شرح سنن أبي داود [026]


الحلقة مفرغة

شرح حديث المغيرة في تأخر النبي عن صلاة الفجر بسبب قضاء الحاجة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام عن قتادة عن الحسن وعن زرارة بن أوفى أن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: (تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم... فذكر هذه القصة، قال: فأتينا الناس وعبد الرحمن بن عوف يصلي بهم الصبح، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتأخر فأومأ إليه أن يمضي، قال: فصليت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم خلفه ركعة، فلما سلم قام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الركعة التي سبق بها ولم يزد عليها شيئاً).

قال أبو داود : أبو سعيد الخدري وابن الزبير وابن عمر رضي الله عنهم يقولون: من أدرك الفرد من الصلاة عليه سجدتا السهو].

أورد أبو داود رحمه الله حديث المغيرة بن شعبة في تأخره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يقضي حاجته وأنه توضأ ولما لحقوا بأصحابه الذين سبقوهم وجدوهم قد دخلوا في صلاة الفجر وقد قدموا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ليصلي بهم، فلما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد مضى ركعة من الصلاة رآه عبد الرحمن فأراد أن يتأخر حتى يتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمكث وأن يمضي في صلاته بهم، ولعله جاء من الجهة الأمامية لأنهم كانوا في البر، ويمكن أنه جاء من ورائهم، وقد كان ذلك في غزوة تبوك، فإذا كانوا في الذهاب فلا إشكال؛ لأنهم سيتجهون إلى الجهة التي جاءوا منها، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم سيأتي من جهة الأمام، وأما إذا كانوا في الرجوع فإنه سيأتي من الخلف وهم يصلون، فإن كانت القصة في الذهاب إلى تبوك فالأمر واضح؛ لأنهم سيتجهون إلى الجهة التي جاءوا منها، والرسول صلى الله عليه وسلم سيأتي من أمامهم فيرونه عندما يقبل عليهم صلى الله عليه وسلم، وإن كانت القصة في المجيء من تبوك فهذا معناه أنه جاء من جهة الخلف، فرآه عبد الرحمن بن عوف فأراد أن يتأخر فأشار إليه أن امض، فمضى في صلاته وصلى الرسول صلى الله عليه وسلم وراءه ركعة، ولما سلم عبد الرحمن قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه المغيرة بن شعبة وصلوا الركعة التي بقيت عليهم، وفي الرواية السابقة أنه قال: (أحسنتم أو أصبتم) يعني: في صنيعكم حيث قدمتم من يصلي بكم.

ولا يعرف عن أحد من الصحابة أنه صلى إماماً بالرسول صلى الله عليه وسلم إلا عبد الرحمن بن عوف وأبو بكر رضي الله عنه، كما جاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب ليصلح بين بني عمرو بن عوف فتأخر الرسول صلى الله عليه وسلم فجاء بلال إلى أبي بكر واستأذنه أن يقيم الصلاة، فأذن له وصلى، فجاء رسول الله عليه الصلاة والسلام عند البدء بالصلاة، فسبحوا فالتفت رضي الله عنه وأرضاه وكان لا يلتفت في الصلاة، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يتأخر أو يتقهقر، فالرسول صلى الله عليه وسلم أشار إليه أن يمكث، ولكنه رجع وتأخر، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان هذا في أول الصلاة، وأما عبد الرحمن بن عوف ، فكان قد صلى ركعة من الصلاة، فلا يعرف أن أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إماماً بالرسول عليه الصلاة والسلام إلا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ولهذا أبو نعيم في كتابه معرفة الصحابة في مقدمة ترجمته قال: إمام المصطفى صلى الله عليه وسلم يعني: أنه صلى به إماماً، وهذه الفضيلة ما وجدت من غيره.

قوله: (ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى الركعة التي بقيت ولم يزد عليها)، يعني: أن الشيء الذي بقي عليه هو الذي أتى به، وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أن المسبوق إذا فاته شيء من الصلاة فإنه يقضي ما فاته ولا يفعل شيئاً آخر، وبعض أهل العلم ومنهم الذين ذكرهم المصنف ابن عمر وابن الزبير وأبو سعيد الخدري يقولون: إنه إذا أدرك الفرد من الصلاة فإنه يسجد سجدتين للسهو. والفرد من الصلاة هي: الركعة الواحدة، قالوا: لأنه بذلك سيأتي بتشهد في غير موضعه فعليه أن يسجد، لكن القول الصحيح هو قول جمهور أهل العلم الذين قالوا: ليس عليه شيء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى الركعة التي بقيت عليه سلم ولم يزد على ذلك شيئاً لا سجود سهو ولا غيره، وأما كونه يأتي بتشهد في غير محله فلأنه مأمور بمتابعة الإمام، وكل ما يأتي به الإمام عليه أن يأتي به ولو تكرر عنده التشهد، ثم أيضاً ليس هناك سهو حتى يسجد له، فكيف يسجد للسهو ولا سهو موجود؟!

