خطب ومحاضرات
رسالة إلى فتاة الإسلام
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزى الله خيراً القائمين على التوعية الإسلامية في هذا البلد الحرام، وجزى الله خيراً كل من أسهم في نشر الخير ونصح الأمة وبيان الحق لها، ممن لم يتركوا لنا مجالاً للحديث في هذه القضية التي نحن -ولله الحمد- في غاية الفهم وغاية العلم بها، وهي في غاية الوضوح لدينا.
إن الرسالة التي كنت أريد أن أوجهها إلى الفتاة المسلمة دارت في ذاكرتي بشأنها أمور عدة: قلت: إلى من أوجهها؟
هل أوجهها إلى الفتاة المسلمة في مصر، البلد الذي كان أول من عانى من التغريب ومن خدعة ولعبة ما يسمى بتحرير المرأة وقضية المرأة، وإذا بي أنظر؛ فإذا بالفتاة المسلمة في مصر قد انتفضت على هؤلاء المجرمين، وعرفت مكرهم وغشهم وخداعهم، وإذا بالحجاب الشرعي الكامل يطرق جامعة مصر، ويطرق جامعة القاهرة التي أنشأها وأسسها دعاة التغريب الأولون لتكون جامعة علمانية، لا أثر فيها للدين، وإذا بالفتاة المسلمة هنالك تتحمل ألوان الأذى وأصناف التعذيب من أجل حجابها، ولكنها متمسكة به، ولا عبرة بالكثرة الغافلة؛ فالمهم أن العجلة قد دارت وأن الزمان قد استدار، وأن الحق قد ظهر وبان، وأن العاقبة للتقوى.
قلت: فليكن الخطاب إذاً إلى الفتاة المسلمة في بلاد المغرب التي احتلها الفرنسيون، وفرضوا عليها حضارتهم وعاداتهم وتقاليدهم ودياثتهم وإباحيتهم، فنظرت وإذا بالفتاة المسلمة في الجزائر قد أعلنتها صريحةً على الملأ منذ ما يقارب السنة تقريباً، حين أخرج الشيوعيون في مظاهرة تعدادها قرابة الثلاثة الآلاف، فرد عليهم الإسلاميون -وليس كل الإسلاميين، بل البعض الذين كانوا مقتنعين بالرد وبأن يكون الرد مظاهرة- وخرجت في الجزائر مظاهرة تعدادها على أعدل الأقوال، خمسمائة ألف امرأة، رداً على أولئك الثلاثة الآلاف.
وفزع الغرب فزعاً شديداً، وذهلوا ذهولاً عظيماً، -ولا سيما فرنسا- حتى صاح ميتران بملء فيه: ''إذا تولى الأصوليون الحكم في الجزائر، فسوف أتدخل عسكرياً كما تدخل بوش في بنما''
وقلت: لم لا يكون الخطاب والرسالة إلى الفتاة المسلمة في تركيا، البلد الذي كانت فيه أوضح وأعظم دعوة للانحلال من هذا الدين بقيادة اليهودي المجرم اللعين كمال أتاتورك، فقرأنا وسمعنا أن الفتاة المسلمة في تركيا قد عادت إلى إيمانها ودينها، وحجابها، رغم الكيد والأذى والتعذيب، وإذا بالعجلة قد دارت، وإذا بالمسيرة قد بدأت، فقلنا الحمد لله الذي رد كيد الخائنين، الذي لا يصلح عمل المفسدين، والذي جعل العاقبة للمتقين.
قلت إذاً: لما لا نوجه الرسالة إلى الفتاة المسلمة في أفغانستان أو الباكستان أو الهند، فوجدنا أن المرأة المسلمة هنالك هي السند بعد الله تبارك وتعالى لأولئك المجاهدين جهاداً باليد أو بالدعوة والقلم، وإذا بالمرأة المسلمة هنالك -والحمد لله- تدافع عن دينها وتعيش إيمانها وتسعى وتحرص كل الحرص أن تكون كما يريد الله، وكما كان المجتمع الإسلامي من قبل، فالدعوة هنالك قد قامت؛ والمسيرة -أيضاً- قد بدأت، ولا التفات إلى الوراء، ومنذ أن ذهبت الرافضية من الحكم، فلا عودة أبداً إلى هذه القضية، بل وئدت مسألة تحرير المرأة مع وأد تلك الخبيثة الفاجرة التي ما تولت الحكم إلا بنسج من أيدي أمريكا ومن معها.
