الربا [2]


الحلقة مفرغة

الحمد لله الواحد بلا شريك، والقوي بلا نصير، والعزيز بلا ظهير، أحمده سبحانه حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، فهو الذي أنشأنا من العدم، وهدانا للإسلام، وأطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، ومن كل ما سألناه أعطانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وعلى من اتبع سنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، فهي وصية الله لكم ولمن كان قبلكم: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131].

معاشر المؤمنين: مر الحديث بنا في الجمعة الماضية عن الربا، وأن خطره عظيم، وأن شره جسيم، وسمعنا ما ذكره الله جل وعلا في كتابه الكريم من الآيات الواردة في شأن الربا وفي شأن الذين يأكلونه لا يقومون يوم القيامة إلا كما يقوم الذين تتخبطهم الشياطين صرعى من الجنون، وأنهم ممحوقو البركة فيما يأكلون ويشترون ويفعلون بهذا المال الذي هو من الربا، وأنهم مؤذنون بحربٍ من الله ورسوله إن لم يقلعوا عنه.

ولقد جاء في السنة النبوية شيءٌ كثيرٌ وكثيرٌ جداً في شأن هذا الربا، فمن ذلك ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات -أي: المهلكات- قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) أرأيتم كيف عَدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل الربا وجعل صاحبه مع أهل الموبقات المهلكات.

وروى النسائي رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رأيت الليلة رجلين آتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة، فانطلقنا حتى أتينا على نهرٍ من دم فيه رجلٌ قائم، وعلى شط النهر رجلٌ بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر يسبح فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجرٍ في فيه، فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت ما هذا الذي رأيت في النهر؟ قالا: آكل الربا).

وروى مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه) ألا وإن في هذا الحديث لنذيرٌ لمن يتعامل بالربا؛ من قريبٍ أو بعيد، سواء كان مودعاً أو مقترضاً، أو آكلاً أو مستثمراً أو موكلاً أو كاتباً أو شاهداً.

وروى الحاكم وقال: صحيحٌ على شرط الشيخين، أنه صلى الله عليه وسلم قال: (الربا ثلاثٍ وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه)، وروى ابن أبي الدنيا والبغوي وغيرهما موقوفاً قال: (الربا اثنان وسبعون حُوباً، أصغرها كمن أتى أمه في الإسلام، ودرهمٌ من الربا أشد من بضعٍ وثلاثين زنية، قال: ويأذن الله للبر والفاجر بالقيام يوم القيامة إلا آكل الربا فإنه لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس).

وروى الإمام أحمد والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية)، وروى الطبراني في الصغير والأوسط : (من أعان ظالماً بباطلٍ ليدحض به حقاً، فقد برأ من ذمة الله وذمة رسوله، ومن أكل درهماً من ربا فهو مثل ثلاثٍ وثلاثين زنية، ومن نبت لحمه من سحت فالنار أولى به).

معاشر المؤمنين: الأحاديث في هذا الباب كثيرةٌ وكثيرةٌ جداً، وحسبكم بهذه المعصية الموبقة شراً وبلاءً أن اليسير منها أعظم عند الله من زِنا الرجل في الإسلام بأمه، والله إنه لأمرٌ عظيم، ولشرٌ عظيم، ولبلاءٌ عظيم.

