نثار الأخبار


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً، وعلى آله وأصحابه وأتباعه، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعــد:

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أيها الإخوة الكرام من المستمعين والمستمعات: إنني استمهلكم لأتحدث إليكم في ذلك الموضوع الذي وعدت (دلوني على سوق المدينة) أما اليوم فإن ثمة مجموعة من الأحداث فرضت نفسها وتحت عنوان (نثار الأخبار).

أيها الأحبة جراح المسلمين اليوم كثيرة، وإذا قال قائلٌ، وإذا تحدث متحدث عن الأخبار فماذا عساه يقول عن أخبار المسلمين، هل تظنه سوف يحدثك عن جحافل الفتح التي تضرب في شرق الأرض وغربها؟

أم تراه سوف يحدثك عن حلقات التعليم؟

أم سوف يحدثك عن مؤسسات الدعوة؟

أم سوف يحدثك عن برامج الإعلام التي تقوم للإسلام وتدعو إليه؟

إن هذا كله من الممكن أن يكون، ونحن جميعاً يجب أن نكون متفائلين، لأن الله عز وجل وعدنا بنصر هذا الدين، ولكن هذا التفاؤل لا يجوز أبداً أن يحجبنا عن واقع الحال المرير الذي يعانيه المسلمون هنا وهناك، إنني سوف أحدثكم من جديد عن جراح المسلمين في البوسنة، وقد وصلني هذا اليوم تقرير من أخينا فضيلة الدكتور/ صالح السلطان، وقد ذهب إلى هناك، ثم عن مأساة المسلمين في طاجكستان وهي مأساة لا زالت دماؤها تنـزف وتنـزف، ثم عن مأساة إخواننا المجاهدين العرب في بيشاور وقد أودعوا في غياهب السجون، ثم عن مصيبة المسلمين ومأساتهم في جنوب الفلبين، وقد جاءني منهم من جاءني أمس، وحدثني عما تتفطر له الأكباد، ثم عن مصيبة المسلمين الأكراد في العراق أو إيران أو تركيا، بل عن مأساة المسلمين الأكراد في بلاد الغرب حيث يلاقون ألوان التغيير والتنصير، أما فلسطين ومصر والجزائر، فالأمر فيها أكبر من أن يتسع له هذا الوقت فضلاً عن بعض الأخبار التي سمعها الجميع وتطلَّب الأمر التعليق عليها.

الفائدة من ذكر الأخبار

إن الكثير من الإخوة يتساءلون إلى متى نردد مثل هذه الأخبار؟

وإلى متى نمضغ مثل هذه الأقوال؟

فأقول لك أيها الأخ الكريم؛ ولكِ أنتِ أيتها الأخت الكريمة: يكفيني بالنسبة لي أن أفرغ بعض مشاعر الأسى التي يعتصر بها قلبي بين يدي، فالإنسان إذا تحدث في مشكلة ما، ربما خفت عليه وطأتها وهان عليه ألمها، فمجرد حديثي عن هذا الموضوع يزيل بعض الألم الذي أشعر به في قلبي، تقول لي: وأنا ما هو دوري؟

فرغ هذه الشحنة من الآلام لدى من تعرف ومن لا تعرف من أهل وأصدقاء وجيران وزملاء، حتى تتسع دائرة المعنيين بقضية الإسلام، وحتى يكون هذا الهم هماً عاماً يسكن في قلوب الجميع، ثم حول هذه المشاعر إلى مشاركةٍ حقيقية تبدأ أولاً بتذكر قول الباري -عز وجل: وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ [التوبة:92] إن الله تعالى مدحهم وأثنى عليهم؛ لأن عيونهم فاضت بالدموع حين عجزت أيديهم أن تفيض بالمال، فليس على هؤلاء سبيلاً، إنما جعل السبيل على الذين يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف.

المطلوب منك أيها المسلم

نحتاج منك أيها المسلم أولاً: أن تكون هذه المشاعر الملتهبة في فؤادك، وهذه الدموع النازفة من عينيك، زاداً لك أي زاد!

وثانياً: لو لم يكن من ثمرة بعد ذلك إلا الدعاء، والدعاء خيرٌ كله، وهو عبادة لله عز وجل كما قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وسنده صحيح: {الدعاء هو العبادة} ويقول أيضاً: من لم يسأل الله يغضب عليه} فلو لم نظفر منك بعد حزن القلب ودمع العين، إلا بدعوة صادقةٍ تطلقها وأنت ساجد الله عز وجل فإن ذلك مما تملكه، ثم هي دعوة لأخيك بظهر الغيب، وإذا دعا المسلم لأخيه في ظهر الغيب كان ذلك مظنة الإجابة، وقال له الملك: ولك بمثل، وهو جهد يملكه كل أحد، وإذا عجزنا أن نوفر السلاح لإخواننا المحاصرين في سراييفو أو في سربنتشا، أو في غيرها، فإننا لا نعجز أن نوفر لهم الدعاء، وإذا لم نجد المال في جيوبنا، فإننا نجد الدعوات الصادقة تنبعث من قلوبنا، والنصر والرزق إنما يأتي بالدعاء وفي صحيح مسلم: {أبغوني ضعفاءكم هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم} فانتصاركم بدعائهم واستنصارهم ثم إن كنت من أصحاب الأموال، فإننا ندعوك إلى جمع التبرعات عن نفسك وغيرك، وقد دعوناك بالأمس دعوة للإنفاق، فها نحن اليوم نقول: أدخل يدك في جيبك، ثم أخرج ما استطعت من مالٍ في سبيل الله عز وجل تدفع به ميتة السوء نن نفسك، وتدفع به البلاء عن أهلك وولدك، وتدفع به عن بلدك ما مس بلاد الإسلام كلها أو جلها، وفي نهاية هذا اللقاء سوف أدعوكم إلى جمع التبرعات لمن تسمعون من إخوانكم المسلمين، فجودوا لهم يجد الله تعالى عليكم، وهو القائل {يا ابن آدم أنفق أنفق عليك}.

ثم إنني أدعوك إلى التغطية الإعلامية، فإن الكثير من الناس يجهلون مثل هذه الأمور، بل أصبح هناك اليوم من يستكثر علينا أن نتحدث في مثل هذه القضايا، أو يريد من المسلمين أن يدفنوا رؤوسهم في الرمال وفي الرماد، وألاَّ يعلموا مصاب إخوانهم ولا يألموا له ولا يتحدثوا عنه في قليلٍ ولا كثير، إنه يريد أن يقتل المسلمون على حين لا يعرف الآخرون من إخوانهم عن ذلك قليلاً ولا كثيراً، إنه يعلم أن قتل المسلم اليوم في البوسنة أو طاجكستان، تبعه أو يتبعه غداً قتل المسلم في بلادٍ إسلامية عربية، ويتبعه غداً الالتفاف على المسلمين حتى في البلاد التي بارك الله تعالى فيها وجعلها مهبط رسالاته ومنطلق شريعته، فهم يعلمون أن التداعي والتنادي لأولئك المسلمين المقتلين هناك سوف يوقظ القلوب في كل مكان.

ولهذا يريدون أن تتم العملية في غيبة المسلمين جميعاً، ودون أن يكون هناك حتى مجرد التغطية الإعلامية لما حل بالمسلمين، أما نهاية المطاف وأعلى وأغلى ما نطمح منك هو أن تجود بنفسك.

يجود بالنفس إن ضنَّ البخيل بها      والجـود بالنفس أقصى غاية الجود

نعم تستطيع أن تجند نفسك للمشاركة الحقيقية وتحمل السلاح للدفاع عن إخوانك المسلمين، وقد حمله طائفة ونخبة من شباب المسلمين والعرب أمس في أفغانستان، ثم في البوسنة والهرسك!

وبلاد المسلمين في طاجكستان أو في الفلبين، أو في غيرها هي محتاجة إلى ذلك المسلم الذي يجود بنفسه ليس فقط ممن يحمل السلاح المادي ليصوبه إلى صدور الكفار، بل ممن يحمل سلاح العلم ليزيل به الجهل عن المسلمين، أو يحمل سلاح الدعوة ليجمع به كلمة المسلمين على الحق، ولمن يعلم شيئاً ليعلمه المسلمين سواء كان طباً، أم علماً شرعياً، أم علماً دنيوياً، أم غير ذلك مما يحتاجه المسلمون.

