خطب ومحاضرات
طلب الهداية من القرآن
الحلقة مفرغة
قصة عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية
فقد انتصر المسلمون في معركة بدر انتصاراً رائعاً، سماه الله تبارك وتعالى فرقاناً فرق به بين الحق والباطل، أعز أمة الإسلام، وأذل دولة الشرك، وقتل من المشركين سبعون، وأسر سبعون، والذين بقوا على قيد الحياة بقيت في قلوبهم حسرة وألم، حتى إن كتب السيرة تذكر أن أحد رجالات قريش -وهو صفوان بن أمية في ذلك الوقت- التقى بـعمير بن وهب الجمحي في الحجر يتذاكران في أمر الحرب التي أخذت خيارهم، وقتلت رجالهم، فقال عمير - وكان كما يقول المؤرخون: من شياطين العرب، وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً-: والله لولا دين علي، وأولاد أخشى ضياعهم لجئت إلى محمد حتى أقتله، فقال له صفوان وكان غنياً: إن دينك علي، وإن أولادك يضمون إلى أولادي، فأخذ عمير سيفاً شحذه وسمه، ثم انطلق إلى المدينة، وكان ابنه في جملة الأسرى الذين أسروا في معركة بدر، فلما ورد المدينة ورآه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: والله ما قدم هذا إلا لشر، ثم قال للصحابة: عليكم به لا يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاء به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أخذ بحمائل سيفه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما رآه: يا عمير ! ما جاء بك؟ قال: جئت في هذا الرجل الذي عندكم، يعني: ابنه، قال: ما جئت إلا لهذا؟ قال: ما جئت إلا لهذا، قال: ألم تكن أنت وصفوان في الحجر فقلت: كذا وكذا، وقال لك: كذا وكذا، فشحذت سيفك وجئتني؟ قال: والله يا رسول الله ما كان معنا من أحد، لم يكن هناك من شخص آخر يسمع كلامنا. ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. آمن ودخل الإيمان في قلبه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أحسنوا إلى أخيكم، وأقرئوه القرآن وأطلقوا له أسيره) وعاد عمير إلى مكة يحمل الإسلام والإيمان في قلبه، وفي مكة أعلن إسلامه وإيمانه.
هناك لحظات ينكشف في القلب ما كان غائباً عنه، فكثير من أولي الألباب يشبهون هذا القلب الذي نحمله في صدورنا بالمصباح، فعندما يلامس المصباح التيار الكهربائي فإنه يضيء، وكذلك هذه القلوب لا تدري متى تضيء، ولا تدري متى تظلم، ولكن هناك لحظات ومواقف تضيء فيها قلوبنا، يكون الإنسان كافراً فيهتدي للإسلام، ويكون مؤمناً ولكن إيمانه يكون خافتاً ضعيفاً قلقاً مضطرباً، فتأتي لحظة من اللحظات فإذا بالقلب مطمئن، وإذا بالسكينة تحل في الإنسان، وإذا به شيء آخر كله إيمان وإسلام، وتقى وخير وصلاح، هي لحظات تتنوع ولكنها تلتقي في النهاية لتصلح النقص في القلب.
فهذا عمير جاء ليقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا بالرسول صلى الله عليه وسلم يوقفه موقفاً لا يملك إلا أن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، من أين للرسول هذا؟ من الذي أخبره؟ من الذي أعلمه؟ ليس هناك إلا شيء واحد هو أن الله تبارك وتعالى أخبره بالتفصيل، وبنفس الكلام الذي جرى بينهما، فلم يملك نفسه إلا أن آمن وصدق.
قصة سحرة فرعون
في لحظة تغير فيها الإنسان! بينما هو عبد لطاغية يأتمر بأمره، ويعتز به، ويطلب منه الجزاء والثواب، إذا به يتغير في كل شيء، الناس ينتظرون نتيجة الصراع، من الذي يغلب: موسى أم فرعون؟ الذي جاء بالسحرة يواجه ما جاء به موسى، فإذا بالسحرة كما أخبر الله عنهم فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ [الشعراء:46]، عبروا عن إحساسهم ومشاعرهم والطباع التي بهم بالفعل قبل القول، خروا سجداً لله تبارك وتعالى، وقالوا بألسنتهم: آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:47]، ورب العالمين ليس فرعون الذي قال: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص:38]، وقال: (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى [النازعات:24]، قالوا: لا، رب العالمين رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ [الشعراء:48]، رب السموات والأرض وخالقهما ومبدعهما وموجدهما.
