شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب التيمم - حديث 141-144


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وحبيبه وخليله وخيرته من خلقه, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين....

هو حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين )، ذكره المصنف رحمه الله ونسبه للدارقطني، وبين أن الأئمة صححوا وقفه. أي أنه موقوف على ابن عمر، وليس مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

تخريج الحديث وكلام أهل العلم فيه

والحديث رواه الحاكم والبيهقي وغيرهم موقوفاً, وأما المرفوع فإن فيه علي بن ظبيان وهو ضعيف، بل ضعيف جداً, وقد طعن فيه الأئمة كــأبي زرعة، وأبي حاتم، ويحيى القطان، ويحيى بن معين، وأبي داود، والنسائي وغيرهم، طعنوا فيه طعناً شديداً، ومع ذلك فإن غيره قد خالفه في ذلك, فقد رواه الثقات موقوفاً على ابن عمر رضي الله عنه من قوله هو، كما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر من قوله رضي الله عنه أنه قال: (التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين).

فالصحيح في هذا الحديث أنه موقوف على ابن عمر وليس مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم, ورفعه إليه عليه الصلاة والسلام لا يصح، بل هو منكر؛ لتفرد علي بن ظبيان به.

وقد ورد ذكر الضربتين في التيمم عن جمع من الصحابة غير عبد الله بن عمر، فورد ذلك عن جابر، وأبي أمامة، وعائشة، وعمار، وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين, ولكن جميع الأحاديث الواردة في ذكر الضربتين هي ما بين ضعيف جداً ومنكر وضعيف وشاذ، فلا تقوم بها حجة .

عدد ضربات التيمم

وفي الحديث مسألتان لابد من معرفتهما:

المسألة الأولى: مسألة عدد الضربات في التيمم, أهي ضربة واحدة، أم ضربتان، أم ثلاث ضربات؟

قال كثير من أهل العلم: إن التيمم ضربة واحدة فقط تكفي للوجه والكفين, وهذا مذهب الإمام أحمد، وإسحاق، ومكحول، والأوزاعي، وداود الظاهري، ونسبه الخطابي رحمه الله لعامة أصحاب الحديث, بل نسبه ابن المنذر إلى جمهور العلماء, واختاره ابن المنذر أيضاً وغيره من الشافعية.

واستدل أصحاب هذا القول بأدلة أصحها حديث عمار في الصحيحين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ( إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا، وضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ).

والدليل الثاني: هو حديث أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري، وهو في صحيح مسلم كما سبق, وفيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب الجدار بيديه ضربة واحدة )، فقالوا: هذا دليل على أن التيمم تكفي فيه ضربة واحدة لا يزيد عليها، ويمسح بها وجهه وكفيه، هذا هو القول الأول.

أما القول الثاني : فقالوا: إن التيمم ضربتان, ضربة للوجه, وضربة لليدين, وهذا هو مذهب الشافعية والمالكية والأحناف, ونقل عن جمع من الصحابة كـابن عمر وعلي , وكذلك التابعين كـالحسن والشعبي والثوري وغيرهم.

واستدل أصحاب هذا القول بأدلة منها حديث ابن عمر هذا.. حديث الباب: ( التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين ).

ولا شك أن الاستدلال بهذا الحديث فيه نظر باعتباره حديثاً مرفوعاً؛ لأن الصحيح أنه موقوف كما أسلفت، فلا يصح الاستدلال به, وغاية ما فيه الدلالة على أن هذا القول هو مذهب عبد الله بن عمر رضي الله عنه، وهو صحيح عنه بلا شك, أما رفعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام فلا يصح، ولا يصح الاستدلال به.

ومن أدلتهم على أن التيمم ضربتان : ما رواه الطبراني في الأوسط وغيره عن عمار : ( أن قوماً سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عمن أحدث ولم يجد الماء فقال: ضربة للوجه, وضربة لليدين ) .

وهذا الحديث أيضا ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم, إضافة إلى أنه مخالف للأحاديث الصحيحة عن عمار رضي الله عنه كما في الصحيحين وغيرهما: من أن التيمم ضربة واحدة.

وثمة قول ثالث في المسألة: وهو منسوب إلى ابن سيرين وغيره أنه يضرب ثلاث ضربات: ضربة لكفيه, وضربة لوجهه, وضربة ليديه.

