شرح لامية الأفعال [10]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

فقال المؤلف رحمه الله: ( فصل فيما لم يسم فاعله ).

فعقد هذا الفصل للمبني للمجهول، والمبني معناه: المصوغ، للمجهول معناه: الذي حذف، وليس المقصود أن المتكلم به يجهله، بل قد يكون الفاعل مجهولاً، وقد يكون معلوماً فيحذف؛ فلذلك عبر هو عنه "بما لم يسم فاعله" سواءً كان معلوماً أو مجهولاً، وأهل الصرف يسمونه: ما ركب للمجهول، أو ما ركب للنائب، أو ما بني للمجهول، أو ما بني للنائب، يقولون: مبني للمجهول، أو مبني للنائب، أو مركب للمجهول، أو مركب للنائب، ومعنى ذلك واحد، فإن الفاعل إذا حذف يطرأ تغيير للمفعول الذي سيكون نائباً، وللفعل نفسه، والذي يعنينا هنا ما يعرض للفعل نفسه من التغيرات، والبناء للنائب البحث فيه يتعلق بالبلاغة والنحو والصرف بثلاثة علوم، ففي البلاغة: تعرف المواضع التي يحذف فيها الفاعل أو يضمر، وهي من النكات البلاغية المعروفة، أسباب حذف الفاعل، وفي النحو: تعرف ما تجوز نيابته، وما لا تجوز نيابته، وأحكامه بعد النيابة، وفي الصرف: تعرف ما يعرض للفعل نفسه، وهذا الذي يعنينا هنا، فقال:

إن تسند الفعل للمفعول فأت به مضموم الاول واكسره إذا اتصلا

بعينٍ اعتل واجعل قبل الآخر في الـ ـمضي كسرًا وفتحًا في سواه تلا

يقول: ( إن تسند الفعل )، معناه: ماضياً أو مضارعاً لا أمراً، فالأمر لا يسند للمفعول أبداً، الأمر لا يسند للمجهول، الفعل معناه: مطلقاً, سواءً كان مزيداً فيه أو مجرداً، ماضياً أو مضارعاً مزيداً فيه أو مجرداً (للمفعول), المقصود به: المفعول الذي ينوب وهو المفعول به على الأصل لا له ولا معه، مفعول به أو فيه، أو المطلق لا له ولا معه، هذه المفعولات الخمسة المعروفة في النحو، قد نظمها بعضهم فقال:

مفاعيلهم رتب فصدر بمطلق وثن به فيه له معه كمل

(مفاعيلهم رتب)، في حال ذكرها مع الفعل، فيبدأ بالمفعول المطلق أولاً؛ لذلك قال: فصدر بمطلق، وثن به أي: بالمفعول به، فيه؛ أي: بالظرف، له؛ أي: المفعول لأجله، المفعول معه هو الأخير؛ فلذلك قال هو: ( إن تسند الفعل للمفعول به لا له ولا معه )، وليست المفعولات محصورةً فيما قال، بل كان اللازم أن يقول به, أو فيه أو المطلق لا له ولا معه، (فأحكامه ستة)، أحكامه؛ أي: الفعل، أي: ما يعرض له من الأحكام بسبب هذا التغيير في الإسناد ستة.

الحكم الأول من أحكام الفعل إذا بني للمجهول: هو ضم أوله

أولها: ضمُّ أوله إن لم يكن ماضياً ومعتل العين، وهذا قوله: ( فأت به مضموم الأول )، فإنه يضم أوله، إلا إذا كان ماضياً معتل العين كـ(باع) ونحوها، فسنذكر ما يعرض لها من الأحكام إن شاء الله، تقول فيها: بيع، وقيل، وغيض الماء إلى آخره، ويجوز فيها الإشمام على ما سنذكر إن شاء الله، فتضم أوله، فمثال ذلك من الثلاثي المجرد: ضرب زيد ويضرب، ومن الرباعي المجرد دحرج الحجر ويدحرج، ومن الرباعي المزيد فيه أكرم زيد ويكرم، ومن الخماسي المفتتح بالهمزة الزائدة، فتقول فيه: انطلق من هذا المبدأ، وهذا مبدأ ينطلق منه، والخماسي المبدوء بالتاء الزائدة تقول فيه: تعلم هذا العلم، وهذا علم يتعلم، والسداسي، كقولك: استخرج من هذا الكلام فوائد، وكذلك يستخرج من هذا الكلام فوائد، فتضم أوله في كل ذلك.

