كتاب الصلاة [14]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله نحمده ونستغفره ونستهديه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله, اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد, وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

وبعد:

قراءة القرآن في الركوع والسجود

يقول المصنف رحمه الله: [ المسألة السادسة: اتفق الجمهور على منع قراءة القرآن في الركوع والسجود لحديث علي في ذلك ] الذي أخرجه الإمام مسلم [ قال: نهاني حبي ] يعني به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[ صلى الله عليه وسلم أن أقرأ القرآن راكعاً وساجداً. قال الطبري : وهو حديث صحيح، وبه أخذ فقهاء الأمصار، وصار قوم من التابعين إلى جواز ذلك ] أي: جواز القراءة في الركوع والسجود [ وهو مذهب البخاري ; لأنه لم يصح الحديث عنده، والله أعلم ].

إذا لم يصح عند البخاري فهذا لا يعني أنه غير صحيح, فقد يكون الطريق الذي وصل إليه منها إلى هذا الحديث ضعيفة, ولكن جاء بعده الإمام مسلم فوصله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من طريق آخر.

ما يقال في الركوع والسجود

قال رحمه الله: [ واختلفوا: هل في الركوع والسجود. قول محدود يقوله المصلي أم لا؟ فقال مالك : ليس في ذلك قول محدود. وذهب الشافعي ، و أبو حنيفة ، و أحمد ، وجماعة غيرهم إلى أن المصلي يقول في ركوعه: (سبحان ربي العظيم) ثلاثاً، وفي السجود (سبحان ربي الأعلى) ثلاثاً، على ما جاء في حديث عقبة بن عامر ].

ولكن الحديث هذا ضعيف, والراجح أن للركوع والسجود عدة أذكار مخصوصة، ذكرها شيخنا الألباني في صفة الصلاة,

منها في الركوع: (سبحان ربي العظيم) ثلاثاً, و الألباني لا يثبت في هذا الكتاب إلا حديثاً صحيحاً، فهو صحيح, وفي السجود: (سبحان ربي الأعلى) ثلاثاً, أخرجه أبو داود و الدارقطني وصححه. وكان يكررها أكثر من ذلك, يعني: أكثر من ثلاث, أخرجه أحمد و أبو داود و ابن ماجه عن سبعة من الصحابة, قال شيخنا في صفة الصلاة: ففيه رد على من أنكر التقييد بثلاث تسبيحات و ابن القيم أنكر ثبوت ذلك, فهذه الأحاديث الصحيحة فيها رد على ابن القيم .

ومنها في الركوع: ( سبحان ربي العظيم وبحمد, ثلاثاً ), وفي السجود: ( سبحان ربي الأعلى ), ومنها: في الركوع (سبحان ربي العظيم وبحمده), زيادة وبحمده, في الأول: سبحان ربي العظيم, وهنا زيادة: ( سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثاً ), وفي السجود: ( سبحان ربي الأعلى وبحمده, ثلاثاً ) ومنها: ( سبوح قدوس رب الملائكة والروح ), أخرجه مسلم , ومنها: ( سبحانك اللهم وبحمدك, اللهم اغفر لي يكثر منها في الركوع والسجود ), أخرجه البخاري و مسلم , وهناك عدة أذكار ذكرها شيخنا الألباني في صفة الصلاة.

ومنها: ( سبوح قدوس ), هذه الأذكار تقال في الركوع والسجود, وهذا الحديث فيه دلالة على أنه يدعو في الركوع.

[ وقال الثوري : أحب إلي أن يقولها الإمام خمساً في صلاته حتى يدرك الذي خلفه ثلاث تسبيحات ]. كلام الثوري لا نقول أنه استحسان منه؛ لأنه ورد، وأنه يكررها أكثر من ذلك.

[ والسبب في هذا الاختلاف: معارضة حديث ابن عباس في هذا الباب لحديث عقبة بن عامر ، وذلك أن في حديث ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام قال: ( ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم )].

أي: فحقيق ( أن يستجاب لكم ), وفي الحديث الآخر: ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ), وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي[البقرة:186], فاستجابة الدعاء ليست على ما يريده الداعي, ولكن إجابة الدعاء تكون في ما هو أصلح للداعي, إما في الزمان أو في غير ذلك, ولهذا ورد في الحديث وإن كان فيه كلام لكنه صحيح: ( الحذر لا يرد منه القدر, ويرد منه الدعاء, وإن القدر لينزل من السماء فيتلقاه الدعاء فلا يزال - معنى الحديث - يعتلجان إلى يوم القيامة ).

وهنا فائدة وهي أن القدر أقسام, الأول: علم الله الأزلي الذي في اللوح المحفوظ, فهذا القدر لا يبدل ولا يغير.

