التعريف بكتب التفسير [6]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. وبعد:

قال المؤلف رحمه الله قوله تعالى: [ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ [ص:71]، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي [ص:72].

أخبرنا يحيى بن حبيب بسنده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (احتج آدم وموسى، فقال: يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة، فقال آدم : وأنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه تلومني على عمل عملته كتبه الله علي قبل أن يخلق السماوات والأرض، قال: فحج آدم موسى )].

فأورده لأنه ورد في الآية: وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي [الحجر:29]، وفي الحديث: ( ونفخ فيك من روحه )، ففيهما موافقة بين لفظ الحديث والآية.

[ سورة الزمر.

بسم الله الرحمن الرحيم

أخبرنا محمد بن النضر بن مساور ، بسنده عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: ما يريد أن يفطر، ويفطر حتى نقول: ما يريد أن يصوم، وكان يقرأ في كل ليلة ببني إسرائيل والزمر)].

وهذا أيضًا من الآثار التي لا علاقة لها بالتفسير، لكنه يوردها لمناسبة سورة الزمر.

[ قوله تعالى: وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً [الزمر:8].

أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بسنده عن الأعمش قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: ( ليس أحد أصبر على أذىً يسمعه من الله يدعون له ندًا، ثم هو يرزقهم ويعافيهم )، قال الأعمش : فقلت له: ممن سمعته يا أبا عبد الله ؟ قال: حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ].

واضح هذه المناسبة، وَجَعَلُوا للهِ أَندَادًا [إبراهيم:30]، ثم أورد هذا الحديث؛ لأن بينهما مناسبة.

[ قوله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]

أخبرنا هناد بن السري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يقول الله تبارك وتعالى: من أذهبت كريمتيه فاحتسب وصبر لم أرضَ له ثوابًا دون الجنة ) ].

وفيه مناسبة بين قوله: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]، نعم.

[ قوله تعالى: ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ [الزمر:31].

أخبرنا محمد بن عامر بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: نزلت هذه الآية، وما نعلم في أي شيء نزلت: ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ، قلنا: من نخاصم؟ ليس بيننا وبين أهل الكتاب خصومة، حتى وقعت الفتنة، قال ابن عمر : هذا الذي وعدنا ربنا أن نختصم فيه اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا [الزمر:42].

أخبرنا محمد بن كامل بسنده عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن في سفر ذات ليلة، قلنا: يا رسول الله: لو عرست بنا، قال: إني أخاف أن تناموا، فمن يوقظنا للصلاة؟ فقال بلال: أنا يا رسول الله، فعرس القوم فاضطجعوا، وأسند بلال إلى راحلته فغلبته عيناه، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجب الشمس فقال: يا بلال أين ما قلت؟ قال: يا رسول الله! والذي بعثك على الحق ما ألقيت عليّ نومة مثلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردها حين شاء، ثم أمرهم فانتشروا لحاجتهم فتوضئوا ) ].

واضح مناسبتها لقوله تعالى: اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا [الزمر:42]، ومعنى (التعريس) هنا: (لو عرست بنا)؟ أي: النزول على جانب الطريق للراحة، نعم.

معاني القرآن وإعرابه للزجاج المتوفى سنة (311هـ)، هذه من الكتب المشاركة في التفسير في القرن الرابع فنحن قسمنا القرون ثم قسمنا الكتب إلى هذه الثلاث الموضوعات: كتب التفسير، ثم كتب السنة المتضمنة للتفسير، ثم كتب المشاركة، والأصل لو كنا مرتبين على الوفيات يكون الزجاج متقدم، فيكون بعدها ابن جرير الطبري الحديث عنه.

و أبو إسحاق الزجاج أملى هذا الكتاب في سنة (285هـ)، وأتمه في سنة (301هـ) وهو يملي هذا الكتاب، و الزجاج كان نحويًا لغويًا أصوله بصرية، وقد ذكر في كتابه أنه سيكتب هذا الكتاب مختصرًا في معاني القرآن وإعرابه، ولكن غلب جانب الإعراب على جانب المعاني، وإن كان أيضًا ما يتعلق بمعاني القرآن وتفسير القرآن أكثر ممن سبقه، فلو جعلت مثلاً موازنة بينه وبين الفراء ، وبين الأخفش من جهة المعاني والتفسير، فستجد أن المعاني والتفسير في كتاب الزجاج أكثر.

