شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الحيض - حديث 158


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونصلي ونسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

بقي عندنا الأحاديث الأربعة تقريباً، نبدأ بشرح هذه الأحاديث.

فأولها: حديث أبي سعيد رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أليس إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم؟ ).

قال المصنف: متفق عليه في حديث طويل.

وهذا الحديث الطويل ذكره الشيخان وغيرهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى في يوم أضحى أو فطر، فوعظ، ثم أتى النساء فوعظهن، وقال: يا معشر النساء! تصدقن ولو من حليكن، فإني أريتكن أكثر أهل النار. فقلن: وما لنا يا رسول الله؟! -وفي رواية: فقامت امرأة منهن فقالت: ولم يا رسول الله؟!- قال: فإني أريتكن أكثر أهل النار، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن، فقلن: وما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: أليس شهادة المرأة نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: -فذلكِ- أو فذلكَ من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان دينها )، هذا هو الحديث.

وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه عند البخاري وغيره ما يدل على أن هذه الإراءة التي أريها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( أريتكن أكثر أهل النار ) أنها كانت في صلاة الكسوف، وهذا هو الراجح؛ لما ثبت في البخاري من حديث ابن عباس .

ولكن قال بعضهم: إن هذه الإراءة كانت في حادث الإسراء والمعراج. والمعتمد هو الأول.

حكم الصوم والصلاة للحائض

الشاهد من الحديث الذي ساقه من أجله المصنف: هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ )، والمقصود منه بيان أن الحائض ليس عليها صوم ولا صلاة أثناء حيضها، ولكن تؤمر بقضاء الصوم بعد طهرها، ولا تؤمر بقضاء الصلاة؛ وذلك من باب التخفيف عليها، فإن الصلاة تتكرر كل يوم، ويكون في قضائها على المرأة عسر ومشقة، فخفف الله عنها بعدم قضاء الصلاة على الحائض، أما الصوم فإنه لا يتكرر إلا مرة في السنة؛ ولذلك تؤمر المرأة شأنها في ذلك شأن غيرها من أهل الأعذار، بقضاء ما فاتها من الصوم.

والحديث يدل على أن هذا الحكم كان مستقراً في أذهان النساء، قبل هذه الخطبة؛ ولذلك سألهن النبي صلى الله عليه وسلم عنه: ( أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ فقلن: بلى )، فدل على أن هذا الحكم كان مستقراً عند النساء، قبل هذا الموقف الذي خطبهن فيه صلى الله عليه وسلم، وسألهن عن ذلك فأجبن بـ (بلى).

والقول بعدم صلاة الحائض وعدم قضائها للصلاة أيضاً إجماع من أهل العلم، كما ذكره جماعة من العلماء، منهم: ابن حزم وغيره أن الأمة أجمعت على أن الحائض لا صلاة عليها، ولا قضاء للصلاة عليها.

قال ابن حزم : وقد شذ عن ذلك طائفة من الأزارقة، فأوجبوا عليها الصلاة، يعني: القضاء فيما يظهر، وحقهم ألا يعدوا في أهل الإسلام. يعني: هؤلاء الأزارقة طائفة من الخوارج، من أتباع نافع بن الأزرق، أوجبوا على المرأة أن تقضي الصلاة، وهكذا ذكر ابن عبد البر عن طائفة من الخوارج أنهم يوجبون على الحائض قضاء الصلاة.

ويبدو أن هذا القول المنسوب إلى طائفة من الأزارقة كان معروفاً عنهم؛ ولذلك روى الجماعة عن معاذة بنت عبد الله العدوية رضي الله عنها: أنها سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت: ( ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت لها عائشة : أحرورية أنتِ؟ قالت: لا، ولكني أسأل، قالت: كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نؤمر بقضاء الصلاة )، وهذا اللفظ لفظ مسلم والحديث رواه الجماعة بألفاظ متقاربة، لكن لفظ مسلم زاد ذكر الصوم: ( فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة )، أما الجماعة فليس للصوم عندهم ذكر.