إذاً: القول الصحيح أنه ليس على المسبوق إذا أدرك الفرد من الصلاة -يعني: الركعة الواحدة- سجود سهو إذا سلم من صلاته؛ لأنه في الصلاة ما سها، وكونه حصل منه تشهد في غير محله فهو مأمور بالمتابعة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) فهو يدخل مع الإمام ويتابعه وإذا سلم قام لقضاء ما فاته سواء كان ركعة أو أكثر، وليس عليه شيء بعد ذلك، لكن إذا حصل منه سهو في صلاته في الزيادة التي سيصليها فيسجد للسهو، وإذا كان على إمامه سجود سهو والسجود بعد السلام فإنه يسجد عندما يريد أن يسلم تبعاً لإمامه الذي سجد بعد السلام؛ لأنه إذا سلم الإمام وسجد بعد السلام فإنه يقوم يأتي بالركعة المتبقية عليه، فالإمام يسجد للسهو وهو يواصل صلاته ولكنه في آخر صلاته يسجد للسهو، فليس على المأموم أو المسبوق سجود السهو إلا إذا سها هو فيما يصليه بعد سلام الإمام أو كان الإمام عليه سجود السهو وكان بعد السلام فإنه يفعل مثل ما يفعل الإمام، فيسجد عندما ينتهي من صلاته، وأما كونه أدرك فرداً من الصلاة، ووجد منه تشهد في غير محله، فهو مأمور بالمتابعة، والسهو لم يوجد حتى يسجد له.

تراجم رجال إسناد حديث المغيرة في تأخر النبي عن صلاة الفجر بسبب قضاء الحاجة

قوله: [حدثنا هدبة بن خالد ].

هدبة بن خالد ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود ، وهدبة بن خالد يقال له أيضاً: هداب بن خالد ، وقيل: إن هدبة اسم وهداب لقب، يعني: أن اللقب مأخوذ من الاسم، والبخاري رحمة الله عليه من عادته أنه لا يذكره إلا باسمه، وأما مسلم فيذكره أحياناً يقول: هدبة وأحياناً هداب .

[حدثنا همام ].

همام بن يحيى ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن قتادة ].

قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن الحسن ].

الحسن بن أبي الحسن البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[وعن زرارة بن أوفى ].

يعني: أن قتادة يروي عن الحسن ويروي عن زرارة بن أوفى ، وزرارة بن أوفى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ومما ذكروا في ترجمته أنه كان يصلي بالناس صلاة الصبح فقرأ بهم سورة المدثر ولما جاء عند قوله تعالى: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ [المدثر:8-9] بكى وشهق وخر مغشياً عليه ومات رحمة الله عليه، وقد ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره في سورة المدثر، وذكره أيضاً الذين ترجموا له.

[أن المغيرة بن شعبة ].

المغيرة بن شعبة قد مر ذكره.

شرح حديث: (كان يخرج يقضي حاجته فآتيه بالماء ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن أبي بكر -يعني: ابن حفص بن عمر بن سعد - أنه سمع أبا عبد الله عن أبي عبد الرحمن أنه شهد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يسأل بلالاً رضي الله عنه عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (كان يخرج يقضي حاجته فآتيه بالماء فيتوضأ ويمسح على عمامته وموقيه).

قال أبو داود : هو أبو عبد الله مولى بني تيم بن مرة ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث بلال بن رباح رضي الله عنه أن عبد الرحمن بن عوف سأله عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (كان يخرج يقضي حاجته فآتيه بالإداوة فيتوضأ منها ويمسح على عمامته وعلى موقيه) والموقان هما: الخفان، وقيل: إنهما خفان قصيرا الساق، ولكن المسح يكون على ما يغطي الكعبين؛ لأن من شرط المسح على الخفين أن يكونا ساترين لمحل الوضوء، وحده: الكعبان، فالخفان لابد أن يكونا ساترين للكعبين.

