شرح سنن أبي داود [562]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (الراحمون يرحمهم الرحمن ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرحمة.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومسدد المعنى قالا: حدثنا سفيان عن عمرو عن أبي قابوس مولى لـعبد الله بن عمرو عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء) لم يقل مسدد : مولى عبد الله بن عمرو ، وقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم].

أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب في الرحمة، والمقصود بذلك أن يرحم الإنسان الخلق ويرحم الناس ويرحم الدواب والبهائم، أي: ما ينتفع به ولا يؤذي، أما ما يؤذي ولا يستحق الرحمة بل بإيذائه يستحق أن يتخلص منه مثل الحيات والعقارب وما إلى ذلك، فهذا يعمل على التخلص منه، وعلى إتلافه وقتله حتى يسلم الناس من شره، ولكن ذلك فيمن يستحق الرحمة، فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الراحمون يرحمهم الرحمن) وهذا لأن الجزاء من جنس العمل، فكما أنهم يَرحمون يُرحمون، فحينما حصلت منهم رحمة للخلق الذين يستحقون الرحمة فجزاؤهم أن يرحمهم الله تعالى.

وقوله: (من في السماء) أي: الله، والمقصود بالسماء: العلو، والله تعالى في العلو فوق العرش، وهذا هو معنى السماء التي يقال: إن الله تعالى فيها، أي: في العلو، وكل ما علا فهو سماء، والله تعالى عالٍ على خلقه فوق عرشه، لا أنه في داخل المخلوقات، فإن المخلوقات لا تحويه سبحانه وتعالى، بل هو أعظم وأجل.

والله عز وجل لما خلق الخلق كان هو وحده وليس معه غيره، ثم خلق الخلق، وهو عز وجل مغاير لخلقه ليس حالاً فيهم وليسوا حالين فيه، وإنما هم مباينون له، والله عز وجل فوق العرش وهو في السماء، أي: في العلو، وهذا هو المقصود بقوله: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك:16].

ولا يتصور أو يفهم أن المقصود بذلك السماء التي بناها الله عز وجل وخلقها وأوجدها، فالله تعالى فوقها وفوق كل شيء، وهو عالٍ على خلقه وفوق خلقه، لا يحل في المخلوقات والمخلوقات لا تحل فيه سبحانه وتعالى، هذا هو معنى السماء هنا.

ومن العلماء من قال: إن المقصود بالسماء: السماء المبنية، ولكن (في) بمعنى (على)، ويكون معنى (في السماء) أي: فوقها، ويكون نظير قول الله عز وجل: (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [طه:71] أي: على جذوع النخل؛ لأنه لن يصلبهم في وسط الجذوع بأن يحفر لهم ويدخلهم فيها، وإنما يصلبهم على الجذوع، فـ(في) بمعنى (على)، فإذا أريد بالسماء السماء المبنية فالله تعالى عليها، أي: فوقها وفوق كل شيء، وإن أريد بالسماء العلو فهو على بابه، والله تعالى في السماء فوق العرش بائن من خلقه، والخلق بائنون منه، ليس حالاً فيهم، وليسوا حالين فيه سبحانه وتعالى.

تراجم رجال إسناد حديث (الراحمون يرحمهم الرحمن ...)

قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ].

أبو بكر بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.

[ ومسدد قالا: حدثنا سفيان ].

مسدد مر ذكره، وسفيان هو ابن عيينة المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمرو ].

هو عمرو بن دينار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي قابوس مولى لـعبد الله بن عمرو ].

أبو قابوس مولى عبد الله بن عمرو مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي .

وأبو قابوس هذا مقبول، ولكن له متابع، وللحديث شواهد من غير رواية عبد الله بن عمرو ، فالحديث صحيح بشواهده وللمتابع الذي تابع أبا قابوس .

[ عن عبد الله بن عمرو ].

عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وهم: عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

عناية المحدثين ودقتهم في ضبط الرواية

قوله: [ لم يقل مسدد : مولى عبد الله بن عمرو ].

يعني: أن الذي قال: مولى عبد الله بن عمرو هو أبو بكر بن أبي شيبة، فهو الذي انفرد بقوله: مولى عبد الله بن عمرو ، وأما مسدد فقال: أبو قابوس ، فقط ولم يزد عليها.

ثم أيضاً هناك فرق آخر بين مسدد وبين أبي بكر، وهو أن مسدداً في روايته عندما أوصل الحديث إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما اللفظ الذي ساقه المصنف فهو على رواية أبي بكر بن أبي شيبة، حيث قال فيه: يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل مثل هذه العبارة يأتي بها الراوي إذا لم يتحقق الصيغة التي قالها الصحابي، هل قال: سمعت، أو قال: قال رسول الله، أو قال: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فإذا شك فإنه يعبر بهذه العبارة ويقول: يبلغ به النبي، ومعنى ذلك: أنه مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فـأبو بكر بن أبي شيبة جاء من طريقه أن أحد الرواة لم يجزم بالصيغة التي قالها بل أتى بقوله: يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، وأما مسدد فإنه أتى بصيغة واضحة، وهي أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا يدلنا على دقة المحدثين وعنايتهم بالألفاظ والصيغ، ومن ذلك أنهم يميزون بين من يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين من يقول: يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم. أو يقال عنه: يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، بل أدق من هذا وأكثر احتياطاً أنهم يفرقون بين: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين: قال النبي صلى الله عليه وسلم، فيقولون: فلان قال: قال النبي، وفلان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من كمال العناية، وإلا فإنه من ناحية إطلاق النبي والرسول المعنى واحد، فقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم، أو قال الرسول صلى الله عليه وسلم كل ذلك واحد، ولا فرق من حيث الإطلاق، ولكن هذا للدقة، فإنهم أحياناً يميزون ويقولون: قال فلان: قال النبي صلى الله عليه وسلم، وقال فلان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث مسلسل بالأولية، حيث إن كل واحد من رواته كان يقول: حدثني فلان وهو أول ما حدثني، حدثني فلان وهو أول حديث سمعته منه.

شرح حديث (لا تنزع الرحمة إلا من شقي)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا ح وحدثنا ابن كثير قال: أخبرنا شعبة قال: كتب إليَّ منصور، قال ابن كثير في حديثه: وقرأته عليه، وقلت: أقول: حدثني منصور ؟ فقال: إذا قرأته علي فقد حدثتك به، ثم اتفقا عن أبي عثمان مولى المغيرة بن شعبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت أبا القاسم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم صاحب هذه الحجرة يقول (لا تنزع الرحمة إلا من شقي) ].

أورد أبو داود حديث أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تنزع الرحمة إلا من شقي) والمقصود بالشقي: الكافر أو من يكون عاصياً، وهذه الشقاوة شقاوة جزئية أو شقاوة نسبية.

وهذا يدل على عظم شأن الرحمة والحث عليها والتحذير من عدم الاتصاف بها، وأن من نزعت منه الرحمة يوصف بهذا الوصف الذي جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث (لا تنزع الرحمة إلا من شقي)

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ].

هو حفص بن عمر النمري، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.

[ قال: حدثنا ح وحدثنا ابن كثير قال: أخبرنا شعبة ].

