خطب ومحاضرات
عقيدة أهل الإيمان [2]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فقد سبق أن تكلمنا في معاني التوحيد وأقسامه، والأدلة على ذلك من كلام الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
معرفة التوحيد بمعرفة الشرك
وقد تحدثنا أيضاً عن التوحيد وأهميته وجلالة قدره، واتفاق جميع الشرائع عليه بجميع أنواعه وصوره، وقعدنا لمسألة جليلة من مسائل بيان وتوضيح المعاني وهي: أن الشيء يعرف ببيان حقيقته وبيان ضده، وبضدها تتبين الأشياء، فإذا أراد الإنسان أن يعرف معنى التوحيد فيجب عليه أن يعرف معنى الشرك، وإذا أراد أن يعرف معنى الشرك فيجب عليه أن يعرف معنى التوحيد، وإلا اختل لديه ذلك الميزان واضطرب، وأصبح فهم الإنسان لهذا الباب قاصراً؛ ولهذا ينبغي للإنسان أن يعرف الشرك بجميع صوره وأنواعه، وكذلك منزلته عند الله سبحانه وتعالى.
وإنما وقع الخلط عند كثير من الناس بسبب جهلهم أمثال هذه الحقائق، فيعرفون وجهاً للحقيقة ولا يعرفون ضدها، فالله سبحانه وتعالى بين الأمر بالصلاة والإتيان بها، وبين ضدها وهو الترك لها، فلا يعرف الإنسان قيمة الصلاة حتى يعرف عقوبة التارك؛ لهذا كان من أظهر بيان مقام التوحيد ومنزلته عند الله أن نبين معنى الشرك بالله سبحانه وتعالى.
وكذلك من الفوائد في مسألة البيان والتوضيح: أن نعلم أقسام الشرك، وأن نعلم شيئاً من صوره؛ حتى يحذر الإنسان من ذلك؛ وذلك لكثرة الصور وتنوعها فيما يخالف أمر الله سبحانه وتعالى، بخلاف العبادة فإن العبادة منضبطة، والتعدي عن ذلك يعتبر من أبواب الابتداع؛ ولهذا فصور العبادات واحدة، وصور الحقائق واحدة، وأما صور الباطل فمتعددة.
جاء في حديث عبد الله بن مسعود ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خط خطاً مستقيماً، وخط عن يمينه وعن شماله خطوطاً، وقال: هذه سبل )، فالحق في ذاته واحد، والباطل متنوع؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ [البقرة:257].
فالظلمات متنوعة فلذلك جمعها، والنور واحد ولذلك أفرده؛ ولهذا نعلم أن صور المخالفة لله سبحانه وتعالى أكثر، وذلك أن الحق في ذاته واحد، وأما الشر فمتنوع بتنوع الأذهان، وكذلك الأفكار التي تطرأ على الناس من وساوس الشيطان، فالمشارب متنوعة، والمقصد في ذلك واحد هو مخالفة الحق.
أضرار الشرك بالله تعالى
الشرك في عبادة الله سبحانه وتعالى هو أعظم ذنب يعصى الله جل وعلا به، ويظهر ذلك أن الله سبحانه وتعالى أخذ على نفسه ألا يغفر للمشرك شركاً إلا أن يتوب، فلا يكفر الله الشرك على الإطلاق بأي نوع من أنواع المكفرات، إلا أن يتوب المشرك من شركه بنفسه؛ لهذا قال الله جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، وهو الظلم العظيم.
وبهذا وصفه الله سبحانه وتعالى بذلك، كما قال الله جل وعلا في كتابه العظيم على لسان لقمان حينما قال لابنه: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، وحينما أنزل الله جل وعلا قوله سبحانه وتعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82].
شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث علقمة عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ( لما نزلت هذه الآية: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام:82]، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس كما تظنون، إن الظلم هو الشرك، أولم تسمعوا لقول العبد الصالح لابنه: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، ).
