شمول الرسالة لكل زمان ومكان


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله نحمده ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سبحانك اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

وبعــد:

الموضوع الذي نريد أن نتحدث عنه، ليس بفريد ولا بجديد عليكم، وكما تعلمون جميعاً أننا أمة تنتخب، وتتبع أفضل رسول وهو رسول الله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

هذا النبي فضَّله الله تبارك وتعالى -كما أخبر هو عن نفسه- فقال: (فُضلت على الأنبياء بست، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة)، وفي بعض الروايات: (بخمس) فهذه من أعظم الخصائص والمميزات التي تميزت بها رسالة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما ذكرها الله تبارك وتعالى وأمر بها في كتابه الكريم، حيث قال: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107]، وقال جل شأنه: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً [سبأ:28]، فرسالته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودينه وشرعه عام، وهذا العموم من جهتين:

الجهة الأولى: من جهة عموم من أُرسل إليهم، فقد كان الأنبياء ممن قبله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبعثون إلى قومهم خاصة، وبعث صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الناس عامة، فهذا من جهة المرسل إليهم والمبعوث فيهم.

الجهة الأخرى: من جهة الزمان، فإن شريعته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأما شريعة من قبله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإن النبي كان يُبعث وشريعته مؤجلة ومؤقتة إلى أمد معين.

فبهذا العموم يتبين لنا: أنه لا يمكن ولا يصح أن نتصور أن أمرًا من أمور الحياة يخرج عما جاء به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا نتصور -أيضًا- أن فردًا من الأفراد -كائنًا من كان- يخرج عن شريعته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فالظروف تتغير، والأحوال تتجدد، والأمم تحيا وتبيد، والحضارات تنشأ وتضمحل.

ولكن المنهاج الواضح والشريعة الواجبة على الجميع، الملزمة لكل واحد منهم، باقية وخالدة إلى أن يرث الله تبارك وتعالى الأرض ومن عليها؛ فلا يخرج أحد عن شرعه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كائنًا من كان، ولا تخرج قضية من قضايا الزمان عما جاء به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كائنةً من كانت هذه القضية، وقد ظهر أثر هذا العموم في التشريعات التفصيلية التي جاءت بها هذه الشريعة العامة الشاملة الكاملة.

شمول أحكام الشريعة

فإن من الأحكام ما يتعلق بالإنسان من حيث هو إنسان، بغض النظر عن كونه متحضرًا أو مبتدياً في بادية، يعيش في غابة أو يعيش في مدينة، متعلمًا كان أو جاهلاً، فبغض النظر عن هذا كله، فإن هنالك أحكاماً تتعلق به من حيث كونه إنسانًا، والإنسان من حيث إنه إنسان له مشاعره وله أخلاقه، وله أسرته التي لا تتبدل ولا تتغير، مهما كان وضعه ومهما كانت حياته، ومهما كان عصره؛ ولهذا نجد في ديننا وفي شريعة نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الأحكام التي تتعلق بهذا الجانب ثابتة راسخة محددة.

فمثلاً: فإن أعظم الواجبات، وأعظم ما دعا إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأنبياء جميعًا هو: توحيد الله تبارك وتعالى؛ فالإنسان أينما كان، في أي عصر وفي أي مصر، في أرقى المدن الصناعية أو في الغابات البدائية أو في الصحراء البدوية أو في أي مكان، هو عبد يجب أن يُوحد الله تبارك وتعالى ويفرده بالعبادة، ولا يخرج عن ذلك قيد أنملة ولا قيد شعرة.

ومن هنا جاءت أمور العقيدة مفصلة مبينة لكل إنسان وفي كل زمان؛ فأنواع الكفر واضحة، والشرك الأصغر، والأكبر، الكبائر والصغائر، وكل ما يتعلق بأمر العقيدة، وكل ما يتعلق بأمور الغيب التي يجب على الإنسان أن يؤمن بها قد جاءت محددة، علمها من علمها، وجهلها من جهلها؛ لأنها تتعلق بك أيها العبد.

فمن حيث أنك إنسان، فأنت بذلك عبد، وكل عبد فإنه لابد أن يعبد الله تبارك وتعالى، وإنه إن خرج عن ذلك؛ فإنه سيعبد غير الله، فالإنسان عبد لا محالة؛ ولكن يجب عليه أن يصرف العبودية لله تبارك وتعالى وحده لا شريك له، وكذلك في التشريعات أيضاً.

