خطب ومحاضرات
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب المساجد - حديث 277-278
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أيها الإخوة! في هذه الليلة عندنا حديثان بقيا من أبواب المساجد، ثم مراجعة عامة سريعة للباب كاملاً ... رضي الله عنه يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ( عرضت علي أجور أمتي، حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد ) قال المصنف: رواه أبو داود والترمذي واستغربه، وصححه ابن خزيمة.
تخريج الحديث
قال الترمذي عقب روايته: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقد ذاكرت فيه محمد بن إسماعيل -يعني البخاري - فاستغربه أيضًا، وقال: لا نعرفه إلا من حديث المطلب بن عبد الله بن حنطب . هذا هو الراوي عن أنس، المطلب بن عبد الله بن حنطب .
قال -يعني البخاري -: ولا نعرف للمطلب بن عبد الله سماعاً عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا قوله: حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم.
إذاً: المطلب بن عبد الله بن حنطب روايته عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب مرسلة، فإنه لم يسمع من أحد منهم إلا رواية واحدة، وهي قوله: حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الترمذي: وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن -وعبد الله بن عبد الرحمن هذا هو الإمام الدارمي فيما أعلم- يقول: لا نعرف للمطلب رواية عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إذاً: الدارمي وافق البخاري على ما ذكر، قال الدارمي : وأنكر علي بن المديني أن يكون المطلب سمع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى الكلام الذي أورده الترمذي عقب الحديث.
وقد أعلّ جماعة من العلماء هذا الحديث بثلاث علل:
الأولى: قالوا: إن في الحديث رجلاً اسمه عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، وعبد المجيد هذا مختلف فيه، والواقع أنه من خلال مراجعة أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه يبدو أن الأكثرين من العلماء على توثيقه، خاصة في روايته عن ابن جريج، وقد روى هذا الحديث عن ابن جريج، فحكم جماعة بأنه ثقة خاصة في حديثه عن ابن جريج، وإن كان قد رُمي بالإرجاء، وهذه بدعة كما هو معروف، لكن الصحيح قبول روايته إذا لم يكن أمرًا متعلقًا ببدعته، إذاً: العلة الأولى هي عبد المجيد ضعفه بعضهم والأكثرون على توثيقه، فهذه العلة مندفعة.
العلة الثانية هي ابن جريج، وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي، وهو ثقة أيضًا لكنه مدلس، كما ذكر ذلك الإمام أحمد وابن حبان ويحيى بن معين، بل قال الدارقطني رحمه الله: تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح. إذاً: ابن جريج مدلس وتدليسه قبيح أيضًا؛ فإنه لا يدلس الحديث إلا إذا كان سمعه من المجروحين من الرواة الضعفاء، أما إذا سمع من ثقة فإنه يقول: حدثني فلان، لكن إذا سمع من مجروح فإنه قد يطوي اسمه ويرويه بالعنعنة أو نحو ذلك، فهذه عله قوية في الحديث. وقد رواه ابن جريج بالعنعنة.
العلة الثالثة: الانقطاع بين المطلب بن عبد الله بن حنطب وبين أنس بن مالك رضي الله عنه فإنه كما سبق لم يروه عنه.
الموضع الأول: ابن جريج ؛ لأن تدليسه احتمال الانقطاع كبير فيه كما ذكرت، والثاني المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أنس رضي الله عنه.
شواهد الحديث
هذا الحديث -كما ذكر المصنف- رواه أبو داود في كتاب الصلاة، (باب في كنس المسجد)، وزاد على اللفظ الذي ذكره المصنف: ( وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبًا أعظم من آية من كتاب الله عز وجل أو سورة حفظها رجل ثم نسيها ) فهذا بقية الحديث، ورواه أيضًا الترمذي كما أشار المصنف، وذلك في كتاب فضائل القرآن، وهو في آخر جامعه، وقال الترمذي -كما أشار المصنف، في هذا الموضع- عقب رواية الحديث: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقد سبق معنا مرارًا أن قول الترمذي عن حديث ما: إنه غريب يعني أنه ضعيف، إذا ما أضاف إلى الغرابة وصفًا آخر كالحسن -مثلاً- أو الصحة، فإذا قال: حديث غريب وسكت فهو عنده ضعيف، وهكذا اصطلاح كثير من المتقدمين كـأبي نعيم في الحلية وغيره .
