خطب ومحاضرات
قسوة القلوب
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يشكو كثير من العباد الصالحين إلى إخوانهم قسوة قلوبهم، وهذه مشكلة يعاني منها الصالحون على مر الزمان، وعانى منها صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقلب الإنسان هو الركيزة التي إذا صلحت صلح الجسد كله، قال المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)، فإذا صلح القلب صلحت الأعمال، وصلحت الأقوال، وصلحت الحياة، وفساده خطر عظيم، فالجسد يأتمر بأمر القلب، والقلب في الجسد كالحاكم في الرعية، فهو الآمر الناهي، وهو المسيطر، والجسد إنما هو خادم لهذا القلب، ومن هنا كانت عناية الإسلام بالقلب عظيمة.
وصلاح القلب مرتبط بما يحل فيه من علم نافع، وعقيدة قيمة، وإرادة سليمة سامية، تدفع إلى الخير، وتوجه إلى العمل الطيب الصالح، وعلاج القلب هو علاج رباني، علاج القلوب لا يعرفه البشر، فالبشر يعرفون من علاج القلوب ما كان مادياً جسدياً، أما ما كان روحياً فذلك أمره إلى رب العزة تبارك وتعالى.
من شاء أن يطهر نفسه، ومن شاء أن يلين قلبه؛ فليقرأ كتاب الله تبارك وتعالى، فإن أفضل الذكر هو هذا الكتاب، فمن قرأ كتاب الله تبارك وتعالى سيجد قلبه قد لان وخشع لذكر الله تبارك وتعالى، وإذا به يشعر بحلاوة الإيمان، وحلاوة اليقين، وإذا بنفسه تنقاد إليه، وإذا بالجسد يخضع لما أمر الله تبارك وتعالى.
وقد حذرنا الله تبارك وتعالى من قسوة القلب كما كان مصير اليهود والنصارى من قبل: طَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ [الحديد:16]، ثم يقول الحق تبارك وتعالى: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا [الحديد:17] فالأرض تكون جرداء قاحلة لا نبات فيها، فينزل عليها الماء من السماء فإذا بها تتشقق، وإذا بالنبات يزهر، وتمر عليها بعد أيام فإذا بالأرض الجرداء القاحلة معشبة مخضرة مزهرة مثمرة معطاءة، فتسرك رؤيتها، وكذلك القلوب إذا نزل عليها الوحي وأقصد بنزول الوحي أن تتصل بالقرآن وإذا اتصلت بنور الله تبارك وتعالى الذي ضمنه كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ استضاءت بنور الله، وتحلت بوحي الله وبروح الله، وتغير أمرها وتغير شأنها.
فإذا تكلم الإنسان الذي لا يقرأ القرآن فإنك تشعر بظلمة في قلبه، وظلمة في نفسه وقسوة، وتحس انحرافاً، ثم إذا اتصل بهذا الكتاب وارتوى منه، إذا بالإنسان غير الإنسان، وإذا بالرجل غير الرجل، وإذا في نفسه نقاوة ورقة، وإذا فيه صلاح وخير، وإذا بأعمالٍ طيبة ظهرت، كالأرض التي أنبتت بعد أن كانت مقحلة، بعد أن كانت مجدبة، فظهر نباتها وظهر خيرها، وتحول أمرها بالماء النازل من السماء هناك، وتحول أمر القلوب هنا بالوحي النازل من عند الله تبارك وتعالى.
كتاب الله يمنح قارئه معرفة عظيمة بالله عز وجل
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [آل عمران:26-27].
آيات تحدثك عن الله تبارك وتعالى فتصحو النفس عندما تذكر خالقها وبارئها وموجدها، وتعلم أن علمه محيط بها، وأن قدرته تحيط بها، فلا يخرج المرء عن علم الله، ولا يخرج عن قدرة الله تبارك وتعالى.
عندما تقرأ كتاب الله فيحدث عن ربك وموجدك وبارئك؛ ترى لذلك أثراً عجيباً في نفسك ، لا تكاد تقوم من القراءة، حتى ترى الخير يكثر في القلب المريض، وترى المرض الذي في القلب يزول، ويتماثل القلب إلى الشفاء، فالقلوب تمرض ومرضها الذنوب والمعاصي والشكوك والشبهات، وفي كتاب الله علاج وأي علاج!