نجد أن أحكام الأسرة، أحكام الطلاق، وأحكام العدة، والظهار، والإيلاء، وكل الأحكام -حتى في الإرث- قد فصَّلها الله تبارك وتعالى، فالإنسان أينما كان يحتاج إلى الزواج، ويحتاج إلى الأسرة -في أية بيئة عاش، وفي أي زمان عاش- ومن هنا جاءت هذه الأحكام مفصلة منذ أن يبدأ الإنسان بخطبة المرأة، ثم العشرة بين الزوجين، ثم تربية الزوجة والأبناء على طاعة الله تبارك وتعالى.. إلى أحكام الميراث، والطلاق، والمظاهرة، والإيلاء.

فكل هذه الأحكام جاءت مفصلة، فلا يخرج عنها عبد؛ لأن هذا الإنسان العبد المخلوق بمقتضى إنسانيته.. سوف يصير من هذا النوع، فسوف تحصل له هذه الرغبة، ويتزوج ويكون ذا أسرة؛ فيجب أن تكون أموره منضبطة وسائرة وفق ما شرع الله تبارك وتعالى، فهذه الأمور لا مجال فيها لأن يقال: هي في عصر كذا تختلف عنها في عصر كذا؛ لأنها متعلقة بكل عصر وبكل إنسان وبكل زمان ومكان.

اختلاف الأحكام من حكمة الله تعالى

وأما الأحكام الأخرى فمن حكمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن الأحوال والظروف تختلف فيها؛ فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شرع لها من الأحكام قواعد عامة، تندرج تحتها كل أمور وأحوال الناس، فأمر الله تبارك وتعالى بالعدل، ونهى عن الظلم والبغي والعدوان، وأمر بالتعاون على البر والتقوى، وأمر بالخير وبالبر وبحسن الخلق، ونهى عن أكل المال الحرام وأمثال ذلك.

والإنسان يجد أنه مهما تغيرت أنواع المال أو أنواع الممتلكات؛ فهي إما من حلال، وإما من حرام، فهذه القواعد العامة تحكم وتضبط هذه الأمور، وتندرج تحتها مهما تغيرت الأزمان، ومهما تغيرت الأحوال.

فإن من الأحكام ما يتعلق بالإنسان من حيث هو إنسان، بغض النظر عن كونه متحضرًا أو مبتدياً في بادية، يعيش في غابة أو يعيش في مدينة، متعلمًا كان أو جاهلاً، فبغض النظر عن هذا كله، فإن هنالك أحكاماً تتعلق به من حيث كونه إنسانًا، والإنسان من حيث إنه إنسان له مشاعره وله أخلاقه، وله أسرته التي لا تتبدل ولا تتغير، مهما كان وضعه ومهما كانت حياته، ومهما كان عصره؛ ولهذا نجد في ديننا وفي شريعة نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الأحكام التي تتعلق بهذا الجانب ثابتة راسخة محددة.

فمثلاً: فإن أعظم الواجبات، وأعظم ما دعا إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأنبياء جميعًا هو: توحيد الله تبارك وتعالى؛ فالإنسان أينما كان، في أي عصر وفي أي مصر، في أرقى المدن الصناعية أو في الغابات البدائية أو في الصحراء البدوية أو في أي مكان، هو عبد يجب أن يُوحد الله تبارك وتعالى ويفرده بالعبادة، ولا يخرج عن ذلك قيد أنملة ولا قيد شعرة.

ومن هنا جاءت أمور العقيدة مفصلة مبينة لكل إنسان وفي كل زمان؛ فأنواع الكفر واضحة، والشرك الأصغر، والأكبر، الكبائر والصغائر، وكل ما يتعلق بأمر العقيدة، وكل ما يتعلق بأمور الغيب التي يجب على الإنسان أن يؤمن بها قد جاءت محددة، علمها من علمها، وجهلها من جهلها؛ لأنها تتعلق بك أيها العبد.

فمن حيث أنك إنسان، فأنت بذلك عبد، وكل عبد فإنه لابد أن يعبد الله تبارك وتعالى، وإنه إن خرج عن ذلك؛ فإنه سيعبد غير الله، فالإنسان عبد لا محالة؛ ولكن يجب عليه أن يصرف العبودية لله تبارك وتعالى وحده لا شريك له، وكذلك في التشريعات أيضاً.