إن الله سبحانه وتعالى قد جعل الشرك على مراتب حتى يحذر الإنسان من الوقوع في هذه الصور، وأن يتقيها, فربما يسلك طريقاً توجد فيها صورة ولا توجد الأخرى، ويجب حينئذ أيضاً أن يعلم الإنسان أن الله سبحانه وتعالى عدل، ويجب أن يعدل مع العدل، وأعظم الظلم مع العدل أن يتوجه بالفضل الذي يعطيه الله سبحانه وتعالى إلى غيره بالشكر والعبادة، وهذا المعبود إما أن يكون هوى ونفساً، وهذا زندقة وإلحاد في جنب الله، وإما أن يكون خارج الإنسان من التوجه إلى شيء من المعبودات والمخلوقات من الأصنام والأوثان التي تعبد من دون الله زوراً وبهتاناً.
ولضرر الشرك وخطورته بين الله سبحانه وتعالى أنه أعظم الذنوب على الإطلاق، وقد جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن مسعود قال: ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قال: قلت: إن ذلك لعظيم، ثم أي ) .. الحديث.
وجوب سد ذرائع الشرك ووسائله
وللبعد عن الشرك ووجوب الحياطة منه حرم الله جل وعلا جملة من الوسائل الموصلة إليه، وإن كانت في ذاتها لا تكون كحال الشرك الأكبر، وإنما هي وسائل توصل إليه تحرف الإنسان عن الحق، ويتدرج في الباطل حتى يصل إلى الغاية، وذلك حيطةً وحذراً من الوقوع في الخطأ؛ وذلك أنه عرف بالعقل أنه كلما عظم الجرم، وجب على الإنسان أن يحتاط وأن يضع لذلك الجرم حمى، كحال الإنسان إذا وضع بئراً في مكان من الأماكن العامة, فإنه يحتاط لها؛ خشية أن يقع فيها الناس، وكلما كانت هذه البئر عظيمة وعميقة, كان الاحتياط في ذلك أكبر، فيزداد في سد الذرائع الموصلة إليها، ويجعل لها حمى ربما متراً، أو عشرة أو عشرين أو خمسين، وإذا كانت بئراً يسيرة لا تؤذي من سقط فيها, فإن الحياطه تكون أقل.
لهذا جعل الله سبحانه وتعالى للشرك حياطة، وجعل له سبحانه وتعالى وسائل، وحذَّر من هذه الوسائل؛ وذلك أن هذه الوسائل توقع في شيء عظيم؛ ولهذا حذر الله سبحانه وتعالى من جميع صور الأقوال والأفعال والنيات الموصلة إلى الشرك الأكبر، وذلك أن الإنسان بطبيعته التدرج، فيتدرج بالوسائل حتى يصل إلى المقاصد، وهذا أمر معلوم بالأمور المادية المحسوسة، يدل عليه العقل والمنطق؛ ولهذا فإن كفار الأمم السابقة لم يقعوا في الكفر الأكبر مباشرة، وإنما تدرجوا على سبيل الاستحسان للوسائل.
ولهذا قد روى ابن جرير الطبري في كتابه التفسير عن محمد بن قيس أنه قال في قول الله جل وعلا: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ [نوح:23]، قال: كانوا قوماً صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، قال: فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون, دب إليهم إبليس فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر فعبدوهم.
وهذا نوع من الافتتان، فالابتداء كان في الصور، ثم تحول ذلك إلى ما هو أبعد منه، فوقعوا في مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا جعل الله جل وعلا -كما تقدم- حمى لتوحيده، وكذلك حمى للشرك؛ لئلا يقع الإنسان فيه، فإذا وقع الإنسان في الشرك الأصغر واستدامه, فغالباً أنه يقع في الشرك الأكبر، فالشرك ينقسم إلى قسمين: شرك يتعلق بذات المعبود وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهذا هو الشرك في الربوبية.
