خطب ومحاضرات
فقه الأولويات
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن سنة الله الكونية قضت بأن الأشياء على مراتب وعلى مقادير، وجعل سبحانه وتعالى للأشياء أسباباً تتكون منها.
وينبغي أن تفهم سنة الله جل وعلا الكونية، ويدرك أن ثمة توافقاً بين ما يدركه الإنسان ويراه، وبين علل التشريع، وعلى الإنسان أن ينساق إلى أوامر الله سبحانه وتعالى, ويدرك الغايات والحكم الإلهية، وإنما يختلف نظر الإنسان إلى أحكام الله جل وعلا بين متأمل مدرك وعالم وجاهل ومقصر في هذا الباب، فيتباين الناس في إدراك حكم الله جل وعلا من أوامره ونواهيه بناء على ذلك.
لهذا كان الكون على تراتيب, وعلى تراكيب, ودرجات، ولكل درجة ومرتبة قيمة في الشريعة، وهذه حكمة ماضية جعلها الله سبحانه وتعالى لسننه الكونية، وجعلها أيضاً لسننه الشرعية، وهذا مقتضى حكمة الله جل وعلا وكمال قدرته، فالله سبحانه وتعالى قد وصف نفسه بالحكمة، وسمى نفسه بالحكيم، وجعل الله جل وعلا لجميع أوامره حكماً بالغة لا يدرك جميعها إلا هو، ويدرك الخلق بعضاً منها ويتباينون في إدراك ذلك.
ولهذا جعل الله جل وعلا العلماء أعظم الناس خشية له، قال الله سبحانه وتعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28].
إن من أعظم المهمات في فهم دين الله سبحانه وتعالى: أن يعرف الإنسان مراتبه ومقاديره، وكذلك في حال اجتماع المصالح أن يعرف مراتب ودرجات تلك المصالح، وإذا اجتمعت المفاسد أيضاً أن يعرف مراتب ودركات تلك المفاسد، وإلا ضل الإنسان.
وسنتكلم هنا في بيان المراتب والمقادير، وكذلك في الدرجات والدركات في أبواب الخير، وأبواب الشر في دين الإسلام التي بينها الله جل وعلا في كتابه العظيم، وبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة من أقواله وأفعاله.
إن فقه الموازنات، وفقه الأولويات، من الأمور المهمة التي ينبغي لطالب العلم أن يدركها، وخاصة في الأزمنة المتأخرة, عند اختلاط كثير من أحكام الشريعة، وكذلك عند دخول المبالغات في بعض الأبواب وحقها عدم المبالغة، ودخول التصغير والتحقير لمسائل حقها التعظيم؛ وذلك أن مرد هذا إلى حكم الله جل وعلا وتقديره، وإنما وقع الخلط في كثير من أحكام الله سبحانه وتعالى وموازينه؛ لأن كثيراً من الناس يظنون أن الإسلام إنما جاء جملة فيؤخذ جملة.
وكذلك فإن كثيراً من الناس يخلطون بين ما يحتاجونه من أوامر الله وأحكامه, وبين أحكام الله سبحانه وتعالى التي لا يطيقها الإنسان, كذلك أيضاً بين مراتب الأمور التي أصلها معظم، ولكنها في ذاتها تعد من فرعيات الدين ومسائله، وإن كانت تدخل في الأصل العام: بعض فرعيات, وجزئيات, وصور دقائق مسائل الإيمان وغير ذلك.
وغيرها يدخل في أبواب الفروع، ولكنه أصل وباب فيها، وما يكون في الفروع مما هو ظاهر وأعظم إذا كان من الأصول العظيمة, والدعائم الجليلة, أعظم من بعض الفرعيات وصور مسائل الإيمان، وهذا أمر معلوم.
لهذا فالذين يأخذون بظواهر الأدلة من كلام الله جل وعلا, وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم, ببيان منزلة وقدر الأحكام الشرعية الواردة بالنص، ويكتفون بذلك، هذا فيه نوع قصور، وكذلك تجاهل لمراد الله جل وعلا، فإن الله سبحانه وتعالى الذي فرض أركان الإسلام هو الذي فرض أركان الإيمان، والذي جعل السنن والمستحبات، وكذلك جعل المباحات جعلها في باب، وجعل الفرائض في أبواب متنوعة، منها ما كان على فروض الأعيان، ومنها ما كان على فروض الكفاية.
وفروض الأعيان تتباين, منها: ما هو فرض إذا تركه الإنسان كفر, وخرج عن الملة، ومنها ما ليس بفرض ولكن مقامه في الشريعة أعظم؛ باعتبار أنه شعيرة من شعائر الدين.
