كتاب الوصايا


الحلقة مفرغة

قال المصنف رحمه الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فبأسانيدكم إليه رحمه الله تعالى: [كتاب الوصايا، باب: ما يؤمر به من الوصية

حدثنا مسدد بن مسرهد قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: حدثني نافع عن عبد الله يعني: ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده ).

حدثنا مسدد و محمد بن العلاء قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت: ( ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناراً ولا درهماً ولا بعيراً ولا شاة ولا أوصى بشيء ) ].

وهذا دليل على أهمية الوصية, ولهذا ذهب بعض العلماء إلى وجوبها, والصواب: أن الوصية لا تجب إلا لمن كان عليه حق, كأن يكون عليه حق للناس فيجب عليه أن يوصي, أو كان عنده مال كثير لو تركه لأهدر وضاع, فإنه يوصي به حفظاً لحق الله عز وجل للناس عليه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في كراهية الإضرار في الوصية

حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة قال: ( قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله, أي الصدقة أفضل؟ قال: أن تصدق وأنت صحيح حريص تأمل البقاء وتخشى الفقر، ولا تمهل هو حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان ).

حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن أبي فديك قال: أخبرني ابن أبي ذئب عن شرحبيل عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لأن يتصدق المرء في حياته بدرهم خير له من أن يتصدق بمائة درهم عند موته ) ].

شرحبيل لا يحتج به. ولا شك أن الصدقة في زمن القوة أفضل من الصدقة في زمن العجز؛ لأن الإنسان إذا كان في زمن القوة وغاية المتعة والاستمتاع والأمان بالمال فإن أمله في ذلك كثير أن يستمتع بأوفر ماله, وإذا كان آيساً من بقية الحياة لمرض أو عجز أو كبر وهرم فإن تشوفه إلى المال يضعف, ولهذا إخراج المال منه أيسر من غيره, ولهذا ليغتنم الإنسان زمن العافية في الصدقة والعبادة, وهذا ظاهر كلام النبي صلى الله عليه وسلم: ( بادروا بالأعمال ستاً ), وفي رواية: ( سبعاً ).

قال المصنف رحمه الله تعالى: أحسن الله إليكم! [ حدثنا عبدة بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الصمد قال: حدثنا نصر بن علي الحداني قال: حدثنا الأشعث بن جابر قال: حدثني شهر بن حوشب أن أبا هريرة حدثه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة، ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار, قال: وقرأ علي أبو هريرة من ها هنا: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ [النساء:12], حتى بلغ: وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [النساء:13] ) ].

شهر بن حوشب ضعيف الحديث.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في الدخول في الوصايا

حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر عن سالم بن أبي سالم الجيشاني عن أبيه عن أبي ذر قال: ( قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، فلا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم )].

في قوله: ( فلا تأمرن على اثنين ), فيه استحباب مشروعية أن يأمر الجماعة واحداً منهم ولو كانوا ثلاثة؛ ولكن الذي يكره في ذلك أن يتنافس الإنسان على الإمارة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في نسخ الوصية للوالدين والأقربين

حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي قال: حدثني علي بن حسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة

عن ابن عباس إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ [البقرة:180], فكانت الوصية كذلك حتى نسختها آية الميراث].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الوصية للوارث

حدثنا عبد الوهاب بن نجدة قال: حدثنا ابن عياش عن شرحبيل بن مسلم قال: سمعت أبا أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب مخالطة اليتيم في الطعام

حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ( لما أنزل الله عز وجل : وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الأنعام:152], و إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا [النساء:10], الآية, انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه, فجعل يفضل من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد, فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل: فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ [البقرة:220], فخلطوا طعامهم بطعامه، وشرابهم بشرابه )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما لولي اليتيم أن ينال من مال اليتيم

حدثنا حميد بن مسعدة أن خالد بن الحارث حدثهم قال: حدثنا حسين يعني: المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ( أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني فقير ليس لي شيء ولي يتيم, قال: فقال: كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مباذر ولا متأثل )].