إن الذي جاء به موسى ليس سحراً؛ لأن هؤلاء هم أساتذة السحر الذين يعلمون خباياه وزواياه، ويعلمون قدرة الإنسان، إن الذي جاء به موسى ليس سحراً، وهم يعلمون هذا علم اليقين، ويعرفونه، فعندما رأوا المعجزة علموا أن هذا الرجل قد أرسل من عند الله تبارك وتعالى خالق الوجود، الذي لا يستطيع أحد أن يفعل فعله، ولا أن يعمل عمله، عند ذلك لامس الإيمان قلوبهم، وحل اليقين في أفئدتهم فإذا بهم يعبرون عن هذا الذي أحسوه ووجدوه في نفوسهم من إيمان ويقين، يعبرون عن ذلك بأن يخروا ساجدين لله تبارك وتعالى قال تعالى: فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ [الشعراء:46-48].
وبينما كانوا قبل دقائق يعتزون بفرعون إذا بهم في مواجهة الطغيان بعد أن ملك الإيمان نفوسهم يهددهم ويتوعدهم بأنه سيصلبهم على جذوع النخل: قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء:50-51].
هكذا يفعل الإيمان بالإنسان، يحوله إلى إنسان مسلم مؤمن يواجه ويتحدى ولكن في سبيل الله تبارك وتعالى، في بعض الأحيان الذي ينفع مع الإنسان الحجة والبرهان، فهو الذي يجعله يتلمس طريقه، ويقف على قدميه، ويرى ما أمامه ويسير على الصراط المستقيم وأن ينظر في هذه الحياة.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. وبعد:
فقد انتصر المسلمون في معركة بدر انتصاراً رائعاً، سماه الله تبارك وتعالى فرقاناً فرق به بين الحق والباطل، أعز أمة الإسلام، وأذل دولة الشرك، وقتل من المشركين سبعون، وأسر سبعون، والذين بقوا على قيد الحياة بقيت في قلوبهم حسرة وألم، حتى إن كتب السيرة تذكر أن أحد رجالات قريش -وهو صفوان بن أمية في ذلك الوقت- التقى بـعمير بن وهب الجمحي في الحجر يتذاكران في أمر الحرب التي أخذت خيارهم، وقتلت رجالهم، فقال عمير - وكان كما يقول المؤرخون: من شياطين العرب، وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً-: والله لولا دين علي، وأولاد أخشى ضياعهم لجئت إلى محمد حتى أقتله، فقال له صفوان وكان غنياً: إن دينك علي، وإن أولادك يضمون إلى أولادي، فأخذ عمير سيفاً شحذه وسمه، ثم انطلق إلى المدينة، وكان ابنه في جملة الأسرى الذين أسروا في معركة بدر، فلما ورد المدينة ورآه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: والله ما قدم هذا إلا لشر، ثم قال للصحابة: عليكم به لا يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاء به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أخذ بحمائل سيفه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما رآه: يا عمير ! ما جاء بك؟ قال: جئت في هذا الرجل الذي عندكم، يعني: ابنه، قال: ما جئت إلا لهذا؟ قال: ما جئت إلا لهذا، قال: ألم تكن أنت وصفوان في الحجر فقلت: كذا وكذا، وقال لك: كذا وكذا، فشحذت سيفك وجئتني؟ قال: والله يا رسول الله ما كان معنا من أحد، لم يكن هناك من شخص آخر يسمع كلامنا. ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. آمن ودخل الإيمان في قلبه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أحسنوا إلى أخيكم، وأقرئوه القرآن وأطلقوا له أسيره) وعاد عمير إلى مكة يحمل الإسلام والإيمان في قلبه، وفي مكة أعلن إسلامه وإيمانه.
هناك لحظات ينكشف في القلب ما كان غائباً عنه، فكثير من أولي الألباب يشبهون هذا القلب الذي نحمله في صدورنا بالمصباح، فعندما يلامس المصباح التيار الكهربائي فإنه يضيء، وكذلك هذه القلوب لا تدري متى تضيء، ولا تدري متى تظلم، ولكن هناك لحظات ومواقف تضيء فيها قلوبنا، يكون الإنسان كافراً فيهتدي للإسلام، ويكون مؤمناً ولكن إيمانه يكون خافتاً ضعيفاً قلقاً مضطرباً، فتأتي لحظة من اللحظات فإذا بالقلب مطمئن، وإذا بالسكينة تحل في الإنسان، وإذا به شيء آخر كله إيمان وإسلام، وتقى وخير وصلاح، هي لحظات تتنوع ولكنها تلتقي في النهاية لتصلح النقص في القلب.