إن الكثير من الإخوة يتساءلون إلى متى نردد مثل هذه الأخبار؟

وإلى متى نمضغ مثل هذه الأقوال؟

فأقول لك أيها الأخ الكريم؛ ولكِ أنتِ أيتها الأخت الكريمة: يكفيني بالنسبة لي أن أفرغ بعض مشاعر الأسى التي يعتصر بها قلبي بين يدي، فالإنسان إذا تحدث في مشكلة ما، ربما خفت عليه وطأتها وهان عليه ألمها، فمجرد حديثي عن هذا الموضوع يزيل بعض الألم الذي أشعر به في قلبي، تقول لي: وأنا ما هو دوري؟

فرغ هذه الشحنة من الآلام لدى من تعرف ومن لا تعرف من أهل وأصدقاء وجيران وزملاء، حتى تتسع دائرة المعنيين بقضية الإسلام، وحتى يكون هذا الهم هماً عاماً يسكن في قلوب الجميع، ثم حول هذه المشاعر إلى مشاركةٍ حقيقية تبدأ أولاً بتذكر قول الباري -عز وجل: وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ [التوبة:92] إن الله تعالى مدحهم وأثنى عليهم؛ لأن عيونهم فاضت بالدموع حين عجزت أيديهم أن تفيض بالمال، فليس على هؤلاء سبيلاً، إنما جعل السبيل على الذين يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف.

نحتاج منك أيها المسلم أولاً: أن تكون هذه المشاعر الملتهبة في فؤادك، وهذه الدموع النازفة من عينيك، زاداً لك أي زاد!

وثانياً: لو لم يكن من ثمرة بعد ذلك إلا الدعاء، والدعاء خيرٌ كله، وهو عبادة لله عز وجل كما قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وسنده صحيح: {الدعاء هو العبادة} ويقول أيضاً: من لم يسأل الله يغضب عليه} فلو لم نظفر منك بعد حزن القلب ودمع العين، إلا بدعوة صادقةٍ تطلقها وأنت ساجد الله عز وجل فإن ذلك مما تملكه، ثم هي دعوة لأخيك بظهر الغيب، وإذا دعا المسلم لأخيه في ظهر الغيب كان ذلك مظنة الإجابة، وقال له الملك: ولك بمثل، وهو جهد يملكه كل أحد، وإذا عجزنا أن نوفر السلاح لإخواننا المحاصرين في سراييفو أو في سربنتشا، أو في غيرها، فإننا لا نعجز أن نوفر لهم الدعاء، وإذا لم نجد المال في جيوبنا، فإننا نجد الدعوات الصادقة تنبعث من قلوبنا، والنصر والرزق إنما يأتي بالدعاء وفي صحيح مسلم: {أبغوني ضعفاءكم هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم} فانتصاركم بدعائهم واستنصارهم ثم إن كنت من أصحاب الأموال، فإننا ندعوك إلى جمع التبرعات عن نفسك وغيرك، وقد دعوناك بالأمس دعوة للإنفاق، فها نحن اليوم نقول: أدخل يدك في جيبك، ثم أخرج ما استطعت من مالٍ في سبيل الله عز وجل تدفع به ميتة السوء نن نفسك، وتدفع به البلاء عن أهلك وولدك، وتدفع به عن بلدك ما مس بلاد الإسلام كلها أو جلها، وفي نهاية هذا اللقاء سوف أدعوكم إلى جمع التبرعات لمن تسمعون من إخوانكم المسلمين، فجودوا لهم يجد الله تعالى عليكم، وهو القائل {يا ابن آدم أنفق أنفق عليك}.

ثم إنني أدعوك إلى التغطية الإعلامية، فإن الكثير من الناس يجهلون مثل هذه الأمور، بل أصبح هناك اليوم من يستكثر علينا أن نتحدث في مثل هذه القضايا، أو يريد من المسلمين أن يدفنوا رؤوسهم في الرمال وفي الرماد، وألاَّ يعلموا مصاب إخوانهم ولا يألموا له ولا يتحدثوا عنه في قليلٍ ولا كثير، إنه يريد أن يقتل المسلمون على حين لا يعرف الآخرون من إخوانهم عن ذلك قليلاً ولا كثيراً، إنه يعلم أن قتل المسلم اليوم في البوسنة أو طاجكستان، تبعه أو يتبعه غداً قتل المسلم في بلادٍ إسلامية عربية، ويتبعه غداً الالتفاف على المسلمين حتى في البلاد التي بارك الله تعالى فيها وجعلها مهبط رسالاته ومنطلق شريعته، فهم يعلمون أن التداعي والتنادي لأولئك المسلمين المقتلين هناك سوف يوقظ القلوب في كل مكان.

ولهذا يريدون أن تتم العملية في غيبة المسلمين جميعاً، ودون أن يكون هناك حتى مجرد التغطية الإعلامية لما حل بالمسلمين، أما نهاية المطاف وأعلى وأغلى ما نطمح منك هو أن تجود بنفسك.

يجود بالنفس إن ضنَّ البخيل بها      والجـود بالنفس أقصى غاية الجود

نعم تستطيع أن تجند نفسك للمشاركة الحقيقية وتحمل السلاح للدفاع عن إخوانك المسلمين، وقد حمله طائفة ونخبة من شباب المسلمين والعرب أمس في أفغانستان، ثم في البوسنة والهرسك!

وبلاد المسلمين في طاجكستان أو في الفلبين، أو في غيرها هي محتاجة إلى ذلك المسلم الذي يجود بنفسه ليس فقط ممن يحمل السلاح المادي ليصوبه إلى صدور الكفار، بل ممن يحمل سلاح العلم ليزيل به الجهل عن المسلمين، أو يحمل سلاح الدعوة ليجمع به كلمة المسلمين على الحق، ولمن يعلم شيئاً ليعلمه المسلمين سواء كان طباً، أم علماً شرعياً، أم علماً دنيوياً، أم غير ذلك مما يحتاجه المسلمون.

أيها الإخوة: إن ذلك التقرير الذي وصلني عن البوسنة والهرسك من أخينا الدكتور صالح السلطان وصلني في هذا اليوم، وقد قدم له بمجموعة من الأقوال والأخبار وهي:

أولاً: إن على المسلمين أن يلقوا بأسلحتهم ويسلموا لنا، وإلا فسنساعدهم لكي يذهبوا إلى الآخرة التي يتحدثون عنها. (يقول ذلك القائد الصربي في البوسنة الجنرال ملابيتش).

ثانياً: إن علينا أن نفهم أن السيد حسب الله لاتوف رئيس البرلمان الروسي هو مسلم وأن يلسن هو نصراني (يقول ذلك مجلة كرواتية أسبوعية).

ثالثاً: إن سقوط سربنتشا سيكون المفتاح لإقامة صربيا الكبرى، وسيمزق كل اتفاق دولي حول البوسنة، إن الموقف الدولي عاجز عن لجم صربيا وعصاباتها (تقول ذلك مندوبة c.n.n في البوسنة الشرقية).

رابعاً: إن سقوط سربنتشا يعني سقوط الاتفاقات المعقودة في البوسنة، وسيدمر السلام الدولي (يقول ذلك: الرئيس البوسني علي عزت).

خامساً: لقد استطاعت صربيا ومع التخاذل الدولي والأوروبي بحشد القوات الدولية لخدمة مصالحها في البوسنة (يقول ذلك: التليفزيون الإيطالي هناك).

سادساً: إننا مضطرون للهجوم على المسلمين لندفع عن المسيحيين الصرب خطرهم ومذابحهم التي يتعرض لها إخواننا الصرب، ونراهم حيث يقوم المسلمون المتعصبون بتقتيل وتدمير المدنيين وممتلكاتهم ونهب بيوتهم. (يقول ذلك تلفزيون بلجراد).

بالجمع بين هذه الأقوال وبين الصورة الحزينة التي تبثها شاشات العالم بأسره عن الأوضاع المأساوية التي تردت حال إخواننا من مسلمي البوسنة، يمكن لنا أن نـزداد قناعةً فوق قناعتنا بأن ما يجري اليوم على أرض البوسنة هو حرب ضد الإسلام وحده، فهم لا يريدون أن تقوم للإسلام قائمة في هذه المنطقة، وإن ما يجري هو تنفيذ لمخطط صليبي قديم قائم على أساس القضاء على المسلمين، وقد تم الاتفاق عليه بين قوى الصليب شرقها وغربها، لمنع وجود أي كيانٍ إسلاميٍ في أوروبا، وأن الخطة الأخيرة التي اضطر الرئيس علي عزت - رئيس البوسنة على التوقيع عليها ما هي إلا إحدى خطوات تلك المؤامرة التي يراد لها أن تكون مرحلة تنتهي بـأندلس أخرى لمسلمي البوسنة!

