خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/2102"> الشيخ عبد العزيز الطريفي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/2102?sub=56808"> سلسلة أصول الفقه
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح منظومة رشف الشمول في أصول الفقه لابن بدران [5]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا يا رب العالمين.
قال رحمه الله تعالى: [ فصل في النهي والخبر.
والنهي ضد الأمر في كل القضا وفيه يجري الحكم في اللذ قد مضى
محتمل لصدق والكذب الخبر لذاته وغيره الإنشاء مر ].
ذكر المصنف رحمه الله الأحكام التكليفية الشرعية، وشرع الآن يذكر الأحكام الوضعية التي يستفيد منها الإنسان الصحة والفساد، أي: فساد الفعل الذي يفعله الإنسان إذا كان ذلك الفعل منهي عنه، وهذا يورده العلماء في مسألة هل النهي يقتضي الفساد؟ هنا يتكلم المصنف رحمه الله أن النهي ضد الأمر في كل القضاء، ويريد أن يشير بذلك إلى أن هذا الباب هو باب المنهيات بعد أن أورد ما يتعلق بأبواب الأمر.
قال رحمه الله: (وفيه يجري الحكم في اللذ قد مضى) أي: مما مضى من تفاصيل من جهة التحريم ومن جهة الكراهة، كذلك من جهة التهديد والوعيد، وغير ذلك، فيجري عليه تلك الأنواع بحسب النظر إلى المنهي، فينظر إلى الناهي والمنهي، وينظر أيضاً إلى المنهي عنه، وينظر إلى السياق، وينظر إلى صيغة النهي، فهذه تفيد الإنسان معرفة لمقدار النهي، وكذلك أيضاً معرفة ما كان خارجاً عنه من فعل النبي عليه الصلاة والسلام مما يخالف ذلك النهي فيخرجه من التحريم إلى الكراهة، وذلك كنهي النبي عليه الصلاة والسلام عن الاغتسال من فضل المرأة، وقد اغتسل عليه الصلاة والسلام بفضل ميمونة فهذا يدل على صرف ذلك النهي من كراهة التحريم إلى كراهة التنزيه، وكذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن استقبال واستدبار القبلة فإن النبي عليه الصلاة والسلام استدبرها بعد ذلك، وهذا دليل على صرف الحكم عن التحريم، وكذلك فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أجمعوا أو ذهب جمهورهم فإن هذا من أمارات الصوارف في ذلك، كذلك ما كان على الإلزام، أو هل أمر بضده أم لا؟ فينظر في ذلك، ويؤخذ منه ما يتعلق بالنهي.
ومن العلماء من يقول: إن النهي الأصل فيه أنه يقتضي التحريم، ومنهم من قال: يقتضي الكراهة، ومنهم من قال: إنه لا يقتضي الكراهة ولا التحريم، وإنما هو بينها بحسب القرينة، فيجري عليه ما جرى في الأمر من خلاف.
والنهي مشتق من النهى، وهو لب الإنسان وعقله، يقال أولي النهي كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث البراء في الصحيح أنه قال: ( ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى )، يعني: أولي العقول، فأن النهي لا يتوجه إلا لمن كان صاحب عقل، وأما من لم يكن صاحب عقل ونهي فإنه لا يتوجه الخطاب إليه على سبيل الإلزام، وهذا قد يشتق منه أنه لما كان الخطاب لا يتوجه إلا إلى مكلف دل على أن المراد بذلك هو التحريم؛ لأن الخطاب يتوجه إلى غير المكلف على غير سبيل التحريم، أي أن الإنسان إذا فعل المحرم لا يأثم به، وهذا يتوجه إلى الصبي، فالإنسان يأمر صبيه بأن يفعل، ولكن لا ينزل عليه العقاب، ويسمى نهياً.
والخبر ما احتمل أحد الأمرين الصدق أو الكذب، والأخبار لا تنسخ في الشريعة؛ لأن نسخها تكذيب لها، ولا يليق أن ينسب ذلك إلى الشارع.
