خطب ومحاضرات
التربية الوجدانية وأثرها
الحلقة مفرغة
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي لـه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعهم وسلم تسليماً كثيراً وبعد:
يقسم العلماء السموم المعروفة عادة إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: هي تلك السموم القاتلة التي تمزق وتحرق الأجزاء التي تصل إليها من الجسم بمجرد تعاطيها أو تناولها، وذلك كالسم المعروف بالسليمانى.
القسم الثاني: هي السموم المهيجة كالزرنيخ مثلاً، وهي ذات تأثير مهيج على المعدة والأمعاء.
القسم الثالث: هي السموم المخدرة وهي ذات تأثير تخديري على المخ والأعصاب كالحشيش والأفيون وغيرها، وهي ما تعارف الناس اليوم - بل ومن قبل - على تسميتها بالمخدرات.
ولم تكن هذه المخدرات وليدة اليوم وإن كان هذا العصر شهد تطوراً رهيباً مذهلاً في انتشارها وترويجها واستخدامها في كافة الأغراض، لم تكن المخدرات وليدة اليوم، بل لقد عرفها الإنسان منذ آلاف السنين، وقد ذكر المتحدثون عن المخدرات أن بعض شعوب الشرق الأدنى عرفوا الأفيون منذ نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة كما يقولون، وكانوا يسمونه نبات السعادة، ويستخدمونه في بعض الأغراض الصحية، أو يعطونه لأطفالهم لمنع إفراطهم في البكاء أو ما أشبه ذلك.
الحشاشون والمخدرات
أما استخدام هذه المخدرات وتحول هذا الأمر إلى ظاهرة عامة، فلعل أول ما عرف ذلك في العالم الإسلامي على الأقل هو ما قام به الحشاشون، وهم طائفة من المتصوفة ذات تأثير خطير في العالم الإسلامي في تاريخ المسلمين، وهم أصحاب قلعة الموت على بحر الخزر، فكانوا يتعاطون المخدرات والحشيش بالذات للتأثير على أتباعهم، حتى كان الحسن بن الصباح -زعيمهم- إذا أراد أن يعاقب شخصا من أتباعه فإنه يمنع عنه الحشيش أياماً معلومات، ويعتبر هذا من التعذيب والتأديب لهذا الإنسان التابع لـه، وقد عرفت هذه الطائفة في التاريخ باسم الحشاشين، وهناك دراسات مستفيضة عن الحشاشين ودورهم وأعمالهم.
وخلاصة القول فيهم أن هؤلاء الحشاشين كانوا عبارة عن جماعة إرهابية تخريبية جعلت العنف والقتل والإرهاب سياسة لها، وهي من الباطنية، وقد حاولوا اغتيال البطل المسلم صلاح الدين الأيوبي مراراً، لكنهم باءوا بالفشل، وقد ذهب ضحيتهم عظماء ووزراء كبار من أبرزهم نظام الملك الوزير العباسي المشهور، وكان لهم في ذلك خطط كبيرة لاغتيال الشخصيات المشهورة والزعامات البارزة وإحداث الفوضى وزعزعة الأمن في المجتمعات الإسلامية.
الاستعمار والمخدرات
اليهود والمخدرات
المخدرات الصناعية
أما استخدام هذه المخدرات وتحول هذا الأمر إلى ظاهرة عامة، فلعل أول ما عرف ذلك في العالم الإسلامي على الأقل هو ما قام به الحشاشون، وهم طائفة من المتصوفة ذات تأثير خطير في العالم الإسلامي في تاريخ المسلمين، وهم أصحاب قلعة الموت على بحر الخزر، فكانوا يتعاطون المخدرات والحشيش بالذات للتأثير على أتباعهم، حتى كان الحسن بن الصباح -زعيمهم- إذا أراد أن يعاقب شخصا من أتباعه فإنه يمنع عنه الحشيش أياماً معلومات، ويعتبر هذا من التعذيب والتأديب لهذا الإنسان التابع لـه، وقد عرفت هذه الطائفة في التاريخ باسم الحشاشين، وهناك دراسات مستفيضة عن الحشاشين ودورهم وأعمالهم.
وخلاصة القول فيهم أن هؤلاء الحشاشين كانوا عبارة عن جماعة إرهابية تخريبية جعلت العنف والقتل والإرهاب سياسة لها، وهي من الباطنية، وقد حاولوا اغتيال البطل المسلم صلاح الدين الأيوبي مراراً، لكنهم باءوا بالفشل، وقد ذهب ضحيتهم عظماء ووزراء كبار من أبرزهم نظام الملك الوزير العباسي المشهور، وكان لهم في ذلك خطط كبيرة لاغتيال الشخصيات المشهورة والزعامات البارزة وإحداث الفوضى وزعزعة الأمن في المجتمعات الإسلامية.
ثم جاء الاستعمار البريطاني وغيره إلى بلاد المسلمين وإلى غيرها من البلاد التي استعمرها، فحاول أن ينشر المخدرات فيها بصورة كبيرة لإدراكه ما لهذه المخدرات من تأثير في تبلد الأحاسيس واستسلام ضحاياها للأمر الواقع، فنشر الاستعمار البريطاني أنواع المخدرات في الهند وغيرها من بلاد العالم الإسلامي، سواء عن طريق زراعتها كما في شركة الهند الشرقية، أو عن طريق ترويجها ونشرها، وبذلك انتشر القات في جنوب الجزيرة العربية، وانتشر الحشيش في سواحل الشام، وانتشر الكوكائين في مصر، وبعد ذلك انتشر الهروين في فلسطين، بجهود المستعمرين الذين حاولوا تخريب الشباب عن طريق نشر هذه المخدرات.
