شرح الفتوى الحموية [7]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وآله والتابعين.

أما بعد:

فيقول شيخ الإسلام رحمه الله رحمة واسعة: [ فصل: ثم القول الشامل في جميع هذا الباب: أن يوصف الله بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله، وبما وصفه به السابقون الأولون لا يتجاوز القرآن والحديث؛ قال الإمام أحمد رضي الله عنه: لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يتجاوز القرآن والحديث.

ومذهب السلف: أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه، أو بما وصفه به رسوله، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، ويعلم أن ما وُصِفَ الله به من ذلك فهو حق ليس فيه لغز ولا أحاجي، بل معناه يعرف من حيث يعرف مقصود المتكلم به، لاسيما إذا كان المتكلم أعلم الخلق بما يقول، وأفصح الخلق في بيان العلم وأفصح الخلق في البيان والتعريف والدلالة والإرشاد، وهو سبحانه مع ذلك ليس كمثله شيء لا في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته ولا في أفعاله، فكما نتيقن أن الله سبحانه له ذات حقيقة وله أفعال حقيقة، فكذلك له صفات حقيقة وهو ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وكل ما أوجب نقصاً أو حدوثاً فإن الله تعالى منزه عنه حقيقة، فإنه سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه، ويمتنع عليه الحدوث؛ لامتناع العدم عليه، واستلزام الحدوث في سابقة العدم؛ ولافتقار المحدث إلى محدث؛ ولوجوب وجوده بنفسه سبحانه وتعالى ].

بعد أن فرغ الشيخ رحمه الله من الفصل الأول الذي قرر فيه بطلان طريقة المتكلمين في باب أسماء الله وصفاته، وبين أوجه بطلان هذا القول، ومنشأ قولهم، وبين أيضاً صحة طريقة السلف، واستدل لذلك، جاء بهذا الفصل ليشرح منهج أهل السنة والجماعة وطريق السلف في هذا الباب، وبدأ الشيخ رحمه الله بذكر قاعدة كلية في باب الأسماء والصفات، وفي غيره مما يتعلق بالله تعالى ومعرفته, فقال:

(ثم القول الشامل في جميع هذا الباب) يعني: باب الأسماء والصفات وما يجب له سبحانه وتعالى (أن يوصف الله بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله) وهذه قاعدة كلية، وهو بيان مجمل لعقيدة السلف في باب الأسماء والصفات، وأنهم رحمهم الله ورضي عنهم كانوا في هذا الباب واقفين على ما جاء في كتاب الله وما جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، واستدل لهذه القاعدة وأنها منهج السلف بقول للإمام أحمد رحمه الله فقال: (وما وصفه به السابقون الأولون لا يتجاوز القرآن والحديث) أي: لا يتجاوز في باب وصف الله عز وجل وفي باب ما يجب له، ما جاء في القرآن والحديث.

قال: (وبما وصفه به السابقون الأولون) وهذا ليس على أنه طريق ثالث لإثبات ما يجب لله سبحانه وتعالى في هذا الباب، وإنما ليبين أنهم وقفوا على ما وقف عليه السلف الصالح في هذا الباب

فهم سالكون في طريقهم ناهجون لسبيلهم، والسلف الصالح قد وقفوا في هذا الباب على الكتاب والسنة، وهم لا يتكلمون فيما يتعلق بالله سبحانه وتعالى من قبل آرائهم ولا من قبل عقولهم، وإنما يتكلمون في هذا الباب بما سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وما علموه من كتاب الله جل وعلا، فهم في وصفهم وفيما يخبرون به عن الله عز وجل لا يخرجون عن هدي الكتاب وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

(قال الإمام أحمد رضي الله عنه: (لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يتجاوز القرآن والحديث) بل يجب الوقوف عندهما؛ لأن الله جل وعلا أعلم بنفسه وبغيره، فهو سبحانه وتعالى أحسن حديثاً وأصدق قيلاً، ورسله صادقون مصدقون فيما يخبرون به عن الله جل وعلا، وهذه التعليلات ذكرها الشيخ رحمه الله في الرسالة الواسطية؛ لبيان صحة هذه القاعدة.