إذاً من بقي؟
هل أوجه الرسالة إلى الفتاة المسلمة في بلاد الشام، التي لم يُنزع حجابها إلا قهراً؟
ما كنت أظن أنه يأتي اليوم الذي نحتاج أن نخاطب فيه المرأة المسلمة في أرض التوحيد، وبلاد الإسلام ومهد الإيمان، في هذه الجزيرة، في بلاد الحرمين، في هذه الأرض الطيبة التي ما خرجت دعوة؛ ولا قامت نهضة إيمانية، ولا عادت المرأة المسلمة في كل مكان إلى دينها إلا لتقتدي بالمرأة المسلمة هنا، لأنها مضرب المثل في تلك الدول، وإذا بالمفاجأة تأتي، وإذا بالحدث الجلل والخطب العظيم يأتي، وإذا بتلك اللعبة والخدعة الكبرى التي مرت في بلاد الأفغان والترك ومصر وتونس والشام والجزائر إذا بها وفي آخر الزمان، وبعد أن حلّت عروش الطغيان، وبعد أن ولى جيش الظلام، وانهزم الكفر وأهله، وبعد أن قامت الصحوة الإسلامية واستوت على سوقها في كل مكان، وإذا بهؤلاء الناعقات يأتين وفي قلعة وعاصمة التوحيد، ويردن أن يكن مثل أولئك.
عجباً والله! من كان يظن أن ذلك اليوم سيأتي، وأن هذا الخطاب سيكون موجهاً إلى الفتاة المسلمة في هذه البلاد، منذ ثلاث سنوات تقريباً، وفي هذا المكان الطاهر بالذات.
لما كانت محاضرة بعنوان: (المؤامرة على المرأة المسلمة) كنا نتكلم عن تلك البلاد، أما هذه البلاد فنحذر، ولا نتوقع أن يقع فيها ما وقع، ولكن التذكير والتحذير واجب، وإذا بنا نفتح أعيننا على هؤلاء المستغربات.
إن هذا يستدعي منا أن نعيد النظر لِمَ كان الأمر بهذه الكيفية؟!
هل هذه هي النهاية؟!
وهل هذه هي الغاية؟
أم أنها بداية لمرحلة جديدة، ولماذا هذا التوقيت؟
ومن وراءه؟
وماذا يريدون؟
أسئلة كثيرة هزت كل وجدانٍ وقلب حي.
لا بد أنكم تساءلتم: ما ارتباط الدعوة بخروج المرأة، وتمردها على ربها وعلى سنة نبيها، وشريعة دينها، وأولياء أمورها، بالصليبية الغربية، ارتباط ذلك بالحملات الصليبية التي تفد على هذه البلاد الإسلامية كل حين، وما من صفحة من صفحات تاريخنا -واقرأوه- إلا ولنا مع الغرب والصليبيين معركة، ومع كل حملة تفد، تفد معها الدياثة، والتمرد، والانحلال، والخروج، ولأولئك دور وضلع لا يمكن إنكاره في هذا الخروج وفي هذا التغرب.
الحملات الصليبية الأولى القديمة
المرحلة الأولى : الحملة الصليبية الحديثة على مصر
عندما جاء الفرنسيون بعد قيام الثورة الفرنسية التي قامت عام (1789م)، ورفعت شعار المساواة، والحرية، والإخاء -الشعارات الماسونية الكاذبة- وجاءوا بنسائهم متبرجات متهتكات.
وقد وصف المؤرخ السني الجبرتي رحمه الله صاحب التاريخ المشهور عجائب الآثار في التراجم والأخبار، قدوم الحملة وآثارها وكيف تأثرت بها المصريات، وكيف قلدن الفرنجيات في عاداتهن، وكيف أن الأمر تعدى مجرد اللباس إلى صحبتهن في الزوارق على النيل، والرقص معهن والتهتك والتخلع بخلاعتهن، فاعتبرت هذه هي البداية، وفعلاً قد كانت هي البداية.
ومن العجيب أن نابليون عندما قدم إلى مصر، وادعى أنه حامي الإسلام، وأنه ما جاء إلا لتأييد الإسلام، بل سمى نفسه محمد نابليون ضحكاً على المسلمين، وسخرية، واستهزاءً بهم، وطالب بالحرية الاجتماعية على نمط الثورة الفرنسية، وقال: ''إن مصر مجتمع متأخر منحط... وقال: لا بد من إنشاء حكم يقوم على الطريقة الغربية'' مع أن الغرب في ذلك الزمان لم تكن الديمقراطية قد تبلورت عندهم، فكانت الثورة حديثة عهد في فرنسا نفسها.
فأنشأ نابليون ديواناً للشورى، وقال: يشترك فيه جميع المسلمين، وانطلاقاً منه بدأت قضية المرأة، ولم لا تشترك المرأة، ولم لا يكون لها دور في هذا المجتمع؟
ولا سيما وقد قال نابليون: ''لا بد أن يكون هذا الديوان ممثلاً لجميع فئات المجتمع'' فدخل النصارى -وقد كان النصارى وما يزالون دائماً عملاء للصليبيين الوافدين- ودخلت معهم أيضاً الطوائف الأخرى.