وسبب ذلك أنه اعتمد على تفسير الإمام أحمد ، وقد نص عليه في استفادته من تفسير الإمام أحمد ، فهو يروي تفسير الإمام أحمد عن ابنه عبد الله .

منهج الزجاج في كتابه معاني القرآن

فحرص الزجاج على بيان المعاني اللغوية، وأيضًا بيان اشتقاقها، مثل قوله: وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ [البقرة:220]، قال أبو عبيدة : معناها: لأهلككم، قال: وحقيقته، يعني: أصله في الاشتقاق، لو شاء الله لكلفكم ما يشتد عليكم لتعنتون، وأصل العنت في اللغة من قولهم: عنت البعير إذا حدث في رجله كسر بعد جبر لا يمكنه معه تصريفها. ويقال: أكمة عنوت إذا كان لا يمكنه أن يجازيها إلا بمشقة عنيفة، وأيضاً هو كغيره من اللغويين من جهة الاستشهاد بالشعر، في كثرة الشواهد الشعرية، لكن أغلبها جاء في الجانب النحوي.

وكذلك كان كغيره من اللغويين بالاعتناء بالقراءات، وتوجيه هذه القراءات، وأيضًا كثير منها مرتبط بجانب النحو.

فهذه إشارة سريعة إلى تفسير أو إلى كتاب معاني القرآن وإعرابه للزجاج .

أنموذج من معاني القرآن للزجاج

قال المؤلف رحمه الله: [ روي: أن الله جل ثناؤه جعل لكل امرئٍ بيتًا في الجنة وبيتًا في النار، فمن عملَ عمل أهل النار ورث بيته من الجنة من عمل عمل أهل الجنة، ومن عمل عمل أهل الجنة ورث بيته من النار من عمل عمل أهل النار.

والفِرْدَوْس: أصله رُومي أعرب وهو البسْتَان، كذلك جاء في التفسير.

وقد قيل: إنَّ الفِرْدَوْس يعرفه العَرَب، وسُمِّى الموضِع الذي فيه كرم فردوساً.

قال أبو إسحاق : روينا عَنْ أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه " كتاب التفسير"، وهو ما أجازه لي عبد الله ابنه عنه أن اللَّه عزَّ وجلَّ].

هذا النص واضح هنا أنه استفاد من كتاب التفسير للإمام أحمد وبعض العلماء مثل الذهبي رحمه الله تعالى، وهو من هو في اطلاعه على تواريخ علماء الأمة، شك في وجود هذا التفسير، وكان يقول: ما في الكتب عنه نقل، مع ما للإمام أحمد من جلالة، ومع ذلك فهذا الكتاب نقل عنه بالنص بالإسناد.

[قال أبو إسحاق : روينا عن أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه كتاب التفسير، وهو ما أجازه لي عبد الله ابنه عنه أن الله عز وجل، بنى جنة الفردوس لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وجعل جبالها المسك الأدفر.

وروينا عن غيره أن الله جل ثناؤه كنس جنة الفردوس بيده، وبناها لبنة من ذهب مصفى، ولبنة من مسك مذرى، وغرس فيها من جيد الفاكهة وجيد الريحان].

فهذه آثار ورد فيها ما يتعلق بصفات الله سبحانه وتعالى، فالأصل فيها التوقف حتى يصح فيها السند، لاسيما عبارة: (كنس جنة الفردوس بيده) فهذه تحتاج إلى أثر صحيح تدل عليه، ولهذا لا تقال مثل هذه العبارة إلا بالسند الصحيح.

[ قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ [المؤمنون:12].

سلالة: فعالة. فخلق الله آدم عليه السلام من طين.

وقوله عز وجل: ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ [المؤمنون:13]، على هذا القول يعني: ولد آدم، وقيل: من سلالة من طين، من مني آدم، صلى الله عليه وسلم، وسلالة: القليل فيما ينسلّ، وكل مبنى على فُعالة، يراد به القليل.

فمن ذلك الفُضالة والنُّخالة والقلامة. فعلى هذا قياسه] والكتاب على هذا الأسلوب.

