هموم أخرى للمرأة


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيدٌ.

هذا يوم الأحد العشرون من شهر ربيع الآخر من سنة 1412هـ وهذا هو الدرس الثاني والأربعون من سلسلة الدروس العلمية العامة.

أيها الإخوة والأخوات! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا الدرس هو حديث حول "هموم أخرى للمرأة" وتحت هذا العنوان تنطوي عدة عناوين داخلية، هي كالتالي:

1- تجاوب.

2- أقوى من الحب.

3-المرأة المظلومة.

4- هل أصبح الطلاق ألعوبة.

5- جولة في إحدى المدارس الثانوية.

- الصباحية تقول: "في بيتنا قمر 14 مكسوف".

7- قصة مكالمة هاتفية.

8- بشرى لسيدات منطقة ما.

9- بين الحلال والحرام.

10- الزوجة الأولى تعلن احتجاجها.

11- أبوة وعقوق.

12- خولة تتحدث عن الدعاة.

هذه هي العناوين العامة.

لقد اكتشفت من خلال حديثي السابق شدة أهمية هذه الموضوعات المتعلقة بالمرأة، ولا أدل على ذلك من شدة التجاوب معها، أن عشرات الرسائل والأوراق والاتصالات تناقش ما طرحته سابقاً، أو تتحدث عن هموم جديدة.

ليس مهماً أو لازماً أو ضرورياً أن يقتنع الناس جميعاً بكل ما نقول ويتقبلوه، لكن المهم أن يدخل ما نقول حياتهم، ويكون نقاشهم حوله وترتفع أصواتهم ويعلو ضجيجهم، وبذلك نكون أفلحنا في إيصال أشياء إلى الناس يتحدثون عنها، وهي أمور بكل حال ذات جدية وأهمية.

ولقد اكتشفت أيها الأحبة.. أن من ظلم المرأة اعتقاد أنه من الممكن أن نتكلم في درس أو درسين عن هموم المرأة، فإن المرأة كما يقال: نصف المجتمع، والحديث عنها حديث يطول، وقد جاءتني أكوام هائلة من الأوراق والرسائل والاستبيانات، والأمور التي تحتاج إلى حديث مطول، ولذلك قررت أن أقدم لكم في هذه الليلة نتفاً متفرقة، تعبر لكم عن جوانب متفرقة أيضاً من الموضوع، على أنني أعدكم إن شاء الله، وأعدكن أيتها الأخوات! أن نناقش موضوعات متفرقة في المرأة بين وقت وآخر، في هذه الدروس العلمية التي تقام في كل أسبوع من مساء كل أحد ليلة الإثنين في هذا المكان، فنجعل فيها موضوعات متعلقة بالمرأة، ونعالجها بشكل واضح ومستفيض.

وصول الكثير من الرسائل

فمثلاً جاءتني رسائل عديدة تتكلم عن عالم الموضة -كما تحدثت عنه- وبعض الملابس غير الساترة، مثل الملابس التي تكون بدون أكمام، وهو ما تسميه النساء بالجابونيز، وما فيها من كشف لذراع المرأة وعضدها، بل وجزء من صدرها وإبطها إذا رفعت ذراعها، وهذا موجود عند عدد من النساء.

بل جاءني قبل قليل من يحدثني أن هناك أعداداً من النساء، أصبحت تلبس الملابس الشفافة في مناسبات وغيرها، وأمام النساء، حتى ترى من ورائها ملابسها الداخلية، وهذا في الواقع أمر يؤذن بشر مستطير، وهو نهاية ما يمكن أن تتصور من الانحدار نحو الهاوية.

يقول أحدهم في رسالة له: من المضحك والمبكي أن امرأةً لبست مشبكاً، وقد وضعت فيه اللمبات الصغيرة، ووضعت تحت المشبك بطارية (حجر) في أحد الأسابيع القريبة بدأ الأطفال يمشون خلفها ويتضاحكون، فوضعت المرأة يدها على المشبك وأطفأت هذه اللمبات فذهبوا، وعندما جلست على الكرسي مدَّت يدها إلى ذلك الموضع وأضاءت الأنوار.

