مفهوم الجهاد


الحلقة مفرغة

للقرآن ظاهر وباطن عند أهل السنة على غير طريقة المبتدعة الذين يخالفون بين ظاهر القرآن وباطنه، فظاهر القرآن عند أهل السنة فهم معانيه وظاهر التلاوة، إضافة إلى بلاغته وبيانه، أما باطنه فهو تطبيق الأوامر والتزامها، واجتناب النواهي، ويكون في ذلك الباطن موافقاً للظاهر ومتلائماً معه دون تناقض.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

إن هناك قضية ثارت عند الشباب وأثيرت، وما كنت أحب أن أدلي برأيي الخاص فيها، وليس ذلك من باب التواضع، ولكنها الحقيقة؛ لأننا نريد أن يكون علماؤنا -جزاهم الله خيراً- هم الذين يفتون؛ لأنهم أهلٌ لذلك في مثل هذه الأمور.

لكن لما رأينا أن العلماء قد حصل بينهم بعض الاختلاف، ورأينا اندفاع الشباب إلى جهة واحدة والأخذ بها فقط، ولم يتفطنوا إلى غيرها من الجهات ولم يتبينوا الأمر كما ينبغي، أحببنا أن ندلي في هذه القضية برأينا، ونحن لا نعتبر أنفسنا إلا أننا إخوة نتذاكر ونتناصح، ونتعاون على ما يرضي الله.

فالكلام الذي سأقوله لا تعتبروه فتوى نهائية، بل نعتبر الموضوع موضوع مذاكرة، يقبل المناصحة والمناقشة، وإذا كنا نقول ونقول دائماً: إن العلماء الأجلاء، بل حتى الأئمة الأربعة، إذا وجدنا أحداً منهم يخالف الدليل، فإننا لا نأخذ بقوله، فما بالكم بنا نحن طلبة العلم؟!

فمن حق كل إنسان إذا رأى في الكلام الذي أقوله خطأً أو التباساً أن يناقش؛ لنصل جميعاً إلى الحق، فلعل ذلك يكتب أو ينشر أو يقرأ بطريقة أفضل من الآن.

نحن نسمع عن الجهاد، ولا يوجد مسلم لا يسمع أخبار هذا الجهاد، وكل مسلم يتمنى أن ينصر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى المجاهدين في أفغانستان، وفي كل مكان، وهذا أمر لا يشك فيه أي مسلم، ونحن نعلم قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو، مات على شعبة من النفاق) ونعرف أن الجهاد هو ذروة سنام الإسلام، ونعلم أن هذا الدين لن تقوم له قائمة إلا بالجهاد في سبيل الله عز وجل.

بل إننا ننكر على الذين يظنون أن الجهاد في سبيل الله هو مجرد دعوة فقط، ويستبعدون السيف استبعاداً نهائياً، ويفسرون (في سبيل الله): على أن معناه هو مجرد الخروج أو الدعوة!

فإن منهج أهل السنة والجماعة واضح في هذه المسألة، كما هو معروف في أبواب العقيدة، فالمسألة ليست مجالاً للنقاش في أصلها؛ لأنها قضية اعتقاد، فإن يكن هناك مثبطون عن الجهاد، أو لا يريدون الجهاد، أو يصرفون الناس عنه، أو يؤولون آيات الجهاد وأحكام الجهاد، فهذا شيء مرفوض في منهج أهل السنة والجماعة، ولا يقره أي إنسان.

لكن هذا الأمر شيء، وقضية الغلو في مفهوم الجهاد شيء آخر، وهي أن يأتي أناس ويقولون: الدعوة إلى الله لا تقوم إلا عن طريق الجهاد فلابد أن نجاهد!

أو يأتي أناس ويقولون: إن الجهاد في مكان ما فرض عين على كل مسلم ومسلمة؛ فلا يستأذن الرجل أبويه، ولا تستأذن الزوجة زوجها مهما كان، بل يترك عمله ويذهب ليجاهد في هذا المكان؛ أياً كان ذلك المكان!

هذا لا يقر، وهو غير الإقرار بحكم الجهاد وفرضية الجهاد، وأنه لابد منه لهذا الدين ولقيام الدعوة.

فقد أصبحنا الآن نناقش ونعايش ونسمع فتوى أنه يجب علي وعليك وعلى كل إنسان في المجتمع أن يترك أهله وعمله ووالديه وكل شيء، ويذهب إلى مكان ما ليجاهد، لا نقول: أفغانستان وحدها؛ لأنه قد يأتي قائل ويقول: أريد مكاناً آخر، فهل هذا هو الحكم الشرعي الصحيح الذي يتوافق مع قواعد النصوص التي نص عليها أهل السنة والجماعة؟ أم أن هذا كلام فيه نظر، ويحتاج إلى دقة، ويحتاج إلى أن يبحث ويتأمل؟

والذي دفعنا لهذا الكلام هو صدور كتاب عنوانه: (الدفاع عن أراضي المسلمين أهم فروض الأعيان).

