قصة من آثار الخدم


الحلقة مفرغة

الحمد لله وحده لا شريك له، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعــد:

فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، فهي وصية الله لكم ولمن كان قبلكم: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131] ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

معاشر المؤمنين: الحديث عن الخدم والخادمات معلوم لدى الجميع شيء كثير عنه؛ لكثرة ما يتعرض له في الإذاعات والندوات والخطب وغيرها، لكن الذي نريد أن ننتبه له في هذه الخطبة، هو أن نعلم جملة من القوانين والإرشادات التي ينبغي مراعاتها لمن ابتلي ببلية الخادمات في بيته، وقبل أن نفصل في ذلك فلا بد أن نذكر أن الكثير منا يعلم أضرار استقدامهن ومساكنتهن ومخالطتهن في البيوت مع الأطفال والشباب وأفراد الأسرة، لكن البعض ابتلي بهن للحاجة الماسة إليهن؛ لظروف مرض أو عجز أو حاجة، كل يختص فيما دعاه إلى استقدامهن.

أيها الإخوة: ينبغي أن نعلم أنه لا ينبغي لأحد أن يجعل خادمة في بيته إلا لحاجة ماسة ومصلحة راجحة، تدعوه للإقدام على ذلك، ومن أجلها يضطر أن يتحمل جزءاً من سلبيات هذا الاستقدام محاولاً تلافي ذلك ما أمكن إليه سبيلاً، لكن المؤسف والمخجل هو ما تهاون فيه كثير من المسلمين في هذا الباب حيث فتحوه على أنفسهم، فأخذ كل يستقدم من غير مراعاة لحاجة ماسة أو غير ماسة، من غير مراعاة لمصلحة راجحة أو غير راجحة، ومن صريح القول -أيها الإخوة- أن نحدد النقاط التي نريدها كما يلي:

استقدام أكثر من خادمة

الأمر الأول: يستقدم البعض منا أكثر من خادمة في حين أنه لا يحتاج إلا لواحدة فقط أو قد لا يحتاج، لكن المباهاة والمفاخرة جعلت بعض المسلمين يستقدم الخدم من دون حاجة، ويستقدم أكثر مما يحتاج إليه، وهذا الأمر هو الذي فتح باب الفراغ القاتل والبطالة الخطرة على بعض الفتيات، وسينتج هذا أو قد أنتج عدداً كبيراً من الفتيات اللاتي لا يعرفن إعداد أدنى واجبات المنـزل، ويبدو هذا واضحاً عندما تتزوج الواحدة منهن فتقع في خلاف ومشاكل زوجية، فهي لم تتعود سلفاً أن تعد الطعام، أو أن تجهز الملابس، أو أن تعتني بالبيت، بل قد كان ذلك من واجبات الخادمة، ومن ثم سيضطر زوجها إلى طلاقها أو البقاء معها في مناخ تسوده الخلافات وسوء العشرة.

التهاون في لباس الخادمة ومخالطتها

الأمر الثاني: أن البعض منا حينما يستقدم خادمة لحاجة لا بد منها، تراه يتهاون في حجابها ولباسها وحشمتها أمامه وأمام أولاده، ومن المؤسف أن ترى كثيراً من المسلمين لا تتورع الخادمة في بيته أن تلبس ما شاءت من لباس زاه أو خفيف يشف ويكشف عما تحته من أجزاء بدنها وعورتها، ولا تتردد أن تدخل وتخرج أمام رب المنـزل بهذا اللباس، ولا شك أن هذا من الحرمة بمكان، ولما ينتج عنه من إفشاء نيران الشهوة والفتنة المحرمة، والرغبة في الخلوة وتزيين الفاحشة والعياذ بالله.

ومن المؤكد أن السبب في تساهل الخادمة بأمر الحشمة إلى هذا الحد هو صاحب المنـزل الذي استقدمها، وسكت عن بداية تهاونها حتى أغرقت في سفورها عن مفاتنها أمامه وأمام أولاده، فتنبهوا لذلك -يا عباد الله- وليحرص من ابتلي بالضرورة والحاجة إليهن أن يبقي حاجزاً كبيراً في المعاملة معهن، ولا يتباسط في المعاملة والحديث؛ لكي يجعل الخادمة تعاب منه ومن الدخول عليه وهو في أي مكان في منـزله، وليجعل من زوجته أو بناته وسيلة الاتصال فيما يأمر بإعداده وتجهيزه.