رد على المسيرة النسائية

ينبه آخر إلى أنه في مثل هذا اليوم، بل بالأمس السبت، قامت المسيرة النسائية، وقد حدثني بعضهم أن هناك احتفالات خاصة بتلك المناسبة في بعض المواقع، وأتمنى أن لا يكون هذا الخبر صحيحاً، وإن كنت أقول: إنه مما يُسعدنا أن نكتشف أن مثل تلك الأشياء التي كانت شراً في ذاتها، إلا أنها كانت خيراً كبيراً، وكشفت مدى ما يوجد في هذا المجتمع من التجاوب مع الخير وأهله، وكراهية الشر وأهله، والتمسك بآداب الدين، حتى من أناس يظن أنهم من آخر من يغضب للدين أو يثأر له، فلو كان جائزاً أن نسدي الشكر لأسديناه لأولئك، على ما كشفن لنا من دخيلة هذا المجتمع، لا أقول: كشفن لنا، بل كشفن لأنفسهن ولغيرهن.

فقد قرأت مقالة لإحدى النساء في هذا البلد، تتكلم عن تلك المسيرة وما يتعلق بها، وتنتقدها من حيث التوقيت، وأنها لم تكن في وقتها المناسب.

كما أن العالم الغربي اكتشف ما ينطوي عليه هذا المجتمع من تمسك، وإصرار واستعداد للبذل في سبيل الدين، وهذا له تأثير كبير جداً في نوعية تعاملهم مع ذلك المجتمع.

فمثلاً جاءتني رسائل عديدة تتكلم عن عالم الموضة -كما تحدثت عنه- وبعض الملابس غير الساترة، مثل الملابس التي تكون بدون أكمام، وهو ما تسميه النساء بالجابونيز، وما فيها من كشف لذراع المرأة وعضدها، بل وجزء من صدرها وإبطها إذا رفعت ذراعها، وهذا موجود عند عدد من النساء.

بل جاءني قبل قليل من يحدثني أن هناك أعداداً من النساء، أصبحت تلبس الملابس الشفافة في مناسبات وغيرها، وأمام النساء، حتى ترى من ورائها ملابسها الداخلية، وهذا في الواقع أمر يؤذن بشر مستطير، وهو نهاية ما يمكن أن تتصور من الانحدار نحو الهاوية.

يقول أحدهم في رسالة له: من المضحك والمبكي أن امرأةً لبست مشبكاً، وقد وضعت فيه اللمبات الصغيرة، ووضعت تحت المشبك بطارية (حجر) في أحد الأسابيع القريبة بدأ الأطفال يمشون خلفها ويتضاحكون، فوضعت المرأة يدها على المشبك وأطفأت هذه اللمبات فذهبوا، وعندما جلست على الكرسي مدَّت يدها إلى ذلك الموضع وأضاءت الأنوار.

ينبه آخر إلى أنه في مثل هذا اليوم، بل بالأمس السبت، قامت المسيرة النسائية، وقد حدثني بعضهم أن هناك احتفالات خاصة بتلك المناسبة في بعض المواقع، وأتمنى أن لا يكون هذا الخبر صحيحاً، وإن كنت أقول: إنه مما يُسعدنا أن نكتشف أن مثل تلك الأشياء التي كانت شراً في ذاتها، إلا أنها كانت خيراً كبيراً، وكشفت مدى ما يوجد في هذا المجتمع من التجاوب مع الخير وأهله، وكراهية الشر وأهله، والتمسك بآداب الدين، حتى من أناس يظن أنهم من آخر من يغضب للدين أو يثأر له، فلو كان جائزاً أن نسدي الشكر لأسديناه لأولئك، على ما كشفن لنا من دخيلة هذا المجتمع، لا أقول: كشفن لنا، بل كشفن لأنفسهن ولغيرهن.

فقد قرأت مقالة لإحدى النساء في هذا البلد، تتكلم عن تلك المسيرة وما يتعلق بها، وتنتقدها من حيث التوقيت، وأنها لم تكن في وقتها المناسب.

كما أن العالم الغربي اكتشف ما ينطوي عليه هذا المجتمع من تمسك، وإصرار واستعداد للبذل في سبيل الدين، وهذا له تأثير كبير جداً في نوعية تعاملهم مع ذلك المجتمع.

كثيراً ما يتذمر الناس من تلك المسلسلات، التي هي مدارس لتعليم الحب والغرام، وتدريب الشباب من الجنسين، على فن الاتصال بالآخرين ذكوراً وإناثاً.

مسلسل في التلفاز

وقبل فترة اتصلت بي إحدى الأخوات، تتحدث عن برنامج عرض في التلفاز بعنوان "أقوى من الحب" وتقول: إنه قامت بتمثيل دور المرأة في ذلك البرنامج، أو في ذلك المسلسل نساء من بعض البلاد العربية، لكنهن يتحدثن بلهجة محلية، وكأن هذا محاولة للتأكيد على أهمية وجود العنصر النسائي المحلي في تلك المسلسلات وضرورته، وقالت لي: إنه في أحد الأدوار كان الرجل يقبل يد المرأة التي ظهرت في المسلسل على أنها خالته، فتقول: قلت لامرأة بجانبي وأنا مذهولة! انظري كيف يحدث؟! فقالت لي: ماذا في الأمر هذه خالته. وهي تظن المسكينة أنها فعلاً خالته، مع أن هذا لا يتعدى أن يكون إلا دوراً تمثيلياً. فقالت: لا إله إلا الله، إلى هذا الحد، هذا كل ما أتذكره من تلك المكالمة.