وهذا العنوان أثار عجبي، فنحن منذ زمن طويل نقرأ أن أهم وأوجب فرض فرضه الله سبحانه على عباده هو توحيد الله وإخلاص العبادة له وحده، فكيف نقول: إن الدفاع عن الأراضي هو أهم فروض الأعيان؟!

هذا شيء عجيب يستوقف الإنسان المنصف المخلص ليرجع إلى أصل القضية.

وأنا أقول: فَرقٌ بين من يقول: "إن الجهاد واجب" -وقد أفتى بذلك الشيخ عبد العزيز بن باز جزاه الله خيراً- أي: على المسلمين عموماً بما يستطيعون، وبين من يقول: الجهاد أو الدفاع عن أراضي المسلمين أهم فروض الأعيان.

في أي كتاب هذا القول وبأية سنة؟!

لابد أن نعرف الغلو الواقع في هذا العنوان وفي هذا الكتاب؛ مع أننا لا ننكر أصل القضية، ولكن نحن نعلم من دين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن أهم فروض الأعيان هو عبادة الله وحده، والإخلاص لله وحده سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ومن أجل ذلك نجاهد لتكون كلمة الله هي العليا، فليست القضية قضية أرض ولا تراب.

معارضة عنوان الكتاب للأحاديث الصحيحة

والأدلة من نفس هذا الكتاب، فمثلاً: الحديث الذي ذكره في بداية الكتاب يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له}.

وهذا الحديث جاء به الشيخ في أول الكتاب! فلماذا بعث محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسيف؟ أحتى يدافع عن أراضي الإسلام؟ أم حتى يعبد الله وحده لا شريك له؟ إن أهم فروض الأعيان -وهو الفرض الذي من أجله فرض الجهاد- أن يعبد الله وحده لا شريك له.

وكون ذلك لا يتحقق إلا بالجهاد مسألة أخرى؛ مع أنه قد يتحقق بغير الجهاد أحياناً، فلذلك لابد أن نعد أنفسنا ونعد أمتنا لتحقيق الفرض العيني الواجب على كل مسلم وعلى كل مكلف، وهو توحيد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

لما بعث الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذ بن جبل إلى اليمن أمره بقوله: {فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله} ولا يعني هذا أنهم لا يجاهدون الكفار، بل يجاهدون؛ لكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن يبدأ بأهم فروض الأعيان وهو توحيد الله.

ثم قال له: {فإن هم أجابوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات}.

ثم بعد ذلك الزكاة، وبعد ذلك تأتي الأحكام الأخرى.. فلا يجوز أن نخرج عما أنزل الله، وعما شرع الله.

معارضة عنوان الكتاب للآيات القرآنية

ونذكر نفس الآيات التي ذكرها الشيخ: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً [الحج:40].

فقد أذن الله للمؤمنين بالجهاد؛ حتى لا تهدم المساجد التي يذكر فيها اسم الله كثيراً، وهذا يدل على أن أهم شيء يجب أن نحافظ عليه هو الدين، هو أن تبقى المساجد يذكر فيها اسم الله عز وجل، وأن تبقى أماكن العبادة لله وحده.

فهذا الذي من أجله ندعو ومن أجله نجاهد، وبناءً على ذلك نعمل بفرض العين الأساسي الذي يجب على كل مسلم أن يعمل من أجله، فإذا اعتدي على بقعة من بقاع المسلمين وجاهدنا المعتدي، فليس من أجل الدفاع عن الأرض، بل من أجل المساجد، ومن أجل ألا يعبد إلا الله وحده، إذا استبانت هذه القضية فحينئذٍ نسأل: ما حكم هذه البقعة؟ هل نذهب جميعاً؟ هل يذهب بعضنا؟ هل نساعد؟ فتلك أحكام أخرى.

والشيخ -غفر الله لنا وله- يقول: أفتى الشيخ -يعني الشيخ عبد العزيز بن باز- بأن هذه الرسالة طيبة، ووافق عليها، ولكنه اقترح علي أن أختصرها؛ حتى يكتب لي مقدمة، وبعد ذلك يقول: كان الوقت ضيقاً أيام الحج، ولم يتسع المجال لعرضها عليه مرة أخرى، ولذلك لا نستطيع أن نقول: إن الشيخ ابن باز أقر هذه الرسالة.

