شرح كشف الشبهات [4]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

قال المؤلف رحمه الله: [إذا عرفت ما ذكرت لك معرفة قلب، وعرفت الشرك بالله الذي قال الله فيه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، وعرفت دين الله الذي بعث به الرسل من أولهم إلى آخرهم، الذي لا يقبل الله من أحد سواه، وعرفت ما أصبح غالب الناس فيه من الجهل بهذا؛ أفادك فائدتين:

الأولى: الفرح بفضل الله وبرحمته، كما قال تعالى: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس:58].

وأفادك أيضاً الخوف العظيم، فإنك إذا عرفت أن الإنسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه، وقد يقولها وهو جاهل، فلا يعذر بالجهل، وقد يقولها وهو يظن أنها تقربه إلى الله تعالى كما كان يفعل الكفار المشركون، خصوصاً إن ألهمك الله ما قص عن قوم موسى مع صلاحهم وعلمهم أنهم أتوه قائلين: اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ [الأعراف:138]، فحينئذٍ يعظم حرصك وخوفك على ما يخلصك من هذا وأمثاله].

قال الشيخ رحمه الله: (إذا عرفت ما ذكرت لك معرفة قلب وعرفت الشرك بالله الذي قال الله فيه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ [النساء:48]).

كيف تكون قد عرفت الشرك مع أن الشيخ رحمه الله لم يذكر تعريفاً اصطلاحياً للشرك فيما تقدم؟ يكون من خلال ما ذكره عن التوحيد أولاً، ويكون من خلال ما ذكره عن شبه الكافرين في صرفهم العبادة لغير الله سبحانه وتعالى، ولا شك أن التوحيد والعلم به ودراسته مما يفيد الإنسان معرفة الشرك، إذ أن الضد يظهر حسنه الضد، وبضدها تتميز الأشياء، فإذا عرفت التوحيد ودرسته وعلمت ما يجب فيه لله سبحانه وتعالى عرفت الشرك.

معنى الشرك وأنواعه

الشرك في الاصطلاح هو: تسوية الله بغيره في ربوبيته أو إلهيته أو أسمائه وصفاته، وقال ابن القيم رحمه الله في تعريف الشرك: هو التشبه بالخالق أو تشبيه المخلوق به، فإن كلا الأمرين شرك، فمن تشبه بالخالق فطلب العبادة من الناس فقد أشرك، ومن شبه مخلوقاً بالله سبحانه وتعالى في ربوبيته أو في إلهيته أو في أسمائه وصفاته فقد وقع في الشرك.

واعلم -يا أخي- أن الشرك الذي يشير إليه الشيخ هنا هو الشرك في الإلهية، والشرك في الإلهية قسمان:

أكبر وأصغر، أما الشرك الأكبر فهو صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله تعالى، سواءً كانت العبادة قولية أو فعلية أو اعتقادية، فكل ما ثبت في الشرع أنه عبادة فصرفه لغير الله سبحانه وتعالى شرك أكبر يخرج صاحبه من الملة.

إذاً: الشرك الأكبر هو صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله، سواء كانت العبادة قولية أو فعلية أو اعتقادية، وكيف نعرف أن هذا الفعل عبادة أو ليس بعبادة حتى نحكم هل هو شرك أو لا؟

كل ما أمر الله به أو أمر رسوله به فهو عبادة، سواء كان هذا الأمر أمر إيجاب أو أمر استحباب.

أما الشرك الأصغر فهو كل ما نهى الشارع عنه مما هو ذريعة إلى الشرك الأكبر، يعني: مما يوصل إلى الشرك الأكبر، والشرك الأصغر قد يكون في الاعتقادات، أو الأسباب أو الألفاظ، لكن غالبه يكون في الأسباب، وفي الألفاظ.