إن المتأمل لأحوال أكلة الربا، والمتعاطين المتعاملين به، يراهم قلقين مستوحشين، ولو خالطوا الناس بأبدانهم، والكثير منهم تنقلب عليهم أموالهم حسرةً وندامة إذ يعيش بعضهم ثرياً غنياً، لكنه مسلوب الصحة والعافية، أو مسلوب الراحة والاطمئنان، أو بعض الحواس، يرى أمواله من حوله، لا تسعفه ولا تسقيه أو تغنيه من ظمأٍ أو جوع، وهذا أشد العذاب على النفس، وأعظمه وقعاً عليها، ولقد ذكر الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ، ويسمى هذا الكتاب بـالداء والدواء ، ذكر في شأن مغبة الكبائر وعقوباتها على العبد في الدنيا، والبرزخ والآخرة ما معناه: إن من العصاة من يختم له بسوء الخاتمة بسبب معصيته التي مات مصراً عليها ولم يتب منها، وذكر منهم وأكثر فيهم أكلة الربا بأنهم في الغالب لا يسلمون من سوء المصير، وخطر الخاتمة، وذكر قصة أحدهم لما حضرته الوفاة فجعل مَنْ حوله يلقنونه الشهادة، يقولون: قل: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فجعل يقول: ده ياز ده، هذه كلمةٌ فارسية ومعناها: العشرة بخمسة عشر، حتى مات وهو يقول: ده ياز ده ولم يتلفظ بالشهادتين أو ينطق بهما.

معاشر المؤمنين: اعلموا أنه ليس من شرط سوء الخاتمة لآكل الربا أو المصر على المعاصي أن يموت عاجزاً عن نطق الشهادتين، فأحوال سوء الخاتمة كثيرة جداً، منها: أن يموت بالفجأة، أو بسكتةٍ قلبية، أو بحادثٍ رهيبٍ مدمر؛ كاصطدام أو حريق أو غرق، أو أن يموت سكيراً مخموراً، أو تقبض روحه وهو في أحضان باغية، أو أن يقبض وينتقل إلى الآخرة وهو على معصية، أو بأي سبيلٍ من السبل التي لا يستطيع معها أن يستدرك أو يتوب من معصيته وكبيرته التي وقع فيها إلا حين أن تبلغ الروح الحلقوم، ويجئ الموت على البدن: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ [المؤمنون:99] ماذا يقول؟ فيقول هو وكل مجرمٍ مصرٍ على الذنوب حينئذٍ: رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:99-100] ويا هول ذلك البرزخ، وما أطوله على الكفار والعصاة والمجرمين المُصرين.

معاشر المسلمين: إن انتشار الربا في المجتمعات وشيوع تعاطيه بين الناس لنذير شرٍ بعذابٍ يحل بمن هم كذلك، كما أفادت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وأولها ما سمعتموه وتعلمونه قول الله جل وعلا: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا [البقرة:279] أي: إن لم تقلعوا عن الربا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279] ومن ذا يكون حرباً لله ورسوله، وسِلماً للشيطان وأعوانه وأذنابه، ثم يطمع أن يعيش آمناً مطمئناً سليماً منعَّماً، هذا محال، وإن تُصور لبعض الناس في ظواهر أمورهم فإنما هو استدراج وإمهالٌ لا إهمال فيه، وماذا بعد الفشل والخسار والبوار من مصيبةٍ على أناس يتعاملون بالربا، بعد أن محق الله بركة أموالهم وأرزاقهم، وكل شيءٍ جعلوا الربا سبيلاً للوصول إليه، أو إلى النماء فيه.

من الأحاديث التي جاءت في عظم شأن الربا وخطورته على الأمم والمجتمعات: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه الإمام أحمد : (ما من قومٍ يظهر فيهم الربا إلا أُخذوا بالسَّنة، وما من قومٍ يظهر فيهم الرشا -أي الرشاوى- إلا أُخذوا بالرعب والقحط).

وروى عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد المسند أنه صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده ليبيتن أناسٌ من أمتي على أشرٍ وبطرٍ ولهوٍ ولعبٍ فيصبحوا قردةً وخنازير؛ باستحلالهم المحارم، واتخاذهم القينات -أي: المغنيات- وشربهم الخمور، وأكلهم الربا، ولبسهم الحرير).

وروى الإمام أحمد والبيهقي واللفظ له: (يبيت قومٌ من هذه الأمة على طُعمٍ وشربٍ ولهوٍ ولعب فيصبحون قد مسخوا قردةً، وليصيبنهم خسفٌ وقذف حتى يصبح الناس فيقولون: خُسف الليلة ببيت آل فلان، وخسف الليلة بدار فلان، ولترسلن عليهم حجارةٌ من السماء كما أرسلت على قوم لوط، على قبائل منها وعلى دور؛ بشربهم الخمر، ولبسهم الحرير، واتخاذهم القينات، وأكلهم الربا، وقطعهم الرحم، ولخصلةٍ نسيها الراوي).