فالله سبحانه وتعالى أعلم بنفسه وبغيره، فإذا كان كذلك فيجب الوقوف عند ما أخبر عن نفسه وما أعلمنا في كتابه من صفاته وأسمائه؛ لأنه سبحانه وتعالى أعلم بنفسه وهو جل وعلا أعلم بغيره، ثم مع كمال علمه سبحانه وتعالى فهو أكمل بياناً وأكمل صدقاً، فهو سبحانه وتعالى أحسن حديثاً، وأصدق قيلاً، فهذه الصفات الثلاث توجب الوقوف على ما في كتاب الله عز وجل، وأنه لا يجوز للعبد أن يتجاوز كتاب الله فيما وصف به نفسه.

وأما وجوب الوقوف على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فلأن رسل الله صادقون فيما يخبرون به عنه سبحانه وتعالى، وهم مصدقون أي: مصدقون فيما يخبرون به عنه، سبحانه وتعالى فلو أخـبروا عنه بالكذب؛ لما أقرهم ولبين كذبهم، كما قال جل وعلا: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ [الحاقة:44-46].

فالله جل وعلا مطلع على ما تخبر به الرسل عالم به، وهم صلوات الله وسلامه عليهم صادقون فيما يخبرون، فإذا كان الأمر كذلك -وهذا ما يعتقده العبد المؤمن الصادق في كلام الله وفي كلام رسله صلوات الله وسلامه عليهم- وجب على المؤمن أن يقف على ما جاء عن الله في كتابه وما جاء عن رسله صلوات الله وسلامه عليهم، لا سيما خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، فهو أعلم الخلق بربه وأكملهم معرفة به سبحانه وتعالى، وهذه حجة قوية لصحة هذه القاعدة وسلامتها، وأشار الله سبحانه وتعالى إليها في قوله: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات:180-182].

فهذه الآية بينت كمال ما وصف الله سبحانه وتعالى به نفسه، وأنه جل وعلا مستحق لكل كمال وأنه منزه -جل وعلا- عن كل نقص، وفيها الشهادة لصحة طريقة الأنبياء والمرسلين، حيث سلم عليهم فقال: وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ [الصافات:181] ، وفيه بيان خطأ كل طريق يخالف طريق المرسلين حيث قال: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون [الصافات:180]؛ لأنهم لا يصلون إلى وصفه كما ينبغي وإلى تعريف الخلق به إلا عن طريق الرسل وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات:181-182] وهذا -كما مر معنا في الواسطية- فيه إثبات كمال الأسماء وكمال الأفعال وكمال الصفات له جل وعلا، فهذه الآية من أجمع الآيات الدالة على صحة هذه القاعدة التي ذكرها الشيخ رحمه الله في ابتداء حكايته وذكره لمنهج السلف في باب الأسماء والصفات.

ثم بعد أن ذكر المنهج إجمالاً، فصل فيه فقال رحمه الله: (ومذهب السلف أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل)، وهذه قاعدة كبرى في هذا الباب، فأهل السنة والجماعة يصفون الله بما وصف به نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم في وصفهم هذا لا يكيفون، ولا يمثلون، ولا يؤولون، ولا يعطلون، فهذه أربعة قيود تخرج طرائق المبتدعين الذين ضلوا في باب أسماء الله عز وجل وصفاته.

قوله: (من غير تحريف).

التحريف لغة: هو الإمالة والتغيير، وفي الاصطلاح: العدول باللفظ عن ظاهره المتبادر إلى معنى مرجوح يحتمله النص. وأراد الجهمية تلطيف هذا السبيل فسموه تأويلاً؛ ليضلوا الناس وليموهوا باطلهم، فالتحريف المذكور هنا المقصود به التأويل عند المتكلمين، وهو: أنهم يصرفون ألفاظ الكتاب وألفاظ السنة عن ظاهرها المتبادر إلى معان مرجوحة يحتملها النص، لكنها ليست هي المعنى الظاهر من النصوص.

أما التعطيل فهو في اللغة: التخلية والتفريغ، وفي الاصطلاح: تخلية الله سبحانه وتعالى عما يجب له من الأسماء والصفات إما كلياً وإما جزئياً. كلياً: كقول الجهمية الذين عطلوا الله عن الأسماء والصفات فلم يثبتوا له الأسماء ولم يثبتوا له الصفات، وجزئياً: كالمعتزلة والأشاعرة والماتردية وغيرهم، فهؤلاء تعطيلهم لصفات الله عز وجل تعطيل جزئي.