ثم يقول: أفتى الشيخ ابن باز في مسجد ابن لادن في جدة وفي الجامع الكبير بـالرياض أن الجهاد اليوم فرض عين.. وهذا الكلام مجمل، أي: فتوى الشيخ ابن باز بأن الجهاد فرض عين.

فأنا أقول: إن الجهاد فرض عين؛ لكن إذا كان الجهاد فرض عين، فهل يعني ذلك أن نلزم كل إنسان بالذهاب إلى الجهاد؟ أم نأخذ أهم فروض الأعيان؟ وفروض الأعيان هل هي فرض واحد أم فروض؟

الشيخ عبد الله قال: "أهم فروض الأعيان" فلنفترض أنها خمسة مثلاً أو سبعة، فهي عدة فروض، فما هو أهمها؟ نبدأ بذكرها واحداً واحداً، فإذا ذكرنا أحدها، نظرنا: هل هو أهمها؟ فقد يكون فرض عين؛ لكن ترتيبه العاشر أو الثامن أو الرابع أو الثاني، فكون الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله قال: "إن هذا فرض عين" لا يعني أنه أهم فروض الأعيان، وأن به نبدأ الآن، وننطلق وننسى ما عداه من الفروض! وهذا الشيء ينبغي أن يعلم.

والأدلة من نفس هذا الكتاب، فمثلاً: الحديث الذي ذكره في بداية الكتاب يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له}.

وهذا الحديث جاء به الشيخ في أول الكتاب! فلماذا بعث محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسيف؟ أحتى يدافع عن أراضي الإسلام؟ أم حتى يعبد الله وحده لا شريك له؟ إن أهم فروض الأعيان -وهو الفرض الذي من أجله فرض الجهاد- أن يعبد الله وحده لا شريك له.

وكون ذلك لا يتحقق إلا بالجهاد مسألة أخرى؛ مع أنه قد يتحقق بغير الجهاد أحياناً، فلذلك لابد أن نعد أنفسنا ونعد أمتنا لتحقيق الفرض العيني الواجب على كل مسلم وعلى كل مكلف، وهو توحيد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

لما بعث الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذ بن جبل إلى اليمن أمره بقوله: {فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله} ولا يعني هذا أنهم لا يجاهدون الكفار، بل يجاهدون؛ لكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن يبدأ بأهم فروض الأعيان وهو توحيد الله.

ثم قال له: {فإن هم أجابوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات}.

ثم بعد ذلك الزكاة، وبعد ذلك تأتي الأحكام الأخرى.. فلا يجوز أن نخرج عما أنزل الله، وعما شرع الله.

ونذكر نفس الآيات التي ذكرها الشيخ: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً [الحج:40].

فقد أذن الله للمؤمنين بالجهاد؛ حتى لا تهدم المساجد التي يذكر فيها اسم الله كثيراً، وهذا يدل على أن أهم شيء يجب أن نحافظ عليه هو الدين، هو أن تبقى المساجد يذكر فيها اسم الله عز وجل، وأن تبقى أماكن العبادة لله وحده.

فهذا الذي من أجله ندعو ومن أجله نجاهد، وبناءً على ذلك نعمل بفرض العين الأساسي الذي يجب على كل مسلم أن يعمل من أجله، فإذا اعتدي على بقعة من بقاع المسلمين وجاهدنا المعتدي، فليس من أجل الدفاع عن الأرض، بل من أجل المساجد، ومن أجل ألا يعبد إلا الله وحده، إذا استبانت هذه القضية فحينئذٍ نسأل: ما حكم هذه البقعة؟ هل نذهب جميعاً؟ هل يذهب بعضنا؟ هل نساعد؟ فتلك أحكام أخرى.

والشيخ -غفر الله لنا وله- يقول: أفتى الشيخ -يعني الشيخ عبد العزيز بن باز- بأن هذه الرسالة طيبة، ووافق عليها، ولكنه اقترح علي أن أختصرها؛ حتى يكتب لي مقدمة، وبعد ذلك يقول: كان الوقت ضيقاً أيام الحج، ولم يتسع المجال لعرضها عليه مرة أخرى، ولذلك لا نستطيع أن نقول: إن الشيخ ابن باز أقر هذه الرسالة.

ثم يقول: أفتى الشيخ ابن باز في مسجد ابن لادن في جدة وفي الجامع الكبير بـالرياض أن الجهاد اليوم فرض عين.. وهذا الكلام مجمل، أي: فتوى الشيخ ابن باز بأن الجهاد فرض عين.