يقول المطلعون إن الرئيس علي عزت قد صرح بعد عودته من نيويورك، وبعد توقيعه على الأوراق الخاصة بخطة "فانس أو ين" فقال: إن الحرب مستمرة، فلا تلقوا السلاح، وإن وقعت مضطراً فإنني على قناعة تامة أنهم يدبرون لنا أمراً ما.

دور روسيا في البوسنة والهرسك

ومن الأخبار هنا أن روسيا تلعب دوراً خبيثاً في المنطقة يتمثل في التالي يتمثل في تحذير أمريكا من الخطر الإسلامي وتبيان أن المصلحة في مناصرة صربيا والحيلولة دون اتخاذ قرارات ضدها، ومن المعلوم أن مجلس الأمن قد قرر تأجيل التصويت على اتخاذ عقوبات ضد صربيا لمدة أسبوعين استجابة لطلب روسيا التي هددت باستخدام ما يسمى بحق الفيتو، ولذلك لم يتخذ ما يسمي بمجلس الأمن الدولي أيّ قرارٍ ضد المعتدين الإرهابيين المتطرفين الصرب.

ثانياً: إرسال حوالي خمسين ألف جندي في صورة مدنيين إلى مناطق الصرب في كرواتيا والبوسنة من الجنود الروس؛ ليقاتلوا إلى جوار إخوانهم من أهل الكتاب.

ثالثاً: إرسال الأسلحة والذخائر إلى صربيا!

رابعاً: مرابطة ممثل روسيا الخاص في البلقان في بلجراد والبوسنة للتخطيط للصرب، ومعاونتهم في كثير مما يخدم مصالحهم!

خامساً: إرسال الوفود المتلاحقة برلمانية وشعبية وحكومية، وكل مرة يرسلونها إلى بلجراد للتأييد، ومرة إلى كرواتيا للمراوغة والتهديد، والكل متفقٌ على عدم رفع لحضر الأسلحة عن البوسنة، ولن يمكن المسلمين من الدفاع عن أنفسهم، والكل يهدد بالمزيد من العقوبات على صربيا وحلفائها، على الرغم من عدم جدوى تلك العقوبات، وعلى الرغم من أنَّ ليس ثمة أمل بإيجاد عقوبات حقيقية ضدها.

أخبار الجبهات

أولاً: الاشتباكات بين مسلمي البوسنة والكروات الكاثوليك الذين يستغلون الظروف الصعبة التي يمر بها المسلمون للاستيلاء على الأسلحة والمواد الداخلة للبوسنة وسرقة الأموال، وقتل بعض العرب والمسلمين الداخلين لمساعدة إخوانهم هناك، كل هذه التصرفات إضافةً إلى الوقاحة التي وصلت بـالكروات إلى حد محاولة إمدادهم بالكهرباء دون مقابل وبالفحم الحجري، ودفعوا بالمقاتلين المسلمين ذلك للتفكير الجدي بالتصدي لهذه العصابات وتأديبها، وعلى الرغم من نتائج هذه الاشتباكات التي كان من نتائجها قطع الطريق بين كرواتيا والبوسنة، إلا أنها مع ما فيها من ضرر لا تخلو من خيرٍ في توحيد صفوف المسلمين وتجميعهم وتعرفيهم بعدوهم وتشجيعهم للتصدي للصليب، ونـزع الخوف من قلوبهم، ورفع الذل من نفوسهم، إن الاشتباكات الأخيرة وقعت بين المسلمين والكروات وهي مستمرة إلى الآن، على الرغم أن الطريق مغلقة والخوف ينتاب النصارى أكثر وأكثر!

ثانياً: لا زالت مدينة سربنتشا محاصرة، ولا زال المسلمون يدافعون عنها رغم التهديد الصربي والمحاولات المستمرة في احتلالها بأقل الخسائر حيث يكثفون القصف، ويدخلون مجموعات من القوات الدولية الكندية للمرابطة فيها، وغالب القوات الكندية ترجع إلى أصولٍ صربية، وقد تم إخلاء أعداد كثيرة من المدنيين من هذه المدينة بالسيارات ومات منهم قسم كبير في الشاحنات بالاختناق، وبقي في البلدة حوالي ستين ألف مسلم.

إن هذه المدينة تشهد الآن قصفاً متواصلاً من الصرب، وهم على مسافة بضع كيلو مترات من مركز المدينة، وقد نشر في تلفزيون العالم كلها صور بشعة فظيعة للأوضاع التي يعانيها المسلمون هناك، بل نشر كبار السياسيين الغرب من أمريكا وبريطانيا وغيرها وهم يقولون: إن هذا الأمر الذي نشهده، وحشية لم يعرف التاريخ لها مثيلاً، ويقولون كما صرحت بذلك " تاتشر" وهي رئيسة وزراء بريطانيا السابقة للتلفزيون الدانمركي وقالت وصوتها يتهدج: إنني أشهد مأساة لم أكن أتوقع أن العالم كله يطيق صبراً عليها، ومع ذلك فإن مناطق البوسنة تشهد نقصاً حاداً في المواد الغذائية، ولا زال الصرب يقصفون المناطق المختلفة في البوسنة، وفي كرواتيا متحدين ما يسمى بالمجتمع الدولي الصامت، والواقع أن المجتمع الدولي هو الذي أعطى للصرب الضوء الأخضر ليقوموا بهذه العملية، ثم أعطاهم مهلة أسبوعين ليتمكنوا من القضاء على المسلمين، وإسقاط سربنتشا وهي مدينة إستراتيجية، وسقوطها يعني تمهيد الطريق لوجود ما يسمى بـصربيا الكبرى، وبرغم النقص الحاد في الذخيرة والسلاح والطعام، إلا أن الروح المعنوية للمقاتلين المسلمين عالية جداً، وهم واثقون من نصر الله عز وجل نسأل الله تعالى أن ينصرهم.

من مآسي سربنتشا

أما فيما يتعلق في سربنتشا فقد هرب الكثير من أهلها إلى توزلى، وتزاحموا في الصالات الرياضية الواحد على الآخر، والنفس على النفس، وهم في ضيق وكرب عظيم لا يعلمه إلا الله، أما الجرحى فهم لا يحصون، تنقلهم الشاحنات، يقول الدكتور: وقد رأيت امرأة كبيرة السن ينـزلونها من شاحنة يتناولونها واحد بعد الآخر كما يتناولون الكراتين، وهي مريضة جريحة، كما رأيت رجلاً عجوزاً يبكي بعد أن أعطي قطعة من الخبز وبدأ يأكلها وغيره كثير، فإلى الله المشتكى، الناس يهربون على الأقدام، وعلى العربات التي تجرها الدواب، والقتلى في الشوارع لا يجدون من يواريهم.

وأخيراً رأيت صورة تدمي القلب أطفالٌ فقدوا أبصارهم وشوهت وجوههم بسبب إلقاء القذائف، وقد غطيت وجوههم وعليها آثار الدماء، وهم يمدون أيديهم لأمهاتهم، والأمهات يذرفن الدموع والحسرات، ومشاهد مفزعة محزنة مؤلمة، وفي الختام يقول لكم الدكتور: لا تنسوا هؤلاء المنكوبين من الدعاء، وحرضوا المؤمنين على ذلك فإنهم في محنة وكربةٍ وشدةٍ وخوف وجوع لا يعلمه إلا الله. أخوكم الدكتور/ صالح محمد السلطان.

إنها مأساة ليس لها مثيل، تقع على مرأى ومشهد من العالم الذي أصبح يتلذذ بنقل هذه الصور ليس عبر الإذاعة، بل عبر التلفاز أيضاً حية في أحيان كثيرة ينقلها، أو عبر صور تنشر في الصحف والمجلات، ثم لا يملك العالم إزاء ذلك إلا أن يخدر مشاعرنا بهذه التصريحات التي قد ألفناها واعتدنا عليها، فلم تعد تهز لنا وجداناً، ولا تحرك لنا قلباً ولا كثير فينا أي شعور، إن العالم كله يشارك في هذه الجريمة، فأنتم تعلمون أن العالم قد فرض عزلةً اقتصادية على صربيا ومع ذلك سمح لها سراً بالتجارة مع إيطاليا، ومع رومانيا، ومع كل جيرانها، بل ومع ألمانيا ومع مصر، فإن صفقات البضائع التجارية رائحة غادية بين مصر بلد أربعين أو خمسين مليون مسلم والتي سلط عليها العلمانيون، وبين صربيا التي تقتل المسلمين صباح مساء.