فإذاً كانت القضية حملة صليبية، صحبها تهتك، ودعارة، وخلاعة في النساء، ومطالبة بحكم شوروي نيابي؛ فانفتقت الأذهان عن هذه الفكرة الخبيثة، أو هكذا -على الأقل- فهم دعاة إفساد المرأة الذين جاءوا فيما بعد في المرحلة الثانية.
المرحلة الثانية: حملة صليبية أخرى
وفي عهد إسماعيل باشا افتتحت لأول مرة في العالم الإسلامي مدارس للبنات، على نمط مدارس البنين وعلى الطريقة الغربية، تحتوي على سنوات معينة ومنهج كمنهج البنين، ثم مراحل بعضها يتلو بعضاً، كانت هذه هي المرة الأولى، ونتيجة للسيطرة الإنجليزية والفرنسية التي جاءت بسبب هذه الديون بدأت في عهده دعوة الانحلال، والفسق، والفجور، وكان رئيس وزرائه نوبار باشا الأرمني، وكان في حكومته وزيران: أحدهما فرنسي والآخر انجليزي، وفي ظل حكم هذا الرجل قامت ونمت وترعرعت الدعوة إلى الإباحية وإفساد المرأة.
حتى أن الإنجليز عندما جاءوا وأجهضوا ثورة أحمد عرابي وقضوا عليها، كان ممن أيد الإنجليز ودلهم وشجعهم على دخول القاهرة وحثهم على ذلك، وقاوم الشعب وقال لهم: لا تقاوموا الإنجليز، وهؤلاء إنما جاءوا لمصلحتنا، وما قدموا إلا لخير البلاد، ولدفع الظلم، ورفعه عنها، ولكي تكون حكومة شوروية انتخابية كان من جملتهم المدعو محمد سلطان باشا، وهو والد هدى شعراوي التي قد يأتي الحديث عنها -إن شاء الله- فالقضية ضالعة عميقة الجذور في العمالة أيضاً.
المهم أنه لأول مرة في الشرق عرف ما يسمى "البرلمان" في أيام إسماعيل باشا عام (1866م)، ثم خلفه الخديوي توفيق، ولأول مرة -أيضاً- في الشرق يعلن ما يسمى الدستور، فأعلن الدستور في عام (1882م)، وفي كل مرة يراد أن توجد حياة نيابية، أو دستورية، أو شورية -إن استخدم المصطلح الإسلامي- تظهر قضية المرأة لأن الأعداء المتربصين يريدون أن يفيدوا من هذا الوضع، فيقولوا: نصف المجتمع لا بد أن يظهر، وأن يمّثل، وأن يكون له دورٌ ووجود، وفي هذه الأثناء وبعدها ظهرت الحركة، وظهر جمال الدين الأفغاني الذي تتلمذ عليه محمد عبده، والشيخ محمد عبده -كما ثبت- هو الذي وضع أكثر كتاب قاسم أمين تحرير المرأة وظهرت دعوة قاسم أمين -المتوفى عام (1908م)- وانتشرت الحركة وكان اللورد كرومر المندوب البريطاني يرعاه.
الحرب العالمية الأولى
ومن المكاتبات المشهورة التي كتبها السير هنري مكمهون إلى الشريف حسين يقول: "من السير هنري مكمهون مندوب الدولة البريطانية العلية، إلى الشريف حسين سليل الأسرة الطاهرة العترة الشريفة وكذا... ويفيض عليه من المدح وأنك حفيد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكيف يصبح الحكم في أيدي الترك؟!
وكيف يكون الأتراك هم الخلفاء والعرب موجودون، والسلالة الشريفة الطاهرة على قيد الحياة ويتولى الأتراك الحكم، والدولة العلية البريطانية تريد الخير والسلام، وعودة الأمور إلى شرعيتها، وتريد أن تنصبكم خليفة على العرب، وزعيماً لهما بشرط أن تقوموا معها، وتثوروا وتخرجوا على الترك، وقد عزمت على إقامة العدل والقضاء على الاستبداد التركي.. إلى آخر ذلك الكلام.
أما لورنس -المعروف بـلورنس العرب الخبيث والمشهور- فقد خرج وخرج معه العرب المغفلون المخدوعون لمحاربة الترك والاستبداد التركي، يقول لورنس: ''كنت أشعر بتأنيب الضمير، وأنا أرى هؤلاء الناس يخرجون معي، ويقاتلون بني دينهم -يعني الأتراك- أملاً وطمعاً في أحلام ووعود وعدناهم بها ولم تتحقق'' لقد كان الضمير يؤنبه، لأنهم ضحكوا على هؤلاء المساكين، فلا شرعية، ولا استقلال، ولا عدل، ولا حق، وإنما هي أطماع صليبية سُخِّرت لهذا الهدف.