وبالأمس القريب جاءتني رسالة من بعض الأخوات، يذكرنني فيها بتلك المكالمة التي حدثت، وأنني قلت لتلك الأخت: الله المستعان، ماذا في أيدينا، وماذا عسانا أن نعمل؟ فيقلن: إن تلك الأخت النشطة في الاتصال على المشايخ، وتبليغهم بالمنكرات التي تراها، تأثرت من هذا الرد، وولت طيلة تلك الليلة وهي تبكي وتقول: إلى هذا الحد وصلت أمور المسلمين، وأنها كانت في رحلة بعد ذلك للعمرة، حيث حَصَلَ لها حادث سيارة توفيت فيه، وغادرت هذه الدنيا وهي في عز شبابها، ويسألوننا الدعاء لها، وإني أسأل الله تعالى أن يتغمدها برحمته، ويسكنها فسيح جناته، ويعظم أجرها على بلائها وجهادها، وأن يكثر من أمثالها في أوساط النساء المسلمات، من الداعيات الغيورات المتحركات، فما أشد حاجتنا إلى مثل هذه النوعية من النساء!

وقبل فترة اتصلت بي إحدى الأخوات، تتحدث عن برنامج عرض في التلفاز بعنوان "أقوى من الحب" وتقول: إنه قامت بتمثيل دور المرأة في ذلك البرنامج، أو في ذلك المسلسل نساء من بعض البلاد العربية، لكنهن يتحدثن بلهجة محلية، وكأن هذا محاولة للتأكيد على أهمية وجود العنصر النسائي المحلي في تلك المسلسلات وضرورته، وقالت لي: إنه في أحد الأدوار كان الرجل يقبل يد المرأة التي ظهرت في المسلسل على أنها خالته، فتقول: قلت لامرأة بجانبي وأنا مذهولة! انظري كيف يحدث؟! فقالت لي: ماذا في الأمر هذه خالته. وهي تظن المسكينة أنها فعلاً خالته، مع أن هذا لا يتعدى أن يكون إلا دوراً تمثيلياً. فقالت: لا إله إلا الله، إلى هذا الحد، هذا كل ما أتذكره من تلك المكالمة.

وبالأمس القريب جاءتني رسالة من بعض الأخوات، يذكرنني فيها بتلك المكالمة التي حدثت، وأنني قلت لتلك الأخت: الله المستعان، ماذا في أيدينا، وماذا عسانا أن نعمل؟ فيقلن: إن تلك الأخت النشطة في الاتصال على المشايخ، وتبليغهم بالمنكرات التي تراها، تأثرت من هذا الرد، وولت طيلة تلك الليلة وهي تبكي وتقول: إلى هذا الحد وصلت أمور المسلمين، وأنها كانت في رحلة بعد ذلك للعمرة، حيث حَصَلَ لها حادث سيارة توفيت فيه، وغادرت هذه الدنيا وهي في عز شبابها، ويسألوننا الدعاء لها، وإني أسأل الله تعالى أن يتغمدها برحمته، ويسكنها فسيح جناته، ويعظم أجرها على بلائها وجهادها، وأن يكثر من أمثالها في أوساط النساء المسلمات، من الداعيات الغيورات المتحركات، فما أشد حاجتنا إلى مثل هذه النوعية من النساء!

ماذا عسانا أن نقول عن رجل عنده مجموعة من البنات، ربما وصل بعضهن إلى سن الأربعين أو قاربت، وهو لا يزال يصرف عنهن الخُطَّاب، ربما من أجل الاستفادة من الراتب التي تتقاضاه إحداهن على رأس الشهر لقاء عملها في التدريس، أو في غير التدريس، إنها جريمة نكراء تقشعر منها الأبدان والجلود، وإن هذا الأب في نظري مجرم كبير، ربما استمتع في حياته بأربع زوجات أو أكثر، ومع ذلك يحول بين فلذات أكباده وبين مطالبهن الشرعية العادلة في الزوج الذي يعفها ويحصنها، ويرزقها منه الله تعالى الذرية الصالحة بإذنه، إنني لا أستطيع أن أفهم كيف تحول هذا الأب إلى وحش كاسر، ذي مخالب وأنياب! وفتح فمه ليلتهم لحوم بناته ويكسر عظامهن.

الخشية من الله

أما يخشى هذا الإنسان -إن صح أنه إنسان- أما يخشى أن تنطلق من إحدى بناته دعوة بالليل الساكن، تشق أجواء الفضاء، وتفتح لها أبواب السماء، فتهد أركانه وتدمر حياته، وتوبق دنياه وآخرته، وتجعله يلقى الله تعالى وهو عليه ساخط، فيقول له: ادخل النار مع الداخلين؟ أما يخشى ذلك وهو يقرأ كتاب الله، ويعلم عقوبة الظالمين، هل عدمت مشاعر الدين عند هذا الإنسان، إن صح أنه إنسان؟!

الدين الذي جاء لحماية حقوق الناس، وتحقيق سعادة الجنسين من خلال تلبية نداء الفطرة المشتعل في قلوب الجميع، وإذا افترضنا أن مشاعر الدين والتدين قد ضاعت في هذا الإنسان، وأن الخوف من الله تعالى قد زال عنه، فهل وجد في قلبه بقية من إنسانية ورحمة؟! تلك الرحمة التي تستشعرها الوحوش الكواسر، فتحنوا على أولادها وتحوطها وتحميها، وتوفر لها الطعام والشراب، وإذا افترضنا أيضاً أن الإنسانية فقدت من هذا الإنسان كما فقد منه شعور التدين الصحيح، الذي يجعل الإنسان يخاف من ربه، فهلاَّّّ وجد عنده شيء من حياء من الناس الذين تتناوله ألسنتهم، وتكرهه قلوبهم، ويمقتون منه جشعه الذي أوصله إلى التأكُّل بحرمان بناته من أعظم نعيم دنيوي.

بسم الله الرحمن الرحيم: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21].

الجشع والطمع عند الآباء

هذا النعيم الذي امتن الله تعالى به على عباده، تحول بين بنتك وبينه، رغبةً في أن تأخذ راتبها في نهاية الشهر؛ ألا بؤساً لهذا المال الذي تدخله إلى جيبك، إنه سحت ومال حرام، إنني أوجه دعوة إلى هذا الأب، قبل أن يسخط الله عليه، فتحيق به أفعاله المنكرة السيئة، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، وقبل أن تصل بناته إلى سن اليأس، وربما قاربن أو كدن، فيحرمن من الذرية الصالحة، وأتساءل أين المجتمع من مثل هؤلاء الخبثاء، الذين يمارسون جريمة من أبشع الجرائم الاجتماعية على الإطلاق؟! ويفتحون الأبواب على مصراعيها -شاءوا أم أبوا- لألوان الرذيلة والفساد العريضة في المجتمع؟!

حرمة عضل النساء عن الزوج

المسلمون كلهم أكفاء

ثم ماذا عسانا أن نقول أيضاً، عن قريب يتدخل في مسألة زواج إحدى بنات أخيه، أو خاله، أو عمه، من شاب متدين صالح، حافظ للقرآن، تعرفه الأسرة منذ طفولته، وتربى في بيتهم، وهو قد يكون إماماً في مسجد أو مدرساً في حلقة أو أستاذاً في مدرسة.

إنه رجل صالح يشهد له الجميع، ثم يتدخلون ويعترضون على هذا الزواج، الذي كاد أن يتم، ووجدت أسبابه ومقدماته لماذا؟ لأن هذا الشاب من طبقة أخرى.

نحن لا ندعو إلى إثارة مشكلات في الأسر لهذا السبب، وكل إنسان يستطيع أن يجد من يريد، ومن تناسبه ممن حوله، وممن لا يكون في زواجه منها، أو اقترانه بها، أي إثارة لمشاكل اجتماعية، لكنني أتعجب أشد العجب، لشدة تمسك الناس ببعض القضايا العادية، التي لا علاقة لها بالدين! والله عز وجل يقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13].

الناس من جهة التمثال أكفاء     أبوهم آدم والأم حواء

فإن يكن لهم في أصلهم نسب     يفاخرون به فالطين والماء

انقلاب الموازين

وتجد هؤلاء أنفسهم يتساهلون، وربما منعوا الفتاة من شخص كالذي ذكرْتُ، وزوجوها بشخص فاسق منحرف، وربما يكون شخصاً تاركاً للصلوات مع الجماعة، وربما يكون سيئ الخلق، فيؤذيها ويعذبها ويقهرها، وكل يوم، أو أسبوع، أو شهر، وقد ردها إلى أهلها في مشكلة جديدة.

