كتاب الأقضية


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقد قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [بسم الله الرحمن الرحيم.

أول كتاب الأقضية.

باب: طلب القضاء.

حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا فضيل بن سليمان قال: حدثنا عمرو بن أبي عمرو عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين ).

حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا بشر بن عمر عن عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد الأخنسي عن المقبري والأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من جعل قاضياً بين الناس فقد ذبح بغير سكين ) ].

لأن الذبح بالسكين يريح الذبيحة, أما ذبحها خنقاً أو وقذاً ونحو ذلك فهذا أشد أذى عليه, وشبه القاضي بذلك لأن أمره شديد.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في القاضي يخطئ

حدثنا محمد بن حسان السمتي قال: حدثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( القضاة ثلاثة: واحد في الجنة, واثنان في النار, فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به, ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار, ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار ).

حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة قال: حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن محمد- قال: أخبرني يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن بسر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران, وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر ), فحدثت به أبا بكر بن حزم فقال: هذا حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة .

حدثنا عباس العنبري قال: حدثنا عمر بن يونس قال: حدثنا ملازم بن عمرو قال: حدثني موسى بن نجدة عن جده يزيد بن عبد الرحمن وهو: أبو كثير قال: حدثني أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة, ومن غلب جوره عدله فله النار ).

حدثنا إبراهيم بن حمزة بن أبي يحيى الرملي قال: حدثنا زيد بن أبي الزرقاء قال: حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال: ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44], إلى قوله: الْفَاسِقُونَ [المائدة:47], هؤلاء الآيات الثلاث نزلت في اليهود خاصة في قريظة والنضير ) ].

القضاء والعمل فيه يذم من وجه ويمدح من وجه, أما من جهة ذمه كما جاء في النصوص من جهة ما يقع من ميل وهوى أو حظ أو رشوة أو محاباة أو حكم بجهالة أو غير ذلك, وأما بالنسبة لمدحه فإن فيه إقامة للتوحيد, فإن القاضي الذي يعمل بإقامة حكم الله عز وجل وعدله في الناس ويحكم شرع الله سبحانه وتعالى سواء كان حاكماً قاضياً فهذا يحقق توحيد الله سبحانه وتعالى في العباد, ولهذا نقول: كما أن الذي يبدل دين الله عز وجل فهو كافر, فإن الذي يقيمه في الناس فهو يحقق الإسلام وأصله.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في طلب القضاء والتسرع إليه

حدثنا محمد بن العلاء ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن رجاء الأنصاري عن عبد الرحمن بن بشر الأزرق قال: ( دخل رجلان من أبواب كندة وأبو مسعود الأنصاري جالس في حلقة، فقالا: ألا رجل ينفذ بيننا؟ فقال رجل من الحلقة: أنا, فأخذ أبو مسعود كفاً من حصى فرماه به, فقال: مه, كان يكره التسرع إلى الحكم ).

حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا إسرائيل قال: حدثنا عبد الأعلى عن بلال عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من طلب القضاء واستعان عليه وكل إليه, ومن لم يطلبه ولم يستعن عليه أنزل الله ملكاً يسدده ).

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا قرة بن خالد قال: حدثنا حميد بن هلال قال: حدثني أبو بردة قال: قال أبو موسى: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لن نستعمل أو لا نستعمل على عملنا من أراده ) ].

وهذا في سائر أمور الولايات, بخلاف العمل الخاص, أمور الولايات لا تعطى من سألها, باعتبار أن من سألها يتشوف إليها وإلى حظها وثمرها ومردودها عليه من جهة الجاه والمال, وأما من لم يطلبها فإن نفسه أقل من ذلك تشوفاً.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: كراهية الرشوة

حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو قال: ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: قضاء القاضي إذا أخطأ

حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن عروة عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي, ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه, فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذ منه شيئاً، فإني أقطع له قطعة من نار ) ].

وهذا دليل على أن قضاء القاضي وحكم الحاكم لا يغير الحقائق الذاتية التي في ذاته إذا علمها الإنسان, وهذا على قول جمهور العلماء, فهو قول مالك والشافعي والإمام أحمد خلافاً لـأبي حنيفة، فإن حكم القاضي يعتبر فاصلاً، ولو علم الإنسان خلافه, وهذا قول ضعيف مردود.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة قال: حدثنا ابن المبارك عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت: ( أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان يختصمان في مواريث لهما لم يكن لهما بينة إلا دعواهما, فقال النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله, فبكى الرجلان, وقال: كل واحد منهما حقي لك, فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: أما إذ فعلتما ما فعلتما فاقتسما وتوخيا الحق ثم استهما ثم تحالا ).

حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: أخبرنا عيسى قال: حدثنا أسامة عن عبد الله بن رافع قال: سمعت أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث، قال: ( يختصمان في مواريث وأشياء قد درست, فقال: إني إنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل علي فيه ).

حدثنا سليمان بن داود المهري قال: أخبرنا ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب قال وهو على المنبر: ( يا أيها الناس! إن الرأي إنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيباً لأن الله كان يريه, وإنما هو منا الظن والتكلف ).

حدثنا أحمد بن عبدة قال: أخبرنا معاذ بن معاذ قال: أخبرني أبو عثمان الشامي ولا إخالني رأيت شامياً أفضل منه, يعني: حريز بن عثمان ].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: كيف يجلس الخصمان بين يدي القاضي

حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: حدثنا مصعب بن ثابت عن عبد الله بن الزبير قال: ( قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخصمين يقعدان بين يدي الحكم )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: القاضي يقضي وهو غضبان

حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن عبد الملك بن عمير قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه أنه كتب إلى ابنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقضي الحاكم بين اثنين وهو غضبان )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الحكم بين أهل الذمة

حدثنا أحمد بن محمد المروزي قال: حدثني علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ [المائدة:42], فنسخت, قال: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ [المائدة:48] ).

حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( لما نزلت هذه الآية: فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ [المائدة:42], الآية, قال: كانت بنو النضير إذا قتلوا من بني قريظة أدوا نصف الدية, وإذا قتل بنو قريظة من بني النضير أدوا إليهم الدية كاملة, فسوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم )].




استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة اسٌتمع
كتاب الطهارة [5] 2708 استماع
كتاب الطهارة [8] 2686 استماع
كتاب الترجل - كتاب الخاتم 2315 استماع
كتاب الصلاة [21] 2311 استماع
كتاب الأيمان والنذور [2] 2300 استماع
كتاب الطهارة [9] 2294 استماع
كتاب الطهارة [2] 2221 استماع
كتاب الطهارة [4] 2164 استماع
كتاب الصلاة [20] 2127 استماع
كتاب الصلاة [6] 2117 استماع