وما دليل أصحاب هذا القول؟ قال الإمام الشوكاني رحمه الله كما في نيل الأوطار :لم أقف لهم على ما يصلح متمسكاً للوجوب, فليس لمن قالوا بالضربات الثلاث دليل يعضد قولهم أو يسنده.

وبناء على ذلك فإن القول الراجح في هذه المسألة هو أن التيمم ضربة واحدة, وذلك لقوة أدلته، حيث إنها في الصحيحين, وكذلك لأن التيمم كما هو معروف رخصة وتيسير من الله تعالى على عباده عند فقد الماء أو التضرر باستعماله, والذي يتناسب مع الرخصة التخفيف والاكتفاء بضربة واحدة، كما سبق مثله في أمور كثيرة مثل المسح على الخفين, وكذلك مسح الرأس في الوضوء والأذنين, وأن الراجح في ذلك الاكتفاء بمرة واحدة, فكذلك التيمم هو من باب التيسيرات التي يسرها الله تعالى على عباده, فيناسب فيها أن يكتفى بضربة واحدة.

لكن من ضرب ضربتين، أو من رأى أحداً يضرب ضربتين كما يلاحظ الآن في بعض المتمسكين بمذهب الشافعية أو الأحناف أو غيرهم، فإنه لا ينبغي أن ينكر عليه في ذلك, إن ناسب أن يعلم الأفضل والأصح علم وإلا لا ينكر عليه؛ لأن هذا ثبت عن جمع من الصحابة كما أسلفت, وهو مذهب عدد من الأئمة المتبوعين، فمثل هذا مما لا يسوغ فيه الإنكار والتشديد على المخالفين, هذه مسألة في حديث ابن عمر في قوله: (التيمم ضربتان).

قدر ما يمسح من أعضاء التيمم

أما المسألة الثانية: فهي قدر ما يمسح من العضو, هل يمسح الكف؟ يعني يمسح الكف إلى الكوع.

هل يكتفى بمسح الكف فقط، أم يمسح الذراع إلى المرفق؟ أم يمسح أيضاً إلى العضد.. إلى الأبط أيضاً؟ في هذه المسألة ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنه يمسح الكفين فقط, وهذا مذهب مكحول، والأوزاعي، وابن المنذر، وإسحاق، وداود، والإمام أحمد، وجمهور أهل الحديث أيضاً: أنه يكتفي بمسح الكف فقط ولا يمسح الذراع.

واستدلوا لذلك بحديث عمار أيضاً، فإنه ذكر مسح ظاهر كفيه ووجهه, وهو صريح في الاقتصار على مسح ظاهر الكفين دون أن يمسح إلى المرفق.

ومما استدلوا به أيضا قالوا: إن عماراً رضي الله عنه وهو صاحب القصة, وهو صاحب الشأن, وهو راوي حديث التيمم, كان يفتي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسح الكفين إلى الكوعين فقط دون مسح الذراع, هذا هو القول الأول.

القول الثاني: وهو مذهب الطائفة الأخرى من العلماء: الشافعية والأحناف والمالكية, ونسب لجمع من الصحابة والتابعين سبق ذكرهم في المسألة الأولى، قالوا: يمسح يديه إلى المرفقين، كما يغسل في الوضوء يعني, لكن يكتفي بالمسح هاهنا.

واستدل هؤلاء بأدلة: منها قوله تعالى: وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [النساء:43].

قالوا: المقصود بالأيدي في هذه الآية الأيدي إلى المرافق، وما هي القرينة على أن المقصود الأيدي إلى المرافق؟ قالوا: لا يكتفى بدلالة الإطلاق، بل الأشد من ذلك أنهم قالوا: إنه في أول الآية قال: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6]، فذكر الغسل، وذكر فيه الأيدي إلى المرافق, قالوا: فقوله في آخر الآية: وأيديكم يعني: إلى المرافق كما سبق في أول الآية.

وكذلك استدلوا بحديث ابن عمر هذا: ( التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين )، وهو نص في المسألة لولا أنه لا يصح مرفوعاً.

وكذلك استدلوا ببقية الأحاديث الواردة في مسح اليدين إلى المرفقين, وقد ذكرت أن هذا المعنى ورد عن خمسة من الصحابة، منهم ابن عمر، وعمار، وجابر، وعائشة، وأبي أمامة , ولكن جميع هذه الأحاديث الواردة في المسح إلى المرفقين ضعيفة، فهذه الروايات ما بين شاذ ومنكر وضعيف جداً وضعيف، فلا تقاوم الأحاديث التي في الصحيحين.