وما لا ينسخ من الشرائع ثلاثة:
أولها: العقائد.
ثانيها: الآداب والأخلاق.
ثالثها: الأخبار.
فالأول وهي العقائد؛ لأنها تتعلق بحق الله وذاته، وحقه وذاته ثابتة.
الأمر الثاني ما يتعلق بالآداب والأخلاق؛ لأن ضدها سيء الأخلاق، والأخلاق متعلقة بذات البشر، والله عز وجل خلق البشر على أحسن تقويم، وما داموا على هذه الخِلقة فأخلاقهم واحدة.
الأمر الثالث ما يتعلق بالأخبار؛ لأن الأخبار مقتضاها الصدق من المشرع، وإذا نسخت فيعني نسخها كذبها، فإذا أخبر الشارع بشيء لا يقال إنه نسخ؛ ولهذا نعلم أن أخبار الشارع أعظم وأجل من أخبار غيره.
قال: (الخبر لذاته وغيره الإنشاء مر) الإنشاء: ما كان من الكلام مما لا يحتمل الصدق والكذب من المعاني العامة.
وفيما يتعلق بمسألة فساد العمل الذي نهى الشارع عنه يورد العلماء قاعدة، وهي هل النهي يقتضي الفاسد أم لا؟ يعني: إذا نهى الشارع عن شيء وفعله الإنسان وتلبس به هل يعني ذلك فساد ذلك العمل أم لا؟ اختلف العلماء في هذه المسألة على عدة أقوال:
القول الأول: قالوا: إن النهي يقتضي الفساد، سواء كان النهي عن الفعل بعينه، أو عن صفة لازمة له أو غير لازمة، أو عن شرط، أو عن ركن، فإن النهي يقتضي الفساد، وهذا مذهب الظاهرية، وذهب إليه جماهير الحنابلة، وعلى هذا فإن من صلى في الأرض المغصوبة، أو صلى وعليه ثوب حرير ونحو ذلك، أو صلى على سجادة مغصوبة، فإن النهي هنا يقتضي فساد الصلاة، ويلزم من هذا القول الإعادة.
القول الثاني: قالوا: إن النهي إذا وقع على ذات الفعل وعينه لا على وصف فيه فإنه باطل، وإذا وقع على وصفه فإنه فاسد، قالوا: والباطل يقتضي عدم نفاذ الفعل والعمل، ولحوق الإثم للإنسان، ووجوب الإتيان بالبدل، وذلك كحال الإنسان الذي نهاه الله جل وعلا عن عمل بعينه كالربا، فالله عز وجل نهى عن الربا بذاته، والربا ليس مركب على شيء، أو وصف زائد على شيء، فإذا تعامل الإنسان ببيع العينة بطل العمل كله، ولحقه الإثم؛ لأن العمل بعينه محرم، وأما إذا كان النهي لوصف خارج عنه قالوا: فإن العقاب ينزل عليه وهو الإثم، والعمل في ذلك فاسد لكنه نافذ، وهؤلاء الذين يفرقون بين الباطل والفاسد، وهم طوائف من فقهاء الحنفية.
والقول الثالث في ذلك: قالوا: إن النهي إذا وقع على ماهية الفعل وعينه، أو على صفة لازمة فيه فهذا يبطل ويفسد العمل، وإذا كان على صفة غير لازمة له فإن ذلك لا يبطله، فهم يفرقون مثلاً بين صلاة الإنسان بثوب مغصوب أو ثوب حرير، وبين صلاته بخاتم ذهب، خاتم الذهب أمر خارج عن الصلاة، ولكنه متلبس بمحرم، قالوا: فصلاته صحيحة، وآثم بهذا العمل، وأجره في ذلك ناقص، ويلحق في هذا أيضاً مسألة صلاة المسبل، وصلاة المسبل على القول الثاني باطلة في مذهب الحنفية.