قوله: (ومن غير تكييف ولا تمثيل) التكييف في اللغة: هو التصوير. وفي الاصطلاح: هو بيان حقيقة الشيء.

ويقول بعضهم: هو بيان كنه الشيء، والكنه هو الحقيقة، فأهل السنة والجماعة يثبتون الصفات دون طلب تصوير لها؛ لأن التصوير لصفات الله عز وجل فرع عن معرفة الذات أو فرع عن معرفة كيفية الذات، فلما كانت ذاته جل وعلا غير معروفة وغير مدركة الكنه والحقيقة، فكذلك الصفات، ولذلك القاعدة في رد طلب تكييف هؤلاء أن يقال لهم: الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، فمن أراد أن يكيف الصفات فليكيف لنا -أولاً- الذات ولن يستطيع إلى ذلك سبيلا، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

قوله: (ولا تمثيل) التمثيل: هو التشبيه. وهو في الاصطلاح: إلحاق الصفات الثابتة أو تنظير الصفات الثابتة لله عز وجل بصفات المخلوقين. وهذا من أعظم الضلال، وهو قسيم الضلال السابق في التقييد الأول، فالتقييد الأول: من غير تحريف ولا تعطيل، وهذا رد على الفرقة الأولى من الفرقتين اللتين ضلتا في باب أسماء الله وصفاته، وهي فرقة المعطلة، وقوله: ومن غير تكييف ولا تمثيل، هذا رد على الممثلة؛ لأن مرد الضلال في باب أسماء الله وصفاته يرجع إلى هاتين الطائفتين، إما معطلة وإما ممثلة، فبهذه القيود تميز منهج أهل السنة والجماعة عن طريق التعطيل والتمثيل.

ثم قال: (ونعلم أن ما وصف الله به نفسه من ذلك) أي: من الأسماء والصفات (فهو حق ليس فيه لغز) يعني: ليس فيه تعمية وتضليل وإخفاء (ولا أحاجي)، والأحاجي: هي إظهار الشيء على غير وجهه. فليس في هذه الصفات التي وصف الله بها نفسه أو وصفه بها رسوله لغز ولا أحاجي، بل هي ظاهرة بينة لمن شرح الله صدره ووفقه لسلوك طريق السلف الصالح في هذا الباب.

قال: (بل معناه يعرف من حيث يعرف مقصود المتكلم بكلامه) أي: معنى ما ثبت في باب الأسماء والصفات يعرف ويدرك من حيث يعرف مقصود المتكلم بكلامه، يعني: يعرف من الألفاظ كما يعرف كلام المتكلمين من كلامهم، والله عز وجل قد خاطبنا بكلام وصفه بأنه مبين، ولا يمكن أن يكون هذا الكلام المبين غير دال على صفاته سبحانه وتعالى، فمن أراد أن يفهم ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله فلينظر إلى كلام الله وإلى كلام رسوله صلى الله عليه وسلم.

(لاسيما) يعني: ويتأكد هذا في أنه يجب علينا أن نفهم الكلام كما يفهم سائر الكلام الذي يتكلم به المتكلمون (إذا كان المتكلم أعلم الخلق بما يقول)، فرسله أعلم الخلق به سبحانه وتعالى، فإذا كان المتكلم أعلم الخلق بما يقول، فالرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به عن الله في كتابه أو في سنته صلى الله عليه وسلم هو أعلم الخلق بما يقول (وأفصح الخلق في بيان العلم، وأفصح الخلق في البيان والتعريف والدلالة والإرشاد) فإذا كانت كل هذه الصفات قائمة في المخبر، دل ذلك على وجوب قبول خبره وتصديقه وعدم صرفه عن ظاهره، وهذا شبيه بالعبارة التي ذكرناها قبل قليل في بيان أو في تعليل صحة طريق السلف رحمهم الله.