الحكم الثاني من أحكام الفعل إذا بني للمجهول: هو كسر أوله إن كان متصلاً بعين الثلاثي المعتل

الحكم الثاني من الأحكام الستة التي تطرأ عند حذف الفاعل هو كسره إن كان كذلك، وهو قوله: ( واكسره إذا اتصلا: بعين اعتل )، نحن استثنينا الماضي المعتل العين، فذكرنا أنه لا يضم أوله، أما الماضي المعتل العين، فما حكمه؟ حكمه هو الحكم الثاني من أحكام الفعل الستة، وهو قوله: ( واكسره )؛ أي: اكسر أول الفعل الماضي المعتل العين، وذلك بإلقاء حركة العين عليه بعد سلب حركته، الحرف الأول تحذف حركته، وقد كانت فتحةً طبعاً (باع)، فتحذف حركته وهي الفتح، وتلقي عليه حركة العين، بإلقاء حركة العين بعد سلب حركته هو، ولذلك قال: ( إذا اتصلا بعين اعتل )، معناه: إذا اتصل ذلك الأول بعين معتلة، وكان اللازم أن يقول: بعين اعتلت؛ لأن العين مؤنثة، وذلك مثل (قال وباع)، فتقول فيه:( قيل وبيع)، وأصل الكلمة قُوِلَ في الأصل، بُيِعَ، لكنك ستحذف هذه الضمة التي على أوله، وتنقل إليه الكسر الذي هو كسر ما قبل الآخر؛ كسر الحرف الأوسط، فتكسر الحرف الأول بهذه الكسرة، فتقول: (قيل وبيع)، وتسكن العين المعتلة حينئذ، فتكون حرف مد، وهذا الكسر ليس متعيناً ولا لازماً، بل هو أحد ثلاثة أوجه، وهو أشهرها، ثم يليه الإشمام وهو: شوب الكسرة بشيء من صوت الضمة، وبعضهم يقول: شوب الضمة بشيء من صوت الكسرة؛ أي: حركة بين الضمة والكسرة، سواءً غلبت فيها الضمة أو الكسرة، وبه قرئ: وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ[هود:44].

وكذلك سِيءَ بِهِمْ [العنكبوت:33]، وكذلك سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا [الملك:27]، فكلها قرئت بالإشمام، وكذلك حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ [سبأ:54]، فتحركه حركةً بين الضمة والكسرة، لا هي كسرة محضة، ولا هي ضمة محضة، لم يقرأ حفص بهذا الإشمام في الأفعال المعتلة؛ ولذلك لا تعرفونه، فلا إشمام في قراءة حفص إلا في حرف واحد، وهو في سورة يوسف، قوله تعالى: مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ [يوسف:11]، في هذا الحرف وحده، وفي قراءة نافع اتفق ورش و قالون على (سِيئَتْ وجوه الذين كفروا) و(سيء بهم)؛ لذلك قال ابن بري:

واتفق بعض عن الإمام في سين سيئت سيء بالإشمام

ونون تأمنا ابن بري في كتابه في نظمه في قراءة نافع المسمى بالدرر اللوامع في أصل موطأ الإمام نافع.

آخر الوجوه الثلاثة هو الضم الخالص، ومنه قول الشاعر:

حوكت على نيرين إذ تحاك تختبط الشوك ولا تشاك

فحوكت الأفصح أن يقول: (حيكت)، ثم إذا لم يقلها يقول: حيكت بالإشمام، ثم حوكت هي أضعفها، وهذا البيت مختلف في معناه، فقيل: هو وصف لناقة، وقيل: هو وصف لكساء، وفيه مجاز على كلا القولين في تفسيره، فإن كان المقصود: وصف ناقة فمعنى حيكت على نيرين إذ تحاك: أنها قوية البنية؛ كأنها محوكة حياكةً مضاعفةً بالنسيج؛ فلذلك تختبط الشوك ولا تشاك، فيكون الشطر الأول مجازاً، والشطر الثاني حقيقةً، وإن كان وصفاً لكساء كان الشطر الأول حقيقةً، والثاني مجازاً، حيكت يعني: نسجت، على نيرين؛ أي: حياكتها مضاعفة على درجتين، إذ تحاك، معناه: حين حوكها، (تختبط) الشوك: هذا مجاز معناه: يخبط بها (وهي لا تختبطه، تختبط الشوك ولا تشاك)؛ أي: لا يداخلها الشوك لقوة نسجها.

