أرشيف المقالات

نزع الغل والبغضاء من القلوب

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
أربعون كلمة دعوية
(بطريقة مختصرة عصرية)
الكلمة الواحدة والثلاثون
نزع الغلّ والبغضاء من القلوب

في معركة الجمل خرجت عائشة وطلحة والزبير وغيرهم - رضي الله عنهم - أجمعين، وخرج الصحابة بالسيوف، وخرج علي - رضي الله عنه - ومعه جمع من الصحابة من أهل بدر.
قيل لعامر الشعبي: الله أكبر، يلتقي الصحابة بالسيوف ولا يفر بعضهم من بعض؟ قال: أهل الجنة التقوا فاستحيا بعضهم من بعض.
 
فلما قُتل طلحة في المعركة - قتله مروان بن الحكم - وكان في الصفّ المضاد لعليّ نزل علي ورآه مقتولاً، جعل يمسح التراب عن وجهه، وقال: عزيز عليّ يا أبا محمد أن أراك مجندلاً تحت نجوم السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عجري وبجري - رضي الله عنهم -[1]، وترحم عليه، وقال: ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة، وبكى عليه.
 
وروي عن علي أنه قال: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة وعثمان والزبير ممن قال الله فيهم: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47].
 
فانظر إلى الصفاء والنقاء، وطهارة القلوب، فبالرغم من القتال بينهم إلاّ أن قلوبهم لا تحمل الغل ولا الحقد.
فهو مشهد رائع، وأنموذج باهر.
فهم ليسوا ملائكة، ولم يخرجوا يومًا من الأيام من بشريتهم، لكنهم رسموا لنا أروع صور عرفتها الدنيا.
 
والمشهد الثاني: من صور نزع الغلّ والبغضاء من القلوب: تقول عائشة رضي الله عنها: دعتني أم حبيبة - رملة بنت أبي سفيان - عند موتها، فقالت: قد يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولكِ ما كان من ذلك، فقلت: غفر الله لكِ ذلك كلّه، وحَلّلكِ من ذلك، فقالت أم حبيبة: سررتيني سرّك الله، وأرسل إلى أم سلمة، فقالت لها مثل ذلك - رضي الله عنهم -[2].
 
والمشهد الثالث: مرّ على محمد بن السمّاك صاحب له عتب عليه، فقال لابن السمّاك: غدًا نتحاسب، فانظر إلى ابن السمّاك العابد الزاهد ماذا قال؟ قال: لا والله غدًا نتغافر.
 
إنها قلوب امتلأت بالحب والإيمان، فآثرت الله على كل شيء، حتى على حظوظ النفس.
فحريّ بالمسلم أن يتصافى مع زوجته، ويتسامح مع إخوته، ويتجاوز عن زلات أصدقائه، ويجعل صدره واسعاً للصفح عن الهفوات، والتجاوز عن العثرات، ابتغاء للثواب والأجر من الله، ولتكون باباً عظيماً للدعوة إلى الله.

[1] أي: همومي وأحزاني.

[2] سير أعلام النبلاء 2/223.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