دور المرأة في الدعوة والجهاد [2]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

ثم بعد هذا لا شك أن للمرأة أدواراً مختصة بها لا يستطيعها الرجال نهائياً، وهي: التأثير في كثير من الرواحل، فهؤلاء البشر جعلهم الله سبحانه وتعالى على طبقات وأصناف: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ [الانشقاق:19]، جعلهم أصنافاً وطبقات، ومنهم رواحل يمكن أن يتحملوا المسؤوليات، وأن يقوموا بالأمور على الوجه الصحيح وهم محطمو الأرقام القياسية.

الناجحون في العمل أياً كان ذلك العمل، سواءً كان دراسة، أو عملاً تجارياً، أو عملاً وظيفياً، الناجحون المتفوقون هم أصحاب الأرقام القياسية، وهؤلاء في كثير من الأحيان لا يؤثر فيهم إلا النساء.

فلا مدخل إلى التأثير فيمن يجد في نفسه تميزاً واستغناءً إلا من قبل النساء، فهذه نقطة ضعف في الرجال لا بد أن تستغل، وبالأخص في أصحاب التميز منهم؛ لأنهم لا يريدون، ليس لهم حاجة إلى الرجال الآخرين، ولا يريدون الاقتداء بهم ولا اتباعهم، ولا علاقة بينهم وبين غيرهم؛ لأنهم أصحاب تميز، وشقوا طريقهم، ونجحوا في أمورهم، فأخذتهم نشوة النجاح وبذلك استمروا في طريقهم، فإذا خاطبهم رجل، وخاطب أحدهم رجل آخر قال له:

كلانا غني عن أخيه حياته ونحن إذا متنا أشد تغانيا

لكن يمكن التأثير في هؤلاء عن طريق واحدة وهي: طريق المرأة الصادقة الصالحة الناصحة، التي تريد لهم الخير، وتكون حريصة على هدايتهم، فكم من إنسان كانت زوجته سر نجاحه وإيمانه ورجوعه إلى الحق؛ ولذلك فإن كثيراً من المفكرين الاجتماعيين يقولون: وراء كل عظيم امرأة، سواءً كانت أماً أو زوجةً أو أختاً، وهذا واقع.

تأثير أم سليم على ولدها أنس بن مالك

فكما ذكرنا أم سليم بنت ملحان امرأة من الأنصار كانت زوجة لابن عم لها شاب صغير، وقد قتل في حروب بعاث، وترك لها طفلاً صغيراً هو أنس بن مالك فهذا الطفل اليتيم الواحد قامت على تربيته، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجراً إلى المدينة كان هذا الطفل في العاشرة من عمره، فجاءت تقوده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم فأهدته إليه، قالت: يا رسول الله! هذا خويدمك أنس يخدمك، فكان من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وتعرفون أنه رجل عظيم، لكن وراءه امرأة هي التي جاءت به تقوده وجعلته في هذا المكان الشريف، الذي ما فكر أحد من الأسر التي آباؤها وأمهاتها أحياء أن يأتي بولده كما جاءت هذه المرأة بولدها، ثم بعد هذا لما بقيت وحدها في البيت، بعد تسليم أمانة زوجها وهي ولدها هذا، بعد تربيتها له، واختيارها له أحسن وظيفة ممكنة هي خدمة النبي صلى الله عليه وسلم وسكناه معه في بيته، بقيت وحدها في البيت، فالآن استطاعت أن تجدد أسرة جديدة، ففكرت في رجال عشيرتها، فإذا أبو طلحة الأنصاري ، زيد وهو أقواهم شكيمة وأشجعهم وأكثرهم مالاً وأشدهم عداوة إذ ذاك للدعوة، فسعت إليه وجعلت صداقها مجرد إسلامه، فدعته إلى الإسلام فأسلم، ثم كانت بعد ذلك خير مساعد له على الجهاد في سبيل الله ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تغزو معه في الغزوات، فقد خرجت معه في غزوة حنين، وهي حامل بأحد أولادها، فمر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما انهزم الناس وقد نضحهم هوازن بالنبال فرجعوا، ولم يبق إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومائة شخص معه من اثني عشر ألف رجل، لم يبق منهم إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومائة رجل معه، مائة شخص معه، كانت أم سليم هذه فيمن بقي معه، فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيدها خنجر، فقال: ( يا رميصاء! وما حاجتك إلى هذا الخنجر؟ قالت: إن مر بي مشرك بعجته به )، وهي تتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه المعركة الحاسمة وهي معركة حنين.