أما ذلك الحصار المفروض على المسلمين، حيث لا يصلهم السلاح فهو حصار صادق، حصار مخلص ومنذ رمضان لم يكد يصل إلى المسلمين من السلاح إلا أقل القليل، فإنهم محصورون حقاً لا يستطيعون أن يحصلوا على السلاح الذي يدافعون به عن أنفسهم، أو عن أطفالهم، أو عن أزواجهم، وأنتم ترون هذه المشاهد وتسمعون بها، ومع ذلك العالم يكتفي بمجرد التهديد.

فيا أيها المؤمنون لا تنسوا إخوانكم في البوسنة والهرسك؛ فإنهم يقاتلون عن أعراض وعن نفوس، وعن بلاد لو سقطت في أيدي الصرب ربما لم يذكر اسم الله تعالى في تلك البلاد ونسأل الله تعالى ألا يقع ذلك.

ومن الأخبار هنا أن روسيا تلعب دوراً خبيثاً في المنطقة يتمثل في التالي يتمثل في تحذير أمريكا من الخطر الإسلامي وتبيان أن المصلحة في مناصرة صربيا والحيلولة دون اتخاذ قرارات ضدها، ومن المعلوم أن مجلس الأمن قد قرر تأجيل التصويت على اتخاذ عقوبات ضد صربيا لمدة أسبوعين استجابة لطلب روسيا التي هددت باستخدام ما يسمى بحق الفيتو، ولذلك لم يتخذ ما يسمي بمجلس الأمن الدولي أيّ قرارٍ ضد المعتدين الإرهابيين المتطرفين الصرب.

ثانياً: إرسال حوالي خمسين ألف جندي في صورة مدنيين إلى مناطق الصرب في كرواتيا والبوسنة من الجنود الروس؛ ليقاتلوا إلى جوار إخوانهم من أهل الكتاب.

ثالثاً: إرسال الأسلحة والذخائر إلى صربيا!

رابعاً: مرابطة ممثل روسيا الخاص في البلقان في بلجراد والبوسنة للتخطيط للصرب، ومعاونتهم في كثير مما يخدم مصالحهم!

خامساً: إرسال الوفود المتلاحقة برلمانية وشعبية وحكومية، وكل مرة يرسلونها إلى بلجراد للتأييد، ومرة إلى كرواتيا للمراوغة والتهديد، والكل متفقٌ على عدم رفع لحضر الأسلحة عن البوسنة، ولن يمكن المسلمين من الدفاع عن أنفسهم، والكل يهدد بالمزيد من العقوبات على صربيا وحلفائها، على الرغم من عدم جدوى تلك العقوبات، وعلى الرغم من أنَّ ليس ثمة أمل بإيجاد عقوبات حقيقية ضدها.

أولاً: الاشتباكات بين مسلمي البوسنة والكروات الكاثوليك الذين يستغلون الظروف الصعبة التي يمر بها المسلمون للاستيلاء على الأسلحة والمواد الداخلة للبوسنة وسرقة الأموال، وقتل بعض العرب والمسلمين الداخلين لمساعدة إخوانهم هناك، كل هذه التصرفات إضافةً إلى الوقاحة التي وصلت بـالكروات إلى حد محاولة إمدادهم بالكهرباء دون مقابل وبالفحم الحجري، ودفعوا بالمقاتلين المسلمين ذلك للتفكير الجدي بالتصدي لهذه العصابات وتأديبها، وعلى الرغم من نتائج هذه الاشتباكات التي كان من نتائجها قطع الطريق بين كرواتيا والبوسنة، إلا أنها مع ما فيها من ضرر لا تخلو من خيرٍ في توحيد صفوف المسلمين وتجميعهم وتعرفيهم بعدوهم وتشجيعهم للتصدي للصليب، ونـزع الخوف من قلوبهم، ورفع الذل من نفوسهم، إن الاشتباكات الأخيرة وقعت بين المسلمين والكروات وهي مستمرة إلى الآن، على الرغم أن الطريق مغلقة والخوف ينتاب النصارى أكثر وأكثر!

ثانياً: لا زالت مدينة سربنتشا محاصرة، ولا زال المسلمون يدافعون عنها رغم التهديد الصربي والمحاولات المستمرة في احتلالها بأقل الخسائر حيث يكثفون القصف، ويدخلون مجموعات من القوات الدولية الكندية للمرابطة فيها، وغالب القوات الكندية ترجع إلى أصولٍ صربية، وقد تم إخلاء أعداد كثيرة من المدنيين من هذه المدينة بالسيارات ومات منهم قسم كبير في الشاحنات بالاختناق، وبقي في البلدة حوالي ستين ألف مسلم.

إن هذه المدينة تشهد الآن قصفاً متواصلاً من الصرب، وهم على مسافة بضع كيلو مترات من مركز المدينة، وقد نشر في تلفزيون العالم كلها صور بشعة فظيعة للأوضاع التي يعانيها المسلمون هناك، بل نشر كبار السياسيين الغرب من أمريكا وبريطانيا وغيرها وهم يقولون: إن هذا الأمر الذي نشهده، وحشية لم يعرف التاريخ لها مثيلاً، ويقولون كما صرحت بذلك " تاتشر" وهي رئيسة وزراء بريطانيا السابقة للتلفزيون الدانمركي وقالت وصوتها يتهدج: إنني أشهد مأساة لم أكن أتوقع أن العالم كله يطيق صبراً عليها، ومع ذلك فإن مناطق البوسنة تشهد نقصاً حاداً في المواد الغذائية، ولا زال الصرب يقصفون المناطق المختلفة في البوسنة، وفي كرواتيا متحدين ما يسمى بالمجتمع الدولي الصامت، والواقع أن المجتمع الدولي هو الذي أعطى للصرب الضوء الأخضر ليقوموا بهذه العملية، ثم أعطاهم مهلة أسبوعين ليتمكنوا من القضاء على المسلمين، وإسقاط سربنتشا وهي مدينة إستراتيجية، وسقوطها يعني تمهيد الطريق لوجود ما يسمى بـصربيا الكبرى، وبرغم النقص الحاد في الذخيرة والسلاح والطعام، إلا أن الروح المعنوية للمقاتلين المسلمين عالية جداً، وهم واثقون من نصر الله عز وجل نسأل الله تعالى أن ينصرهم.

أما فيما يتعلق في سربنتشا فقد هرب الكثير من أهلها إلى توزلى، وتزاحموا في الصالات الرياضية الواحد على الآخر، والنفس على النفس، وهم في ضيق وكرب عظيم لا يعلمه إلا الله، أما الجرحى فهم لا يحصون، تنقلهم الشاحنات، يقول الدكتور: وقد رأيت امرأة كبيرة السن ينـزلونها من شاحنة يتناولونها واحد بعد الآخر كما يتناولون الكراتين، وهي مريضة جريحة، كما رأيت رجلاً عجوزاً يبكي بعد أن أعطي قطعة من الخبز وبدأ يأكلها وغيره كثير، فإلى الله المشتكى، الناس يهربون على الأقدام، وعلى العربات التي تجرها الدواب، والقتلى في الشوارع لا يجدون من يواريهم.

وأخيراً رأيت صورة تدمي القلب أطفالٌ فقدوا أبصارهم وشوهت وجوههم بسبب إلقاء القذائف، وقد غطيت وجوههم وعليها آثار الدماء، وهم يمدون أيديهم لأمهاتهم، والأمهات يذرفن الدموع والحسرات، ومشاهد مفزعة محزنة مؤلمة، وفي الختام يقول لكم الدكتور: لا تنسوا هؤلاء المنكوبين من الدعاء، وحرضوا المؤمنين على ذلك فإنهم في محنة وكربةٍ وشدةٍ وخوف وجوع لا يعلمه إلا الله. أخوكم الدكتور/ صالح محمد السلطان.