والله جل وعلا قد جعل كونه، وجعل أحكامه على تراتيب, وأسباب يلزم من بعضها بعضها الآخر، والإنسان إذا لم يعرف أسباب الأشياء وعرف الغايات أو حصل العكس وقع في خلل وقصور.
فالله سبحانه وتعالى قد جعل كل شيء له مرتبة سابقة له؛ فقد أوجد الله الإنسان من عدم، وقبل إيجاده من عدم جعل الله سبحانه وتعالى مقادير الخلائق قبل أن يخلقه؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى مبيناً المراتب التي خلق فيها الإنسان: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ [الأعراف:11].
فبين الله سبحانه وتعالى أنه كان الخلق، ثم كان التصوير، ثم أمر الله جل وعلا الملائكة بالسجود لآدم، ثم كان بعد ذلك الامتحان.
إن معرفة تسلسل الحوادث، وتدرج الأحكام من الأمور المهمة, التي يعرف فيها الإنسان مراتب الدين.
تقديم فقه الموازنات على فقه الأولويات
ما نتكلم عليه اليوم هو في مسألة فقه الأولويات، وكذلك ما يسمى بفقه الموازنات، لا يمكن أن يتحقق للإنسان معرفة الأولويات إلا بمعرفة باب الموازنات؛ فإن الإنسان لا يمكن أن يعرف أقدار الأشياء إلا بوزنها؛ ولهذا يقال: إن فقه الموازنات سابق لفقه الأولويات.
وفقه الموازنات: هو أن يعرف الإنسان مقادير الأشياء، ولا يمكن للإنسان أن يعرف فقه الموازنات إلا بأمرين يسبقان ذلك وهما:
الأمر الأول: معرفة المقاصد الشرعية ومآلات الأمور:
الأمر الثاني: معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بذوات الأقوال والأفعال والاعتقادات.
إذا عرف الإنسان هذين الأمرين فإنه سيوفق إلى الصواب.
مجيء الشريعة لحفظ ضروريات الحياة
لقد شرع الله جل وعلا لهذه الأمة جملة من الشرائع والأحكام، منها ما وافقت فيه الأمم السابقة، ومنها ما اختلفت فيه عن غيرها، وهذا يجمله العلماء بما يسمى بالضروريات الخمس.
وهي: ضرورية حفظ الدين، وكان هذا هو الأصل، الذي لأجله الله جل وعلا شرع الجهاد، وشرع القتال، وشرع إقامة الحدود؛ حفاظاً على الدين، وصوناً له من الدخيل فيه، ولما كان ذلك هذا الحفظ -يعني: لضرورية الدين- يلزم منه استباحة الدماء، وكذلك قطع الأطراف، والنفي، وكذلك أيضاً مصادرة ما يسمى بالحريات وغير ذلك؛ حفظاً للدين الذي لا تقوم الدنيا والآخرة إلا به؛ ولهذا جاءت التشريعات بحفظ هذا الدين, وبيان منزلته.
والإنسان لا يمكن أن يعرف الموازين إلا وقد عرف قيم الأشياء قبل أن يزنها، أعظم ما يعرف به الإنسان الموازين هو أن يرجع الموزونات إلى حكم الله سبحانه وتعالى, باعتبار أننا نتكلم عن أحكام الشريعة.
والشريعة جاءت بجملة من الشرائع, وأحكام الله سبحانه وتعالى متنوعة في هذا الباب, وهي ما يسمى بأبواب المصالح المتنوعة، هذه المصالح مصالح دينية، ومصالح دنيوية، وقد جاءت الشريعة ببيان جملة من أحكامها على سبيل النص، وجاءت الشريعة ببيان جملة من أحكامها على سبيل اللزوم، ومنها ما دل الدليل على بيان فضلها ومنزلتها بنزول النص العام الذي يدخل في ثناياه جملة من الصور والأحوال.
ما نتكلم عليه اليوم هو في مسألة فقه الأولويات، وكذلك ما يسمى بفقه الموازنات، لا يمكن أن يتحقق للإنسان معرفة الأولويات إلا بمعرفة باب الموازنات؛ فإن الإنسان لا يمكن أن يعرف أقدار الأشياء إلا بوزنها؛ ولهذا يقال: إن فقه الموازنات سابق لفقه الأولويات.
وفقه الموازنات: هو أن يعرف الإنسان مقادير الأشياء، ولا يمكن للإنسان أن يعرف فقه الموازنات إلا بأمرين يسبقان ذلك وهما:
الأمر الأول: معرفة المقاصد الشرعية ومآلات الأمور:
الأمر الثاني: معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بذوات الأقوال والأفعال والاعتقادات.