أم حرام بنت ملحان وزوجها عبادة بن الصامت

وهكذا نجد أيضاً أن أختها وهي أم حرام بنت ملحان ، وهي زوجة البطل الشجاع عبادة بن الصامت الذي يوزن بألف، عندما كتب عمرو بن العاص في مصر إلى عمر بن الخطاب إنه سيغزو النوبة، وهو يريد أن يمده بثلاثة آلاف مقاتل، أرسل إليه عمر ثلاثة فقط، وكتب معهم كتاباً قال: يا عمرو ! إني قد أمددتك بثلاثة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ما منهم أحد إلا يوزن بألف، فإذا لقيت عدوك فاجعلهم صفاً بين العدو وبين المسلمين، وهم: الزبير بن العوام و المقداد بن عمرو و عبادة بن الصامت ، فوزنهم عمر بألف، وقد فعلوا، فكان عمرو بن العاص إذا استقبله جيش المشركين يجعل هؤلاء الثلاثة صفاً وحدهم يتقدمون والمسلمون يقاتلون من ورائهم حتى يفتح الله عليهم.

وكانت أم حرام بنت ملحان هذه محرماً لرسول صلى الله عليه وسلم، فإن عبد الله بن عبد المطلب ولد بالمدينة لدى أخوال أبيه، وقد أرضعته مليكة ، وهي أم أم حرام بنت ملحان ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها فينام في بيتها، وكانت تفلي شعره، وتأخذ عرقه فتجعله في طيبها ومسكها.

( نام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في بيتها فاستيقظ يضحك، فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما يضحكك؟ قال: قوم من أمتي ملوك على الأسرة، أو كالملوك على الأسرة يركبون ثبج هذا البحر هم في الجنة، فقالت: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم. قال: أنت منهم ) قد رآها، ومنامات الأنبياء وحي، فكل ما يراه نبي من الأنبياء في النوم هو من الوحي، فقد قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ [الشورى:51]. إِلاَّ وَحْياً [الشورى:51] أي رؤيا المنام، فرآها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الجيش وهو أول جيش من المسلمين يغزو في البحر، وهو الجيش الذي يفتح قبرص، وقائده معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، فخرجت هي في هذا الجيش، ولما فتحوا قبرص وقعت هي عند دابتها فماتت شهيدة في سبيل الله، وقبرها إلى الآن معروف بقبرص.

