القواعد لابن اللحام [5]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

قال الإمام البعلي رحمه الله تعالى: [القاعدة الثانية:

شرط المكلف: العقل وفهم الخطاب، ذكره الآمدي اتفاق العقلاء، فلا تكليف على صبي ولا مجنون لا عقل له، وقال أبو البركات في المسودة: واختار قوم تكليفهما. قلت: من اختار تكليفهما إن أراد أنه يترتب على أفعالهما ما هو من خطاب الوضع فلا نزاع في ترتبه، وإن أراد خطاب التكليف فإنه لا يلزمهما بلا نزاع، وإن اختلف في مسائل: هل هي من خطاب الوضع أم من خطاب التكليف، أو بعض مسائل من مسائل التكليف، وقد حكى حنبل ، عن أحمد رواية في المجنون: أنه يقضي الصلاة والصوم، وعنه إن أفاق بعد الشهر لم يقض الصوم، وإن أفاق فيه قضى، والمذهب الصحيح خلاف ذلك].

القاعدة الثانية التي ذكرها الإمام ابن اللحام في قواعده هي أن شرط المكلف هو العقل، وفهم الخطاب، وتجدون أن هذين شرطان في كل عبادة، وهذا أمر مجمع عليه، إذ قال الآمدي -كما ذكرتم أو كما سمعتم- هذا اتفاق العقلاء، وهذا مبني على قاعدة التحسين والتقبيح العقليين، والأولى أن نقول: وهذا باتفاق العلماء؛ لأن تكليف المجنون بالقضاء بعد انتهاء العبادة لا يخالف العقل. فالقول: باتفاق العقلاء محل نظر، إلا إذا أريد أنه يكلف حال جنونه، أو حال صغره ويعاقب عليه، وأما إن قصد أنه هل يجب عليه أن يؤدي العبادة بعد انتهائها؟ فالمجنون إذا أفاق فقضاء الصوم والصلاة عليه ليس فيه مخالفة للعقل، فلو قال: اتفاق أهل الشرع لكان حسناً.

المقصود بتكليف الصبي والمجنون

ثم ذكر قول من قال: اختار قوم تكليفهما، فذكر المؤلف ما المقصود بالتكليف هنا؟ لأن المعلوم أن الخطاب الشرعي هو: خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء، أو بالتخيير ليشمل خطاب التكليف وخطاب الوضع، والمؤلف يقول: إن أراد بتكليف المجنون وبتكليف الصبي أنه يجب عليه ما يترتب على فعله من خطاب الوضع فهذا أمر مجمع عليه شرعاً، وإن أراد أنه مكلف بخطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين فهذا مجمع على عدم تكليفه، وما معنى خطاب الوضع؟ هو خطاب الله المتعلق بجعل الشيء سبباً، أو شرطاً، أو عزيمة، أو رخصة، أو صحة، أو فساداً، هذا المقصود، فلو أن صبياً أو مجنوناً أفسد مال الغير وجب الضمان من مال المجنون أو مال الصبي؛ لأن ذلك لم يترتب على الحل والحرمة والوجوب والاستحباب، إنما تعلق بسبب أن من أتلف شيئاً وجب عليه الضمان، فسبب وجوب الضمان هو التلف، وسبب الدية هو القتل، سواء كان قتل خطأ، أو كان عمد صبي، والصبي عمده خطأ، فهذا من باب خطاب الوضع، وليس من باب خطاب التكليف، وهذا الذي أراده المؤلف رحمه الله.

ثم ذكر قولاً عن أحمد يدل على أن المجنون إذا أفاق يقضي، فنسبها إلى حنبل عن أحمد ، وأنتم تدرون وتعلمون أن حنبل يتفرد عن أحمد بأقوال لم تعرف عن عامة أصحاب أحمد ، مما جعل بعض أصحاب أحمد كـالأثرم و الخلال لا يقبلون رواية حنبل ، وبعضهم لم يقبل رواية حنبل مما تفرد به عن أحمد ، وقد أشار إلى هذا المعنى أبو العباس بن تيمية رحمه الله في كتاب الاستقامة، وفي مجموع الفتاوى، وتكلم في ذلك الإمام ابن رجب في فتح الباري، وهذا يدل على أن هذه الرواية عن أحمد بعيدة، ولهذا قال: والمذهب خلاف ذلك.

حجة من قال بتكليف الصبي والمجنون

قال المؤلف رحمه الله: (والظاهر -والله أعلم- أن من قال بتكليفهما إنما قاله بناء على التكليف بالمحال على ما سيأتي في تكليف الغافل إن شاء الله تعالى).