ودخل اللنبي القائد الإنجليزي القدس وجيشه من الإنجليز والعرب -وفتحوا القدس- فلما وقف على جبل الزيتون، غرس رمحه بقوة وقال: ''الآن انتهت الحروب الصليبية''.
وأما الجنرال الفرنسي غورو فإنه تقدم ومعه أيضاً العرب في جيشه إلى دمشق، وقال العرب: لنا حكم بلاد الشام ويكون الشريف هو الخليفة وأبناؤه هم الحكام على هذه المناطق، هذا من عدالة الغربيين، ومن حسن أخلاقهم ومن حرصهم على الشرعية.
لما دخل غورو إلى دمشق قال: دلوني على قبر صلاح الدين، فدلوه عليه فأخذ يركله بقدمه، ويقول: قم يا صلاح الدين ها قد عدنا، وها قد انتصرنا، يا ثارات ريتشارد، يا ثارات بوهمند، يا ثارات فلان وفلان من قادة الحروب الصليبية الذين قتلوا أو أسروا في أيام صلاح الدين، وإذا بها حملة صليبية مكشوفة، وإذا بالعرب يخدعون وإذا بالوعود كلها تذهب هباءً.
المقصود ليس هذا -فكلكم تعرفونه- لكن انبثقت من خلال هذا: الحركة النسائية أيضاً، فلما انتهت الحرب العالمية الأولى عام (1918م) وإذا بـسعد زغلول ومن معه وهدى شعراوي، يخرجون في العام التالي (1919م) يطالبون بالحرية والاستقلال وقالوا: لا بد أن يكون للمرأة دور، رتب سعد زغلول مع هدى شعراوي -وكانت رئيسة اللجنة المركزية لـحزب الوفد للسيدات- ومن معها المظاهرة، فخرجت مظاهرة ضد الإنجليز، وخرجت المتظاهرات ونزعن الحجاب.
سبحان الله! يتظاهرن ضد العدو وينزعن الحجاب، ما هي القضية؟
وما العلاقة بين نزع الحجاب وبين المطالبة بإخراج المحتل؟!
لكنها لعبة مدبرة، مزقن الحجاب وأخذن يطالبن بالحرية والاستقلال!!
الحرية مِن مَن.. من الإنجليز أم من الحجاب الذي مزقنه ونزعنه؟!
وجاء الإنجليز بتمثيلية من هنا ومن هناك فأطلقوا الرصاص، وقيل: هؤلاء البطلات الثائرات الرائدات الزعيمات، وإذا بالشعب والصحافة من كل مكان والأحزاب يقولون : المرأة تبذل نفسها من أجل الوطن، فماذا قدم لها الوطن! وإذا بالدعاة -دعاة الإفساد- يقولون: ها هي ذي المرأة تتطوع وتخرج وتقاتل وتواجه المستعمر، فماذا نقدم لها، أتظل حبيسة البيت وقد أثبتت وجودها ووطنيتها.
لقد صور الشاعر حافظ إبراهيم خروج المظاهرة وكيف استقبلها الإنجليز، ثم ردت على أعقابها، وسخر من هؤلاء الهزيلات والضعيفات ذات الجنس الرقيق والناعم، حتى هو رغم هذا الموقف شارك غيره من الشعراء والكُتَّاب في الحملة والدعوة إلى مشاركة المرأة في الدفاع عن البلاد، وعن الاستقلال، ومن ذلك القصيدة المشهورة التي كانت في مناهجنا التعليمية وقرأناها وحفظناها، وهي بعنوان: فتاة اليابان، لقد كان حافظ إبراهيم يمجد فتاة اليابان التي اشتركت وتطوعت في الحرب ضد أعداء اليابان في الحرب العالمية والتي قال فيها:
لا تلم سيفي السيف نبا صح مني العزم والدهر أبى |
أنا يا دنية لا أنثني عن مرادي أو أذوق العقبا |
هكذا الموساد قد علمنا أن نرى الأوطان أماً وأبا |
فيقول: لا بد أن تخرج وأن تتطوع المرأة، وبالفعل تطوعت المرأة وخرجت في الدفاع عن الوطن، ويا سبحان الله! تبذل نفسها وتقابل الرصاص وتتطوع من أجل الوطن، ثم لا تمنح حرية الحياة ونزع الحجاب وأن تكون كالمرأة الغربية تتحضر وتترقى، وتفوز بالبرلمان، وتدخل المجالس النيابية وتعطى الوظائف، فهي تقدم دائماً والرجل ظالم لها لا يعطيها أي شيء، هكذا قيل وهكذا كانت تلك المأساة.
