الأحاديث المعلة في الصلاة [36]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فنكمل ما توقفنا عنده في المجالس السابقة فيما يتعلق بإيراد جملة من الأحاديث التي يتكلم العلماء عليهم رحمة الله تعالى عليها بإعلال في أبواب الصلاة، وقد ذكرنا جملة من الأحاديث في هذا الباب، ومما نورده في هذا هو حديث عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى أنه قال: إن رفعكم لأيديكم إلى السماء في الصلاة لبدعة، يقسم على ذلك عبد الله بن عمر عليه رضوان الله.

هذا الحديث قد جاء من حديث حماد بن سلمة عن بشر بن حرب عن عبد الله بن عمر عنه عليه رضوان الله تعالى أنه كان يقول: إن رفعكم أيديكم إلى السماء في الصلاة لبدعة، يقسم على ذلك عبد الله بن عمر عليه رضوان الله.

الحديث أخرجه البيهقي على ما تقدم في كتابه الخلافيات من حديث حماد بن سلمة عن بشر بن حرب عن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله، وهذا الحديث معلول بجملة من العلل:

علل أثر ابن عمر

أول هذه العلل: أن هذا الحديث تفرد به بشر بن حرب عن عبد الله بن عمر ، و بشر بن حرب هو من المتوسطين ليس من الضعفاء المتروكين ولا أيضاً من الثقات الحفاظ، وليس أيضاً من أهل الاختصاص في الرواية عن عبد الله بن عمر وطول الملازمة، وإنما مرتبته دون ذلك.

والثقات من أصحاب عبد الله بن عمر عليه رضوان الله كابنيه سهل و نافع وغيره يروون عنه رفع اليدين في الصلاة، وهذا الحديث هو حديث عبد الله بن عمر يأخذ به بعض الفقهاء من أهل الكوفة وغيرهم بكراهة رفع اليدين في الصلاة إلا في تكبيرة الإحرام، وهذا الحديث على ما تقدم معلول وذلك أن بشر بن حرب الذي يرويه عن عبد الله بن عمر قد خالف الثقات من أصحاب عبد الله بن عمر في الرواية في هذا.

ومن أمثل هذه الروايات ما جاء في رواية ابن شهاب الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر في رفع اليدين في تكبيرة الإحرام وكذلك الركوع والرفع من الركوع، وهذا يدل على نكارة تفرد بشر بن حرب في هذه الرواية.

كذلك أيضاً من وجوه النكارة في هذا الحديث: أن هذا الحديث مخالف للمستفيض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من التكبير والإشارة في الصلاة، وذلك أنه قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث بضعة عشر رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يروون عنه الرفع، يروون عنه رفع اليدين في الصلاة، وهذه الرواية هي التي تخالف أيضاً الروايات عن عبد الله بن عمر فضلاً عن الأحاديث التي ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير حديث عبد الله بن عمر والتي تدل على رد هذا الحديث.

ثم أيضاً من القرائن عند العلماء عليهم رحمة الله: أن العمل الذي ينقل ويستفيض لا يكتفى بإسناد واحد فيه في الإثبات، وعندنا هنا في حديث عبد الله بن عمر نفي رفع اليدين، ولكن في رفع اليدين يخالف في ذلك ما جاء ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحاديث في رفع اليدين في الصلاة.

كذلك أيضاً وهذا أيضاً من وجوه الإعلال وهي علة ثابتة في ذلك: أن حديث عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى هذا مخالف لما عليه الإطباق عن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى برفع اليدين، ولا يحفظ عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يرفع يديه في الصلاة، ولهذا البخاري رحمه الله في كتابه جزء رفع اليدين يشدد في هذا، يشدد في القول بعدم الرفع ويدرك أن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى يقولون بالرفع، بل كان يقول عليه رحمة الله في هذه المسألة قال: من قال بعدم الرفع فقد طعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن الصحابة يجمعون على هذا ولا يعرف لهم مخالف في إثبات الرفع لا بإسناد صحيح ولا ما دون ذلك مما يدخل عدداً في دائرة الاحتجاج من الأحاديث الحسنة ولا يعرف لهم مخالف عن ذلك الصحابي، فـعبد الله بن عمر عليه رضوان الله هو الذي جاء عنه التوجيه في هذا الرواية في عدم الرفع وقوله إنها بدعة، ثم جاء عنه أحاديث الرفع وهي التي اعتمدها البخاري رحمه الله، وكذلك أيضاً جاء في غيره رفع اليدين من وجوه عدة دليل على نكارة رواية بشر بن حرب عن عبد الله بن عمر .

