سورة محمد - الآية [7]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع المرسلين. أما بعد:

فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين، ومع النداء السابع والستين في الآية السابعة من سورة القتال أو سورة محمد صلى الله عليه وسلم وهو قول ربنا تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7].

معاني مفردات الآية

قول الله عز وجل: (( إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ )). معناه: إن تنصروا دينه، وهذا النصر بين ربنا جل جلاله بعض أركانه في قوله: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:40-41]؛ فمعنى نصر الله عز وجل: نصر دينه ونصر رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله تعالى غني عن النصر في تنفيذ إرادته إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النحل:40]، وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ [محمد:4].

ثم قال عز وجل: وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ )) يثبت أقدامكم إما على الدين فيملأ قلوبكم سكينة واطمئناناً، أو يثبت أقدامكم أمام عدوكم فيملأ قلوبكم شجاعة وأبدانكم قوة؛ فتكونون عالين قاهرين في غاية ما يكون من طيب النفوس وانشراح الصدور ولو تمالأ عليكم أهل الأرض جميعاً.

وتثبيت الأقدام كما قال أهل التفسير: تمثيل لليقين وعدم الوهن بحالة من ثبتت قدمه في الأرض فلم يزل فإن الزلل وهن يسقط صاحبه.

هذه الآية المباركة يخاطب الله عز وجل فيها عباده المؤمنين: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، إن تنصروا الله بنصركم رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم على أعدائه من أهل الكفر به وجهادكم معه؛ لتكون كلمته العليا ينصركم عليهم؛ فإنه سبحانه ناصر دينه وأولياءه.

وما جاء في هذه الآية قد أكده ربنا جل جلاله في آيات أخرى كقوله سبحانه: كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [المجادلة:21]، وقوله: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ [غافر:51]، وقوله: وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47]، وقوله: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمْ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُم الْغَالِبُونَ [الصافات:171-173].

الرد على شبهة وعد الله للمؤمنين بالنصر مع مخالفة الواقع

أيها الإخوة الكرام! إن كثيراً من الناس يسأل فيقول: ما بالنا مؤمنين موحدين وأهل الكفر من اليهود والملاحدة والصليبيين ليسوا كذلك ومع ذلك هم متغلبون علينا ظاهرون في الأرض؟

والجواب: أن الله عز وجل بين أنه لا ينصر إلا من أتى بنصر الله عز وجل بكامل أركانه، بإنفاذ أمره واجتناب نهيه والسعي في نصر دينه، ومثل ربنا جل جلاله لذلك بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

يقول العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره: فعلم أن الذين لا يقيمون الصلاة، ولا يؤتون الزكاة، ولا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر ليس لهم وعد من الله بالنصر ألبتة؛ فمثلهم كمثل الأجير الذي لم يعمل لمستأجره شيئاً ثم جاءه يطالبه بالأجر.

فالذين يرتكبون جميع المعاصي ممن يتسمون بأسماء المسلمين ثم يقولون: إن الله سينصرنا هم مغرورون؛ لأنهم ليسوا من حزب الله الموعودين بنصره كما لا يخفى.

الناس اليوم قد قست قلوبهم فكان حالهم كحال اليهود الذين قال الله فيهم: فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ [النساء:160]، الظلم واقع من كثير من المسلمين وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً )) وهذا حاصل، وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا )) وهذا حاصل، وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ )) وهذا حاصل، وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً [النساء:161].

الناس الذين يظلمون ويصدون عن سبيل الله ويأكلون الربا ويأكلون أموال الناس بالباطل ثم بعد ذلك تجد الذين يصدون عن سبيل الله من الدجاجلة والسحرة، ومن يزورون دين الله ويلبسون الحق بالباطل هم الذين يمكنون وهم الذين يظهرون، لا شك أن هؤلاء ليسوا موعودين بنصر الله عز وجل بل هم أبعد ما يكونون عنه.

نصر المؤمنين لله ونصر الله للمؤمنين

ومعنى نصر المؤمنين لله: نصرهم لدينه ولكتابه، وسعيهم وجهادهم في أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن تقام حدوده في أرضه، وأن تمتثل أوامره وتجتنب نواهيه، ويحكم في عباد الله بما أنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

واعلموا أن النصرة على وجهين:

الوجه الأول: نصرة العبد، وذلك بإيضاح دلائل الدين، وإزالة شبهة القاصرين، وشرح أحكامه وفرائضه وسننه وحلاله وحرامه، ثم بالغزو والجهاد لإعلاء كلمة الله وقمع أعداء الدين إما حقيقة كمباشرة الحرب بنفسه، وإما حكماً بتكثير سواد المجاهدين بالوقوف تحت لواء المسلمين أو بالدعاء لهم، هذا نصر العبد لدين الله عز وجل.

الوجه الثاني: نصرة الله عز وجل للعبد، كما نقول التوبة على وجهين: قال الله عز وجل: ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا [التوبة:118]، فتوبة الله على العبد توفيقه للتوبة وقبولها منه، وتوبة العبد لله عز وجل لجوءه إليه واستغفاره إياه جل جلاله.

نصرة الله تعالى بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وإظهار الآيات والمعجزات، وتبيين السبيل إلى النعيم والجحيم، والتوفيق للسعي في الجهاد الأكبر والأصغر طلباً لرضى الله لا تبعاً للأهواء.

قول الله عز وجل: (( إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ )). معناه: إن تنصروا دينه، وهذا النصر بين ربنا جل جلاله بعض أركانه في قوله: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:40-41]؛ فمعنى نصر الله عز وجل: نصر دينه ونصر رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله تعالى غني عن النصر في تنفيذ إرادته إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النحل:40]، وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ [محمد:4].

ثم قال عز وجل: وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ )) يثبت أقدامكم إما على الدين فيملأ قلوبكم سكينة واطمئناناً، أو يثبت أقدامكم أمام عدوكم فيملأ قلوبكم شجاعة وأبدانكم قوة؛ فتكونون عالين قاهرين في غاية ما يكون من طيب النفوس وانشراح الصدور ولو تمالأ عليكم أهل الأرض جميعاً.

وتثبيت الأقدام كما قال أهل التفسير: تمثيل لليقين وعدم الوهن بحالة من ثبتت قدمه في الأرض فلم يزل فإن الزلل وهن يسقط صاحبه.

هذه الآية المباركة يخاطب الله عز وجل فيها عباده المؤمنين: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، إن تنصروا الله بنصركم رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم على أعدائه من أهل الكفر به وجهادكم معه؛ لتكون كلمته العليا ينصركم عليهم؛ فإنه سبحانه ناصر دينه وأولياءه.

وما جاء في هذه الآية قد أكده ربنا جل جلاله في آيات أخرى كقوله سبحانه: كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [المجادلة:21]، وقوله: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ [غافر:51]، وقوله: وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47]، وقوله: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمْ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُم الْغَالِبُونَ [الصافات:171-173].


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
سورة التحريم - الآية [8] 2641 استماع
سورة المجادلة - الآية [11] 2580 استماع
سورة آل عمران - الآية [102] 2541 استماع
سورة المائدة - الآية [105] 2526 استماع
سورة النساء - الآية [19] 2351 استماع
سورة البقرة - الآية [104] 2315 استماع
سورة الأحزاب - الآيات [70-71] 2308 استماع
سورة التوبة - الآية [119] 2298 استماع
سورة البقرة - الآية [182] 2233 استماع
سورة التغابن - الآية [14] 2193 استماع