أتى بالتحويل قبل أن يذكر من في الطبقة الثانية، وذلك للفرق بين حدثنا وأخبرنا؛ لأن الأول عبر بحدثنا، والثاني عبر بأخبرنا، ومن أجل ذلك جاء بالتحويل، أي: من أجل الصيغة فقط، وإلا فإن الاثنين شيخا أبي داود ، ولكنه أتى بالتحويل من أجل أن الأول عبر بحدثنا، والثاني عبر بأخبرنا، والتفريق بين التعبير بحدثنا والتعبير بأخبرنا يدل على عناية المحدثين ومحافظتهم على الألفاظ والصيغ؛ لأن أبا داود رحمه الله أتى بالتحويل من أجل أن يقول: إن هذا قال: حدثنا، وهذا قال: أخبرنا، مع أن حدثنا وأخبرنا أحياناً يكون معناهما واحداً، وفي نفس الإسناد هذا ما يدل عليه، وذلك في الكلام الذي سيأتي بين شعبة ومنصور؛ لأنه قرأه على منصور ثم قال: أحدث عنك؟ قال: ما قرأته عليَّ إلا وأنا أريد أن تحدث به عني، ومعنى ذلك أن حدثنا تستعمل بمعنى أخبرنا؛ لأن المشهور أن ما قرئ على الشيخ يقال فيه: أخبرنا، والمشهور أن ما سمع من لفظ الشيخ يقال فيه: حدثنا، فيعبر بالمقروء على الشيخ بأخبرنا، ويعبر بالمسموع من الشيخ بحدثنا، لكن قد تستعمل حدثنا مكان أخبرنا وأخبرنا مكان حدثنا، كما هنا؛ فإن حدثنا استعملت مكان أخبرنا، كما في المحاورة التي جرت بين شعبة وبين شيخه منصور بن المعتمر .

[ حدثنا ابن كثير ].

هو محمد بن كثير العبدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا شعبة ].

هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال: كتب إلي منصور ].

هو منصور بن المعتمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال ابن كثير في حديثه: وقرأته عليه ].

يعني: قرأ عليه الحديث.

[ وقلت: أقول: حدثني منصور؟ فقال: إذا قرأته علي فقد حدثتك به ].

يعني: أنه أقره أن يقول: حدثني، مع أن القراءة على الشيخ تسمى عرضاً، والتعبير عنها يكون بأخبرنا، ومع ذلك أجابه بأن يقول: حدثنا فيما قرأ عليه، وكما سبق أن حدثنا تأتي مكان أخبرنا، وأخبرنا مكان حدثنا، والغالب هو عدم التفريق بينهما.

[ ثم اتفقا عن أبي عثمان مولى المغيرة بن شعبة ].

أبو عثمان مولى المغيرة بن شعبة هو سعيد التبان وهو مقبول، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي والنسائي.

[ عن أبي هريرة ].

هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه وقد مر ذكره.

وقوله: [ قال أبو هريرة : سمعت أبا القاسم الصادق المصدوق صاحب هذه الحجرة ].

يعني: أنه كان يحدث وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكره بكنيته ووصفه بأنه صادق مصدوق عليه الصلاة والسلام، وذكر أنه صاحب هذه الحجرة، وهذا لتأكيد الخبر وكونه يجمع إلى وصف الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى كنيته الإشارة إلى حجرته، وأبو القاسم كنيته صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر : إن وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بالكنية حسن، وبوصف الرسالة أحسن، فكون الإنسان يقول: رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن من أن يقول: أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، وإن كان هذا حسن؛ لأن ذكره بكنيته حسن، ولكن ذكره بوصف الرسالة أحسن.

شرح حديث (من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن السرح قالا: حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن ابن عامر عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يرويه قال ابن السرح: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا) ].

أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبرينا فليس منا)، وهذا يدل على حصول الرحمة للصغار وعلى التوقير للكبار، ومعرفة حقهم، وإنزالهم منازلهم، وهذا فيه تحذير وترهيب من مثل هذا العمل الذي وصف بأن فاعله (ليس منا)، وهذا يدل على خطورة ذلك وعلى أنه فعل شنيع وشديد الخطورة.

تراجم رجال إسناد حديث (من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا)

قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن السرح ].

هو أحمد بن عمرو بن السرح وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.

[ حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح ].

ابن أبي نجيح هو عبد الله بن يسار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عامر ].