والحديث فيه المسح على الخفين، وفيه أيضاً المسح على العمامة، والمسح على الخفين والمسح على العمامة ثابت من طرق متعددة، فالحديث وإن كان فيه مجهول إلا أن ما فيه ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يحصل الانفراد والاستقلال بروايته عن طريق هؤلاء المجهولين، وإنما جاء ذلك عن كثير من الصحابة، وليس فيه شيء جديد زائد عن الذي ثبت في الأحاديث الأخرى، فيكون الحديث من حيث المتن صحيحاً، ولكنه من حيث الإسناد ضعيف؛ لأن فيه هذان المجهولان اللذان في إسناده، لكن المسح على الخفين والمسح على العمامة ثابت، فيكون هذا مما له أصل، وهو شاهد للأصل، وليس التعويل عليه، ولا الاستناد إليه، وإنما الاستناد إلى غيره، وكونه جاء موافقاً لغيره يدل على أنه معتبر، وأنه جاء مطابقاً لما هو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من حيث الإسناد ضعيف، لكنه من حيث المتن صحيح، وليس الحكم مبنياً على أسانيد فيها ضعف، بل الحكم مبني على أسانيد صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما جاء فيه ضعف ولم يكن فيه زيادة عما ثبت في الأحاديث الصحيحة في مسح العمامة ومسح الخفين فإنه يكون معتبراً.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان يخرج يقضي حاجته فآتيه بالماء ...)

قوله: عبيد الله بن معاذ هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري

، ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[حدثنا أبي].

أبوه هو معاذ بن معاذ العنبري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا شعبة ].

شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن أبي بكر يعني: ابن حفص بن عمر بن سعد ].

أبو بكر اسمه عبد الله بن حفص ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[سمع أبا عبد الله ].

أبو عبد الله هو مولى بني تيم كما ذكر ذلك أبو داود في آخر الحديث، وبنو تيم بن مرة هم رهط أبي بكر ؛ لأن أبا بكر ينتهي نسبه إلى تيم بن مرة، ويلتقي نسبه مع الرسول صلى الله عليه وسلم في مرة ، يعني: أن تيماً أخو كعب والرسول صلى الله عليه وسلم من أبناء كعب بن مرة ، فـتيم بن مرة هو أخو كعب بن مرة ، والرسول صلى الله عليه وسلم من نسل كعب بن مرة وأبو بكر من نسل تيم بن مرة فيقال لـأبي بكر : التيمي نسبة إلى جده الذي هو دون الجد الذي يلتقي به مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأبو عبد الله هذا مجهول، أخرج حديثه أبو داود والنسائي .

[عن أبي عبد الرحمن ].

قال في التقريب: أبو عبد الرحمن عن بلال قيل: هو مسلم بن يسار وإلا فمجهول .

ويكفي في ضعف الحديث أبو عبد الله ، فالإسناد ضعيف، وإذا انضاف إليه هذا الشخص الآخر الذي هو أبو عبد الرحمن إذا لم يكن مسلم بن يسار وكان مجهولاً؛ فإن الحديث يزداد ضعفاً، لكن كما ذكرت المسح على العمامة والمسح على الخفين ثابتان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأبو عبد الرحمن هذا أخرج له أبو داود والنسائي .

[أنه شهد عبد الرحمن بن عوف ].

عبد الرحمن بن عوف ليس من رجال الإسناد؛ لأنه كان يسأل بلالاً ، فالإسناد عن أبي عبد الرحمن عن بلال .

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام عن قتادة عن الحسن وعن زرارة بن أوفى أن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: (تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم... فذكر هذه القصة، قال: فأتينا الناس وعبد الرحمن بن عوف يصلي بهم الصبح، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتأخر فأومأ إليه أن يمضي، قال: فصليت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم خلفه ركعة، فلما سلم قام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الركعة التي سبق بها ولم يزد عليها شيئاً).

قال أبو داود : أبو سعيد الخدري وابن الزبير وابن عمر رضي الله عنهم يقولون: من أدرك الفرد من الصلاة عليه سجدتا السهو].

أورد أبو داود رحمه الله حديث المغيرة بن شعبة في تأخره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يقضي حاجته وأنه توضأ ولما لحقوا بأصحابه الذين سبقوهم وجدوهم قد دخلوا في صلاة الفجر وقد قدموا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ليصلي بهم، فلما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد مضى ركعة من الصلاة رآه عبد الرحمن فأراد أن يتأخر حتى يتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمكث وأن يمضي في صلاته بهم، ولعله جاء من الجهة الأمامية لأنهم كانوا في البر، ويمكن أنه جاء من ورائهم، وقد كان ذلك في غزوة تبوك، فإذا كانوا في الذهاب فلا إشكال؛ لأنهم سيتجهون إلى الجهة التي جاءوا منها، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم سيأتي من جهة الأمام، وأما إذا كانوا في الرجوع فإنه سيأتي من الخلف وهم يصلون، فإن كانت القصة في الذهاب إلى تبوك فالأمر واضح؛ لأنهم سيتجهون إلى الجهة التي جاءوا منها، والرسول صلى الله عليه وسلم سيأتي من أمامهم فيرونه عندما يقبل عليهم صلى الله عليه وسلم، وإن كانت القصة في المجيء من تبوك فهذا معناه أنه جاء من جهة الخلف، فرآه عبد الرحمن بن عوف فأراد أن يتأخر فأشار إليه أن امض، فمضى في صلاته وصلى الرسول صلى الله عليه وسلم وراءه ركعة، ولما سلم عبد الرحمن قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه المغيرة بن شعبة وصلوا الركعة التي بقيت عليهم، وفي الرواية السابقة أنه قال: (أحسنتم أو أصبتم) يعني: في صنيعكم حيث قدمتم من يصلي بكم.

