الروض المربع - كتاب الجنائز [14]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

تعزية الكافر

فقد قال المؤلف رحمه الله: (وتحرم تعزية كافر).

عندنا فرق بين أن يموت لمسلم قريب كافر، وبين أن يموت لكافر كافر، فهل يعزى الكافر أم لا؟

القول الأول: ذهب الحنابلة إلى أنه يحرم تعزية الكافر.

والقول الثاني في المسألة: أنها مرتبطة بالمصلحة، فإذا كانت المصلحة تقتضي ذلك فلا حرج، والمصلحة ليست كالمصلحة الشخصية، ولكن المصلحة الشرعية التي بها جمع الكلمة، أو رأب الصدع، أو الكشف عن شره ونحو ذلك، أو المجازاة بالمثل، فإن المسلم إذا كان في بلد كافر، وكان الكفار يعزونه فإنه يعزيهم، وهذا من باب المصلحة الشرعية حتى لا يظن أن المسلم قاس في تعامله، وهذا هو القول الثاني، وهو اختيار أبي العباس بن تيمية ، وهذا هو الظاهر والله أعلم، وهو أن تعزية الكافر إن كان يترتب عليها مصلحة شرعية من طمع بإسلامه أو للمجازاة بالمثل حتى لا يقال: إن المسلم سيء الخلق فالذي يظهر والله أعلم جوازه، ودليل الجواز أن النبي صلى الله عليه وسلم زار مريضاً كافراً، وكان والده كافراً، ومن المعلوم أن زيارة الحي الكافر فيه من إدخال السرور عليه ما لا يخفى، فإذا جاز زيارة الحي الكافر لحسن المعشر فتعزيته من حسن المعشر، هذا هو الراجح والله أعلم.

وسواء كان قريباً له أم لا، وعلى هذا فما يفعله بعض الناس من كتابة التعزية إذا كان ذلك يتبادلونه بين بعضهم بعضاً فأرى أن هذا لا بأس به، أما أن يعزي كافراً وليس بينه وبينه صلة وربما كان يقصد بذلك طمعاً لدنياه أو حفاوة به فأرى أن هذا مكروه، وإذلال للمسلم، ولهذا قال تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [النساء:141]، وهذا من الإذلال الذي لا ينبغي للمسلم أن يوقع نفسه فيه، وإذا جاز ذلك في حق المسلم مع المسلم فلا ينبغي أن يذل المسلم نفسه لكافر.

تكرار التعزية

قال المؤلف رحمه الله: (وكره تكرارها).

يعني: تكرار التعزية، الكراهة حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل شرعي، ولهذا فالذي يظهر والله أعلم أن الزيارة على حسب حال المزور، فإن كان المسلم يرتاح إلى زيارة أخيه مرة تلو المرة فأرى أن ذلك مقصود شرعي، وذلك لأمور:

أولاً: لأنه لم يرد دليل يمنع التكرار حتى يقال: وكره تكرار التعزية.

الثاني: أن المقصود الأعظم بالتعزية هو جبر مصاب أهل الميت، وإدخال السرور عليهم، وتذكيرهم بالله سبحانه وتعالى، حتى لا يقعوا في مكروه، وإذا كان هذا يحصل بتكرارها فأرى أن ذلك لا بأس به وهذا أمر مشاهد، فإن الإنسان إذا زار قريبه الذي مات له ميت زاره اليوم، وبعد غد زاره، فإن في ذلك مواساة له خاصة إذا عزاه مثلاً في المسجد، ثم أتى إليه في بيته، فإن مجيئه وتقصد المجيء يفرح أهل الميت فرحاً شديداً، ولهذا يجد الإنسان ذلك في نفسه، فيبعث فيه السرور والطمأنينة، ويذكره بالله، ويهون عليه المصاب فينتفع الناس وأهل الميت انتفاعاً كثيراً، فيقال: زارتنا فلانة أو زارنا فلان ودعا للميت وذكر شيئاً أراحنا وخفف علينا، فهذا أمر ثابت معروف، ولهذا فالذي يظهر أن الزيارة الثانية إذا لم يقصد بها المباهاة والمضاهاة وإنما قصد بها التخفيف أنها مشروعة والله أعلم.

رد المعزى على المعزي

قال المؤلف رحمه الله: (ويرد معزى بـ: استجاب الله دعاءك، ورحمنا الله وإياك).

هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء، ولكن الله تعالى قال: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86].