والثاني: ما يكتب ويسجل في السماء في اللوح المحفوظ.

وهذا يكتب بطريقتين: الطريقة الأولى: أن يكون مكتوباً فإذا دعا العبد رفع عنه القضاء أو خفف عنه.

الطريقة الثانية: أن يكون مكتوباً فإذا لم يدع العبد لم يرفع القضاء عنه ولم يخفف عنه.

الثالث: نزول قدر من السماء إلى الأرض محل الاعتلاج فعندما ينزل القضاء والقدر من السماء إلى الأرض، فمن الممكن أن نعرفه قبل أن يحدث: أولاً: عن طريق الكهان الذين يتوصلون إليه, بطريق استراق السمع ولكن الشياطين يخلطون مع الواحدة مائة كذبة, وبالتالي لا يعرفون أين الحقيقة من غيرها.

الثاني: التوصل إليه بالرؤية الصالحة, وهناك مع الرؤية الصالحة ثلاث طرق هي: حديث النفس, ووسواس الشيطان, فإذا جاء في المستقبل وفق ما رأيت عرفت أنها رؤية صالحة, ويمكن أن أتوصل إليه بالمحدَّث, ففي الحديث الصحيح: ( كان فيما قبلكم محدثون, وإن يكن منهم أحد فمنهم عمر ), فهذا المحدّث يلقى في روعه: أن سيقع كذا وكذا, ولكنه قد لا يلتفت إليه أو لا يلقي له أهمية حتى يقع, فهذا يتوصل إليه, وفي رؤية الشر قبل نزوله فائدة, وذلك أنك تستعد له بالدعاء, قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن الرؤيا الصالحة بشارة للمؤمن، فإذا رأى ما يكرهه فلينفث ثلاثاً وليستعذ منها فإنها لا تضره ), إذاً الدعاء يتدافع مع القضاء.

قوله: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ[البقرة:186], دليل على أن الله سبحانه وتعالى يجيب دعوة المؤمن, ولكنه بإرادته وبما هو خير له فلا يستعجل.

[ وفي حديث عقبة بن عامر ]، وهو حديث ضعيف كما مر معنا، [ أنه قال: ( لما نزلت: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة:74] قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم، ولما نزلت: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] قال: اجعلوها في سجودكم )].

وهذا الحديث ضعيف, ولكن المعنى هنا صحيح.

[ وكذلك اختلفوا في الدعاء في الركوع بعد اتفاقهم على جواز الثناء على الله ] أي: في الركوع. [ فكره ذلك مالك لحديث علي ] المتقدم [ أنه قال عليه الصلاة والسلام: ( أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء ). وقالت طائفة: يجوز الدعاء في الركوع، واحتجوا بأحاديث جاء فيها أنه عليه الصلاة والسلام دعا في الركوع، وهو مذهب البخاري واحتج بحديث عائشة الذي أخرجه البخاري و مسلم قالت: ( كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ), و أبو حنيفة لا يجيز الدعاء في الصلاة بغير ألفاظ القرآن ]. وأظن الزيدية, يقولون: لا يجوز الدعاء إلا بألفاظ القرآن.

[ و مالك ، و الشافعي يجيزان ذلك ] وكذلك أحمد [ والسبب في ذلك: اختلافهم فيه، هل هو كلام أم لا؟ ].

أي: هل الدعاء كلام أم لا؟ والراجح جواز الدعاء بغير القرآن في الصلاة, لورود الأحاديث بذلك, منها: حديث أبي هريرة عند البخاري : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله اسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ فقال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب, اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس, اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد ), قال الحافظ في الفتح (2/269): واستدل به على جواز الدعاء في الصلاة بما ليس من القرآن خلافاً للحنفية, وارجع إلى صفة الصلاة تجد جملةً كثيرة من الأدعية في الصلاة بغير القرآن, في أدعية الاستفتاح والركوع والسجود والجلوس بين السجدتين والجلوس للتشهد الأخير والقنوت, مما لا يسع المخالف إنكاره.

على كل حال فقد ذكر: أن مالك و الشافعي يجيزان ذلك, وقد درسنا في مذهب الشافعية: على أنه يجوز الدعاء بأمر الدنيا والآخرة, حتى بطلب الزوجة وتسميتها, وأما عند الحنابلة: فلا يجوزون الدعاء بأمور الدنيا, يقولون: إذا دعا في شيء في الآخرة من أمور الدنيا كما تقول: اللهم ارزقني مزرعة، يقولون: ما يجوز, إنما يجوز الدعاء في الصلاة بأمور الآخرة.