فسبحان الله! ما أدري ما هو السر في ذلك! تغضب المجتمعات وتقوم البيوت، وتتحرك العواطف، حين يخرج الإنسان على عادة اجتماعية، ولكن الجميع يلوذون بالصمت العميق، وربما يكونون مؤيدين مباركين حينما تريد الفتاة أن تتزوج بإنسان منحرف أو ضال! وقد يكون صاحب فكر هدام، وقد يكون في بعض الأحيان غير مسلم، وقد سمعت بنفسي أناساً من أسر عريقة، ومع ذلك يقول بعضهم: ما الصلاة؟ وما الغسل من الجنابة؟ وربما يكون زوج بامرأة مؤمنة صائمة قائمة إلى هذا الحد، وهذا والعياذ بالله الكلام الذي قاله كفر بالله العظيم، فما أحد غضب، ولا أحد تحرك، لكن يغضبون ويتحركون، إذا خرقت العادات الاجتماعية، نحن على أقل تقدير نقول: عاملوا هذه كما تعاملون تلك. حتى إنني سمعت امرأة تقول وتدعو على قريب لها، تسبب في عدم إتمام مثل هذا الزواج: " أسأل الله تعالى أن يحول بينه وبين نعيم الجنة، كما حال بيني وبين من أتمنى وأحب أن أتزوج منه".

فسبحان الله! أنت ظالم متدخل فيما لا يعنيك، ما تخشى أن هذه الدعوة تصادف باباً مفتوحاً، خاصة وأن المرأة قد تكون مظلومة!

تنام عيناك والمظلوم منتبه      يدعو عليك وعين الله لم تنم

أما يخشى هذا الإنسان -إن صح أنه إنسان- أما يخشى أن تنطلق من إحدى بناته دعوة بالليل الساكن، تشق أجواء الفضاء، وتفتح لها أبواب السماء، فتهد أركانه وتدمر حياته، وتوبق دنياه وآخرته، وتجعله يلقى الله تعالى وهو عليه ساخط، فيقول له: ادخل النار مع الداخلين؟ أما يخشى ذلك وهو يقرأ كتاب الله، ويعلم عقوبة الظالمين، هل عدمت مشاعر الدين عند هذا الإنسان، إن صح أنه إنسان؟!

الدين الذي جاء لحماية حقوق الناس، وتحقيق سعادة الجنسين من خلال تلبية نداء الفطرة المشتعل في قلوب الجميع، وإذا افترضنا أن مشاعر الدين والتدين قد ضاعت في هذا الإنسان، وأن الخوف من الله تعالى قد زال عنه، فهل وجد في قلبه بقية من إنسانية ورحمة؟! تلك الرحمة التي تستشعرها الوحوش الكواسر، فتحنوا على أولادها وتحوطها وتحميها، وتوفر لها الطعام والشراب، وإذا افترضنا أيضاً أن الإنسانية فقدت من هذا الإنسان كما فقد منه شعور التدين الصحيح، الذي يجعل الإنسان يخاف من ربه، فهلاَّّّ وجد عنده شيء من حياء من الناس الذين تتناوله ألسنتهم، وتكرهه قلوبهم، ويمقتون منه جشعه الذي أوصله إلى التأكُّل بحرمان بناته من أعظم نعيم دنيوي.

بسم الله الرحمن الرحيم: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21].

هذا النعيم الذي امتن الله تعالى به على عباده، تحول بين بنتك وبينه، رغبةً في أن تأخذ راتبها في نهاية الشهر؛ ألا بؤساً لهذا المال الذي تدخله إلى جيبك، إنه سحت ومال حرام، إنني أوجه دعوة إلى هذا الأب، قبل أن يسخط الله عليه، فتحيق به أفعاله المنكرة السيئة، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، وقبل أن تصل بناته إلى سن اليأس، وربما قاربن أو كدن، فيحرمن من الذرية الصالحة، وأتساءل أين المجتمع من مثل هؤلاء الخبثاء، الذين يمارسون جريمة من أبشع الجرائم الاجتماعية على الإطلاق؟! ويفتحون الأبواب على مصراعيها -شاءوا أم أبوا- لألوان الرذيلة والفساد العريضة في المجتمع؟!


استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحاديث موضوعة متداولة 5155 استماع
حديث الهجرة 5026 استماع
تلك الرسل 4157 استماع
الصومال الجريح 4148 استماع
مصير المترفين 4126 استماع
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة 4054 استماع
وقفات مع سورة ق 3979 استماع
مقياس الربح والخسارة 3932 استماع
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية 3874 استماع
العالم الشرعي بين الواقع والمثال 3836 استماع