هؤلاء لا يعدون مخالفين للإجماع؛ لأن المقصود بالإجماع إجماع الفقهاء المتقدمين من المجتهدين، وأما ما يذكره بعض علماء الأصول ممن تأثر بعلم الكلام والنزعة المعتزلية الذين يقولون بأن العقل يشرع، وأنه يوجب على الله كما أنه يوجب على المكلف وإن لم يرد ثمة خطاب شرعي، فهؤلاء لهم حديث آخر، وإلا فالعلماء أجمعوا على أن الصبي والمجنون ليس عليهما تكليف، ودليل ذلك ما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث علي بن أبي طالب ، ومن حديث عائشة رضي الله عن الجميع، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ ).

ثم ذكر قول من قال: اختار قوم تكليفهما، فذكر المؤلف ما المقصود بالتكليف هنا؟ لأن المعلوم أن الخطاب الشرعي هو: خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء، أو بالتخيير ليشمل خطاب التكليف وخطاب الوضع، والمؤلف يقول: إن أراد بتكليف المجنون وبتكليف الصبي أنه يجب عليه ما يترتب على فعله من خطاب الوضع فهذا أمر مجمع عليه شرعاً، وإن أراد أنه مكلف بخطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين فهذا مجمع على عدم تكليفه، وما معنى خطاب الوضع؟ هو خطاب الله المتعلق بجعل الشيء سبباً، أو شرطاً، أو عزيمة، أو رخصة، أو صحة، أو فساداً، هذا المقصود، فلو أن صبياً أو مجنوناً أفسد مال الغير وجب الضمان من مال المجنون أو مال الصبي؛ لأن ذلك لم يترتب على الحل والحرمة والوجوب والاستحباب، إنما تعلق بسبب أن من أتلف شيئاً وجب عليه الضمان، فسبب وجوب الضمان هو التلف، وسبب الدية هو القتل، سواء كان قتل خطأ، أو كان عمد صبي، والصبي عمده خطأ، فهذا من باب خطاب الوضع، وليس من باب خطاب التكليف، وهذا الذي أراده المؤلف رحمه الله.

ثم ذكر قولاً عن أحمد يدل على أن المجنون إذا أفاق يقضي، فنسبها إلى حنبل عن أحمد ، وأنتم تدرون وتعلمون أن حنبل يتفرد عن أحمد بأقوال لم تعرف عن عامة أصحاب أحمد ، مما جعل بعض أصحاب أحمد كـالأثرم و الخلال لا يقبلون رواية حنبل ، وبعضهم لم يقبل رواية حنبل مما تفرد به عن أحمد ، وقد أشار إلى هذا المعنى أبو العباس بن تيمية رحمه الله في كتاب الاستقامة، وفي مجموع الفتاوى، وتكلم في ذلك الإمام ابن رجب في فتح الباري، وهذا يدل على أن هذه الرواية عن أحمد بعيدة، ولهذا قال: والمذهب خلاف ذلك.

قال المؤلف رحمه الله: (والظاهر -والله أعلم- أن من قال بتكليفهما إنما قاله بناء على التكليف بالمحال على ما سيأتي في تكليف الغافل إن شاء الله تعالى).

هؤلاء لا يعدون مخالفين للإجماع؛ لأن المقصود بالإجماع إجماع الفقهاء المتقدمين من المجتهدين، وأما ما يذكره بعض علماء الأصول ممن تأثر بعلم الكلام والنزعة المعتزلية الذين يقولون بأن العقل يشرع، وأنه يوجب على الله كما أنه يوجب على المكلف وإن لم يرد ثمة خطاب شرعي، فهؤلاء لهم حديث آخر، وإلا فالعلماء أجمعوا على أن الصبي والمجنون ليس عليهما تكليف، ودليل ذلك ما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث علي بن أبي طالب ، ومن حديث عائشة رضي الله عن الجميع، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ ).




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
القواعد لابن اللحام [21] 2458 استماع
القواعد لابن اللحام [3] 2345 استماع
القواعد لابن اللحام [23] 2229 استماع
القواعد لابن اللحام [22] 2220 استماع
القواعد لابن اللحام [8] 2080 استماع
القواعد لابن اللحام [2] 1923 استماع
القواعد لابن اللحام [16] 1920 استماع
القواعد لابن اللحام [9] 1867 استماع
القواعد لابن اللحام [17] 1820 استماع
القواعد لابن اللحام [27] 1790 استماع