نساء مُلوَّنات! - هناء بنت عبد العزيز الصنيع
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
في الألوان تجدين الأبيض والأسود، وهناك الرمادي مزيج منهما.. كذا في عالم الإنسان، تجدين ألوانًا من الأخلاق كثيرة، قد تُجبرين على الاحتكاك بأصحابها لظروف لازمة (أقارب، جيران، زميلات دراسة أو عمل، سكن مشترك)..
فهنيئًا لكِ إن خالطتِ صاحبات الألوان الأخلاقية المُشرِقة، وتقبَّلي تعازينا إن كان نصيبكِ صاحبات الألوان المُظلِمة..
فنحن نشعر بكِ، ونعلم أن معاناتكِ كبيرة، ونحاول أن نُساعِدكِ.
إن صاحبات الألوان الأخلاقبة القاتمة لا يشعُرن بأنفسهن عادةً، ولا بالأذى الذي يُسبِّبنه لأخواتهن المسلمات، فيحتجن لمن يُوقظهن حتى لا يكثر سوادهن في المجتمع فتكثر معاناة الآخرين منهن لا سيما المقرَّبون لهن..
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِن شيءٍ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خُلقٍ حَسن» (رواه الترمذي: [2002/4] وقال: "حسنٌ صحيح").
لماذا لا يشعر الإنسان أحيانًا بأن لونه الأخلاقي بغيض؟!
ربما لأنه نشأ في بيتٍ الأخلاق السيئة عندهم أمرٌ عادي..! كأن يكون الأب أو الأم والإخوة أو بعضهم يُمارِسون الظلم الكذب ، البذاءة، التجسُّس، في حياتهم اليومية!
مثال:
كأن تطلب الأم من ابنتها أن تتجسَّس على شخصٍ ما ثم تُخبِرها بما حدث..
كذا تأمرها بأن تكذب في مواقف كثيرة..
أو تُعلِّمها الجدل بالباطل وتأمرها أن تفعله مع الآخرين عندما تخُطئ عليهم حتى لا تكون ضعيفة -كما تزعم- بل تريدها متجبِّرة ظالمة لا قوية بالحق، فالقوة عند بعض الناس هي أن لا تعترِف بخطئك، وأن تأخذ ما ليس لك!
ولو أن فتاة نشأت في مثل هذا البيت فستتأثر بأخلاق أهلها بالتربية والمخالطة، وفي الغالب لن تشعر بأنها ارتكبت خطأً ما، لأن أهلها يرتكبون نفس الخطأ، وليس هناك من يُنكِر..
فتكبُر الفتاة وتكبُُر معها هذه الصفات، وهي لا تشعر بالخطر الذي ينمو معها ليُهدِّد مصيرها في الدنيا والآخره..
فهي تحتاج لمن يقول لها: "توقفي، ما تفعلينه خطأٌ عظيم وإن وجدت أهلكِ عليه..
لن يدخل أحدهم قبركِ معكِ..
ولن يُعطيكِ حسنةً واحدة..
ولن يحمِل عنكِ سيئة واحدة..
فلماذا الموافقة على الباطل؟!".
إن بِرّ الوالدين وموافقة إخوتكِ لا تكون بإهلاك نفسكِ وسوقها إلى النار ..! فلا تتبعي أحدًا على الباطل مهما كانت علاقتكِ به قوية جدًا..
قال الله تعالى: {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ .
يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ .
وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ .
وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ .
لكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:33-37].
"خصَّ الله هؤلاء بالذكر لأنهم أخصّ القرابة، وأولاهم بالحنو والرأفة، فالفرار منهم لا يكون إلا لهول عظيم، وخطب فظيع، ولعلم الإنسان أنهم لا ينفعونه ولا يُغنُون عنه شيئًا" (فتح القدير: [505/5] بتصرُّفٍ واختصار).
تذكري لا يُغنون عنكِ شيئًا..
فكري جيدًا قبل أن تغامري بمصيركِ..
بل كوني مُشرِقة الألوان..
لكِ انعكاسات مُضيئة..
تُضيء حياتكِ..
وحياة من حولكِ..
تملأ أيامكِ بهجة..
وتجعل الجميع يبتهج بكِ..
أخلاقٌ عالية..
وطباعٌ راقية..
كوني قوية الإرادة..
قودي نفسكِ للأفضل..
عدِّليها..
طوِّريها..
وزكِّيها..
واستمتعي بأكبرِ تغيير في حياتكِ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وأن الله عز وجل يُعطِي الدنيا من يُحب ومن لا يُحب، ولا يُعطي الدين إلا لمن أَحب، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبَّه» (رواه أحمد).
فهنيئا لكِ محبة ربّ العالمين..
عندما تتزيَّنين بأخلاق هذا الدين.