الغلو في الدين [1]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد الله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

السلام عليكم وحمة الله وبركاته.

نحمد الله تعالى على اللقاء بكم في بداية هذا العام الجديد الذي نسأل الله تعالى أن يجعله عام نصر وتمكين لدينه، وإعلاءٍ لكلمته، ونصر لأوليائه، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا أجمعين من المتحابين فيه، المتجالسين فيه، المتزاورين فيه، الذين يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

لا شك أن المنهج الذي أرسل الله به محمداً صلى الله عليه وسلم هو صراط الله المستقيم السوي، الذي لا عوج فيه، ولا شك أنه وسط بين مناهج أخرى، وبنيات الطريق عن يمينه وعن شماله، ينزلق فيها الذين لم يصبروا على هذا الصراط ولم يستمروا عليه.

والناكبون عن هذا الصراط أنواع: فمنهم من حيل بينه وبين أصل الدخول فيه، فلا تكون لديه إرادة لاتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا سلوك منهجه، وهؤلاء محجوبون عن هذا الصراط.

ومنهم من تكون لديهم إرادة، ولكن تأتي الشبهات والعراقيل فتحول بينهم وبين ولوج هذا السبيل.

ومنهم من يلجون السبيل بالفعل، ولكنهم يتساقطون عنه يميناً وشمالاً، والصابرون عليه المستمرون على طريقه قليل.

لذلك فلابد أن يحرص كل إنسان على أن يراجع مسيرته، وأن يفحص منهجه فحصاً دورياً ليتأكد أنه موافق لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى، ثم يصبر عليه؛ لأن واجبات المسلم في هذه الحياة الدنيا محصورة في أربع مراحل تضمنتها سورة العصر، التي قال فيها الشافعي رضي الله عنه: لو لم ينزل من القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم إلى سورة العصر لكفت حجة على الناس.

مرحلة تعلم ما أمر الله به

فالمرحلة الأولى: تعلم ما أمر الله به، فلا يمكن أن يكون أحد من السالكين لطريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن الملتزمين لهديه ومنهاجه، وهو معرض عن تعلم ما جاء به، لا يرفع بذلك رأساً ولا يهتم به، فلذلك لابد أن ننفق جزءًا لا بأس به من أعمارنا وأوقاتنا في تعلم ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله، وقد بين الله مسئولية كل إنسان عن ذلك فقال: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل:20]، وهنا لم يعذر الله أحداً بانشغاله بجهاد، ولا بتجارة، ولا بمرض، عن طلب هذا العلم الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلمه.

فلذلك لابد أن نتعلمه كباراً وصغاراً، رجالاً ونساءً، فارغين ومشغولين، لابد أن يكون لنا جميعاً جزء من الوقت ومن الجهد ننفقه في سبيل تعلم منهج الله الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عنده، ولا يمكن أن يعذر أحد بجهله والإعراض عنه، ولذلك أخرج البخاري في الصحيح من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً، فكان منها طائفة نقية قبلت الماء فأنبت الكلأ والعشب الكثير، وأصاب منها طائفة أخرى أمسكت الماء على الناس فسقوا، ورعوا، وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء، ولا تنبت عشباً، فذلك مثل من نفعه الله بما جئت به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم ينفعه هدى الله الذي أرسلت به ).

مرحلة العمل بما تعلمه

المرحلة الثانية: هي العمل بما تعلمه الإنسان، فكثير هم أولئك الذين تعلموا، وسمعوا الكثير، وحفظوا، ولكنهم أعرضوا عن العمل بما تعلموا، فكان حجة قائمة عليهم.

والعلم سلاح ذو حدين إما أن يكون حجة لك أو عليك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( والقرآن حجة لك، أو عليك ).

مرحلة الدعوة إلى ما تعلمه وعمل به

المرحلة الثالثة: هي الدعوة إلى ما تعلمه الإنسان وعمل به؛ فإن ذلك من سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ [يوسف:108].

مرحلة الصبر في طريق الدعوة

المرحلة الرابعة: هي الصبر على هذا الطريق؛ فهو محفوف بالمكاره محجوب بها، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات )، وفي لفظ لـمسلم: ( حجبت الجنة بالمكاره، وحجبت النار بالشهوات ).

فلابد أن نعلم أن الطريق شاق طويل، وأن عليه كثيراً من النكبات والعقبات، وأنه يحتاج إلى صبر ومصابرة، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200].