قال رحمه الله تعالى: [ باب العام والخاص.
والعام ما قد يشمل الاثنين فصاعداً فلا تقل بالمين
ولفظه أي وأين ومتى ذو اللام فردا أو بجمع ثبتا
ومن وما في غير عقل أو عقل واستثن ذا التنكير أو فعلاً حصل
تمييز بعض الجملة بالشرط ولو مقدما بدا في الضبط ]
دخل المصنف رحمه الله في مسألة العام والخاص، والعام والخاص متقابلان، فكل عام ليس بخاص، وكل خاص ليس بعام، والعموم: ما شمل اثنين فصاعداً وهم أقل الجمع، والخاص: ما خُصص على معين، والتخصيص: هو التعيين، قال: (والعام ما قد يشمل الاثنين فصاعداً فلا تقل بالمين) وهذا هو العموم، فالخطاب إذا توجهت به لاثنين وجب أن يكون عاماً، فلا تقول: افعل كذا وأنت تخاطب اثنين، فهذا تخصيص، فوجب عليك أن تأتي بأسلوب عام، فتقول: اعملوا كذا، حتى يتوجه الخطاب إلى الجميع، وإلا أهدر ذلك المعنى.
صيغ العموم
قال: (ولفظه أي وأين ومتى ذو اللام فردا أو بجمع ثبتا) صيغ العموم متعددة، منها ما ذكرها المصنف رحمه الله هنا، ومنها ما لم يذكرها، ولكن ذكر الأشهر، فقال: (ومن وما في غير عقل أو عقل)، صيغ العموم كـ"من" وهي للعاقل، و "ما" لغير العاقل، و"أل" للفرد والجمع، فبدخول "أل" على الفرد تفيد العموم، وذلك كقول الله سبحانه وتعالى: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ[العصر:1-2]، فبدخول "أل" على ((الإِنسَانَ)) هنا دل على عمومها على كل إنسان ذكراً كان أو أنثى، صغيراً كان أو كبيراً، أياً كان دينه، وأياً كان جنسه إلا ما استثناه الله سبحانه وتعالى، وكذلك أيضاً دخول "أل" على الجمع، كقول الله جل وعلا: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ[المؤمنون:1]، هذا يدل على أن هذا الوصف شامل لجميع أهل الإيمان، سواء كانوا أهل مكة أو أهل المدينة، أو أهل العراق أو الشام أو اليمن أو مصر أو نحو ذلك، فهم يدخلون في هذا الخطاب.
قال: (وأي): وهي للجميع، قال: (وأين) للمكان، (متى) للزمان، فـ"أين" تستعمل لدخول عموم الأمكنة فيها، فأينما رحل الإنسان سواء رحل في بر أو في بحر، تحت شجر أو في مدر، فيتوجه إليه هذا الخطاب، كذلك "متى" سواء كان في ليل أو نهار، في صيف أو شتاء، أو غير ذلك، فهي عامة في سائر الأزمنة، و"من" للعاقل، و"ما" في غير العاقل، وهي شاملة له.
قال: (واستثن ذا التنكير أو فعلاً حصل)، النفي بـ"لا" يفيد العموم؛ ولهذا نقول: إن النكرة في سياق النفي تفيد العموم، كقولك: لا رجل في الدار، الرجل نكرة جاءت في سياق النفي، فيلزم من ذلك العموم أنه لا يوجد أي رجل في الدار، أو لا امرأة في الدار، أي: لا امرأة صغيرة ولا كبيرة ولا قريبة ولا بعيدة في هذه الدار.