فهذا المعنى ورد عن ابن عمر رضي الله عنه كما في حديث الباب (التيمم ضربتان)، ورد أيضاً عن غيره من الصحابة موقوفاً عليه, ولذلك فإن البيهقي رضي الله عنه ورحمه الله، بعد أن استقصى طرق الأحاديث الواردة في أن التيمم إلى المرفقين, ومنها حديث عن عمار أيضاً, حتى التيمم إلى المرفقين جاء في حديث عن عمار , فلما استقصى البيهقي هذه الطرق بين أنها كلها ضعيفة, ورجع يستدل بحديث ابن عمر .. حديث الباب, فدل على أنه لا يوجد في ذلك شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فهذه أدلة من قالوا بأنه يمسح إلى المرفقين.

القول الثالث: وقد نسب لبعض السلف أنه يمسح إلى الآباط أو إلى العضدين.. يعني إلى نهاية العضد, وهذا نسبه الماوردي للزهري , وقال الإمام النووي في المجموع : لا أظنه يثبت عنه, وليس ببعيد أن يرد هذا عن الزهري , فإنه قد روى الأئمة النسائي، وابن ماجه، وأبو داود عن الزهري من حديث عمار ذكر التيمم إلى الآباط: ( أن قوماً سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر لهم التيمم إلى الآباط ).

فقد يكون الزهري -إن صح هذا الحديث عنه.. وصح هذا القول- أخذ بهذه الرواية، فقال بأن التيمم إلى الآباط، وهو قول ضعيف وغريب, حتى إن الخطابي رحمه الله لما ذكر الأقوال في قدر التيمم ذكر القول الأول بأنه للكفين فقط, ثم ذكر القول الثاني بأنه إلى المرفقين, وقال: ولم يختلف أحد من أهل العلم في أنه لا يتجاوز بالتيمم المرفقين.

فكأن الخطابي رضي الله عنه لم يقف على هذا القول للزهري , في أنه يتيمم إلى الآباط.

و الصحيح من هذه الأقوال الثلاثة أيضا هو القول الأول, وأنه يبتدئ بالتيمم بمسح الكفين دون الوصول إلى المرفقين, وذلك لصحة دليله وثبوته، وكون عمار رضي الله عنه يفتي به بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كما سبق, ولأنه أيضاً هو المناسب للرخصة كما أوردته في ترجيح القول الأول.

ويقال في هذا أيضاً ما يقال في السابق, فإن هذا القول ما دام ثبت عن ابن عمر وجمع من الصحابة من قولهم، لا ينبغي أن يشدد فيه على المخالف, لكن إن أمكن أن يعلم السنة والأصح أخبر بها, فإن أصر على ما تعلمه من شيوخه فله سلف في ذلك كـابن عمر وجابر وغيرهما, فلا ينبغي أن يشدد في الإنكار على هؤلاء.

هاتان مسألتان في حديث ابن عمر : ( التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين ).

والحديث رواه الحاكم والبيهقي وغيرهم موقوفاً, وأما المرفوع فإن فيه علي بن ظبيان وهو ضعيف، بل ضعيف جداً, وقد طعن فيه الأئمة كــأبي زرعة، وأبي حاتم، ويحيى القطان، ويحيى بن معين، وأبي داود، والنسائي وغيرهم، طعنوا فيه طعناً شديداً، ومع ذلك فإن غيره قد خالفه في ذلك, فقد رواه الثقات موقوفاً على ابن عمر رضي الله عنه من قوله هو، كما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر من قوله رضي الله عنه أنه قال: (التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين).

فالصحيح في هذا الحديث أنه موقوف على ابن عمر وليس مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم, ورفعه إليه عليه الصلاة والسلام لا يصح، بل هو منكر؛ لتفرد علي بن ظبيان به.

وقد ورد ذكر الضربتين في التيمم عن جمع من الصحابة غير عبد الله بن عمر، فورد ذلك عن جابر، وأبي أمامة، وعائشة، وعمار، وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين, ولكن جميع الأحاديث الواردة في ذكر الضربتين هي ما بين ضعيف جداً ومنكر وضعيف وشاذ، فلا تقوم بها حجة .