إذا عرف الإنسان هذين الأمرين فإنه سيوفق إلى الصواب.
لقد شرع الله جل وعلا لهذه الأمة جملة من الشرائع والأحكام، منها ما وافقت فيه الأمم السابقة، ومنها ما اختلفت فيه عن غيرها، وهذا يجمله العلماء بما يسمى بالضروريات الخمس.
وهي: ضرورية حفظ الدين، وكان هذا هو الأصل، الذي لأجله الله جل وعلا شرع الجهاد، وشرع القتال، وشرع إقامة الحدود؛ حفاظاً على الدين، وصوناً له من الدخيل فيه، ولما كان ذلك هذا الحفظ -يعني: لضرورية الدين- يلزم منه استباحة الدماء، وكذلك قطع الأطراف، والنفي، وكذلك أيضاً مصادرة ما يسمى بالحريات وغير ذلك؛ حفظاً للدين الذي لا تقوم الدنيا والآخرة إلا به؛ ولهذا جاءت التشريعات بحفظ هذا الدين, وبيان منزلته.
والإنسان لا يمكن أن يعرف الموازين إلا وقد عرف قيم الأشياء قبل أن يزنها، أعظم ما يعرف به الإنسان الموازين هو أن يرجع الموزونات إلى حكم الله سبحانه وتعالى, باعتبار أننا نتكلم عن أحكام الشريعة.
والشريعة جاءت بجملة من الشرائع, وأحكام الله سبحانه وتعالى متنوعة في هذا الباب, وهي ما يسمى بأبواب المصالح المتنوعة، هذه المصالح مصالح دينية، ومصالح دنيوية، وقد جاءت الشريعة ببيان جملة من أحكامها على سبيل النص، وجاءت الشريعة ببيان جملة من أحكامها على سبيل اللزوم، ومنها ما دل الدليل على بيان فضلها ومنزلتها بنزول النص العام الذي يدخل في ثناياه جملة من الصور والأحوال.
ولا يمكن للإنسان أن تتحقق له معرفة الأشياء إلا بإرجاع الأحكام الشرعية إلى الذي أنزلها وشرعها، والله سبحانه وتعالى قد بين تلك المقادير.
إن الميزان الحق في معرفة قيم الأشياء، ومعرفة مراتبها، وما يقدم منها وما يؤخر، ودرجات هذه الأشياء عند الاضطراب والتضاد, لا يكون إلا بالرجوع إلى النص.
وكثير من الأحكام الشرعية التي أنزلها الله جل وعلا, وأمر الناس بالتعبد له بها تتباين من جهة قيمها، وإن كانت ترد بصيغة واحدة، الله جل وعلا يأمر عباده في جميع العبادات بقوله جل وعلا: افعلوا، فقد أمر الله جل وعلا بالصلاة، وأمر بالزكاة, والصيام, والحج، وببر الوالدين، وصلة الأرحام، وإطعام الطعام، وإفشاء السلام, وغير ذلك, كلها كانت بصيغة افعل، وما عدا ذلك قد يقع فيه الخلط.
إذا أخذ الإنسان شطراً من أوجه ومعاني الشريعة وقع لديه الخلط والاضطراب في هذا الأمر، فأخذ الشريعة حينئذ على ميزان واحد, هو أنها عبادات يأخذ الإنسان منها ما يشاء.
وهذا أوجد الخلط عند كثير من الناس بحيث أنه يأخذ شيئاً من دين الله, وتكون لديه قناعة بأنه أخذ شيئاً من الدين, فأشبعت غريزته حينئذ بأنه قد أرضى الله جل وعلا بصلة الأرحام، وأرضى الله جل وعلا بإفشاء السلام، وإطعام الطعام، وكذلك بشيء من الصلاة, بينما هو ينقض ما هو أعظم من ذلك وهو التوحيد.
معرفة حقائق الأشياء وأضدادها
لهذا لا يمكن للإنسان أن يعرف حقائق الأشياء إلا بمعرفته بسببي المعرفة التامة، وهي معرفة الشيء بحقيقته، ومعرفته ببيان ضده؛ والنبي صلى الله عليه وسلم قد عرف الأشياء لأمته على الوجهين، ببيان حقيقة الشيء وبيان ضده.