ومما لم يذكره المصنف رحمه الله من صيغ العموم: ما دل على العموم بلفظه، كالعامة، والجميع، والكافة، وغير ذلك، فكلمة عامة يتوجه بها الخطاب إلى العموم، كقول الله جل وعلا: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ[سبأ:28] وقولك: جميع الخلق، وعامة هؤلاء، وعامة أهل الحي، ونحو ذلك، فهذه ألفاظ في ذاتها تدل على العموم، كذلك أيضاً في بعض الأحيان النكرة في سياق الإثبات قد تفيد العموم، ولكن الأصل في ذلك أن النكرة في سياق الإثبات تفيد الإطلاق، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم، وقد تفيد النكرة في سياق الإثبات العموم أيضاً، وما كان منكراً من المنفي فإنه يفيد العموم.
أنواع المخصصات
قال: (أو فعلاً حصل
تمييز بعض الجملة بالشرط ولو مقدماً بدا في الضبط)، الشرط قد يتقدم وقد يتأخر، وهذا أمر سائغ في الشريعة، والاستثناء أيضاً قد يتقدم وقد يتأخر، فيحصر العموم في المستثنى منه، والقاعدة عند العرب الغالبة أن المستثنى أقل من المستثنى منه، والمستثنى منه أكثر، فيكون العموم متوجه إلى المستثنى منه لا إلى الاستثناء، وسوف يأتي الكلام عن الاستثناء.
قال رحمه الله تعالى:
[ فذاك تخصيص وأيضاً بالصفة تخصيص شخص بالذي قد وصفه ]
تخصيص الصفة بصفة معينة يخرجه عن غيره، وهنا ذكر التخصيص بعد أن ذكر العام، فهناك الإطلاق والعموم، فالإطلاق الذي لا يقيد، والعموم الذي يحصر بجنس، أو يحصر بنوع، أو يحد بحد، ويخرج غيره مما يشترك معه من بعض الوجوه، فدخول اثنين وثلاثة وأربعة يسمى عام، ولكن الإطلاق أوسع من العموم، فالعموم دخول الكافة في ذلك، وهنا ذكر ما يقابل العام وهو الخاص، قال: (فذاك تخصيص وأيضاً بالصفة تخصيص شخص بالذي قد وصفه)، إذا ذكرت وصفاً معيناً لشخص حال ذكرك له، كقولك: فلان الأعرج فإن ذكر الأعرج يخرج غيره، فيخرج من ليس بأعور، فهذا الوصف قيده، ولا تقول: يدخل في ذلك كل إنسان، وإنما يخص بذلك الأعرج خاصة، كذلك فيما يتعلق بذكر وصف تقول: فلان المدني، أو فلان المكي، ونحو ذلك.
حمل المطلق على المقيد
قال رحمه الله تعالى:
[ ومطلق على مقيد حمل بها كنص (رقبة) فيمن قتل ]
ذكر هنا المطلق والمقيد. والإطلاق: هو الإرسال، تقول: أطلقت الدابة إذا أرسلتها، وضده المقيد، وقيدت الدابة إذا شددت وثاقها.
وهل يحمل المطلق على المقيد، أم يبقى الإطلاق على إطلاقه، والتقييد على تقييده؟ اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: قالوا: إنه يبقى الإطلاق على إطلاقه، والتقييد على تقييده، فإذا جاء تقييد في معنى من المعاني التي يشترك فيها حكم آخر يكون الإطلاق فيما أطلقه الشارع، والمقيد فيما قيده الشارع، وذلك كتحرير الرقبة في الكفارة، فقد ورد في حال القتل أنها رقبة مؤمنة، كما قال تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ[النساء:92]، وأما في حال كفارة الظهار فقد جاءت مطلقة، من يقول بأنه يبقى المطلق على إطلاقه، والمقيد على تقييده، يقولون أنه في كفارة القتل لابد من رقبة مؤمنة، وفي كفارة الظهار أي رقبة؛ لأن الشارع أطلقها، وما أطلقها إلا لقصد الإطلاق.