يذكرك الله بنعمته عليك في كتابه، وبنعمته عليك في جسدك الذي سواه وخلقه، وبنعمته عليك في لقمة الطعام التي تمضغها بين أسنانك في فمك، هذه كلها صُنعت بأمر الله تبارك وتعالى، لتكون طعاماً يقدم لك على المائدة، حتى نسمة الهواء التي تهب وتستنشقها، وقطرات الماء التي ترتوي بها، كل هذه نعم.
يدعونا القرآن إلى التفكر في النعم حتى نشعر برحمة الله
وانظر إلى السماء، إلى الجبال، إلى النجوم، إلى النبات، ينزل الله تبارك وتعالى الماء من السماء، أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا [عبس:25-30].
أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا [النبأ:6-9].
كثير من الآيات في كتاب الله تحدثك عن النعم، وعندما تتأملها تعود إلى القلب الطمأنينة.
كتاب الله يعرفنا على ربنا، وصفاته، وأسمائه، وأفعاله، وعندما يقرأ المسلم صفات الحق ويعرف من أفعال الحق ما يبهر العقول، ويحير القلوب؛ تخشع هذه القلوب لربها: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255].
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [آل عمران:26-27].
آيات تحدثك عن الله تبارك وتعالى فتصحو النفس عندما تذكر خالقها وبارئها وموجدها، وتعلم أن علمه محيط بها، وأن قدرته تحيط بها، فلا يخرج المرء عن علم الله، ولا يخرج عن قدرة الله تبارك وتعالى.
عندما تقرأ كتاب الله فيحدث عن ربك وموجدك وبارئك؛ ترى لذلك أثراً عجيباً في نفسك ، لا تكاد تقوم من القراءة، حتى ترى الخير يكثر في القلب المريض، وترى المرض الذي في القلب يزول، ويتماثل القلب إلى الشفاء، فالقلوب تمرض ومرضها الذنوب والمعاصي والشكوك والشبهات، وفي كتاب الله علاج وأي علاج!
يذكرك الله بنعمته عليك في كتابه، وبنعمته عليك في جسدك الذي سواه وخلقه، وبنعمته عليك في لقمة الطعام التي تمضغها بين أسنانك في فمك، هذه كلها صُنعت بأمر الله تبارك وتعالى، لتكون طعاماً يقدم لك على المائدة، حتى نسمة الهواء التي تهب وتستنشقها، وقطرات الماء التي ترتوي بها، كل هذه نعم.
إذا تفكرت في نعم الله عليك تشعر برحمة الله تبارك وتعالى، فتثني على الله تبارك وتعالى بما هو أهله، وينور هذا القلب عندما يذكر النعم، وكم حدثنا الله تبارك وتعالى عن هذه النعم في كتابه: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ [الغاشية:17]، كيف خلقها الله تبارك وتعالى لك وأنعم بها عليك؟ ترى خلقاً رائعاً سليماً، انظر إليه وتفكر فيه.
وانظر إلى السماء، إلى الجبال، إلى النجوم، إلى النبات، ينزل الله تبارك وتعالى الماء من السماء، أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا [عبس:25-30].
أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا [النبأ:6-9].
كثير من الآيات في كتاب الله تحدثك عن النعم، وعندما تتأملها تعود إلى القلب الطمأنينة.
استمع المزيد من الدكتور عمر الأشقر - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
النجاة من الفتن | 2410 استماع |
كيف تستعيد الأمة مكانتها | 2299 استماع |
فتاوى عن الجماعات الإسلامية والجهاد | 2292 استماع |
أضواء العمل الإسلامي | 2214 استماع |
اليوم الآخر | 2192 استماع |
الانحراف عن المسيرة الإسلامية | 2162 استماع |
إخلاص النية | 2162 استماع |
مع آيات في كتاب الله | 2142 استماع |
أسباب الجريمة وعلاجها | 2125 استماع |
قيمة الاهتمام في زيادة الإيمان | 2106 استماع |