فإذا أردنا أن نأخذ المأمورات التي بينها الله سبحانه وتعالى لعباده في كتابه العظيم, لا يمكن أن نعرف ذلك إلا بمعرفة ضدها:
وبضدها تتبين الأشياء
وإذا أردنا أن نعرف توحيد الله سبحانه وتعالى، وكذلك الصلاة، والزكاة وقيمها, وإخراجها إلى ميزانها الحق إذا أردنا أن نوازن، نحن نريد أن نوازن بين الصلاة والزكاة، وكذلك بين الحج وصيام رمضان، أيها أعظم؟
وكثير من الناس يخلط في هذا الأمر, لماذا؟ لأنه قد أشغل ذهنه بالنصوص الواردة في إيجاب ذلك، ولم يشغل ذهنه في بيان عقوبة تارك ذلك وحكمه في الشرع، وما أنزل الله جل وعلا من عقوبة لمن فعل خلاف أمره جل وعلا، وإذا جهل الإنسان الشطر الآخر، أو ما يسمى بحال الإنسان في حال مخالفة النص, وقع لديه الخلط في هذا الأمر.
نجد النصوص الشرعية في بيان التشريعات كلها منها ما كان على سبيل الوجوب والفرض، وما كان أيضاً على سبيل الندب والاستحباب, نجد أنها قد شرعت بصيغة واحدة وهي افعل، وأما العقوبة فنجد أنها تتباين، وهذه العقوبة هي التي يقع فيها الخلط؛ ولهذا وجب على العالم، وكذلك وجب على طالب العلم, أن يتبصر بالشطر الآخر وهو معرفة النقيض، وذلك أن الإنسان إذا فقد ذلك الحكم ما حكمه في الشرع؟
الإنسان إذا فقد التوحيد ما ميزانه؟ بعض الناس يقع في شيء من صور الشرك، ولكنه يسلي نفسه، أو يرضى عن الآخرين؛ لأنه مثلاً بار بوالديه، أو يتصدق، أو يكفل الأيتام، أو ينفق, أو غير ذلك من مسائل الإحسان، أو يعمر المساجد وهو قد وقع في الشرك، وهذا من الخلط في أبواب الموازنة.
معرفة قيم الأشياء وأوزانها
ونحن حينما نتكلم على الموازنة في أبواب الشريعة، لابد للإنسان إذا أراد أن يعرف قيمة الشيء ووزنه, أن يرجعه إلى أهل النظر فيه، وأهل النظر هنا هو المشرع سبحانه وتعالى, الذي شرع الشرائع وأمر بالأحكام، وجعل الحكم له جل وعلا لا لغيره؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [يوسف:40]، فجعل الحكم له وجعله عبادة.
وجعل المخالف له في تبيين مقدار تلك الأشياء, مخالفاً له جل وعلا في أبواب التشريع، ومناقضاً لحكم الله سبحانه وتعالى.
وكثير من الناس -والعامة أعظم- تكون أمامهم عقبة في فهم مراد الله سبحانه وتعالى في الأحكام الشرعية، وكذلك ترتيبها في أبواب الموازنات, خاصة عند الفتن والمحن واشتداد الأمور, يقع لديهم الخلط في هذا الأمر، وهذا مقترن بمعرفة الشق الآخر في أبواب الموازنات, وهو معرفة المقاصد والمآلات التي لابد للإنسان أن يتبصر بها.
ومعرفة الإنسان لحقيقة الشيء أيضاً لا تجعله يحكم على الشيء بالاطراد، وإنما لابد من معرفة المآل، فإذا عرفنا أن الله جل وعلا قد قدم أمر الدين على غيره, فالدين حينئذ على مراتب: منه ما هو واجب، ومنه ما هو فرض، ومنه ما هو مستحب، فالله سبحانه وتعالى قد جعل ضرورية حفظ الدين مقدمة على حفظ النفس، فهل يقال: إن الإنسان يقيم نافلة, ولو كان ذلك بإراقة الدماء تحت هذه القاعدة، نقول: هذا من الجهل.
إذاً لا بد للإنسان أن يجمع بين الأمرين، ومعرفة ما تؤول إليه الأحوال، وكذلك الأقوال، فإذا عرف ما تؤول إليه ونظر بنور الله جل وعلا واهتدى بهديه, أرجع تلك الأحوال والمآلات إلى نصابها, ثم حكم بينها وبين ما كان حالاً من مراد الله جل وعلا وحكمه.
والواجب في حق الإنسان ابتداءً في معرفته للأوليات: أن يفقه أبواب الموازنات، وأن يعرف قيم الأشياء، وقيم الأشياء كما تقدمت الإشارة إليها أن يرجع الأمور إلى النص، الله سبحانه وتعالى قد جعل الدين مقدماً على غيره.