نجد أن أحكام الأسرة، أحكام الطلاق، وأحكام العدة، والظهار، والإيلاء، وكل الأحكام -حتى في الإرث- قد فصَّلها الله تبارك وتعالى، فالإنسان أينما كان يحتاج إلى الزواج، ويحتاج إلى الأسرة -في أية بيئة عاش، وفي أي زمان عاش- ومن هنا جاءت هذه الأحكام مفصلة منذ أن يبدأ الإنسان بخطبة المرأة، ثم العشرة بين الزوجين، ثم تربية الزوجة والأبناء على طاعة الله تبارك وتعالى.. إلى أحكام الميراث، والطلاق، والمظاهرة، والإيلاء.

فكل هذه الأحكام جاءت مفصلة، فلا يخرج عنها عبد؛ لأن هذا الإنسان العبد المخلوق بمقتضى إنسانيته.. سوف يصير من هذا النوع، فسوف تحصل له هذه الرغبة، ويتزوج ويكون ذا أسرة؛ فيجب أن تكون أموره منضبطة وسائرة وفق ما شرع الله تبارك وتعالى، فهذه الأمور لا مجال فيها لأن يقال: هي في عصر كذا تختلف عنها في عصر كذا؛ لأنها متعلقة بكل عصر وبكل إنسان وبكل زمان ومكان.

وأما الأحكام الأخرى فمن حكمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن الأحوال والظروف تختلف فيها؛ فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شرع لها من الأحكام قواعد عامة، تندرج تحتها كل أمور وأحوال الناس، فأمر الله تبارك وتعالى بالعدل، ونهى عن الظلم والبغي والعدوان، وأمر بالتعاون على البر والتقوى، وأمر بالخير وبالبر وبحسن الخلق، ونهى عن أكل المال الحرام وأمثال ذلك.

والإنسان يجد أنه مهما تغيرت أنواع المال أو أنواع الممتلكات؛ فهي إما من حلال، وإما من حرام، فهذه القواعد العامة تحكم وتضبط هذه الأمور، وتندرج تحتها مهما تغيرت الأزمان، ومهما تغيرت الأحوال.

أولاً: دعوى رد الرسالة

إن كثيراً من الناس يغره الزمن الذي يعيش فيه، وقد وقع ذلك في الأمم التي من قبلنا، فكانوا يظنون أنهم بلغوا غاية الحضارة وغاية العلم كما بيَّن ذلك سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فقال: فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ [غافر:83] وهكذا كانت حالة الأمم.

فكانت كل أمة تأتيها دعوة الله تبارك وتعالى إلى التوحيد وإخلاص العبودية لله، تقول: نحن لدينا العلم... لدينا ما يكفينا... لدينا حضارة... لدينا وسائل للحياة وللترفيه وللسعادة؛ فلا حاجة لنا بما تدعونا إليه... ومما يطبع على قلوب العباد، ومما يسبب لهم الإعراض عن ذكر الله تبارك وتعالى، ويصدهم عن دعوة الأنبياء وعن دعوة الدعاة، وعن دعوة المصلحين في كل زمان ومكان.

فالتعلق بهذه الحياة الدنيا إيثار الحياة الدنيا على الآخرة، وعلى ما عند الله تبارك وتعالى، فيظن الإنسان أنه في هذا العصر قد بلغ الحضارة التي لا غاية بعدها، وهو بذلك ليس بحاجة إلى الدين؛ فكأن الدين جاء لعصر متأخر، أما نحن في عصر الحضارة هذه، فلا حاجة بنا إلى العبودية، والكبر الموجود في النفوس يرتفع بها عن أن تخضع لعبودية الله تبارك وتعالى.

وهذا جواب قديم أجاب به قوم فرعون، وأجابت به عاد وثمود وقوم نوح، وكل من سبقنا من الأمم التي ذكر الله تبارك وتعالى؛ أنهم أثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمرها من بعث فيهم محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الذين ما بلغوا معشار ما آتى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تلك الأمم.

وما تزال آثارهم باقية شاهدة، كالآبار المعطلة، والقصور المشيدة، والسدود المنيعة، والحصون، والأهرامات، ومدائن صالح، وهي الأماكن التي تقصد للسياحة.