وأيضاً من وجوه الإعلال لحديث بشر بن حرب عن عبد الله بن عمر : أن بشر بن حرب فيما يظهر أنه لم يضبط هذا الحديث وأن المراد بالرفع هنا رفع اليد للدعاء وليس المراد بذلك هو الرفع عند التكبير، ومعلوم أن في الصلاة دعاء كالدعاء بين السجدتين كقول الإنسان: رب اغفر لي وارحمني وأهدني وأجبرني، وكذلك دعاء الإنسان في تشهده، فهل هذا من مواضع رفع الدعاء أم لا؟

محمل أثر ابن عمر ومعناه

الذي يظهر -والله أعلم- أن عبد الله بن عمر في قوله البدعة هنا يقسم على ذلك عبد الله بن عمر أن المراد بذلك هو رفع اليدين في الدعاء لا رفع اليدين عند التكبير، يؤيد هذا أن الحديث قد جاء عن بشر بن حرب من وجهين:

الوجه الأول: جاء من حديث حماد بن سلمة عن بشر بن حرب عن عبد الله بن عمر قال: رفعكم أيديكم إلى السماء، فجاء بالعموم.

الوجه الثاني: جاء من حديث الحسين بن واقد عن بشر بن حرب عن عبد الله بن عمر قال: رفعكم أيدكم في الدعاء في الصلاة، مما يدل على أن مراد عبد الله بن عمر عليه رضوان الله في رفع اليدين مراده برفع اليدين هنا هو في الدعاء وليس المراد بذلك هو الرفع المقترن بالتكبير، إذاً فهي مسألة أخرى، وبهذا نعلم أن بعض الوجوه التي ترد في كلام بعض الرواة في الأحاديث التي تأتي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبغي أن لا يلتفت إليه إذا كان العمل على خلافها، وذلك كعمل الصحابة عليهم رضوان الله تعالى في الرفع.

أصح رفع في الصلاة ومواضع الخلاف فيه

أصح رفع في الصلاة هو المقترن بتكبيرة الإحرام، وهذا محل اتفاق عند السلف وعند الأئمة الأربعة، وإنما الخلاف في الرفع فيما عدا ذلك، وأهل الكوفة أهل الرأي كـأبي حنيفة ومن تبعه يقولون بعدم الرفع إلا في تكبيرة الإحرام ويخالفون فيها، فيجعلون تكبيرة الإحرام واجبة، فيجعلون تكبيرة الإحرام الرفع فيها واجب على خلاف العلماء عليهم رحمة الله تعالى من قول جماهيرهم أن التكبير في ذلك ركن ولكن الإشارة في ذلك سنة، وكان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يشدد في هذا.

ولهذا جاء عن ابن المبارك رحمه الله يقول: صليت فقال: صليت مع النعمان يقول: فقال لي لما رآه يكبر في ركوعه عند الركوع وعند الرفع من الركوع قال: ألا تخشى أن تطير؟ قال: لم أطر في الأولى فلماذا أطير في الثانية، لأن أبا حنيفة رحمه الله يرى تكبيرة الإشارة في التكبيرة الأولى وهي تكبيرة الإحرام، قال: يا أبا حنيفة أنت ترى أن الإنسان يشير في الأولى فالذي لا يطير في الأولى لا يطير في الثانية، فلماذا تقول بأني لا أطير في الرفع ثم أطير فيما عدا ذلك؟ وهذا ليس استدلالاً فقهياً يرد به الدليل الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أول هذه العلل: أن هذا الحديث تفرد به بشر بن حرب عن عبد الله بن عمر ، و بشر بن حرب هو من المتوسطين ليس من الضعفاء المتروكين ولا أيضاً من الثقات الحفاظ، وليس أيضاً من أهل الاختصاص في الرواية عن عبد الله بن عمر وطول الملازمة، وإنما مرتبته دون ذلك.