والثاني: شرك في عبادته ومعاملته، حتى وإن كان صاحبه يعتقد أن الله جل وعلا لا شريك له في ذاته، ولا في صفاته ولا في أفعاله، فهذا هو الشرك في العبادة والألوهية.
وقد تحدثنا أيضاً عن التوحيد وأهميته وجلالة قدره، واتفاق جميع الشرائع عليه بجميع أنواعه وصوره، وقعدنا لمسألة جليلة من مسائل بيان وتوضيح المعاني وهي: أن الشيء يعرف ببيان حقيقته وبيان ضده، وبضدها تتبين الأشياء، فإذا أراد الإنسان أن يعرف معنى التوحيد فيجب عليه أن يعرف معنى الشرك، وإذا أراد أن يعرف معنى الشرك فيجب عليه أن يعرف معنى التوحيد، وإلا اختل لديه ذلك الميزان واضطرب، وأصبح فهم الإنسان لهذا الباب قاصراً؛ ولهذا ينبغي للإنسان أن يعرف الشرك بجميع صوره وأنواعه، وكذلك منزلته عند الله سبحانه وتعالى.
وإنما وقع الخلط عند كثير من الناس بسبب جهلهم أمثال هذه الحقائق، فيعرفون وجهاً للحقيقة ولا يعرفون ضدها، فالله سبحانه وتعالى بين الأمر بالصلاة والإتيان بها، وبين ضدها وهو الترك لها، فلا يعرف الإنسان قيمة الصلاة حتى يعرف عقوبة التارك؛ لهذا كان من أظهر بيان مقام التوحيد ومنزلته عند الله أن نبين معنى الشرك بالله سبحانه وتعالى.
وكذلك من الفوائد في مسألة البيان والتوضيح: أن نعلم أقسام الشرك، وأن نعلم شيئاً من صوره؛ حتى يحذر الإنسان من ذلك؛ وذلك لكثرة الصور وتنوعها فيما يخالف أمر الله سبحانه وتعالى، بخلاف العبادة فإن العبادة منضبطة، والتعدي عن ذلك يعتبر من أبواب الابتداع؛ ولهذا فصور العبادات واحدة، وصور الحقائق واحدة، وأما صور الباطل فمتعددة.
جاء في حديث عبد الله بن مسعود ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خط خطاً مستقيماً، وخط عن يمينه وعن شماله خطوطاً، وقال: هذه سبل )، فالحق في ذاته واحد، والباطل متنوع؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ [البقرة:257].
فالظلمات متنوعة فلذلك جمعها، والنور واحد ولذلك أفرده؛ ولهذا نعلم أن صور المخالفة لله سبحانه وتعالى أكثر، وذلك أن الحق في ذاته واحد، وأما الشر فمتنوع بتنوع الأذهان، وكذلك الأفكار التي تطرأ على الناس من وساوس الشيطان، فالمشارب متنوعة، والمقصد في ذلك واحد هو مخالفة الحق.
الشرك في عبادة الله سبحانه وتعالى هو أعظم ذنب يعصى الله جل وعلا به، ويظهر ذلك أن الله سبحانه وتعالى أخذ على نفسه ألا يغفر للمشرك شركاً إلا أن يتوب، فلا يكفر الله الشرك على الإطلاق بأي نوع من أنواع المكفرات، إلا أن يتوب المشرك من شركه بنفسه؛ لهذا قال الله جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، وهو الظلم العظيم.
وبهذا وصفه الله سبحانه وتعالى بذلك، كما قال الله جل وعلا في كتابه العظيم على لسان لقمان حينما قال لابنه: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، وحينما أنزل الله جل وعلا قوله سبحانه وتعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82].
شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث علقمة عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ( لما نزلت هذه الآية: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام:82]، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس كما تظنون، إن الظلم هو الشرك، أولم تسمعوا لقول العبد الصالح لابنه: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، ).