إنّ الحملات الصليبية الأولى القديمة التي قدمت منذ ألف سنة، قام بها وحوش همج أوروبيون، لا يعرفون حضارة، ولا مدنية، وسخر منهم المسلمون ومن دياثتهم، ومن انحطاط خلقهم، ومن سفالتهم، بما لم يدع مجالاً لأن يُقتدى بهم.
لنتجاوز ذلك إلى العصر الحديث -كما يسمى- فأول حملة صليبية قامت في العصر الحديث هي حملة نابليون بونابرت على مصر في مطلع القرن التاسع عشر وأواخر القرن الثامن عشر ميلادي، فعندما قدمت هذه الحملة، واعتبرها البعض بداية لـحركة تحرير المرأة، ومنهم المرأة المشهورة في الحركة درية شفيق، نظيرة وزميلة هدى شعراوي المشهورة والمعروفة، اعتبرت هذه الحملة بداية لدعوى تحرير المرأة-كما يسمونها- كيف كان ذلك؟
عندما جاء الفرنسيون بعد قيام الثورة الفرنسية التي قامت عام (1789م)، ورفعت شعار المساواة، والحرية، والإخاء -الشعارات الماسونية الكاذبة- وجاءوا بنسائهم متبرجات متهتكات.
وقد وصف المؤرخ السني الجبرتي رحمه الله صاحب التاريخ المشهور عجائب الآثار في التراجم والأخبار، قدوم الحملة وآثارها وكيف تأثرت بها المصريات، وكيف قلدن الفرنجيات في عاداتهن، وكيف أن الأمر تعدى مجرد اللباس إلى صحبتهن في الزوارق على النيل، والرقص معهن والتهتك والتخلع بخلاعتهن، فاعتبرت هذه هي البداية، وفعلاً قد كانت هي البداية.
ومن العجيب أن نابليون عندما قدم إلى مصر، وادعى أنه حامي الإسلام، وأنه ما جاء إلا لتأييد الإسلام، بل سمى نفسه محمد نابليون ضحكاً على المسلمين، وسخرية، واستهزاءً بهم، وطالب بالحرية الاجتماعية على نمط الثورة الفرنسية، وقال: ''إن مصر مجتمع متأخر منحط... وقال: لا بد من إنشاء حكم يقوم على الطريقة الغربية'' مع أن الغرب في ذلك الزمان لم تكن الديمقراطية قد تبلورت عندهم، فكانت الثورة حديثة عهد في فرنسا نفسها.
فأنشأ نابليون ديواناً للشورى، وقال: يشترك فيه جميع المسلمين، وانطلاقاً منه بدأت قضية المرأة، ولم لا تشترك المرأة، ولم لا يكون لها دور في هذا المجتمع؟
ولا سيما وقد قال نابليون: ''لا بد أن يكون هذا الديوان ممثلاً لجميع فئات المجتمع'' فدخل النصارى -وقد كان النصارى وما يزالون دائماً عملاء للصليبيين الوافدين- ودخلت معهم أيضاً الطوائف الأخرى.
فإذاً كانت القضية حملة صليبية، صحبها تهتك، ودعارة، وخلاعة في النساء، ومطالبة بحكم شوروي نيابي؛ فانفتقت الأذهان عن هذه الفكرة الخبيثة، أو هكذا -على الأقل- فهم دعاة إفساد المرأة الذين جاءوا فيما بعد في المرحلة الثانية.
في هذه المرحلة تجلت بوضوح قضية إفساد المرأة مع ظهور حملة صليبية أخرى في عهد إسماعيل باشا ابن إبراهيم باشا المشهور، كان إسماعيل باشا حاكماً على مصر في أواخر القرن الماضي الميلادي، وقد تلقى تعليمه في باريس، ثم لما تولى حكم مصر، شُقت قناة السويس؛ فكان الاحتفال التاريخي -كما يسمى- حضرته الامبراطورة يوجيني، وحضره امبراطور النمسا، وحضره كثير من زعماء أوروبا المتهتكين المتخلعين، وكان الرجل قد تربى تربية غربية؛ فقام بتطبيق الحياة الغربية بحذافيرها في مصر، أو شرع في ذلك؛ فهو أول من أدخل نظام الجمارك -مثلا- وهو الذي أدخل ديواناً أو مجلساً كما أسماه الشورى بظنه، وأنشأ جمعية عمومية، وعاش في الترف والبذخ، حتى ورطمصر في ديون بلغت مائة مليون جنية، وهي من الناحية المعنوية تعادل اليوم مائة مليار جنية.