قال: (وهو سبحانه مع ذلك ليس كمثله شيء)، يعني: مع إثباتنا لما في كتاب الله وما في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات، فنحن نقر ونعتقد ونؤمن أنه (ليس كمثله شيء) كما أخبر سبحانه وتعالى عن نفسه، فليس له مثيل ولا نظير ولا سمي في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا في كل ما يجب له، فهو سبحانه وتعالى كما وصف نفسه: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:4] في شيء مما يختص به سبحانه وتعالى. (لا في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته، ولا في أفعاله، فكما نتيقن أن الله سبحانه وتعالى له ذات حقيقة -كما نقر بذلك ونؤمن- وله أفعال حقيقة، فكذلك له صفات حقيقة) لا نحتاج فيها إلى تأويل، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، بل يجب إثباتها على الوجه الذي وردت به.

قوله: (وهو ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وما أوجب نقصاً أو حدوثاً فإن الله منزه عنه) فيه رد على طريقة هؤلاء، ورد على إلزامهم؛ حيث قالوا: إن إثبات الصفات -وبعضهم قال: إن إثبات الأسماء- يستلزم أن الله سبحانه وتعالى ناقص أو أنه جل وعلا حادث، قال: (فكل ما أوجب نقصاً أو حدوثاً فإن الله منزه عنه حقيقة) لكن نناقشكم في أن من لازم إثبات الصفات أن الله كان متصفاً بالنقص أو أنه سبحانه وتعالى حادثاً بعد أن لم يكن، فالحدوث الذي أشار إليه الشيخ هنا هو الحدوث الذي يسبقه العدم، وإلا فالصفات قسمان: منها ما هو صفات ثابتة لازمة وهي الصفات الذاتية وهي التي اتصف الله سبحانه وتعالى بها أزلاً وأبداً فهو لا يزال متصفاً بها: كالعلم والحياة والقدرة وغير ذلك من الصفات الذاتية.

ومن الصفات ما يتجدد، أي: يحدث بعد أن لم يكن، كالاستواء، والغضب، والفرح، فهذه صفات فعلية والصفات الفعلية تحدث بعد أن لم تكن. قوله: (فكل ما أوجب نقصاً أو حدوثاً) أي: حدوثاً بعد أن لم يكن، يعني لو كانت هذه الصفات من لازمها أن الرب جل وعلا كان بعد أن لم يكن أو حدث بعد أن لم يكن؛ لكان ما تقولونه صواباً، ولكن هذه الصفات لا تدل على زعمكم.

وهذه من أكبر الشبه التي يعتمدها الضلّال في نفي الصفات: وهي أن الصفات تستلزم الحدوث، والحدوث ممتنع عن الله جل وعلا.

قال: (فإنه سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه) فلا يرام كمال أكمل من كماله جل وعلا لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] (ويمتنع عليه الحدوث) لامتناع العدم عليه) والحدوث المقصود هنا هو: حدوث الذات والصفات التي لم يزل متصفاً بها أزلاً وأبداً؛ لأن الحدوث قسمان: حدوث الموصوف، وحدوث الصفة، فأما حدوث الموصوف فمحال؛ لأن الله سبحانه وتعالى الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء جل وعلا، وأما حدوث الصفة: فمن الصفات ما يحدث بعد أن لم يكن كما مثلنا قبل قليل بالصفات الفعلية.

قوله: (ويمتنع عليه الحدوث؛ لامتناع العدم عليه) جل وعلا؛ لأن من حدث بعد أن لم يكن جاز عليه العدم، فلما كان الله سبحانه وتعالى الآخر الذي ليس بعده شيء والأول الذي ليس قبله شيء، فالحدوث ممتنع عليه؛ لأن من لوازم حدوث الموصوف أن يكون مسبوقاً بعدم أو ملحوقاً بعدم. (واستلزام الحدوث سابقة العدم) يعني: وثبوت صفة الحدوث لذاته سبحانه وتعالى يستلزم أن يكون مسبوقاً بالعدم.

قال: (ولافتقار المحدث إلى محدِث؛ ولوجوب وجوده بنفسه سبحانه وتعالى) كل هذه التعليلات عقلية، جارى فيها الشيخ رحمه الله المتكلمين؛ ليبين بطلان شبهتهم، وليستعمل الألفاظ التي يستعملونها ليموهوا بها على الناس، ولذلك برع الشيخ رحمه الله في هذا الجانب حيث إنه ناقش هؤلاء بلغتهم وبقواعدهم، وبين أن قواعدهم لا توصلهم إلى النتائج التي وصلوا إليها، بل العقل دال على إثبات الصفات كما دل عليه الكتاب والسنة.

والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.