إنها مأساة ليس لها مثيل، تقع على مرأى ومشهد من العالم الذي أصبح يتلذذ بنقل هذه الصور ليس عبر الإذاعة، بل عبر التلفاز أيضاً حية في أحيان كثيرة ينقلها، أو عبر صور تنشر في الصحف والمجلات، ثم لا يملك العالم إزاء ذلك إلا أن يخدر مشاعرنا بهذه التصريحات التي قد ألفناها واعتدنا عليها، فلم تعد تهز لنا وجداناً، ولا تحرك لنا قلباً ولا كثير فينا أي شعور، إن العالم كله يشارك في هذه الجريمة، فأنتم تعلمون أن العالم قد فرض عزلةً اقتصادية على صربيا ومع ذلك سمح لها سراً بالتجارة مع إيطاليا، ومع رومانيا، ومع كل جيرانها، بل ومع ألمانيا ومع مصر، فإن صفقات البضائع التجارية رائحة غادية بين مصر بلد أربعين أو خمسين مليون مسلم والتي سلط عليها العلمانيون، وبين صربيا التي تقتل المسلمين صباح مساء.

أما ذلك الحصار المفروض على المسلمين، حيث لا يصلهم السلاح فهو حصار صادق، حصار مخلص ومنذ رمضان لم يكد يصل إلى المسلمين من السلاح إلا أقل القليل، فإنهم محصورون حقاً لا يستطيعون أن يحصلوا على السلاح الذي يدافعون به عن أنفسهم، أو عن أطفالهم، أو عن أزواجهم، وأنتم ترون هذه المشاهد وتسمعون بها، ومع ذلك العالم يكتفي بمجرد التهديد.

فيا أيها المؤمنون لا تنسوا إخوانكم في البوسنة والهرسك؛ فإنهم يقاتلون عن أعراض وعن نفوس، وعن بلاد لو سقطت في أيدي الصرب ربما لم يذكر اسم الله تعالى في تلك البلاد ونسأل الله تعالى ألا يقع ذلك.

أما المأساة الثانية فتقع هناك في طاجكستان، وقبل أسبوع زارنا الأخ الكريم سيد قوام الدين، وهو رابع أربعة يعتبرون مسئولين عما يسمى بـحزب النهضة الإسلامية هناك، وهو الحزب الإسلامي الوحيد القائم، وقد تحدث إلينا بحرارة ومرارة عن المأساة التي يعانيها المسلمون هناك، ورأينا بأعيننا بعض النماذج وقرأنا بعض الأخبار.

تاريخ طاجكستان

طاجكستان البلد الإسلامي العريق الذي شهد الفتح تحت قيادة قتيبة بن مسلم الباهلي سنة (94هـ) خلال خلافة الوليد بن عبد الملك، والذي يعرف أو يقع ضمن ما يعرف بـبلاد ما وراء النهر، حيث نهر جيحون الذي يفصل بين طاجكستان وأفغانستان، وتجاورها تركستان الشرقية التي تخضع حالياً للحكم الشيوعي الصيني، كما تجاورها أوزباكستان وقرقيزيا وأفغانستان، ومن المعلوم أن جميع الجمهوريات السوفيتية قد تخلت عن الشيوعية.

أما الجمهوريات الإسلامية فهي الوحيدة التي ظلت ترزح تحت حكم شيوعي كافر، حتى طاجكستان على الرغم من أن الشيوعيين في طاجكستان قد أيدوا الانقلاب الذي قام ضد الحكومة الإصلاحية، والتي كانت في موسكو سابقاً، إلا أنهم قد غفروا لها الخطيئة العظمى في نظرهم بالنظر إلى أن الخطر الإسلامي أعظم وأكبر، ولذلك أيد الإصلاحيون والقوميون والشيوعيون والغربيون على حدٍ سواء أيدوا وجود الشيوعية في الجمهوريات الإسلامية سواءً في طاجكستان أو أوزباكستان أو في غيرها.

مآسي المسلمين في طاجكستان

لقد حكم المسلمون بالحديد والنار طوال فترة الحكم الشيوعي السابق، فهدمت المساجد والمدارس، أو حولت إلى حانات للخمور والدعارة، وقتل العلماء والشباب، حتى قدر عدد القتلى المسلمين في الجمهوريات أثناء حكم الطاغية إستالين بما يزيد عن عشرين مليون مسلم، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي سيطر على مقاليد الحكم في طاجكستان الحزب الشيوعي بقيادة رحمن نبيوف مدة من الزمن، ثم خرجت الجماهير المسلمة إلى ساحة تسمى بساحة الحرية ما يزيد على ثلاثمائة ألف مسلم، وظلوا أكثر من شهرين يطالبون بالحكم الإسلامي وبسقوط الشيوعية، وفعلاً سقطت الشيوعية مرة أخرى، وقامت حكومة ائتلافية عينها الإسلاميون في الغالب مع بعض الأحزاب الديمقراطية المناوئة للشيوعية، وكان ذلك في أواخر سنة (1412هـ)، ولكن هذه الفرحة لم تدم، حيث تحالف الشيوعيون والقوميون والغرب، بل اليهود الذين بعثوا بالإعانات في كراتين الحليب وصناديق الإغاثة، وكان من جراء ذلك أن عاد الشيوعيون إلى السيطرة على الحكم، وارتكبوا الجرائم الوحشية في حق ذلك الشعب المسلم، كما فعل أشياعهم من قبل، وهذه بعض الإحصاءات لما وقع للمسلمين هناك.

ذكرت مصادر حكومية: أنها أحرقت أكثر من مائة وخمسين ألف منـزل، وقتلت خمس وعشرين ألف شخص بما يسمونهم بالمعارضة، وعندما سُئلوا: لماذا تقتلون الأطفال والنساء وتحرقون المنازل؟

قالوا -أي: رجال الحكومة: اسألوا آباءهم وأزواجهم هم تركوا هؤلاء لنا، ونحن نتصرف فيهم كما نريد، إذا كان لهم قيمة عندهم فلماذا يتركونهم لنا؟

ذكرت إحدى المجلات الروسية اسمها مجلة جازيت في مقال لمراسلها بعنوان (الحرب الأهلية: الدم والموت والتعذيب في طاجكستان): أن عدد القتلى يتراوح بين عشرين إلى ستين ألفاً، وأن عدد المفقودين حوالي مائة وخمسون ألفاً، أما عدد اللاجئين فهم حوالي نصف مليون نسمة تقريباً، أما مصادر حزب النهضة فيما نشرت وفيما سمعت بأذني، إنها تقول: إن عدد القتلى مائتا ألف نسمة، أما عدد اللاجئين فيزيد عن نصف مليون لاجئ، أما عدد المفقودين فيقارب عدد القتلى، ومعظم أوجزء من هؤلاء القتلى في الغابات وبعضهم أغرقوا في نهر جيحون، حتى يقول لي الأستاذ سيد قوام الدين: لقد أخرجنا بأيدينا أكثر من ألف جثة من النهر ممن اغرقوا فيه، وكثيرٌ منهم من الشباب، ومن حفاظ القرآن، ومن طلبة العلم وبعضهم يقول: من طلابي الذين كنت أدرسهم.

لقد تحول نهر جيحون إلى بركة حمراء تسبح فيها جثث طافية بالآلاف، مما يذكرنا بما فعله المغول في بغداد حيث تحول نهر دجلة إلى نهر أحمر يجري دماً من دماء المسلمين، ورغم حملات الإبادة الشاملة التي تقوم بها الحكومة فإنها لن تستطيع السيطرة على الأوضاع، ولن تثبت دعائم الاستقرار، بل نستطيع أن نقول، على حسب المعلومات الشفهية التي وصلت: إن أكثر من نصف طاجكستان هو في أيدي المجاهدين وهم متحصنون في الجبال، وعددهم يزيد على حسب المصدر السابق على مائة ألف مجاهد مسلم، وهم يحاربون بقوةٍ وبسالة، وقد استطاعوا أن يقتلوا عدداً من الجنود الروس الذين تدخلوا في طاجكستان، وعدداً من جنود الجمهوريات المجاورة من أوزباكستان وغيرها من الشيوعيين فضلاً عن جنود الحكومة الطاجيكية.