وفي عهد إسماعيل باشا افتتحت لأول مرة في العالم الإسلامي مدارس للبنات، على نمط مدارس البنين وعلى الطريقة الغربية، تحتوي على سنوات معينة ومنهج كمنهج البنين، ثم مراحل بعضها يتلو بعضاً، كانت هذه هي المرة الأولى، ونتيجة للسيطرة الإنجليزية والفرنسية التي جاءت بسبب هذه الديون بدأت في عهده دعوة الانحلال، والفسق، والفجور، وكان رئيس وزرائه نوبار باشا الأرمني، وكان في حكومته وزيران: أحدهما فرنسي والآخر انجليزي، وفي ظل حكم هذا الرجل قامت ونمت وترعرعت الدعوة إلى الإباحية وإفساد المرأة.
حتى أن الإنجليز عندما جاءوا وأجهضوا ثورة أحمد عرابي وقضوا عليها، كان ممن أيد الإنجليز ودلهم وشجعهم على دخول القاهرة وحثهم على ذلك، وقاوم الشعب وقال لهم: لا تقاوموا الإنجليز، وهؤلاء إنما جاءوا لمصلحتنا، وما قدموا إلا لخير البلاد، ولدفع الظلم، ورفعه عنها، ولكي تكون حكومة شوروية انتخابية كان من جملتهم المدعو محمد سلطان باشا، وهو والد هدى شعراوي التي قد يأتي الحديث عنها -إن شاء الله- فالقضية ضالعة عميقة الجذور في العمالة أيضاً.
المهم أنه لأول مرة في الشرق عرف ما يسمى "البرلمان" في أيام إسماعيل باشا عام (1866م)، ثم خلفه الخديوي توفيق، ولأول مرة -أيضاً- في الشرق يعلن ما يسمى الدستور، فأعلن الدستور في عام (1882م)، وفي كل مرة يراد أن توجد حياة نيابية، أو دستورية، أو شورية -إن استخدم المصطلح الإسلامي- تظهر قضية المرأة لأن الأعداء المتربصين يريدون أن يفيدوا من هذا الوضع، فيقولوا: نصف المجتمع لا بد أن يظهر، وأن يمّثل، وأن يكون له دورٌ ووجود، وفي هذه الأثناء وبعدها ظهرت الحركة، وظهر جمال الدين الأفغاني الذي تتلمذ عليه محمد عبده، والشيخ محمد عبده -كما ثبت- هو الذي وضع أكثر كتاب قاسم أمين تحرير المرأة وظهرت دعوة قاسم أمين -المتوفى عام (1908م)- وانتشرت الحركة وكان اللورد كرومر المندوب البريطاني يرعاه.
بعد الحملة السابقة جاءت الحركة الأخرى التي كثيراً ما تنسى أو لا تذكر على أنها حملة صليبية، وهي الحرب العالمية الأولى، ونجد أن التمثيلية نفسها تتكرر، قامت الحرب العالمية الأولى عندما اتفق الإنجليز والفرنسيون على تقسيم العالم الإسلامي، وإخضاعه لسيطرتهم، وبدءوا يشيرون العرب ليثوروا معهم على الترك، فأعلن الإنجليز أنه لا بد أن يكون للعرب حكم مستقل.
ومن المكاتبات المشهورة التي كتبها السير هنري مكمهون إلى الشريف حسين يقول: "من السير هنري مكمهون مندوب الدولة البريطانية العلية، إلى الشريف حسين سليل الأسرة الطاهرة العترة الشريفة وكذا... ويفيض عليه من المدح وأنك حفيد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكيف يصبح الحكم في أيدي الترك؟!
وكيف يكون الأتراك هم الخلفاء والعرب موجودون، والسلالة الشريفة الطاهرة على قيد الحياة ويتولى الأتراك الحكم، والدولة العلية البريطانية تريد الخير والسلام، وعودة الأمور إلى شرعيتها، وتريد أن تنصبكم خليفة على العرب، وزعيماً لهما بشرط أن تقوموا معها، وتثوروا وتخرجوا على الترك، وقد عزمت على إقامة العدل والقضاء على الاستبداد التركي.. إلى آخر ذلك الكلام.
أما لورنس -المعروف بـلورنس العرب الخبيث والمشهور- فقد خرج وخرج معه العرب المغفلون المخدوعون لمحاربة الترك والاستبداد التركي، يقول لورنس: ''كنت أشعر بتأنيب الضمير، وأنا أرى هؤلاء الناس يخرجون معي، ويقاتلون بني دينهم -يعني الأتراك- أملاً وطمعاً في أحلام ووعود وعدناهم بها ولم تتحقق'' لقد كان الضمير يؤنبه، لأنهم ضحكوا على هؤلاء المساكين، فلا شرعية، ولا استقلال، ولا عدل، ولا حق، وإنما هي أطماع صليبية سُخِّرت لهذا الهدف.
ودخل اللنبي القائد الإنجليزي القدس وجيشه من الإنجليز والعرب -وفتحوا القدس- فلما وقف على جبل الزيتون، غرس رمحه بقوة وقال: ''الآن انتهت الحروب الصليبية''.