فقول عائشة رضي الله عنها لـمعاذة العدوية : (أحرورية أنت؟)، نسبة إلى حروراء وهي بلد بـالعراق ظهر فيها الخوارج، فظاهر هذا أن عائشة علمت أن الخوارج يأمرون الحائض بقضاء الصلاة، ويحتمل أن عائشة رضي الله عنها رأت أن هذا القول منسجم مع أصول الخوارج ؛ لأن الخوارج لا يعتمدون على السنة، وإنما جُلُّ اعتمادهم على القرآن الكريم، ولا شك أنه ليس في القرآن نص في أن الحائض لا صلاة عليها؛ فلذلك قالت لـمعاذة : (أحرورية أنت؟).

وهذا المعنى الذي ورد في حديث أبي سعيد وعائشة ورد أيضاً في صحيح مسلم عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عن الحائض أنها لا تصلي، وتفطر في شهر رمضان، فذلك نقصان دينها ).

وكذلك رواه الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تمكث إحداكن الليالي والأيام لا تسجد لله تعالى سجدة ) يعني: في حال حيضها، وهذا المعنى ورد أيضاً عن جماعة من الصحابة بطرق أخرى وألفاظ مختلفة، وهو حكم لا إشكال فيه، ويفترق الصوم عن الصلاة بالنسبة للحائض كما سبق، بأن الصوم يجب عليها قضاؤه، أما الصلاة فلا قضاء عليها فيها.

وفي حديث أبي سعيد أيضاً حكم آخر: وهو أنه دليل لمن قالوا: بأنه يجوز للحائض أن تقرأ القرآن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر ذلك ضمن نقصان دينها، وإنما ذكر ترك الصلاة وترك الصيام فحسب، وسيأتي هذا في الحديث الذي بعده.

الحديث الثاني، نعم ...

مداخلة: ...

فوائد الحديث

في حديث أبي سعيد من الفوائد:

مشروعية خروج الرجال لصلاة العيد

مشروعية الخروج لصلاة العيد للرجال، وقال جماعة من أهل العلم: بأن ذلك واجب، يعني: فرض على الأعيان.

ومن أدلتهم قول الله عز وجل: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:14-15]، فقد ثبت أن المقصود بالزكاة هاهنا: زكاة الفطر في رمضان، وأن المقصود بالصلاة: صلاة العيد، وهذا بعض معنى الآية، ولا يلزم أن يكون كل ما دلت عليه، فهو تفسير الآية ببعض معناها.

وذهب كثير من الفقهاء: إلى أن صلاة العيد فرض كفاية.

والقول بالفرض العيني له أدلة قوية، وسيأتي مزيد بسط هذه المسألة في مجالها.

مشروعية خروج النساء لصلاة العيد

وكذلك من فوائد الحديث: مشروعية خروج النساء لصلاة العيد؛ لأن النساء قد خرجن في تلك الصلاة، وأتاهن النبي صلى الله عليه وسلم ووعظهن؛ فالخروج كان في صلاة العيد، أما الإراءة فكانت في الكسوف، فلا يلتبس عليكم الأمر؛ لأنه يقول: ( إني أريتكن )، متى أريهن؟ في صلاة الكسوف؛ لأنه عرضت له الجنة والنار وهو يصلي، قال: ( عرضت عليَّ الجنة والنار في عرض هذا الجدار )، فمن ضمن ما رأى: ( أنه رأى أن أكثر أهل النار من النساء )، أما الموعظة فكانت في صلاة العيد، ففي الحديث مشروعية خروج النساء لصلاة العيد، وهذا حكم ثابت دلت عليه الأدلة، ومن أصحها حديث أم عطية في الصحيحين: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء بالخروج، فقالت امرأة: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: لتلبسها أختها من جلبابها )، وكذلك: ( أمر الحيِّض أن يخرجن ليشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى )، فما دام أمرت العواتق وربات الخدور بالخروج وكذلك الحيِّض يخرجن ويشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى، فغيرهن من باب أولى، فيستحب خروج النساء لصلاة العيد، لكن يكون خروجهن على غير هيئة الفتنة، فلا تخرج المرأة متجملة، متطيبة، متعطرة، بارزة للرجال، مختلطة بهم، وإذا حدث ذلك فإنه لا يجوز لها الخروج؛ ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها كما في الصحيح: ( لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء من بعده لمنعهن الخروج، كما منعت نساء بني إسرائيل )، إنما تخرج المرأة في ثياب غير متزينة ولا متعطرة، ولا تختلط بالرجال، إنما تكون معتزلة عنهم، تشهد الخير ودعوة المسلمين، وتسمع الخطبة وما فيها من الوعظ والتذكير.