قامت الحكومة بتوزيع الأسلحة على الموالين لها الموجودين في المناطق الجبلية للحيلولة دون سيطرة المسلمين عليها ومازالت حملات القصف التي يقوم بها طيران أوزباكستان مستمرة على مواقع المسلمين في المناطق الجبلية، وقد تحقق هذا الأمر بعد مشاهدة الطائرات التي أسقطها المجاهدون، أما يد الروس فما زالت قوية ومؤثرة في الأحداث، وهي متمثلة في دعم الحكومة الحالية، والوقوف معها، ومدها بالسلاح، وحماية حدودها الجنوبية تجاه أفغانستان، وإنني أقول: لعل تدخل روسيا اليوم في طاجكستان يكون سبباً في سقوطها كما سقط الاتحاد السوفيتي أمس يوم تدخل في أفغانستان، لقد تدخل الاتحاد السوفيتي في أفغانستان في الوقت الذي لا تزال فيه تحتفظ ببعض قواته، ولا زالت القوة الغربية قائمة موجودة تحاربه وتناوئه، والمسلمون كانوا أضعف منهم بكثير، أما اليوم فقد تدخل الروس في طاجكستان والمسلمون اليوم أقوى منهم بالأمس، والمسلمون اليوم يأوون إلى أفغانستان، حيث يجدون في قندز وغيرها من المناطق في الشمال مأوى للاجئين والمهاجرين وتنظيم المجاهدين، ولعلهم يجدوا دعماً من إخوانهم الأفغان، ولعل ذلك يكون سبباً في توحيد كلمة الأفغان وزوال الخلاف فيما بينهم.

إن المقاومة الإسلامية مستمرة في الجبال، وهناك استعدادات لمقاومةٍ طويلة الأمد استفادت من قربها الجغرافي كما ذكرت، خصوصاً إذا وصلتهم مساعدات من إخوانهم المسلمين، أما الطرق الجبلية الموصلة لمناطق المسلمين، فقد دُمِرَ معظمها، وقد أصبح الوصول إليها بالسيارات أمراً صعباً، وهناك ضغوطٌ أمريكية على حكومة باكستان وأفغانستان بعدم مساعدة اللاجئين؛ خوفاً من اشتعال المنطقة بالجهاد في سبيل الله عز وجل وهذا أحد الأسرار في ضغط أمريكا على باكستان، حتى إنه بالأمس جاءت مجموعة من الخبراء الأمنيين الأمريكان إلى باكستان للتحقيق في قضايا الإرهاب، تريد أن تحقق مع العرب، وتريد أن لا تتحول طاجكستان إلى أفغانستان أخرى.

وضع اللاجئين في قندز وما حولها

أولاً: الفقر الشديد وما يتبعه من جوع خصوصاً وأن كثيراً من اللاجئين قد استولى قُطَّاع الطرق على المؤن التي كانوا حملوها.

ثانياً: كثرة الوفيات بين الأطفال، نظراً لسوء التغذية.

ثالثاً: كثرة حالات الإجهاض للحوامل، لنقص التغذية أيضاً.

رابعاً: انتشار ظاهرة التسول لمن أقام في المدن وما قد يتبعه من عادات ضارة كالتدخين والمخدرات والمفاسد الأخلاقية.

خامساً: انتشار الأمراض خصوصاً الحصبة والدفتيريا والتهاب الكبد.

سادساً: تكدس بعض اللاجئين في مدارس وأماكن غير صالحة للسكن، وهي أيضاً مختلطة مما قد ينتج عنه آثار اجتماعية خطيرة.

سابعاً: معيشة كثير من اللاجئين خاصة في أفغانستان في خيام بالية ضيقة تفتقر لأدنى الحاجات الإنسانية خصوصاً مع شدة البرد في تلك المناطق.

ومن آثار المأساة أولاً: القتل والتشريد لمئات الألوف من المسلمين.

ثانيا: امتلاء السجون بالمسلمين وتردي أوضاعهم فيها، وذكرت المصادر أنه قد تم تسميم عداداً كبيراً منهم.

احتراق بعض المساجد، وقد ذكر شهود عيان: أن الشيوعيين قد أحرقوا المصاحف وبالوا عليها -والعياذ بالله - إمعاناً في الكفر وحقداً على الإسلام وأهله، وقد ذكر هذا الأستاذ قوام الدين نفسه، ثم هناك حصار اقتصادي على المسلمين مع إغلاق الحدود مع الدول المجاورة.

صور من المجازر والمآسي

ذكرت بعض المصادر أن كل رجل ملتحٍ فهو عرضة للقتل؛ لأنه متهم بالانتساب إلى حزب النهضة، وكذلك كل شخص يشتبه أنه في المظاهرات التي كانت تطالب بتحكيم الإسلام فهو مهدور الدم وبيته عرضة للتدمير. الصحفي الإسلامي بدر كمال قتلوا ابنته وعمرها ثمان سنوات وولده أربع سنوات.

وكذلك الأستاذ مريض عضو حزب النهضة قتلوا أسرته كاملة وزوجته ومجموعة من الأولاد.

قتلوا أيضاً مائة وثمانين شخصاً في قرية واحدة؛ لأنهم كتموا وجود أحد الشباب من حزب النهضة بينهم، وقطع الآذان المشتبه فيهم، وقد رأى مراسلنا كما يقول التقرير بعض الإخوة مقطوعي الآذان، وذكرت صحيفة روسية أن قائداً شيوعياً يتباهى بقوله: إنه قطع أذن كل واحد من الإسلاميين، وقال ملوحاً بالسكينة: إنهم أقوياء لحد أنك تقطع أذنه وهو لم يغمض له جفن، فأنا من أجل لينين مستعد لقطع رأس أي إنسان.

في كومانكيز هناك حفرة مملوءة بالمياه القذرة قد ألقي فيها عشرون من المسلمين أحياء، وتركوهم حتى ماتوا، ثم ساقوا مجموعة من المسلمين الأسرى فيما بعد وأجبروهم على إخراج الجثث المتعفنة من الماء، ثم أعدموهم ورموهم في نفس الحفرة.

قتلوا في إحدى القرى سبعة عشر شيخاً في السبعين والثمانين لا بسبب، إلا أنهم من العلماء أو حتى من المسلمين، ومن هؤلاء الشيخ يوري باي خالوف الذي يبلغ من العمر أربعاً وثمانون سنة، لقد رآهم وهم يحرقون مسجداً فاستنكر هذا العمل فأطلقوا عليه خمس رصاصات، ومنعوا عنه أي مساعدة حتى مات!

القاضي أكبر ترى جان زاده استغله الشيوعيون، ولم يتخذ موقفاً حاسماً من الأحداث، فاستفادوا منه لتدعيم موقفهم، ثم أرادوا التخلص منه فهرب ومع ذلك لم تسلم عائلته من التصفية، فقد قتلوا سبعة عشر فرداً من أسرته!

لقد هجم الشيوعيون على إحدى المديريات وقتلوا الشيوخ والنساء، واغتصبوا من بقي منهن أحياء، ولم يرحموا الأطفال، وبعد ذلك أحرقوا المنازل!

أهالي مديريتين في جنوب البلاد هربوا من منازلهم باتجاه نهر جيحون الذي يفصل بين أفغانستان وطاجكستان عند غابة كثيفة ضخمة، ذهبوا ليختبئوا فيها من الشيوعيين، فجلسوا فيها شهراً وزيادة حتى مات الكثير منهم من قلة الأكل، وبعد ذلك علم بهم الشيوعيون، فدخلوا عليهم وكان عدد الأهالي يزيد على خمسين ألف نسمة من المسلمين، فأخذوا يذبحون من يقع في أيديهم، ويرمونهم في النهر، والذي يهرب في اتجاه النهر تحصده المدافع الرشاشة الروسية الحامية للحدود، حتى زاد عدد القتلى من هذه القرية عن عشرة آلاف نسمة في يوم واحد من النساء والأطفال والشيوخ الذين لا حول لهم ولا قوة!

ثم إن مجلة المجتمع نشرت في عددها رقم (1830) مجموعة من الصور البشعة لهذه المعاناة التي يعاينها المسلمون مثلاً: المرحلة الأولى: وهي مرحلة وجود المسلمين في طاجكستان ذكرت فيها مجموعة من المآسي ذكرت قول الأخت رزق ضياء الدين من إحدى الولايات تقول: المأساة التي واجهتها وعشتها لا أستطيع التعبير عنها، فالذي شاهدته بنفسي قتلهم الشيوعيون يزيدون على ألف شخص، لقد دخل الشيوعيون هذه القرية، وبدءوا أول ما بدءوا بحرق البيوت وجمع النساء والأطفال على حدة، والرجال على حدة ثم إنهم أطلقوا النار على الرجال فقتلوهم جميعاً، وأخذوا يذبحون الأطفال أمامنا، وفور انصراف الشيوعيين بعد تدمير البيوت هربنا إلى أفغانستان بملابسنا التي تستر أجسادنا فقط، وذلك طلباً للنجاة والأمن وحفاظاً على أعراضنا، إلى آلام أخرى وصور عديدة.