والثقات من أصحاب عبد الله بن عمر عليه رضوان الله كابنيه سهل و نافع وغيره يروون عنه رفع اليدين في الصلاة، وهذا الحديث هو حديث عبد الله بن عمر يأخذ به بعض الفقهاء من أهل الكوفة وغيرهم بكراهة رفع اليدين في الصلاة إلا في تكبيرة الإحرام، وهذا الحديث على ما تقدم معلول وذلك أن بشر بن حرب الذي يرويه عن عبد الله بن عمر قد خالف الثقات من أصحاب عبد الله بن عمر في الرواية في هذا.

ومن أمثل هذه الروايات ما جاء في رواية ابن شهاب الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر في رفع اليدين في تكبيرة الإحرام وكذلك الركوع والرفع من الركوع، وهذا يدل على نكارة تفرد بشر بن حرب في هذه الرواية.

كذلك أيضاً من وجوه النكارة في هذا الحديث: أن هذا الحديث مخالف للمستفيض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من التكبير والإشارة في الصلاة، وذلك أنه قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث بضعة عشر رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يروون عنه الرفع، يروون عنه رفع اليدين في الصلاة، وهذه الرواية هي التي تخالف أيضاً الروايات عن عبد الله بن عمر فضلاً عن الأحاديث التي ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير حديث عبد الله بن عمر والتي تدل على رد هذا الحديث.

ثم أيضاً من القرائن عند العلماء عليهم رحمة الله: أن العمل الذي ينقل ويستفيض لا يكتفى بإسناد واحد فيه في الإثبات، وعندنا هنا في حديث عبد الله بن عمر نفي رفع اليدين، ولكن في رفع اليدين يخالف في ذلك ما جاء ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحاديث في رفع اليدين في الصلاة.

كذلك أيضاً وهذا أيضاً من وجوه الإعلال وهي علة ثابتة في ذلك: أن حديث عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى هذا مخالف لما عليه الإطباق عن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى برفع اليدين، ولا يحفظ عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يرفع يديه في الصلاة، ولهذا البخاري رحمه الله في كتابه جزء رفع اليدين يشدد في هذا، يشدد في القول بعدم الرفع ويدرك أن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى يقولون بالرفع، بل كان يقول عليه رحمة الله في هذه المسألة قال: من قال بعدم الرفع فقد طعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن الصحابة يجمعون على هذا ولا يعرف لهم مخالف في إثبات الرفع لا بإسناد صحيح ولا ما دون ذلك مما يدخل عدداً في دائرة الاحتجاج من الأحاديث الحسنة ولا يعرف لهم مخالف عن ذلك الصحابي، فـعبد الله بن عمر عليه رضوان الله هو الذي جاء عنه التوجيه في هذا الرواية في عدم الرفع وقوله إنها بدعة، ثم جاء عنه أحاديث الرفع وهي التي اعتمدها البخاري رحمه الله، وكذلك أيضاً جاء في غيره رفع اليدين من وجوه عدة دليل على نكارة رواية بشر بن حرب عن عبد الله بن عمر .

وأيضاً من وجوه الإعلال لحديث بشر بن حرب عن عبد الله بن عمر : أن بشر بن حرب فيما يظهر أنه لم يضبط هذا الحديث وأن المراد بالرفع هنا رفع اليد للدعاء وليس المراد بذلك هو الرفع عند التكبير، ومعلوم أن في الصلاة دعاء كالدعاء بين السجدتين كقول الإنسان: رب اغفر لي وارحمني وأهدني وأجبرني، وكذلك دعاء الإنسان في تشهده، فهل هذا من مواضع رفع الدعاء أم لا؟

الذي يظهر -والله أعلم- أن عبد الله بن عمر في قوله البدعة هنا يقسم على ذلك عبد الله بن عمر أن المراد بذلك هو رفع اليدين في الدعاء لا رفع اليدين عند التكبير، يؤيد هذا أن الحديث قد جاء عن بشر بن حرب من وجهين:

الوجه الأول: جاء من حديث حماد بن سلمة عن بشر بن حرب عن عبد الله بن عمر قال: رفعكم أيديكم إلى السماء، فجاء بالعموم.