إن الله سبحانه وتعالى قد جعل الشرك على مراتب حتى يحذر الإنسان من الوقوع في هذه الصور، وأن يتقيها, فربما يسلك طريقاً توجد فيها صورة ولا توجد الأخرى، ويجب حينئذ أيضاً أن يعلم الإنسان أن الله سبحانه وتعالى عدل، ويجب أن يعدل مع العدل، وأعظم الظلم مع العدل أن يتوجه بالفضل الذي يعطيه الله سبحانه وتعالى إلى غيره بالشكر والعبادة، وهذا المعبود إما أن يكون هوى ونفساً، وهذا زندقة وإلحاد في جنب الله، وإما أن يكون خارج الإنسان من التوجه إلى شيء من المعبودات والمخلوقات من الأصنام والأوثان التي تعبد من دون الله زوراً وبهتاناً.
ولضرر الشرك وخطورته بين الله سبحانه وتعالى أنه أعظم الذنوب على الإطلاق، وقد جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن مسعود قال: ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قال: قلت: إن ذلك لعظيم، ثم أي ) .. الحديث.
وللبعد عن الشرك ووجوب الحياطة منه حرم الله جل وعلا جملة من الوسائل الموصلة إليه، وإن كانت في ذاتها لا تكون كحال الشرك الأكبر، وإنما هي وسائل توصل إليه تحرف الإنسان عن الحق، ويتدرج في الباطل حتى يصل إلى الغاية، وذلك حيطةً وحذراً من الوقوع في الخطأ؛ وذلك أنه عرف بالعقل أنه كلما عظم الجرم، وجب على الإنسان أن يحتاط وأن يضع لذلك الجرم حمى، كحال الإنسان إذا وضع بئراً في مكان من الأماكن العامة, فإنه يحتاط لها؛ خشية أن يقع فيها الناس، وكلما كانت هذه البئر عظيمة وعميقة, كان الاحتياط في ذلك أكبر، فيزداد في سد الذرائع الموصلة إليها، ويجعل لها حمى ربما متراً، أو عشرة أو عشرين أو خمسين، وإذا كانت بئراً يسيرة لا تؤذي من سقط فيها, فإن الحياطه تكون أقل.
لهذا جعل الله سبحانه وتعالى للشرك حياطة، وجعل له سبحانه وتعالى وسائل، وحذَّر من هذه الوسائل؛ وذلك أن هذه الوسائل توقع في شيء عظيم؛ ولهذا حذر الله سبحانه وتعالى من جميع صور الأقوال والأفعال والنيات الموصلة إلى الشرك الأكبر، وذلك أن الإنسان بطبيعته التدرج، فيتدرج بالوسائل حتى يصل إلى المقاصد، وهذا أمر معلوم بالأمور المادية المحسوسة، يدل عليه العقل والمنطق؛ ولهذا فإن كفار الأمم السابقة لم يقعوا في الكفر الأكبر مباشرة، وإنما تدرجوا على سبيل الاستحسان للوسائل.
ولهذا قد روى ابن جرير الطبري في كتابه التفسير عن محمد بن قيس أنه قال في قول الله جل وعلا: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ [نوح:23]، قال: كانوا قوماً صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، قال: فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون, دب إليهم إبليس فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر فعبدوهم.
وهذا نوع من الافتتان، فالابتداء كان في الصور، ثم تحول ذلك إلى ما هو أبعد منه، فوقعوا في مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا جعل الله جل وعلا -كما تقدم- حمى لتوحيده، وكذلك حمى للشرك؛ لئلا يقع الإنسان فيه، فإذا وقع الإنسان في الشرك الأصغر واستدامه, فغالباً أنه يقع في الشرك الأكبر، فالشرك ينقسم إلى قسمين: شرك يتعلق بذات المعبود وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهذا هو الشرك في الربوبية.
والثاني: شرك في عبادته ومعاملته، حتى وإن كان صاحبه يعتقد أن الله جل وعلا لا شريك له في ذاته، ولا في صفاته ولا في أفعاله، فهذا هو الشرك في العبادة والألوهية.
