد أبو داود حديث زينب بنت أبي سلمة رضي الله تعالى عنها أنها سألت محمد بن عمرو بن عطاء عن اسم بنته فقال: اسمها برة، فقالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وأنها هي نفسها سميت برة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزكوا أنفسكم)؛ لأن كلمة برة من البر فقالوا: (ما نسميها؟ قال: زينب) فسميت زينب .

وهذا من أجل التزكية وذاك من أجل قبح المعنى، وهذا الاسم ليس قبيحاً، ولكن فيه تزكية، فقبحه ليس من ناحية الشين، وإنما من جهة المبالغة.

تراجم رجال إسناد حديث (... لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم...)

قوله: [ حدثنا عيسى بن حماد ].

عيسى بن حماد هو زغبة وهو ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ أخبرنا الليث ].

الليث بن سعد المصري وهو ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يزيد بن أبي حبيب ].

يزيد بن أبي حبيب المصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن إسحاق ].

محمد بن إسحاق المدني صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن محمد بن عمرو بن عطاء ].

محمد بن عمرو بن عطاء ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن زينب بنت أبي سلمة ].

زينب بنت أبي سلمة رضي الله عنها ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (... قال: أنا أصرم، قال: بل أنت زُرعة) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا بشر -يعني: ابن المفضل - قال: حدثني بشير بن ميمون عن عمه أسامة بن أخدري رضي الله عنه: (أن رجلاً يقال له: أصرم كان في النفر الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اسمك؟ قال: أنا أصرم، قال: بل أنت زرعة ) ].

أورد أبو داود حديث أسامة بن أخدري رضي الله عنه، أنه كان في النفر الذين جاءوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل سأله النبي عن اسمه فقال بأن اسمه أصرم، فقال: بل أنت زرعة؛ وذلك أن أصرم من القطع، والصرم هو القطع، فأبدله باسمه اسماً جميلاً فيه خضرة وجمال وزرع في مقابل ذلك الاسم الذي فيه القطع والبتر.

قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا بشر -يعني: ابن المفضل - ].

بشر بن المفضل ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني بشير بن ميمون ].

بشير بن ميمون صدوق أخرج له أبو داود .

[ عن عمه أسامة بن أخدري ].

أسامة بن أخدري رضي الله عنه صحابي أخرج له أبو داود .

والإسناد رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .

شرح حديث ( ... قال: فأنت أبو شريح)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الربيع بن نافع عن يزيد -يعني: ابن المقدام بن شريح - عن أبيه عن جده عن أبيه هانئ رضي الله عنه: (أنه لما وفد إلى رسول صلى الله عليه وآله وسلم مع قومه سمعهم يكنونه بـأبي الحكم ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فلم تكنى أبا الحكم ؟ فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أحسن هذا، فما لك من الولد؟ قال: لي شريح ومسلم وعبد الله ، قال: فمن أكبرهم، قلت: شريح ، قال: فأنت أبو شريح).

قال: أبو داود : شريح هذا هو الذي كسر السلسلة، وهو ممن دخل تستر.

قال أبو داود : وبلغني أن شريحاً كسر باب تستر؛ وذلك أنه دخل من سرب ].

أورد أبو داود حديث هانئ بن يزيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يكنى أبا الحكم فسأله عن ذلك فبين السبب في ذلك، وأن قومه كانوا إذا اختلفوا رجعوا إليه فحكم بينهم فرضوا بحكمه، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أحسن هذا، ولكن الله تعالى هو الحكم وإليه الحكم) ثم سأله عن أولاده، فقال: شريح ومسلم وعبد الله قال: (من أكبرهم؟ قال: شريح قال: أنت أبو شريح).

فدل هذا على أن الكنية التي فيها محذور فإنها أيضاً تغير كالاسم؛ لأن اسمه هانئ بن يزيد وهانئ اسم باق ما حصل فيه شيء، وإنما الذي حصل في الكنية كونه أبا الحكم ، فكناه النبي صلى الله عليه وسلم بأكبر أولاده.

