شرح الفتوى الحموية [24]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فيقول شيخ الإسلام رحمه الله رحمة واسعة في سياق نقله لكلام أبي الحسن الأشعري من كتابه الإبانة: [ وجملة قولنا: أنا نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله، وبما جاءوا به من عند الله، وبما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرد من ذلك شيئاً، وأن الله واحد لا إله إلا هو، فرد صمد، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً، وأن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وأن الجنة حق والنار حق، وأن الساعة آتية، وأن الله يبعث من في القبور، وأن الله مستوٍ على عرشه كما قال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5].

وأن له وجهاً كما قال: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:27]، وأن له يدين بلا كيف كما قال: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75]، وكما قال: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة:64]، وأن له عينين بلا كيف كما قال: تجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر:14].

وأن من زعم أن أسماء الله غيره كان ضالاً، وذكر نحواً مما ذكر في الفرق. إلى أن قال:

ونقول: إن الإسلام أوسع من الإيمان، وليس كل إسلام إيماناً، وندين بأن الله يقلب القلوب بين إصبعين من أصابع الله عز وجل، وأنه عز وجل يضع السماوات على إصبع والأرضين على إصبع، كما جاءت الرواية الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إلى أن قال: وإن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، ونسلم الروايات الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي رواها الثقات عدلاً عن عدل، حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إلى أن قال: ونصدق بجميع الروايات التي أثبتها أهل النقل من النزول إلى سماء الدنيا، وأن الرب عز وجل يقول: (هل من سائل؟ هل من مستغفر؟) وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافاً لما قال أهل الزيغ والتضليل، ونعول فيما اختلفنا فيه إلى كتاب ربنا وسنة نبينا وإجماع المسلمين، وما كان في معناه، ولا نبتدع في دين الله ما لم يأذن لنا به، ولا نقول على الله ما لا نعلم.

ونقول: إن الله يجيء يوم القيامة كما قال: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً [الفجر:22]، وإن الله يقرب من عباده كيف شاء كما قال: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق:16]، وكما قال: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى [النجم:8-9] إلى أن قال: وسنحتج لما ذكرناه من قولنا وما بقي مما لم نذكره باباً باباً]

الأطوار التي مر بها الأشعري

هذا له صلة بما بدأه الشيخ رحمه الله من النقل عن أبي الحسن الأشعري في كتابه الذي سماه (الإبانة في أصول الديانة) والشيخ رحمه الله لا زال في سياق النقول عن أهل العلم على اختلاف مذاهبهم وطرائقهم، في أن جميعهم يلزمه إثبات ما أثبته الله سبحانه وتعالى لنفسه من الأسماء والصفات، ونقله عن أبي الحسن الأشعري رحمه الله هو في بيان أن من المتكلمين من التزم منهج أهل السنة والجماعة فيما ذهبوا إليه مما اعتقدوه وقرروه في باب الأسماء والصفات، وأبو الحسن الأشعري رحمه الله كان في أول أمره معتزلياً، ثم إنه ترك الاعتزال وتخلى عنه إلى مذهب الكلَّابية، ثم إنه ترك ذلك إلى مذهب السلف، فمر رحمه الله وغفر له بثلاثة أطوار، إلا أنه لما كان غير ملم ومدرك لما ذهب إليه السلف وقع في أخطاء في تفصيل وفهم كلام السلف رحمهم الله، وما نقله عنه في كتاب الإبانة وهو من آخر كتبه يبين أنه رجع عما كان يقوله من الاعتزال ومذهب ابن كلاب في باب الأسماء والصفات، وأنه نزع إلى مذهب السلف في آخر أمره رحمه الله وغفر له.

من لوازم الإيمان بالله وملائكته الإيمان بالصفات

وذكر في جملة ما نقل عنه جملة من الأمور وابتدأها بقوله: (وجملة قولنا أن نقر بالله، وملائكته، وكتبه ورسله) وفي هذا أن الإيمان بالأسماء والصفات وبالأخبار التي ذكرها الله سبحانه وتعالى عن نفسه، أو ذكرها عنه رسوله صلى الله عليه وسلم أن الإيمان بذلك والاعتقاد به هو من لازم الإيمان بالله جل وعلا وملائكته وكتبه ورسله؛ لأن الله تعالى أخبر عن نفسه، ونقلت ذلك الملائكة، وما أخبر به عن نفسه هو موجود في كتبه، وقد نطقت به رسله وبلغته إلى الخلق، فمن لازم الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله أن نؤمن بما أخبر الله سبحانه وتعالى به عن نفسه، أو أخبرت به عنه رسله صلوات الله وسلامه عليهم.

وذكر في جملة ما ذكر صفة الاستواء، وأن الله مستوٍ على عرشه، وهذا أمر دلت عليه نصوص الكتاب والسنة دلالة واضحة، والاستواء صفة فعلية ضل فيها من ضل من المتكلمين، وذهب فيها مذاهب باطلة، ومذهب أهل السنة والجماعة أن الاستواء صفة فعلية من صفات الله سبحانه وتعالى تليق به، وتفسيرهم لها دائر على أربع كلمات: الصعود، والاستقرار، والارتفاع، والعلو.

وأما المؤولة فقد سلكوا في ذلك مسالك، فأولوا الاستواء بالاستيلاء، وأولوا العرش بتأويلات باطلة، وكل هذه التأويلات أولوها ليصدوا الناس عن اعتقاد استواء الله سبحانه وتعالى على عرشه.

والعرش هو خلق من مخلوقات الله عظيم تقدم الكلام عليه.

هذا له صلة بما بدأه الشيخ رحمه الله من النقل عن أبي الحسن الأشعري في كتابه الذي سماه (الإبانة في أصول الديانة) والشيخ رحمه الله لا زال في سياق النقول عن أهل العلم على اختلاف مذاهبهم وطرائقهم، في أن جميعهم يلزمه إثبات ما أثبته الله سبحانه وتعالى لنفسه من الأسماء والصفات، ونقله عن أبي الحسن الأشعري رحمه الله هو في بيان أن من المتكلمين من التزم منهج أهل السنة والجماعة فيما ذهبوا إليه مما اعتقدوه وقرروه في باب الأسماء والصفات، وأبو الحسن الأشعري رحمه الله كان في أول أمره معتزلياً، ثم إنه ترك الاعتزال وتخلى عنه إلى مذهب الكلَّابية، ثم إنه ترك ذلك إلى مذهب السلف، فمر رحمه الله وغفر له بثلاثة أطوار، إلا أنه لما كان غير ملم ومدرك لما ذهب إليه السلف وقع في أخطاء في تفصيل وفهم كلام السلف رحمهم الله، وما نقله عنه في كتاب الإبانة وهو من آخر كتبه يبين أنه رجع عما كان يقوله من الاعتزال ومذهب ابن كلاب في باب الأسماء والصفات، وأنه نزع إلى مذهب السلف في آخر أمره رحمه الله وغفر له.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح الفتوى الحموية [23] 2833 استماع
شرح الفتوى الحموية [8] 2289 استماع
شرح الفتوى الحموية [17] 2160 استماع
شرح الفتوى الحموية [27] 2157 استماع
شرح الفتوى الحموية [15] 1965 استماع
شرح الفتوى الحموية [10] 1868 استماع
شرح الفتوى الحموية [2] 1853 استماع
شرح الفتوى الحموية [3] 1843 استماع
شرح الفتوى الحموية [6] 1838 استماع
شرح الفتوى الحموية [20] 1789 استماع