وأما الجنرال الفرنسي غورو فإنه تقدم ومعه أيضاً العرب في جيشه إلى دمشق، وقال العرب: لنا حكم بلاد الشام ويكون الشريف هو الخليفة وأبناؤه هم الحكام على هذه المناطق، هذا من عدالة الغربيين، ومن حسن أخلاقهم ومن حرصهم على الشرعية.
لما دخل غورو إلى دمشق قال: دلوني على قبر صلاح الدين، فدلوه عليه فأخذ يركله بقدمه، ويقول: قم يا صلاح الدين ها قد عدنا، وها قد انتصرنا، يا ثارات ريتشارد، يا ثارات بوهمند، يا ثارات فلان وفلان من قادة الحروب الصليبية الذين قتلوا أو أسروا في أيام صلاح الدين، وإذا بها حملة صليبية مكشوفة، وإذا بالعرب يخدعون وإذا بالوعود كلها تذهب هباءً.
المقصود ليس هذا -فكلكم تعرفونه- لكن انبثقت من خلال هذا: الحركة النسائية أيضاً، فلما انتهت الحرب العالمية الأولى عام (1918م) وإذا بـسعد زغلول ومن معه وهدى شعراوي، يخرجون في العام التالي (1919م) يطالبون بالحرية والاستقلال وقالوا: لا بد أن يكون للمرأة دور، رتب سعد زغلول مع هدى شعراوي -وكانت رئيسة اللجنة المركزية لـحزب الوفد للسيدات- ومن معها المظاهرة، فخرجت مظاهرة ضد الإنجليز، وخرجت المتظاهرات ونزعن الحجاب.
سبحان الله! يتظاهرن ضد العدو وينزعن الحجاب، ما هي القضية؟
وما العلاقة بين نزع الحجاب وبين المطالبة بإخراج المحتل؟!
لكنها لعبة مدبرة، مزقن الحجاب وأخذن يطالبن بالحرية والاستقلال!!
الحرية مِن مَن.. من الإنجليز أم من الحجاب الذي مزقنه ونزعنه؟!
وجاء الإنجليز بتمثيلية من هنا ومن هناك فأطلقوا الرصاص، وقيل: هؤلاء البطلات الثائرات الرائدات الزعيمات، وإذا بالشعب والصحافة من كل مكان والأحزاب يقولون : المرأة تبذل نفسها من أجل الوطن، فماذا قدم لها الوطن! وإذا بالدعاة -دعاة الإفساد- يقولون: ها هي ذي المرأة تتطوع وتخرج وتقاتل وتواجه المستعمر، فماذا نقدم لها، أتظل حبيسة البيت وقد أثبتت وجودها ووطنيتها.
لقد صور الشاعر حافظ إبراهيم خروج المظاهرة وكيف استقبلها الإنجليز، ثم ردت على أعقابها، وسخر من هؤلاء الهزيلات والضعيفات ذات الجنس الرقيق والناعم، حتى هو رغم هذا الموقف شارك غيره من الشعراء والكُتَّاب في الحملة والدعوة إلى مشاركة المرأة في الدفاع عن البلاد، وعن الاستقلال، ومن ذلك القصيدة المشهورة التي كانت في مناهجنا التعليمية وقرأناها وحفظناها، وهي بعنوان: فتاة اليابان، لقد كان حافظ إبراهيم يمجد فتاة اليابان التي اشتركت وتطوعت في الحرب ضد أعداء اليابان في الحرب العالمية والتي قال فيها:
لا تلم سيفي السيف نبا صح مني العزم والدهر أبى |
أنا يا دنية لا أنثني عن مرادي أو أذوق العقبا |
هكذا الموساد قد علمنا أن نرى الأوطان أماً وأبا |
فيقول: لا بد أن تخرج وأن تتطوع المرأة، وبالفعل تطوعت المرأة وخرجت في الدفاع عن الوطن، ويا سبحان الله! تبذل نفسها وتقابل الرصاص وتتطوع من أجل الوطن، ثم لا تمنح حرية الحياة ونزع الحجاب وأن تكون كالمرأة الغربية تتحضر وتترقى، وتفوز بالبرلمان، وتدخل المجالس النيابية وتعطى الوظائف، فهي تقدم دائماً والرجل ظالم لها لا يعطيها أي شيء، هكذا قيل وهكذا كانت تلك المأساة.
بعد ذلك ظهرت الأحزاب النسائية بالإضافة إلى أن هدى شعراوي -الزعيمة كما قلنا- وهي ليست هدى شعراوي، بل هي هدى بنت محمد سلطان، لكن انتسبت إلى علي شعراوي، وهو زوجها كما هو النظام عند الغربيين، كما انتسبت صفية زغلول إلى سعد زغلول، وهي ليست بنته، وإنما هي زوجته على عادة الغربيين، فهذا محمد سلطان -كما أشرنا- العميل الذي أُعطي أعلى الأوسمة والنياشين، والتي لا يعطاها في إنجلترا إلا من يصل إلى درجة أو مرتبة (سير) ويلقب بلقب (سير) وهو أعلى لقب هنالك بعد لقب (لورد).