ودل الحديث على أن التكنية تكون بالكبير؛ لأن الإنسان أول ما يولد له يكنى بذلك المولود الذي ولد له، وقد تحصل التكنية بالصغير، وقد تحصل بدون مولود، مثل قصة: (يا أبا عمير ما فعل النغير)، فهذا طفل صغير كانوا يكنونه أبا عمير ، وكذلك أيضاً أبو بكر رضي الله عنه ليس له ولد اسمه بكر وعمر ليس له ولد اسمه حفص، وخالد بن الوليد ليس له ولد اسمه سليمان، وكلهم يكنون بهذه الكنى، فإن التكنية تكون بالمولود الكبير، وقد تكون بغيره فتكون مشهورة، مثلما اشتهر هانئ بن يزيد بأنه أبو الحكم لسبب من الأسباب وليس باسم ولد له، فإن الكنية قد تكون بغير ولد.

وفي هذا دليل على أن التكنية تكون بالاسم الكبير وإن كني الشخص من أول الأمر وهو صغير وغلبت عليه تلك الكنية فلا بأس بها ما لم يكن فيها محذور.

تراجم رجال إسناد حديث (... قال: فأنت أبو شريح )

قوله: [ حدثنا الربيع بن نافع ].

الربيع بن نافع ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ عن يزيد -يعني: ابن المقدام بن شريح - ].

يزيد بن المقدام بن شريح صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبيه ].

ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن جده شريح ].

جده شريح بن هانئ ثقة مخضرم أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبيه هانئ ].

هانئ بن يزيد صحابي أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وهذا من التسلسل في الأسماء المتناسلة؛ لأنها في أربعة أشخاص، فهذا يروي عن أبيه، وهذا عن أبيه، وهذا عن أبيه، وهذا عن أبيه .. كلهم متناسلون إلا الراوي الأول وهو الربيع بن نافع والباقون كلهم متناسلون.

[ قال أبو داود : شريح هذا هو الذي كسر السلسلة وهو ممن دخل تستر ].

كسر السلسلة في تستر حيث دخل من سرب؛ فكسر السلسلة، وفتح الباب من الداخل.

شرح حديث (... قال: أنت سهل، قال: لا السهل يوطأ ويمتهن...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: ما اسمك؟ قال: حزن ، قال: أنت سهل، قال: لا السهل يوطأ ويمتهن، قال: سعيد فظننت أنه سيصيبنا بعده حزونة) ].

أورد أبو داود حديث حزن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم جد سعيد بن المسيب أنه جاء إلى النبي فقال: (ما اسمك؟ فقال: حزن، قال: أنت سهل)، يعني: ضده؛ لأن الحزن ضده السهل، فالحزن فيه شدة وهو في مقابل السهل، والحزن هو الوعر، فقال: (السهل يوطأ ويمتهن) فقال سعيد : (فظننت أنه سيصيبنا بعده حزونة) يعني شدة : نتيجة للبقاء والمحافظة على الاسم، وكما يقولون: الاسم يدل على المسمى، وهذا ليس بغالب.

وبعض الناس يعبرون يقولون: لكل من اسمه نصيب، وهذا أيضاً ليس بغالب، بل يكون الاسم من أحسن الأسماء، ولكن صاحبه من أقبح وأسوأ الناس.

تراجم رجال إسناد حديث (... قال: أنت سهل، قال لا السهل يوطأ ويمتهن ...)

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ].

أحمد بن صالح المصري ثقة أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.

واسم صالح ليس فيه تزكية، فهو اسم نبي الله، لكنه لا يخلو، لكن الشيء الذي سمي به أنبياء لا يقال بأنه يغير، ولا أدري هل في الصحابة من اسمه صالح أو لا .

[ حدثنا عبد الرزاق ].

عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن معمر ].

معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الزهري ].

الزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد بن المسيب ].

سعيد بن المسيب ثقة فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

المسيب وهو صحابي أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن أبيه حزن ].

وهو صحابي أخرج له البخاري وأبو داود .