الوجه الثاني: جاء من حديث الحسين بن واقد عن بشر بن حرب عن عبد الله بن عمر قال: رفعكم أيدكم في الدعاء في الصلاة، مما يدل على أن مراد عبد الله بن عمر عليه رضوان الله في رفع اليدين مراده برفع اليدين هنا هو في الدعاء وليس المراد بذلك هو الرفع المقترن بالتكبير، إذاً فهي مسألة أخرى، وبهذا نعلم أن بعض الوجوه التي ترد في كلام بعض الرواة في الأحاديث التي تأتي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبغي أن لا يلتفت إليه إذا كان العمل على خلافها، وذلك كعمل الصحابة عليهم رضوان الله تعالى في الرفع.

أصح رفع في الصلاة هو المقترن بتكبيرة الإحرام، وهذا محل اتفاق عند السلف وعند الأئمة الأربعة، وإنما الخلاف في الرفع فيما عدا ذلك، وأهل الكوفة أهل الرأي كـأبي حنيفة ومن تبعه يقولون بعدم الرفع إلا في تكبيرة الإحرام ويخالفون فيها، فيجعلون تكبيرة الإحرام واجبة، فيجعلون تكبيرة الإحرام الرفع فيها واجب على خلاف العلماء عليهم رحمة الله تعالى من قول جماهيرهم أن التكبير في ذلك ركن ولكن الإشارة في ذلك سنة، وكان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يشدد في هذا.

ولهذا جاء عن ابن المبارك رحمه الله يقول: صليت فقال: صليت مع النعمان يقول: فقال لي لما رآه يكبر في ركوعه عند الركوع وعند الرفع من الركوع قال: ألا تخشى أن تطير؟ قال: لم أطر في الأولى فلماذا أطير في الثانية، لأن أبا حنيفة رحمه الله يرى تكبيرة الإشارة في التكبيرة الأولى وهي تكبيرة الإحرام، قال: يا أبا حنيفة أنت ترى أن الإنسان يشير في الأولى فالذي لا يطير في الأولى لا يطير في الثانية، فلماذا تقول بأني لا أطير في الرفع ثم أطير فيما عدا ذلك؟ وهذا ليس استدلالاً فقهياً يرد به الدليل الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الحديث الثاني في الأحاديث في هذا اليوم: هو حديث عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة )، والمراد بذلك: هو القبض، هذا حديث عبد الله بن عباس أخرجه الطبراني و ابن حبان في كتابه الصحيح و الدارقطني في كتابه السنن، و البيهقي من حديث طلحة بن عمرو المكي الحضرمي عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

علل حديث: (إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة)

وهذا الحديث جاء من وجوه ووقع فيه اضطراب، والوجه الذي جاء في هذا الحديث وهو أمثلها هو هذا الطريق هو حديث طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

جاء في بعض الوجوه يرويه حرملة بن يحيى عن عبد الله بن وهب عن طلحة بن عمرو و ابن الحارث عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرن ابن الحارث مع طلحة بن عمرو فجعله متابعاً له، وهذه المتابعة خطأ ووهم، والذي يظهر والله أعلم أن الوهم بذلك يحتمل أن يكون من حرملة بن يحيى الذي يروي عن عبد الله بن وهب .