سبحان الله العظيم! النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرنا -وهو مفهوم كتاب الله عز وجل ومنطوقه- إذا مررنا بهذه الديار أن نمر بها مستعبرين، أي: باكين مسرعين، وألاَّ نقيم فيها؛ فهي ليست للتفرج ولا للتنـزهه، لا الأهرام ولا مدائن صالح ولا سد مأرب ولا كذا ولا كذا، إنما هي للعبرة والاتعاظ.

ولكن أين المعتبرون؟!

وأين المتعظون؟!

فالله تعالى جعلها علامات شاخصة ناطقة، تشهد بما فعلت الأمم التي قبلنا، حيث قال سبحانه: الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ [الفجر:11-13] ثم قال بعد ذلك: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:14]، أي: فمن عمل مثل عملهم جوزي بمثل جزائهم وعوقب بمثل عقوبتهم، قال سبحانه: فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا [العنكبوت:40]، أي: هكذا الأمم، فكل أمة أخذت بذنبها، وإن اختلفت وتنوعت العقوبات.

فبقيت هذه الآثار شاهدة على أن الحضارات مهما تطورت، ومهما تقدمت، وتفننت بأساليب العيش، أو بالقصور المشيدة، أو بالمزارع الفخمة، أو بوسائل الترفيه، أو بوسائل التسلية؛ فإنها لابد أن يكون مصيرها إلى الدمار والخراب إذا عصت الله عز وجل وفسقت عن أمره تبارك وتعالى.

فالمسارح الرومانية ما تزال إلى اليوم وهي مسارح كان يجتمع فيها الرجال والنساء ويرقصون ويمرحون، وكانت فيها حلبات للمصارعات الحرة بين الرجال والوحوش... وكل هذا كان في القديم، فالدورات الأولمبية التي نسمع عنها اليوم، كانت موجودة عند اليونان بجميع أنواع الألعاب المختلفة، وكانت معروفة لديهم.

إن كل أمة أخذت في هذا الجانب كانت تظن أنها في غاية الحضارة وقمتها، وأن أي داعية يدعوها إلى الله وإلى الدار الآخرة؛ فإنه لا استجابة له ولا إذعان ولا قبول؛ لأنه يدعونا لأن نترك هذه الوسائل وهذه الحضارة وننسلخ منها، ونطلب المتاع الذي لا يريدون أن يطلبوه، ويؤثرونه على ما عندهم من المتاع، ثم خلف الله تبارك وتعالى من بعدهم بالخلوف، وجئنا نحن في هذا العصر، واستجدت في هذا العصر أحداث وأحداث، حتى ظن الناس -بما أنهم اليوم قد ركبوا الطائرة أو السيارة، أو أن بعضًا منهم قد غزا الفضاء وما أشبه ذلك- أن أمر الدين وأمر الله تبارك وتعالى كله أو بعضه لا ينبغي أن يقال أو أن يقدم في هذا العصر... عصر الحرية... عصر الانطلاق... عصر كذا.. وكذا.

ثانياً: الجواب على الدعوى

إن الجواب على ذلك -كما سبق أن أوضحنا هذه الشبهة الشيطانية- أن الإنسان هو الإنسان، سواءً كان على الأرض، أو كان في الفضاء، أو كان في أي مكان؛ فهو عبدٌ لله تبارك وتعالى، ويجب أن يعبد الله وأن يوحد الله تبارك وتعالى.

أما أن الإنسان يطلب زيادة في الترفيه والتنعم؛ فهذا من فضل الله عز وجل، ولا ضير في ذلك؛ بل إن من أعظم ما ميَّز الله تبارك وتعالى به الإنسان عن الحيوان أن الإنسان يعمر الأرض؛ لكن يجب أن يعمرها بما أمر الله تبارك وتعالى؛ وهذا قولهم بأنفسهم، يقولون: إنهم نظروا، فوجدوا أن أذكى الحيوانات وهي القردة أو الثعالب التي في القرن العشرين، تسكن في البيت الذي كان يسكن فيه القرد أو الثعلب منذ أمد الآماد، والبيت هو نفس البيت -من حيث الشكل- بدون أن يحدث أي تجديد؛ لكن الإنسان يسكن في العشب... في الخيمة وأحيانًا في كهف... ثم يبني ثم يتطور البناء ثم يتجدد، وكل ذلك لا ضير فيه في ذاته.