فهذا عمير جاء ليقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا بالرسول صلى الله عليه وسلم يوقفه موقفاً لا يملك إلا أن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، من أين للرسول هذا؟ من الذي أخبره؟ من الذي أعلمه؟ ليس هناك إلا شيء واحد هو أن الله تبارك وتعالى أخبره بالتفصيل، وبنفس الكلام الذي جرى بينهما، فلم يملك نفسه إلا أن آمن وصدق.
من هذا نفهم موقف السحرة الذين آمنوا بموسى في المشهد العظيم عندما حشر فرعون أهل مصر ليشهدوا التحدي بين موسى عليه السلام وما جاء به من آيات وبين السحرة، وجاء السحرة إلى فرعون ليقولوا: (أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ [الشعراء:41-44] يطلبون أجراً ومالاً إذا انتصروا في ميدان الصراع، ثم عندما يلقون حبالهم يعتزون باسم فرعون إلههم، قال تعالى: فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ [الشعراء:45].
في لحظة تغير فيها الإنسان! بينما هو عبد لطاغية يأتمر بأمره، ويعتز به، ويطلب منه الجزاء والثواب، إذا به يتغير في كل شيء، الناس ينتظرون نتيجة الصراع، من الذي يغلب: موسى أم فرعون؟ الذي جاء بالسحرة يواجه ما جاء به موسى، فإذا بالسحرة كما أخبر الله عنهم فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ [الشعراء:46]، عبروا عن إحساسهم ومشاعرهم والطباع التي بهم بالفعل قبل القول، خروا سجداً لله تبارك وتعالى، وقالوا بألسنتهم: آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:47]، ورب العالمين ليس فرعون الذي قال: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص:38]، وقال: (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى [النازعات:24]، قالوا: لا، رب العالمين رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ [الشعراء:48]، رب السموات والأرض وخالقهما ومبدعهما وموجدهما.
إن الذي جاء به موسى ليس سحراً؛ لأن هؤلاء هم أساتذة السحر الذين يعلمون خباياه وزواياه، ويعلمون قدرة الإنسان، إن الذي جاء به موسى ليس سحراً، وهم يعلمون هذا علم اليقين، ويعرفونه، فعندما رأوا المعجزة علموا أن هذا الرجل قد أرسل من عند الله تبارك وتعالى خالق الوجود، الذي لا يستطيع أحد أن يفعل فعله، ولا أن يعمل عمله، عند ذلك لامس الإيمان قلوبهم، وحل اليقين في أفئدتهم فإذا بهم يعبرون عن هذا الذي أحسوه ووجدوه في نفوسهم من إيمان ويقين، يعبرون عن ذلك بأن يخروا ساجدين لله تبارك وتعالى قال تعالى: فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ [الشعراء:46-48].
وبينما كانوا قبل دقائق يعتزون بفرعون إذا بهم في مواجهة الطغيان بعد أن ملك الإيمان نفوسهم يهددهم ويتوعدهم بأنه سيصلبهم على جذوع النخل: قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء:50-51].
هكذا يفعل الإيمان بالإنسان، يحوله إلى إنسان مسلم مؤمن يواجه ويتحدى ولكن في سبيل الله تبارك وتعالى، في بعض الأحيان الذي ينفع مع الإنسان الحجة والبرهان، فهو الذي يجعله يتلمس طريقه، ويقف على قدميه، ويرى ما أمامه ويسير على الصراط المستقيم وأن ينظر في هذه الحياة.
استمع المزيد من الدكتور عمر الأشقر - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
النجاة من الفتن | 2410 استماع |
كيف تستعيد الأمة مكانتها | 2299 استماع |
فتاوى عن الجماعات الإسلامية والجهاد | 2292 استماع |
أضواء العمل الإسلامي | 2214 استماع |
اليوم الآخر | 2192 استماع |
الانحراف عن المسيرة الإسلامية | 2162 استماع |
إخلاص النية | 2162 استماع |
مع آيات في كتاب الله | 2142 استماع |
أسباب الجريمة وعلاجها | 2125 استماع |
قيمة الاهتمام في زيادة الإيمان | 2105 استماع |