مخاطر السفر إلى الخارج


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الذي أنشأنا من العدم، وهدانا إلى الإسلام، ووفقنا إلى التوحيد، وأطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، ومن كل ما سألناه أعطانا، نحمده سبحانه حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى أزواجه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

أيها الأحبة: إن من الظواهر التي يلاحظها المتأمل في أحوال كثير من الناس، والشباب منهم خاصة، ظاهرة السفر إلى الخارج، ظاهرة السفر إلى البلدان الغربية والأوروبية في أي فرصة مواتية، سواءً كانت تلك الفرصة عطلة نهاية العام الدراسي أو الفصل الدراسي الأول أو عطلة عمل يطلبها الموظف ويرغب في قضائها خارج بلاده، والكلام اليوم ليس عن حكم السفر إلى الخارج أو السفر إلى دول الكفار، وليس للتفصيل في نوع السفر وحكمه ومدى الحاجة إليه من دراسة أو علاج أو تجارة أو اطلاع.

وحديثنا اليوم إنما هو عن ممارسة بعض المنتسبين إلى الإسلام حينما يسافرون إلى الخارج، وهم الذين تربوا وعاشوا في مجتمعات إسلامية حينما يسافرون إلى بلاد الغرب يقعون وينغمسون في ألوان الفواحش؛ من الزنا والسفاح، وشرب الخمور، وتناول المخدرات والقمار والوقوع في أردى ألوان الشذوذ الجنسي، هذه هي المشكلة، ما هي أسبابها؟ ما آثارها؟

الفراغ أول أسباب السفر المحرم

عباد الله! إن من أهم أسباب هذه المشكلة الفراغ، فهو الذي يدعو الإنسان للتفكير في هذه الأمور جميعاً، ويوم أن كان الناس مشتغلين بأقواتهم وأرزاقهم وما يسد رمقهم، وما عندهم من الذرية ما كانوا يفكرون بشيء من هذا، الفراغ هو الذي يدعو الإنسان للتفكير في كل هذه الأمور، ما دام الإنسان منشغلاً عن الواجبات والمندوبات فلن يبقى أمامه إلا الوقوع في المحرمات.

والفراغ يا عباد الله ليس فراغاً دائماً، بل هو مرحلة بين مرحلتين؛ إذ الإنسان لا بد أن يكون منشغلا، إما منشغل بالواجبات والمندوبات وهي لاشك أكثر من الأوقات، ولا يستطيع إنسان أن يؤدي المندوبات إضافة إلى الواجبات، وأن يقوم بالحقوق جميعها إلا بجهد جهيد من تنظيم الوقت وعدم صرف جزء منه فيما لا فائدة فيه، فإذا لم ينشغل الإنسان بالواجبات والمندوبات فبم ينشغل؟ في أي شيء يقضي الوقت؟ بأي شيء يقتل الوقت؟

فيبدأ بالتهاون والتكاسل شيئاً فشيئاً حتى يدع أوجب الواجبات ويتهاون بها، ثم يعيش فترة من الفراغ الذي لا يدري أين يقضيه، فالشيطان قد صده عن القيام بالواجب، ولم ينتهِ شيطانه من التغلب عليه لإيقاعه في المحرمات.

إذاً ما فترة الفراغ إلا مرحلة صراع الشيطان للإنسان ليطمس على قلبه، وليضله ويقوده إلى مهاوي الرذيلة والضلال، الإنسان لا شك منشغل، ورحم الله القائل: نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية.

إذاً يا عباد الله الفراغ هو أول أسباب هذه المصيبة، أول أسباب ظاهرة السفر إلى بلاد الكفار والوقوع في ألوان المحرمات والانغماس فيها هناك.

الثراء من أسباب السفر المحرم

والسبب الثاني لعله الثراء ولا نقصد بالثراء أو نشترط في هذا السبب أن يكون الإنسان مثرياً إلى درجة الملايين أو ما دونها، بل قد يكون ممن يدخر شيئاً يجمعه طيلة دراسته أو طيلة وظيفته، فإذا جاء آخر العام ذهب بحصيلة جهده لينفقه في بلاد الكفار وليدعمهم وليشتري عملاتهم، وليدعم سياحتهم وغير ذلك.

إذ أن الثراء يا عباد الله من الأسباب التي تدعو إلى هذه المصيبة؛ ما دام الإنسان فارغ القلب خلي الذهن من الواجبات والمندوبات، فالثراء من الأسباب التي تدعو إلى ذلك، ولعل كثيراً من الناس من عصمة الله لهم ألا يجدوا مالاً كثيراً، إذاً فقول القائل، أو لعله من الأثر: من العصمة ألا تقدر، صحيح إذ أن كثيراً من الناس لو قدروا على المال لتوجهوا به، ولفعلوا به مثلما فعل غيرهم، فإن الله جل وعلا قد يعصم كثيراً من الناس بالفقر وقد يعصمهم بقلة ذات اليد، وفي الحديث الصحيح: (إن من عبادي من لا يصلح له إلا الفقر، ولو أغنيته لطغى، وإن من عبادي من لا يصلح له إلا الغنى).