فكما ذكرنا أم سليم بنت ملحان امرأة من الأنصار كانت زوجة لابن عم لها شاب صغير، وقد قتل في حروب بعاث، وترك لها طفلاً صغيراً هو أنس بن مالك فهذا الطفل اليتيم الواحد قامت على تربيته، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجراً إلى المدينة كان هذا الطفل في العاشرة من عمره، فجاءت تقوده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم فأهدته إليه، قالت: يا رسول الله! هذا خويدمك أنس يخدمك، فكان من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وتعرفون أنه رجل عظيم، لكن وراءه امرأة هي التي جاءت به تقوده وجعلته في هذا المكان الشريف، الذي ما فكر أحد من الأسر التي آباؤها وأمهاتها أحياء أن يأتي بولده كما جاءت هذه المرأة بولدها، ثم بعد هذا لما بقيت وحدها في البيت، بعد تسليم أمانة زوجها وهي ولدها هذا، بعد تربيتها له، واختيارها له أحسن وظيفة ممكنة هي خدمة النبي صلى الله عليه وسلم وسكناه معه في بيته، بقيت وحدها في البيت، فالآن استطاعت أن تجدد أسرة جديدة، ففكرت في رجال عشيرتها، فإذا أبو طلحة الأنصاري ، زيد وهو أقواهم شكيمة وأشجعهم وأكثرهم مالاً وأشدهم عداوة إذ ذاك للدعوة، فسعت إليه وجعلت صداقها مجرد إسلامه، فدعته إلى الإسلام فأسلم، ثم كانت بعد ذلك خير مساعد له على الجهاد في سبيل الله ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تغزو معه في الغزوات، فقد خرجت معه في غزوة حنين، وهي حامل بأحد أولادها، فمر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما انهزم الناس وقد نضحهم هوازن بالنبال فرجعوا، ولم يبق إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومائة شخص معه من اثني عشر ألف رجل، لم يبق منهم إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومائة رجل معه، مائة شخص معه، كانت أم سليم هذه فيمن بقي معه، فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيدها خنجر، فقال: ( يا رميصاء! وما حاجتك إلى هذا الخنجر؟ قالت: إن مر بي مشرك بعجته به )، وهي تتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه المعركة الحاسمة وهي معركة حنين.

وهكذا نجد أيضاً أن أختها وهي أم حرام بنت ملحان ، وهي زوجة البطل الشجاع عبادة بن الصامت الذي يوزن بألف، عندما كتب عمرو بن العاص في مصر إلى عمر بن الخطاب إنه سيغزو النوبة، وهو يريد أن يمده بثلاثة آلاف مقاتل، أرسل إليه عمر ثلاثة فقط، وكتب معهم كتاباً قال: يا عمرو ! إني قد أمددتك بثلاثة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ما منهم أحد إلا يوزن بألف، فإذا لقيت عدوك فاجعلهم صفاً بين العدو وبين المسلمين، وهم: الزبير بن العوام و المقداد بن عمرو و عبادة بن الصامت ، فوزنهم عمر بألف، وقد فعلوا، فكان عمرو بن العاص إذا استقبله جيش المشركين يجعل هؤلاء الثلاثة صفاً وحدهم يتقدمون والمسلمون يقاتلون من ورائهم حتى يفتح الله عليهم.

وكانت أم حرام بنت ملحان هذه محرماً لرسول صلى الله عليه وسلم، فإن عبد الله بن عبد المطلب ولد بالمدينة لدى أخوال أبيه، وقد أرضعته مليكة ، وهي أم أم حرام بنت ملحان ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها فينام في بيتها، وكانت تفلي شعره، وتأخذ عرقه فتجعله في طيبها ومسكها.

( نام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في بيتها فاستيقظ يضحك، فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما يضحكك؟ قال: قوم من أمتي ملوك على الأسرة، أو كالملوك على الأسرة يركبون ثبج هذا البحر هم في الجنة، فقالت: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم. قال: أنت منهم ) قد رآها، ومنامات الأنبياء وحي، فكل ما يراه نبي من الأنبياء في النوم هو من الوحي، فقد قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ [الشورى:51]. إِلاَّ وَحْياً [الشورى:51] أي رؤيا المنام، فرآها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الجيش وهو أول جيش من المسلمين يغزو في البحر، وهو الجيش الذي يفتح قبرص، وقائده معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، فخرجت هي في هذا الجيش، ولما فتحوا قبرص وقعت هي عند دابتها فماتت شهيدة في سبيل الله، وقبرها إلى الآن معروف بقبرص.


استمع المزيد من الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
خطورة المتاجرة بكلمة الحق 4830 استماع
بشائر النصر 4289 استماع
أسئلة عامة [2] 4132 استماع
المسؤولية في الإسلام 4060 استماع
كيف نستقبل رمضان [1] 4000 استماع
نواقض الإيمان [2] 3947 استماع
عداوة الشيطان 3934 استماع
اللغة العربية 3931 استماع
المسابقة إلى الخيرات 3907 استماع
القضاء في الإسلام 3897 استماع