وذلك أن الأئمة النقاد رحمهم الله كـالطبراني لما أخرج هذا الحديث قال: هذا الحديث يعرف من حديث طلحة عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس ، وكذا قال أيضاً ابن حبان ، وكذا أيضاً قال البيهقي ، وكذا قال أيضاً ابن رجب رحمه الله في كتابه الفتح: أن الأظهر في ذلك والأشبه أن الحديث لا يروى إلا من حديث طلحة بن عمرو المكي عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس ، و طلحة بن عمرو المكي ضعيف الحديث يضعفه الأئمة كالإمام أحمد ، و ابن المديني ، و يحيى بن معين وغيرهم، فهو ضعيف الحديث، وقد تفرد بهذا الحديث عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس قال: ( إنا معاشر الأنبياء أمرنا )، فذكر الأمر، وهنا إيرادنا لهذا الحديث ليس بخصوص هذه المسألة وهي مسألة القبض، فمسألة القبض ثابتة، ولكن الأمر في قوله: ( أمرنا معاشر الأنبياء أن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة )، وذكر الأمر في حديث عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى هنا منكر وذلك أنه تفرد به طلحة بن عمرو المكي عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما المتابعة التي جاءت في حديث حرملة بن يحيى عن عبد الله بن وهب وهو أنه قرن ابن الحارث بـطلحة نقول: إن هذه المتابعة لا اعتبار بها، ووقع في هذا الحديث أيضاً وجه آخر، وذلك أنه قد أخرجه الدارقطني من حديث النضر بن إسماعيل عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس فذكره وقال: ( إنا معاشر الأنبياء أمرنا )، وهذا الوجه وهو رواية النضر بن إسماعيل عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس يظهر -والله أعلم- أنها خطأ أيضاً، ووجه الخطأ في هذا: أن النضر بن إسماعيل هو خفيف الضبط، وهو صالح في ذاته، إلا أنه لا يحفظ الأسانيد، ولدينا في حفظ المرويات حفظ للمتون وحفظ للأسانيد، فمن الناس من يؤتى حفظ الأسانيد والمتون، وهذا هو الغالب في الحفاظ حفاظ الصدر الأول، ومن الناس من يؤتى بمعرفة المعاني وحفظ المتون ولا عناية له بالأسانيد وهذا يغلب عند أهل الفقه والرأي وهو كثير في الكوفيين، وهو العناية بالمتون ومعانيها وألفاظها وعدم العناية بالأسانيد.

ولهذا من قرائن الإعلال: أنك إذا وجدت كوفياً خالف في إسناده غيره من الرواة الحفاظ فيحتمل أنه أخطأ في الإسناد، وهذا مهم جداً أن ينظر فيه، فلا يظن أن هذا الطريق وهو طريق النضر بن إسماعيل عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى في هذه الرواية أنه يتابع في ذلك طلحة بن عمرو ، وعلى هذا لو نظرنا إلى هذا الإسناد لقلنا: إن رواية طلحة بن عمرو و النضر بن إسماعيل أن هذه تتابع هذه، وعلى هذا يقول: الحديث حسن، وهذا فعله بعض المتأخرين وهذا خطأ، الإمام أحمد رحمه الله يقول في النضر بن إسماعيل يقول: لا يحفظ الأسانيد، يعني: يخطئ فيها.

والذي يظهر لي -والله أعلم- أن النضر بن إسماعيل إنما أخذ الحديث من طلحة بن عمرو فغلط فيه من غير عمد لأنه رجل صالح فروى الحديث عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وكلاهما كوفي: النضر بن إسماعيل و محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى كلاهما كوفي يرويان هذا الحديث، يروي ابن أبي ليلى هذا الحديث عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس ، والصواب في ذلك فيما يظهر أن الحديث من حديث النضر بن إسماعيل عن طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس .

وعلى هذا نقول: إن هذا الحديث ليس له إلا طريق واحد، وهو رواية عطاء عن عبد الله بن عباس وما يرويه عن عطاء هو طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس ، ويظهر في الوهم أيضاً هنا أن النضر بن إسماعيل يروي هذا الحديث عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن أبي هريرة ، فجعله من مسند عبد الله بن عباس وهذه غلطة أخرى في هذا الحديث.

ثم أيضاً لو كان هذا الحديث على وجهه لرواه النضر بن إسماعيل عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة فكانت روايته على وجهه لكان الحديث أيضاً ضعيفاً لا ينجبر مع الطريق الأولى، وذلك أن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أيضاً ضعيف الحديث، وعادة الكوفيين في هذا على ما تقدم معنا مراراً الإشارة إلى أنهم لا يضبطون الأسانيد كذلك أيضاً المتون.