فأنا أقول: إن الجهاد فرض عين؛ لكن إذا كان الجهاد فرض عين، فهل يعني ذلك أن نلزم كل إنسان بالذهاب إلى الجهاد؟ أم نأخذ أهم فروض الأعيان؟ وفروض الأعيان هل هي فرض واحد أم فروض؟

الشيخ عبد الله قال: "أهم فروض الأعيان" فلنفترض أنها خمسة مثلاً أو سبعة، فهي عدة فروض، فما هو أهمها؟ نبدأ بذكرها واحداً واحداً، فإذا ذكرنا أحدها، نظرنا: هل هو أهمها؟ فقد يكون فرض عين؛ لكن ترتيبه العاشر أو الثامن أو الرابع أو الثاني، فكون الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله قال: "إن هذا فرض عين" لا يعني أنه أهم فروض الأعيان، وأن به نبدأ الآن، وننطلق وننسى ما عداه من الفروض! وهذا الشيء ينبغي أن يعلم.

يقول: ''اتفق السلف والخلف وجميع الفقهاء والمحدثين في جميع العصور الإسلامية، أنه إذا اعتدي على شبر من أراضي المسلمين؛ أصبح الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة، بحيث يخرج الولد دون إذن والده، والمرأة دون إذن زوجها'' .

هذا الكلام غير صحيح، وإذا أردتم أن ننقضه، وأن نبين أن هذا غير صحيح فمن نفس الكتاب، وليس من أي كتاب آخر، فهذا الكلام من صفحة (6)، فلننظر إلى صفحة (11)، فقد أتى فيها بكلام الشيخ عبد الله علوان، وكرره ص22 من نفس الكتاب.

يقول: ''قال ابن عابدين من فقهاء الحنفية: وفرض عين إن هجم العدو على ثغر من ثغور الإسلام، فيصير فرض عين على من قرب منهم -تأملوا ما قال! فقد قال: على من قرب منهم، ولم يقل: على كل مسلم ومسلمة، فهو كلام مختلف، ثم قال:- فأما من كان وراءهم على بعدٍ من العدو فهو فرض كفاية إذا لم يحتج إليهم، فإن احتيج إليهم بأن عجز من كان بقرب العدو عن المقاومة، أو لم يعجزوا عنهم، لكن تكاسلوا ولم يجاهدوا، فإنه يفترض على من يليهم ''.

فالقول بأن الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة بإطلاق خطأ؛ لأن الفقهاء ما اتفقوا على هذا، وإنما قالوا: على أهل البلد القريب، ثم على من يليهم، ثم على من يليهم... وهكذا.

ثم إن الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله يقول: ''بسم الله الرحمن الرحيم.. لقد سمعت ما كتبه أخونا عبد الله عزام بحكم الدفاع عن أراض المسلمين التي احتلها أعداء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأعداؤهم من أجناس الكفار، والبالغ 120 صفحة، وهو كتاب جيد، أرى أن يعرض على رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية لتقرير ما تراه في ذلك ونشره، ليعم الانتفاع بمضمونه، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من المجاهدين في سبيله'' .

وهذا الكلام حق فهو يقول: أنا أرى أن هذه الرسالة جيدة، وتعرض على الرئاسة، وهذا كلام نحن نقوله، فليس في هذا تزكية، والشيخ عبد الله عزام ذكره هنا على أساس أنه تزكية، وأن الكلام حق ومجمع عليه بين العلماء.

فلنرجع إلى الأدلة التي ذكرها الشيخ -غفر الله لنا وله- يقول مثلاً: ''من أهم الفرائض الغائبة والواجبات المنسية فريضة الجهاد التي غابت عن واقع المسلمين، فأصبحوا كغثاء السيل'' وهذا كلام صحيح، فمن أهم الفرائض التي تركها المسلمون الجهاد، هنا (من أهم) وهناك (أهم)، وهذه هي المشكلة يا شيخ! هناك فرق بين (أهم) و(ومن أهم)، ولا ينبغي أن نقع في التناقض، والمسألة دماء، والمسألة أنفس، فالإنسان إذا أفتى في أمر بدرهم أو دينار لا يجوز أن يتسرع فيه، فكيف إذا كانت الفتوى تتعلق بالدماء والأنفس؟ العنوان (أهم) وبالداخل (من أهم)، فلو استبدلت (أهم) بـ(من أهم) فنحن معك وعندها يكون هناك ما هو أهم منه نقدمه عليه.

هذا الكلام في (ص:19) وأعاده في (ص:20) يقول: "أنواع الجهاد: جهاد الدفع -أي دفع الكفار عن بلادنا- وهذا يكون فرض عين، بل أهم فروض الأعيان'' .