الاجتماع والجلوس للعزاء

أما حكم الجلوس للعزاء واجتماع أهل الميت لتعزيتهم؟

أقول: اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية و أحمد في رواية إلى أنه لا يشرع الاجتماع عند أهل الميت وزيارتهم، وإنما تحصل التعزية إذا لقيه في طريق أو لقيه في المسجد ونحو ذلك، وقد نص عليه الشافعي نصاً، وهو مذهب الشافعية، وهو قول لبعض المالكية أيضاً، وقالوا: إن ذلك من النياحة، لما جاء عند الإمام أحمد من حديث جرير : كنا نعد الاجتماع لأهل الميت وصنعة الطعام لهم من النياحة.

والقول الثاني في المسألة: أن الاجتماع عند أهل الميت وزيارتهم لا بأس بها، وأنها مستحبة على الخلاف هل هي مستحبة أم جائزة؟ وهذه هي رواية عند الإمام أحمد اختارها أبو داود صاحب السنن، وهو ظاهر صنيع البخاري ، وهو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز ، وهذا القول الثاني أظهر والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم، وذلك لأمور:

أولاً: لأنه أجمع أهل العلم على أن التعزية مستحبة، والتعزية لا يتم العزاء إلا بها فكل ما لا يتم المستحب إلا به فهو مستحب، ومن المعلوم أن الناس قد تفرقوا، فأهل البلد الواحد يصعب لقياك بهم فكيف إذا كانوا متباعدين.

فلا يجتمعون إلا في العزاء، لذلك أرى أن ذلك لا بأس به؛ لما جاء في الصحيحين من حديث عائشة أنها قالت: ( كان إذا مات الميت من أهلها فلم يبق إلا أهل الميت أعطتهم التلبينة، وقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن )، وجه الدلالة أنها قالت: ( فلم يبق إلا أهل الميت ) مما يدل على أن الناس كان معتاداً عندهم أن يزور الناس أهل الميت، ولهذا قالت: ( فلم يبق إلا أهل الميت ).

ثانياً: أن ما لا يتم المستحب إلا به فهو مستحب.

ثالثاً: أنه لم يأت دليل يمنع من ذلك، وأما ما جاء في حديث جرير بن عبد الله البجلي : ( كنا نعد الاجتماع لأهل الميت وصنعة الطعام لهم من النياحة )، فالجواب على ذلك من وجوه:

الوجه الأول: أن هذا الحديث منكر، كما قال الإمام أحمد في مسائل أبي داود أنه حديث منكر.

الوجه الثاني: أن المنع من ذلك ليس هو الاجتماع للتعزية، ولكن هو الاجتماع لصنعة الطعام، أو مع صنعة الطعام لهم، وعلى هذا فقوله: ( كنا نعد الاجتماع لأهل الميت وصنعة الطعام )، يعني: مع صنعة الطعام، فكان النهي هو وجود العلتين مركبتين، وليست علة واحدة، وهذا هو الظاهر والله أعلم؛ لأن الاجتماع وصنعة الطعام فيه من المفاخرة والمباهاة والرياء ما لا يخفى، فيقال: سرادق فلان بن فلان حال وفاته أكثر من سرادق فلان بن فلان، ولهذا يكره أكل الطعام إذا كان فيه نوع من المفاخرة، ولهذا جاء عند أهل السنن من حديث ابن عباس ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن طعام المتباريين ) يعني: اللذين يتفاخران، مثل المباهاة التي تكون في المجالس البلدية في الانتخابات، فيذبحون لفلان ويجتمعون له لأجل أن فلاناً يذبح له فأرى أن الأكل من هذا ليس بمشروع إذا كان على سبيل المفاخرة والمباهاة، والله أعلم.

البكاء على الميت

قال المؤلف رحمه الله: [ ويجوز البكاء على الميت لقول أنس رضي الله عنه: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وعيناه تدمعان وقال: إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم ) متفق عليه، ويسن الصبر والرضا والاسترجاع فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي، واخلف لي خيراً منها، ولا يلزم الرضا بمرض وفقر وعاهة ].

قول المؤلف رحمه الله: (ويجوز البكاء على الميت)، البكاء على الميت نوعان:

النوع الأول: دمع عين، وحزن قلب، فهذا لا بأس به بإجماع العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ).