معاشر المؤمنين: هل بعد هذا يبقى في قلب مسلمٍ إصرارٌ على التعامل بالربا؟

هل بعد هذه المصائب والبلاء وبعد هذه المخاطر يتعامل مسلمٌ بالربا أو يبقى مصراً فيه؟!

وينبغي لمن وقع في ذلك أن يقلع عنه، ومن كان مديناً لأحدٍ بدينٍ من الربا ألا يرد الفائدة عليه، ألا وإنه ليس لهم إلا رءوس أموالهم لا يظلمون ولا يُظلمون، لا يظلمون ولا يُظلمون، لا يظلمون ولا يُظلمون، شرع الله وهو أحكم الحاكمين، وهو أعدل وأقسط القاسطين، سبحانه جل وعلا، ألا وإن لكل مسلمٍ يريد أن يتوب أن يقلع عن الربا وأن يرد عليه رأس ماله، ألاَّ وإنه إن راد الفائدة لمخطئ ولمجرمٌ ولمذنب، وعليه أن لا يرد شيئاً من هذا.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم التواب الرحيم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله منشئ السحاب، وهازم الأحزاب، ومنزل الكتاب، وخالق الخلق من تراب، أحمده سبحانه حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، فهو الأول ليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، وهو الظاهر فليس فوقه شيء، وهو الباطن فليس دونه شيء، بيده مقادير كل شيء، وهو على كل شيءٍ قدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

معاشر المؤمنين: اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وأن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار.

معاشر المسلمين: ينبغي أن نعلم حق العلم، وأن نتيقن حق اليقين أن الربا محرمٌ بجميع صوره وأشكاله، سواء ربا العينة، أو ربا النسيئة، أو أي رباً دخلت فيه حيلة محللة، ينبغي أن نعلم أن الربا محرمٌ بجميع أشكاله وصوره.

ولا عبرة بأناس وإن وضعوا العمائم على رءوسهم أو تصدروا مجالس الإفتاء في بلادٍ غير هذه البلاد، إن قالوا: إن ربا الاستثمار جائز، أو إن القروض بالفوائد على المشاريع الإنتاجية أو الاستثمارية أنه جائز، فإن الله جل وعلا حرم الربا بجميع أشكاله، وبجميع صوره، فقال جل من قائلٍ عليماً: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا [البقرة:278] اتركوا ما بقي الربا في أيديكم، ولو كان هناك إمكان تهاونٍ أو تساهلٍ في شأنٍ من شئون الربا لترك ما بقي في أيديهم، ولاستأنفوا كل حالٍ جديدٍ بدون تعاملٍ بالربا، ولكن الله جل وعلا تعظيماً لخطر شأن الربا وبلائه على الأنفس والمجتمعات، قال وهو أحكم القائلين: اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا [البقرة:278] فهل بعد هذا يجرؤ قائلٌ، أو يفتي مفتٍ أن الربا في القروض الإنتاجية جائز؟! أو أن يقول قائلٌ: إن الحرام هو ما زاد عن الثلث، وأن الفوائد إذا نقصت عن الثلث فهي حلال؟! هذا اجتراءٌ على الله جل وعلا، واستدراكٌ على شرعه، وإن علموا بحرمة ذلك وأيقنوه، وأفتوا بخلافه، فإنهم على خطرٍ عظيمٍ بالشرك بالله، والمروق من الدين عياذاً بالله من ذلك.

ألا وإن الربا خطرٌ عظيم عليكم معاشر الأفراد، وعلى المجتمعات والدول، ونذيرٌ بالحروب والهلاك، والجوع والقحط والدمار، نسأل الله جل وعلا أن يقينا شر الربا، وأن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه. اللهم لا تجعل لهذا الحرام سبيلاً في أموالنا.