أسست هدى شعراوي الحزب أو الاتحاد النسائي، بدايةً للمرحلة الجديدة التي انتقلت إليها مرحلة الأحزاب النسائية، وهذا بعكس ما حصل هنا، فعندنا هنا بدأ أولاً بتأسيس الجمعيات، ثم بعد ذلك نودي بالخروج، لكن بدأ هنالك بالخروج ثم أنشئت الاتحادات.
فالاتحاد أو الحزب الذي أسسته هدى شعراوي، أرسل وفوداً، ومن ذلك الوفد الذي أرسله لحضور المؤتمر النسائي العالمي في روما، وهذا مما يكشف ويفضح أن دعوات إفساد المرأة دائماً مرتبطة بالغرب، فهنالك ألقيت الكلمات، ومن الطرائف أن الوفد كان يتكون من ثلاث نسوة، منهن: اثنتان سافرتان، والأخرى الثالثة أخذها الحياء نوعاً ما؛ فكانت محجبة، فقال الإيطاليون وأعضاء المؤتمر: إن هاتين ليستا مصريتين، وإن هذه هي الوحيدة المصرية المحجبة، فقالوا: أكيد أن مصر استعارت امرأتين لتمثلها، لأنه لا يمكن أن تكون المرأة المصرية إلا محجبة.
وليس معنى ذلك كما يقول البعض الآن: تكشف الوجه وتقول: محجبة، كشف الوجه ما سمي حجاباً لا في اللغة ولا في الشرع أبداً، فالحجاب تغطية الوجه في اللغة وفي الشرع، وفي مصر كانت المرأة لا تكشف شيئاً أبداً، ولما جاءت هذه وهي متحجبة، قيل: هذه فعلاً التي تمثل مصر.
إن أولئك يعرفون أن المحجبة هي الأصيلة، وأن المتهتكة هي الغربية التي لا تمثل بلدها، ولم يُصدَّقوا أنهما مصريتان.
قابلت هدى شعراوي الزعيم موسيليني، وافتخرت بذلك، وقالت: كانت مقابلة عظيمة ورائعة وتحدثنا إليه عن تحرير المرأة وطالبنا بكذا -وموسيليني هذا هو زعيم الفاشية وكل زعماء الغرب موسيليني وهتلر، ولكن الزمان يدور دورته، المغلوب كما يقول المثل: إذا طاح الثور كثرت السكاكين.
لو أن هتلر هو الذي انتصر لكان الكلام اليوم في العالم، أنَّ هتلر هو حامل راية الحرية، وأن آيزن هاور ومن معه كانوا دعاة الطغيان والاستبداد للشعوب، لكن لأن الذي انتصر هو آيزن هاور الأمريكي، أصبحت أمريكا حاملة راية الحرية وغيرها هو العدواني وهو المتسلط.
المقصود أنها قابلته، وفي الطريق قابلت أتاتورك -انظروا إلى العمالة والنذالة- وأشادت به وجلست معه جلسة طويلة؛ وقالت له: أنت لست أتاتورك -أي أبو الترك- بل أنت أتا شرق، أي: أبو الشرق كله، هذا اليهودي المجرم الخبيث تقول عنه هكذا.
ومن تلك الحركات حزب فتاة النيل الذي كان وراءه وبكل وضوح زوجة الرئيس الأمريكي روزفلت، كانت تموله وكنَّ رائدات الحزب كله يذهبن إلى السفارة الأمريكية ويتلقين التشجيع والتهنئة بنجاح المؤتمر النسائي الذي عقدنه من زوجة الرئيس الأمريكي روزفلت.
وأصبح الآن لا مجال للنقاش في أن الحركة النسائية في مصر إنما هي عملية للصليبيين من الإنجليز والأمريكان ومن أمثالهما وأشباههما.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور سفر الحوالي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
المناهج | 2598 استماع |
(قاعدة أهل السنة في معاملة الأمة) لابن تيمية | 2575 استماع |
العبر من الحروب الصليبية | 2509 استماع |
محبة الرسول صلى الله عليه وسلم | 2461 استماع |
إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول | 2349 استماع |
من أعمال القلوب: (الإخلاص) | 2264 استماع |
العبر من الحروب الصليبية [1، 2] | 2261 استماع |
الممتاز في شرح بيان ابن باز | 2251 استماع |
خصائص أهل السنة والجماعة | 2198 استماع |
الشباب مسئولية من؟ | 2167 استماع |