النوع الثاني: البكاء الذي فيه صوت وهذا محرم إذا كان يتطلبه؛ لقوله: ( ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم )، وأما إن خرج الصوت وهو لا يريده ولا يتطلبه، ولا يستوجبه فأرى أن هذا جائز والله أعلم؛ لأن هذا مما لا يقدر على إمساكه الإنسان، ولهذا أشار أنس إلى دمع عينيه صلى الله عليه وسلم وقال: ( إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم )، والحديث متفق عليه.

الصبر والرضا بأقدار الله

قال المؤلف رحمه الله: (ويسن الصبر والرضا).

الأقرب -والله أعلم- أن الصبر واجب، بل هو قول عامة أهل العلم، بل حكى بعضهم الإجماع على وجوب الصبر، ولعل قول لمؤلف: (ويسن) فيه تجوز، ولعله يقصد المشروعية، وإلا فإن الصبر واجب باتفاق الأئمة كما ذكر ذلك أبو العباس بن تيمية وغيره.

(والرضا) بأن يرضى بالمقدور، والرضا ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول رضا بالقضاء، أي بما قدره الله وقضاه، أي: بقضائه بأصل الفعل، فهذا واجب، ولا يؤمن الإنسان بالقضاء والقدر إلا بأن يؤمن أن هذا من عند الله فيرضى.

أما القسم الثاني: فهو رضاه بوقوع المصيبة عليه، فهذا يسمى رضا بالمقضي، وليس بأصل الفعل، فهذا الراجح والله أعلم وهو مذهب جمهور أهل العلم أن ذلك مستحب، وليس بواجب، وقد قال بعض السلف: إن ذلك واجب، والصحيح أنه ليس بواجب كما هو اختيار أبي العباس بن تيمية.

القسم الثالث: الشكر، وهذه مرتبة ثالثة ومقام من مقامات إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، والراجح فيه أنه مستحب، والله أعلم.

واعلم -رعاك ربي- أن وقوع المصيبة في حق المسلم تكفر بها سيئاته، ولو لم يصبر، فتكفر سيئاته لأجل لمصيبة، ويأثم لعدم الصبر، فإن صبر كفرت عنه المصيبة وأجر على صبره، فإن رضي زاد فضله، فإن شكر زاد أجره، ويستحب للإنسان أن يقول عند المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيراً منها، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أم سلمة أنها دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ( قولي: اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها، قالت: ومن يكون خيراً من أبي سلمة ، فلما قلت أعقبني الله من هو خير لي منه: رسول الله صلى الله عليه وسلم ).

قال المؤلف رحمه الله: (ولا يلزم الرضا بمرض وفقر وعاهة)، هذا هو الراجح والله أعلم.

ثم قال المؤلف رحمه الله: (ويحرم بفعل المعصية).

يعني: يحرم الرضا بفعل المعصية، ولا إشكال في حرمه الرضا بفعل المعصية، وهذا محل إجماع، ذكره غير واحد من أهل العلم كـابن عقيل وغيره؛ لأن الرضا بالمعصية رضا بما يسخط الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال تعالى: وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ [الزمر:7].

مواضع لا يلزم فيها الصبر

قال المؤلف رحمه الله: (ولا يلزم الرضا بمرض وفقر وعاهة)، هذا هو الراجح والله أعلم.

ثم قال المؤلف رحمه لله: (ويحرم بفعل المعصية).

يعني: يحرم الرضا بفعل المعصية، ولا إشكال في حرمه الرضا بفعل المعصية، وهذا محل إجماع، ذكره غير واحد من أهل العلم كـابن عقيل وغيره؛ لأن الرضا بالمعصية رضا بما يسخط الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال تعالى: وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ [الزمر:7].

خلع العمامة أو الغترة أو تمزيق الثياب حزناً على الميت

قال المؤلف رحمه الله: (وكره لمصاب تغيير حاله).

يعني: بعض الناس إذا جاءته مصيبة يخلع غترته أو يخلع عمامته أو يمزق ثيابه، فهذا إن كان بشق الجيوب ولطم الخدود فهذه كبيرة من كبائر الذنوب، كما صح ذلك عن ابن مسعود مرفوعاً، وأما إذا كان ذلك مثل ما يفعله بعض الناس يأخذ الغترة والعقال وينزلها بقوة كنوع تسخط على قضاء الله فأرى أن هذا محرم وإن لم يتلفظ، ولا يقال: إن ذلك مكروه.