يقول المصنف رحمه الله: [ المسألة السادسة: اتفق الجمهور على منع قراءة القرآن في الركوع والسجود لحديث علي في ذلك ] الذي أخرجه الإمام مسلم [ قال: نهاني حبي ] يعني به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[ صلى الله عليه وسلم أن أقرأ القرآن راكعاً وساجداً. قال الطبري : وهو حديث صحيح، وبه أخذ فقهاء الأمصار، وصار قوم من التابعين إلى جواز ذلك ] أي: جواز القراءة في الركوع والسجود [ وهو مذهب البخاري ; لأنه لم يصح الحديث عنده، والله أعلم ].

إذا لم يصح عند البخاري فهذا لا يعني أنه غير صحيح, فقد يكون الطريق الذي وصل إليه منها إلى هذا الحديث ضعيفة, ولكن جاء بعده الإمام مسلم فوصله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من طريق آخر.

قال رحمه الله: [ واختلفوا: هل في الركوع والسجود. قول محدود يقوله المصلي أم لا؟ فقال مالك : ليس في ذلك قول محدود. وذهب الشافعي ، و أبو حنيفة ، و أحمد ، وجماعة غيرهم إلى أن المصلي يقول في ركوعه: (سبحان ربي العظيم) ثلاثاً، وفي السجود (سبحان ربي الأعلى) ثلاثاً، على ما جاء في حديث عقبة بن عامر ].

ولكن الحديث هذا ضعيف, والراجح أن للركوع والسجود عدة أذكار مخصوصة، ذكرها شيخنا الألباني في صفة الصلاة,

منها في الركوع: (سبحان ربي العظيم) ثلاثاً, و الألباني لا يثبت في هذا الكتاب إلا حديثاً صحيحاً، فهو صحيح, وفي السجود: (سبحان ربي الأعلى) ثلاثاً, أخرجه أبو داود و الدارقطني وصححه. وكان يكررها أكثر من ذلك, يعني: أكثر من ثلاث, أخرجه أحمد و أبو داود و ابن ماجه عن سبعة من الصحابة, قال شيخنا في صفة الصلاة: ففيه رد على من أنكر التقييد بثلاث تسبيحات و ابن القيم أنكر ثبوت ذلك, فهذه الأحاديث الصحيحة فيها رد على ابن القيم .

ومنها في الركوع: ( سبحان ربي العظيم وبحمد, ثلاثاً ), وفي السجود: ( سبحان ربي الأعلى ), ومنها: في الركوع (سبحان ربي العظيم وبحمده), زيادة وبحمده, في الأول: سبحان ربي العظيم, وهنا زيادة: ( سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثاً ), وفي السجود: ( سبحان ربي الأعلى وبحمده, ثلاثاً ) ومنها: ( سبوح قدوس رب الملائكة والروح ), أخرجه مسلم , ومنها: ( سبحانك اللهم وبحمدك, اللهم اغفر لي يكثر منها في الركوع والسجود ), أخرجه البخاري و مسلم , وهناك عدة أذكار ذكرها شيخنا الألباني في صفة الصلاة.

ومنها: ( سبوح قدوس ), هذه الأذكار تقال في الركوع والسجود, وهذا الحديث فيه دلالة على أنه يدعو في الركوع.

[ وقال الثوري : أحب إلي أن يقولها الإمام خمساً في صلاته حتى يدرك الذي خلفه ثلاث تسبيحات ]. كلام الثوري لا نقول أنه استحسان منه؛ لأنه ورد، وأنه يكررها أكثر من ذلك.

[ والسبب في هذا الاختلاف: معارضة حديث ابن عباس في هذا الباب لحديث عقبة بن عامر ، وذلك أن في حديث ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام قال: ( ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم )].

أي: فحقيق ( أن يستجاب لكم ), وفي الحديث الآخر: ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ), وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي[البقرة:186], فاستجابة الدعاء ليست على ما يريده الداعي, ولكن إجابة الدعاء تكون في ما هو أصلح للداعي, إما في الزمان أو في غير ذلك, ولهذا ورد في الحديث وإن كان فيه كلام لكنه صحيح: ( الحذر لا يرد منه القدر, ويرد منه الدعاء, وإن القدر لينزل من السماء فيتلقاه الدعاء فلا يزال - معنى الحديث - يعتلجان إلى يوم القيامة ).

وهنا فائدة وهي أن القدر أقسام, الأول: علم الله الأزلي الذي في اللوح المحفوظ, فهذا القدر لا يبدل ولا يغير.

والثاني: ما يكتب ويسجل في السماء في اللوح المحفوظ.

وهذا يكتب بطريقتين: الطريقة الأولى: أن يكون مكتوباً فإذا دعا العبد رفع عنه القضاء أو خفف عنه.

الطريقة الثانية: أن يكون مكتوباً فإذا لم يدع العبد لم يرفع القضاء عنه ولم يخفف عنه.

