خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/1538"> صفحة د. مساعد الطيار . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/1538?sub=5004"> التعليق على كتاب الفوز الكبير في أصول التفسير
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
التعليق على كتاب الفوز الكبير في أصول التفسير [6]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الفصل الثالث: فوائد مهمة:
إن سألوا: لم تكررت مطالب الفنون الخمسة في القرآن العظيم؟ ولم لم يكتف بموضع واحد؟ قلنا: الذي نريد إفادته للسامع ينقسم إلى قسمين:
الأول: أن يكون المقصود هناك مجرد تعليم ما لا يعلم، فالمخاطب لم يكن عالماً بالحكم، وما كان ذهنه مدركاً له فيعلم ذلك المجهول باستماع الكلام، ويصير المجهول معلوماً.
والثاني: أن يكون المقصود استحضار صورة ذلك العلم في المدركة؛ ليتلذذ به لذةً تامة، وتفنى القوى القلبية والإدراكية في ذلك العلم، ويغلب القوى كلها، حتى تنصبغ بذلك العلم كما نكرر أحياناً بيت شعر علمناه، وندرك منه لذةً في كل مرة، ونحب التكرار لتلك اللذة، والقرآن العظيم أراد من قسمي الإفادة بالنسبة إلى كل واحد من مطالب الفنون الخمسة تعليم ما لا يعلم بالنسبة إلى الجاهل، وصبغ النفوس بتلك العلوم من التكرار بالنسبة إلى العالم، إلا أن أكثر مباحث الأحكام لم يحصل تكرارها؛ لأن الإفادة الثانية غير مطلوبة فيها، ولذا أمر بتكرار التلاوة في الشريعة ولم يكتف بمجرد الفهم، ولكن الفرق أنه وقع في أكثر الأحوال تكرار تلك المسائل بعبارة جديدة، وأسلوب غريب، ليكون أوقع في النفس، وألذ في الأذهان دون التكرار بلفظ واحد، والذهن يخوض في صورة اختلاف التعبيرات، وتغاير الأسلوب، ويتعمق الخاطر بأسره ].
الحكمة من التكرار في القرآن الكريم
هذا الفصل الثالث ذكره فيما يتعلق بظاهرة التكرار في القرآن. ومن المباحث المهمة فيما يتعلق بظاهرة التكرار في القرآن، وقد أشار المؤلف إلى طرف منها أن يبحث ما هي الأشياء التي وقع التكرار فيها، وما هي الأشياء التي لم يقع التكرار فيها، على حسب العلوم الخمسة التي ذكرها المؤلف، أو على حسب عموم أنواع المعلومات يمكن أن نعرف ما الذي وقع فيه التكرار، وما الذي لم يقع، فعلى سبيل المثال هل الأحكام بحاجة إلى تكرار؟ بمعنى وهل كرر حكم اللعان؟ وهل كرر حكم الطلاق بأنواع المعروفة؟ وهل كرر حكم الصيام؟ وهكذا، فهناك بعض الأحكام نجد أنه قد كررها مرةً بعد مرة، مثل إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وبعض الأحكام لم يذكرها إلا مرةً واحدة، وفي القصص نجد أن بعض القصص قد كررها أكثر من مرة، وبعضها لم يذكرها إلا مرةً واحدة.. وهكذا.
فالمقصد هو النظر الموضوعي في أسرار التكرار وعدم التكرار في الموضوعات الجملية، أو في الموضوعات التفصيلية، ولا شك أن هذا مبني على كون هذا صادراً عن الحكيم سبحانه وتعالى، فلا بد أن يكون التكرار عن حكمة، وعدم التكرار أيضاً عن حكمة، فهذا مناط البحث فيما يتعلق بقضية التكرار.
وذكر فيما يتعلق بالغرض الذي يكون عند المتكلم في حال التكرار وعدمه، وذكر أنه ينقسم إلى قسمين: أنه ما يكون القصد منه التعليم لما لا يعلم السامع وتلقينه.
والثاني: أن يكون المراد استحضار صورة العلم في قوته المدركة، بمعنى أنه يعلم لكن نريد أن يستحضر العلم مرةً أخرى، أما الأول فسيكتفى بذكر الأمر مرةً واحدة، وفي الثاني أنه سيعاد على المتعلم مرة بعد مرة، والقرآن لا يخرج عن أن يكون إما من القسم الأول، وإما من القسم الثاني على حسب ما ذكر المؤلف.
فإذاً المبحث الذي يمكن أن نبحثه في هذا هو النظر في الموضوعات التي وقع فيها تكرار، والتي لم يقع فيها تكرار، ثم النظر في أسرار التكرار وعدمه.
هذا الفصل الثالث ذكره فيما يتعلق بظاهرة التكرار في القرآن. ومن المباحث المهمة فيما يتعلق بظاهرة التكرار في القرآن، وقد أشار المؤلف إلى طرف منها أن يبحث ما هي الأشياء التي وقع التكرار فيها، وما هي الأشياء التي لم يقع التكرار فيها، على حسب العلوم الخمسة التي ذكرها المؤلف، أو على حسب عموم أنواع المعلومات يمكن أن نعرف ما الذي وقع فيه التكرار، وما الذي لم يقع، فعلى سبيل المثال هل الأحكام بحاجة إلى تكرار؟ بمعنى وهل كرر حكم اللعان؟ وهل كرر حكم الطلاق بأنواع المعروفة؟ وهل كرر حكم الصيام؟ وهكذا، فهناك بعض الأحكام نجد أنه قد كررها مرةً بعد مرة، مثل إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وبعض الأحكام لم يذكرها إلا مرةً واحدة، وفي القصص نجد أن بعض القصص قد كررها أكثر من مرة، وبعضها لم يذكرها إلا مرةً واحدة.. وهكذا.
فالمقصد هو النظر الموضوعي في أسرار التكرار وعدم التكرار في الموضوعات الجملية، أو في الموضوعات التفصيلية، ولا شك أن هذا مبني على كون هذا صادراً عن الحكيم سبحانه وتعالى، فلا بد أن يكون التكرار عن حكمة، وعدم التكرار أيضاً عن حكمة، فهذا مناط البحث فيما يتعلق بقضية التكرار.
وذكر فيما يتعلق بالغرض الذي يكون عند المتكلم في حال التكرار وعدمه، وذكر أنه ينقسم إلى قسمين: أنه ما يكون القصد منه التعليم لما لا يعلم السامع وتلقينه.
والثاني: أن يكون المراد استحضار صورة العلم في قوته المدركة، بمعنى أنه يعلم لكن نريد أن يستحضر العلم مرةً أخرى، أما الأول فسيكتفى بذكر الأمر مرةً واحدة، وفي الثاني أنه سيعاد على المتعلم مرة بعد مرة، والقرآن لا يخرج عن أن يكون إما من القسم الأول، وإما من القسم الثاني على حسب ما ذكر المؤلف.
فإذاً المبحث الذي يمكن أن نبحثه في هذا هو النظر في الموضوعات التي وقع فيها تكرار، والتي لم يقع فيها تكرار، ثم النظر في أسرار التكرار وعدمه.
قال رحمه الله: [ إن سألوا: لم نشر هذه المطالب في صورة القرآن، ولم يراع الترتيب؟ فيذكر آلاء الله أولاً، ويستوفي حقها، ثم يذكر أيام الله، ثم مخاصمة الكفار، قلنا: وإن كانت القدرة الإلهية شاملةً للمكنات كلها ولكن الحاكم في هذه الأبواب الحكمة، والحكمة موافقة المبعوث إليهم في اللسان وأسلوب البيان، وأشير إلى هذا المعنى في آية: لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ [فصلت:44]، وما كان في العرب إلى وقت نزول القرآن كتاب لا من الكتب الإلهية، ولا من مؤلفي البشر، وما كان العرب يعلمون ما اخترع المصنفون الآن من الترتيب، فإن كنت في شك من هذا فتأمل قصائد الشعراء المخضرمين، واقرأ رسائل النبي صلى الله عليه وسلم، ومكاتيب عمر الفاروق رضي الله عنه ليتضح هذا المعنى، فلو قيل: بخلاف طورهم لبقوا في حيرة حين يصل إلى سمعهم شيء غير معهود، فيشوش فهمهم، وأيضاً ليس المقصود مجرد الإفادة، بل الإفادة مع الاستحضار والتكرار، وهذا المعنى في غير المرتب أقوى وأتم ].
هذا سبقت الإشارة إليه، والمؤلف تكلم عنه سابقاً في قضية ترتيب مباحث القرآن أو موضوعات القرآن، وسبق أن ذكرت أنه لم يأت على التقسيم المخترع المتأخر، بل هذا التقسيم وأشار إليه المؤلف أنه متأخر الذي هو ترتيب العلوم، وجعل المتناظرات بعضها مع بعض، فهذا إنما جاء متأخراً، ولا يحكم القرآن من حيث ترتيب موضوعاته بأسلوب البشر، ولا يقاس على أسلوب البشر؛ وقلنا: إنه فيما يتعلق بالأسلوب العربي فالقرآن نزل بأساليب العرب، لكن فيما يتعلق بقضية الموضوعات، وطريقة ترتيبها فهذا مرتبط بالحكمة، وهو الذي أشار إليه المؤلف حين قال: إنما هو للحكمة إذ أنه كتاب حكيم من لدن حكيم خبير، والحكمة هي موافقة المبعوث إليهم في اللسان وأسلوب البيان لا خلاف فيه، وليس موافقتهم فيما يظن أن كان لهم نفس الأسلوب في طرح الموضوعات؛ لأن القرآن جاء بأسلوب بديع فيما يتعلق بقضية ترتيب موضوعات القرآن.
القضية الثانية التي أشار إليها المؤلف وفيها إشكال قال: (فلو جاء الكلام على غير ما كانوا يعهدونه من طرائق البيان...) هذا فيه إشكال من جهة الافتراض، وهذا الافتراض لا دليل عليه، وأحب أن ننتبه في مثل هذا الموضوع بالذات، حينما يكون الأمر مرتبطاً بقضية مرتبطة بحكمة الله سبحانه وتعالى، نلاحظ هنا كلام المصنف رحمه الله يقول: (فلو جاء الكلام على غير ما كانوا يعهدونه من طرائق البيان لوقعوا في الحيرة، وواجههم شيء لا يألفونه ولا يأنسون به، وشوش عقولهم، وأقلق خاطرهم.
نقول في مثل هذا: إن قضية أنه لو جاء الكلام على غير هذا لحصل هذا، هذا مرتبط بالقدر، ولا نستطيع أن نجزم به، ولكننا نناقش هذا الموجود وأثره الواقعي، أما الافتراض فلا يسلم جل الافتراضات التي تفترض خصوصاً أنه لا رصيد لها من الواقع، ونحن نعلم أن العرب مع إيقانهم بسلامة هذا القرآن من جهة العربية إلا أن عندهم اعتراضات من جهة أخرى، وليس من جهة العربية.
نعيد عبارة المؤلف قال: (وما كان في العرب إلى وقت نزول القرآن كتاب لا من الكتب الإلهية، ولا من مؤلف البشر، وما كان العرب يعلمون ما اخترع المصنفون الآن من الترتيب، فإن كنت في شك من هذا فتأمل قصائد الشعراء المخضرمين، واقرأ رسائل النبي صلى الله عليه وسلم، ومكاتيب عمر الفاروق رضي الله عنه؛ ليتضح هذا المعنى.
فلو قيل: بخلاف طورهم لبقوا في حيرة حين يصل إلى سمعهم شيء غير معهود فيشوش فهمهم، وأيضاً ليس المقصود مجرد الإفادة، بل الإفادة مع الاستحضار والتكرار، وهذا المعنى في غير المرتب أقرأ وأتم).
فالاعتراض على افتراض ترتيب الموضوعات في أنه لو جاء ترتيب الموضوعات على غير هذا النسق لحصل عندهم تشويش، نقول: هذا افتراض ليس عليه أي دليل، لا عقلي ولا نقلي، فلا يحسن مثل هذه الافتراضات؛ لأنه قد يفترض آخر أنه لو نزل القرآن مرتباً على الموضوعات لجاز عقلاً، ولاحتملته عقول البشر، ولكانت منه الفوائد مثل ما يكون من الترتيب الموجود اليوم، فقضية الافتراضات لا تقف عند حد، ولهذا الأسلم في هذه الأمور عدم إدخال الافتراضات العقلية في مثل هذا، والنظر في الموجود، والاستفادة منه على حسب ما هو اليوم.
قال رحمه الله: [ إن سألوا: لم لم يختر وزناً وقافيةً يعتبران عند الشعراء فإنهما ألذ من هذا الوزن والقافية، قلنا: كونهما ألذ يختلف باختلاف الأقوام والأذهان، وعلى التسليم فإبداع طور من الوزن والقافية على لسان حضرة نبينا صلى الله عليه وسلم، وهو أمي آية ظاهرة على نبوته صلى الله عليه وسلم، ولو نزل القرآن على وزن الشعراء وقافيتهم لحسب الكفار أنه هو الشعر المشهور في العرب، ولم يأخذوا من ذلك الحسبان فائدة، كما إذا أراد البلغاء من أهل النظر والنثر أن يثبتوا مزيتهم ورجحانهم على المعاصرين على رءوس الأشهاد استنبطوا صناعةً غريبةً، وقالوا: هل يستطيع أحد أن يقول شعراً أو غزلاً على هذا الطور؟ أو يكتب كتاباً على هذا النمط؟ ولو كان إنشاؤهم على الطور القديم لما ظهرت براعتهم إلا عند المحققين ].
وهذا مع الأسف أيضاً من الأشياء التي فيها إشكال، فلا يقارن ما جاء في القرآن بكونه أحلى وألذ بما جاء في الشعر العربي من الأوزان والقوافي؛ لأن القرآن له خصوصيته التامة التي لا يشبهه ولا يقاربه فيها أي كلام، حتى الحديث القدسي على قول من قال وهو الصحيح: إن اللفظ والمعنى من الله، فلا يشبه في نظمه وحلاوته وإعجازه القرآن.
فإذاً القرآن له خاصية مستقلة لا توجد في غيره من الكلام، حتى كلام الرب سبحانه وتعالى في غير القرآن لا يشبه كلامه في القرآن، والله سبحانه وتعالى إنما تحدى العرب بهذا الكتاب بالقرآن، فدل على أن له من الخصائص والسمات ما لا يوجد في غيره من الكلام، فهو جعل المقارنة بهذا الأسلوب غير دقيقة وغير سديدة، فمحاولة استنطاق فائدة بهذا الأسلوب ليست دقيقة؛ لأنه رحمه الله يقول: (ولو سئلنا: لماذا لم يختر القرآن تلك الأوزان والقوافي التي تعرف لدى الشعراء وهي أحلى وألذ؟) هذه رد عليها هو يقول: إن اللذة والحلاوة أمر نسبي، لكن وجود أحد يقول: إن أنغام الشعراء وقوافيهم وأوزانهم أحلى وألذ فهذا مشكل، مقارنةً بالقرآن، والقرآن أعلى وأجل من كلام البشر، فهذه الموازنة التي فعلها الأسلم عندي ألا توضع على هذا النسق وعلى هذا الكلام الذي ذكره المؤلف، وكونه يختلف باختلال الشعوب والبلدان والعقول والأذواق، إذاً معنى ذلك أنه قد يأتي من يرى أن القرآن ليس كلاماً مؤثراً، وليس كلاماً فيه نغم ولا غيره من هذه الأمور التي يذكرها المؤلف، فهل يعني ذلك أن القرآن سينحط بالدرجة عنده؟ هذا هو المشكل، ولهذا نقول: إن القرآن لا يحسن فيه موازنته بغيره من كلام البشر بهذه الطريقة. صحيح أنه لا يعلم إعجاز القرآن إلا بالموازنة، لكن ليس بهذه الطريقة، فلا يعلم إعجاز القرآن والأمر الذي تحدي به العرب إلا بالموازنة، بمعرفة أبلغ ما وصل إليه العرب من كلامهم، وهو الشعر، وخصوصاً معلقاتهم المشهورة، فإذا درس الدارس الشعر العربي، وأتقن طرائق العرب في التعبير، ثم قرأ القرآن؛ فإنه سيحصل له من التمييز ما بين أسلوب العرب في خطابها وأسلوب القرآن، سيحصل له التمييز الواضح، فهذا التمييز الذي يحصل له أحياناً قد يستطيع التعبير عنه، وفي أحياناً كثيرة لا يستطيع التعبير عنه، وإنما تأخذه روعة، ويأخذه دهشة من قوة هذا الكلام، وإن لم يستطع التعبير عما يجيش في قلبه بسبب هذه الروعة والدهشة التي يجدها في كلام الله سبحانه وتعالى، وهذا الذي جعل كثيراً من البلغاء ممن دخلوا في بيان إعجاز القرآن لم يستطيعوا بأقلامهم أن يوصلوا إلى الأذهان ما هو الفرق بين هذا الكلام الرباني وبين كلام البشر مما أتقنه العرب من شعرهم، ومن كتب في هذا مثل الخطابي حمدي بن سليمان وغيره أشاروا إلى هذه الحيثية، وأنه يحصل عجز حتى أحياناً في بيان الفرق، لكن البليغ يدرك أن هناك فرقاً، لكنه لا يستطيع أن يعبر في كثير من الأحيان عن هذا الفرق، وأنت تشاهده وتلحظه في الكلام المعتاد حينما تقرأ شعراً، تجد أنك تميز في موضوع واحد بين قول قائل وقول آخر، ولو قلنا لك: عبر عن هذا التمييز لصعب عليك المقام، ولا تستطيع أن تعبر، ليس لأن ما دخل قلبك ليس صحيحاً، ولكن لأن العبارات والألفاظ تقصر عن التعبير عما حصل في نفسك، وهكذا إعجاز القرآن الذي يبلغ فيه هو هذا المدى وهذا الحد، ومع ذلك قد تجد أحياناً من يذكر لك بعض الفروقات فهذا وارد، لكن ليس دائماً، نعم.
إعجاز الأسلوب
قال رحمه الله: [ الفصل الرابع: مبحث إعجاز القرآن.
إن سألوا عن إعجاز القرآن من أي وجه هو؟ قلنا: المحقق عندنا أنه له وجوه كثيرة، منها: الأسلوب البديع؛ لأن العرب كانت لهم ميادين معلومة، يركضون فيها جواد البلاغة، ويحرزون قصبات السبق في مسابقة الأقران بالقصائد والخطب والرسائل والمحاورات، وما كانوا يعرفون أسلوباً غير هذه الأوضاع الأربعة، ولا يتمكنون من إبداعه، فإبداع أسلوب غير أساليبهم على لسان حضرته صلى الله عليه وسلم، وهو أمي عين الإعجاز ].
هذه أساليب العرب: قصائد وخطب ورسائل ومحاورات، وهناك أسلوب مشهور أشهر من المحاورات والرسائل وهو الأمثال.
وكلام العرب إما شعر، وإما نثر، الشعر: معروف، بأرجازه البحور المعروفة.
والنثر: هذه الأنواع التي ذكرها وهناك نوع مهم جداً غفل عنه كما سبق وهو الأمثال نحو إياك أعني واسمعي يا جارة، فالأمثال تعتبر من بلاغات العرب، صحيح أن الأمثال موجودة في جميع الشعوب، لكن أيضاً الأمثال تعتبر من البلاغات الموجودة عند العرب، تدخل ضمن البلاغة.
أما المقامات فهي متأخرة عن عصر الجاهلية، في هذا الوجه ذكر المؤلف الأسلوب المعجز البديع، الذي ممكن أن نقول عنه: النظم العربي، بحيث إنه يشمل اللفظ والمعنى العربي الذي فيه، يعني اللفظ وما يؤديه من المعنى العربي وتناسقه، فيدخل في هذا التركيب جملة من علوم العربية من نحو، وبلاغة، ولغة، بحيث إنه إذا تركب هذا الكلام صار معجزاً، فإذا أعطيت إنساناً آخر هذا الكلام وقلت له: ركب منه كلاماً لم يكن معجزاً، ولهذا لم يأت في القرآن كلمة لها معنى ومدلول ليست عربية، وهذا قيد مهم؛ لكي يخرج أسماء الأشخاص، وأسماء الأماكن وغيرها، أما الكلمة ولها معنى فالأصل أنه كل ما في القرآن عربي.
الإخبار عن الأمور السابقة والمستقبلة
قال رحمه الله: [ ومنها: الإخبار بالقصص والأحكام والملل السابقة، بحيث كان مصدقاً للكتب السابقة.
ومنها: الإخبار بأحوال مستقبلة، فكلما وجد شيء على طبق ذلك الإخبار ظهر إعجاز جديد.
الدرجة العليا في البلاغة
ومنها: الدرجة العليا في البلاغة مما ليس مقدوراً للبشر، ونحن لما جئنا بعد العرب الأول ما كنا لنصل إلى كنه ذلك، ولكن القدر الذي علمناه أن استعمال الكلمات والتركيبات العذبة الجزلة مع اللطافة وعدم التكلف في القرآن العظيم أكثر منه في قصائد المتقدمين والمتأخرين، فإنا لا نجد من ذلك فيها قدر ما نجده في القرآن، وهذا أمر ذوقي يتمكن من معرفته المهرة من الشعراء، وليس للعامة من الناس ذائقة في هذا الأمر، وأيضاً نعلم من الغرابة فيه أنه يلبس المعاني من أنواع التذكير والمخاصمة في كل موضع لباساً يناسب أسلوب الصورة، وتقصر يد المتطاول عن غيره، وإن كان أحد لا يفهم هذا الكلام فليتأمل إيراد قصص الأنبياء في سورة الأعراف وهود والشعراء، ثم لينظر تلك القصص في الصافات، ثم في الذاريات ليظهر له الفرق، وكذلك ذكر تعذيب العصاة، وتنعيم المطيعين، فإنه يذكر في كل مقام بأسلوب جديد، ويذكر مخاصمة أهل النار في كل مقام بصورة على حدة، والكلام في هذا يطول، وأيضاً نعلم أنه لا يتصور رعاية مقتضى المقام الذي تفصيله في فن المعاني والاستعارات والكنايات التي تكفل بها فن البيان مع رعاية حال المخاطبين الأميين الذين لا يعرفون هذه الصناعات أحسن مما يوجد في القرآن العظيم، فإن المطلوب ها هنا أن يذكر في المخاطبات المعروفة التي يعرفها كل من الناس نكتةً رائقةً للعامة، مرضيةً عند الخاصة، وهذا المعنى كالجمع بين النقيضين، يزيدك وجهه حسناً إذا ما زهدته نظراً.
التشريع في القرآن
ومن جملة وجوه الإعجاز ما لا يتيسر فهمه لغير المتدبرين في أسرار الشرائع وذلك أن العلوم الخمسة نفسها تدل على أن القرآن نازل من عند الله؛ لهداية بني آدم، كما أن عالم الطب إذا نظر في القانون ولاحظ تحقيقه وتدقيقه في بيان أسباب الأمراض وعلاماتها، ووصف الأدوية لا يشك أن المؤلف كامل في صناعة الطب، كذلك إذا علم عالم أسرار الشرائع ما ينبغي إلقاؤه على أفراد الناس في تهذيب النفوس، ثم يتأمل في الفنون الخمسة يتحقق أن هذه الفنون قد وقعت موقعها بوجه لا يتصور أحسن منه، والنور يدل بنفسه على نفسه ].
معجزة القرآن التي وقع التحدي بها
نعود إلى مسائل سريعة فيما يتعلق بقضية وجوه الإعجاز.
ذكر المؤلف ما يتعلق بقضية وجوه الإعجاز الكثيرة، وهنا مسألة مهمة جداً وهي التفريق بين الوجه المتحدى به، ووجود وجوه أخرى معجزة في القرآن، وهذا مبني على مفهوم المعجزة، ومفهوم المعجزة فيه إشكال، لكن على حسب ما هو موجود في مفهوم المعجزة، يحسن التفريق بين الوجه الذي تحدي به، والوجوه الأخرى من الإعجاز، فيقال: ما هو الوجه الذي تحدي به دون سائر وجوه الإعجاز؟ هل تحدي العرب بأسرار الشرائع، أو بدقائق الاعتقاد التي وردت في القرآن؟ أم تحدي العرب بالأخبار المغيبات؟
الجواب: لا، إنما الذي وقع فيه التحدي هو النظم العربي الذي تميز به القرآن، والدليل على هذا أنك لو رجعت إلى الآيات التي تحدثت عن الإعجاز فإنك تجدها مرتبطة بالقول وليس بالمعاني، وكذلك الدليل العقلي أن التحدي إنما يكون لمن كانت عنده مادة وأصل ما يتحدى به، أما إذا لم تكن مادته عنده فكأنك تتحدى رجلاً مشلولاً في سباق، لكن كونه يكون معه قدرة على الشيء وتتحداه فهذا هو وجه المغالبة في الإعجاز، وهذه دلالة عقلية على أن المتحدى به إنما هو النظم العربي، وإلا فمن أين يأتي هؤلاء بكل دقائق هذه العلوم التي وردت في القرآن.
إذاً فيجب أن نفرق بين الوجه الذي تحدي به وكوننا نجد في القرآن وجوه أخرى تدخل في باب الإعجاز.
المسألة الثانية: ما ذكره من الإعجاز بالإخبار عن الكتب السابقة، وهو إخبار عن ما مضى، وإعجاز عن أحداث آتية وهو إخبار عن ما سيأتي.
ثم ذكر من وجوه الإعجاز إعجاز البلاغة، وتنوع الأساليب البيانية وهذه ذكرنا أنها تدخل في موضوع النظم.
ثم ذكر إعجاز التشريع، وما في القرآن من أسرار الشرائع ودقائقها، ويلاحظ هنا أن هذه الوجوه الثلاثة التي ذكرها، وهي: الإخبار عن الكتب السابقة، والإخبار عن أمور لاحقة، ووجوه الإعجاز الموجودة في التشريع، هذه ليست من خصائص القرآن، بل هي من خصائص وحي الله لأنبيائه، فنجد هذا النوع من الإعجاز في التوراة، ونجده أيضاً في الإنجيل، ونجده في الزبور.
وأحب أن ينتبه إلى كلامي فلا يفهم على إطلاقه، أقول: هذه الوجوه المذكورة غير الوجه الأول موجودة في وحي الله إلى أنبيائه، فشريعة موسى عليه السلام ليست خالية من الأحكام والأخبار الغيبية، وكذلك ما نزل على عيسى وما نزل على داود وقس على ذلك، فكتب الله سبحانه وتعالى لا تخلو من هذه الأنواع من الإعجاز، وليست هذه الخصيصة من خصائص القرآن، بل الذي هو من خصائص القرآن ويتميز به، ولا تخلو منه سورة من السور هو النوع الأول، وهو ما يتعلق بالنظم العربي الذي تحدي به العرب، أضف إلى ذلك من أدلة كون النظم العربي هو الذي تحدي به العرب أن الله سبحانه وتعالى تحداهم بسورة في آخر المقام، أليس وليست كل سور القرآن تحتوي جميع وجوه الإعجاز المذكورة، فمثلاً سورة وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر:1-2]، ليس فيها تشريع، وليس فيها إخبار بغيب.
وليس فيها قضايا أو إعجاز عقدي، فلو سقت جميع أنواع الإعجاز التي يذكرها المعتنون بالإعجاز فإنك لا تجد إلا النوع الأول فهو الذي ينتظم في كل سورة، وهو النوع المرتبط بنظم القرآن من حيث بلاغته، وأسلوبه، وما يتعلق بلغته أيضاً.
فإذا عرفنا هذا فإنه يحل لنا إشكالاً فيما يتعلق بقضية إعجاز القرآن، وما هو الشيء الذي وقع به الإعجاز؟ وأنواع هذه الإعجاز هل كانت مطلوبة في التحدي أو غير مطلوبة؟ فنقول: المطلوب في التحدي هو مجرد النظم العربي، وهكذا فهم كفار قريش، ولهذا لما جاءوا يصفون القرآن وصفوه بشيء يتعلق بالأقوال، وليس بالمعاني، فقالوا: قول كاهن، وقالوا: إنه قول ساحر، وقالوا: إنه قول شاعر. ثم لما اضطربوا قالوا: إنه كلام مجنون، وهذا يدل على أنهم قد بلغوا من الضعف في الحجة إلى أن وصفوا كلام الله سبحانه وتعالى الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وصفوه بالجنون، وهذا دلالة على الضعف الشديد الذي بلغوه في مواجهة القرآن.
مثال لبيان الأساليب البيانية في القرآن العظيم
ولما ذكر الأساليب البيانية أحب فقط أن أشير إلى مثال، في قصة محاجة إبراهيم عليه السلام لقومه التي وردت في سورة الأنبياء في قوله سبحانه وتعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ [الأنبياء:51]، وردت في موطنين: في سورة الأنبياء، والموطن الثاني في الصافات.
في سورة الأنبياء نجد أنه ختم الكلام عن قصة إبراهيم عليه السلام في مخاصمته لقومه، بقوله: قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَخْسَرِينَ [الأنبياء:68-70].
وفي سورة الصافات: قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَسْفَلِينَ [الصافات:97-98]، الحدث واحد، والوصف الذي وصف به القوم مختلف، وهذا أيضاً من دقائق البلاغة التي يبحث عنها، وهي أيضاً مما تطرب له نفوس السامعين، ما سر التعبير في سورة الأنبياء بالأخسرين؟ وسر التعبير في سورة الصافات بالأسفلين؟ ننظر أولاً قصة إبراهيم في سورة الأنبياء وفي سورة الصافات نجد أنها تشترك بأن فيها مخاصمة ومجادلة، والمخاصمة والمجادلة فيها مغالبة، يعني غالب ومغلوب، خاسر ومنتصر.
وفي سورة الصافات ذكر أمراً آخر أضيف إلى المغالبة، وأشير إليه هنا أنهم قالوا: حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ [الأنبياء:68]، لكن لم يذكروا أين يكون هذا التحريق، وفي سورة الصافات أشير إليه قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً [الصافات:97]، والبنيان يلزم منه علو وسفل، ولذا قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً [الصافات:97] أين؟ فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ [الصافات:97]، يعني: في أسفل البنيان، فأرادوا له السفول، فقال الله سبحانه وتعالى: فَجَعَلْنَاهُمْ الأَسْفَلِينَ [الصافات:98]، فناسب ذكر وصف الأسفلين هناك، فضمن معنى الخسران الذي ورد في القصة الأولى، ففي مقام المجادلة ذكر ما يتناسب معها وهو الخسران، وفي مقام المجادلة والبنيان ذكر ما يتناسب معها وهو السفول المتضمن أيضاً للخسران، وهذا الأسلوب في التفريق بين هذه القصص المتماثلة لا شك أنه يعد من أرقى وأعلى أنواع البلاغة التي لا يستطيعها البشر، فلو أراد أحد البشر أنه يعبر بهذا الأسلوب عن قصة واحدة، ويخالف في الأوصاف فإنه لا يسلم له دائماً هذا الأمر، وإن سلم له مرة أو مرتين، لكن القرآن في جميع الأحوال تجده على مرتبة واحدة من هذه الفصاحة العظمى في جعل كل مقام له ما يناسبه من المقال، ولو بقيت تتأمل القرآن بهذا الأسلوب لوجدت أمثلةً كثيرة جداً، ولتوقفت من روعة ما ورد في القرآن، على سبيل المثال تأمل في قصة الحوت الذي كان مع موسى عليه السلام وتلميذه يوشع، فمر عبر عنه يقوله: فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً [الكهف:61]، ومرة عبر عنه بقوله: وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً [الكهف:63]، مع أن الإخبار عن قصة واحدة وحوت واحد. فلماذا عبر بالسرب مرة، وعبر بالعجب مرةً أخرى؟ والملاحظ أن الأخبار وقع مرة من الله سبحانه وتعالى: فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً [الكهف:61]، ومرة من يوشع عن ما شاهده فقال: عَجَباً [الكهف:63].
فهذا الوصف هو واحد، فهو اتخذ سرباً أي: دخل كما يدخل في وسط الماء، وهذا عبر عما رآه أنه عجب، فليس هناك تناقض مثل ما يلبس بعض الجهلة من المنصرين أو غيرهم في مثل هذه الأمور، وهذا يعد عند العرب من قمة البلاغة والفصاحة في التعبير عن الشيء الواحد بأوصاف متنوعة، وليست متضادة، وتعطي معان أيضاً متزايدة، وهذا لا شك أنه من أعلى درجات الفصاحة.
قال رحمه الله: [ الفصل الرابع: مبحث إعجاز القرآن.
إن سألوا عن إعجاز القرآن من أي وجه هو؟ قلنا: المحقق عندنا أنه له وجوه كثيرة، منها: الأسلوب البديع؛ لأن العرب كانت لهم ميادين معلومة، يركضون فيها جواد البلاغة، ويحرزون قصبات السبق في مسابقة الأقران بالقصائد والخطب والرسائل والمحاورات، وما كانوا يعرفون أسلوباً غير هذه الأوضاع الأربعة، ولا يتمكنون من إبداعه، فإبداع أسلوب غير أساليبهم على لسان حضرته صلى الله عليه وسلم، وهو أمي عين الإعجاز ].
هذه أساليب العرب: قصائد وخطب ورسائل ومحاورات، وهناك أسلوب مشهور أشهر من المحاورات والرسائل وهو الأمثال.
وكلام العرب إما شعر، وإما نثر، الشعر: معروف، بأرجازه البحور المعروفة.
والنثر: هذه الأنواع التي ذكرها وهناك نوع مهم جداً غفل عنه كما سبق وهو الأمثال نحو إياك أعني واسمعي يا جارة، فالأمثال تعتبر من بلاغات العرب، صحيح أن الأمثال موجودة في جميع الشعوب، لكن أيضاً الأمثال تعتبر من البلاغات الموجودة عند العرب، تدخل ضمن البلاغة.
أما المقامات فهي متأخرة عن عصر الجاهلية، في هذا الوجه ذكر المؤلف الأسلوب المعجز البديع، الذي ممكن أن نقول عنه: النظم العربي، بحيث إنه يشمل اللفظ والمعنى العربي الذي فيه، يعني اللفظ وما يؤديه من المعنى العربي وتناسقه، فيدخل في هذا التركيب جملة من علوم العربية من نحو، وبلاغة، ولغة، بحيث إنه إذا تركب هذا الكلام صار معجزاً، فإذا أعطيت إنساناً آخر هذا الكلام وقلت له: ركب منه كلاماً لم يكن معجزاً، ولهذا لم يأت في القرآن كلمة لها معنى ومدلول ليست عربية، وهذا قيد مهم؛ لكي يخرج أسماء الأشخاص، وأسماء الأماكن وغيرها، أما الكلمة ولها معنى فالأصل أنه كل ما في القرآن عربي.
قال رحمه الله: [ ومنها: الإخبار بالقصص والأحكام والملل السابقة، بحيث كان مصدقاً للكتب السابقة.
ومنها: الإخبار بأحوال مستقبلة، فكلما وجد شيء على طبق ذلك الإخبار ظهر إعجاز جديد.