الصدقة حجاب عن النار

ومن فوائد الحديث أيضاً: فضل الصدقة، وأنها من أسباب الحجاب عن النار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعدما أخبر النساء بأنهن أكثر أهل النار، أمرهن بالصدقة، فدل على أن الصدقة من أسباب وقاية الإنسان وحمايته من النار.

جواز التغليظ بالموعظة

وفيه: التغليظ بالموعظة خاصة إذا كانت على جماعة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أغلظ للنساء وقال: ( فإني أريتكن أكثر أهل النار )، وفي لفظ: ( أكثر حطب جهنم )، كما في حديث ابن عباس .. وغيره، فلا بأس بالتغليظ خاصة إذا كانت على العامة، أما إن كانت على شخص بعينه فإن الغالب أن اللين في حقه أولى وأحرى بالقبول، خاصة إن كان على الملأ، بل فيما يتعلق بالفرض بعينه، فإن الأفضل أن ينصح منفرداً، لا ينصح أمام جماعة؛ ولذلك يقول الشافعي رضي الله عنه ورحمه الله، يقول:

تعهدني بنصحك في انفراد وجنبني النصيحة في الجماعة

فإن النصح بين الناس نوع من التشهير لا أرضى استماعه

فإن خالفتني وعصيت أمري فلا تجزع إذا لم تعط طاعة

فالنصح للفرد ينبغي أن يكون بعيداً عن الناس؛ لئلا يكون تشهيراً به، فإن احتاج إلى نصحه في الملأ نصحه بلين وطيب عبارة وحسن لفظ.

كون أكثر أهل النار من النساء وسببه

ومن فوائد الحديث: أن أكثر أهل النار من النساء.

ومن طريف ما أجاب به بعضهم أنه قال: إن النساء أكثر من الرجال في الدنيا، وهذا أمر مشهور ومعروف من خلال الإحصائيات، حتى إنه ثبت ما يدل على ذلك في الحديث في الصحيحين: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه في آخر الزمان يكون قيم خمسين امرأة رجلاً واحداً ) يلذن به من قله الرجال، وكثرة النساء، وما دام أن النساء في الدنيا أكثر من الرجال، فلا غرابة أن يكن في الآخرة في النار أكثر منهم أيضاً . هذا ما أجاب به بعضهم عما يمكن أن يتمسك به البعض في هذا الحديث، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم علّل كونهن أكثر أهل النار بأنهن يكثرن الشكات ويكفرن العشير، وفي هذا التعليل من الفوائد: تحريم جحد النعم وكفرانها، سواء كان ذلك بالنسبة للخالق، أو بالنسبة لإحسان المخلوق، بل يجب على الإنسان أن يشكر الخالق على ما أولاه وأسداه من النعم، وكذلك يجب عليه أن يعرف للإنسان الذي أحسن إليه حقه: ( ومن لا يشكر الناس، لا يشكر الله )، ومن شكر من أحسن إليك من الخلق أن تقول له: جزاك الله خيراً، فقد صح كما سيأتي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من قال: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء )، وهي أفضل بلا شك من كلمة شكراً، أو أحسنت، التي يقولها البعض؛ لأن قولك: شكراً، أو أحسنت ليس فيها دعاء، وإنما فيها إنشاء أنه يشكره، لكن كلمة (جزاك الله خيراً) فيها دعاء للمحسن، فهي أفضل من غيرها من الألفاظ.

جواز إطلاق لفظ الكفر على بعض المعاصي

وفي الحديث جواز إطلاق لفظ الكفر على بعض المعاصي، وإن لم يكن ذلك بمعنى الخروج من الملة، بل هو كفر دون كفر، أو كفر النعم؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في بعض ألفاظ الحديث قال: ( يكفرن، قيل: وما يكفرن يا رسول الله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن النعم، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله، ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط )، وهذا أمر مهم؛ لأن بعض الناس قد يتمسك بظاهر هذه الألفاظ، ولا يميز بين الكفر الأكبر المخرج من الملة، وبين الكفر الأصغر، وكفر النعمة.. وما أشبه ذلك.

