خطب ومحاضرات
شرح السنة للإمام المزني [9]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اهدنا صراطك المستقيم, صراط الذين أنعمت عليهم يا رب العالمين.
أما بعد:
فقد قال الإمام المزني رحمه الله تعالى في رسالته شرح السنة: [ ويقال بفضل خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق رضي الله عنه, فهو أفضل الخلق وأخيرهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم].
بدأ المصنف رحمه الله في مسألة فضل الصحابة, وصدر هذه المسألة بمسألة فضل أبي بكر الصديق عليه رضوان الله, فبدأ بفضل الأفراد قبل أن يبدأ بفضل الصحابة عليهم رضوان الله, وهذا نوع من الترتيب، وعامة المصنفين في أبواب الاعتقاد يذكرون فضل الصحابة في الإجمال، ثم يثنون ببيان التفصيل بفضلهم على مراتبهم.
أبو بكر الصديق عليه رضوان الله لا يختلف أهل الإسلام على فضله, ولا يختلفون كذلك بأنه أفضل الصحابة عليهم رضوان الله, وقد فضله الله عز وجل بجملة من الفضائل:
منها: أنه من السابقين الأولين في الإسلام.
ومنها: أنه رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته, ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ [التوبة:40], فكان رفيقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره الله عز وجل بوصفه وبيان حاله.
ومنها: أنه كان المعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم بماله, وكذلك نفسه وأهله، كما جاء في الصحيح ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في الناس خطيباً فقال: ما من أحد من الناس أمن علي بماله ونفسه ), وفي رواية: ( وأهله من أبي بكر الصديق ), وذلك أنه كان يعين رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمال هو وزوجه أسماء عليها رضوان الله تعالى, وكان أبو بكر الصديق عليه رضوان الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من السابقين, وأيضاً يذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من سطوة المشركين وتعديهم, سواء كان ذلك بألسنتهم أو كان بأيديهم, فكان مقامه من جهة المناصرة, والتمكين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يكن لمثله عليه رضوان الله.
ومن فضائله في ذلك: أن ابنته عائشة عليها رضوان الله هي أحب وأفضل النساء عند رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولهذا سئل النبي صلى الله عليه وسلم: ( من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة، قيل له: فمن الرجال؟ قال: أبوها ), وذلك لفضلهم عليهم رضوان الله تعالى، وكذلك أيضاً من فضائل أبي بكر الصديق عليه رضوان الله أنه أدرك كل الفضائل الذي فضل على غيره بها, من البيعات, والغزوات, والهجرة, والنصرة وغير ذلك من الأمور, ففضل على غيره, فاجتمعت فيه أفراد الفضائل التي انقسمت في غيره, ولهذا كان الصحابة عليهم رضوان الله تعالى لا يقدمون عليه أحداً في حال غياب رسول الله صلى الله عليه وسلم, سواء كان في أمرهم من جهة المشورة والرأي والفتيا, وكذلك الإمامة والأمر والنهي, ولهذا يقول عبد الله بن عمر عليه رضوان الله: ( كنا نفضل في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقول: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نسكت ), وجاء في رواية: ( ثم علي بن أبي طالب ), عليهم رضوان الله.
وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده, وقد أجمعت الأمة على ذلك, وإجماع الصحابة عليهم رضوان الله تعالى على ذلك سواء كان ذلك في ابتداء الأمر أو تواطئوا على ذلك فيما بعد دليل على اتفاقهم على فضله وتقدمه على غيره, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسر إليه ما لا يسر إلى غيره من أصحابه, وكان يصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواضع لا يصاحبه فيها إلا هو, وكان أيضاً أكثر الناس استشارة, يستشيره رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من الأمر, وكثيراً ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذهب هو وأبو بكر وعمر، وكان أيضاً كثيراً ما يقول الصحابة عليهم رضوان الله: أتينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر وعمر، أو عنده أبو بكر وفلان, فكان أبو بكر عليه رضوان الله تعالى جليساً ملازماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم مقدماً في حضره وفي سفره.
وهو أيضاً أفضل الأمم بعد الأنبياء, فكل نبي له أصحاب, وأفضل أصحاب الأنبياء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو: أبو بكر الصديق عليه رضوان الله؛ على خلاف فيما يتعلق فيمن اختلف في نبوته, سواء كان لقمان أو الخضر أو مريم عليهم السلام, فيختلف العلماء في ذلك بسبب الخلاف في نبوتهم، وخلافهم بعضه ضعيف وبعضه قوي بحسب العين.
وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاقتداء بهديه, والاستنان بسنته, والأخذ بقوله عند عدم وجود شيء من أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولهذا ( لما جاءت المرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن أتيت من قابل ولم أجدك, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ائت أبا بكر ), وهذه أمارة على أن أقوال أبي بكر الصديق عليه رضوان الله هي أولى بالترجيح والأخذ إذا لم يكن ثمة سنة من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأنه أعلم الناس بمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيه, وإذا اجتمع إليه عمر وعثمان وعلي، فهؤلاء الأربعة لا يُخرج عن قولهم إذا اجتمعوا على حديث, وقد جاء في السنن من حديث العرباض : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ), فهذا وصف لهم بالتزكية على سبيل المجموع لا على سبيل الإفراد, ( الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ), وهم: الخلفاء الراشدون الأربعة عليهم رضوان الله تعالى، وكان من بعده وهو: عمر بن الخطاب يقر بفضل أبي بكر ولا يخرج عن قوله.
مكانة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال رحمه الله [ ونثني بعده بالفاروق وهو: عمر بن الخطاب رضي الله عنه, فهما وزيرا رسول الله صلى الله عليه وسلم, وضجيعاه في قبره ].
وزيرا رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة القرب والدنو والاستشارة والأخذ برأيهم فيما يؤخذ فيه الرأي, وكذلك أيضاً لقربهما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتيهما, فتزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر بن الخطاب؛ وهذا لشدة قرب هذين الرجلين منه.
مجاورة أبي بكر وعمر للرسول بعد الممات
قال رحمه الله: (وضجيعاه في قبره), وذلك أن الله عز وجل قد اختار لهم قدراً أن يكونا بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى في قبره, لذا لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم دفن في حجرة عائشة عليها رضوان الله تعالى, وبقي مكان فيها, وكانت عائشة في الحجرة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبيت بها, وكان حالها على حالها السابق, حتى توفي أبو بكر الصديق عليه رضوان الله, فما بقي إلا موضعاً واحداً؛ دفنت أبا بكر الصديق عليه رضوان الله، ثم بقي مكان واحد فبعث إليها عمر بن الخطاب عليه رضوان الله يستأذنها بذلك, فقالت: إني كنت أريده لنفسي وإني أوثره به, يعني: بهذا المكان, ثم دفن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى في ذلك المكان, ثم خرجت عائشة عليها رضوان الله تعالى لضيق مكان حجرتها عن استيعاب شأنها, وربما يكون أيضاً ذلك من باب التعظيم, وحتى لا يكثر الناس دخولاً وولوجاً إليها وكانت الحجرة ابتداءً تفتح بأمر عائشة، يعني: الحجرة التي فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
قال رحمه الله [ ونثني بعده بالفاروق وهو: عمر بن الخطاب رضي الله عنه, فهما وزيرا رسول الله صلى الله عليه وسلم, وضجيعاه في قبره ].
وزيرا رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة القرب والدنو والاستشارة والأخذ برأيهم فيما يؤخذ فيه الرأي, وكذلك أيضاً لقربهما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتيهما, فتزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر بن الخطاب؛ وهذا لشدة قرب هذين الرجلين منه.
قال رحمه الله: (وضجيعاه في قبره), وذلك أن الله عز وجل قد اختار لهم قدراً أن يكونا بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى في قبره, لذا لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم دفن في حجرة عائشة عليها رضوان الله تعالى, وبقي مكان فيها, وكانت عائشة في الحجرة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبيت بها, وكان حالها على حالها السابق, حتى توفي أبو بكر الصديق عليه رضوان الله, فما بقي إلا موضعاً واحداً؛ دفنت أبا بكر الصديق عليه رضوان الله، ثم بقي مكان واحد فبعث إليها عمر بن الخطاب عليه رضوان الله يستأذنها بذلك, فقالت: إني كنت أريده لنفسي وإني أوثره به, يعني: بهذا المكان, ثم دفن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى في ذلك المكان, ثم خرجت عائشة عليها رضوان الله تعالى لضيق مكان حجرتها عن استيعاب شأنها, وربما يكون أيضاً ذلك من باب التعظيم, وحتى لا يكثر الناس دخولاً وولوجاً إليها وكانت الحجرة ابتداءً تفتح بأمر عائشة، يعني: الحجرة التي فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وبهذا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم تبن على قبره الحجرة, وإنما دفن فيها, وهذا هو الفرق بين القبور التي تدفن ثم يبنى عليها, وهذا هو الأمر المحظور, والأمر المنهي عنه, بخلاف من يدفن مثلاً في دور, أو يدفن مثلاً في أحواش معروفة أو نحو ذلك, فهذا لم يقصد بالبناء من جهة الأصل التعظيم, وكانت العرب ابتداء تدفن في أفنية المنازل وتدفن أيضاً في الحجر, ولهذا يقول الشاعر:
لكل أناس مقبر بفنائهم فهم ينقصون والقبور تزيد
يعني: يدفنون الناس في الأحواش، ويدفنونهم في البيوت, فإذا امتلأ البيت أو امتلأت الحجرة من أهلها خرجوا منها إلى موضع آخر, فلم يكونوا يستوحشون من القبور كما يستوحش المتأخرون منها, والنهي في ذلك أن يوضع القبر ثم يكون عليه البناء, وإنما دفن النبي صلى الله عليه وسلم في موضعه الذي مات فيه؛ وذلك لما جاء في حديث أبي بكر : ( إن الأنبياء يدفنون حيث يُقبضون ), يعني: في الموضع الذي يموتون فيه, وهذا الحديث جاء من طرق متعددة من حديث أبي بكر الصديق عليه رضوان الله تعالى وغيره, منهم من يحسنه ومنهم من يضعفه, ولعل العلة في ذلك الدفن قطع الاجتهاد, أي: أن لا يجتهد الناس بنقل النبي صلى الله عليه وسلم في موضع كذا أو موضع كذا أو نحو ذلك, وقد يكون أيضاً فيه قطع لحجة من يحتج أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في موضع بناء أو نحو ذلك, فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما اختار الله عز وجل له بقعة وما اختار له بناء, ولهذا فالبناء على القبور محرم, وأما دفن الميت في بيت كان فيه والبناء بني لغيره, فهذا أمر آخر, كما كان عليه حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحال صاحبيه.
سبب تسمية عثمان بذي النورين
قال رحمه الله: [ ونثلث بذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه ].
يقول: (ونثلث بذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه), عثمان بن عفان سمي بـذي النورين؛ لأنه تزوج بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم, وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم له عدة من البنات، منهن: فاطمة ورقية وأم كلثوم، وكان من بناته من كانت تحت ابني أبي لهب في الجاهلية, فطلقتا منهما ثم بعد ذلك تزوجهما عثمان بن عفان عليه رضوان الله تعالى فأطلق عليه لقب ذي النورين, وذلك لقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهذه من أمارات قربه، وفضله، ودنوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تفضيل عثمان بن عفان على علي بن أبي طالب
وقوله هنا: (ونثلث بذي النورين عثمان بن عفان), الصحابة عليهم رضوان الله تعالى يتفقون على ذلك، ولا يختلفون في فضل عثمان على علي بن أبي طالب، كما جاء في حديث عبد الله بن عمر: ( كنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي نقول: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان ), هذا النص الأصح, جاء في بعض الروايات: ( ثم علي بن أبي طالب ), عليه رضوان الله, ويتفق التابعون أيضاً على أن علي بن أبي طالب عليه رضوان الله تعالى هو رابعهم, وكذلك أيضاً يتفق على هذا أهل السنة على خلاف عند بعض المتشيعة الذين يقولون بفضل علي بن أبي طالب على عثمان، ويسمون بالعلويين, ويلمزون من يقدم عثمان بن عفان بالعثمانيين.
غلو الشيعة في تفضيل علي رضي الله عنه
وثم بعد ذلك دخل الغلو في دائرة تعظيم علي بن أبي طالب، فبعدما ابتدءوه بدائرة تفضيل علي بن أبي طالب على عثمان، رفعوه، ثم فضلوه على عمر تهيباً لـأبي بكر، ثم رفعوه على أبي بكر تهيباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم ظهر في ذلك الغلو والكفر والطغيان الذي جاوز في ذلك حده؛ إذ جعلوا علي بن أبي طالب هو أولى بالرسالة, وأن جبريل عليه السلام أخطأ رسالته فجعلها في محمد عليه الصلاة والسلام, وإنما هي لـعلي بن أبي طالب، ونشأ بعد ذلك الغلو عكساً؛ لأنه ما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد من جهة التفضيل, قالوا: نفضل من ذلك ذريته, فرجعوا بعد ذلك إلى الذرية, بتفضيل فاطمة واختلاق الأحاديث والبدع في ذلك, ثم ما جاء بعد من ذريتها من الحسن والحسين، وما جاء أيضاً من ذريتهم, فجاءت بدعة العصمة في الأئمة من ذرية فاطمة عليها رضوان الله تعالى, وغلوا في ذلك وتسلسلت البدعة لديهم كما تقدم معنا أيضاً في صدر هذا الكتاب.