ولا يعرف عن أحد من الصحابة أنه صلى إماماً بالرسول صلى الله عليه وسلم إلا عبد الرحمن بن عوف وأبو بكر رضي الله عنه، كما جاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب ليصلح بين بني عمرو بن عوف فتأخر الرسول صلى الله عليه وسلم فجاء بلال إلى أبي بكر واستأذنه أن يقيم الصلاة، فأذن له وصلى، فجاء رسول الله عليه الصلاة والسلام عند البدء بالصلاة، فسبحوا فالتفت رضي الله عنه وأرضاه وكان لا يلتفت في الصلاة، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يتأخر أو يتقهقر، فالرسول صلى الله عليه وسلم أشار إليه أن يمكث، ولكنه رجع وتأخر، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان هذا في أول الصلاة، وأما عبد الرحمن بن عوف ، فكان قد صلى ركعة من الصلاة، فلا يعرف أن أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إماماً بالرسول عليه الصلاة والسلام إلا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ولهذا أبو نعيم في كتابه معرفة الصحابة في مقدمة ترجمته قال: إمام المصطفى صلى الله عليه وسلم يعني: أنه صلى به إماماً، وهذه الفضيلة ما وجدت من غيره.

قوله: (ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى الركعة التي بقيت ولم يزد عليها)، يعني: أن الشيء الذي بقي عليه هو الذي أتى به، وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أن المسبوق إذا فاته شيء من الصلاة فإنه يقضي ما فاته ولا يفعل شيئاً آخر، وبعض أهل العلم ومنهم الذين ذكرهم المصنف ابن عمر وابن الزبير وأبو سعيد الخدري يقولون: إنه إذا أدرك الفرد من الصلاة فإنه يسجد سجدتين للسهو. والفرد من الصلاة هي: الركعة الواحدة، قالوا: لأنه بذلك سيأتي بتشهد في غير موضعه فعليه أن يسجد، لكن القول الصحيح هو قول جمهور أهل العلم الذين قالوا: ليس عليه شيء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى الركعة التي بقيت عليه سلم ولم يزد على ذلك شيئاً لا سجود سهو ولا غيره، وأما كونه يأتي بتشهد في غير محله فلأنه مأمور بمتابعة الإمام، وكل ما يأتي به الإمام عليه أن يأتي به ولو تكرر عنده التشهد، ثم أيضاً ليس هناك سهو حتى يسجد له، فكيف يسجد للسهو ولا سهو موجود؟!

إذاً: القول الصحيح أنه ليس على المسبوق إذا أدرك الفرد من الصلاة -يعني: الركعة الواحدة- سجود سهو إذا سلم من صلاته؛ لأنه في الصلاة ما سها، وكونه حصل منه تشهد في غير محله فهو مأمور بالمتابعة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) فهو يدخل مع الإمام ويتابعه وإذا سلم قام لقضاء ما فاته سواء كان ركعة أو أكثر، وليس عليه شيء بعد ذلك، لكن إذا حصل منه سهو في صلاته في الزيادة التي سيصليها فيسجد للسهو، وإذا كان على إمامه سجود سهو والسجود بعد السلام فإنه يسجد عندما يريد أن يسلم تبعاً لإمامه الذي سجد بعد السلام؛ لأنه إذا سلم الإمام وسجد بعد السلام فإنه يقوم يأتي بالركعة المتبقية عليه، فالإمام يسجد للسهو وهو يواصل صلاته ولكنه في آخر صلاته يسجد للسهو، فليس على المأموم أو المسبوق سجود السهو إلا إذا سها هو فيما يصليه بعد سلام الإمام أو كان الإمام عليه سجود السهو وكان بعد السلام فإنه يفعل مثل ما يفعل الإمام، فيسجد عندما ينتهي من صلاته، وأما كونه أدرك فرداً من الصلاة، ووجد منه تشهد في غير محله، فهو مأمور بالمتابعة، والسهو لم يوجد حتى يسجد له.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2898 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2848 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2843 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2736 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2709 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2703 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2692 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2684 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2664 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2656 استماع