ويفهم -والله تعالى أعلم- من مجموع النصوص: أن هذه الخصال التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم ليست عامة لجميع النساء، بل هي الغالب على النساء، وإلا فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( كمل من الرجال كثير، وكمل من النساء أربع، وذكر منهن: آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران وخديجة وفاطمة )، فعلم بذلك أن هذا الغالب على النساء، وليس حكما عاماً لجميع النساء، فمن النساء من تسلم من هذه الخصال والخصائص، التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هي تغلب على النساء.

تفاوت عقول البشر

وفي الحديث من الفوائد: أن العقول تتفاوت، وهذا أمر معروف بداهة، فإن عقول البشر تختلف، فمنها القوى، ومنها الضعيف، ويوجد من الناس من لا عقل له؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ( ناقصات عقل ودين )، فوصفهن بنقصان العقل، وإذا كانت العقول تتفاوت، فمنها الكامل، ومنها الناقص، فإننا نعلم أن من الخطأ تحكيم العقول في دين الله، في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، إلا بقدر ما أتاح لها الشرع من فهم النص وتدبره، والجمع بين النصوص.. وما أشبه وذلك، أما رد الأحاديث النبوية بمقتضى العقل، فهو انحراف خطير يؤدي إلى الفوضى؛ لأن عقول الناس تختلف، وقد يرفض إنساناً حديثاً لضعف عقله، فيكون في ذلك مدخلاً في التلاعب بالأحاديث النبوية الشريفة.

عدم إثم المرأة بنقصان دينها

ومن فوائد الحديث: أن نقصان الدين لا يلزم أن يكون في أشياء تأثم بها المرأة، بل قد يكون نقصان الدين في أشياء فطرت عليها المرأة، لا يد لها فيها؛ وذلك لأن مسألة عدم الصوم، وعدم الصلاة أثناء الحيض ليس مما تأتم به المرأة، بل هي تأثم بضده، فإن الحائض لو صلت أو صامت وهي حائض، لأثمت، فإذا لم تصل ولم تصم وهي حائض، فهل تؤجر على عدم الصلاة وعدم الصيام؟

قولان لأهل العلم:

منهم من قال: إن الحائض تؤجر بترك الصوم والصلاة أثناء الحيض؛ لأنها تأثم بضده، وذلك قياساً أو تنظيراً لها بالإنسان المريض، الذي منعه المرض مما كان يصلي أو يصوم، وقد ثبت في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمله مقيماً صحيحاً ).

ومنهم من قال: إنها لا تؤجر على هذا الترك؛ لأنه يفرق بينها وبين المسافر والمريض، في أن المسافر أو المريض كان ينوي أن يدوم على هذه العبادة، فهو يفعلها على سبيل نية الدوام، بخلاف الحائض فهي من الأصل تنوي ألا تصوم ولا تصلي أثناء الحيض.

والتفريق في هذا كما ذكر الحافظ ابن حجر فيه نظر، فإن هذا الفرق يحتاج إلى أن نعرف، أنه مؤثر في عدم أجر الحائض على تركها للصلاة والصيام، ويتجه أن يقال: بالتفريق بين النساء في الأجر وعدمه.

ولكن ظاهر الأمر أن ترك الحائض للصوم والصلاة تعبداً لله جل وعلا حال حيضها، أنه مما تؤجر عليه، فلا يكون ذلك نقصاً بسببها، لكنه نقص فطري جبلت عليه، فهي في ذلك كما هي في شأن نقص عقلها، فإن كون شهادتها بنصف شهادة رجل، مما ثبت في القرآن الكريم: فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ [البقرة:282]، وذلك مؤذن بأنها في الحفظ والضبط والإتقان أقل من الرجل، ومع ذلك لا عتب.

إذاً: يظهر لي أنها إن تركت ذلك تديناً وتعبداً -يعني: احتسبت- فهي مأجورة؛ لأنه إن شعرتْ بأنها تتمنى الصلاة والصيام، وتتطلع إليها فهي في ذلك مأجورة، أما إن كانت تفرح بذلك وتُسرُّ به، فيبعد -والله تعالى أعلم- أن تؤجر، بل حُدِّثت عن بعضهن: أن منهن من تستخدم عقاقير لنزول الحيض؛ لئلا تصلي .

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.

سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.