عنوان الفتوى : أثر تأخير الغسل من الجنابة على صحة الصوم
في يوم الثلاثاء كنت صائمةً قضاء، واستيقظت عصرًا، وكنت قد احتلمت، ولكنني تكاسلت عن الاغتسال إلى صبح اليوم الثاني، -أي صباح يوم الأربعاء الساعة الثامنة صباحًا-، فهل صيامي مقبول، أم لا؛ لأنني أجَّلت الغسل لليوم التالي؟ أفيدوني -جزاكم الله كل خير، وكتب لكم الأجر، ووفقكم لما يحبه ويرضاه-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالاحتلام أثناء الصوم، لا يؤثر في صحته، لأنه خارج عن إرادة صاحبه، ولا يستطيع التحرّز منه، والنائم قد رفع عنه القلم حتى يستيقظ.
لكن إذا نزل مني بسبب الاحتلام، فهنا يلزم الغسل؛ لحديث أم سلمة في الصحيحين: أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، إذا رأت الماء.
وقال النووي في المجموع: وقد أجمع المسلمون على وجوب الغسل على الرجل، والمرأة بخروج المني. انتهى.
وتأخير الغسل من الجنابة، لا يؤثر على صحة الصوم، لكن لا تصح الصلاة بدونه.
وشأن الصلاة عظيم؛ فهي عماد الدِّين، من حفظها حفظ الدِّين، ومن ضيعها، فهو لما سواها أضيع.
وعليه؛ فإن كنت رأيتِ أثر المني بسبب الاحتلام؛ فكان الواجب عليك أن تغتسلي لأداء الصلاة.
وتأخير الغسل إلى اليوم الثاني، يترتب عليه تضييع الصلوات، أو أداؤها بلا طهارة، وكل ذلك من تضييعها، والتفريط فيها، وهو ذنب عظيم، قال ابن القيم -رحمه الله- في كتاب الصلاة: لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدًا من أعظم الذنوب، وأكبر الكبائر ... وأنه متعرّض لعقوبة الله، وسخطه، وخزيه في الدنيا، والآخرة. انتهى.
فعلى من كان منه ذلك أن يتدارك نفسه بالتوبة إلى الله، والإنابة إليه؛ بالندم على ما كان منه، والعزيمة ألا يعود إليه، وأن يكثر من الاستغفار، ويقضي تلك الصلوات، إن كان لم يصلِّها، أو صلاها بلا طهارة.
وأما الصوم؛ فهو صحيح، ولا تأثير لذلك عليه.
والله أعلم.