ضربت عليهم الذّلة والمسكنة
مدة
قراءة المادة :
6 دقائق
.
للأستاذ نقولا الحداد
يدعي اليهود أن الذي حملهم على اختلاق دولة يهودية هو أنهم مضطَهدون في كل مكان. لأنهم أقلية مسحوقة في كل مكان.
فإذا صار لهم دولة لجأوا إليها فراراً من الظلمِ والاضطهاد إذا صدق زعمهم هذا فليعتبوا على ربهم لأنه صرَّح في القرآن الشريف أنهم: ضُربتْ عليهمُ الذِّلةُ وَالمسكَنةُ.
وليسألوا ربهم يهوَه رب الجنود لماذا ضربهما عليهم دون سائر البشر: والله ما هم بمضطهَدين.
بل هم مضطهِدون (بفتح الهاء في الأولى وكسرها في الثانية). كيف يكونون مضطهَدين وقد جمعوا ثروات العالم وبها يتحكمون بالضعفاء والمنكويين؟ كيف يكونون مظلومين وهم خمسة ملايين في الولايات المتحدة الأمريكية يسيطرون على 130 مليوناً؟ وكيف يكونون مظلمومين ومضطهَين وهم يحاربون الآن بمائة واثنين وسبعين مليون ريال تصدق عليهم بها الأمريكيون المسيحيون المغفلون بصفة كونها إعانة لمتشرديهم في أوربا؟ وكيف يكونون مضطهَدين وقد منحتهم إنكلترا الغشوم وعد بلفور وأطلقت يدهم على فلسطين فملكوا أثمن ما فيها وأعز؟ وأخيراً جاءت أمريكا ومنحتهم مملكة ودولة في فلسطين ومنها يبسطون أيديهم على جميع أمم الشرق. ماذا يريد هؤلاء الأذلاء المساكين بعد هذا؟ أيريدون أن يكونوا أسياد العالم والعالم كله مملكتهم وأن تكون أمم الأرض عبيداً لهم حتى يرضوا عن الله؟ العالم لا يضطهدهم ولكنه يكره أعمالهم وتصرفاتهم المناقضة للإنسانية، ألا يتساءلون فيما بينهم لماذا يكرههم جميع الأمم؟ في كل بلد أقليات فلماذا لا تشتكي هذه الأقليات من الاضطهاد؟ لماذا لا يعقدون مؤتمراً شاملا من أساطينهم من جميع جهات العالم ليبحثونا سبب بغض العالم لهم فيزيلوا السبب ويعودا إلى حظيرة الأمم محبوبين مكرمين ككل أمة وشعب؟ لا نظنهم يجهلون سبب كره العالم لهم.
إنهم يعلمون السبب وهو أنهم يكرهون العالم كله، لأن كل من ليس يهودياً هو في نظرهم (جوييم) ومعناه في لغتهم نجس دنس رجس. يتصرفون مع الناس بمقتضى هذه العقلية الخبيثة.
فيحللون لأنفسهم مال (الجوييم) ويستحلون سفك دمهم واغتصاب أملاكهم وهضم حقوقهم.
ولا يردهم تلمودهم عن هذا.
بل بالعكس يبيح لهم كل هذا وأكثر منه.
لا يردهم عن هذه الإباحية إلا قوانين البلاد وقضاؤها.
فإذا أمكنهم أن يفعلوا فعلتهم ويتحاشوا القضاء فلا خوف عندهم من الله لكي يردهم. قد ينبري بعضهم وبعض مناصريهم لتسفيه قولي هذا واعتباره افتئاتاً عليهم وتحاملاً.
فليقل المتشيعون لهم: ماذا يحسبون تفظيع اليهود في دير يسين وطبريا وميرون وغيرها بالأطفال والنساء والشيوخ؟ هل يفعل هذه الفظائع من يخافون الله؟ هل يفعله المتمدنون؟ وماذا يفسر المدافعون عنهم تعمدهم تسميم الآبار في غزة بميكروب الكوليرا والتيفوئيد لكي يباد الجيش المصري هناك عن آخره. والله إن الذي لم يفعله هتلر بهم فعلوه هم بالعرب.
تورع هتلر عن استعمال الغازات السامة وعن تلويث المياه بالميكروبات المرضية.
وأما هم فلا يتورعون.
فماذا كان هؤلاء اللئام يقولون لو فعل العرب بهم مثل فعلتهم؟!؟ ولكنهم يعلمون جيداً أن العرب لا يرتكبون هذه الدناءات.
ولهذا هم يستغلون هذه النزاهة العربية. كم مرة تعهدوا بهدنة وكانت الهدنة من مصلحتهم فنقضوها ما سكت العرب عن القتال احتراماً للهدنة حتى أسرعوا إلى الخيانة والغدر. والغريب أن هؤلاء المنافقين يترجون الصليب الأمر أن يسمع لهم العرب بإخراج 600 امرأة وطفل من القدس القديمة لكيلا يقتتلوا تحت وابل رصاص العرب.
يطلبون هذا الطلب لأنهم يعلمون جيداً أن العرب يشفقون على الأطفال والنساء فيريدون أن يستغلوا شفقة العرب.
ولكن جلالة الملك عبد الله لم يعد يصدق مكرهم فأبى أن ينيلهم هذا الاستغلال. وهل تنطوي هذه الهدنة الأخيرة ذات الـ 4 أسابيع من غير أن ينقضها الصهيونيون مراراً؟ والعرب يصبرون عليهم صبر الكرام.
لا أعتقد أن هذه تطول فسينقضها اليهود وثم ينقضُّ العرب عليهم انقضاضهم الأخير فيمحقونهم. العرب لم يقترحوا الهدنة لأنهم لا ينتفعون بها بل يأبونها، ولأنها من مصلحة الصهيونيين.
وما رضى العرب بها إلا لكيلا يقال إن العرب لا يريدون سلاماً.
فليعلم العالم الآن من يريد هدم السلام. إني أتخيل دولة صهيون الخيالية تقول مع شمشمون الجبار: (عليّ وعلى أعدائي يا رب) إذا شبت الحرب العالمية الثالثة بسببهم.
هذه هي أخلاق هذه الطائفة التي تدعي أنها مضطهدة.
وهي ذليلة مسكينة.
ولكنها غادرة خائنة، فكيف تستحق الشفقة اللهم إنها لا تنال الشفقة إلا من المتيَّم بها عاهل الأمريكان الذي يهون عليه أن يضحي بمصلحة بلاده وبسلام العالم على مذبح رضى الصهيونيين.
ولا يزال هذا الأحمق يتحبب لليهود ويتسضيف زعيمهم ويزمان على الرغم من أن أمريكان الشرق قد احتجوا على سياسته الخرفان.
ولكي يظهر أنه لا يحسب حساباً إلا لاحتجاج أمريكان أمريكا نفسها وسيظهر احتجاجهم في أنهم لن ينتخبوه. وقد علمت من مصدر ثقة أن جلالة الملك عبد العزيز آل سعود أبلغ الشركة الأمريكية المتعاقدة معه على البترول، أنه سيضرب بالعقد الذي بينهما عرض الحائط، إذا كان ترومان سيسلح الصهيونيين أو يؤيد الهجرة اليهودية إلى فلسطين. نقولا الحداد