فضل علي بن أبي طالب وما ورد في ذلك
قال رحمه الله: [ ثم بذي الفضل والتقى علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين ].
يقول هنا: (ثم بذي الفضل والتقى علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين), علي بن أبي طالب هو رابع الخلفاء الراشدين, وهو أيضاً من العشرة المبشرين بالجنة, والنصوص أيضاً في فضله ومنزلته ومقامه وقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم, كثيرة, ومنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال علي بن أبي طالب : ( عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ), ويكفي في ذلك كونه من الخلفاء الراشدين الأربعة الذين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاستنان بسنتهم والاهتداء بهديهم, وهو كذلك أيضاً من فقهاء الصحابة وأجلائهم.
قال رحمه الله: [ ونثلث بذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه ].
يقول: (ونثلث بذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه), عثمان بن عفان سمي بـذي النورين؛ لأنه تزوج بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم, وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم له عدة من البنات، منهن: فاطمة ورقية وأم كلثوم، وكان من بناته من كانت تحت ابني أبي لهب في الجاهلية, فطلقتا منهما ثم بعد ذلك تزوجهما عثمان بن عفان عليه رضوان الله تعالى فأطلق عليه لقب ذي النورين, وذلك لقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهذه من أمارات قربه، وفضله، ودنوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله هنا: (ونثلث بذي النورين عثمان بن عفان), الصحابة عليهم رضوان الله تعالى يتفقون على ذلك، ولا يختلفون في فضل عثمان على علي بن أبي طالب، كما جاء في حديث عبد الله بن عمر: ( كنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي نقول: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان ), هذا النص الأصح, جاء في بعض الروايات: ( ثم علي بن أبي طالب ), عليه رضوان الله, ويتفق التابعون أيضاً على أن علي بن أبي طالب عليه رضوان الله تعالى هو رابعهم, وكذلك أيضاً يتفق على هذا أهل السنة على خلاف عند بعض المتشيعة الذين يقولون بفضل علي بن أبي طالب على عثمان، ويسمون بالعلويين, ويلمزون من يقدم عثمان بن عفان بالعثمانيين.
وثم بعد ذلك دخل الغلو في دائرة تعظيم علي بن أبي طالب، فبعدما ابتدءوه بدائرة تفضيل علي بن أبي طالب على عثمان، رفعوه، ثم فضلوه على عمر تهيباً لـأبي بكر، ثم رفعوه على أبي بكر تهيباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم ظهر في ذلك الغلو والكفر والطغيان الذي جاوز في ذلك حده؛ إذ جعلوا علي بن أبي طالب هو أولى بالرسالة, وأن جبريل عليه السلام أخطأ رسالته فجعلها في محمد عليه الصلاة والسلام, وإنما هي لـعلي بن أبي طالب، ونشأ بعد ذلك الغلو عكساً؛ لأنه ما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد من جهة التفضيل, قالوا: نفضل من ذلك ذريته, فرجعوا بعد ذلك إلى الذرية, بتفضيل فاطمة واختلاق الأحاديث والبدع في ذلك, ثم ما جاء بعد من ذريتها من الحسن والحسين، وما جاء أيضاً من ذريتهم, فجاءت بدعة العصمة في الأئمة من ذرية فاطمة عليها رضوان الله تعالى, وغلوا في ذلك وتسلسلت البدعة لديهم كما تقدم معنا أيضاً في صدر هذا الكتاب.
قال رحمه الله: [ ثم بذي الفضل والتقى علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين ].
يقول هنا: (ثم بذي الفضل والتقى علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين), علي بن أبي طالب هو رابع الخلفاء الراشدين, وهو أيضاً من العشرة المبشرين بالجنة, والنصوص أيضاً في فضله ومنزلته ومقامه وقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم, كثيرة, ومنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال علي بن أبي طالب : ( عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ), ويكفي في ذلك كونه من الخلفاء الراشدين الأربعة الذين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاستنان بسنتهم والاهتداء بهديهم, وهو كذلك أيضاً من فقهاء الصحابة وأجلائهم.
استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطريفي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح السنة للإمام المزني [8] | 2416 استماع |
شرح السنة للإمام المزني [10] | 1923 استماع |
شرح السنة للإمام المزني [1] | 1894 استماع |
شرح السنة للإمام المزني [7] | 1616 استماع |
شرح السنة للإمام المزني [5] | 1549 استماع |
شرح السنة للإمام المزني [3] | 1369 استماع |
شرح السنة للإمام المزني [6] | 1236 استماع |
شرح السنة للإمام المزني [4] | 979 استماع |
شرح السنة للإمام المزني [2] | 669 استماع |