رأي ابن تيمية

ويستشهد على أنه أهم فروض الأعيان بكلام شَيْخ الإِسْلامِ، يقول شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية كما نقله المؤلف؛ لأن كلام شَيْخ الإِسْلامِ له قبله كلام وبعده كلام، لكن فقط نقرأ ما كتب هو يقول: ''وأما قتال الدفع، وهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين، فواجب إجماعاً -وهناك فرق بين واجب وبين فرض عين- والعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه'' فهو يقرر أن أهم فروض الأعيان هو الإيمان والتوحيد، بعد ذلك يأتي الدفع؛ فكيف يستشهد بكلام شَيْخ الإِسْلامِ على أنه أهم فروض الأعيان؟!

مذاهب الفقهاء الأربعة

نرجع إلى كلام الفقهاء:

أولاً: مذهب الحنفية: وقد قرأنا لكم نصهم فهم يرون التدرج، يكون فرض العين على أهل البلد الذين يهاجمهم الكفار، وفرض كفاية على من يليهم، ثم يتدرج وتتسع الدائرة حتى تشمل جميع بلاد المسلمين.

ثانياً: مذهب المالكية: وقد ذكر عنهم ما في حاشية الدسوقي فقط، وهذا لا يعبر عن كلام المالكية، بل حتى الحنفية لا نسلِّم أن ما قاله ابن عابدين يكفي، لكن لنفترض ذلك، والشيخ أخذ في المذهب أشد ما يجد فيه، يقول المالكية: "توجه الدفع على كل أحد، وإن كان امرأةً أو عبداً أو صبياً، ويخرجون ولو منعهم الوالي والزوج ورب البيت"، وهذا الكلام: "توجه الدفع على كل أحد" نص معلق؛ لأننا لا نعرف ما هو الشرط، فلا نستطيع أن نقول: إن فيه حجة، حتى نعرف متى يتوجه الدفع؛ لأنه لم يذكر هل ذلك إذا دخلوا بلاد المسلمين؟ هل إذا دخلوا البلدة نفسها؟ هل إذا دخلوا بلاداً بعيدة بأطراف الثغور؟ لا ندري، فهذا لا دليل فيه.

ثالثاً: مذهب الشافعية: يقول: "جاء في نهاية المحتاج للـالرملي: فإن دخلوا بلدة لنا، وصار بيننا وبينهم دون مسافة القصر، فيلزم أهلها الدفع حتى من لا جهاد عليهم من فقير، وولد، وعبد، ومَدين وامرأة".

الشافعية اشترطوا -ليكون الجهاد فرض عين- أن يكون بيننا وبين العدو أقل من مسافة القصر، أي: 80 كيلو، وبعض العلماء يقول: 48ميلاً فنفهم من كلام الشافعية أن العدو إذا لم يكن بينك وبينه مسافة القصر، فلا يجب عليك وجوباً عينياً حينها أن تجاهد، فهل في هذا الكلام الذي يقول: (وصار بيننا وبينهم دون مسافة القصر) دليل لمن يقول: إنه فرض عين على جميع المسلمين في أطراف الدنيا كما في العنوان؟!

فعلى مذهب الشافعية؛ لا يجب الجهاد حتى على المسلمين الذين في باكستان قريباً من الحدود بقدر 80 كيلو متر، إِذَنْ هذا لا دليل فيه...!

رابعاً: عند الحنابلة: يقول ابن قدامة: '' ويتعين الجهاد في ثلاثة مواضع: إذا التقى الزحفان، وتقابل الصفان.

ثانياً: إذا نزل الكافر ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم '' وأيضاً لا شاهد في هذا.

'' الثالث: إذا استنفر الإمام قوماً لزمهم النفير ''.

هذه القضية الثالثة: إذا استنفر إمام المسلمين قوماً لزمهم النفير، وإذا لم يستنفرهم الإمام لم يلزمهم، فنرجع إلى قضية أخرى وهي قضية الإمام العام للمسلمين، وقد جاء كلام الفقهاء على هذه الصيغة؛ لأنهم يتصورون أن الأمة الإسلامية لها إمام واحد -هذا هو الأصل- ويحكمها جميعاً خليفة واحد، كما كان في عهد الراشدين ومن بعدهم، وهذا الإمام إذا استنفر قوماً وجب عليهم؛ لأنه ينظر إلى المصلحة نظرة متكاملة، فهو أعرف بالحدود.