ثبوت قبض اليدين عند القيام في الصلاة وموضعه

في هذه السنة وهي وضع اليدين على الصدر الثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام في هذا القبض وهو وضع اليمنى على اليسرى، أما بالنسبة لمكان القبض هل هي الصدر، أو على السرة، أو تحت السرة، أو أعلى السرة؟ الأحاديث الواردة في هذا معلولة، وتقدم معنا الكلام على هذه الأحاديث في شهور قبل العام الماضي في حديث وائل بن حجر عليه رضوان الله تعالى، تكلمنا عليها وعلى طرقها، والأحاديث الواردة فيها.

أما نسبة ذلك إلى الأمر فهو جاء في حديث عبد الله بن عباس هنا وجاء في حديث أبي هريرة أيضاً وهو غلط، جاء أيضاً في حديث أبي الدرداء وإسناده ضعيف، جاء في حديث عبد الله بن عمر أيضاً مرفوعاً نسبةً للأنبياء من غير أمر وهو ضعيف، وجاء أيضاً من حديث الحسن أنه في بني إسرائيل من غير نسبته للأنبياء أيضاً وهو ضعيف، وجاء أيضاً موقوفاً على عائشة عليها رضوان الله تعالى، ولا يثبت في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الأنبياء.

ولهذا نقول: الثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام هو مشروعية القبض، أما أمر النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك صراحةً فهذا لا يثبت عنه، وجاء في حديث سهل قال: ( أمرنا )، من غير ذكر الأمر في ذلك، ومن غير ذكر أيضاً أنها هذه الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام.

وهذا الحديث جاء من وجوه ووقع فيه اضطراب، والوجه الذي جاء في هذا الحديث وهو أمثلها هو هذا الطريق هو حديث طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

جاء في بعض الوجوه يرويه حرملة بن يحيى عن عبد الله بن وهب عن طلحة بن عمرو و ابن الحارث عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرن ابن الحارث مع طلحة بن عمرو فجعله متابعاً له، وهذه المتابعة خطأ ووهم، والذي يظهر والله أعلم أن الوهم بذلك يحتمل أن يكون من حرملة بن يحيى الذي يروي عن عبد الله بن وهب .

وذلك أن الأئمة النقاد رحمهم الله كـالطبراني لما أخرج هذا الحديث قال: هذا الحديث يعرف من حديث طلحة عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس ، وكذا قال أيضاً ابن حبان ، وكذا أيضاً قال البيهقي ، وكذا قال أيضاً ابن رجب رحمه الله في كتابه الفتح: أن الأظهر في ذلك والأشبه أن الحديث لا يروى إلا من حديث طلحة بن عمرو المكي عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس ، و طلحة بن عمرو المكي ضعيف الحديث يضعفه الأئمة كالإمام أحمد ، و ابن المديني ، و يحيى بن معين وغيرهم، فهو ضعيف الحديث، وقد تفرد بهذا الحديث عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس قال: ( إنا معاشر الأنبياء أمرنا )، فذكر الأمر، وهنا إيرادنا لهذا الحديث ليس بخصوص هذه المسألة وهي مسألة القبض، فمسألة القبض ثابتة، ولكن الأمر في قوله: ( أمرنا معاشر الأنبياء أن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة )، وذكر الأمر في حديث عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى هنا منكر وذلك أنه تفرد به طلحة بن عمرو المكي عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما المتابعة التي جاءت في حديث حرملة بن يحيى عن عبد الله بن وهب وهو أنه قرن ابن الحارث بـطلحة نقول: إن هذه المتابعة لا اعتبار بها، ووقع في هذا الحديث أيضاً وجه آخر، وذلك أنه قد أخرجه الدارقطني من حديث النضر بن إسماعيل عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس فذكره وقال: ( إنا معاشر الأنبياء أمرنا )، وهذا الوجه وهو رواية النضر بن إسماعيل عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس يظهر -والله أعلم- أنها خطأ أيضاً، ووجه الخطأ في هذا: أن النضر بن إسماعيل هو خفيف الضبط، وهو صالح في ذاته، إلا أنه لا يحفظ الأسانيد، ولدينا في حفظ المرويات حفظ للمتون وحفظ للأسانيد، فمن الناس من يؤتى حفظ الأسانيد والمتون، وهذا هو الغالب في الحفاظ حفاظ الصدر الأول، ومن الناس من يؤتى بمعرفة المعاني وحفظ المتون ولا عناية له بالأسانيد وهذا يغلب عند أهل الفقه والرأي وهو كثير في الكوفيين، وهو العناية بالمتون ومعانيها وألفاظها وعدم العناية بالأسانيد.