وكذلك قول الآخر:

ليت وهل ينفع شيئاً ليت ليت شباباً بوع فاشتريت

فالأفصح أن يقول: بيع، ثم بيع، ثم بوع، وهي أضعفها، (وهل ينفع شيئاً ليت) هذه جملة اعتراضية، معناه: هل ينفع التمني، هل يغير شيئاً.

الحكم الثالث من أحكام الفعل إذا بني للمجهول: هو كسر ما قبل آخره ماضياً وفتحه مضارعاً

(وثالثها) أي: الحكم الثالث من أحكام الفعل عند حذف الفاعل: هو كسر ما قبل آخره ماضياً، وفتحه مضارعاً، أن يكسر ما قبل الآخر إن كان ماضياً، وأن يفتح إذا كان مضارعاً، وهذا هو قوله: ( واجعل قبل الآخر في الــمضي كسراً وفتحاً في سواه تلا )، واجعل قبل الآخر في المضي كسراً، والمعنى: واجعل على الحرف الذي قبل الآخر في المضي كسراً، أو واجعل قبل الآخر في المضي كسراً؛ أي: مكسوراً، اجعل قبل الآخر؛ أي: ما قبل الآخر في المضي مكسوراً، (كسراً) بمعنى: مكسوراً، أو واجعل قبل الآخر كسراً؛ لأن الكسر شكل، والشكل مختلف فيه في موضعه؛ ولذلك قال ابن مالك :

الشكل سابق حرفه أو بعده قولان والتحقيق مقترنان

وهذا الكسر إما أن يكون ملفوظاً به، وإما أن يكون مقدراً؛ فلذلك قال: لفظاً أو تقديراً، وربما فتح في معتل اللام، وهذه لغة من لغات العرب، وهي أن ما قبل الآخر في معتل اللام قد يفتح؛ كرمى وغزى، بمعنى: رمي وغزي، ومنه قول الشاعر:

ما للطبيب يموت بالداء الذي قد كان يشفي مثله فيما مضى

إن الطبيب بطبه ودوائه لا يستطيع دفاع نحب قد قضى

معناه: قد مضي، مثلثة فقد سبق أن طاء الطب مثلثة.

( وفتحاً في سواه تلا )، واجعل فيما قبل الآخر فتحاً في سواه؛ أي: في سوى المضي، وهو المضارع.

وليس من الطرة هذا، قد دُنْيَ له، دُنْيَ بالكسرة غلط، وهو خطأ مطبعي، قد دُنْيَ له، معناه: دُنْيَ له، مثل عتبى وأخرى سنذكرها إن شاء الله.

( وفتحاً في سواه تلا )، معناه: في الذي يتلوه وهو المضارع؛ لأن المضارع هو الذي يتلو الماضي في التصريف، فتقول: يُضْرَب، في الماضي تقول: ضُرِبَ.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ [الحج:73].

في المضارع تقول: يضرب المثل بكذا، وقوله: (تلا) هذه الجملة نعت لسواه؛ لأن الجمل بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات نعوت، وسواه من الأسماء التي لا تتعرف بالإضافة؛ فلذلك كانت الجملة بعدها نعتاً لها؛ لذلك قال: لأنه لا يتعرف؛ كغيره، فغير وسوى ونحوها من الأسماء لا تتعرف بالإضافة.

الحكم الرابع من أحكام الفعل إذا بني للمجهول: هو ضم ثالث المفتتح بهمز الوصل

ثالث ذي همز وصلٍ ضم معه ومع تاء المطاوعة اضمم تلوها بولا

ورابع هذه الأحكام ضم ثالث ذي همز الوصل إن صحت عينه، ضم ثالث الفعل المفتتح بهمز الوصل، إن صحت عينه، وهذا هو قوله: ( ثالث ذي همز وصل ضم معه )؛ أي: أن الفعل المفتتح بهمزة الوصل سواءً كان خماسياً أو سداسياً، فإنه يضم ما قبل آخره، يضم الثالث منه، وتضم همزة الوصل أيضاً؛ ولذلك قال: ( ضم معه )، فتقول: اعتبر بكذا، وانطلق، انطُلق من هذا المبدأ، وتقول: استُخرج من هذا الحديث فوائد، فهمز الوصل هنا سيضم على ما سبق؛ لأننا قلنا: (فأتِ به مضموم الأول)، والحرف الثالث منه يضم أيضاً، سواءً كان من خماسي أو سداسي؛ كـ(اعتبر) و(انطلق) و(استخرج).

( ومع تاء المطاوعة اضمم تلوها بولا ).