وينبغي للإنسان أن يكون بصيراً بجميع الصور التي حذر الله جل وعلا منها؛ حتى يكون الإنسان على حيطة من هذه الصور، وأن يعرف الأقسام؛ حتى يعرف قيمة من يوالي من أهل الإيمان، ومن يعادي من المخالفين من أهل الكفر والشرك؛ ولهذا نقول: إن الشرك ينقسم إلى قسمين: شرك أكبر، وشرك أصغر.
المراد بالشرك الأكبر وآثاره
الشرك الأكبر: هو أن يتخذ الإنسان مع الله عز وجل نداً، ويكون هذا الند يعبد كما يعبد الله، وهذا الشرك ينقل الإنسان من الإيمان إلى الكفر إن كان على الإيمان، وكذلك فإنه يحبط جميع الأعمال فلا يوجد إلا كفة واحدة للإنسان، وهذه الكفة هي كفة السيئات، وصاحبه إن مات على ذلك فهو خالد مخلد في النار، لا يقضى عليه فيموت، ولا يخفف عنه العذاب، وقد بين الله سبحانه وتعالى أنه لا يغفر لمن مات على ذلك الذنب، قال الله جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].
أنواع الشرك الأكبر
والشرك الأكبر له أنواع متعددة يذكرها العلماء, منها ما يتعلق بدعاء الإنسان، ومنها ما يتعلق بباطنه وقصده، ومنها ما يتعلق بطاعته، وما يتعلق بمسائل التشريع والانقياد فيما هو من حق الله، ومنها ما يتعلق بالمحبة، وكذلك الخوف, وغير ذلك من الأعمال الباطنة.
وأول هذه الأنواع: هو شرك الجاهليين بدعائهم لغير الله سبحانه وتعالى، وهذا من أظهر أنواع الشرك؛ وذلك أن الدعاء هو العبادة، ففي حال ورود حق لأحد على الإنسان فإنه يتوجه إليه لا يتوجه إلى غيره، فإذا أنعم أحد على أحد، وكان له فضل عليه وشكر غيره عد ذلك ظلماً وعدواناً, ووضعاً للشيء في غير موضعه؛ ولهذا وجب على الإنسان أن يتوجه بسؤاله لله سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال الله جل وعلا: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60].
والنبي صلى الله عليه وسلم يبين أن الدعاء هو العبادة كما جاء عند الإمام أحمد والترمذي وغيرهما؛ وذلك أن الدعاء يتضمن الإقرار بأحقية ذلك المدعو بسؤاله دون غيره، وكذلك بقدرته على الإجابة، وهذا ما وقع فيه الجاهليون مع أصنامهم.
فالدعاء في ذاته عبادة، والله سبحانه وتعالى أمر ألا يدعى إلا هو؛ ولهذا قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117].
فصرف ذلك لغير الله شرك، لأي أحد كان، ولو كان معظماً محبوباً عند الله, من نبي, أو ملك, أو ولي، فضلاً عن غيرها من أمور الجمادات من الحجر, والشجر, والكواكب, والأفلاك, والنجوم وغيرها.
وقد بين الله سبحانه وتعالى حال كفار قريش، وحال المشركين قاطبة في دعائهم لغير الله، وأنهم إذا كانوا في حال كرب شديد عرفوا ألا منجي لهم إلا الله، فتطهرت قلوبهم من الشرك لوجود الخوف؛ لهذا قال الله جل وعلا: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت:65].
أخبر الله سبحانه وتعالى عن هؤلاء المشركين بأنهم يشركون بالله في رخائهم ويخلصون في حال الكرب والشدة، وأعظم ذلك خطراً أن يشرك الإنسان في الحالين, في حال الكرب والشدة، وفي حال الرخاء، وهذا من أعظم الذنوب وأخطرها، وكذلك أعظم جرماً حتى من حال الجاهليين من كفار قريش وغيرهم؛ لهذا ينبغي للإنسان أن يعلم أنه لا يتوجه لمنعم إلا لله سبحانه وتعالى، وإذا توجه لغير الله بسؤاله فيما لا يقدر عليه إلا الله, فقد أشرك مع الله غيره.