طيش الشباب من أسباب السفر المحرم

ولعل من الأسباب أيضاً فترة الشباب وما يصاحبها من فوران الشهوة وطيش العقل، وصدق القائل:

إن الفراغ والشباب والجـده     مفسدة للمرء أي مفسده

والعجيب يا عباد الله أن الأسباب الرئيسية للوقوع في هذه الظاهرة أو في تلك الجريمة والمشكلة هي في حد ذاتها من أعظم النعم على الإنسان، وقد تكون ابتلاءً وامتحانا، يقول صلى الله عليه وسلم: (نعمتان عظيمتان مغبون فيهما كثير الناس: الصحة والفراغ) إنها لنعمة عظيمة ولكن الكثير يغبنون فيها، فالصحة التي هي فرصة القوة والجلد والنشاط بدلاً من أن يقضيها في نشاط العبادة والتشمير في العلم والفقه، والدعوة إلى الله، وفعل الواجبات، وإمداد الآخرين بالخيرات، تجد الكثير يغبن في هذه النعمة فيصرفها في شر المصارف وأفسدها.

والأمر الثاني الفراغ: فالكثير من الناس حينما يكون فارغاً لا يجد أن هذه نعمة يجب أن يصرفها في فائدة من الفوائد التي تعود عليه، وليس من شروط هذا الفراغ إذا كان الإنسان لا استعداد له أن يقضيه في الدعوة أو في العبادة أو في العلم، فأبواب المباحات مفتوحة، وأبواب المكاسب والتجارة في سبل الحلال مفتوحة، فما الذي يمنعه أن يسلكها؟ ولكن الكثير يصرفون هاتين النعمتين في كفر نعمة الله وجحودها.

قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت     ويبتلي الله بعض القوم بالنعم

فيا سبحان الله العلي العظيم!

عباد الله! إن من أهم أسباب هذه المشكلة الفراغ، فهو الذي يدعو الإنسان للتفكير في هذه الأمور جميعاً، ويوم أن كان الناس مشتغلين بأقواتهم وأرزاقهم وما يسد رمقهم، وما عندهم من الذرية ما كانوا يفكرون بشيء من هذا، الفراغ هو الذي يدعو الإنسان للتفكير في كل هذه الأمور، ما دام الإنسان منشغلاً عن الواجبات والمندوبات فلن يبقى أمامه إلا الوقوع في المحرمات.

والفراغ يا عباد الله ليس فراغاً دائماً، بل هو مرحلة بين مرحلتين؛ إذ الإنسان لا بد أن يكون منشغلا، إما منشغل بالواجبات والمندوبات وهي لاشك أكثر من الأوقات، ولا يستطيع إنسان أن يؤدي المندوبات إضافة إلى الواجبات، وأن يقوم بالحقوق جميعها إلا بجهد جهيد من تنظيم الوقت وعدم صرف جزء منه فيما لا فائدة فيه، فإذا لم ينشغل الإنسان بالواجبات والمندوبات فبم ينشغل؟ في أي شيء يقضي الوقت؟ بأي شيء يقتل الوقت؟

فيبدأ بالتهاون والتكاسل شيئاً فشيئاً حتى يدع أوجب الواجبات ويتهاون بها، ثم يعيش فترة من الفراغ الذي لا يدري أين يقضيه، فالشيطان قد صده عن القيام بالواجب، ولم ينتهِ شيطانه من التغلب عليه لإيقاعه في المحرمات.

إذاً ما فترة الفراغ إلا مرحلة صراع الشيطان للإنسان ليطمس على قلبه، وليضله ويقوده إلى مهاوي الرذيلة والضلال، الإنسان لا شك منشغل، ورحم الله القائل: نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية.

إذاً يا عباد الله الفراغ هو أول أسباب هذه المصيبة، أول أسباب ظاهرة السفر إلى بلاد الكفار والوقوع في ألوان المحرمات والانغماس فيها هناك.

والسبب الثاني لعله الثراء ولا نقصد بالثراء أو نشترط في هذا السبب أن يكون الإنسان مثرياً إلى درجة الملايين أو ما دونها، بل قد يكون ممن يدخر شيئاً يجمعه طيلة دراسته أو طيلة وظيفته، فإذا جاء آخر العام ذهب بحصيلة جهده لينفقه في بلاد الكفار وليدعمهم وليشتري عملاتهم، وليدعم سياحتهم وغير ذلك.

إذ أن الثراء يا عباد الله من الأسباب التي تدعو إلى هذه المصيبة؛ ما دام الإنسان فارغ القلب خلي الذهن من الواجبات والمندوبات، فالثراء من الأسباب التي تدعو إلى ذلك، ولعل كثيراً من الناس من عصمة الله لهم ألا يجدوا مالاً كثيراً، إذاً فقول القائل، أو لعله من الأثر: من العصمة ألا تقدر، صحيح إذ أن كثيراً من الناس لو قدروا على المال لتوجهوا به، ولفعلوا به مثلما فعل غيرهم، فإن الله جل وعلا قد يعصم كثيراً من الناس بالفقر وقد يعصمهم بقلة ذات اليد، وفي الحديث الصحيح: (إن من عبادي من لا يصلح له إلا الفقر، ولو أغنيته لطغى، وإن من عبادي من لا يصلح له إلا الغنى).