وصايا عامة


الحلقة مفرغة

الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، وبعث نبيه محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.. صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعــد:

الغفلة عن القرآن القرآن

إن مشكلتنا نحن المسلمين جميعاً مع تفاوت فيما بيننا أننا قد ننسى قيمة هذا القرآن، ولو فكرنا في أسباب ذلك فلعلنا نهتدي إلى علاجه، وإلا فكيف يهجر القرآن ولا يؤبه له؟!

مع أن هذا القرآن جعل الله آياته تحيي القلوب، فأحيت أمماً وشعوباً, وأيقظتها إلى الهداية والخير والصلاح.

كيف نغفل عن كتاب الله عز وجل؟!!

وقد جعل الله فيه الهداية والسعادة الكاملة، قال تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9] في كل أمر من الأمور، وكم يختلف الناس، في أمور دنياهم، وفي أديانهم، وتقربهم إلى الله تعالى، وفيما بينهم، وكيف يكون الأفضل؟

وأين الصواب؟

وما من علم ولا فن ولا أمر من الأمور، إلا وللبشر فيه آراء وآراء، وخلافات، فأين هو الطريق الأقوم؟

وأين الهداية في خضم ذلك الخلاف؟

يقول تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9] ورحم الله الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، فإنه في تفسير هذه الآية قد أجاد وكتب ما لم يكتبه غيره، فجزاه الله خيراً.

ولو أننا تدبرنا كتاب الله عز وجل من خلال فهمنا لهذه الآية وأمثالها، لصلحت أحوالنا، فالقلوب الميتة، والعيون العمي، والآذان الصم تحيا -بإذن الله- وترى الحق وتتبعه، عندما تقرأ وتتدبر كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

والشقاء والضياع والخسارة التي تعاني منها الأسر والمجتمعات والأمم، كلها تتبدد خيوطها وأوهامها إذا أقيم كتاب الله تبارك وتعالى، وإذا أقيمت حدوده، ووقف عند أمره ونهيه، واتبعت سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه.

مدارس تحفيظ القرآن تعيد قيمة القرآن إلى نفوسنا

ومن فضل الله تعالى أن وجدت مدارس متخصصة لتحفيظ القرآن الكريم، وهذه نعمة كبرى، وأنا أغبط طالب ومعلم تحفيظ القرآن الكريم لأنهم هم المورد المفقود في العالم الإسلامي، ولأنه حين يوجد شاب يحفظ كتاب الله تعالى، ويجيد قراءته، إلى جانب القدرة والكفاءة ليتعلم أي علم من العلوم الدنيوية معه، فهو بذلك يوجد الشيء المفقود من هذه الأمة.

وحيث أن أمام الشاب اليوم في العالم الإسلامي طريقين: إما أن يسلك طريق القرآن؛ فتوصد في وجهه أبواب الرزق والوظيفة، وإما أن يسلك طريق الدنيا وتعلمها بأي سبب من الأسباب، ولا يجيد القرآن ولا يحس به، إلا ما يقتطعه من وقته في أوقات فراغه إن كان لديه فراغ.

ولكن أنتم يا معلمي القرآن من أجل القرآن تعملون وتشتغلون، ويأتيكم الطلبة من أجل كتاب الله، وكم من أب حريص كل الحرص على أن يدخل ابنه مدرسة تحفيظ القرآن، ولو أن يدفع ما يطلب منه أن يدفع، ولو أن يضحي بما أمكن أن يضحي به، فقد يأتي من مسافة بعيدة، ولكنه يحب أن يدخل ابنه في هذه المدرسة، وقد يضحي بأمور كثيرة، وهذه الخصيصة التي تعطى لمن يدعو إلى الله، ويعلم كتاب الله، وهذا الأجر الذي يعطيه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو خير وأبقى.

فهذه تجعل علينا جميعاً مسئولية مشتركة تجاه هذا الكتاب، وتجاه تنمية الطالب والأستاذ، فنريد الطالب أن يعي ويتدبر ويفهم أهمية وقيمة هذا الكتاب وقيمة ما يتعلمه، فإن الحجارة في الأرض كثيرة، ولكن الذهب فيها هو القليل، وإذا كنا نريد أي طالب فالدنيا مليئة بالمدارس، وبالطلاب، ولكننا نريد طالباً يحفظ كتاب الله، ويقيم حدوده، ويأتمر بأمره وينتهي بنهيه.