الشرك الأكبر: هو أن يتخذ الإنسان مع الله عز وجل نداً، ويكون هذا الند يعبد كما يعبد الله، وهذا الشرك ينقل الإنسان من الإيمان إلى الكفر إن كان على الإيمان، وكذلك فإنه يحبط جميع الأعمال فلا يوجد إلا كفة واحدة للإنسان، وهذه الكفة هي كفة السيئات، وصاحبه إن مات على ذلك فهو خالد مخلد في النار، لا يقضى عليه فيموت، ولا يخفف عنه العذاب، وقد بين الله سبحانه وتعالى أنه لا يغفر لمن مات على ذلك الذنب، قال الله جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].
والشرك الأكبر له أنواع متعددة يذكرها العلماء, منها ما يتعلق بدعاء الإنسان، ومنها ما يتعلق بباطنه وقصده، ومنها ما يتعلق بطاعته، وما يتعلق بمسائل التشريع والانقياد فيما هو من حق الله، ومنها ما يتعلق بالمحبة، وكذلك الخوف, وغير ذلك من الأعمال الباطنة.
وأول هذه الأنواع: هو شرك الجاهليين بدعائهم لغير الله سبحانه وتعالى، وهذا من أظهر أنواع الشرك؛ وذلك أن الدعاء هو العبادة، ففي حال ورود حق لأحد على الإنسان فإنه يتوجه إليه لا يتوجه إلى غيره، فإذا أنعم أحد على أحد، وكان له فضل عليه وشكر غيره عد ذلك ظلماً وعدواناً, ووضعاً للشيء في غير موضعه؛ ولهذا وجب على الإنسان أن يتوجه بسؤاله لله سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال الله جل وعلا: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60].
والنبي صلى الله عليه وسلم يبين أن الدعاء هو العبادة كما جاء عند الإمام أحمد والترمذي وغيرهما؛ وذلك أن الدعاء يتضمن الإقرار بأحقية ذلك المدعو بسؤاله دون غيره، وكذلك بقدرته على الإجابة، وهذا ما وقع فيه الجاهليون مع أصنامهم.
فالدعاء في ذاته عبادة، والله سبحانه وتعالى أمر ألا يدعى إلا هو؛ ولهذا قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117].
فصرف ذلك لغير الله شرك، لأي أحد كان، ولو كان معظماً محبوباً عند الله, من نبي, أو ملك, أو ولي، فضلاً عن غيرها من أمور الجمادات من الحجر, والشجر, والكواكب, والأفلاك, والنجوم وغيرها.
وقد بين الله سبحانه وتعالى حال كفار قريش، وحال المشركين قاطبة في دعائهم لغير الله، وأنهم إذا كانوا في حال كرب شديد عرفوا ألا منجي لهم إلا الله، فتطهرت قلوبهم من الشرك لوجود الخوف؛ لهذا قال الله جل وعلا: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت:65].
أخبر الله سبحانه وتعالى عن هؤلاء المشركين بأنهم يشركون بالله في رخائهم ويخلصون في حال الكرب والشدة، وأعظم ذلك خطراً أن يشرك الإنسان في الحالين, في حال الكرب والشدة، وفي حال الرخاء، وهذا من أعظم الذنوب وأخطرها، وكذلك أعظم جرماً حتى من حال الجاهليين من كفار قريش وغيرهم؛ لهذا ينبغي للإنسان أن يعلم أنه لا يتوجه لمنعم إلا لله سبحانه وتعالى، وإذا توجه لغير الله بسؤاله فيما لا يقدر عليه إلا الله, فقد أشرك مع الله غيره.