أما المرحلة الثانية: وهي بعدما خرج المسلمون وفروا بدينهم إلى نهر جيحون، ثم ما وراءه ثم هناك صور أخرى من المأساة تتمثل:

أولاً: في هذا النهر الذي تتجمد حافتاه بالليل من شدة البرودة، فهؤلاء عندما يصلون إلى النهر يكونون عرضة لقصف الشيوعيين كما حدث، وأحياناً يقصفونهم وهم في القوارب أو على ضفة النهر الأخرى في أفغانستان، ويعبر هؤلاء المنكوبون النهر بواسطة قوارب جلدية منفوخة، وبعض القوارب الخشبية التي يتسلل بها الأفغان لمساعدتهم ويتم ضم قاربين أو أكثر إلى بعضها، ولنقل بعض سيارات المهاجرين وأبقارهم وأمتعتهم التي تمكنوا من إيصالها إلى النهر، ولقد أجرت المجلة مقابلة مع مجموعة من المصابين، وهذا نداء من إخوانكم المهاجرين الطاجيك في شمال أفغانستان، يقول:

مع المذابح الرهيبة وحملات الإبادة التي يتعرض لها المسلمون في طاجكستان على أيدي الشيوعيين هاجر إلى الشمال حتى الآن ما يقرب من ربع مليون أو أكثر، وأرسل إلينا هذه الاستغاثة إخواننا المسلمون في كل مكان بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، مباشرة تعاود المد الإسلامي في طاجكستان لكي يطيح بالحكومة الشيوعية، وقام المسلمون بالسيطرة على زمام الأمور في عاصمة البلاد في دوشابني، ولكنَّ أعداء الإسلام لم يقبلوا بهذا، فقامت روسيا وحكومة أوزباكستان الشيوعية بإرسال الجنود والدبابات والطائرات دعماً للشيوعيين، وقد تسبب هذا في قتل وتشريد جموع المسلمين حيث تمكن الشيوعيون من السيطرة مرة ثانية وبالقوة على زمام الأمور، وقاموا بعد ذلك بأعمال الإبادة والتدمير حقداً على الإسلام والمسلمين، وكان أول ما بدأ به الشيوعيون في حملتهم المساجد والمدارس الشرعية التي بناها المسلمون في خلال السنتين الماضيتين، فأحرقوا المئات من هذه المساجد والمدارس، وقتلوا الكثير من علماء الدين وحفاظ القرآن في دوشابني وغيرها، كل هذه الجرائم تنفذ دون اتهام أو محاكمة أو مسائلة، وقد مد بطش الشيوعيين في الحكم الظالم والباغي على البلاد نتيجة لهذه المذابح الوحشية الدامية التي امتدت إلى القرى الآمنة، وإلى جموع الشعب عامة، فقد اضطر مئات الألوف من المواطنين للهجرة حفاظاً على أرواحهم وأعراضهم، فمئات الألوف من الأطفال والنساء والشيوخ، اضطروا إلى الخروج من ديارهم إلى الجبال في شرق جمهورية طاجكستان حيث لا يوجد سوى الجليد والصقيع، وقد بلغ العدد الكلي للمهاجرين هناك مليون نفسٍ يعانون من البرد والجوع، وحتى المساعدات الدولية القليلة والتي خصصت لهم لم تصلهم، لأن الشيوعيين يأخذونها ويوزعونها على أتباعهم في دوشابني؛ لأن الطريق الذي يربط شرق العاصمة تسيطر عليه القوات الشيوعية.

أما بقية أفراد الشعب الذي هاجر جنوباً، فعددهم يبلغ أربعمائة ألف تقريباً، وقد حوصروا في هذه المنطقة لمدة ثلاثة أشهر لا تصل إليهم لوازم الحياة الضرورية من الغذاء والكساء والدواء، وقد مات نتيجة لهذا كثيرٌ من الأطفال، ورأى الناس الأمهات يحفرن في الأرض حفراً عميقة يضعن أطفالهن فيها ثم يغطين الحفرة بأجسادهن وقد وجد بعض هؤلاء الأمهات وقد تجمدن من شدة البرد، وقبل أسبوعين قام الشيوعيون بالهجوم على هؤلاء المحاصرين الفقراء الذين اضطروا لاختراق الأسلاك الشائكة وعبور نهر جيحون والدخول إلى أفغانستان، وقد مات غرقاً في نهر جيحون عشرة آلاف مهاجر، كل هذا يحدث ولا نجد من يدافع عن قضيتنا أو حتى يسمع بها.

إن الشعب المسلم في طاجكستان يتعرض للإبادة بأيدي الشيوعيين الحاقدين، الشيوعية التي رفضها العالم كله بما في ذلك روسيا منبع الشيوعية، لكنهم يجدون العون والاعتراف في طاجكستان؛ لأنهم يقتلون المسلمين ويخرجونهم من ديارهم، نحن نطالب المسلمين أجمع أن ينظروا إلى قضيتنا، وأن توقف هذه المجازر والإبادة للشعب الطاجيكي الأعزل المسلم الذي سلبت جميع حقوقه وقتل أبناؤه ودمرت دياره، ونطلب من المسلمين في كل مكان بالإسراع في بحث قضيتنا حتى يتم تدارك الموقف قبل أن تضيع من المسلمين كما حدث في الأندلس سابقاً، ويحدث الآن في فلسطين والبوسنة. والله ولي التوفيق وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.

إخوانكم المسلمون والمهاجرون الطاجيك في شمال أفغانستان

أيها الإخوة: إن المهاجرين والمجاهدين في أمس الحاجة إلى عونكم، وإنها قضية جديدة تتطلب منكم الدعم العاجل.

أما القضية الثالثة: فهي على مسافة ليست بعيدة من هناك في بيشاور، حيث بقايا المجاهدين العرب والمسلمين الذين بذلوا دماءهم رخيصةً في سبيل الله وقاتلوا بالأمس في أفغانستان وضربوا أروع الأمثلة، ثم التفتت عليهم الحكومات الإسلامية والعربية، ومن ورائها الحكومة الطاغية النصرانية الصليبية الحاقدة أمريكا التي تحرك تلك الدمى من أجل الضغط على المسلمين.

إن أمريكا لا تريد أن يقوم حكم إسلامي في أفغانستان، ولا يقوم حكم إسلامي في طاجكستان، بل ولا أن يقوم جهاد إسلامي هنا أو هناك، ولهذا تتكتم على تلك الأخبار، وتدعم القتلة في طاجكستان وتكف يدها لدعم حكومة باكستان وتهددها بأنها سوف تُدْرِجباكستان ضمن الدول التي تدعم الإرهاب، لماذا؟

إن باكستان آوت بقايا المسلمين الذين جاهدوا أمس على جبال أفغانستان، وهذه رسالة من إخوانكم إلى المشايخ الفضلاء والدعاة الكرام، إلى جميع الغيورين الذين أزعجتهم ما نشرته وسائل الإعلام حول الأوضاع التي تمر بها بيشاور وباتوا يتساءلون عن صحة ما يجري.

أولاً: نشكر للجميع غيرتهم، ونفيدهم بما يلي: إنه في يوم الثلاثاء، فوجئنا بهجوم رجال الأمن الباكستاني، لمنازل الإخوة العرب، وتربصوا بهم عند المساجد والطرقات، بل واقتحموا عليهم في آخر الليل وأفزعوا أهاليهم وأطفالهم.

لقد كان الاعتقال في صورة استفزازية حيث حشد الإخوة في معتقلات ضيقة متسخة، في الغرفة الضيقة يسجن أربعون من الإخوة بحيث لا يستطيع أحدهم أن يمد رجله فضلاً على أن ينام، ومن أراد أن يرتاح فإنه يقف، وقد شمل الاعتقال كل العرب من غير تعليل أو إبداء سبب، مع أن إقامة الكثير منهم طبيعية ورسمية وسارية المفعول بصفة نظامية، هؤلاء الشباب الذين تركوا أوطانهم وأموالهم وأحبابهم وجاءوا يحملون أرواحهم على أكفهم يبتغون الموت مظانه نصرةً للدين وإعلاءً لكلمة الله عز وجلفَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ [الأحزاب:23] رجع الباقون منهم بعد أن واروا أجساداً طاهرة في التراب، رجعوا وهم يحملون جراحاتهم، ومنهم من فقد يده، ومنهم من فقد رجله، ومنهم من فقد عينه، رجعوا يحملون جراحاتهم وهمومهم، وقد كان حقهم أن يكرموا وينـزلوا منازلهم، وإذا بهم يفاجئون أنهم بين سجينٍ وقابعٍ في داره يتوقع هجوم رجال الأمن، وتركت كثيرٌ من الأسر تسامر الليل حيث عائلهم خلف قضبان الحديد والله المستعان.