فيقول: "الحدود الشرقية ليس فيها مشكلة، لكن عندنا في الغرب عدو، تعالوا يا أهل الشرق واذهبوا إلى الغرب"؛ لأنه بلد واحد، وحالتنا نحن المسلمين في هذا العصر مختلفة تماماً، الواقع الآن أن المسلمين مقسمون إلى دول، وكل دولة لها حدود مع الأخرى، فلا ينطبق عليها أن واحداً يحكم بلداً بعيداً يستنفر بقية البلاد، فكيف وهو لا يوجد إمام حتى في البلاد التي تريد أن نُستنفر إليها، وإنما جبهات مختلفة؟! نسأل الله أن يجمع كلمتهم على الحق إنه سميع مجيب.

فكلام ابن قدامة ليس فيه دليل.

نأتي الآن إلى كلام ابن تيمية:

ويقول ابن تيمية: '' إذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب، وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم، ونصوص أحمد صريحة بهذا ''، وليس في هذا دليل لكلام الشيخ عبد الله، فهل هذا ينطبق مع كلام الشيخ عبد الله حيث يقول: اتفق السلف والخلف وجميع الفقهاء والمحدثين في جميع العصور الإسلامية، أنه إذا اعتدي على شبر من أراضي المسلمين، أصبح الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة، بحيث يخرج الولد دون إذن والده، والمرأة دون إذن زوجها... أين هذا من هذا؟ فليس هناك دليل، وكما نلاحظ الحنفية دليلهم صريح، وكلام المالكية معلق، وكلام الشافعية والحنابلة ليس فيه دليل، وهكذا انتهت المذاهب الأربعة التي يظن الشيخ أنها أجمعت على أن ما يقوله صحيح.

ويستشهد على أنه أهم فروض الأعيان بكلام شَيْخ الإِسْلامِ، يقول شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية كما نقله المؤلف؛ لأن كلام شَيْخ الإِسْلامِ له قبله كلام وبعده كلام، لكن فقط نقرأ ما كتب هو يقول: ''وأما قتال الدفع، وهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين، فواجب إجماعاً -وهناك فرق بين واجب وبين فرض عين- والعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه'' فهو يقرر أن أهم فروض الأعيان هو الإيمان والتوحيد، بعد ذلك يأتي الدفع؛ فكيف يستشهد بكلام شَيْخ الإِسْلامِ على أنه أهم فروض الأعيان؟!

نرجع إلى كلام الفقهاء:

أولاً: مذهب الحنفية: وقد قرأنا لكم نصهم فهم يرون التدرج، يكون فرض العين على أهل البلد الذين يهاجمهم الكفار، وفرض كفاية على من يليهم، ثم يتدرج وتتسع الدائرة حتى تشمل جميع بلاد المسلمين.

ثانياً: مذهب المالكية: وقد ذكر عنهم ما في حاشية الدسوقي فقط، وهذا لا يعبر عن كلام المالكية، بل حتى الحنفية لا نسلِّم أن ما قاله ابن عابدين يكفي، لكن لنفترض ذلك، والشيخ أخذ في المذهب أشد ما يجد فيه، يقول المالكية: "توجه الدفع على كل أحد، وإن كان امرأةً أو عبداً أو صبياً، ويخرجون ولو منعهم الوالي والزوج ورب البيت"، وهذا الكلام: "توجه الدفع على كل أحد" نص معلق؛ لأننا لا نعرف ما هو الشرط، فلا نستطيع أن نقول: إن فيه حجة، حتى نعرف متى يتوجه الدفع؛ لأنه لم يذكر هل ذلك إذا دخلوا بلاد المسلمين؟ هل إذا دخلوا البلدة نفسها؟ هل إذا دخلوا بلاداً بعيدة بأطراف الثغور؟ لا ندري، فهذا لا دليل فيه.

ثالثاً: مذهب الشافعية: يقول: "جاء في نهاية المحتاج للـالرملي: فإن دخلوا بلدة لنا، وصار بيننا وبينهم دون مسافة القصر، فيلزم أهلها الدفع حتى من لا جهاد عليهم من فقير، وولد، وعبد، ومَدين وامرأة".

الشافعية اشترطوا -ليكون الجهاد فرض عين- أن يكون بيننا وبين العدو أقل من مسافة القصر، أي: 80 كيلو، وبعض العلماء يقول: 48ميلاً فنفهم من كلام الشافعية أن العدو إذا لم يكن بينك وبينه مسافة القصر، فلا يجب عليك وجوباً عينياً حينها أن تجاهد، فهل في هذا الكلام الذي يقول: (وصار بيننا وبينهم دون مسافة القصر) دليل لمن يقول: إنه فرض عين على جميع المسلمين في أطراف الدنيا كما في العنوان؟!

فعلى مذهب الشافعية؛ لا يجب الجهاد حتى على المسلمين الذين في باكستان قريباً من الحدود بقدر 80 كيلو متر، إِذَنْ هذا لا دليل فيه...!