القول الثاني: قالوا: يحمل المطلق على المقيد، أي أن الرقبة لا بد أن تكون مؤمنة، سواء كانت في القتل أو كانت في كفارة الظهار، وهذا محل خلاف عند العلماء، والصواب في ذلك أن المطلق يحمل على المقيد إذا اشتركا في الحكم، فنجد أن الكفارة في الظهار هي مشابهة للكفارة في القتل، إذاً: فهي أقرب إلى تقييد الإطلاق بالرقبة المؤمنة، وفي كفارة اليمين نجد أنها لا تتشابه إلا في باب الإعتاق، وجنس غيرها من الصيام والإطعام فإنها تختلف من جهة العدد، وأما من جهة الإعتاق فإنها تشترك معها، إذاً: فالمشابهة في كفارة القتل والظهار أظهر من المشابهة في كفارة اليمين، وكلما قربت في الصفة وفي الموضع حمل المطلق على المقيد، هذا بحسب أوجه الشبه.
قال: (ولفظه أي وأين ومتى ذو اللام فردا أو بجمع ثبتا) صيغ العموم متعددة، منها ما ذكرها المصنف رحمه الله هنا، ومنها ما لم يذكرها، ولكن ذكر الأشهر، فقال: (ومن وما في غير عقل أو عقل)، صيغ العموم كـ"من" وهي للعاقل، و "ما" لغير العاقل، و"أل" للفرد والجمع، فبدخول "أل" على الفرد تفيد العموم، وذلك كقول الله سبحانه وتعالى: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ[العصر:1-2]، فبدخول "أل" على ((الإِنسَانَ)) هنا دل على عمومها على كل إنسان ذكراً كان أو أنثى، صغيراً كان أو كبيراً، أياً كان دينه، وأياً كان جنسه إلا ما استثناه الله سبحانه وتعالى، وكذلك أيضاً دخول "أل" على الجمع، كقول الله جل وعلا: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ[المؤمنون:1]، هذا يدل على أن هذا الوصف شامل لجميع أهل الإيمان، سواء كانوا أهل مكة أو أهل المدينة، أو أهل العراق أو الشام أو اليمن أو مصر أو نحو ذلك، فهم يدخلون في هذا الخطاب.
قال: (وأي): وهي للجميع، قال: (وأين) للمكان، (متى) للزمان، فـ"أين" تستعمل لدخول عموم الأمكنة فيها، فأينما رحل الإنسان سواء رحل في بر أو في بحر، تحت شجر أو في مدر، فيتوجه إليه هذا الخطاب، كذلك "متى" سواء كان في ليل أو نهار، في صيف أو شتاء، أو غير ذلك، فهي عامة في سائر الأزمنة، و"من" للعاقل، و"ما" في غير العاقل، وهي شاملة له.
قال: (واستثن ذا التنكير أو فعلاً حصل)، النفي بـ"لا" يفيد العموم؛ ولهذا نقول: إن النكرة في سياق النفي تفيد العموم، كقولك: لا رجل في الدار، الرجل نكرة جاءت في سياق النفي، فيلزم من ذلك العموم أنه لا يوجد أي رجل في الدار، أو لا امرأة في الدار، أي: لا امرأة صغيرة ولا كبيرة ولا قريبة ولا بعيدة في هذه الدار.
ومما لم يذكره المصنف رحمه الله من صيغ العموم: ما دل على العموم بلفظه، كالعامة، والجميع، والكافة، وغير ذلك، فكلمة عامة يتوجه بها الخطاب إلى العموم، كقول الله جل وعلا: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ[سبأ:28] وقولك: جميع الخلق، وعامة هؤلاء، وعامة أهل الحي، ونحو ذلك، فهذه ألفاظ في ذاتها تدل على العموم، كذلك أيضاً في بعض الأحيان النكرة في سياق الإثبات قد تفيد العموم، ولكن الأصل في ذلك أن النكرة في سياق الإثبات تفيد الإطلاق، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم، وقد تفيد النكرة في سياق الإثبات العموم أيضاً، وما كان منكراً من المنفي فإنه يفيد العموم.