شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب شروط الصلاة - حديث 222-224


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فأول أحاديث الليلة هو حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ( إن كان الثوب واسعاً فالتحف به ) يعني: في الصلاة.

ولـمسلم : ( فخالف بين طرفيه، وإن كان ضيقاً فاتزر به )، والحديث متفق عليه كما أشار المصنف.

تخريج الحديث

معاني ألفاظ الحديث

وقوله رضي الله عنه: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره) بينت رواية مسلم أن هذا السفر الذي كان فيه جابر هو غزوة بواط التي خرج فيها جابر وغيره مع النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله: (إنه خرج لبعض أمره) بينت رواية مسلم أيضاً أن خروج جابر كان بإرسال النبي صلى الله عليه وسلم له، حيث أرسله مع جبار بن صخر من أجل إصلاح الماء وارتياده للجيش، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصلى إلى جنبه، فلما سلم قال له النبي عليه السلام: (ما السُّرى؟) يعني: ما الذي جعلك تسري وتأتي في هذا الوقت؟ فأخبره الخبر.

ثم قال له عليه السلام: (فما هذا الاشتمال؟) والاشتمال المقصود به في هذا الحديث: المخالفة بين الطرفين، أي: أن جابراً رضي الله عنه -كما بينت رواية مسلم - أيضاً كان عليه ثوب له ذباذب، والذباذب هي الأطراف التي تكون في الثوب، مثل التي تكون في بعض الغتر -مثلاً- وغيرها وبعض لحف النساء في هذا العصر، كان هذا الثوب له ذباذب كانت في أسفله، فلما أراد جابر أن يصلي قلب الثوب والتحف به، يعني: جعله مثل اللحاف على كتفيه وضمه إليه، قال رضي الله عنه -كما في رواية مسلم -: وتواقصت، يعني: لأن الثوب ضيق، كأنه انحنى شيئاً ما حتى يبالغ في الاستتار؛ لأن الثوب قصير لا يغطي جميع بدنه، قال: فتواقصت.

فإذاً: يكون إنكار الرسول عليه الصلاة والسلام في قوله: (ما هذا الاشتمال) -وهذا كأنه استفهام إنكاري- فيكون إنكاره صلى الله عليه وسلم على جابر أنه التحف بهذا الثوب وخالف بين طرفيه مع أن الثوب كان ضيقاً، مع أن الثوب كان ضيقاً، لو كان واسعاً لا حرج، لكن لأن الثوب كان ضيقاً، فلما التحف به انحنى في صلاته ولم يقم بالاعتدال المشروع المطلوب في الصلاة، فلذلك أنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال له مبيناً ومرشداً: ( إن كان الثوب واسعاً فالتحف به ) يعني: كما صنعت ( وإن كان ضيقاً فاتزر به ) يعني: اجعله إزاراً لك تستر به نصفك الأسفل، ونصفك الأعلى لا مانع أن يكون مكشوفاً، هذا معنى الحديث.

وفي رواية مسلم قال: ( إن كان الثوب واسعاً فخالف بين طرفيه، وإن كان ضيقاً فاشدده على حقوك ) ونريد أن نعرف ما معنى رواية مسلم : ( إن كان الثوب واسعاً فخالف بين طرفيه ).

قوله: (فخالف بين طرفيه) الذي أفهم من المخالفة بين الطرفين أن يجعل الطرف الذي على الجانب الأيمن على الأيسر: هكذا، والطرف الذي على الأيمن يجعله على الأيسر: هكذا، والمقصود الإزار الذي يستر البدن كله.

والمقصود من هذه المخالفة: أنها أبلغ في الستر، ومن جهة ثانية: أنها أسلم من جهة أنه لا يحتاج إلى أن يمسك الثوب بيده فينشغل بذلك ويتحرك في الصلاة، فضلاً عن أنه قد يظهر شيء من عورته، فضلاً عن أنه لا يتمكن أن يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره في الصلاة، بل يكون مشغولاً بالإمساك بثوبه، فأمره إن كان الثوب واسعاً أن يجعل طرفه الذي على الجهة اليمنى يجعله ينتقل إلى الجهة اليسرى، يصل إلى الجهة اليسرى، والطرف الذي على الجهة اليسرى يجعله يصل إلى الجهة اليمنى.

وذكر ابن السكيت معنىً آخر في هذا في قوله: (إن كان الثوب واسعاً فخالف بين طرفيه): أنه يأتي بالطرف الذي على الجهة اليمنى فيجعله من تحت إبطه الأيسر، يعني: هكذا، ويأتي بالطرف الذي كان على الجهة اليسرى فيجعله من تحت إبطه الأيمن، ثم يأتي بالطرفين أيضاً من أمامه فيعقدهما، وهذا -أيضاً- أبلغ في الستر، لا شك أنه أبلغ في الستر إذا كان الثوب كبيراً وطويلاً بحيث يستطيع الإنسان أن يفعل ذلك.

وأما قوله: (وإن كان ضيقاً فاشدده على حقوك) -كما في رواية مسلم - فالحقو -بكسر الحاء وبفتحها أيضاً: الحِقو والحَقو- هو خصر الإنسان، هو وسط الإنسان.

ومعنى قوله: (فاشدده على حقوك) هو قوله في الرواية الأخرى: (فاتزر به) يعني: غط به السرة وما دونها. هذه ألفاظ الحديث.