رابعاً: عند الحنابلة: يقول ابن قدامة: '' ويتعين الجهاد في ثلاثة مواضع: إذا التقى الزحفان، وتقابل الصفان.

ثانياً: إذا نزل الكافر ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم '' وأيضاً لا شاهد في هذا.

'' الثالث: إذا استنفر الإمام قوماً لزمهم النفير ''.

هذه القضية الثالثة: إذا استنفر إمام المسلمين قوماً لزمهم النفير، وإذا لم يستنفرهم الإمام لم يلزمهم، فنرجع إلى قضية أخرى وهي قضية الإمام العام للمسلمين، وقد جاء كلام الفقهاء على هذه الصيغة؛ لأنهم يتصورون أن الأمة الإسلامية لها إمام واحد -هذا هو الأصل- ويحكمها جميعاً خليفة واحد، كما كان في عهد الراشدين ومن بعدهم، وهذا الإمام إذا استنفر قوماً وجب عليهم؛ لأنه ينظر إلى المصلحة نظرة متكاملة، فهو أعرف بالحدود.

فيقول: "الحدود الشرقية ليس فيها مشكلة، لكن عندنا في الغرب عدو، تعالوا يا أهل الشرق واذهبوا إلى الغرب"؛ لأنه بلد واحد، وحالتنا نحن المسلمين في هذا العصر مختلفة تماماً، الواقع الآن أن المسلمين مقسمون إلى دول، وكل دولة لها حدود مع الأخرى، فلا ينطبق عليها أن واحداً يحكم بلداً بعيداً يستنفر بقية البلاد، فكيف وهو لا يوجد إمام حتى في البلاد التي تريد أن نُستنفر إليها، وإنما جبهات مختلفة؟! نسأل الله أن يجمع كلمتهم على الحق إنه سميع مجيب.

فكلام ابن قدامة ليس فيه دليل.

نأتي الآن إلى كلام ابن تيمية:

ويقول ابن تيمية: '' إذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب، وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم، ونصوص أحمد صريحة بهذا ''، وليس في هذا دليل لكلام الشيخ عبد الله، فهل هذا ينطبق مع كلام الشيخ عبد الله حيث يقول: اتفق السلف والخلف وجميع الفقهاء والمحدثين في جميع العصور الإسلامية، أنه إذا اعتدي على شبر من أراضي المسلمين، أصبح الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة، بحيث يخرج الولد دون إذن والده، والمرأة دون إذن زوجها... أين هذا من هذا؟ فليس هناك دليل، وكما نلاحظ الحنفية دليلهم صريح، وكلام المالكية معلق، وكلام الشافعية والحنابلة ليس فيه دليل، وهكذا انتهت المذاهب الأربعة التي يظن الشيخ أنها أجمعت على أن ما يقوله صحيح.

بعد ذلك يأتي بآيات النفير العام يقول: '' ويقول الله عز وجل: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ [البقرة:193] والفتنة هي: الشرك، كما قال ابن عباس والسدي، وعند نزول الكفار واستيلائهم على الديار، فالأمة مهددة في دينها ومعرضة للشك في عقيدتها؛ فيجب القتال لحماية الدين والنفس والعرض والمال '' وهذا كلام حسن.

المناقشة: إذاً: الجهاد من أجل الدين، كما قال تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ [البقرة:193]، والفتنة هي: الشرك، فيجب أن نقاتل المشركين حتى لا يكون شرك؛ لأنه لو لم نقاتلهم لاحتلوا بلادنا، ولتمكنوا فنشروا الشرك.

إذاً: الذي نحاربه نحن هو الشرك، وليس لأن فلاناً احتل بلدي، مع أن الدفاع عن البلاد مطلوب؛ لكن ليس هو القضية التي من أجلها نزلت الآية، ليس هو الجهاد الذي نقول: "إنه فرض عين"، فهو شيء آخر، الجهاد الذي هو ذورة سنام الإسلام، والذي به جاهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأصل فيه أنه من أجل أن يكون الدين كله لله، وألا يشرك بالله عز وجل.

إذاً: نحن نحارب المشرك سواء كان أخي أو ابن عمي أو أبي أو في بلدي أو من بعيد جاء بالسيف ليحتل بلدي، فلو جاءنا مشرك؛ لكن لم يأتِ بالسيف، وإنما جاءنا بكتاب أو بقبر، أفلا نحارب هذا المشرك؟ بلى. فإننا إذا لم نحاربه فقد أبطلنا مفهوم الجهاد؛ لأن الجهاد إنما يكون من أجل إزالة الشرك، فإذا وجد الشرك في أية صورة من صوره، فيجب أن يجاهد بالقلم أو بالسيف إذا لم يمكن دفعه إلا بالسيف أو بأي شكل من أشكال الجهاد.