أما إذا فعل ذلك لوجود حشرجة في صدره فأرى والله أعلم أن ذلك جائز، فأحياناً لا يستطيع أن يتنفس فيزيل أزارير ثيابه ويخلع غترته، هذا نوع من الحشرجة والانكتام الذي يأتي أحياناً لشدة المصيبة فأرى أن هذا جائز والله أعلم، لكن لا ينبغي أن يكون فيه نوع تسخط بالأفعال.

تعطيل الحياة وتنكيس الأعلام حزناً على الميت

قال المؤلف رحمه الله: (وتعطيل معاشه).

يعني: يكره للإنسان تعطيل معاشه دائماً، لكن إن كان يقصد به التعزية كحال السلف لا حرج، إذا كان قصد التفرغ للتعزية، أما المطالبة بإيقاف العمل لأجل موت فلان فأرى أن هذا ليس من هدي السلف، وقد صدرت فتوى من اللجنة الدائمة بأن إنزال العلم وإيقاف الأعمال المعتادة غير مشروع، وأنه محرم؛ لأن هذا من فعل الجاهلية والتشبه بغير أهل الإسلام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( ومن تشبه بقوم فهو منهم )، ولهذا قال المؤلف: (لا جعل علامة عليه ليعرف فيعزى) يعني: أن ذلك إذا كان تركه للمعاش لأجل أن يتفرغ لمن يزوره فأنا أرى أن هذا لا بأس به والله أعلم.

هجر الزينة والثياب الحسنة ثلاثة أيام حزناً على الميت

قال المؤلف رحمه الله: (وهجره للزينة وحسن الثياب ثلاثة أيام).

يعني: أنه جائز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جوز أن يحد ثلاثة أيام، ولهذا قال: ( لا يحل لمسلم أن يموت له ميت فيحد عليه فوق ثلاث )، وجه الدلالة أنه ما كان ثلاثة أيام فلا حرج، فلا يتزين ولا يصنع شيئاً، وقد كانت أمهات المؤمنين إذا مات لهن الميت غير الزوج بعد ثلاث طلبن بعض الزينة وبعض الطيب فيدهن حتى لا يقعن في المخالفة وهذا حسن.

فقد قال المؤلف رحمه الله: (وتحرم تعزية كافر).

عندنا فرق بين أن يموت لمسلم قريب كافر، وبين أن يموت لكافر كافر، فهل يعزى الكافر أم لا؟

القول الأول: ذهب الحنابلة إلى أنه يحرم تعزية الكافر.

والقول الثاني في المسألة: أنها مرتبطة بالمصلحة، فإذا كانت المصلحة تقتضي ذلك فلا حرج، والمصلحة ليست كالمصلحة الشخصية، ولكن المصلحة الشرعية التي بها جمع الكلمة، أو رأب الصدع، أو الكشف عن شره ونحو ذلك، أو المجازاة بالمثل، فإن المسلم إذا كان في بلد كافر، وكان الكفار يعزونه فإنه يعزيهم، وهذا من باب المصلحة الشرعية حتى لا يظن أن المسلم قاس في تعامله، وهذا هو القول الثاني، وهو اختيار أبي العباس بن تيمية ، وهذا هو الظاهر والله أعلم، وهو أن تعزية الكافر إن كان يترتب عليها مصلحة شرعية من طمع بإسلامه أو للمجازاة بالمثل حتى لا يقال: إن المسلم سيء الخلق فالذي يظهر والله أعلم جوازه، ودليل الجواز أن النبي صلى الله عليه وسلم زار مريضاً كافراً، وكان والده كافراً، ومن المعلوم أن زيارة الحي الكافر فيه من إدخال السرور عليه ما لا يخفى، فإذا جاز زيارة الحي الكافر لحسن المعشر فتعزيته من حسن المعشر، هذا هو الراجح والله أعلم.

وسواء كان قريباً له أم لا، وعلى هذا فما يفعله بعض الناس من كتابة التعزية إذا كان ذلك يتبادلونه بين بعضهم بعضاً فأرى أن هذا لا بأس به، أما أن يعزي كافراً وليس بينه وبينه صلة وربما كان يقصد بذلك طمعاً لدنياه أو حفاوة به فأرى أن هذا مكروه، وإذلال للمسلم، ولهذا قال تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [النساء:141]، وهذا من الإذلال الذي لا ينبغي للمسلم أن يوقع نفسه فيه، وإذا جاز ذلك في حق المسلم مع المسلم فلا ينبغي أن يذل المسلم نفسه لكافر.