حكم تغيير الأسماء

أما عن حكم تغيير الأسماء التي فيها تزكية أو الأسماء القبيحة فكما هو معلوم أن بعض الأسماء مثلما جاء في حزن فقد بقي على ذلك الاسم وما تغير، والرسول صلى الله عليه وسلم أرشده إلى ذلك؛ لكن بعض الأسماء التي فيها قبح مثل عاص أو عاصية فهو مما تنفر منه الطباع، وعلى كل إن لم يكن واجباً فهو متأكد، خصوصاً مثل هذا الذي يدل على لفظ السوء .

أسماء غيرها النبي صلى الله عليه وسلم

[ قال أبو داود : وغير النبي صلى الله عليه وآله وسلم اسم العاص وعزيز وعتلة وشيطان والحكم وغراب وحباب وشهاب فسماه هشاماً، وسمى حرباً سلماً، وسمى المضطجع المنبعث، وأرضاً تسمى عفرة سماها خضرة، وشعب الضلالة سماه شعب الهدى، وبنو الزنية سماهم بني الرشدة، وسمى بني مغوية بني رشدة.

قال أبو داود : تركت أسانيدها للاختصار ].

أورد أبو داود جملة أسماء حصل فيها تغيير، وترك أسانيدها للاختصار فلم يذكرها، وإنما اكتفى بذكر هذه الأسماء وقال: إنها غيرت.

قوله: [ غير النبي صلى الله عليه وسلم اسم العاص ].

هذا مثل عاصية.

[ وعزيز ].

ولا أعرف الأحاديث التي وردت ولا ذكرها صاحب عون المعبود ولا أشار إليها بشيء، وعزيز كما هو معلوم جاء إطلاقه في القرآن: قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ [يوسف:51] وهو من الأسماء التي تطلق على الله وتطلق على غيره مثل (الرحيم)، بخلاف الرحمن والصمد والله والخالق والبارئ وغيرها من الأسماء التي لا تطلق إلا على الله سبحانه وتعالى، ولا أدري عن الأحاديث التي وردت في ذلك ما مدى صحتها وضعفها. هذا شيء لا نعلمه ولم أقف عليه.

[ وعتلة ].

العتلة: هي الحديدة الثقيلة التي تحفر بها الأرض، وتهدم بها الجدران التي يراد هدمها، ومعناه أنها فيها شدة.

[ وشيطان ].

وشيطان هذا من أقبح ما يسمى به.

[ والحكم ].

جاء في حديث أبي الحكم ، ولا أدري هل المقصود به اسم غيَّره من الحكم إلى اسم آخر أو كونه ورد في الذي مر.

لكن يوجد من الصحابة من كان اسمه الحكم، مثل: الحكم بن حزن والحكم بن سفيان ، قال في التقريب: الحكم بن حزن الكلفي صحابي قليل الحديث أخرج له أبو داود ، والحكم بن سفيان ، وقيل: سفيان بن الحكم ، وقيل: ابن أبي الحكم قيل: له صحبة، لكن في حديثه اضطراب، والحكم بن عمرو الغفاري ، ويقال: الحكم بن الأقرع صحابي نزل البصرة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

ولا أدري هل المقصود به تغيير اسم، أو المقصود به تغيير ما جاء في الكنية التي هي أبو الحكم، وأنها ترجع إلى السبب كما مر فقط، ولكنه قال في الحديث: (إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، ثم قال: ما اسم أولادك؟ ثم قال له: أنت أبو شريح).

فعلى كلٍ الشيء الذي وجد وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم أو حصل فيه تغيير لا إشكال فيه، وبالنسبة للكنية فإنها تغيَّر كما غير ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما بالنسبة للاسم فكونه جاء أن بعض الصحابة تسمى به، فيدل على أن ذلك سائغ مثلما جاء في إقرار اسم عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث وهو صحابي، وهو الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتزويجه وقد جاء مع الفضل يطلبان العمل في الزكاة من أجل أن يتزوجا، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)، وأمر المسئول عن الخمس أن يزوجهما، وخطب لهما وقال لفلان زوج فلاناً وقال لفلاناً زوج فلاناً، وأمر المسئول عن الخمس أن يدفع المهر لكل منهما.