حديث: { وإذا استنفرتم فانفروا }

ثم يقول الشيخ: '' وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا} ومدار الواجب: على حاجة المسلمين أو استنفار الإمام كما قال ابن القيم ''.

المناقشة:

الحديث لم يذكر حاجة المسلمين، وإنما قال: {وإذا استنفرتم...} ومن أين لنا أن مدار الواجب على شيئين: على الحاجة وعلى الاستنفار؟! نحن لا ننكر أن الحاجة توجب؛ لكن نحن نقول: إن الحديث لم ينص إلا على شيء واحد وهو الاستنفار، ولم يذكر الحاجة، والحاجة تحتاج إلى دليل خارج الحديث، فهذا التخيير ليس موجوداً في الحديث، ثم إن الوجوب شيء وفرضية العين شيء آخر، ثم فرضية العين درجات، فبعض الفروض أهم من بعض.

قاعدة الضرورات الخمس

ثم يقول: '' إن كل دين نزل من عند الله جعل لحفظ الضرورات الخمس: الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال -ومن هذا يقول- يجب الجهاد ''.

المناقشة:

نقول: هذا الكلام لا غبار عليه؛ لكنه لا يصلح دليلاً؛ لأن الجهاد فرض مهم ولا بد منه للدين، ونحن متفقون على ذلك، ولا يخالف في ذلك إلا الرافضة أو من لا يُعتدُّ بكلامهم، أو أناس غافلون عن الدين تماماً، أما من هو مهتم بدينه فلا ينكر أبداً أن الجهاد مهم؛ لكن هل يدل على أن الجهاد فرض عين، وأنه أهم فروض الأعيان؟ لا. لا يدل على ذلك.

مثلاً: لو رجعنا إلى كلام الشيخ يقول في (ص:41): '' والحفاظ على الدين مقدم على الحفاظ على النفوس '' ثم ذهب يفصل دليل: الحفاظ على الدين مقدم على الحفاظ على النفوس، والحفاظ على النفوس أولى من الحفاظ على المال.

المناقشة:

نقول: هذا صحيح، إذاً: أهم شيء هو الحفاظ على الدين، وأول شيء هو التوحيد، فهو جزاه الله خيراً يريد الحق، ولهذا تجده في مواضع كلامه الأخير يناقض كلامه الأول، فما دام أهم شيء هو الدين، وأهم شيء هو التوحيد، وأكبر هدف نسعى إليه هو إزالة الشرك، إذن نجعل القضية في موضعها الصحيح ولا نغلو في شيء من ذلك.

دفع الصائل وقتال الفئة الباغية

ثم ذكر حكم الصائل وأنه يجب أن يدفع، وذكر أيضاً قتال الفئة الباغية.

المناقشة:

هذا كلام ليس له علاقة بفرضية العين على جميع المسلمين، فمن صِيل عليه وجب عليه أن يدافع عن نفسه، وهذا معروف، ولا دلالة في وجوب قتال الفئة الباغية إذا لم تندفع بالإصلاح، على أن الجهاد فرض عين على كل المسلمين، وفي وقت معين، وفي مكان معين أنت تفرضه، وليس بين المسألتين أية علاقة.

وتترسُ الكفار بالمسلمين لا يمكن أن يؤدي إلى أن يكون الجهاد فرض عين على كل المسلمين، ولا علاقة بين المسألتين، ويقول: '' هذا دليل على أن الجهاد فرض عين '' والحقيقة أنه لا يوجد دليل، وحتى هذه المسألة -مع أنه لا شاهد فيها- هي أيضاً فيها خلاف كما يفيده كلام ابن تيمية، حيث قال: '' فإن الأئمة متفقون على أن الكفار لو تترسوا بأسرى المسلمين وضيق على المسلمين إذا لم يقاتلوا، جاز رمي أولئك المسلمين على أحد قولي العلماء ''.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور سفر الحوالي - عنوان الحلقة اسٌتمع
المناهج 2595 استماع
(قاعدة أهل السنة في معاملة الأمة) لابن تيمية 2573 استماع
العبر من الحروب الصليبية 2505 استماع
محبة الرسول صلى الله عليه وسلم 2458 استماع
إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول 2345 استماع
من أعمال القلوب: (الإخلاص) 2261 استماع
العبر من الحروب الصليبية [1، 2] 2254 استماع
الممتاز في شرح بيان ابن باز 2247 استماع
خصائص أهل السنة والجماعة 2196 استماع
الشباب مسئولية من؟ 2164 استماع