أما الوضع القائم الآن، فإنه قد خرج بعض الإخوة من السجن بنفسية محطمة للمعاملة السيئة التي قوبلوا بها بعد أن استخرجت لهم تذكرة أو كفالة مالية، وبقي آخرون متحفظ عليهم لا يدرى ما الله تعالى صانع بهم.

أما يوم الأربعاء (22/10) فقد عادت الاعتقالات من جديد والوضع يؤذن بالخطر، نسأل الله العافية وحسن العاقبة، وقد تحرك بعض الدعاة والعلماء لاستنكار هذا العمل، وأصدرت الجماعة الإسلامية في باكستان بياناً استنكرت الوضع، وقد نشر في بعض الصحف، ومستقبل هذا يشير إلى أبعاد خطيرة منها:

أولاً: إن بعض المعتقلين من الإخوة العرب الذين تطالب الحكومات العلمانية بهم في مصر والجزائر وغيرها، ومعلوم أن هناك تنسيقاً أمنياً بين باكستان ومصر وأمريكا، وأن أمريكا تضغط على باكستان من أجل تسليم هؤلاء إلى تلك الحكومات، ولو سلم إلى حكومتهم فمن المعلوم ماذا سوف تكون العاقبة.

الأمر الثاني: خشية أن يكون هناك مواجهة بين الأمن الباكستاني وأولئك الإخوة العرب، وهذا أيضا أمر خطير ويعود ضرره على المسلمين.

الأمر الثالث: هو تفرق هؤلاء الإخوة وتشتتهم في تلك البلاد، وفي بلادٍ كثيرة لا يستطيعون أن يجدوا فيها المكان الطيب الذي يأمنون فيه على دينهم وعلى أخلاقهم.

وهذه -أيضاً- رسالة من جمعية إحياء التراث، وأقرأ جانباً منها فقط يقول: جاءت الاعتقالات بعد تحذير أمريكي بضرورة إخراج العرب من باكستان أو وضع باكستان في قائمة الدول المساندة للإرهاب.

ثانيا: في ألمانيا تم توقيع اتفاقية لتسليم المجرمين بين باكستان ومصر، وعلى إثرها قامت مصر بتسليم قائمة تحوي خمسة وأربعين اسماً مطلوب تسليمهم، منهم من حكم عليه غياباً بالإعدام؛ لمشاركته في الجهاد الأفغاني، وينتظر وصوله إلى مصر، ليوقع عليه الحكم.

ثالثاً: تعهدت مصر لـباكستان بالتوسط لدى أمريكا بعدم إدراجها قي قائمة الدول الداعمة للإرهاب!

رابعاً: حملة الاعتقالات يقوم بها رجال الشرطة مع المخابرات، بعد تعدي المفوضية العامة للمهاجرين والتي تتعامل مع العرب والمؤسسات العاملة لخدمة الجهاد الأفغاني طوال العشر سنوات الماضية، فلم يسلم من الاعتقال أحد من العاملين أو غيرهم!

خامساً: تم التنسيق مع السفارات العربية والغربية في إسلام أباد ولتعمل حتى الساعة الثانية عشرة مساءً لتجيب عن أي استفسار فيما يتعلق بجوازات سفر الإخوة المأسورين، حتى أن قسم الشرطة اتصل مباشرةً بالسفارة الأمريكية؛ لإعطائه معلومات عن أحد الإخوة المأسورين هناك، وأعطيت المعلومات خلال عشر دقائق فقط، وقد تم التعامل مع الإخوة بالصورة التي أشرت إلى جانبٍ منها الآن، هذا الوضع هو وضع مأساوي وسيئ، ونحن نطالب الجميع بإن يكون لهم دور سواء في تصعيد هذه القضية في المجال الإعلامي عبر الخطب والمحاضرات والدروس، أو في إصدار البيانات التي تشجب وتدين ما حصل وتبين الواجب اتخاذه في حق هؤلاء، في تلك البرقيات التي ترسل إلى حكومة باكستان لتكف عن مثل العمل الذي قامت به، أو في دعم هؤلاء الإخوة ومساعدتهم بكل وسيلة ممكنة، ومن ذلك دعمهم بالمال، لأنهم في أمس الحاجة إليه.

أيها الإخوة: إن العالم اليوم يلتفوا عن المسلمين، فأنت ترى أمريكا اليوم كيف تدخلت بشكل مباشر، وبعثت الخبراء إلى باكستان، ولكنها لم تفعل مثل ذلك بالنسبة للصرب، وكأن الإرهاب الذي يمارسه الصرب، حيث يقومون بأعمال فضيعة يعجز اللسان عن وصفها، كأن هذا الإرهاب ليس إرهاباً، وليس اعتداءً، وليس انتهاكاً لحقوق الإنسان، إنما الإرهاب الحقيقي هو الذي يقوم به المسلمون.

أقول لكم أيها الإخوة وسوف تذكرون ما أقول لكم: إن أمريكا هددت السودان بأن تجعلها على قائمة الدول التي تدعم الإرهاب، بل لعلها أدرجتها، لماذا؟

لأنها قاتلت النصارى في الجنوب، وإن أمريكا تريد أن تجعل منظمة حماس الإسلامية الفلسطينية ضمن المنظمات الإرهابية لماذا؟

لأنها تقاوم الاحتلال اليهودي لبلاد المسلمين، وإنني أعتقد -والله أعلم- أنه سوف يكون اليوم الذي يقال فيه للمسلم البوسني الذي يدافع عن بلده ويدافع عن دينه ويقاتل الصرب أو كرواتيا المعتدين، ألقِ السلاح وإلا سوف تدرج ضمن المنظمات الإرهابية، التي يتحالف العالم كله على قتالها، سيقع هذا إن دامت الأمور على ما هي عليه.

إن دام هذا ولم يحدث له غير لم يبك ميت ولم يفرح بمولود

ولكننا نسأل الله عز وجل أن يحول بين أعداء الإسلام من النصارى وبين ما يشتهون، ونسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يشغلهم بأنفسهم، وأن يشغلهم باقتصادهم المنهار، وأن يشغلهم بأمنهم القلق، وأن يسلط عليهم الجماعات والمنظمات الإرهابية من داخل بلادهم وخارجها، فتجعلهم ينهمكون بهمهم الداخلي، وبمشاكلهم الداخلية عن أن يلاحقوا المسلمين في كل مكان.

طاجكستان البلد الإسلامي العريق الذي شهد الفتح تحت قيادة قتيبة بن مسلم الباهلي سنة (94هـ) خلال خلافة الوليد بن عبد الملك، والذي يعرف أو يقع ضمن ما يعرف بـبلاد ما وراء النهر، حيث نهر جيحون الذي يفصل بين طاجكستان وأفغانستان، وتجاورها تركستان الشرقية التي تخضع حالياً للحكم الشيوعي الصيني، كما تجاورها أوزباكستان وقرقيزيا وأفغانستان، ومن المعلوم أن جميع الجمهوريات السوفيتية قد تخلت عن الشيوعية.

أما الجمهوريات الإسلامية فهي الوحيدة التي ظلت ترزح تحت حكم شيوعي كافر، حتى طاجكستان على الرغم من أن الشيوعيين في طاجكستان قد أيدوا الانقلاب الذي قام ضد الحكومة الإصلاحية، والتي كانت في موسكو سابقاً، إلا أنهم قد غفروا لها الخطيئة العظمى في نظرهم بالنظر إلى أن الخطر الإسلامي أعظم وأكبر، ولذلك أيد الإصلاحيون والقوميون والشيوعيون والغربيون على حدٍ سواء أيدوا وجود الشيوعية في الجمهوريات الإسلامية سواءً في طاجكستان أو أوزباكستان أو في غيرها.




استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحاديث موضوعة متداولة 5007 استماع
حديث الهجرة 4966 استماع
تلك الرسل 4144 استماع
الصومال الجريح 4140 استماع
مصير المترفين 4078 استماع
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة 4043 استماع
وقفات مع سورة ق 3969 استماع
مقياس الربح والخسارة 3922 استماع
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية 3862 استماع
التخريج بواسطة المعجم المفهرس 3821 استماع