معاشر المؤمنين: كيف يجترئ مسلمٌ أو يطمئن باله أو يهدأ ضميره وهو يأكل من الحرام أو ينفق من الحرام، وينبت جسمه من حرام، ويعطي زوجته وأولاده أو يتصدق من حرام: (وكل جسمٍ نبت من حرام فالنار أولى به).

إنها لأعجوبة، وإنها لمصيبة، وإنه لأمرٌ غريبٌ أن يصر البعض أو يبقون على الربا، أو يقولون: نحن في ضرورة، أو نحن في حاجة، وإن لم نستدن أو إن لم نستثمر لوقعنا في ضررٍ أو في هلاك، وكما قلنا: إن الضرر هو ما تندفع به الحاجة عن الموت، أن الضرر الذي يعتبر أو يتساهل فيه شرعاً، وتنطبق فيه القاعدة الشرعية: (الضرورات تبيح المحرمات) إنما بقدر ما يدفع الهلاك عن النفس، فهل بقي أحدٌ على وشك الموت فلم يجد لقمةً إلا بالحرام أن يأكلها، عند ذلك لو أكل في مخمصةٍ من ميتةٍ أو غيرها فلا إثم عليه، أو شرب شربة خمر ليدفع الغصة دفعاً للموت فلا إثم عليه، أما أن يدعي بالضرورة لكي يستثمر أو ليحرك مصنعاً أو مشروعاً فهذا بلاءٌ وهذه مصيبةً وليست ضرورة.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم من دعا إلى الربا وإلى الفتن وإلى الزلازل والمحن، اللهم فاجعل كيده في نحره، اللهم فاجعل تدبيره تدميراً عليه، اللهم أدر عليه دائرة السوء.

اللهم من أراد بولاة أمورنا فتنة، وبعلمائنا مكيدة، وبشبابنا ضلالاً، وبنسائنا تبرجاً وسفوراً، اللهم فاذهب سمعه وبصره وعقله، اللهم أرنا فيه يوماً أسود كيوم فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف ، وأسوأ من ذلك يا جبار السماوات والأرض، فإنهم لا يعجزونك.

اللهم اختم بالسعادة آجالنا، اللهم اختم بشهادة أن لا إلا الله وأن محمداً رسول الله آجالنا، واقرن بالعافية غدونا وآصالنا، واجعل إلى جناتك مصيرنا ومآلنا، ولا تجعل إلى النيران منقلبنا، ولا فيها مثوانا برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اهد أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اجعلهم خير أئمةٍ لخير رعية، اللهم قرب منهم من علمت فيه صلاحاً لهم، وأبعد عنهم من علمت فيه شراً لهم، اللهم اجمع شملهم ووحد كلمتهم، وانصرهم ولا تنصر عليهم، وارفعهم ولا ترفع عليهم، اللهم سخِّر لهم ملائكة السماء برحمتك، وجنود الأرض بقدرتك يا جبار السماوات والأرض يا أرحم الراحمين.

اللهم اغفر لنا ولجميع موتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.

اللهم لا تدع لمسلمٍ في هذا المكان وغيره ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا ديناً إلا قضيته.

اللهم يا فرج المكروبين! يا قاضي الدين عن المدينين! يا نصير المستضعفين! يا إله الأولين والآخرين! نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى، وباسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أعطيت، وإذا دعيت به أجبت، أن تقضي الدَّين عن المدينين، وألا تحوجهم إلى الربا بحالٍ من الأحوال يا أرحم الراحمين، ولا حاجة لمسلمٍ إلى الربا.

اللهم لا تدع لنا هماً إلا فرجته، اللهم اجعل لنا من كل ذنبٍ مغفرة، ومن كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل بلوىً عافيةً، ومن كل فاحشة أمناً، ومن كل فتنة عصمةً برحمتك يا أرحم الراحمين.

إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، اللهم صلِّ وزد وبارك على صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، نبينا محمدٍ وعلى آله وأزواجه وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن بقية العشرة وأهل الشجرة، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.