التحذير من الشرك

قال رحمه الله: (وعرفت الشرك بالله الذي قال فيه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ [النساء:48])، هذا فيه الترهيب والتحذير من الشرك، فإن الشرك أمره عظيم، فهو أظلم الظلم كما قال الله سبحانه وتعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، وكما قال صلى الله عليه وسلم: (أن تجعل لله نداً وهو خلقك)، فالشرك أمره عظيم عند الله، ولذلك لم يجعله الله سبحانه وتعالى قابلاً للغفران إلا بالتوبة منه والإقلاع عنه، (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ)، وهذه الآية لا إشكال أن الشرك الأكبر داخل فيها، فإنها تدل على أن الشرك الأكبر لا يغفره الله سبحانه وتعالى إلا بالإقلاع عنه والتوبة منه.

أما الشرك الأصغر فقد اختلف أهل العلم في دخوله في هذه الآية على قولين:

منهم من قال: إن الآية تشمل الشرك الأصغر، فالشرك الأصغر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهذا لا يلزم منه أن يكون صاحب الشرك الأصغر مخلداً في النار، بل يعذب بحسب ما معه من الشرك الأصغر، حتى إذا طهر دخل الجنة.

والقول الثاني: أن الآية لا تشمل الشرك الأصغر، وهذا الأخير هو قول ابن القيم رحمه الله كما صرح به في أكثر من موضع، وهو أحد قولي شيخ الإسلام رحمه الله، والقول الثاني له دخول الشرك الأصغر في الآية، أي: أن الله لا يغفر الشرك الأصغر ولا الشرك الأكبر إلا بالتوبة منهما والإقلاع عنهما، وعلى كلٍ فالشرك أمره خطير، فيجب على العبد أن يتقي الله سبحانه وتعالى وينأى عنه، وأن يكثر من قول: (اللهم! إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم).

الشرك في الاصطلاح هو: تسوية الله بغيره في ربوبيته أو إلهيته أو أسمائه وصفاته، وقال ابن القيم رحمه الله في تعريف الشرك: هو التشبه بالخالق أو تشبيه المخلوق به، فإن كلا الأمرين شرك، فمن تشبه بالخالق فطلب العبادة من الناس فقد أشرك، ومن شبه مخلوقاً بالله سبحانه وتعالى في ربوبيته أو في إلهيته أو في أسمائه وصفاته فقد وقع في الشرك.

واعلم -يا أخي- أن الشرك الذي يشير إليه الشيخ هنا هو الشرك في الإلهية، والشرك في الإلهية قسمان:

أكبر وأصغر، أما الشرك الأكبر فهو صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله تعالى، سواءً كانت العبادة قولية أو فعلية أو اعتقادية، فكل ما ثبت في الشرع أنه عبادة فصرفه لغير الله سبحانه وتعالى شرك أكبر يخرج صاحبه من الملة.

إذاً: الشرك الأكبر هو صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله، سواء كانت العبادة قولية أو فعلية أو اعتقادية، وكيف نعرف أن هذا الفعل عبادة أو ليس بعبادة حتى نحكم هل هو شرك أو لا؟

كل ما أمر الله به أو أمر رسوله به فهو عبادة، سواء كان هذا الأمر أمر إيجاب أو أمر استحباب.

أما الشرك الأصغر فهو كل ما نهى الشارع عنه مما هو ذريعة إلى الشرك الأكبر، يعني: مما يوصل إلى الشرك الأكبر، والشرك الأصغر قد يكون في الاعتقادات، أو الأسباب أو الألفاظ، لكن غالبه يكون في الأسباب، وفي الألفاظ.

قال رحمه الله: (وعرفت الشرك بالله الذي قال فيه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ [النساء:48])، هذا فيه الترهيب والتحذير من الشرك، فإن الشرك أمره عظيم، فهو أظلم الظلم كما قال الله سبحانه وتعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، وكما قال صلى الله عليه وسلم: (أن تجعل لله نداً وهو خلقك)، فالشرك أمره عظيم عند الله، ولذلك لم يجعله الله سبحانه وتعالى قابلاً للغفران إلا بالتوبة منه والإقلاع عنه، (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ)، وهذه الآية لا إشكال أن الشرك الأكبر داخل فيها، فإنها تدل على أن الشرك الأكبر لا يغفره الله سبحانه وتعالى إلا بالإقلاع عنه والتوبة منه.