قال الترمذي عقب روايته: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقد ذاكرت فيه محمد بن إسماعيل -يعني البخاري - فاستغربه أيضًا، وقال: لا نعرفه إلا من حديث المطلب بن عبد الله بن حنطب . هذا هو الراوي عن أنس، المطلب بن عبد الله بن حنطب .
قال -يعني البخاري -: ولا نعرف للمطلب بن عبد الله سماعاً عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا قوله: حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم.
إذاً: المطلب بن عبد الله بن حنطب روايته عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب مرسلة، فإنه لم يسمع من أحد منهم إلا رواية واحدة، وهي قوله: حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الترمذي: وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن -وعبد الله بن عبد الرحمن هذا هو الإمام الدارمي فيما أعلم- يقول: لا نعرف للمطلب رواية عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إذاً: الدارمي وافق البخاري على ما ذكر، قال الدارمي : وأنكر علي بن المديني أن يكون المطلب سمع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى الكلام الذي أورده الترمذي عقب الحديث.
وقد أعلّ جماعة من العلماء هذا الحديث بثلاث علل:
الأولى: قالوا: إن في الحديث رجلاً اسمه عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، وعبد المجيد هذا مختلف فيه، والواقع أنه من خلال مراجعة أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه يبدو أن الأكثرين من العلماء على توثيقه، خاصة في روايته عن ابن جريج، وقد روى هذا الحديث عن ابن جريج، فحكم جماعة بأنه ثقة خاصة في حديثه عن ابن جريج، وإن كان قد رُمي بالإرجاء، وهذه بدعة كما هو معروف، لكن الصحيح قبول روايته إذا لم يكن أمرًا متعلقًا ببدعته، إذاً: العلة الأولى هي عبد المجيد ضعفه بعضهم والأكثرون على توثيقه، فهذه العلة مندفعة.
العلة الثانية هي ابن جريج، وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي، وهو ثقة أيضًا لكنه مدلس، كما ذكر ذلك الإمام أحمد وابن حبان ويحيى بن معين، بل قال الدارقطني رحمه الله: تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح. إذاً: ابن جريج مدلس وتدليسه قبيح أيضًا؛ فإنه لا يدلس الحديث إلا إذا كان سمعه من المجروحين من الرواة الضعفاء، أما إذا سمع من ثقة فإنه يقول: حدثني فلان، لكن إذا سمع من مجروح فإنه قد يطوي اسمه ويرويه بالعنعنة أو نحو ذلك، فهذه عله قوية في الحديث. وقد رواه ابن جريج بالعنعنة.
العلة الثالثة: الانقطاع بين المطلب بن عبد الله بن حنطب وبين أنس بن مالك رضي الله عنه فإنه كما سبق لم يروه عنه.
الموضع الأول: ابن جريج ؛ لأن تدليسه احتمال الانقطاع كبير فيه كما ذكرت، والثاني المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أنس رضي الله عنه.
وللحديث شاهد رواه أبو داود في المراسيل بلفظ حديث الباب تقريباً، إلا أنه قال: ( فلم أر ذنبًا أعظم من حامل القرآن وتاركه )، فهو يشهد لحديث الباب لكنه مرسل، وقال أبو العالية: (كنا نعد من أعظم الذنوب أن يحفظ القرآن ثم ينام عنه حتى ينساه)، هكذا قال أبو العالية رحمه الله، وقال ابن حجر : إسناده جيد، وقد روى أيضًا عن ابن سيرين -بسند صحيح- أنه (قال في الذي ينسى القرآن الكريم بعدما حفظه: كانوا يقولون فيه قولاً شديدًا ويكرهونه)، فهذه روايات أو آثار في معنى حديث الباب.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 38-40 | 4784 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442 | 4394 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 57-62 | 4213 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 282-285 | 4095 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 727-728 | 4047 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 405-408 | 4021 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 313-316 | 3974 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 36 | 3917 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المياه - حديث 2-4 | 3900 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 734-739 | 3879 استماع |