ولهذا جاء في كتاب مراتب الإجماع لـابن حزم قال: أجمعوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله حاشا عبد المطلب؛ لأنه حصل الإقرار في حق عبد المطلب بن ربيعة ولا يقال: إنه من أجل أن جده اسمه عبد المطلب ؛ لأن الذي تقدم لا يحصل فيه تغيير، بل التغيير يكون في الموجودين والذين يمكن تغيير أسمائهم، أما من تقدم ومن كان في نسبه اسم غير سليم فإنه يبقى على ما هو عليه إذا كان من أسماء الجاهلية، ولهذا قال الرسول: (أنا ابن عبد المطلب )، لكن الشاهد لتجويز التسمي باسم عبد المطلب كون النبي صلى الله عليه وسلم أقر اسم عبد المطلب بن ربيعة ولم يغيره.

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في القول المفيد عن حديث أبي الحكم: إن الأسماء التي يسمى بها الله ويسمى بها غيره إذا روعي فيها الصفة مثل الحكم لأنه يحتكم إليه، والعزيز لعزته؛ يجب تغييره.

ويمكن أن يكون الأمر مثلما جاء في المحاورة التي جرت بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: إنه كان يتحاكم إلي وكنت كذا وكذا فغير، وهذا له وجه.

[ وغراب ].

غراب؛ لأن معناه البعد، وقيل: لأنه أخبث الطيور.

ولكن لا ندري عن ثبوت هذه الأحاديث، فهذه أسماء قيل إنها غيرت، فهل هو صحيح أو غير صحيح؟ الله تعالى أعلم.

[ وحباب ].

وحباب يقال بأنه اسم الشيطان، ويقع على الحية أو نوع منها، أي: أن مسماه قبيح؛ لأنه يطلق على الشيطان ويطلق على نوع من الحيات.

[ وشهاب فسماه هشاماً ].

لأن الشهاب من النار.

أما لقب شهاب الدين، فمثل هذه الألقاب اشتهر بها بعض الناس مثل الحافظ ابن حجر فإنه يلقب شهاب الدين ، والعيني يلقب بدر الدين، فكان بعض المتعصبين من الحنفية وهو من أشد الناس حقداً على أهل السنة وهو الكوثري؛ كان يقول: وفرق ما بين الشهاب والبدر.

يريد أن يرفع من شأن العيني ويحط من شأن ابن حجر .

ولا شك أن تركها هو الذي ينبغي.

[ وسمى حرباً سلماً ].

السلم ضد الحرب.

[ وسمى المضطجع المنبعث ].

لأن الانبعاث ضد الاضطجاع.

[ وأرضاً تسمى عفرة سماها خضرة، وشعب الضلالة سماه شعب الهدى، وبنو الزنية سماهم بنو الرشدة].

وكل هذه أسماء قبيحة.

[ وبنو مغوية سماهم بنو رشدة قال أبو داود : تركت أسانيدها للاختصار ].

ترك أسانيدها للاختصار، لكن هل هي صحيحة أو غير صحيحة؟ لا ندري.

شرح حديث (... الأجدع شيطان) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا أبو عقيل حدثنا مجالد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق قال: لقيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: من أنت؟ قلت: مسروق بن الأجدع ، فقال عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (الأجدع شيطان) ].

أورد أبو داود حديث عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأجدع شيطان)، وقاله لما سمع مسروقاً يقول بأن اسمه: مسروق بن الأجدع.

والحديث ضعفه الألباني ؛ لأن في بعض رجاله ضعفاً.

قوله [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا هاشم بن القاسم ].

هاشم بن القاسم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في تغيير الاسم القبيح.

حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا: حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية وقال: أنت جميلة) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب في تغيير الاسم القبيح ] يعني: أنه يغير الاسم إذا كان قبيحاً إلى حسن، وأورد أبو داود في الباب عدة أحاديث أولها حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي غير اسم عاصية وقال: أنت جميلة) يعني سماها جميلة بدل عاصية ؛ وذلك أن عاصية يشعر بالعصيان والمعصية، وهذا شيء غير حسن، ولم يقل: مطيعة؛ لأنه قد يكون فيه تزكية، ولكن قال: جميلة .