ومن أنواع الشرك -وهو النوع الثاني-: ما يتعلق بالأمور الباطنة، وهو النية، ويسميها العلماء بأعمال القلوب من الرياء والسمعة وإرادة الناس، وهذا يقع في الأعمال الظاهرة العظيمة, وفي الأعمال الدقيقة التي يحب الإنسان أن يحمد عليها، وهذا الحب إذا حمل الإنسان على أن يعمل أن يقدم ويحجم، وأن يزيد وينقص في العبادة فهذا هو النفاق، وإذا كانت تلك المحبة محبة لا تجعل الإنسان يزيد ولا ينقص، وإنما هي محبة فطرية, يحب الإنسان أن يكون مع أهل الإيمان، وأن يراه الناس في مجامع الخير ونحو ذلك, فهذا من الأمور الحسنة، وإذا منعه ذلك عن الإقدام فإن هذا من أعظم ما يمر الإنسان في دينه ظاهراً وباطناً.
وذلك أن الإنسان إذا أحب مدح الناس بفعل الحق, فإنه سيفعل الباطل في حال ذمهم للحق، فيكون الإنسان ضعيف الإيمان؛ لهذا وجب عليه ألا يراقب إلا الله.
وقد بين الله جل وعلا حال أولئك بإرادتهم بعملهم غير الله, قال سبحانه وتعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ [هود:15]، وقال جل وعلا مبيناً عاقبتهم عنده: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود:16]، وهذا الأمر نوع دقيق جداً, ويقع من المنافقين الخلص، ومن المشركين؛ فإن المشركين ما خرجوا لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا رياءً, فجعلوا عمل الباطل لغير الله، فكان باطلاً وكان لغير الله، فكيف إذا كان حقاً وكان لغير الله؟ فإن ذلك مما لا يقبل.
ومن أنواع الشرك: شرك الطاعة، في الأمور التي لا يطاع فيها إلا الله مما بينه الله سبحانه وتعالى.
والله جل وعلا حد حدوداً وشرع شرائع, وأنزل أحكاماً وفرض فرائض, وسن سنناً، أمر بالإتيان بها وليس لأحد أن يتدخل فيها, فذلك حكم الله جل وعلا، وهذا ما يسمى بالتشريع، وحكم الله سبحانه وتعالى.
فمن جعل لأحد من دون الله الحق في أن يعبد غير الله في هذا الباب من التشريع, فقد كفر بالله سبحانه وتعالى.
والخروج عن الطاعة والتمرد على أمر الآمر, موجب لإنزال العقوبة، وهو من الظلم؛ ولهذا نرى في أنظمة الدول, وكذلك المجتمعات مهما تنوعت, أن من خرج عن سياسة دولة أو عن طاعة والٍ، أن ذلك يعد من الخوارج عليه ومن المخالفين لنظامه، فيستوجب في ذلك التأديب والردع على بحسب ما يقتضيه الحال، ويعده الناس من الخوارج المارقين المتمردين, فكيف إذا كان خروج الإنسان على حكم الله، وعلى أمر الله سبحانه وتعالى وتشريعه؟
وقد وقع بنو إسرائيل مع أحبارهم ورهبانهم فجعلوهم مشرعين من دون الله، فانصرفوا عن الله إلى غيره، كحال الذي يبايع خليفة ثم يتوجه إلى مبايعة آخر، والمبايعة الأولى صحيحة؛ لهذا قال الله سبحانه وتعالى مبيناً حال بني إسرائيل: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [التوبة:31].