الثالث: نزول قدر من السماء إلى الأرض محل الاعتلاج فعندما ينزل القضاء والقدر من السماء إلى الأرض، فمن الممكن أن نعرفه قبل أن يحدث: أولاً: عن طريق الكهان الذين يتوصلون إليه, بطريق استراق السمع ولكن الشياطين يخلطون مع الواحدة مائة كذبة, وبالتالي لا يعرفون أين الحقيقة من غيرها.

الثاني: التوصل إليه بالرؤية الصالحة, وهناك مع الرؤية الصالحة ثلاث طرق هي: حديث النفس, ووسواس الشيطان, فإذا جاء في المستقبل وفق ما رأيت عرفت أنها رؤية صالحة, ويمكن أن أتوصل إليه بالمحدَّث, ففي الحديث الصحيح: ( كان فيما قبلكم محدثون, وإن يكن منهم أحد فمنهم عمر ), فهذا المحدّث يلقى في روعه: أن سيقع كذا وكذا, ولكنه قد لا يلتفت إليه أو لا يلقي له أهمية حتى يقع, فهذا يتوصل إليه, وفي رؤية الشر قبل نزوله فائدة, وذلك أنك تستعد له بالدعاء, قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن الرؤيا الصالحة بشارة للمؤمن، فإذا رأى ما يكرهه فلينفث ثلاثاً وليستعذ منها فإنها لا تضره ), إذاً الدعاء يتدافع مع القضاء.

قوله: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ[البقرة:186], دليل على أن الله سبحانه وتعالى يجيب دعوة المؤمن, ولكنه بإرادته وبما هو خير له فلا يستعجل.

[ وفي حديث عقبة بن عامر ]، وهو حديث ضعيف كما مر معنا، [ أنه قال: ( لما نزلت: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة:74] قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم، ولما نزلت: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] قال: اجعلوها في سجودكم )].

وهذا الحديث ضعيف, ولكن المعنى هنا صحيح.

[ وكذلك اختلفوا في الدعاء في الركوع بعد اتفاقهم على جواز الثناء على الله ] أي: في الركوع. [ فكره ذلك مالك لحديث علي ] المتقدم [ أنه قال عليه الصلاة والسلام: ( أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء ). وقالت طائفة: يجوز الدعاء في الركوع، واحتجوا بأحاديث جاء فيها أنه عليه الصلاة والسلام دعا في الركوع، وهو مذهب البخاري واحتج بحديث عائشة الذي أخرجه البخاري و مسلم قالت: ( كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ), و أبو حنيفة لا يجيز الدعاء في الصلاة بغير ألفاظ القرآن ]. وأظن الزيدية, يقولون: لا يجوز الدعاء إلا بألفاظ القرآن.

[ و مالك ، و الشافعي يجيزان ذلك ] وكذلك أحمد [ والسبب في ذلك: اختلافهم فيه، هل هو كلام أم لا؟ ].

أي: هل الدعاء كلام أم لا؟ والراجح جواز الدعاء بغير القرآن في الصلاة, لورود الأحاديث بذلك, منها: حديث أبي هريرة عند البخاري : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله اسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ فقال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب, اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس, اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد ), قال الحافظ في الفتح (2/269): واستدل به على جواز الدعاء في الصلاة بما ليس من القرآن خلافاً للحنفية, وارجع إلى صفة الصلاة تجد جملةً كثيرة من الأدعية في الصلاة بغير القرآن, في أدعية الاستفتاح والركوع والسجود والجلوس بين السجدتين والجلوس للتشهد الأخير والقنوت, مما لا يسع المخالف إنكاره.

على كل حال فقد ذكر: أن مالك و الشافعي يجيزان ذلك, وقد درسنا في مذهب الشافعية: على أنه يجوز الدعاء بأمر الدنيا والآخرة, حتى بطلب الزوجة وتسميتها, وأما عند الحنابلة: فلا يجوزون الدعاء بأمور الدنيا, يقولون: إذا دعا في شيء في الآخرة من أمور الدنيا كما تقول: اللهم ارزقني مزرعة، يقولون: ما يجوز, إنما يجوز الدعاء في الصلاة بأمور الآخرة.




استمع المزيد من الشيخ محمد يوسف حربة - عنوان الحلقة اسٌتمع
كتاب الزكاة [9] 2956 استماع
كتاب الزكاة [1] 2912 استماع
كتاب الطهارة [15] 2904 استماع
كتاب الطهارة [3] 2616 استماع
كتاب الصلاة [33] 2565 استماع
كتاب الصلاة [29] 2414 استماع
كتاب الطهارة [6] 2396 استماع
كتاب أحكام الميت [3] 2386 استماع
كتاب الطهارة [2] 2363 استماع
كتاب الصلاة [1] 2326 استماع