وقد نشرت جريدة المسلمون قبل عدديين أو ثلاثة مقالاً يتحدث عن آريل شارون السفاح اليهودي المشهور صاحب مجازر صبرا وشاتيلا، وهو يقول: إنني أتعهد بأن أحوِّل هؤلاء الشباب الفلسطيني - الذين هم شباب الانتفاضة المباركة - إلى مُدْمِنِي مخدرات وإلى حشاشين إذا أعْطِيْتُ صلاحيات في ذلك، وهو يقترح أن يمنح صلاحيات لمقاومة هذا الأمر عن طريق نشر هذه السموم في أوساط الشباب المسلم الذي قام بهذه الانتفاضة، فالاستعمار يدرك خطر هذه المخدرات وأثرها البالغ في استسلام الشعوب وطواعيتها له، ولذلك لا يألو جهداً في نشرها بهذه الطرق وغيرها.
لقد كانت المخدرات المنتشرة بين الناس هي المخدرات الطبيعية، كالحشيش والأفيون والخشخاش والقات وغيرها، ومع أن هذه المخدرات ما زالت ذات انتشار بين الناس، إلا إنه قد نافستها في هذا العصر المخدرات الصناعية، كالمسهرات والمنومات والمهدءات والمنشطات، وعقاقير الهلوسة والمواد الطيارة التي تستخدم فيما يسمونه بالتشفيط، ومنها مثلاً المواد البترولية والغراء والأثير وغيرها، وكل هذه الأشياء لها رواج كبير وانتشار في أوساط متعاطي المخدرات.
من خلال هذه المقدمة (البسيطة) السريعة - يقولون: (البسيطة) وهو استعمال لغوي غير صحيح؛ لأن (البسيطة) معناه المطوَّلة، وأنا أريد أن أقول المختصرة - فمن خلال هذه المقدمة المختصرة (غير البسيطة) نلاحظ أمرين:
انتشار المخدرات مع الوعيد العظيم على تعاطيها
ثم تذكر الحديث الذي رواه البخاري ومسلم - رحمهما الله - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى فيه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بسُمٍّ فسُمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه - أي: يطعن بها بطنه - في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً} وهكذا نجد هذا الوعيد الشديد على من يقتلون أنفسهم، سواء بالانتحار من خلال السقوط والتردى من القمم الشاهقة والمباني المرتفعة، أم من خلال قتل أنفسهم بالنار والسكاكين وغيرها، أم من خلال قتل أنفسهم من خلال هذه المخدرات التي يتعاطونها بأيدهم طوعاً واختياراً، والوعيد جاء رهيباً كبيراً: {فسُمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً} وكل إنسان مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر حين يسمع هذا الحديث تصيبه قشعريرة من هذا الوعيد العظيم، في هذا الحديث الذي رواه البخاري ورواه مسلم أيضاً، وهو وعيد يوحي بأن المتعاطين لهذه السموم الفتاكة المؤدية إلى الموت يتعاطونها في نار جهنم خالدين فيها أبداً، وهو وعيد شديد، لا أتصور وعيداً أعظم منه، وينبغي أن نبقي هذا الوعيد بهيئته وجلاله وتأثيره كما تحدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم المبلغ عن الله عزوجل {من قتل نفسَه بسُمٍّ فسُمُّه في يده يتحسَّاه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً}.
مع أننا نعلم جميعاً أن معتقد أهل السنة والجماعة الذي أجمعوا عليه أن مرتكب المعاصي والكبائر لا يخرج من الإسلام وإن وقع فيها؛ ما دام يعترف بأنها محرمة، فهو مسلم مهما ارتكب من المعاصي والكبائر والموبقات، فلا يخرج من الإسلام بهذه المعاصي، لكن بقاء هذا الوعيد على هيئته أبلغ في النفوس وأقوى في التأثير.
دور أعداء الأمة الإسلامية في ترويج المخدرات
وهذا يؤكد لنا أن قضية المخدرات ليست قضية محلية كما يحاول أن يفسرها بعض الناس، بل هي قضية عالمية، وما العصابات المشهورة في العالم والتي تتبنى ترويج المخدرات ونشرها كعصابات المافيا وغيرها عنا ببعيد، وفي جريدة المسلمون أيضاً الصادرة في يوم الجمعة القادم سوف ينشرون تحقيقاً كما ذكروا عن دور هذه العصابات في نشر ألوان المخدرات لشباب الجامعات في مصر وغيرها، وكذلك دور الأعداء الداخليين الممثلين في أوساط المجتمع الإسلامي، كما لاحظنا دور الحشاشين المتصوفة في نشر المخدر بين المسلمين، واستخدام ضحايا المخدر في أغراض أخرى: في أغراض سياسية وفي أغراض تخريبية، وفي إخلال بالأمن، وفي القتل وسفك الدماء وترويع الآمنين إلى غير ذلك.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أحاديث موضوعة متداولة | 5155 استماع |
حديث الهجرة | 5026 استماع |
تلك الرسل | 4157 استماع |
الصومال الجريح | 4148 استماع |
مصير المترفين | 4126 استماع |
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة | 4054 استماع |
وقفات مع سورة ق | 3979 استماع |
مقياس الربح والخسارة | 3932 استماع |
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية | 3874 استماع |
العالم الشرعي بين الواقع والمثال | 3836 استماع |