فحرص الزجاج على بيان المعاني اللغوية، وأيضًا بيان اشتقاقها، مثل قوله: وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ [البقرة:220]، قال أبو عبيدة : معناها: لأهلككم، قال: وحقيقته، يعني: أصله في الاشتقاق، لو شاء الله لكلفكم ما يشتد عليكم لتعنتون، وأصل العنت في اللغة من قولهم: عنت البعير إذا حدث في رجله كسر بعد جبر لا يمكنه معه تصريفها. ويقال: أكمة عنوت إذا كان لا يمكنه أن يجازيها إلا بمشقة عنيفة، وأيضاً هو كغيره من اللغويين من جهة الاستشهاد بالشعر، في كثرة الشواهد الشعرية، لكن أغلبها جاء في الجانب النحوي.

وكذلك كان كغيره من اللغويين بالاعتناء بالقراءات، وتوجيه هذه القراءات، وأيضًا كثير منها مرتبط بجانب النحو.

فهذه إشارة سريعة إلى تفسير أو إلى كتاب معاني القرآن وإعرابه للزجاج .

قال المؤلف رحمه الله: [ روي: أن الله جل ثناؤه جعل لكل امرئٍ بيتًا في الجنة وبيتًا في النار، فمن عملَ عمل أهل النار ورث بيته من الجنة من عمل عمل أهل الجنة، ومن عمل عمل أهل الجنة ورث بيته من النار من عمل عمل أهل النار.

والفِرْدَوْس: أصله رُومي أعرب وهو البسْتَان، كذلك جاء في التفسير.

وقد قيل: إنَّ الفِرْدَوْس يعرفه العَرَب، وسُمِّى الموضِع الذي فيه كرم فردوساً.

قال أبو إسحاق : روينا عَنْ أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه " كتاب التفسير"، وهو ما أجازه لي عبد الله ابنه عنه أن اللَّه عزَّ وجلَّ].

هذا النص واضح هنا أنه استفاد من كتاب التفسير للإمام أحمد وبعض العلماء مثل الذهبي رحمه الله تعالى، وهو من هو في اطلاعه على تواريخ علماء الأمة، شك في وجود هذا التفسير، وكان يقول: ما في الكتب عنه نقل، مع ما للإمام أحمد من جلالة، ومع ذلك فهذا الكتاب نقل عنه بالنص بالإسناد.

[قال أبو إسحاق : روينا عن أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه كتاب التفسير، وهو ما أجازه لي عبد الله ابنه عنه أن الله عز وجل، بنى جنة الفردوس لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وجعل جبالها المسك الأدفر.

وروينا عن غيره أن الله جل ثناؤه كنس جنة الفردوس بيده، وبناها لبنة من ذهب مصفى، ولبنة من مسك مذرى، وغرس فيها من جيد الفاكهة وجيد الريحان].

فهذه آثار ورد فيها ما يتعلق بصفات الله سبحانه وتعالى، فالأصل فيها التوقف حتى يصح فيها السند، لاسيما عبارة: (كنس جنة الفردوس بيده) فهذه تحتاج إلى أثر صحيح تدل عليه، ولهذا لا تقال مثل هذه العبارة إلا بالسند الصحيح.

[ قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ [المؤمنون:12].

سلالة: فعالة. فخلق الله آدم عليه السلام من طين.

وقوله عز وجل: ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ [المؤمنون:13]، على هذا القول يعني: ولد آدم، وقيل: من سلالة من طين، من مني آدم، صلى الله عليه وسلم، وسلالة: القليل فيما ينسلّ، وكل مبنى على فُعالة، يراد به القليل.

فمن ذلك الفُضالة والنُّخالة والقلامة. فعلى هذا قياسه] والكتاب على هذا الأسلوب.

كتاب أحكام القرآن، للطحاوي مطبوع وما وجد منه في مجلدين.

و الطحاوي رحمه الله تعالى توفي سنة (ثلاثمائة وإحدى وعشرين) وهو صاحب العقيدة الطحاوية الحنفي، وصاحب شرح معاني الآثار ومشكل الآثار.

مميزات كتاب أحكام القرآن للطحاوي

وهذا الكتاب مرتب على الأبواب الفقهية، (باب الصلاة، باب الزكاة.. إلخ)، واعتمد فيه مذهب أبي حنيفة ، واعتنى بذكر أقوال صاحبيه، وعمد إلى موازنة مذهبه الحنفي بأقوال العلماء الآخرين، ثم قام بترجيح المذهب الحنفي، فهو كتاب قائم على الاحتجاج للمذهب الحنفي، يعني: أحكام القرآن من وجهة المذهب الحنفي.