أما المسائل المتعلقة بالحديث فسوف تأتي ضمن الحديث الآخر؛ لأن معناهما متقارب.

وقوله رضي الله عنه: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره) بينت رواية مسلم أن هذا السفر الذي كان فيه جابر هو غزوة بواط التي خرج فيها جابر وغيره مع النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله: (إنه خرج لبعض أمره) بينت رواية مسلم أيضاً أن خروج جابر كان بإرسال النبي صلى الله عليه وسلم له، حيث أرسله مع جبار بن صخر من أجل إصلاح الماء وارتياده للجيش، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصلى إلى جنبه، فلما سلم قال له النبي عليه السلام: (ما السُّرى؟) يعني: ما الذي جعلك تسري وتأتي في هذا الوقت؟ فأخبره الخبر.

ثم قال له عليه السلام: (فما هذا الاشتمال؟) والاشتمال المقصود به في هذا الحديث: المخالفة بين الطرفين، أي: أن جابراً رضي الله عنه -كما بينت رواية مسلم - أيضاً كان عليه ثوب له ذباذب، والذباذب هي الأطراف التي تكون في الثوب، مثل التي تكون في بعض الغتر -مثلاً- وغيرها وبعض لحف النساء في هذا العصر، كان هذا الثوب له ذباذب كانت في أسفله، فلما أراد جابر أن يصلي قلب الثوب والتحف به، يعني: جعله مثل اللحاف على كتفيه وضمه إليه، قال رضي الله عنه -كما في رواية مسلم -: وتواقصت، يعني: لأن الثوب ضيق، كأنه انحنى شيئاً ما حتى يبالغ في الاستتار؛ لأن الثوب قصير لا يغطي جميع بدنه، قال: فتواقصت.

فإذاً: يكون إنكار الرسول عليه الصلاة والسلام في قوله: (ما هذا الاشتمال) -وهذا كأنه استفهام إنكاري- فيكون إنكاره صلى الله عليه وسلم على جابر أنه التحف بهذا الثوب وخالف بين طرفيه مع أن الثوب كان ضيقاً، مع أن الثوب كان ضيقاً، لو كان واسعاً لا حرج، لكن لأن الثوب كان ضيقاً، فلما التحف به انحنى في صلاته ولم يقم بالاعتدال المشروع المطلوب في الصلاة، فلذلك أنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال له مبيناً ومرشداً: ( إن كان الثوب واسعاً فالتحف به ) يعني: كما صنعت ( وإن كان ضيقاً فاتزر به ) يعني: اجعله إزاراً لك تستر به نصفك الأسفل، ونصفك الأعلى لا مانع أن يكون مكشوفاً، هذا معنى الحديث.

وفي رواية مسلم قال: ( إن كان الثوب واسعاً فخالف بين طرفيه، وإن كان ضيقاً فاشدده على حقوك ) ونريد أن نعرف ما معنى رواية مسلم : ( إن كان الثوب واسعاً فخالف بين طرفيه ).

قوله: (فخالف بين طرفيه) الذي أفهم من المخالفة بين الطرفين أن يجعل الطرف الذي على الجانب الأيمن على الأيسر: هكذا، والطرف الذي على الأيمن يجعله على الأيسر: هكذا، والمقصود الإزار الذي يستر البدن كله.

والمقصود من هذه المخالفة: أنها أبلغ في الستر، ومن جهة ثانية: أنها أسلم من جهة أنه لا يحتاج إلى أن يمسك الثوب بيده فينشغل بذلك ويتحرك في الصلاة، فضلاً عن أنه قد يظهر شيء من عورته، فضلاً عن أنه لا يتمكن أن يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره في الصلاة، بل يكون مشغولاً بالإمساك بثوبه، فأمره إن كان الثوب واسعاً أن يجعل طرفه الذي على الجهة اليمنى يجعله ينتقل إلى الجهة اليسرى، يصل إلى الجهة اليسرى، والطرف الذي على الجهة اليسرى يجعله يصل إلى الجهة اليمنى.

وذكر ابن السكيت معنىً آخر في هذا في قوله: (إن كان الثوب واسعاً فخالف بين طرفيه): أنه يأتي بالطرف الذي على الجهة اليمنى فيجعله من تحت إبطه الأيسر، يعني: هكذا، ويأتي بالطرف الذي كان على الجهة اليسرى فيجعله من تحت إبطه الأيمن، ثم يأتي بالطرفين أيضاً من أمامه فيعقدهما، وهذا -أيضاً- أبلغ في الستر، لا شك أنه أبلغ في الستر إذا كان الثوب كبيراً وطويلاً بحيث يستطيع الإنسان أن يفعل ذلك.

وأما قوله: (وإن كان ضيقاً فاشدده على حقوك) -كما في رواية مسلم - فالحقو -بكسر الحاء وبفتحها أيضاً: الحِقو والحَقو- هو خصر الإنسان، هو وسط الإنسان.

ومعنى قوله: (فاشدده على حقوك) هو قوله في الرواية الأخرى: (فاتزر به) يعني: غط به السرة وما دونها. هذه ألفاظ الحديث.

أما المسائل المتعلقة بالحديث فسوف تأتي ضمن الحديث الآخر؛ لأن معناهما متقارب.


استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 38-40 4784 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442 4394 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 57-62 4213 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 282-285 4095 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 727-728 4047 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 405-408 4021 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 313-316 3974 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 36 3917 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المياه - حديث 2-4 3900 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 734-739 3879 استماع