كتاب أحكام الميت [2]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستهديه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله, اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد, وسلم تسليماً كثيراً.

وبعد:

فقال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب أحكام الميت, والكلام في هذا الكتاب - وهي حقوق الأموات على الأحياء- ينقسم إلى ست جمل:

الجملة الأولى : فيما يستحب أن يفعل به عند الاحتضار وبعده.

الثانية : في غسله.

الثالثة : في تكفينه.

الرابعة : في حمله واتباعه.

الخامسة : في الصلاة عليه.

السادسة : في دفنه ].

قال: [ الباب الأول: فيما يستحب أن يفعل به عند الاحتضار وبعده.

ويستحب أن يلقن الميت عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لقنوا موتاكم شهادة لا إله إلا الله ) ], الحديث أخرجه الإمام مسلم .

[ وقوله صلى الله عليه وسلم: (من كان آخر قوله: لا إله إلا الله دخل الجنة) ]، أخرجه أحمد و أبو داود , وهو حديث صحيح.

قال شيخنا في أحكام الجنائز: وليس التلقين ذكر الشهادة بحضرة الميت وتسميعه إياها, بل هو أمره بأن يقولها, خلافاً لما يظن البعض, والدليل: حديث أنس : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: عاد رجلاً من الأنصار, فقال: يا خال! قل: لا إله إلا الله), الحديث، أخرجه أحمد بإسناد صحيح.

توجيه الميت إلى القبلة عند الاحتضار

[ واختلفوا في استحباب توجيهه إلى القبلة: فرأى ذلك قوم, ولم يره آخرون, وروي عن مالك أنه قال في التوجيه: ما هو بالأمر القديم ], يعني: لم يفعله السلف, [ وروي عن سعيد بن المسيب أنه أنكر ذلك, ولم يرو ذلك عن أحد من الصحابة ولا من التابعين. أعني: الأمر بالتوجيه ].

قال الشيخ ناصر في أحكام الجنائز: التوجيه إلى القبلة لم يصح فيه حديث. يعني: توجيه الميت حال الاحتضار إلى القبلة لم يصح فيه حديث, بل كره سعيد بن المسيب التوجيه إليها, وقال: أليس الميت امرءاً مسلماً؟! أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف بسند صحيح.

هنا في تعليق لـحلاق : يقول: قلت: يستحب توجيه المحتضر إلى القبلة؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود و النسائي و الحاكم في المستدرك عن عبيد بن عمير , عن أبيه أنه حدثه وكانت له صحبة: (أن رجلاً سأله فقال: يا رسول الله! ما الكبائر؟ قال: هن تسع. فذكر معناه, زاد: وعقوق الوالدين المسلمين, واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياءً وأمواتاً)، وهو حديث حسن, وقد حسنه الألباني في صحيح أبي داود .

وكأن الشيخ لا يرى هذا، قبلتكم أحياءً. يعني في الصلاة, وأمواتاً يعني في القبر, ولم يره في الاحتضار, ولهذا قال: لم يصح فيه حديث؛ لأنه لم ير هذا الحديث عند الاحتضار, وإنما رآه في القبر.

تعجيل دفن الميت

[ فإذا قضى الميت غمض عيناه، ويستحب تعجيل دفنه؛ لورود الآثار بذلك ].

أورد حلاق أثرين ضعيفين وهما:

أولاً: حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يا علي ! ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجد لها الكفؤ), ولكن الحديث ضعيف, وذكر حديثاً آخر وهو كذلك ضعيف عن الحصين بن وحوح : (أن طلحة بن البراء مرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده, فقال: إني لأرى طلحة إلا قد حدث به الموت, فآذنوني وعجلوا؛ فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله), وهو حديث ضعيف.

ولهذا يغني عنهما: حديث أبي هريرة : (أسرعوا بالجنازة؛ فإن تكن صالحة فخير تقدمونها إليه, وإن تكن غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم ), متفق عليه.