وجعل بعد الدين العرض؛ ولهذا الله سبحانه وتعالى صان الأعراض بإزهاق الأنفس، فمن وقع في الزنا -وهو محصن- يرجم، فأزهقت النفس لأجل حفظ العرض والنسل، ثم جعل الله جل وعلا بعد ذلك حفظ النفس، ثم يلي ذلك حفظ المال والعقل على خلاف في هذا، فمن العلماء من يقول: العقل، ومنهم من يقول: المال، ومنهم من يقول: إن العقل مقدم على ذلك باعتبار أن التشريع لا يمكن أن يفهم إلا بحفظ العقل، ومن الناس من يقول: إن بين حفظ النفس والعقل امتزاجاً، ومنهم من يقول: إن حفظ العقل ملازم لأصل التكليف وهو موجود في خلقة الإنسان، ولا يمكن أن يزال، فحفظه وصونه هو دفع لشيء عارض، وهذا الأمر لا نخوض فيه باعتبار أنه يخرجنا عن مرادنا.
أمثلة على معرفة الشيء بمعرفة ضده
والله سبحانه وتعالى قد جعل إدراك حقائق الأشياء بمعرفتها ومعرفة ضدها؛ ولهذا الله سبحانه وتعالى لا يبين حكماً من أحكامه إلا وقد بين ضده؛ فقد أمر الله جل وعلا بالتوحيد وبين ضده وهو الإشراك، وأمر الله جل وعلا بإقامة الصلاة وبين ضدها وهو الترك، ومن تركها وحكمه في الشريعة, وما جاء في ذلك من نصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, كما جاء في الصحيح من حديث جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بين الرجل وبين الشرك ترك الصلاة )، وكذلك ما جاء في حديث بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )؛ لهذا يجد الإنسان إذا أراد أن يوازن على سبيل المثال بين الصلاة والزكاة، يجد أن نصوص التكفير فيمن ترك فعل الصلاة والزكاة إنما جاءت في تكفير تارك الصلاة أكثر من غيره؛ لهذا يقال: إن الصلاة تقدم على غيرها، ونصوص الوعيد التي جاءت في ترك الزكاة أعظم من نصوص الوعيد التي جاءت في ترك الصيام، وهكذا يجري ذلك على سائر الفروض, سواء كانت من فروض الأعيان فيما بينها، أو من فروض الكفايات فيما بينها.
وكذلك ما كان من المستحبات منها ما هو متأكد، ومنها ما كان على غير التأكيد، ومنها ما بين الله جل وعلا أمره ولم يبين الله سبحانه وتعالى عقاب التارك.
ومعرفة الموازنة في هذا الأمر تكون بمعرفة الثواب المقدر فيه، فالله جل وعلا قد بين كثيراً من الأحكام الشرعية, وحث عليها, وبين فضل الفاعل, ككثير من العبادات كالسنن الرواتب وغيرها، ومن ذلك ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيحين وغيرهما في قوله: ( من صلى لله جل وعلا في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتاً في الجنة ), هذا بيان للثواب. ودليل الخطاب فيه: أن الإنسان إذا ترك ذلك فإنه لا يستحق هذا، فيكون حينئذ ضده أن من ترك هذا الفعل لم يبن له بيت في الجنة كل يوم، على خلاف عند العلماء, في لزوم ذلك في كل يوم أم هو على الدوام والمحافظة، وفضل الله جل وعلا أوسع، وعلى هذا يقال: إن ذلك في كل يوم.
ولهذا نقول: إن أبواب الموازنات تحتاج من الإنسان أن يعرف حقائق الأشياء، وأن يعرف ضدها، وألا ينظر إلى النص، وكذلك النصوص المترادفة المجردة، فيشغل نفسه بالأوامر، ولا يشغل نفسه ببيان عقوبة التارك؛ لهذا يقع الخلط في هذا الأمر.
لهذا لا يمكن للإنسان أن يعرف حقائق الأشياء إلا بمعرفته بسببي المعرفة التامة، وهي معرفة الشيء بحقيقته، ومعرفته ببيان ضده؛ والنبي صلى الله عليه وسلم قد عرف الأشياء لأمته على الوجهين، ببيان حقيقة الشيء وبيان ضده.
فإذا أردنا أن نأخذ المأمورات التي بينها الله سبحانه وتعالى لعباده في كتابه العظيم, لا يمكن أن نعرف ذلك إلا بمعرفة ضدها:
وبضدها تتبين الأشياء
وإذا أردنا أن نعرف توحيد الله سبحانه وتعالى، وكذلك الصلاة، والزكاة وقيمها, وإخراجها إلى ميزانها الحق إذا أردنا أن نوازن، نحن نريد أن نوازن بين الصلاة والزكاة، وكذلك بين الحج وصيام رمضان، أيها أعظم؟
وكثير من الناس يخلط في هذا الأمر, لماذا؟ لأنه قد أشغل ذهنه بالنصوص الواردة في إيجاب ذلك، ولم يشغل ذهنه في بيان عقوبة تارك ذلك وحكمه في الشرع، وما أنزل الله جل وعلا من عقوبة لمن فعل خلاف أمره جل وعلا، وإذا جهل الإنسان الشطر الآخر، أو ما يسمى بحال الإنسان في حال مخالفة النص, وقع لديه الخلط في هذا الأمر.