وهو يورد آثار السلف بالإسناد، كما هي عادته في كتبه، فهو مليء بآثار السلف، كما أن الكتاب مليء بالقواعد العلمية وطرق الاحتجاج، وهذا الذي تميز به الطحاوي رحمه الله تعالى في عامة كتبه التي يذكر فيها الاختلاف فمن يرجع إلى كتاب مشكل الآثار، يجد فيه طرائق كثيرة جدًا للترجيح والاحتجاج، فهذا ملخص عن الكتاب الطحاوي .

أنموذج من كتاب أحكام القرآن للطحاوي

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43].

قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ [النساء:43]، فلم يبين لنا عز وجل ما المراد بالصلاة المذكورة في هذه الآية! هل هي الصلاة بعينها، أو موضوع الصلاة الذي يصلى فيه من المسجد والمصلى ].

هنا نلاحظ أنه يورد الآية ثم يورد الإشكالية العلمية التي يناقشها.

يقول: [فنظرنا في ذلك فإذا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم قد حدثنا قال: بسنده عن الضحاك في قوله عز وجل: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43]، قال: النوم، وهذا القول فلم نعلمه هو عن غير الضحاك في هذا التأويل، أن النهي الذي في هذه الآية وقع على الصلاة في عينها.

وقد روي في تأويلها وجه غير هذا وهو: أن عبد الله حدثنا بسنده عن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال: دعا رجل من الأنصار عليًا و عبد الرحمن بن عوف فأصابوا من الخمر، فقدموا عليًا في صلاة المغرب فقرأ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، فخلط فيها فنزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ [النساء:43]، فهذا الحديث على السكر من الشراب، وذلك قبل تحريم الخمر، والنهي الذي في هذا الحديث إنما وقع على الصلاة في عينها.

وقد روي في تأويل هذه الآية أيضًا ما حدثنا الربيع المرادي بسنده عن عمر بن الخطاب قال: لما نزل تحريم الخمر قال: اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء، فنزلت الآية التي في البقرة: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالمَيْسِرِ [البقرة:219]، فدعا عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بينا لنا في الخمر بيان شفاء، فنزلت الآية التي في النساء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43]، وكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة، نادى: لا يقربن الصلاة سكران، فدعا عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء، فنزلت الآية التي في المائدة، فدعا عمر فقرئت عليه، فلما بلغ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91]، قال عمر رضي الله عنه: انتهينا .. انتهينا.

ففي هذا الحديث أيضًا مثل ما في الحديث الذي قبله، وأن السكر المراد في هذه الآية هو السكر من الخمر، وأن النهي الذي فيها وقع على الصلاة في عينها، وكان خبر عمر لاتصاله أولى ممن رويناه عن الضحاك ، وفي تحريم الخمر نسخ لهذا المعنى في خبر عمر الذي رويناه، وفي هذا ما يدل على أنه ينبغي للمصلي ألا يقرب صلاة مع شاغل له عنها لتكون الصلاة إذا دخل فيها همه، لا هم له غيرها، ولا شاغل له عنها].

فهذه أحد لطائف هذا الكتاب، وفي غيرها تجده يورد قول الأحناف، لكن هذه القضية ما لها علاقة بقضية الأحناف إذ ليس فيها خلاف، هل: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43]، نزلت بسكر الخمر وإلا بسكر النوم، هنا أورد الرواية عن الضحاك ، وما ذكره الضحاك يدخل في ترجيحه الأخير، لكن الآية نزلت بشأن السكر من الخمر، لكن المعنى الذي قاله الضحاك معنًى صحيح معتبر، فالخلاف مع الضحاك في كون الآية نزلت بسبب هذا أو لا، وذكر جملة من الفوائد كما تلاحظون، والإمام الطحاوي من الأئمة الأعلام الذين يحسن القراءة لهم، ومعرفة مناهجهم في الترجيح والتعليم؛ لأن فيه فوائد كثيرة جدًا في هذه المنهجية.

وقد أشار أحد من قدم لتفسير الطحاوي قبل أن يخرج إلى أنه يضارع تفسير ابن جرير الطبري ، ولكن الحقيقة أنه لما طبع الكتاب وجدنا فيه مباينة كبيرة جدًا، نعم يتشابهون في طريقة العرض، وقضية الأقوال والترجيح، لكن في الطبري يبدو أنه فريد في هذا الباب.

وهذا الكتاب مرتب على الأبواب الفقهية، (باب الصلاة، باب الزكاة.. إلخ)، واعتمد فيه مذهب أبي حنيفة ، واعتنى بذكر أقوال صاحبيه، وعمد إلى موازنة مذهبه الحنفي بأقوال العلماء الآخرين، ثم قام بترجيح المذهب الحنفي، فهو كتاب قائم على الاحتجاج للمذهب الحنفي، يعني: أحكام القرآن من وجهة المذهب الحنفي.

وهو يورد آثار السلف بالإسناد، كما هي عادته في كتبه، فهو مليء بآثار السلف، كما أن الكتاب مليء بالقواعد العلمية وطرق الاحتجاج، وهذا الذي تميز به الطحاوي رحمه الله تعالى في عامة كتبه التي يذكر فيها الاختلاف فمن يرجع إلى كتاب مشكل الآثار، يجد فيه طرائق كثيرة جدًا للترجيح والاحتجاج، فهذا ملخص عن الكتاب الطحاوي .

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43].

قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ [النساء:43]، فلم يبين لنا عز وجل ما المراد بالصلاة المذكورة في هذه الآية! هل هي الصلاة بعينها، أو موضوع الصلاة الذي يصلى فيه من المسجد والمصلى ].

هنا نلاحظ أنه يورد الآية ثم يورد الإشكالية العلمية التي يناقشها.

يقول: [فنظرنا في ذلك فإذا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم قد حدثنا قال: بسنده عن الضحاك في قوله عز وجل: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43]، قال: النوم، وهذا القول فلم نعلمه هو عن غير الضحاك في هذا التأويل، أن النهي الذي في هذه الآية وقع على الصلاة في عينها.

وقد روي في تأويلها وجه غير هذا وهو: أن عبد الله حدثنا بسنده عن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال: دعا رجل من الأنصار عليًا و عبد الرحمن بن عوف فأصابوا من الخمر، فقدموا عليًا في صلاة المغرب فقرأ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، فخلط فيها فنزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ [النساء:43]، فهذا الحديث على السكر من الشراب، وذلك قبل تحريم الخمر، والنهي الذي في هذا الحديث إنما وقع على الصلاة في عينها.

وقد روي في تأويل هذه الآية أيضًا ما حدثنا الربيع المرادي بسنده عن عمر بن الخطاب قال: لما نزل تحريم الخمر قال: اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء، فنزلت الآية التي في البقرة: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالمَيْسِرِ [البقرة:219]، فدعا عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بينا لنا في الخمر بيان شفاء، فنزلت الآية التي في النساء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43]، وكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة، نادى: لا يقربن الصلاة سكران، فدعا عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء، فنزلت الآية التي في المائدة، فدعا عمر فقرئت عليه، فلما بلغ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91]، قال عمر رضي الله عنه: انتهينا .. انتهينا.

ففي هذا الحديث أيضًا مثل ما في الحديث الذي قبله، وأن السكر المراد في هذه الآية هو السكر من الخمر، وأن النهي الذي فيها وقع على الصلاة في عينها، وكان خبر عمر لاتصاله أولى ممن رويناه عن الضحاك ، وفي تحريم الخمر نسخ لهذا المعنى في خبر عمر الذي رويناه، وفي هذا ما يدل على أنه ينبغي للمصلي ألا يقرب صلاة مع شاغل له عنها لتكون الصلاة إذا دخل فيها همه، لا هم له غيرها، ولا شاغل له عنها].

فهذه أحد لطائف هذا الكتاب، وفي غيرها تجده يورد قول الأحناف، لكن هذه القضية ما لها علاقة بقضية الأحناف إذ ليس فيها خلاف، هل: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43]، نزلت بسكر الخمر وإلا بسكر النوم، هنا أورد الرواية عن الضحاك ، وما ذكره الضحاك يدخل في ترجيحه الأخير، لكن الآية نزلت بشأن السكر من الخمر، لكن المعنى الذي قاله الضحاك معنًى صحيح معتبر، فالخلاف مع الضحاك في كون الآية نزلت بسبب هذا أو لا، وذكر جملة من الفوائد كما تلاحظون، والإمام الطحاوي من الأئمة الأعلام الذين يحسن القراءة لهم، ومعرفة مناهجهم في الترجيح والتعليم؛ لأن فيه فوائد كثيرة جدًا في هذه المنهجية.

وقد أشار أحد من قدم لتفسير الطحاوي قبل أن يخرج إلى أنه يضارع تفسير ابن جرير الطبري ، ولكن الحقيقة أنه لما طبع الكتاب وجدنا فيه مباينة كبيرة جدًا، نعم يتشابهون في طريقة العرض، وقضية الأقوال والترجيح، لكن في الطبري يبدو أنه فريد في هذا الباب.

كتاب معاني القرآن لـأبي جعفر أحمد بن حمد النحاس ، المتوفى سنة ثلاثمائة وثمان وثلاثين.

ما يتميز به معاني القرآن للنحاس

وهذا الكتاب يعد من أنفس كتب معاني القرآن، وأقربها إلى علم التفسير، وقد ظهر في هذا الكتاب كثرة النقل عن السلف، فمثلًا: ورد المنقول عن ابن عباس قرابة ستمائة قولاً، والمنقول عن مجاهد قرابة خمسمائة قول، والمنقول عن قتادة قرابة ستمائة وواحد وثمانين قولاً، والمنقول عن الحسن قرابة ثلاثمائة وواحد وثلاثين قولاً.

وعن عكرمة قرابة مائة وأربعة وسبعين، وعن الضحاك قرابة مائتين وثلاثة وثلاثين، فهو مكثر جدًا من النقل عن السلف وعن غيرهم بلا إسناد.

وقاعدة الكتاب أن يعلق الكلام إلى صاحبه، فيقول: قال فلان، قال فلان، كما نقل أيضًا عن كثير من اللغويين، مثل الكسائي و قطرب و أبي حاتم السجستاني و ابن المبرد و ثعلب و ابن كيسان ، ولكن إذا وازنا من حيث العدد بين ما نقله من مرويات السلف، وما نقله عن اللغويين فإننا نجد أن ما نقله عن السلف أكثر وأغزر في المادة، مما نقله عن اللغويين، ولهذا كما ذكرت أن كتابه من أقرب كتب المعاني للتفسير.

وهذا الكتاب من الكتب المنظمة والمرتبة، وهذا مما يتميز به الإمام أبو جعفر النحاس .

كما أن في هذا الكتاب نفائس كثيرة جدًا متعلقة بالغريب والمعاني، وأيضًا له تعليقات نفيسة على بعض التفاسير.

كما أنه يذكر القراءات وتوجيهها، وكذلك يرجح بين الأقاويل، وهذا أيضًا كثير في كتابه كتاب المعاني، وقد كان صاحب رأي مستقل، سواء في هذا الكتاب أو في كتاب إعراب القرآن، أو في كتابه الناسخ والمنسوخ، أو في كتابه القطع الائتناف في علم الوقف والابتداء، فهذه كتبه مليئة جدًا بآرائه الخاصة، وكل هذه الكتب تتميز بما ذكرت من كثرة المنقول، وكذلك من التنظيم.

ومما رجح فيه بين الأقوال في قوله سبحانه وتعالى: وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ المَثُلاتُ [الرعد:6]، يقول: قال مجاهد : يعني الأمثال، وقال قتادة يعني: العقوبات، وقال أبو جعفر : وهذا القول أولى؛ لأنه معروف في اللغة، أن يقال للعقوبة الشديدة: مِثْلة ومَثُلة.

كذلك يلاحظ أنه استفاد كثيرًا من ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى، سواء في مروياته، وأيضًا استفادته منه في الترجيحات والتعليلات، والأمثلة كثيرة جدًا في كتابه، فمثلًا من مروياته وهو ينص على ابن جرير أيضًا، يقول: وذكر محمد بن جرير : أن ابن وكيع حدثهم عن أبيه عن شريك عن أبي الحصين عن سعيد بن جبير : أن الأزلام حصى بيض كانوا يضربون بها.

قال محمد بن جرير : قال لنا سفيان عن وكيع : هي الشطرنج.

ومن ترجيحاته ما ذكره في قوله: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ [النساء:159]، فذكر ثلاثة أقاويل في الآية، .. وهي قول عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لينزلن ابن مريم حكمًا عدلًا فليقتلن الدجال وليقتلن الخنزير وليكسرن الصليب فتكون السجدة الواحدة لله رب العالمين )، ثم قال أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ [النساء:159]، قال أبو هريرة : قبل موت عيسى.

وعن قتادة : قبل موت عيسى، وعن ابن عباس : قبل موت الذي من أهل الكتاب، قال: وقال بهذا القول الحسن و عكرمة ، وهذا القول رواه عن ابن عباس : عكرمة ، قال: وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن معنى قَبْلَ مَوْتِهِ [النساء:159]، قبل موت عيسى عليه السلام، قال، قال غير هؤلاء: المعنى: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بمحمد قبل موته.

فعندنا ثلاثة أقوال، ثم قال: [ وهذه الأقوال غير متناقضة؛ لأنه يتبين عند موته الحق، فيؤمن حين لا ينفعه الإيمان.

قال محمد بن جرير : أولى هذه الأقوال بالصواب والصحة قول من قال تأويل ذلك: إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى، وأن ذلك فيه خاصة من أهل الكتاب، ومعني به أهل زمان منهم دون أهل كل الأزمنة التي كانت بعد عيسى، وإما ذلك عند نزوله، ولم يجرِ لـمحمد في الآيات التي قبل ذلك ذكرٌ، فيجوز صرف الهاء التي في لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ [النساء:159] إلى أنها من ذكره، وإنما: لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ [النساء:159] في سياق ذكر عيسى وأمه واليهود. انتهى كلامه.

فنجد الآن أنه ذكر ترجيح الطبري ، واختار أيضًا ترجيحًا غير ما ذكره، فهو إذاً اعتمد كثيرًا على الطبري .

وأيضًا يورد المشكلات التفسيرية ويناقشها، والأمثلة أيضًا في كتابه مليء، وعلى العموم فهذا الكتاب من الكتب المفيدة جدًا، وهو وإن كان مرجعًا إلا أنه صالح للقراءة والاستفادة منه.

أنموذج من معاني القرآن للنحاس

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم أما بعد:

قال المؤلف رحمه الله، [ثم قال تعالى: حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا [يوسف:85]، قال ابن جريج عن مجاهد: أي: دون الموت، وقال الضحاك : أي: باليًا مبراً، والقولان متقاربان، يقال: أحرضه المرض فحرض ويحرض إذا دام سقمه وبلي.

قال الفراء : الحارض: الفاسد الجسم والعقل، وكذلك الحرض، وقال أبو عبيدة : الحرض الذي قد أذابه الحزن، وقال غيره: منه حرضت فلانًا أي أفسدت قلبه.

ثم قال تعالى: أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ [يوسف:85]، وقال الضحاك : أي من الميتين.

وقوله عز وجل: قَالَ إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ [يوسف:86]،

والبث: أشد من الحزن، قال قتادة : ولا تيأسوا من روح الله، أي: من رحمته.

وقوله جل وعز: قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ [يوسف:88]، وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: أي: ورق رديئة لا تجوز إلا بوضيعة، وقال مجاهد أي: قليلة، وقال قتادة : أي يسيرة، وقال عبد الله بن الحارث : كان معهم متاع الأعراب من سمن وصوف وما أشبههما، وهذه الأقوال متقاربة، وأصله من التزجية وهي الدفع والسوق، يقال: فلان يزجي العيس، أي: يدفع، والمعنى: أنها بضاعة تدفع، ولا يقبلها كل أحد، واحتج مالك بقوله تعالى: فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ [يوسف:88] في أن أجرة الكيال والوزان على البائع.

وقوله جل وعز: قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف:92] التثريب: التعيير واللوم وإفساد الأمر، ومنه: ثربت أمره أي أفسدته، ومنه الحديث: ( إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب)، أي: ولا يعيرها بالزنا].

والكتاب سائر على المنهج، من حسن الترتيب، وأنه يذكر الأقاويل على هذه الصورة، وكما قلت: كتاب مفيد جدًا، وهو أيضًا صالح للقراءة، وإن كان ليس فيه المنهجية المتكاملة للتفسير.


استمع المزيد من صفحة د. مساعد الطيار - عنوان الحلقة اسٌتمع
التعريف بكتب التفسير [5] 3346 استماع
التعريف بكتب التفسير [4] 3202 استماع
التعريف بكتب التفسير [3] 2163 استماع
التعريف بكتب التفسير [2] 2138 استماع