الميت الذي لا يسن تعجيل دفنه

ثم قال المؤلف: [ إلا الغريق ]، يعني: ما يسن الإسراع.

[ إلا الغريق؛ فإنه يستحب في المذهب تأخير دفنه؛ مخافة أن يكون الماء قد غمره فلم تتبين حياته.

قال القاضي -المؤلف- وإذا قيل هذا في الغريق فهو أولى في كثيرٍ من المرضى، مثل الذين يصيبهم انطباق العروق ]. يعني: مرض السكتة [ وغير ذلك مما هو معروف عند الأطباء, حتى لقد قال الأطباء: إن المسكوتين لا ينبغي أن يدفنوا إلا بعد ثلاثة أيام ]؛ لأن بعض الناس يموت منه الدماء ويكون النبض باقياً, لكنه لا يتنفس, ويعرفون بدخوله في غرفة الإنعاش.

[ واختلفوا في استحباب توجيهه إلى القبلة: فرأى ذلك قوم, ولم يره آخرون, وروي عن مالك أنه قال في التوجيه: ما هو بالأمر القديم ], يعني: لم يفعله السلف, [ وروي عن سعيد بن المسيب أنه أنكر ذلك, ولم يرو ذلك عن أحد من الصحابة ولا من التابعين. أعني: الأمر بالتوجيه ].

قال الشيخ ناصر في أحكام الجنائز: التوجيه إلى القبلة لم يصح فيه حديث. يعني: توجيه الميت حال الاحتضار إلى القبلة لم يصح فيه حديث, بل كره سعيد بن المسيب التوجيه إليها, وقال: أليس الميت امرءاً مسلماً؟! أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف بسند صحيح.

هنا في تعليق لـحلاق : يقول: قلت: يستحب توجيه المحتضر إلى القبلة؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود و النسائي و الحاكم في المستدرك عن عبيد بن عمير , عن أبيه أنه حدثه وكانت له صحبة: (أن رجلاً سأله فقال: يا رسول الله! ما الكبائر؟ قال: هن تسع. فذكر معناه, زاد: وعقوق الوالدين المسلمين, واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياءً وأمواتاً)، وهو حديث حسن, وقد حسنه الألباني في صحيح أبي داود .

وكأن الشيخ لا يرى هذا، قبلتكم أحياءً. يعني في الصلاة, وأمواتاً يعني في القبر, ولم يره في الاحتضار, ولهذا قال: لم يصح فيه حديث؛ لأنه لم ير هذا الحديث عند الاحتضار, وإنما رآه في القبر.

[ فإذا قضى الميت غمض عيناه، ويستحب تعجيل دفنه؛ لورود الآثار بذلك ].

أورد حلاق أثرين ضعيفين وهما:

أولاً: حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يا علي ! ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجد لها الكفؤ), ولكن الحديث ضعيف, وذكر حديثاً آخر وهو كذلك ضعيف عن الحصين بن وحوح : (أن طلحة بن البراء مرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده, فقال: إني لأرى طلحة إلا قد حدث به الموت, فآذنوني وعجلوا؛ فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله), وهو حديث ضعيف.

ولهذا يغني عنهما: حديث أبي هريرة : (أسرعوا بالجنازة؛ فإن تكن صالحة فخير تقدمونها إليه, وإن تكن غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم ), متفق عليه.

ثم قال المؤلف: [ إلا الغريق ]، يعني: ما يسن الإسراع.

[ إلا الغريق؛ فإنه يستحب في المذهب تأخير دفنه؛ مخافة أن يكون الماء قد غمره فلم تتبين حياته.