نجد النصوص الشرعية في بيان التشريعات كلها منها ما كان على سبيل الوجوب والفرض، وما كان أيضاً على سبيل الندب والاستحباب, نجد أنها قد شرعت بصيغة واحدة وهي افعل، وأما العقوبة فنجد أنها تتباين، وهذه العقوبة هي التي يقع فيها الخلط؛ ولهذا وجب على العالم، وكذلك وجب على طالب العلم, أن يتبصر بالشطر الآخر وهو معرفة النقيض، وذلك أن الإنسان إذا فقد ذلك الحكم ما حكمه في الشرع؟
الإنسان إذا فقد التوحيد ما ميزانه؟ بعض الناس يقع في شيء من صور الشرك، ولكنه يسلي نفسه، أو يرضى عن الآخرين؛ لأنه مثلاً بار بوالديه، أو يتصدق، أو يكفل الأيتام، أو ينفق, أو غير ذلك من مسائل الإحسان، أو يعمر المساجد وهو قد وقع في الشرك، وهذا من الخلط في أبواب الموازنة.
ونحن حينما نتكلم على الموازنة في أبواب الشريعة، لابد للإنسان إذا أراد أن يعرف قيمة الشيء ووزنه, أن يرجعه إلى أهل النظر فيه، وأهل النظر هنا هو المشرع سبحانه وتعالى, الذي شرع الشرائع وأمر بالأحكام، وجعل الحكم له جل وعلا لا لغيره؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [يوسف:40]، فجعل الحكم له وجعله عبادة.
وجعل المخالف له في تبيين مقدار تلك الأشياء, مخالفاً له جل وعلا في أبواب التشريع، ومناقضاً لحكم الله سبحانه وتعالى.
وكثير من الناس -والعامة أعظم- تكون أمامهم عقبة في فهم مراد الله سبحانه وتعالى في الأحكام الشرعية، وكذلك ترتيبها في أبواب الموازنات, خاصة عند الفتن والمحن واشتداد الأمور, يقع لديهم الخلط في هذا الأمر، وهذا مقترن بمعرفة الشق الآخر في أبواب الموازنات, وهو معرفة المقاصد والمآلات التي لابد للإنسان أن يتبصر بها.
ومعرفة الإنسان لحقيقة الشيء أيضاً لا تجعله يحكم على الشيء بالاطراد، وإنما لابد من معرفة المآل، فإذا عرفنا أن الله جل وعلا قد قدم أمر الدين على غيره, فالدين حينئذ على مراتب: منه ما هو واجب، ومنه ما هو فرض، ومنه ما هو مستحب، فالله سبحانه وتعالى قد جعل ضرورية حفظ الدين مقدمة على حفظ النفس، فهل يقال: إن الإنسان يقيم نافلة, ولو كان ذلك بإراقة الدماء تحت هذه القاعدة، نقول: هذا من الجهل.
إذاً لا بد للإنسان أن يجمع بين الأمرين، ومعرفة ما تؤول إليه الأحوال، وكذلك الأقوال، فإذا عرف ما تؤول إليه ونظر بنور الله جل وعلا واهتدى بهديه, أرجع تلك الأحوال والمآلات إلى نصابها, ثم حكم بينها وبين ما كان حالاً من مراد الله جل وعلا وحكمه.
والواجب في حق الإنسان ابتداءً في معرفته للأوليات: أن يفقه أبواب الموازنات، وأن يعرف قيم الأشياء، وقيم الأشياء كما تقدمت الإشارة إليها أن يرجع الأمور إلى النص، الله سبحانه وتعالى قد جعل الدين مقدماً على غيره.
وجعل بعد الدين العرض؛ ولهذا الله سبحانه وتعالى صان الأعراض بإزهاق الأنفس، فمن وقع في الزنا -وهو محصن- يرجم، فأزهقت النفس لأجل حفظ العرض والنسل، ثم جعل الله جل وعلا بعد ذلك حفظ النفس، ثم يلي ذلك حفظ المال والعقل على خلاف في هذا، فمن العلماء من يقول: العقل، ومنهم من يقول: المال، ومنهم من يقول: إن العقل مقدم على ذلك باعتبار أن التشريع لا يمكن أن يفهم إلا بحفظ العقل، ومن الناس من يقول: إن بين حفظ النفس والعقل امتزاجاً، ومنهم من يقول: إن حفظ العقل ملازم لأصل التكليف وهو موجود في خلقة الإنسان، ولا يمكن أن يزال، فحفظه وصونه هو دفع لشيء عارض، وهذا الأمر لا نخوض فيه باعتبار أنه يخرجنا عن مرادنا.