ولقد نتج من تهاون كثير منا بحشمة الخادمة أن أصبحت الخادمة تدخل على الواحد في حجرة نومه أو بيته من غير مراعاة لأدب أو حياء، ومن ذلك خروج الخادمة مع زوجة الرجل كاشفة حاسرة عن وجهها وشعرها، وذلك لا شك يعرض الجميع -يعرض الزوجة والخادمة- لأطماع الشاذين والمنحرفين أياً كان ذلك الخروج، سواءً كان في السيارة أو في السوق أو في الطريق، وربما جرت الخادمة البلاء والمكروه لزوجة الرجل في داره بسبب خروج الخادمة بهذه الطريقة.

ومن ذلك خروج الخادمة بمفردها أو مع خادمة أخرى، وهذا كثيراً ما نراه في هذه الأيام، تخرج الخادمة بمفردها أو مع غيرها في بعض الأوقات في وقت متأخر من الليل، أو مبكر في الصباح في حين خلوة؛ لشراء بعض الحاجات المنـزلية، وهذا -أيضاً- أمر خطير، إذ أن تلك الخادمة المسكينة قد تقع في شباك الفاحشة بإغراء المال الذي لم تترك بلادها إلا لأجله، أو بالفتنة والخلوة وتزيين الشيطان أو غير ذلك من الأسباب.

استقدام الفتاة الصغيرة الجميلة

الأمر الثالث: أن بعض الذين يحتاجون إلى الاستقدام يستقدم فتاة صغيرة جميلة يتراوح عمرها بين الثامنة عشر أو الخامسة والعشرين أو بين ذلك، ولا شك أن رجلاً كهذا استقدم وصيفة أو جارية ولم يستقدم خادمة، إذ أن الفتاة الصغيرة أو من تكون في هذا السن أقرب إلى الشهوة والفتنة من غيرها، وذلك لشباب عمرها وضعف عقلها، خاصة إذا كان في المنـزل شباب في سن المراهقة أو حول سن المراهقة، فإن هذا -يا عباد الله- استقدام مصيبة وبلية لا خادمة، إذ من الواجب على من احتاج لهذا أن يستقدم امرأة جاوزت الثلاثين من عمرها تقريباً، غير جميلة وفاتنة.

ومن المضحك المخزي أن ترى واحداً قد استقدم خادمة أصغر وأجمل من زوجته إلى حد كبير، فيا ليت شعري أي باب من الفساد في حياته الزوجية قد فتحه على نفسه.

استقدام الكفار

الأمر الرابع: أن بعض من احتاج لاستقدام الخدم والخادمات يستقدم الكفار ولا يرغب في استقدام المسلمين، وهذا لا شك أنه لا يجوز؛ لمخاطر الخادمة الكافرة في الدين والعقيدة والتربية على الأطفال والنشء والصغار، والرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب وقال: (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً) رواه مسلم.

واستقدام الكفار قد يدخل في موالاتهم والعياذ بالله، فكيف يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراجهم من جزيرة العرب والبعض منا إذا جاء يريد أن يكتب توكيلاً أو يطلب خادمة يقول: أريد كافرة لا مسلمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الأمر الأول: يستقدم البعض منا أكثر من خادمة في حين أنه لا يحتاج إلا لواحدة فقط أو قد لا يحتاج، لكن المباهاة والمفاخرة جعلت بعض المسلمين يستقدم الخدم من دون حاجة، ويستقدم أكثر مما يحتاج إليه، وهذا الأمر هو الذي فتح باب الفراغ القاتل والبطالة الخطرة على بعض الفتيات، وسينتج هذا أو قد أنتج عدداً كبيراً من الفتيات اللاتي لا يعرفن إعداد أدنى واجبات المنـزل، ويبدو هذا واضحاً عندما تتزوج الواحدة منهن فتقع في خلاف ومشاكل زوجية، فهي لم تتعود سلفاً أن تعد الطعام، أو أن تجهز الملابس، أو أن تعتني بالبيت، بل قد كان ذلك من واجبات الخادمة، ومن ثم سيضطر زوجها إلى طلاقها أو البقاء معها في مناخ تسوده الخلافات وسوء العشرة.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور سعد البريك - عنوان الحلقة اسٌتمع
أهمية الوقت في حياة المسلم 2805 استماع
حقوق ولاة الأمر 2669 استماع
المعوقون يتكلمون [2] 2654 استماع
توديع العام المنصرم 2649 استماع
فلنحول العاطفة إلى برنامج عمل [1] 2557 استماع
من هنا نبدأ 2497 استماع
أحوال المسلمين في كوسوفا [2] 2463 استماع
أنواع الجلساء 2462 استماع
إلى الله المشتكى 2438 استماع
الغفلة في حياة الناس 2437 استماع