الحكم الخامس من أحكام الفعل إذا بني للمجهول: هو ضم ثاني الفعل، إذا افتتح بالتاء الزائدة المعتادة الزيادة المتحرك ما بعدها

الحكم الخامس من هذه الأحكام الستة هو: ضم ثانيه إن بدئ بالتاء الزائدة المعتادة الزيادة، (لا كترمسة الزيادة)، لا كترمسة فهي غير معتادة الزيادة، لم تسمع إلا في هذا الوزن، وهذا هو قوله: ( ومع تاء المطاوعة )، التاء الأكثر فيها أن تكون للمطاوعة مثل: علمته فتعلم، ودحرجته فتدحرج، لكنها قد لا تكون للمطاوعة، مثل: تداركته، ومثل: تغافل فلان، فهذه التاء ليست بالمطاوعة؛ فلذلك قال: وشبهها؛ كتدارك، وتغافل، وتباله، فهذه تشبه تاء المطاوعة، وليست هي، وهذه التاء هي المتحرك ما بعدها بخلاف ترمس.

فهذه التاء قد يمْثُلها؛ أي:الذي يليها، وهو الثاني، فتقول: تُعُولِم وتُدُورِك وتُغُوفل وتُبُولِه، (بولا)؛ أي: الذي يليها مباشرةً وهو الثاني كـتُعُولِم وتُدُورِك وتُغُوفل وتُبُولِه.. إلى آخره.

الحكم السادس من أحكام الفعل إذا بني للمجهول: هو كسر ثالث المفتتح بهمز الوصل إن اعتلت عينه وصحت لامه

والحكم السادس من هذه الأحكام الستة هو: كسر ثالث المفتتح بالهمز؛ أي: بهمز الوصل إذا اعتلت عينه؛ لأننا ذكرنا أن المفتتح بهمز الوصل يضم الحرف الثالث منه إن صحت عينه، أما إن اعتلت عينه فإنه يكسر همز الوصل، ويكسر معه الثالث أيضاً، إن كانت لامه صحيحةً، وهذا هو قوله:

وما لفا نحو (باع) اجعل لثالث نحـ ـو (اختار) و (انقاد) كاختير الذي فضلا

الأوجه الثلاثة التي قد سبقت في نحو (باع) اجعلها لثالث افتعل وانفعل معلولي العين صحيحي اللام، إذا كانا معلولي العين وكانا صحيحي اللام، فافتعل كاختار، وانفعل كانقاد؛ لذلك قال: ( نحو اختار وانقاد )، لا كـ(اجتوى) و(انطوى)، اجتوى، فهذه افتعل، لكنها معتلة العين واللام معاً، وكذلك انطوى، فهي انفعل، لكنها معتلة العين واللام معاً، فتقول: اختير وانقيد، تكسر همزة الوصل وتكسر الثالث بعدها أيضاً، اختير وانقيد (الذي فضلا)، يجوز فيها فضَلا وفضِلا، وفضُلا أيضاً للمبالغة، معناه: أنه يختار من الناس أفضلهم، والمعنى اختيار الله لرسوله صلى الله عليه وسلم من الناس كافةً، (اختير الذي فضلا).

(فضلا) يجوز فيها الأوجه الثلاثة، ذكرناها من قبل أنها مثلثة.

وفي أوله وثالثه الإشمام والضم؛ كفاء باع، فتقول فيه: اختور أو اختير؟

يجوز في موضعين منه، الكسر فيهما معاً، كما سبق هو الأرجح، أو الضم فيهما معاً، أو الإشمام فيهما معاً، لكن لا يمكن التفريق، إذا ضممت الهمزة لا يمكن أن تكسر الثالث، وإذا كسرت الهمزة لا يمكن أن تضم الثالث أو تشمه.

وكهما فاء رد وعلم من كل فعل ثلاثي ساكن العين تخفيفاً أو ادغاماً.

يقول: إن هذه الأوجه الثلاثة أيضاً مسموعة فيما سكن وسطه من الفعل الثلاثي الصحيح، سواءً سكنت عينه للتخفيف، أو سكنت للإدغام، فمثلاً (عُصِر) يجوز إسكان العين فيه فتقول: (عُصْر)، وحينئذ يجوز لك كسر العين التي هي الفاء وإشمامها مع الكسر؛ كقول الشاعر:

خود يغطي الفرع منها المؤتزر لو عصر منه البان والمسك انعصر

أو لو عِصْر منها البان والمسك انعصر، أو لو عُصِر منها البان والمسك انعصر، فيجوز فيها الأوجه الثلاثة: الكسر الخالص، والضم الخالص، والإشمام بينهما، وكذلك قوله تعالى: هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا [يوسف:65]، قرئت: رِدت إلينا، ورُدت إلينا، وبالإشمام أيضاً، وكذلك وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا [الأنعام:28]، قرئ بالكسر لو ردوا لعادوا، وقرئ بالإشمام أيضاً.

فالضم والكسر كلتاهما سبعية، والإشمام من الأوجه.

طبعاً الضم والكسر كلتاهما سبعية، ولكن الأفصح في هذا الضم، فالأفصح في مثل هذا الضم، بخلاف ما سبق في (باع)، فقد ذكرنا أن الأشهر فيها الكسر، ويليه الإشمام، ثم الضم، وهو أضعفها، وهنا الضم وهو الأشهر، ثم الكسر، ثم الإشمام، (وانظر في نحو استهواه واستفاده، ولعلهما كاختار واجتوى)، ما ذكرناه في افتعل وانفعل معلولي العين صحيحي اللام، كذلك ينبغي أن ينظر في استفعل؛ كاستهواه واستفاده، يجوز فيها أيضاً أن تقول: استهوي واستفيد، أو استفود مثلاً استهوي، ولعلهما كاختار واجتوى، فذكر أنهما يمكن أن يحملا على المفتتح بهمزة الوصل الزائدة كاختار وانقاد، لم يقطع؛ لأن استفاده يمكن أن تكون كاختار، والأمر فيها سهل، لكن (استهواه) إذا ألحقناها ب(اجتوى) فإنها لا يكون فيها هذا؛ لأنها اعتلت عينها ولامها معاً، وهذا لم يذكر فيه شيء عن العرب، إنما هو من باب التمرين اللغوي فقط.

ما سمع فيه شيء، إذاً تضمن هذا الفصل ستة أحكام من أحكام الفعل إذا بني للنائب:

الحكم الأول: هو ضم أوله.

والثاني: هو كسر أوله إن كان متصلاً بعين الثلاثي المعتل.

والثالث: هو كسر ما قبل آخره ماضياً وفتحه مضارعاً.

والرابع: هو ضم ثالث المفتتح بهمز الوصل.

والخامس: هو ضم ثاني الفعل، إذا افتتح بالتاء الزائدة المعتادة الزيادة المتحرك ما بعدها.

والسادس: هو كسر ثالث المفتتح بهمز الوصل إن اعتلت عينه، وصحت لامه.

وقد أضيف إلى هذا حكم آخر، وهو الحكم السابع، وهو في الثلاثي الصحيح الذي سكنت عينه لتخفيف أو ادغام، وكذلك ما ذكرناه في استفعل؛ كـ(استفاد)، فتكون الأحكام بهذا ثمانيةً.

أولها: ضمُّ أوله إن لم يكن ماضياً ومعتل العين، وهذا قوله: ( فأت به مضموم الأول )، فإنه يضم أوله، إلا إذا كان ماضياً معتل العين كـ(باع) ونحوها، فسنذكر ما يعرض لها من الأحكام إن شاء الله، تقول فيها: بيع، وقيل، وغيض الماء إلى آخره، ويجوز فيها الإشمام على ما سنذكر إن شاء الله، فتضم أوله، فمثال ذلك من الثلاثي المجرد: ضرب زيد ويضرب، ومن الرباعي المجرد دحرج الحجر ويدحرج، ومن الرباعي المزيد فيه أكرم زيد ويكرم، ومن الخماسي المفتتح بالهمزة الزائدة، فتقول فيه: انطلق من هذا المبدأ، وهذا مبدأ ينطلق منه، والخماسي المبدوء بالتاء الزائدة تقول فيه: تعلم هذا العلم، وهذا علم يتعلم، والسداسي، كقولك: استخرج من هذا الكلام فوائد، وكذلك يستخرج من هذا الكلام فوائد، فتضم أوله في كل ذلك.




استمع المزيد من الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح لامية الأفعال [16] 3830 استماع
شرح لامية الأفعال [15] 3542 استماع
شرح لامية الأفعال [9] 3369 استماع
شرح لامية الأفعال [2] 3342 استماع
شرح لامية الأفعال [11] 2938 استماع
شرح لامية الأفعال [12] 2938 استماع
شرح لامية الأفعال [13] 2917 استماع
شرح لامية الأفعال [14] 2917 استماع
شرح لامية الأفعال [5] 2909 استماع
شرح لامية الأفعال [7] 2760 استماع