ابن عامر قيل: اسمه عبد الرحمن وقيل: عبيد الله، وهو مقبول، أخرج له أبو داود.

[ عن عبد الله بن عمرو ] وقد مر ذكره.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرحمة.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومسدد المعنى قالا: حدثنا سفيان عن عمرو عن أبي قابوس مولى لـعبد الله بن عمرو عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء) لم يقل مسدد : مولى عبد الله بن عمرو ، وقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم].

أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب في الرحمة، والمقصود بذلك أن يرحم الإنسان الخلق ويرحم الناس ويرحم الدواب والبهائم، أي: ما ينتفع به ولا يؤذي، أما ما يؤذي ولا يستحق الرحمة بل بإيذائه يستحق أن يتخلص منه مثل الحيات والعقارب وما إلى ذلك، فهذا يعمل على التخلص منه، وعلى إتلافه وقتله حتى يسلم الناس من شره، ولكن ذلك فيمن يستحق الرحمة، فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الراحمون يرحمهم الرحمن) وهذا لأن الجزاء من جنس العمل، فكما أنهم يَرحمون يُرحمون، فحينما حصلت منهم رحمة للخلق الذين يستحقون الرحمة فجزاؤهم أن يرحمهم الله تعالى.

وقوله: (من في السماء) أي: الله، والمقصود بالسماء: العلو، والله تعالى في العلو فوق العرش، وهذا هو معنى السماء التي يقال: إن الله تعالى فيها، أي: في العلو، وكل ما علا فهو سماء، والله تعالى عالٍ على خلقه فوق عرشه، لا أنه في داخل المخلوقات، فإن المخلوقات لا تحويه سبحانه وتعالى، بل هو أعظم وأجل.

والله عز وجل لما خلق الخلق كان هو وحده وليس معه غيره، ثم خلق الخلق، وهو عز وجل مغاير لخلقه ليس حالاً فيهم وليسوا حالين فيه، وإنما هم مباينون له، والله عز وجل فوق العرش وهو في السماء، أي: في العلو، وهذا هو المقصود بقوله: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك:16].

ولا يتصور أو يفهم أن المقصود بذلك السماء التي بناها الله عز وجل وخلقها وأوجدها، فالله تعالى فوقها وفوق كل شيء، وهو عالٍ على خلقه وفوق خلقه، لا يحل في المخلوقات والمخلوقات لا تحل فيه سبحانه وتعالى، هذا هو معنى السماء هنا.

ومن العلماء من قال: إن المقصود بالسماء: السماء المبنية، ولكن (في) بمعنى (على)، ويكون معنى (في السماء) أي: فوقها، ويكون نظير قول الله عز وجل: (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [طه:71] أي: على جذوع النخل؛ لأنه لن يصلبهم في وسط الجذوع بأن يحفر لهم ويدخلهم فيها، وإنما يصلبهم على الجذوع، فـ(في) بمعنى (على)، فإذا أريد بالسماء السماء المبنية فالله تعالى عليها، أي: فوقها وفوق كل شيء، وإن أريد بالسماء العلو فهو على بابه، والله تعالى في السماء فوق العرش بائن من خلقه، والخلق بائنون منه، ليس حالاً فيهم، وليسوا حالين فيه سبحانه وتعالى.

قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ].

أبو بكر بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.

[ ومسدد قالا: حدثنا سفيان ].

مسدد مر ذكره، وسفيان هو ابن عيينة المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمرو ].

هو عمرو بن دينار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي قابوس مولى لـعبد الله بن عمرو ].

أبو قابوس مولى عبد الله بن عمرو مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي .

وأبو قابوس هذا مقبول، ولكن له متابع، وللحديث شواهد من غير رواية عبد الله بن عمرو ، فالحديث صحيح بشواهده وللمتابع الذي تابع أبا قابوس .

[ عن عبد الله بن عمرو ].

عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وهم: عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.