فعند سلوك الإنسان لهذا السبيل وعلمه مسبقاً مشقته، وأنه سيجد عناء في سلوكه، وعرف حال من سبقه في سلوك هذا الطريق، فإن ذلك أقمن به أن يثب عليه؛ لأن هذا الصراط السوي هو تمثيل للصراط الأخروي، فالصراط الأخروي جسر منصوب على متن جهنم؛ أرق من الشعر، وأحد من السيف، وعليه كلاليب كشوك السعدان، يسقط بالكلوب الواحد في النار سبعون ألفاً، يتفاوت مرور الناس عليه بحسب أعمالهم، ( فمنهم من يمر كالبرق الخاطف، ومنهم من يمر كالريح المرسلة، ومنهم من يمر كأجاويد الخيل والإبل، ومنهم من يمر كالرجل يشتد عدوى، ومنهم من يزحف على مقعدته، فناج مسلم، ومخدوش مرسل، ومكدوس على وجهه في نار جهنم ).

وبقدر استقامة الإنسان على الصراط الدنيوي، تكون استقامته على الصراط الأخروي، ولذلك ( مثله النبي صلى الله عليه وسلم بلاحب بين السورين، وفي السورين أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور، وفي كل باب داعٍ يدعو إليه، وفوق السورين منادي الله، ينادي: يا عبد الله لا تلج الباب فإنك إن تلجه لم تخرج منه )، وفي حديث ابن مسعود: ( خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً، ثم خط خطوطاً عن يمين ذلك الخط، وخطوطاً عن شماله، فوضع إصبعه على الخط الأول، فقال: هذا صراط الله مستقيماً، ثم وضع إصبعه على تلك الخطوط التي عن يمينه وعن شماله، فقال: وهذه سبل على كل واحد منها شيطان يدعو إليه، ثم قرأ قول الله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام:153] ).

فالمرحلة الأولى: تعلم ما أمر الله به، فلا يمكن أن يكون أحد من السالكين لطريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن الملتزمين لهديه ومنهاجه، وهو معرض عن تعلم ما جاء به، لا يرفع بذلك رأساً ولا يهتم به، فلذلك لابد أن ننفق جزءًا لا بأس به من أعمارنا وأوقاتنا في تعلم ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله، وقد بين الله مسئولية كل إنسان عن ذلك فقال: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل:20]، وهنا لم يعذر الله أحداً بانشغاله بجهاد، ولا بتجارة، ولا بمرض، عن طلب هذا العلم الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلمه.

فلذلك لابد أن نتعلمه كباراً وصغاراً، رجالاً ونساءً، فارغين ومشغولين، لابد أن يكون لنا جميعاً جزء من الوقت ومن الجهد ننفقه في سبيل تعلم منهج الله الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عنده، ولا يمكن أن يعذر أحد بجهله والإعراض عنه، ولذلك أخرج البخاري في الصحيح من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً، فكان منها طائفة نقية قبلت الماء فأنبت الكلأ والعشب الكثير، وأصاب منها طائفة أخرى أمسكت الماء على الناس فسقوا، ورعوا، وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء، ولا تنبت عشباً، فذلك مثل من نفعه الله بما جئت به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم ينفعه هدى الله الذي أرسلت به ).

المرحلة الثانية: هي العمل بما تعلمه الإنسان، فكثير هم أولئك الذين تعلموا، وسمعوا الكثير، وحفظوا، ولكنهم أعرضوا عن العمل بما تعلموا، فكان حجة قائمة عليهم.

والعلم سلاح ذو حدين إما أن يكون حجة لك أو عليك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( والقرآن حجة لك، أو عليك ).

المرحلة الثالثة: هي الدعوة إلى ما تعلمه الإنسان وعمل به؛ فإن ذلك من سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ [يوسف:108].




استمع المزيد من الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
خطورة المتاجرة بكلمة الحق 4776 استماع
بشائر النصر 4274 استماع
أسئلة عامة [2] 4117 استماع
المسؤولية في الإسلام 4042 استماع
كيف نستقبل رمضان [1] 3980 استماع
نواقض الإيمان [2] 3935 استماع
عداوة الشيطان 3919 استماع
اللغة العربية 3918 استماع
المسابقة إلى الخيرات 3892 استماع
القضاء في الإسلام 3882 استماع