ولهذا من قرائن الإعلال: أنك إذا وجدت كوفياً خالف في إسناده غيره من الرواة الحفاظ فيحتمل أنه أخطأ في الإسناد، وهذا مهم جداً أن ينظر فيه، فلا يظن أن هذا الطريق وهو طريق النضر بن إسماعيل عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى في هذه الرواية أنه يتابع في ذلك طلحة بن عمرو ، وعلى هذا لو نظرنا إلى هذا الإسناد لقلنا: إن رواية طلحة بن عمرو و النضر بن إسماعيل أن هذه تتابع هذه، وعلى هذا يقول: الحديث حسن، وهذا فعله بعض المتأخرين وهذا خطأ، الإمام أحمد رحمه الله يقول في النضر بن إسماعيل يقول: لا يحفظ الأسانيد، يعني: يخطئ فيها.

والذي يظهر لي -والله أعلم- أن النضر بن إسماعيل إنما أخذ الحديث من طلحة بن عمرو فغلط فيه من غير عمد لأنه رجل صالح فروى الحديث عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وكلاهما كوفي: النضر بن إسماعيل و محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى كلاهما كوفي يرويان هذا الحديث، يروي ابن أبي ليلى هذا الحديث عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس ، والصواب في ذلك فيما يظهر أن الحديث من حديث النضر بن إسماعيل عن طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس .

وعلى هذا نقول: إن هذا الحديث ليس له إلا طريق واحد، وهو رواية عطاء عن عبد الله بن عباس وما يرويه عن عطاء هو طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس ، ويظهر في الوهم أيضاً هنا أن النضر بن إسماعيل يروي هذا الحديث عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن أبي هريرة ، فجعله من مسند عبد الله بن عباس وهذه غلطة أخرى في هذا الحديث.

ثم أيضاً لو كان هذا الحديث على وجهه لرواه النضر بن إسماعيل عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة فكانت روايته على وجهه لكان الحديث أيضاً ضعيفاً لا ينجبر مع الطريق الأولى، وذلك أن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أيضاً ضعيف الحديث، وعادة الكوفيين في هذا على ما تقدم معنا مراراً الإشارة إلى أنهم لا يضبطون الأسانيد كذلك أيضاً المتون.

في هذه السنة وهي وضع اليدين على الصدر الثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام في هذا القبض وهو وضع اليمنى على اليسرى، أما بالنسبة لمكان القبض هل هي الصدر، أو على السرة، أو تحت السرة، أو أعلى السرة؟ الأحاديث الواردة في هذا معلولة، وتقدم معنا الكلام على هذه الأحاديث في شهور قبل العام الماضي في حديث وائل بن حجر عليه رضوان الله تعالى، تكلمنا عليها وعلى طرقها، والأحاديث الواردة فيها.

أما نسبة ذلك إلى الأمر فهو جاء في حديث عبد الله بن عباس هنا وجاء في حديث أبي هريرة أيضاً وهو غلط، جاء أيضاً في حديث أبي الدرداء وإسناده ضعيف، جاء في حديث عبد الله بن عمر أيضاً مرفوعاً نسبةً للأنبياء من غير أمر وهو ضعيف، وجاء أيضاً من حديث الحسن أنه في بني إسرائيل من غير نسبته للأنبياء أيضاً وهو ضعيف، وجاء أيضاً موقوفاً على عائشة عليها رضوان الله تعالى، ولا يثبت في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الأنبياء.

ولهذا نقول: الثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام هو مشروعية القبض، أما أمر النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك صراحةً فهذا لا يثبت عنه، وجاء في حديث سهل قال: ( أمرنا )، من غير ذكر الأمر في ذلك، ومن غير ذكر أيضاً أنها هذه الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام.