التعريف بكتب التفسير [3]


الحلقة مفرغة

نظرة في تفسير عبد الرزاق وتفسير آدم بن أبي إياس

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

حدثنا عبد الرزاق ، قال: أنبأنا ابن التيمي ، قال: أخبرنا الصباح ، عن الأشرف ، قال: سئل ابن عباس عن المد في البحر والجزر؟ فقال: إن ملكًا موكل بقاموس البحر، إذا وضع رجله فاضت وإذا رفعها غاضت، الرواية الأخرى عن الكلبي في قوله: وَالْبَحْرِ المَسْجُورِ [الطور:6]، قال: الممتلئ.

يعني: الآن رواية عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي ، الكلبي متهم بالكذب فلا تقبل روايته.

فالقول إلى الكلبي هنا صحيح وهو قول الكلبي .

بعض من درس آثار السلف يدرس مثل هذا الإسناد فيدرس رجاله واحداً واحداً حتى يصل إلى الكلبي فيذكر النتيجة وأنه متهم بالكذب فلذا الأثر ضعيف. وهذا المنهج غير صحيح.

فهنا أنا أنظر إلى صحة القول من عدم صحته، ولست أنظر إلى صدقه من كذبه، يعني: لما يكون راوياً فإنني أنظر إلى صدقه من كذبه، ولما يكون قائلاً فإنني أنظر إلى صحة القول من عدم الصحة.

فحين يوصف إنسان بأنه ضعيف، أو كذاب أو.. إلى آخره، فإن كان راوياً فأنظر إلى القضية من جهة الصدق والكذب، التي هي الجرح والتعديل، وإذا كان هو القائل، فأنظر إلى صحة القول من عدم صحتها.

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بقوله يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا [الطور:9]، قال: مورها: تحركها.

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ، في قوله تعالى: يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا [الطور:13]، قال: يزعجون إليها إزعاجًا.

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي في قوله: وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ [الطور:21] قال: بإيمان الذرية.

عبد الرزاق عن الثوري عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ [الطور:21]، قال: إن الله يرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة، وإن كانوا دونه في العمل، ثم قرأ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ [الطور:21]، قال: وما نقصناهم.

هنا شيخ آخر غير معمر وهو الثوري .

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: وَمَا أَلَتْنَاهُمْ [الطور:21]، قال: وما ظلمناهم.

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ [الطور:23]، قال: ليس فيها لغو ولا باطل، إنما اللغو والباطل في الدنيا.

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ [الطور:24]، قال: بلغني أنه قيل: ( يا رسول الله، هذا الخدم مثل اللؤلؤ فكيف المخدوم؟ فقال: والذي نفسي بيده! إن فضل ما بينهم كفضل القمر ليلة البدر على النجوم ).

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: رَيْبَ المَنُونِ [الطور:30] قال: هو الموت، قال: تربص به الموت كما مات شاعر بني فلان، وشاعر بني فلان.

حدثنا عبد الرزاق عن الثوري عن العلاء بن عبد الكريم عن أبي كرمة أو غيره، عن زاذان في قوله تعالى: وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ [الطور:47]، قال: عذاب القبر.

حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال: وقال مجاهد في قوله تعالى: عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ [الطور:47]، قال: الجوع لقريش في الدنيا).

هنا شيخ آخر وهو ابن جريج .

(حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن ابن عباس قال: إن عذاب القبر في القرآن ثم تلا: وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ [الطور:47].

حدثنا عبد الرزاق : قال: أنبأنا الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص في قوله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ [طه:130]، قال: سبحان الله وبحمده.

حدثنا عبد الرزاق : قال: أنبأنا ابن المبارك ، عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم في قوله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ [الطور:48]، قال: حين تقوم للصلاة، تقول: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.

أنبأنا معمر ، عن قتادة في قوله تعالى: وَإِدْبَارَ النُّجُومِ [الطور:49]، قال: ركعتان قبل صلاة الصبح).

فهذه أمثلة للتفسير الذي سار عليه عبد الرزاق رحمه الله تعالى، ونلاحظ اختلاف الشيوخ وإن كان أكثر فيه معمر ، كذلك نلاحظ أكثر من روى عنه قتادة ، والتفسير سائر على هذا الأسلوب.

ننتقل إلى تفسير مجاهد الذي استظهره الأستاذ الدكتور حكمت بشير : أنه تفسير آدم بن أبي إياس .

مداخلة: أن عبد الرحمن حدثنا إبراهيم .

ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ [القصص:22]، قال: يعني: الطريق إلى مدين.

وعن عمرو بن ميمون الأزدي عن عمر بن الخطاب في قوله: وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ )) قال: إن موسى لما ورد ماء مدين: وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ [القصص:23]، فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر، وكان لا يطيق رفعها من البئر إلا عشرة رجال، وإذا هو بامرأتين تذودان، فقال لهما: ما خطبكما؟ فقالتا: لا نقدر على أن نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير، فرفع موسى الحجر وحده فلم يستقِ إلا دلواً واحداً حتى رويت الغنم، ثم انطلق إلى الظل فقال: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص:24]، فرجعت المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه بما كان، فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ [القصص:25]، يعني: واضعة ثوبها على وجهها، ليست بخراجة ولا ولاجة، فقالت له: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا [القصص:25]، فقال موسى: امشي خلفي وصفي لي الطريق، فإني أخاف أن يصيب الريح ثيابك فيصف لي جسدك، فلما انتهت إلى أبيها قالت له: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص:26]، فقال لها أبوها: وما علمكِ بقوته وأمانته؟ فقالت: أما قوته فإنه رفع الحجر وحده، ولا يطيق رفعه إلا عشرة، وأما أمانته، فقوله: امشي خلفي وصفي لي الطريق، لا تصف لي الريح جسدك.

وعن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص:24]، قال: شيء من طعام.

وعن أبي عمران الجوني ، قال: قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن سألوك أي الأجلين قضى موسى؟ فقل: أفضلهما وأكرمهما، وإن سألوك أي الجاريتين تزوج موسى؟ فقل: أصغرهما وكان اسمها صفوريا .

وعن مقسم أبي عبد الرحمن ، قال: قلت للحسن بن علي : أي الأجلين قضى موسى؟ قال: أكثرهما، قلت: فما كان اسم امرأته، قال: بلاقيس .

وعن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال: أما قوله: الْقَوِيُّ [القصص:26]: فإنه نحى لهما الحجر عن البئر فسقى لهما، وأما أمانته فغض طرفه عنهما حتى سقى لهما فصدرتا.

من خلال هذه الروايات يظهر أنه يروي عن مجاهد وعن غير مجاهد ، لكن الأغلب عن مجاهد ، وهو كتاب رواية، يورد الآثار عن السلف كما هي، فهنا نقل من مرويات بني إسرائيل عن عمر بن الخطاب ، وكذلك عن الحسن بن علي لما ذكر اسم المرأة، وكذلك عن مجاهد ، فهو في النهاية كتاب رواية يسير على هذا المنوال.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

حدثنا عبد الرزاق ، قال: أنبأنا ابن التيمي ، قال: أخبرنا الصباح ، عن الأشرف ، قال: سئل ابن عباس عن المد في البحر والجزر؟ فقال: إن ملكًا موكل بقاموس البحر، إذا وضع رجله فاضت وإذا رفعها غاضت، الرواية الأخرى عن الكلبي في قوله: وَالْبَحْرِ المَسْجُورِ [الطور:6]، قال: الممتلئ.

يعني: الآن رواية عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي ، الكلبي متهم بالكذب فلا تقبل روايته.

فالقول إلى الكلبي هنا صحيح وهو قول الكلبي .

بعض من درس آثار السلف يدرس مثل هذا الإسناد فيدرس رجاله واحداً واحداً حتى يصل إلى الكلبي فيذكر النتيجة وأنه متهم بالكذب فلذا الأثر ضعيف. وهذا المنهج غير صحيح.

فهنا أنا أنظر إلى صحة القول من عدم صحته، ولست أنظر إلى صدقه من كذبه، يعني: لما يكون راوياً فإنني أنظر إلى صدقه من كذبه، ولما يكون قائلاً فإنني أنظر إلى صحة القول من عدم الصحة.

فحين يوصف إنسان بأنه ضعيف، أو كذاب أو.. إلى آخره، فإن كان راوياً فأنظر إلى القضية من جهة الصدق والكذب، التي هي الجرح والتعديل، وإذا كان هو القائل، فأنظر إلى صحة القول من عدم صحتها.

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بقوله يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا [الطور:9]، قال: مورها: تحركها.

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ، في قوله تعالى: يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا [الطور:13]، قال: يزعجون إليها إزعاجًا.

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي في قوله: وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ [الطور:21] قال: بإيمان الذرية.

عبد الرزاق عن الثوري عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ [الطور:21]، قال: إن الله يرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة، وإن كانوا دونه في العمل، ثم قرأ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ [الطور:21]، قال: وما نقصناهم.

هنا شيخ آخر غير معمر وهو الثوري .

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: وَمَا أَلَتْنَاهُمْ [الطور:21]، قال: وما ظلمناهم.

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ [الطور:23]، قال: ليس فيها لغو ولا باطل، إنما اللغو والباطل في الدنيا.

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ [الطور:24]، قال: بلغني أنه قيل: ( يا رسول الله، هذا الخدم مثل اللؤلؤ فكيف المخدوم؟ فقال: والذي نفسي بيده! إن فضل ما بينهم كفضل القمر ليلة البدر على النجوم ).

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: رَيْبَ المَنُونِ [الطور:30] قال: هو الموت، قال: تربص به الموت كما مات شاعر بني فلان، وشاعر بني فلان.

حدثنا عبد الرزاق عن الثوري عن العلاء بن عبد الكريم عن أبي كرمة أو غيره، عن زاذان في قوله تعالى: وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ [الطور:47]، قال: عذاب القبر.

حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال: وقال مجاهد في قوله تعالى: عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ [الطور:47]، قال: الجوع لقريش في الدنيا).

هنا شيخ آخر وهو ابن جريج .

(حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن ابن عباس قال: إن عذاب القبر في القرآن ثم تلا: وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ [الطور:47].

حدثنا عبد الرزاق : قال: أنبأنا الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص في قوله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ [طه:130]، قال: سبحان الله وبحمده.

حدثنا عبد الرزاق : قال: أنبأنا ابن المبارك ، عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم في قوله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ [الطور:48]، قال: حين تقوم للصلاة، تقول: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.

أنبأنا معمر ، عن قتادة في قوله تعالى: وَإِدْبَارَ النُّجُومِ [الطور:49]، قال: ركعتان قبل صلاة الصبح).

فهذه أمثلة للتفسير الذي سار عليه عبد الرزاق رحمه الله تعالى، ونلاحظ اختلاف الشيوخ وإن كان أكثر فيه معمر ، كذلك نلاحظ أكثر من روى عنه قتادة ، والتفسير سائر على هذا الأسلوب.

ننتقل إلى تفسير مجاهد الذي استظهره الأستاذ الدكتور حكمت بشير : أنه تفسير آدم بن أبي إياس .

مداخلة: أن عبد الرحمن حدثنا إبراهيم .

ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ [القصص:22]، قال: يعني: الطريق إلى مدين.

وعن عمرو بن ميمون الأزدي عن عمر بن الخطاب في قوله: وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ )) قال: إن موسى لما ورد ماء مدين: وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ [القصص:23]، فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر، وكان لا يطيق رفعها من البئر إلا عشرة رجال، وإذا هو بامرأتين تذودان، فقال لهما: ما خطبكما؟ فقالتا: لا نقدر على أن نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير، فرفع موسى الحجر وحده فلم يستقِ إلا دلواً واحداً حتى رويت الغنم، ثم انطلق إلى الظل فقال: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص:24]، فرجعت المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه بما كان، فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ [القصص:25]، يعني: واضعة ثوبها على وجهها، ليست بخراجة ولا ولاجة، فقالت له: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا [القصص:25]، فقال موسى: امشي خلفي وصفي لي الطريق، فإني أخاف أن يصيب الريح ثيابك فيصف لي جسدك، فلما انتهت إلى أبيها قالت له: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص:26]، فقال لها أبوها: وما علمكِ بقوته وأمانته؟ فقالت: أما قوته فإنه رفع الحجر وحده، ولا يطيق رفعه إلا عشرة، وأما أمانته، فقوله: امشي خلفي وصفي لي الطريق، لا تصف لي الريح جسدك.

وعن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص:24]، قال: شيء من طعام.

وعن أبي عمران الجوني ، قال: قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن سألوك أي الأجلين قضى موسى؟ فقل: أفضلهما وأكرمهما، وإن سألوك أي الجاريتين تزوج موسى؟ فقل: أصغرهما وكان اسمها صفوريا .

وعن مقسم أبي عبد الرحمن ، قال: قلت للحسن بن علي : أي الأجلين قضى موسى؟ قال: أكثرهما، قلت: فما كان اسم امرأته، قال: بلاقيس .

وعن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال: أما قوله: الْقَوِيُّ [القصص:26]: فإنه نحى لهما الحجر عن البئر فسقى لهما، وأما أمانته فغض طرفه عنهما حتى سقى لهما فصدرتا.

من خلال هذه الروايات يظهر أنه يروي عن مجاهد وعن غير مجاهد ، لكن الأغلب عن مجاهد ، وهو كتاب رواية، يورد الآثار عن السلف كما هي، فهنا نقل من مرويات بني إسرائيل عن عمر بن الخطاب ، وكذلك عن الحسن بن علي لما ذكر اسم المرأة، وكذلك عن مجاهد ، فهو في النهاية كتاب رواية يسير على هذا المنوال.

نأخذ المرويات التي بُحثت لأعلام هذا العصر، فتفسير الإمام أحمد بن حنبل ، هذه المرويات جمعها الأستاذ الدكتور حكمت بشير ياسين وشاركه غيره.

وهذا الجمع فيه أقوال خاصة للإمام أحمد في التفسير، وأيضًا فيه جمع لبعض ما رواه عن السلف.

وكذلك جمع الأستاذ الدكتور حكمت كل ما يتعلق بالآية من الأحاديث والآثار التي رواها الإمام أحمد ، وجعلها ضمن تفسير الإمام أحمد ، وهذا في الحقيقة يشكل في الجمع، فكونه جمع الأقوال الخاصة به في التفسير الإمام أحمد ، نعم، لكن لما نقول: مرويات الإمام أحمد في التفسير، ففيه إشكالية هل المقصود ما رواه أو ما روي عنه، فنحن نريد ما روي عن الإمام أحمد من كلامه في التفسير، وهذا قليل، فلما جمع جمع، ما قاله في التفسير، وما رواه عن السلف في التفسير، وكذلك ما ذكره من الأحاديث النبوية ووزع كثيراً من الأحاديث النبوية على بعض الآيات.

وهذا من عمل الجامع، فكونه يرى أن هذا الأثر أو هذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد بسنده مفسر لهذه الآية، فهو من عمل الجامع، فلا ينسب للإمام أحمد رحمه الله تعالى، بل هذا من اجتهاد جامعه، وليس من عمل الإمام أحمد ، ولو اكتفى بجمع التفسير الصريح للإمام أحمد لكان كافيًا ومفيدًا.

نأتي إلى كتاب الإمام محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة (310هـ).

ولك أن تتخيل كيف ستأخذ وصفًا لكتاب مثل هذا الكتاب بالذات؟ لأنه يمكن أن يوصف بأنه أعظم كتاب في التفسير وغاية في الأهمية، فضلًا عن كون الإمام محمد بن جرير من أهل السنة والجماعة، فإن فيه أيضاً صفة المفسر الناقد، التي ظهرت فيه شخصية المفسر الناقد، ولهذا يحسن ممن أراد أن يتعلم طريقة التعامل مع المرويات التفسيرية أن يدمن القراءة في هذا التفسير، لأنه مفيد للغاية.

استعراض مقدمة الطبري لتفسيره

قدم الطبري رحمه الله تعالى لتفسيره مقدمة علمية كبيرة جدًا تعتبر في مقدمات التفسير، وقد حشد فيها جملة من مسائل علوم القرآن، منها: اللغة التي نزل بها القرآن، ومنها: الأحرف السبعة، ومنها: ما يسمى بالمعرب، ومنها أيضًا: طرق التفسير، وعنون لها بقوله: القول في الوجوه التي من قبلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن.

ومنها: تأويل القرآن بالرأي، ومنها: ذكر من ترضى روايتهم، ومن لا ترضى في التفسير من مفسري السلف، ثم ذكر القول في تأويل أسماء القرآن، وسوره وآيه، ثم القول في تأويل أسماء فاتحة الكتاب، ثم القول في الاستعاذة، ثم القول في البسملة، ثم بدأ بالفاتحة إلى أن ختم بالناس.

ومن نعمة الله علينا في هذا العصر أن هذا الكتاب قد طبع كاملًا، وهو الآن كما سمعت قد انتهي من تحقيقه في دار هجر، ولم يبقَ منه إلا الفهارس، ولعله إن شاء الله يصدر هذا الكتاب قريبًا، ويتوقع إن شاء الله أن يكون تحقيقًا جيدًا لهذا الكتاب؛ ومن أهم ما يحتاج له في تحقيق هذا الكتاب هو العناية بإخراج النص، أما إذا أثقلت الحواشي بتحقيق المرويات فإنه سيكون كتابًا ضخماً، لكن لو اعتني على الأقل بإخراج النص وضبط، فهذا شيء يعتبر غاية في الحسن، وهو أحد المناهج في التحقيق المعروفة، وهي من أهم ما يمكن أن يستفيده من يقرأ الكتاب.

وكذلك التعليق على بعض مسائل الكتاب أيضًا مسألة مهمة، لكن إذا صار على طريقة بعض الرسائل العلمية من تحرير كل شيء في كتاب والتعليق عليه فهذا قد يطول، وقد تكون الفائدة منه قليلة، وهو رحمه الله تعالى في هذه المقدمة طرح أراءه التي يراها في هذه المسائل التي ذكرها.

فمثلًا: في الأحرف السبعة يرى أن القرآن الموجود بين أيدينا بقراءاته على حرف واحد، وأن عثمان رضي الله عنه قد جمع الناس على حرف واحد.

وهذا مخالف لما حرره غيره من المحققين، وليس هذا مجالًا لتحرير هذه القضية، لكن الإشارة إلى مذهبه.

وفي المعرب يرى أنه مما اتفقت اللغات عليه، فيعكس القضية، المعرّب المراد به: أن يقال -مثلًا- المشكاة، هذه بلغة الحبشة، الفردوس: بلغة فارس، فهو يعكس من باب النظر التاريخي، يعني: هل دل التاريخ على أن العرب أخذوا عن الفرس، أو الفرس أخذوا عن العرب، يعني: من يستطيع أن يثبت هذا؟

فإذا قال قائل: هذه العرب أخذوا من فارس، فهو يعكس القضية فيقول: ما المانع في أن فارس أخذوها من العرب؟

وذكر فيما لو اعترض عليه أحد بأن السلف قد ورد عنهم أنهم نصوا على أن هذه اللفظة بلغة كذا، فمنهم من قال: بلغة الحبشة، وآية أخر قال هي بلغة فارس، وآية بلغة طرخان.. إلى آخره، من الأقوال التي وردت في التفسير.

فيقول عنها: إن مراد السلف فيها: التنبيه على أن هذه اللفظة الواردة عند العرب واردة عند هؤلاء، وليس مرادهم أن هذه اللفظة غير عربية.

وأما الوجوه التي من قبلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن فجعلها ثلاث طرق:

الأول: ما لا سبيل إلى العلم به، وهذا مما يختص به الله سبحانه وتعالى، وهي: المغيبات، ومقادير الأشياء، وكيفياتها، فهذه مما لا يصل إلى علمها إلا الله، يعني: أنه لم يخبر بها أحداً.

الطريق الثاني: ما يكون علمه من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو المبين القرآن.

الطريق الثالث: ما يعلمه كل عالم بلسان العرب، ولكنه وضع ضابطًا في هذا، وهو: أنه يقبل قول كل عالم بلسان العرب بشرط ألا يخرج عن أقوال السلف.

وقد طبق هذا المنهج في تفسيره؛ إذ نادرًا ما يخرج عن أقوال السلف، فهو يختار من أقاويلهم ويعترض على اللغويين الذين يقولون بأقوال لا توافق أقوالهم، وإن كانت الآية تحتمل هذه الأقوال.

مجمل طريقة الطبري في تفسيره

ومجمل طريقة الطبري في ترتيب كتابه، أنه رحمه الله يجزئ الآية التي يريد تفسيرها، فمثلًا: قول الله سبحانه وتعالى: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، تجده فسر (الحمد لله) ثم فسر (رب) ثم فسر (العالمين).

وأيضًا كان رحمه الله يحرص على المعنى الجملي للمقطع الذي يريد أن يفسره.

فإذا كان لأهل التأويل من الصحابة ومن بعدهم قول في المقطع الذي يفسره، فله طريقان:

الطريقة الأولى: أنه يذكر المعنى الإجمالي، ثم يقول: وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل، ثم يذكر أقوالهم، واحدًا تلو الآخر، على حسب ما عنده من الروايات، وربما قال: وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل، ولو كان قولاً واحداً، كما سيأتي مثال ذلك.

الطريقة الثانية: فإنه يذكر المعنى الجملي ثم يقول: وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل. ثم يذكر من وافقه من هؤلاء المفسرين، ثم بعد ذلك يذكر أقوال المخالفين، وأحيانًا ينص مباشرة على الخلاف فيقول: اختلف أهل التأويل، ثم يقول: فقال بعضهم: كذا كذا، وقال آخرون: كذا كذا. ثم في النهاية يرجح ويبين المعنى الجملي للآية في ترجيحه.

المقصود: أن الطبري رحمه الله تعالى كان له عناية بالمعنى الجملي للآية، مع أنه كان يفرق الآيات، إلا أنه في النهاية يمكن أن يكتب رأي الطبري بنفس عبارته فيخرج لنا تفسير متكامل لما اختاره الطبري من التفسير.

ويُشكل فقط في اختيارات الطبري أسلوبه المتين جدًا، وعبارته القوية، فالإنسان إذا قرأ أحيانًا، يقرأ، ويحتاج أن يقرأ مرة أو مرتين أو ثلاث، ولا أبالغ إذا قلت: أنه يحتاج أحيانًا أكثر من ذلك؛ لكي يتبين مراد الطبري ، فهو رحمه الله يكثر من الضمائر، هذه في عوده على ما سبق.

ولهذا أقول: يجب أن ينتبه طالب العلم حينما يقرأ في كلام الطبري ألا يتعجل في الاعتراض عليه، ليس لأن الطبري معصوم، لكن أحيانًا قد لا يفهم ما أراده الطبري ، وأحيانًا قد لا ينتبه إلى المنهجية التي يسلكها الطبري ، فيعترض طالب العلم عليه وهو لا يدري عن منهجه، وقد انتبه إلى ذلك محقق الكتاب الشيخ محمود شاكر رحمه الله تعالى اعتراضات بعض العلماء على الطبري ونبه على أنهم لم يفهموا مراد الطبري في ذلك، ولهذا تجد أحيانًا اعتراضات من ابن كثير ، صائبة، وأحيانًا لم يوفق فيها رحمه الله إلى الصواب؛ لأنه لم يفهم مراد الطبري في سياقه للكلام، فيجب أن ننتبه أن عندنا القضية العلمية تخضع إلى العلم، فإذا اعترض الإنسان بعلم وكان اعتراضه صحيحًا فإنه يقبل، كائنًا من كان؛ لأننا نتبع الحق ولا نتبع الرجال، ونعرف أنه ليس هناك معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، وكل يؤخذ من قوله ويرد، لكن يكون الاعتراض بعلم، وأيضًا يجب أن يتسم طالب العلم في اعتراضه بالأدب مع هؤلاء الأعلام.

ويلاحظ أيضًا في طريقته رحمه الله تعالى أنه يسند كل قول إلى قائله، ولهذا امتلأ الكتاب بالأسانيد، وقد عد الثعلبي رحمه الله تعالى هذا عيبًا من عيوب كتاب الإمام الطبري ، ولكنه رحمه الله تعالى غير مصيب في ذلك، ولذا انتقد الثعلبي بأنه حذف الإسناد.

صحيح أن الطبري في كل رواية يورد السند كاملًا، مع أنه يمكن الاختصار بطريقة ما؛ لأن كثيرًا من أسانيد الطبري تتكرر، فلو قال: هو بالسند يعني: ذكر سند شيخه إلى سند فلان عن كذا، اكتفى أحيانًا، وكان فيه نوع من الاختصار لكنه رحمه الله لم يفعل هذا، وإنما أعاد السند مرة بعد مرة، وتتكررت عنده الأسانيد كما سنأخذ مثالًا إن شاء الله في هذا، فقالوا: إنه تفسيره رحمه الله تعالى صار كبيرًا بسبب تكرار الإسناد، لكنه في الحقيقة ليس عيبًا عند التحقيق، وطالب العلم يستطيع أن ينظر الإسناد سريعًا ويقصده إلى القول المذكور، وقد يحتاج أحيانًا إلى الإسناد فينظر فيه أيضًا.

فإذاً: لا يعد عيبًا إطلاقًا تكرر هذه الأسانيد، بل أنا أعتبرها مزية كبيرة جدًا من مزايا تفسير الطبري ، وقدرته على إيراد هذه الأسانيد مرة بعد مرة، وهو رحمه الله قد أملى كتابه إملاءً على تلاميذه.

ثم إذا انتهى من عرض الأقوال التي يكون فيها اختلاف فإنه في الغالب يرجح، فغالب تفسيره قائم على الترجيح، وحينما يرجح أيضاً يغلب عليه أن يذكر حجته أو علته في الترجيح، وهذا لا شك يفيد كثيرًا لمن يقرأ في تفسير الطبري ، قال أحد تلاميذ الطبري : ولو شاء أحد أن يخرج من كتابه عشرة كتب لاستطاع، وأنا أقول: لو شاء أن يخرج ضعف هذا لاستطاع، فكتاب الطبري مليء ومحشو بالعلم.

فمثلًا: لو درست علل الطبري في ترجيحاته لأخرجت لنا كتابًا مستقلًا ومفيدًا في هذه العلل، أي الترجيحات التي يرجح بها الطبري .

وغالبًا يصدر عبارته حين الترجيح بقوله: والقول الذي هو عندي أولى بالصواب قول من قال.. ثم يورد القول الذي يرجحه، ثم بعد ذلك يذكر علته الترجيحية.

وغالبًا ما يكثر في هذه العلل أسلوب القواعد العلمية فيقول مثلًا الصواب.. القول الأول؛ لأنه هو المشهور في لغة العرب ولا يجوز أن يفسر كلام الله بالشاذ من قولها.

فهذه قاعدة: أنه نأخذ بالمشهور من لغة العرب دون الشاذ أو القليل.

ولو جمع الإنسان القواعد الترجيحية التي اعتمدها الطبري فإنه سيجد شيئًا كثيرًا، ومن خلال المجلد الأول ومن المجلد الثاني فقط، جمعت قرابة ثلاثين قاعدة ترجيحية عند الطبري .

مصادر الطبري في تفسيره

مصادر الطبري رحمه الله تعالى، كانت متنوعة منها: تفاسير السلف المروية، ومنها: القراءات وخصوصًا كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام ، ومنها: مصادر لغوية ونحوية، خصوصًا كتب معاني القرآن للأخفش ، وللفراء ، وكذلك مجاز القرآن لـأبي عبيدة ، فهذه الثلاثة واضح جدًا أنه كان ينقل منها، وهو ينقل من غيرها، لكن هذه كتب مطبوعة فحينما تقابل هذه الكتب بما يروي عن بعض علماء البصرة والكوفة تجد أنه ينقل عن هؤلاء.

الطبقات التي نقل عنها، علماء القراءة، واضح أن ينقل عن السبعة أو غيرهم من قراء القرآن المعروفين، لكن طبقات السلف التي يروي عنها التفسير هي ثلاث طبقات: طبقة الصحابة، وطبقة التابعين، وطبقة أتباع التابعين، وكما ذكرت سابقاً أن ما دون هذه الطبقة قلّ فيها التفسير، ولهذا أغلب المرويات التي عنده مأخوذة عن هذه الطبقة التي طبقة ما بعد أتباع التابعين، فيروون التفسير عن التابعين، وأتباع التابعين، والصحابة، أما اللغويون فأغلب النقل من خلال الموازنة بين أقوالهم في طبقة أتباع التابعين.

منهج الطبري في التعامل مع تفسير السلف

وهنا نشير إشارة سريعة إلى تعامله مع تفسير السلف.

نجد أولًا: أنه يحرص على إيراد جميع المروي عنهم، بمعنى لو في الآية ثلاثون رواية، فإنه يذكر هذه الروايات الثلاثين بأسانيدها، وأحيانًا عن الشخص الواحد، ونفس العبارة يتكرر عنده الإسناد، فقد يروي أربع طرق عن مجاهد وكلها بنفس الإسناد، وأحيانًا ابن أبي نجيح عن مجاهد يرويها أكثر من مرة؛ لأنها رويت عن ابن أبي نجيح من أكثر من طريق، لأنه رحمه الله تعالى كان صاحب إسناد، فيروي هذه بالأسانيد.

فإذا لم يبلغه في التفسير إلا قول واحد عن السلف فإنه يعتمد عليه في التفسير، وقد يحتج به على قول اللغويين.

لنأخذ مثالاً في قضية المرويات، في قوله سبحانه وتعالى: عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللهُ مِنْهُ [المائدة:95]، ذكر التفسير الجملي، فقال أبو جعفر : يقول جل من قائل لعباده المؤمنين به وبرسوله صلى الله عليه وسلم: عفا الله أيها المؤمنون عما سلف منكم في جاهليتكم من إصابتكم الصيد وأنتم حرم، وقتلتموه فلا يؤاخذكم بما كان منكم في ذلك قبل تحريمه إياه عليكم، ولا يلزمكم له كفارة في مالٍ ولا نفس، ولكن من عاد منكم لقتله وهو محرم بعد تحريمه بالمعنى الذي كان يقتله في حال كفره، وقبل تحريمه عليه من استحلاله قتله فينتقم الله منه.

وهذه أحد العبارات التي فيها صعوبة وغموض.

ثم قال: وقد يحتمل أن يكون معناه: من عاد لقتله بعد تحريمه في الإسلام فينتقم الله منه في الآخرة، فأما في الدنيا فإن عليه من الجزاء والكفارة فيها ما بينته، واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: نحو الذي قلنا فيه.

ثم ذكر من قال ذلك: ثم أورد الرواية عن عطاء بن أبي رباح ، ولا نطيل في ذكر من ذكرهم.

ثم كرر الرواية مرة أخرى عن عطاء ، ونلاحظ كيف التكرير قال: حدثنا هناد قال: حدثنا ابن أبي زائدة قال: أخبرنا ابن جريج ، قال: قلت لـعطاء .

وفي الرواية الثانية عن عطاء : حدثنا ابن بشار قال: حدثنا أبو عاصم قال: أخبرنا ابن جريج ، قال: قلت لـعطاء وهي نفس فكلا الروايتين عن ابن جريج عن عطاء .

ثم أورد رواية أخرى عن ابن جريج نفس الرواية فقال: حدثنا سفيان ، قال: حدثنا محمد بن أبي بكر و أبو خالد عن ابن جريج عن عطاء ، ثم أيضًا كرر الرواية الأخرى عن عطاء .

وأيضًا رواية أخرى عن عطاء نفس الطريق، من طريق ابن جريج ، مرة أخرى عن عطاء .

ثم ذكر عن مجاهد وهو المفسر الثاني، ثم ذكر عن إبراهيم النخعي ، ثم ذكر مرة أخرى ابن أبي نجيح عن عطاء ، فالأول ابن جريج والثاني: ابن أبي نجيح .

ثم ذكر عن سعيد بن جبير ، وكرر أيضًا في الإسناد إلى سعيد ، ثم ذكر أيضًا عن عطاء من رواية عبد الكريم وهي رواية ثالثة عن عطاء .

هذا كله في القول الأول الذي اختاره، فكرر الأسانيد والطرق، ثم قال: وقال آخرون، معنى ذلك: عفا الله عما سلف منكم في ذلك في الجاهلية ومن عاد في الإسلام فينتقم الله منه بإلزام الكفارة.

ثم بدأ يذكر عن سعيد بن جبير و عطاء ، وقال آخرون: عفا الله عما سلف من قتل من قتل الصيد منكم حرامًا في أول مرة، ومن عاد ثانية لقتله بعد أولى حرامًا فالله ولي الانتقام منه، دون كفارة تلزمه لقتله إياه، فالإنسان إذا قتل أول مرة وهو حرم فليس عليه شيء، وإذا قتل مرة أخرى فإن الله ينتقم منه، وليس عليه كفارة، إنما ينتقم الله سبحانه وتعالى منه.

ثم ذكر الرواية عن ابن عباس وعاد مرة أخرى عن ابن عباس ، ثم رواية عن شريح ، ثم رواية عن إبراهيم ، ثم رواية أخرى أيضًا عن إبراهيم ، ثم عن الشعبي : أن رجلًا أتى شريحًا ، ثم أيضًا رواية عن شريح .

إلى أن أورد كل هذه الروايات رواية بعد رواية، فقال: وقال آخرون، يعني: القول الرابع، ثم ذكر القول الرابع، فقال: معنى ذلك: عفا الله عما سلف من قتلكم الصيد قبل تحريم الله تعالى ذكره ذلك عليكم، ومن عاد في قتله بعد تحريم الله إياه عليه، عالماً بتحريم ذلك عليه، عامدًا لقتله ذاكرًا لإحرامه فإن الله هو المنتقم منه ولا كفارة لذنبه ذلك، ولا جزاء يلزمه له في الدنيا، ثم ذكر هذه الرواية عن ابن زيد وقال: إنها شبيهة بقول مجاهد الذي ذكره قبل، ثم قال: وقال آخرون وهو قول خامس عني بذلك شخصٌ بعينه، وأورد الرواية عن زيد أبي المعلا ، ثم قال: قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندنا قول من قال معناه: ومن عاد في الإسلام لقتله بعد نهي الله تعالى ذكره عنه، فينتقم الله منه وعليه مع ذلك الكفارة، ثم بدأ يحتج لهذا القول وأطال فيه، قرابة صفحتين وربع وهو يحتج لهذا القول الذي ذكره، ويرد على الأقوال الأخرى، ويذكر أيضًا علته في الترجيح.

فهذا مثال لقضية ذكره للأسانيد وطريقته للترجيح.

نأخذ مثالاً آخر على القول الواحد، يعني: أنه يذكر قولًا واحدًا ويعتمده.

في قوله سبحانه وتعالى: لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ [المائدة:95]، قال: وأصل الوبال الشدة في المكروه، ومنه قول الله عز وجل: فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا [المزمل:16]، وقد بين الله تعالى ذكره بقوله: لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ [المائدة:95]: أن الكفارات اللازمة الأموال والأبدان عقوبات منه لخلقه، وإن كانت تمحيصًا لهم، وكفارة لذنوبهم الذي كفروها بها، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، ثم ذكر رواية عن السدي قال: حدثنا محمد بن الحسين ، قال: حدثنا أحمد بن المفضل ، قال: أسباط عن السدي : أما وَبَالَ أَمْرِهِ [المائدة:95] فعقوبة أمره انتهى.

فاحتج فقط برواية السدي لمعنى الوبال، ولم يذكر غيره، ولو كان عنده غير هذه الرواية لذكرها.

فإذاً هو يعتمد قول الواحد من السلف، سواء كان من الصحابة أو من التابعين أو من أتباع التابعين، و السدي يعتبر في طبقة أتباع التابعين، وإن قيل: إنه رأى أنس بن مالك .

والملاحظ أنه ليس له ترتيب في المرويات، ففي النص الذي ذكرته قبل قليل، ذكر روايات عن عطاء ، ثم ذكر عن سعيد بن جبير ، ثم رجع وذكر عن عطاء ، فليس له ترتيب في المرويات فلا يقدم قول الصحابي ثم التابعي ثم تابع التابعي وليس له ترتيب في رواية كل فرد، لكن يلاحظ أنه في الغالب يؤخر قول السدي فيكون آخر ما يرويه عن السلف.

والخلاصة أنه إذا ورد عن السلف أكثر من قول فإنه يرجح، وأحيانًا قد يقبل الأقوال جميعها إذا كانت محتملة أن تكون جميعًا صحيحة، ففي قوله سبحانه وتعالى: لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً [التوبة:10]، ذكر عن السلف ثلاثة أقوال، وأجاز جميع الأقوال الثلاثة؛ لأنها غير متناقضة، وأحيانًا يعبر عن ذلك بقوله: وجائز أن يكون كذا، وجائز أن يكون كذا، بمعنى: أنها كلها في مرتبة واحدة من الاحتمال في النص القرآني، ويلاحظ أيضًا إذا كان تفسير السلف على المثال، يعني: أن السلف يمثلون للفظ عام فإنه دائمًا ينص على العموم في ترجيحه، وقد يشير أحيانًا إلى جواز أن يكون أحد هذه الأمثلة مرادًا، أو يشير إلى دخولها كلها في العموم، فهو يحرص دائمًا إذا ورد تفسير بالمثال عن السلف أن ينبه على العموم في الآية.

ففي قوله سبحانه وتعالى: ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ [الأنعام:38]، ذكر الأقوال فيها فقال: فإن أهل التأويل اختلفوا في معنى حشرهم، فقال بعضهم: حشرها موتها، ثم ذكر الرواية، وقال آخرون: الحشر إلى موضع به الجمع لبعث الساعة وقيام القيامة، ثم ذكر الرواية عن بعض السلف.

ثم قال: قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنّ كل دابة وطائر محشورٌ إليه. وجائز أن يكون معنيًّا بذلك حشر القيامة. وجائز أن يكون معنيًّا به حشر الموت. وجائز أن يكون معنيًّا به الحشران جميعًا، ولا دلالة في ظاهر التنزيل ولا في خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أي ذلك المراد بقوله: ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ [الأنعام:38]، إذ كان (الحشر)، في كلام العرب الجمع، ومن ذلك قول الله تعالى ذكره: وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ [ص:19]، يعني: مجموعة. فإذا كان الجمع هو (الحشر)، وكان الله تعالى ذكره جامعًا خلقه إليه يوم القيامة، وجامعهم بالموت، كان أصوبُ القول في ذلك أن يُعَمَّ بمعنى الآية ما عمه الله بظاهرها. وأن يقال: كل دابة وكل طائر محشورٌ إلى الله بعد الفناء وبعد بعث القيامة، وإن كان الله تعالى ذكره قد عم بقوله: ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ [الأنعام:38]، ولم يخصص به حشرًا دون حشر. انتهى.

فلاحظ الآن طريقته في سبك العبارات وسبك القواعد العلمية.

ففي مثل هذا الخلاف يبقى الخبر على عمومه حتى يأتي ما يخصصه، فنبهنا هنا على أن ما ذكره السلف في تفسير الآية كله محتمل، وأنه جائز أن يراد هذا، وجائز أن يراد هذا، وأن العموم في مثل هذا أولى.

وإذا كانت عبارات السلف متقاربة الألفاظ فإنه ينبه على هذا التقارب أحيانًا، فيقول: وإن اختلفت ألفاظهم فإن معاني عباراتهم متفقة.

والخلاصة أن منهجه مع السلف يمكن أن نختصره ونقول:

أولًا: أنه يورد الإسناد عن السلف.

ثانياً: أنه يحتج بالقول الواحد منهم.

ثالثاً: إذا وقع الاختلاف بين السلف، فإما أن يجمع هذه الأقوال ويجيزها، وإما أن يختار أحد هذه الأقوال بحجة يذكرها.

منهج الطبري في التعامل مع اللغويين

وأما ما يتعلق بمنهجه في التعامل مع اللغويين، فنجد أولًا: أنه لا يصرح بأسمائهم إلا نادرًا، بخلاف السلف فإنه يذكرهم بالإسناد.

وأما أهل العربية مثل النحويين واللغويين، فإنه ينسبهم إلى المدينة، فيقول قال بعض أهل الكوفة، قال بعض أهل البصرة، قال بعض نحويي البصرة، قال بعض نحويي الكوفة، قال بعض لغويي البصرة، وهذا قول بعض لغويي الكوفة.. وهكذا، ولا ينص على أسمائهم إلا نادرًا كـالأخفش ، الفراء ، ويلاحظ أيضًا أنه اعتمد على الفراء كثيرًا واستفاد منه، واختياراته في علم النحو تشير إلى أن أصوله كوفية؛ لأنه كثيرًا ما يردد مصطلحات النحوين الكوفيين، وقد أشار محمود شاكر رحمه الله تعالى إلى أن منهجه بغدادي، والبغداديون الذين جمعوا بين المذهبين، لكن الذي يظهر والله أعلم أن أصوله فيما يظهر من طريقته في الترجيحات النحوية أنه كوفي المذهب، وإن كان قد يخالف الكوفيين في بعض القضايا النحوية؛ لأنه يعتمد عليها في تفسير السلف.

ويلاحظ: أنه يؤخر أقوال أهل العربية بعد أن ينتهي من أقوال السلف، وأحيانًا بعد أن يرجح بين أقوال السلف ثم يذكر أقوال أهل العربية، أو يؤخرهم دائمًا.

كما يلاحظ أنه إذا خالف قولهم قول السلف، فإنه يرده ولا يقبله، حتى ولو احتملته الآية؛ لأن العمدة عنده تفسير السلف، وما خرج عن تفسير السلف فإنه مرفوض عنده، هذه هي القاعدة الكلية في طريقته في التعامل مع ما ينقله من علوم اللغويين والنحويين.

وفي تعامله مع المسائل النحوية نجد أنه يمكن أن يعتبر من المعتدلين في ذكر المسائل النحوية، وقد نص على قاعدة عنده: أنه لا يذكر من النحو إلا ما يكون له ارتباط ببيان الآية.

ويلاحظ أنه لا يقبل التأويل النحوي المخالف لتفسير السلف، ومعنى ذلك أنه يختار التأويل النحوي الموافق لتفسير السلف، فيجعل تفسير السلف حجة في قبول التأويل النحوي المختلف فيه.

ويلاحظ فيما يتعلق أيضًا باللغة: أن الطبري رحمه الله تعالى قد اعتنى بما يسمى بعلم غريب القرآن، فإنه كان حريصًا على بيان المعاني اللغوية للألفاظ، والاستشهاد لها بأشعار العرب، وأحيانًا بتفسير السلف؛ لأنه يجعل تفسير السلف مثل الحجة اللغوية، يعني مثل الشاهد الشعري.

ويلاحظ أيضاً كثرة الاستشهادات اللغوية لمعاني الألفاظ، وكثيرًا ما استشهد بشعر الأعشى في تفسيره، ولهذا لو أن متعلمًا أراد أن يعتني بما يرتبط بمعاني ألفاظ القرآن فعليه حفظ شعر الأعشى فإنه سيستفيد كثيرًا؛ لأن فيه ألفاظ كثيرة جدًا لها ارتباط بتفسير القرآن، وهو لا ينص على أن الشاعر الأعشى ، ولكن بالرجوع إلى شعر الأعشى يلاحظ أنه قد نقل منه كثيرًا.

ولهذا يمكن أن يخرج إنسان كتابًا فيما يتعلق بمفردات ألفاظ القرآن من تفسير الطبري بشواهده التي ذكرها، وقد صنع ذلك الدكتور عبد الرحمن عميرة ، حيث خرج ذلك في مجلدين لكنه لم يستوعب، فلو أخرج ما يرتبط بغريب القرآن أو بمفردات ألفاظ القرآن من تفسير الطبري فإن فيه أحد الكتب التي يمكن أن تخرج من تفسير الطبري .

فـالطبري رحمه الله تعالى توفي سنة ثلاثمائة وعشر وله تحريرات لغوية بارعة، فما أبعد من يعده من أئمة اللغة.

المذهب الفقهي للطبري

المذهب الفقهي للإمام ابن جرير الطبري .

الإمام رحمه الله تعالى كان مجتهدًا، ولم يكن متقيدًا بمذهب معين، بل كان له مذهبه الخاص، وله كتب خاصة أيضًا في الفقه، وكان له أتباع لكن قليلون، وكان يسمى مذهبه بمذهب الجريري، نسبة إلى ابن جرير ، لكن هذا المذهب لم يستمر، مع أن أصحاب المذاهب قبله، ومع ذلك لم يتمذهب بمذهب من هذه المذاهب، ولهذا لا تجده ينسب.. يعني: لو نسب إلى الشافعية أو إلى غيرهم فقد يكون استفاد من أصول الشافعي أو غيره، لكنه كان صاحب اجتهاد مستقل، ولم يكن مرتبطًا بشيء من هذه المذاهب.

ويلاحظ في عرضه للمسائل الفقهية المرتبطة بالقرآن أنه لا يخرج عن الأحكام القرآنية التي نصت عليها الآية، بمعنى: أنه يأتي إلى قوله سبحانه وتعالى: وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228]، فيبين الحكم الذي نصت عليه الآية ولا يستطرد بعيدًا عن ذلك. بخلاف المتأخرين فإن بعضهم حينما يأتي إلى مثل هذه الآية فإنه يناقش قضايا كثيرة متعلقة بالطلاق ولا تدل عليها الآية بوجه.

المتن والإسناد في تفسير الطبري

نأتي إلى قضية المتن والإسناد في تفسيره:

سبق أن ذكرنا أن الطبري رحمه الله تعالى اعتنى بذكر الإسناد، لكنه لم يعتنِ بنقد الأسانيد إلا نادراً جدًا أن يتكلم عن إسناد من الأسانيد، مثل إسناد السدي المشهور عن بعض أشياخه، حيث قال في موطن واحد: وإن كنت في إسناده مرتابًا، ولم يزد على هذا.

ورواية للكلبي عن أبي صالح قال: وقد وردت من طريق من غير مرضية عن ابن عباس ، التي هي من طريق الكلبي عن أبي صالح ، لكنها قليلة، وهو أيضًا حريص على ألا يروي عمن كان متهمًا بالكذب أو بالوضع.

ولهذا مدحه شيخ الإسلام : بأنه لا يروي عن الكذابين والوضاعين، مثل مقاتل بن سليمان فلا تجد أكاد أقول إطلاقًا له لا رأي ولا رواية، مع أن مقاتل بن سليمان مشهور تفسيره.

و الكلبي ذكر له في الكتاب ما يقرب من الخمسين رأياً، وله رواية لكنها قليلة جدًا، وغالبًا ما تكون مقرونة برواية الثقات عنه معمر أو سفيان ؛ فقد صان تفسيره ممن اتهم بالكذب والوضع، وهذا حكم أغلبي.

أما من جهة المتون:

فقد كانت عنايته بنقد المتون واضحة جدًا، فقد كان يبين المعنى الصحيح من الضعيف من هذه الأقوال التي يذكرها ويذكر توجيهات هذه الأقوال.

مدى صحة اعتماد الطبري في عدم نقد الإسناد على قاعدة: من أسندك فقد أحالك

وهنا ملحوظة نحب أن نذكرها: أنا رأيت بعض من تعرض لتفسير الطبري يقول: إن الطبري رحمه الله تعالى قد سار على قاعدة: من أسندك فقد أحالك فلم يذكر الإسناد.

وأنا أرى أن هذه العبارة في تفسير