وهذا هو الذهب النادر، وهذا الذي نحرص عليه، وهذا هو الذي مهما ضحينا من أجله، فلا خسارة في الجهد ولا ضياع، لأنه في سبيل الله ومن أجل كتاب الله عز وجل، وهذا الذي يجب أن نتعاون عليه نحن الآباء والمدرسين والمجتمع كله، هذا هو الثمرة، وهذا هو الخلاصة.

المفاضلة بالقرآن

كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفاضل بين أصحابه بالقرآن، وكذلك في قيادة الجيش، وفي إمامة الصلاة، يتفاضلون بالقرآن لأنهم عاشوا في مجتمع أو جاهلية جهلاء، وعرفوا نكدها وشقاءها، ووثنيتها وشركها، ولما جاءهم فضل القرآن أحسوا بقدر النعمة، وعرفوا قيمته, وتمسكوا به، فكان ربيعاً لقلوبهم، وجلاءً لأحزانهم، وذهاباً لغمومهم.

فكانوا يلجئون ويهرعون إلى القرآن والصلاة، وإلى قراءته في الصلاة، أو في غيرها؛ إذا حزبهم أمر من الأمور، كما ثبت ذلك عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكما كان أصحابه من بعده، كانوا يستعينون بقراءته، فتذهب همومهم وأحزانهم، والتي هي هموم في سبيل الله عز وجل، وفي الدعوة إليه، فما بالكم بقلوبٍ همومها في الدنيا، وأحزانها للدنيا؟!

فهي أحوج إلى أن تذهبها, وأن تجلي من صدئها بكتاب الله عز وجل.

فإذا التحقت بمدرسة تحفيظ القرآن، فاحمد الله، واعلم أن الله يختبرك في أمر عظيم، فإما أن تكون طالباً تستحق حفظ كتاب الله، وإلا فإنها فتنة وستسقط في ذلك الامتحان، وإذا كنت مدرساً لتحفيظ القرآن، فإن هذا يجعلك تستشعر هذه المسئولية، وإلا فالمدرسون كثير والمدارس كثيرة، فلماذا أنت في تحفيظ القرآن الكريم؟! إذاً هناك أمر عظيم، هناك اختبار من الله عز وجل لك، فإما أن تكون من أهل القرآن وحملته، وإما أن تخفق -عافنا الله وإياكم- فيكون أشد وأعظم بلاء من ذلك الذي يأخذ أجراً على عمل يقوم به لغير كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

فهذا القرآن يوجب على كل واحد منا أشياء:

فالحاكم يوجب عليه القرآن أن يقيم حدود الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من خلاله، وعلى المربي أن يربي الشباب عليه، وأن يكون بين ناظري الأب ليقوم به في بيته وفي أسرته، وأن يكون موضع اهتمام الابن ليحفظه ويتعلمه، وكل منا مخاطب بهذا القرآن، وكل العالمين مخاطبون به أيضاً، ولكن مسئولية من تصدَّر لتعليمه ولتحفيظه كبيرة، وكذلك الأجر الذي يحسب له بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كبير إذا قام بواجب هذا القرآن وعلمه وحفظه، وخرج من تحت يديه جيل يصح أن يسمى جيلاً قرآنياً، كما كان أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

هذه المهمة وهذا هو الواجب الذي يستشعره الإنسان مع فرحته وشعوره بأنه يعيش في جو يزكيه ويطهره بتلاوة كتاب الله عز وجل، إلا أنه يجب علينا أن نستشعر المسئولية، وأن نذكر أنفسنا أولاً وإخواننا ثانياً بعظم هذه المسئولية الملقاة على عواتقنا، وأن نتوكل على الله عز وجل، ونعرف قيمة هذا القرآن، وندعو إليه، ونعمل به، ونحيي قلوبنا بذكر الله، فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد تكفل لمن قام بهذا القرآن وعمل به ودعا إليه، أن ينصره في الدنيا والآخرة، قال تعالى:إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ [غافر:51] فلا طريق إلى النصر، ولا إلى الفلاح والنجاح والسعادة إلا بالقرآن، نسأل الله أن يجعله ربيع قلوبنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا، إنه سميع مجيب.

إن مشكلتنا نحن المسلمين جميعاً مع تفاوت فيما بيننا أننا قد ننسى قيمة هذا القرآن، ولو فكرنا في أسباب ذلك فلعلنا نهتدي إلى علاجه، وإلا فكيف يهجر القرآن ولا يؤبه له؟!

مع أن هذا القرآن جعل الله آياته تحيي القلوب، فأحيت أمماً وشعوباً, وأيقظتها إلى الهداية والخير والصلاح.

كيف نغفل عن كتاب الله عز وجل؟!!