والله سبحانه وتعالى قد جعل إدراك حقائق الأشياء بمعرفتها ومعرفة ضدها؛ ولهذا الله سبحانه وتعالى لا يبين حكماً من أحكامه إلا وقد بين ضده؛ فقد أمر الله جل وعلا بالتوحيد وبين ضده وهو الإشراك، وأمر الله جل وعلا بإقامة الصلاة وبين ضدها وهو الترك، ومن تركها وحكمه في الشريعة, وما جاء في ذلك من نصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, كما جاء في الصحيح من حديث جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بين الرجل وبين الشرك ترك الصلاة )، وكذلك ما جاء في حديث بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )؛ لهذا يجد الإنسان إذا أراد أن يوازن على سبيل المثال بين الصلاة والزكاة، يجد أن نصوص التكفير فيمن ترك فعل الصلاة والزكاة إنما جاءت في تكفير تارك الصلاة أكثر من غيره؛ لهذا يقال: إن الصلاة تقدم على غيرها، ونصوص الوعيد التي جاءت في ترك الزكاة أعظم من نصوص الوعيد التي جاءت في ترك الصيام، وهكذا يجري ذلك على سائر الفروض, سواء كانت من فروض الأعيان فيما بينها، أو من فروض الكفايات فيما بينها.
وكذلك ما كان من المستحبات منها ما هو متأكد، ومنها ما كان على غير التأكيد، ومنها ما بين الله جل وعلا أمره ولم يبين الله سبحانه وتعالى عقاب التارك.
ومعرفة الموازنة في هذا الأمر تكون بمعرفة الثواب المقدر فيه، فالله جل وعلا قد بين كثيراً من الأحكام الشرعية, وحث عليها, وبين فضل الفاعل, ككثير من العبادات كالسنن الرواتب وغيرها، ومن ذلك ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيحين وغيرهما في قوله: ( من صلى لله جل وعلا في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتاً في الجنة ), هذا بيان للثواب. ودليل الخطاب فيه: أن الإنسان إذا ترك ذلك فإنه لا يستحق هذا، فيكون حينئذ ضده أن من ترك هذا الفعل لم يبن له بيت في الجنة كل يوم، على خلاف عند العلماء, في لزوم ذلك في كل يوم أم هو على الدوام والمحافظة، وفضل الله جل وعلا أوسع، وعلى هذا يقال: إن ذلك في كل يوم.
ولهذا نقول: إن أبواب الموازنات تحتاج من الإنسان أن يعرف حقائق الأشياء، وأن يعرف ضدها، وألا ينظر إلى النص، وكذلك النصوص المترادفة المجردة، فيشغل نفسه بالأوامر، ولا يشغل نفسه ببيان عقوبة التارك؛ لهذا يقع الخلط في هذا الأمر.
الاهتمام بجانب شرعي مع إغفال غيره
ومن الخلط الذي يقع فيه كثير من الناس: أنهم ينشغلون بأبواب معرفة أمر أنه من أمور العبادة التي أمر الله جل وعلا بها دون غيره، والإنسان بفطرته مهما كان صالحاً، ومهما كان مخلصاً لله سبحانه وتعالى، يقع لديه شيء من الخلط في هذا الأمر، وهذا جزء من صراع الأنبياء مع أممهم.
فالنبي عليه الصلاة والسلام قد قاتل المشركين، ويعلم عليه الصلاة والسلام أن لديهم شيئاً من الخير، وهذا الشيء من الخير هو خلط في أبواب معرفة ما أمر الله جل وعلا به قبل غيرهم.
والمشركون من كفار قريش يعمرون المساجد ويسقون الحاج، ولكن يقدمونها على توحيد الله سبحانه وتعالى, فبين الله جل وعلا ضلالهم: أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ [التوبة:19]، فجعلوا هذه الأفعال على السواء: سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ [التوبة:19]، إن هذا الظن من الوهم والغلط في ذلك، وهذا الأمر وإن كان من الدين, إلا أنه في أبواب ومراتب الأولويات من الخلط في هذا.