قال القاضي -المؤلف- وإذا قيل هذا في الغريق فهو أولى في كثيرٍ من المرضى، مثل الذين يصيبهم انطباق العروق ]. يعني: مرض السكتة [ وغير ذلك مما هو معروف عند الأطباء, حتى لقد قال الأطباء: إن المسكوتين لا ينبغي أن يدفنوا إلا بعد ثلاثة أيام ]؛ لأن بعض الناس يموت منه الدماء ويكون النبض باقياً, لكنه لا يتنفس, ويعرفون بدخوله في غرفة الإنعاش.

[الباب الثاني في غسل الميت: ويتعلق بهذا الباب فصول أربعة:

منها في حكم الغسل، ومنها في من يجب غسله من الموتى, ومن يجوز أن يغسل, وما حكم الغاسل, ومنها في صفة الغسل.

الفصل الأول في حكم الغسل:

وأما حكم الغسل فإنه قيل فيه: إنه فرض على الكفاية]. وبه قال الشافعي و أحمد و أبي حنيفة و مالك في أحد قوليه.

[وقيل: سنة على الكفاية, والقولان كلاهما في المذهب]. يعني: أنه فرض كفاية، أو سنة كفاية, كلاهما في المذهب.

والقول بأنه فرض كفاية هو قول الأئمة الثلاثة.

سبب اختلاف العلماء في حكم غسل الميت

[ والسبب في ذلك: أنه نقل بالعمل لا بالقول والعمل ليس له صيغة تفهم الوجوب أو لا تفهمه ]. يعني أن غسل الميت نقل بالفعل ولم ينقل بالقول, والفعل لا يدل على الوجوب, وليس له صيغة تدل على الوجوب.

[وقد احتج عبد الوهاب لوجوبه بقوله صلى الله عليه وسلم] إذاً: المؤلف رجع وذكر أنه ذكر بسبب قول, [ وقد احتج عبد الوهاب لوجوبه بقوله في بنته: ( اغسلنها ثلاثاً أو خمساً )، وبقوله في المحرم: ( اغسلوه )], (ولا تجعلوا معه طيباً, ولا تغطوا رأسه,)، [فمن رأى أن هذا القول خرج مخرج التعليم لصفة الغسل لا مخرج الأمر به لم يقل بوجوبه], يقول: أنه هذا الأمر ليعلمهم كيف يغسلوا، وليس ليأمرهم بالغسل, [ومن رأى أنه يتضمن الأمر والصفة قال بوجوبه].

أقول: الراجح وجوب غسل الميت على الكفاية؛ للأمر به في المحرم وفي غسل ابنته زينب , ولأن ظاهر السياق يتضمن المعنيين اللذين أشار اليهما المؤلف, يعني: الأمر والصفة.

[ والسبب في ذلك: أنه نقل بالعمل لا بالقول والعمل ليس له صيغة تفهم الوجوب أو لا تفهمه ]. يعني أن غسل الميت نقل بالفعل ولم ينقل بالقول, والفعل لا يدل على الوجوب, وليس له صيغة تدل على الوجوب.

[وقد احتج عبد الوهاب لوجوبه بقوله صلى الله عليه وسلم] إذاً: المؤلف رجع وذكر أنه ذكر بسبب قول, [ وقد احتج عبد الوهاب لوجوبه بقوله في بنته: ( اغسلنها ثلاثاً أو خمساً )، وبقوله في المحرم: ( اغسلوه )], (ولا تجعلوا معه طيباً, ولا تغطوا رأسه,)، [فمن رأى أن هذا القول خرج مخرج التعليم لصفة الغسل لا مخرج الأمر به لم يقل بوجوبه], يقول: أنه هذا الأمر ليعلمهم كيف يغسلوا، وليس ليأمرهم بالغسل, [ومن رأى أنه يتضمن الأمر والصفة قال بوجوبه].

أقول: الراجح وجوب غسل الميت على الكفاية؛ للأمر به في المحرم وفي غسل ابنته زينب , ولأن ظاهر السياق يتضمن المعنيين اللذين أشار اليهما المؤلف, يعني: الأمر والصفة.