أما الشرك الأصغر فقد اختلف أهل العلم في دخوله في هذه الآية على قولين:

منهم من قال: إن الآية تشمل الشرك الأصغر، فالشرك الأصغر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهذا لا يلزم منه أن يكون صاحب الشرك الأصغر مخلداً في النار، بل يعذب بحسب ما معه من الشرك الأصغر، حتى إذا طهر دخل الجنة.

والقول الثاني: أن الآية لا تشمل الشرك الأصغر، وهذا الأخير هو قول ابن القيم رحمه الله كما صرح به في أكثر من موضع، وهو أحد قولي شيخ الإسلام رحمه الله، والقول الثاني له دخول الشرك الأصغر في الآية، أي: أن الله لا يغفر الشرك الأصغر ولا الشرك الأكبر إلا بالتوبة منهما والإقلاع عنهما، وعلى كلٍ فالشرك أمره خطير، فيجب على العبد أن يتقي الله سبحانه وتعالى وينأى عنه، وأن يكثر من قول: (اللهم! إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم).

يقول: (وعرفت دين الله الذي أرسل به الرسل من أولهم إلى آخرهم، الذي لا يقبل الله من أحد سواه إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام [آل عمران:19]، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران:85]).

الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والإسلام معناه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

قال: (وعرفت ما أصبح غالب الناس فيه من الجهل بهذا) كل هذه مقدمات (أفادك هذا فائدتين: الأولى الفرح بفضل الله ورحمته كما قال تعالى: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس:58]) فضل الله هو الإسلام والإيمان، ورحمته هي العلم والقرآن، فأمر الله سبحانه وتعالى نبيه أن يفرح بالإيمان والإسلام الذي هو فضل الله سبحانه وتعالى، وبرحمته التي هي العلم والقرآن، فإن هذا من أجلّ ما يفرح به، بل هو أعلى مراتب العارفين، يقول ابن القيم رحمه الله: إن أعلى درجات العبد أن يفرح بالإسلام، وأن يفرح بالقرآن، وأن يفرح بالإيمان، وأن يفرح بالعلم الدال على عبادة الله سبحانه وتعالى الواحد الديان، قال: (فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) هذا تخصيص، (فبذلك) يعني: يفرحوا به ولا يفرحوا بغيره، فإن غيره فانٍ زائل، وأما هذا فهو باق ثابت في الدنيا والآخرة (فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)، ولا شك أن الإيمان والإسلام والعلم والقرآن خير ما جمع بحق، وخير ما حصله العبد في الدنيا والآخرة، ولا شك أن من هداه الله سبحانه وتعالى للإيمان والإسلام، ولما دل عليه القرآن من وجوب إفراد الله بالعبادة؛ فقد وفق إلى خير عظيم، وواجب هذه المنة الفرح، ومقتضى الفرح الشكر.

أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا

فشكر بالقلب، وحمد باللسان، وشكر بالجوارح، وهو بامتثال شرع الله سبحانه وتعالى، وشعور هذه المنة مما ينبغي -أيها الإخوة- أن نهتم به، فإن بعض الناس يظن أن منة الإسلام منة كسائر المنن، ولا يتدبر مدى لطف الله به ورحمته به أن جعله من المسلمين؛ فإن الله سبحانه وتعالى اصطفاك من هذا الخلق، وهذا الكون العظيم، وهذا العدد الهائل الكبير من الناس؛ فجعلك من أتباع الرسل، وخصك باتباع أفضلهم وأشرفهم وهو محمد صلى الله عليه وسلم، الذي هو خير الأنبياء، وعليه أنزل أحسن الكتب، فهو أفضلهم وكتابه أحسن الكتب، فهذه منة عظيمة نسأل الله سبحانه وتعالى أن نقوم بحقها وشكرها!