وكثير من الناس الذين يتعلقون بأمور يخالفون فيها أمر الله جل وعلا من باب، وهذا الباب يجادلون فيه؛ ولهذا التتار لما قاتلوا المسلمين كان عند التتار بعض أعمال الإسلام؛ ولهذا قد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمه الله: أن التتار كانوا يقومون الليل مع ما فعلوا من فساد، كانوا يقومون الليل، ولكن حالهم العام فيه مخالفة أمر الله جل وعلا, ومناقضة حكمه، أي: أنهم كفروا بالله جل وعلا, وخالفوا توحيد الله، ووقعوا في كثير من نواقض الإسلام, فاستحقوا الكفر، وعلى هذا فما يفعلونه من أمور العبادة يعد هباء منثوراً.
كثير من الناس يخلط في معرفة الحقائق، ومعرفة لوازمها، والعلماء يقولون: إن العالم الحق هو الذي يعرف مراتب ودرجات الخير من درجات الخير نفسها، وليس الذي يميز بين الخير والشر هو العالم؛ لأن هذا من مدركات العقل البسيط، فمن العامة من يفرق بين الخير والشر، ولكن حقيقة الصراع الذي يكون بين الأنبياء وأممهم هو في معرفة المراتب، هل هذا أولى من هذا، أو هذا أولى من ذاك؟
كفار قريش لديهم شيء من الخير، ولديهم شيء من التدين والعبادة، ولكنه في باب من أبواب الخير, فقد أغلقوا الباب الأعظم الذي يوصل إليه وهو توحيد الله سبحانه وتعالى، فكان لديهم شيء من التوحيد، ولديهم شيء من الشرك في العبادة، ولكن نقضوا حكم الله جل وعلا بجملة من الأفعال والأقوال فخرجوا من ملة الإسلام، وحينئذ لا ينفعهم هذا، ولم يدركوا أيضاً أن الله جل وعلا إنما أمر بتوحيده من جميع الوجوه ونفي الشرك، وهذا لا يتحقق في عبادة من العبادات, إلا في توحيد الله جل وعلا ونفي ضده؛ وذلك أن الإنسان إذا وقع في باب من أبواب التفريط في هذا, استحق الوصف الكامل بالشرك.
ظن تحقق بعض العبادات بفعل بعضها
كثير من الناس يظن أن توحيد الله سبحانه وتعالى -وكذلك الإيمان- يتحقق للإنسان بفعل خصلة من خصال الإيمان، النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ( الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق )، وهذه الشعب التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم جعلها من الإيمان وجعلها على مراتب، فالإيمان لا يتحقق كاملاً إلا بالإتيان بهذه الشعب كاملة أو بأغلبها، والكفر أيضاً شعب، ولكن يتحقق الكفر بشعبة واحدة.
من وقع في شيء مما يكفر به الإنسان كفر ولو أتى ببعض شعب الإيمان؛ ولهذا فالذي يسجد لصنم يكفي هذا في تكفيره, ولو لم يعبد الشمس, والقمر, والكواكب, ويحلف, وينذر, ويذبح, وغير ذلك؛ باعتبار أنه قد كفر بوجود شعبة من شعب الكفر، وأما الإنسان الذي يفعل العبادة كأن صلى لا يلزم من ذلك أن يتحقق فيه الإيمان, إلا بنفي سائر أبواب الشرك كلها، وتحقق مجموع أو جمهور شعب الإيمان.
ولا يمكن للإنسان أن يتحقق الإيمان لديه, إلا بالإتيان بشعب الإيمان أو بأغلبها، وهذا على الخلاف، وهذا على اختلاف في مسائل شعب الكفر، فالكفر يتحقق بشعبة واحدة من شعبه، إذا وقع فيها الإنسان.
لهذا كثير من الناس الذين تسوقهم العاطفة, إذا ثبت كفر شخص، أو ثبت كفر جماعة بأي نوع من أنواع المكفرات, نظروا إلى شيء من العبادات التي يقوم بها فحكموا له بالإيمان لذلك، كأن يكون من أهل صلة الرحم، أو يكون من أهل بذل السلام، أو كفالة الأيتام وغير ذلك، وهذا خطأ؛ فرسول الله صلى الله عليه وسلم قد عارض كفار قريش حينما أشركوا في العبادة مع الله غيره.
استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطريفي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
الأحكام الفقهية المتعلقة بالصيام [2] | 2714 استماع |
إنما يخشى الله من عباده العلماء | 2477 استماع |
إن خير من استأجرت القوي الأمين | 2316 استماع |
العالِم والعالَم | 2313 استماع |
الذريعة بين السد والفتح [1] | 2299 استماع |
الإسلام وأهل الكتاب | 2134 استماع |
الذريعة بين السد والفتح [2] | 2106 استماع |
الحجاب بين الفقه الأصيل والفقه البديل [1] | 2104 استماع |
الردة .. مسائل وأحكام | 2077 استماع |
شرح حديث إن الحلال بين وإن الحرام بين [2] | 2046 استماع |