وقد جعل الله فيه الهداية والسعادة الكاملة، قال تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9] في كل أمر من الأمور، وكم يختلف الناس، في أمور دنياهم، وفي أديانهم، وتقربهم إلى الله تعالى، وفيما بينهم، وكيف يكون الأفضل؟

وأين الصواب؟

وما من علم ولا فن ولا أمر من الأمور، إلا وللبشر فيه آراء وآراء، وخلافات، فأين هو الطريق الأقوم؟

وأين الهداية في خضم ذلك الخلاف؟

يقول تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9] ورحم الله الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، فإنه في تفسير هذه الآية قد أجاد وكتب ما لم يكتبه غيره، فجزاه الله خيراً.

ولو أننا تدبرنا كتاب الله عز وجل من خلال فهمنا لهذه الآية وأمثالها، لصلحت أحوالنا، فالقلوب الميتة، والعيون العمي، والآذان الصم تحيا -بإذن الله- وترى الحق وتتبعه، عندما تقرأ وتتدبر كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

والشقاء والضياع والخسارة التي تعاني منها الأسر والمجتمعات والأمم، كلها تتبدد خيوطها وأوهامها إذا أقيم كتاب الله تبارك وتعالى، وإذا أقيمت حدوده، ووقف عند أمره ونهيه، واتبعت سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه.

ومن فضل الله تعالى أن وجدت مدارس متخصصة لتحفيظ القرآن الكريم، وهذه نعمة كبرى، وأنا أغبط طالب ومعلم تحفيظ القرآن الكريم لأنهم هم المورد المفقود في العالم الإسلامي، ولأنه حين يوجد شاب يحفظ كتاب الله تعالى، ويجيد قراءته، إلى جانب القدرة والكفاءة ليتعلم أي علم من العلوم الدنيوية معه، فهو بذلك يوجد الشيء المفقود من هذه الأمة.

وحيث أن أمام الشاب اليوم في العالم الإسلامي طريقين: إما أن يسلك طريق القرآن؛ فتوصد في وجهه أبواب الرزق والوظيفة، وإما أن يسلك طريق الدنيا وتعلمها بأي سبب من الأسباب، ولا يجيد القرآن ولا يحس به، إلا ما يقتطعه من وقته في أوقات فراغه إن كان لديه فراغ.

ولكن أنتم يا معلمي القرآن من أجل القرآن تعملون وتشتغلون، ويأتيكم الطلبة من أجل كتاب الله، وكم من أب حريص كل الحرص على أن يدخل ابنه مدرسة تحفيظ القرآن، ولو أن يدفع ما يطلب منه أن يدفع، ولو أن يضحي بما أمكن أن يضحي به، فقد يأتي من مسافة بعيدة، ولكنه يحب أن يدخل ابنه في هذه المدرسة، وقد يضحي بأمور كثيرة، وهذه الخصيصة التي تعطى لمن يدعو إلى الله، ويعلم كتاب الله، وهذا الأجر الذي يعطيه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو خير وأبقى.

فهذه تجعل علينا جميعاً مسئولية مشتركة تجاه هذا الكتاب، وتجاه تنمية الطالب والأستاذ، فنريد الطالب أن يعي ويتدبر ويفهم أهمية وقيمة هذا الكتاب وقيمة ما يتعلمه، فإن الحجارة في الأرض كثيرة، ولكن الذهب فيها هو القليل، وإذا كنا نريد أي طالب فالدنيا مليئة بالمدارس، وبالطلاب، ولكننا نريد طالباً يحفظ كتاب الله، ويقيم حدوده، ويأتمر بأمره وينتهي بنهيه.

وهذا هو الذهب النادر، وهذا الذي نحرص عليه، وهذا هو الذي مهما ضحينا من أجله، فلا خسارة في الجهد ولا ضياع، لأنه في سبيل الله ومن أجل كتاب الله عز وجل، وهذا الذي يجب أن نتعاون عليه نحن الآباء والمدرسين والمجتمع كله، هذا هو الثمرة، وهذا هو الخلاصة.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور سفر الحوالي - عنوان الحلقة اسٌتمع
المناهج 2599 استماع
(قاعدة أهل السنة في معاملة الأمة) لابن تيمية 2575 استماع
العبر من الحروب الصليبية 2509 استماع
محبة الرسول صلى الله عليه وسلم 2461 استماع
إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول 2349 استماع
من أعمال القلوب: (الإخلاص) 2264 استماع
العبر من الحروب الصليبية [1، 2] 2261 استماع
الممتاز في شرح بيان ابن باز 2251 استماع
خصائص أهل السنة والجماعة 2198 استماع
الشباب مسئولية من؟ 2167 استماع