وفي الحديث مسألتان لابد من معرفتهما:

المسألة الأولى: مسألة عدد الضربات في التيمم, أهي ضربة واحدة، أم ضربتان، أم ثلاث ضربات؟

قال كثير من أهل العلم: إن التيمم ضربة واحدة فقط تكفي للوجه والكفين, وهذا مذهب الإمام أحمد، وإسحاق، ومكحول، والأوزاعي، وداود الظاهري، ونسبه الخطابي رحمه الله لعامة أصحاب الحديث, بل نسبه ابن المنذر إلى جمهور العلماء, واختاره ابن المنذر أيضاً وغيره من الشافعية.

واستدل أصحاب هذا القول بأدلة أصحها حديث عمار في الصحيحين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ( إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا، وضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ).

والدليل الثاني: هو حديث أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري، وهو في صحيح مسلم كما سبق, وفيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب الجدار بيديه ضربة واحدة )، فقالوا: هذا دليل على أن التيمم تكفي فيه ضربة واحدة لا يزيد عليها، ويمسح بها وجهه وكفيه، هذا هو القول الأول.

أما القول الثاني : فقالوا: إن التيمم ضربتان, ضربة للوجه, وضربة لليدين, وهذا هو مذهب الشافعية والمالكية والأحناف, ونقل عن جمع من الصحابة كـابن عمر وعلي , وكذلك التابعين كـالحسن والشعبي والثوري وغيرهم.

واستدل أصحاب هذا القول بأدلة منها حديث ابن عمر هذا.. حديث الباب: ( التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين ).

ولا شك أن الاستدلال بهذا الحديث فيه نظر باعتباره حديثاً مرفوعاً؛ لأن الصحيح أنه موقوف كما أسلفت، فلا يصح الاستدلال به, وغاية ما فيه الدلالة على أن هذا القول هو مذهب عبد الله بن عمر رضي الله عنه، وهو صحيح عنه بلا شك, أما رفعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام فلا يصح، ولا يصح الاستدلال به.

ومن أدلتهم على أن التيمم ضربتان : ما رواه الطبراني في الأوسط وغيره عن عمار : ( أن قوماً سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عمن أحدث ولم يجد الماء فقال: ضربة للوجه, وضربة لليدين ) .

وهذا الحديث أيضا ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم, إضافة إلى أنه مخالف للأحاديث الصحيحة عن عمار رضي الله عنه كما في الصحيحين وغيرهما: من أن التيمم ضربة واحدة.

وثمة قول ثالث في المسألة: وهو منسوب إلى ابن سيرين وغيره أنه يضرب ثلاث ضربات: ضربة لكفيه, وضربة لوجهه, وضربة ليديه.

وما دليل أصحاب هذا القول؟ قال الإمام الشوكاني رحمه الله كما في نيل الأوطار :لم أقف لهم على ما يصلح متمسكاً للوجوب, فليس لمن قالوا بالضربات الثلاث دليل يعضد قولهم أو يسنده.

وبناء على ذلك فإن القول الراجح في هذه المسألة هو أن التيمم ضربة واحدة, وذلك لقوة أدلته، حيث إنها في الصحيحين, وكذلك لأن التيمم كما هو معروف رخصة وتيسير من الله تعالى على عباده عند فقد الماء أو التضرر باستعماله, والذي يتناسب مع الرخصة التخفيف والاكتفاء بضربة واحدة، كما سبق مثله في أمور كثيرة مثل المسح على الخفين, وكذلك مسح الرأس في الوضوء والأذنين, وأن الراجح في ذلك الاكتفاء بمرة واحدة, فكذلك التيمم هو من باب التيسيرات التي يسرها الله تعالى على عباده, فيناسب فيها أن يكتفى بضربة واحدة.

لكن من ضرب ضربتين، أو من رأى أحداً يضرب ضربتين كما يلاحظ الآن في بعض المتمسكين بمذهب الشافعية أو الأحناف أو غيرهم، فإنه لا ينبغي أن ينكر عليه في ذلك, إن ناسب أن يعلم الأفضل والأصح علم وإلا لا ينكر عليه؛ لأن هذا ثبت عن جمع من الصحابة كما أسلفت, وهو مذهب عدد من الأئمة المتبوعين، فمثل هذا مما لا يسوغ فيه الإنكار والتشديد على المخالفين, هذه مسألة في حديث ابن عمر في قوله: (التيمم ضربتان).