وبين الله سبحانه وتعالى أن بني إسرائيل وقعوا في الشرك، ووقوعهم في الشرك هذا بسبب اتخاذهم للأحبار والرهبان أرباباً من دون الله؛ وذلك أن طاعة العلماء، وطاعة الكبراء والساسة ينبغي أن تكون على طاعة الله، وأنه ليس لأحد أن يشرع شيئاً قد شرعه الله عز وجل على نحو مخالف؛ ولهذا لما نزلت هذه الآية وسمعها عدي بن حاتم الطائي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدي كان نصرانياً، والآية نزلت في بني إسرائيل، فقال الله جل وعلا: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا [التوبة:31]، قال عدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا رسول الله! لسنا نعبدهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له: أليسوا يحرمون ما أحل الله، فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟! قال: بلى، قال: فتلك عبادتهم )، وهذا الخبر قد رواه الترمذي وغيره.
وفي هذا إشارة إلى أن حكم الله سبحانه وتعالى عبادة وتشريعه عبادة؛ لهذا قال جل وعلا: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [يوسف:40]، فما قضى الله عز وجل به أمراً وجعله تشريعاً وجب على الإنسان ألا يخالف إلى غيره، وإن خالفه إلى غيره ضل وزاغ؛ ولهذا الذين يشرعون تشريعات تخالف أمر الله، ويحلون الزنا برضا الطرفين، ويضعون تشريعات يحلون فيها ما حرم الله، فهذا من منازعة الله عز وجل في حقه.
وإذا قال الإنسان: إن لهؤلاء الحق في وضع ما يرون لصالح الناس، فهذا هو الكفر الذي قصده الله سبحانه وتعالى في بني إسرائيل في قوله: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ [التوبة:31].
وكثير من الناس يظن أن الربوبية أن يعبد الإنسان غير الله عبادة بالسجود والركوع، ويغفل أن الطاعة أيضاً كما أنها تكون لسيد ولوالد، والخروج عن ذلك مخالفة في الإتيان بالحق، كذلك في حق الله سبحانه وتعالى وتشريعه، فالله جل وعلا ما أنزل الشرائع إلا لتبين، وأن يعمل بها الناس، وأما من نظر إلى فعل حاكم فيما يخالف أمر الله وقال له: أن يشرع ما شاء فيما يرضي الله سبحانه وتعالى، وأما ما يخالف الله جل وعلا فلا يطاع في ذلك، فيطاع فيما يؤمر به من حق الله، ويخالف فيما هو من غيره حق الله، فهؤلاء لا يقعون في هذا النوع من الشرك.
وينبغي للإنسان أن يحذر من الوقوع في هذا خاصة في الدول غير الإسلامية، التي تضع أنظمة وقوانين تخالف أمر الله، وتحاد الله جل وعلا في حكمه وتشريعه؛ ولهذا ينبغي للإنسان أن يعلم حدود الله جل وعلا ووجوه المخالفة، حتى يكون على حيطة وحذر، والله جل وعلا بين أن كثيراً من الناس يزعمون أنهم على الحق، ولكن عند مسألة الطاعة في الحلال والحرام يجعلون ذلك لغير الله، قال جل وعلا: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا [النساء:60]، فسمى الله جل وعلا من يحكم بغير ما أنزل الله على نبيه طاغوتاً، وهذا الطغيان الذي سماه الله سبحانه وتعالى يتجسد في المطاع إذا رضي بتلك الطاعة، ويتجسد أيضاً في الطائع، أيضاً باعتبار أنه طغا وتجاوز الحد الذي أذن الله عز وجل به.
استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
الأحكام الفقهية المتعلقة بالصيام [2] | 2709 استماع |
إنما يخشى الله من عباده العلماء | 2473 استماع |
إن خير من استأجرت القوي الأمين | 2314 استماع |
العالِم والعالَم | 2307 استماع |
الذريعة بين السد والفتح [1] | 2296 استماع |
الإسلام وأهل الكتاب | 2129 استماع |
الذريعة بين السد والفتح [2] | 2101 استماع |
الحجاب بين الفقه الأصيل والفقه البديل [1] | 2100 استماع |
الردة .. مسائل وأحكام | 2075 استماع |
شرح حديث إن الحلال بين وإن الحرام بين [2] | 2044 استماع |